صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







قراءة نقدية لكتاب (ما بعد الصحوة ) للأستاذ الغذامي...!
الصحوة الفكرية...!(٨)

د.حمزة بن فايع الفتحي
@aboyo2025


قراءة نقدية لكتاب (ما بعد الصحوة ) للأستاذ الغذامي...! وقفات أولية ....[١]
قراءة نقدية لكتاب (ما بعد الصحوة ) للأستاذ الغذامي...! أفكار الصحوة...! [2]
قراءة نقدية لكتاب (ما بعد الصحوة ) للأستاذ الغذامي...! التدين وصحوة التدين...! [3]
قراءة نقدية لكتاب (ما بعد الصحوة ) للأستاذ الغذامي...! أثر الصحوة الاسلامية.. [4]
قراءة نقدية لكتاب (ما بعد الصحوة ) للأستاذ الغذامي...! الرموز شكلا ومضمونا...! [5]
القراءة النقدية لكتاب الاستاذ الغذامي (٦) فضاء تويتر أم النت،،،؟!
قراءة نقدية لكتاب (ما بعد الصحوة ) للأستاذ الغذامي...! الموقف من الحداثة..!(٧)


لا يمكن لصحوة إسلامية رشيدة، قامت على الكتاب والسنة بفهم السلف، وديمة التجديد الشرعي، أن تنفك عن مسار فكري محدد، يحمل في مضامينه محددات وأصولا مخصوصة،،،! وإلا كنّا في باحة من العبث، ونتكئ على آرائكنا في وادي النسيان والشرود....!
وبرغم كل ما قيل عن الصحوة، ونجاحاتها وإخفاقاتها، إلا أنها كانت (لمعة وضيئة) في التاريخ الدعوي وغلبت إيجابياتها على سلبياتها، ومحاسنها على غوائلها، وما كُتب ضدها و(ضُخم)، لا ينسحب على الجوهر والأصل، وإنما وقع من جراء تعاطي الأتباع والممارسات الخاطئة، ووظفت قضايا للانتقام، كالحادي عشر من سبتمبر،،! وإلا فلا يصح في الموازين النقدية (العادلة) حمله على أس الصحوة وعمدها، وإلا كنا معادين لكل ما من شأنه إسلامي، جاء للتجديد، وإعادة الأمة إلى ربها....! وفي القاعدة المنهجية القرآنية لو أنصف خصومها (( ولا يجرمنّكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى )) سورة المائدة .
وغالب النقَدة، لا يقولون بذلك، أو يريدون منهجا إسلاميا على الهوى والمقاس،،،!
وقلة من العَلمانيين يصرحون بمعاداة الإسلام، وهو كاشف عما في ضمائرهم من زندقة وعدوان مقيت،،،. وحسبنا الله ونعم الوكيل....!
وما أحب تسطيره هنا بعد هذه التوطئة، أن أبين أن للصحوة جانبا فكريا، قائم على (صناعة الوعي)، وبناء البصيرة، وتجييش الرأي العام تجاه صحوة العقول، ووثبتها من غفوتها، وتغافلها وكسلها، لتحقيق أهدافها المرجوة، لا سيما وقد كانت أهدافا جليلة تتجاوز قضية إصلاح الناس وهدايتهم،،،! يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ( العامة تقول : قيمة كل امرئ ما يُحسن ، والخاصة تقول : قيمة كل امرئ ما يطلب ) ....
وبالتالي لايسوغ اختزال الإبداع العقلي، فنيا أو رياضيا أو أدبيا كما صنع رموز الحداثة، عند من يسميهم مبدعين..! ومع تراخي الأندية الأدبية آنذاك، وتقصير المنافذ الصحفية، كان المسجد هو من يصنع الرسالة الفكرية، ويجسد القواعد الأساسية للتفكير الإسلامي الحديث...
ومن أبرز من أدى ذلك العلامة الدكتور سفر الحوالي شفاه الله تعالى، والذي تُجوهل تماماً في الكتاب...!
- فلم يُعرف عن الشيخ الحديث الوعظي الترقيقي، بل غلب عليه لغة الفكر والأرقام والنقد الفكري والمذهبي، والتثقيف التحذيري الفكري من الخطر الغربي والعَلماني والبدعي، كما اتضح ذلك مع طلائع أزمة الخليج....
وأذكر أن بعض إسلاميي الاْردن المشاهير، قال وقد قابلته قبل أكثر من عقد من الزمان، أن شيخي الصحوة يقصد سفرا وسلمان، قد أيقظا الأمة ( يقظة فكرية ) مثنيا ومبجلا لهما،،،! فالشيخ سفر مثلا :
- يشرح (متن الطحاوية) عصرا ويختم من المغرب إلى العشاء بالمطارحات الفكرية والنقدية الاجتماعية والإعلامية ، ولذلك يتزايد الحضور النخبوي الشبابي عَقيب صلاة المغرب .
- برزت السياسة على السطح، وتكون الوعي السياسي عند أصاغر الشباب، وبات السؤال حاضرا عن هموم المسلمين، والآصار المضروبة عليهم من الغرب والأنظمة المستبدة...!
والعجيب أنه وبسبب تدقيق الشيخ السياسي واطلاعه وفهمه الشرعي، أنه تنبأ بما عُرف موخرا ( بالربيع العربي ) وقال كلاماً ثريا ومركزا، تحقق أكثره، قبل أكثر من عشرين سنة، وذلك في محاضرة عُنونت أظن ( الشيوعية بين السقوط وإعادة البناء ). فكان حدسه دقيقا كما قال البارودي :
ولستُ بِعلاَّمِ الغيوبِ، وإنَّما // أَرَى بِلِحَاظِ الرَّأْي ما هوَ واقِعُ

وبالمناسبة هنا له محاضرة عن أهمية (الدراسات المستقبلية)، والعالم الإسلامي في ظل الوفاق الدولي ..
وقد أشار اليه صاحب كتاب (صدام الحضارات) المدعو (هانتغتون )، وكذلك مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية كوردسمان، ذكره والشيخ سلمان العودة أيضا،..
ومن كتبه الشهيرة :
- أطروحة العلمانية ونشأتها .
- القدس بين الوعد الحق والوعد المفترى
- الانتفاضة والتتار الجدد.
- يوم الغضب.
- تطور الحداثة والفكر الغربي.
- بيان عن الأحداث بعد الحادي عشر من سبتمبر .
وهذه وأخريات بعد المدة المؤقتة بزمن الصحوة، ويمكن الاستفادة منها، واستمرارية الشيخ سفر في بناء العقلية الصحوية ...
وكتب (نصيحة وذكرى) للتيار الغالي المتطرف، ولم يشر الأستاذ المؤلف إلى ذلك، وكيف أسهم الحوالي وغيره في تفكيك (خطاب العنف)، وتحذيرهم من خيار مواجهة الأنظمة ...!
وهذه مبادرة عملية إصلاحية، لم يعتبرها هؤلاء ولم يثمنوها من الأصل ...!
ورد على الورقة الشيعية المتطلعة برسالة في غاية الروعة ( عندما تحكم الأقلية الأكثرية ) دفاعا عن استحقاقات الأكثرية، ولم يحرم الأقلية ! وعراها بمقدمات منطقية وشرعية، لم يفه بها أحد من التيارات الأخرى..! وصمت القوم، لكأن الامر لا يعنيهم...!
وأسهم هو وبعض رموز الصحوة كالعودة إلى رسم عقلية شاب إسلامي، متمسك بعقيدته، ومطلع على واقعه، وأسسا لمنطلقات الفكر الثقافي والسياسي الإسلامي المتين...! وللشيخ سلمان عشرات المحاضرات المؤصلة للقضايا الفكرية وطريقة التعاطي معها،،،!
وطبعا أعرض الأستاذ المؤلف عن كل ذلك، ولم ينبس فيه ببنت شفة....!!
برغم احتواء هذا المخزون الصحوي عن جملة أفكار استراتيجية للتيار الصحوي..!
والشيخ الدكتور ناصر العمر وفقه الله، أصل لقضية الفقه الراهن برسالته الشهيرة( فقه الواقع ) وأنه من ضروريات الحياة للداعية وطالب العلم..،! وهي مقدمة فكرية ، ولا تخلو من بعض المحددات الفكرية للتفكير الشرعي الاستراتيجي
ولكنه فاته ذلك، ولم يشر إليه، واستمر مستمرئا ومستلبا، ومشيدا بنظرية الحشد والحشود،...!!
وغيّب الأساس الفكري لكل ظاهرة، وحتى الظواهر الغبائية والغوغائية عبر التاريخ، كانت تستند الى أسس فكرية ، صحت أو بطلت، وإلا كيف تُجيش لها الجيوش، ويقتنع بها الأتباع، من نحو قناعة التجار الصغار بكبيرهم لوفرة ماله، وسيطرة زعيم القبيلة مع تخلفه وبساطته، بسبب مجده القبلي، أو سلالته العريقة وما شاكل ذلك...!
فما بالك بظاهرة عالمية اكتسحت البقاع، وتمددت تمددا أرعب الأعداء، ولم يكن لها ذاك، لولا التصاقها بالعلم الشرعي، واستنادها لقيم فكرية تنطلق منها، وتثابر لتحصيلها..
والمحصل أن الصحوة المحلية لم تكن مجرد خطاب وعظي ترقيقي حاشد، بل انطوت على أصول فكرية وعناصر استراتيجية، قد أشرنا لها في مقال سابق، وهنا أكدنا على طريقة أقطابها في التأصيل الفكري لها، وأن رموزها الأفذاذ لم يغفلوا هذا الجانب، ومنحهم الباري تعالى بفضل اطلاعهم العميق وصدقهم الدعوي والإصلاحي اهتماما زائدا بذلك، حتى اتهمهم بعض الجهلة، ومن لا خبرة له بالخروج عن مذهب السلف،،! وتوقعوا أن مذهب السلف شكل من الدروشة والسطحية المضحكة،،! كما يفعل أقطاب الصوفية المنغلقة أو منتحلي السلفية وأدعيائها، والتي اتخذ منها الاستعمار والاستبداد مطية لتحقيق مقاصده، والله المستعان .
ولا ارتياب أن أولئك جنَوا على التدين والديانة، وجعلوها خارج الحدث، وتحملت أرزاء من جراء الفهم المغلوط للتدين والنسك،،،! وهذا الخليفة العبقري عمر رضي الله عنه مع زهده وورعه الشديد يقول ( لستُ بالخَب ولا الخب يخدعني )!! والمعنى لست مخادعا ولا المخادع الغر يخدعني، وتلكم هي اليقظة العقلية والنباهة الشرعية، ولا يستطيع الزهد السلوكي سدها بغلاف مطبق، إلا أن يكون زهدا مختلا...!!
وهو ما يجب توافره في الشخصية الاسلامية، لا سيما الدعوية القيادية كما قال تعالى (( أولي الأيدي والأبصار )) سورة ص . قال قتادة رحمه الله : قوة في العبادة وبصرا في الدين ... والسلام.....

ومضة / لكل ظاهرة عالمية أسس فكرية تنظم حشودها...!

١٤٣٧/٤/٢٧

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.حمزة الفتحي
  • المقالات
  • رسائل رمضانية
  • الكتب
  • القصائد
  • قراءة نقدية
  • الصفحة الرئيسية