صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







وداعًا للأحزان !

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

عبداللطيف بن هاجس الغامدي

 
الحمد لله الذي أسعد أولياءه بطاعته والانقياد لشرعه ، وشرح صدورهم بما عرفوا من الحقِّ واستقاموا عليه ، وأشقى أعداءه بمعصيته ومخالفة أمره ، وملأ صدورهم غيظاً وهماً وغماً وحزناً بما خالفوا الحقَّ و تمرَّدوا عليه .
وأشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وحده لا شريك له ، كتب السعادة لمن أطاعه ، وقضى بالشقاء على من عصاه .
وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله ، نبيٌّ شرح الله له صدره ، ووضع عنه وزره ، ويسَّر له أمره ، ورفع في الدارين ذكره ، وجعل الذلَّة والصغار على من خالف أمره .
صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه ، ومن سار على نهجه ، واقتفى بأثره ، واهتدى بهداه ، وسلَّم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين ، أمَّا بعد :
وداعًا للأحزان !
فلا النفوس تطيقها ، ولا القلوب تحتملها ، وليس في العمر متَّسع لها .
وداعًا للأحزان !
ذهابٌ إلى غير رجعة ، وغياب لا إياب بعده ، فإنَّا لم نُخلق لنحزن ، ولم نوجد لنتألم ، ولم نُنشأ لنتوجع .
وداعًا للأحزان !
حملٌ ثقيلٌ ينقله المؤمن عن كاهله ، ليرمي به فوق كتف من لا يؤمن بالله واليوم الآخر ، ليعذبه الله بالأحزان في الدنيا قبل حصول أشدِّ العقاب وأليم العذاب في يوم الحساب .
وداعًا للأحزان !
صرخةٌ نقذفها بقلوب مؤمنه ونفوسٍ مسلمة في وجه الأحزان الجاثمة والآلام القادمة ، لنقول لها : إليك عنَّا ..إليك عنَّا .. فلست لنا.. ولست مِنَّا .
وإليكَ ـ أيُّها الحبيب ـ منارات مضيئة وإشارات سريعة على شاطئ السعادة تنير مدارج  السالكين إلى ربِّ العالمين .
فقف معها أيها المسافر لليوم الآخر ، وخذ منها متاعك ، وأنخ على عتبتها رحلك ، وتزود منها بما ينفعك ، فهي محطات الزاد ليوم المعاد ، وهي لك وحدك دون غيرك أيها المؤمن السعيد ، محرمة ـ غاية التحريم ! على كل كافر جاحد بليد .
فإليك بعض أسباب تحصيل السعادة ، وما تندفع الأحزان به ، فانتبه !

الحصن الحصين

الإيمان الصادق بالله تعالى الذي يخالط بشاشة القلب ، ويمازج حبَّة الفؤاد ، فبالإيمان تطيب الحياة ، ويهنأ العيش ، ويُسعد العمر ، وتزول الأحزان .
قال تعالى : { فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجا كأنما يصَّعد في السماء .. } [1]
فالإيمان حصنٌ حصين ، ودرعٌ مكين ، يحمي من استجنَّ به من كلِّ شقاء ، ويدفع عنه كلَّ بلاء ، ويحيل الحياة إلى روضة رضا ، وواحة راحة ..
قال تعالى : { أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ..}[2]  
إنَّه الحياة الطيِّبة ، والعيشة الراضية  المرضيَّة ، والعمر السعيد !
وقال سبحانه : { من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهـو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون } [3]
" قال بعض العارفين : إنَّه لتمرُّ بالقلب أوقات يرقص فيها طرباً ، وقال آخر : إنه لتمرُّ بي أوقات أقول : إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيشٍ طيِّب " [4]
فأين نحن منهم ؟! وأين قلوبنا عنهم ؟!

تعلَّق بالرازق :

 اليقين بأن الرزق من عند الله الرزاق ذي القوة المتين ، وأنَّ النَّاس لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضرَّاً ، ولا قوتاً ولا رزقاً ، وعجزهم عن غيرهم من بابِ أولى ، فإنَّ أكثر ما يشقي الناس في دنياهم ويجلب لهم الأحزان ؛ طلبهم لرزقهم ، والبحث عن أقواتهم  ، والخوف عليها من المخلوقين .
وقد تكفَّل الرزَّاقُ بأرزاق العباد، ووعدهم بها ، وحذَّرهم أن يطلبوها من غيره أو يسألوها من سواه ، فما النَّاس إلاَّ أسباب ، والمؤمن قلبه معلَّق بمسبب الأسباب فيما فات عليه وما أصاب  .
قال تعالى : { وما من دابة في الأرض إلاَّ على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها } [5]
فيا أيها الأكَّال ! أيُّها المرزوق !
علِّق قلبك بالخالق ، ودع المخلوق ، فإن الرزق في السماء ، ليس في المتجر ، ولا في الوظيفة ، ولا في السُّوق !
قال تعالى : { وفي السماء رزقكم وما توعدون } [6]
وليكن لديك يقين ؛ أنَّ رزقك من ربِّ العالمين ، وأنَّ رزقك لن يأكله غيرك ، ولن تموت حتى تستكمله ، وأنَّك مهما عملت وبذلت فلن تحصل إلا على ما كتبه الله لك .
فلِمَ الوجل على شيءٍ قد كُتِبَ في الأزل ؟!
عن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" إنَّ الرزقَ ليطلبُ العبدَ أكثرَ ممَّا يطلبُهُ أجلهُ " [7]
وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت ن لأدركه رزقه كما يدركه الموت " [8]
مثلُ الرزق الذي تطلبهُ      مثلُ الظل الذي يمشي معك
أنتَ لا تدركه متبعاً            وإذا وليت عنه تبعك [9]
" قال بعض العلماء : لا يشغلك المضمون لك من الرزق عن المفروض عليك من العمل ، فتضيع أمر آخرتك ، ولا تنال من الدنيا إلاَّ ما قد كتب الله لك " [10]
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" إنَّ الله يقولُ يا ابنَ آدمَ : تفرَّغ لعبادتي أملأُ صدركَ غِنى وأسُدُّ فقرك ، وإن لا تفعَل ملأتُ يديك شُغلاً ، ولم أسُدَّ فقرَك " [11]

خوفٌ يبعث الأمن

الخوف من الله تعالى ، فبقدر خوفك من الخالق بقدر ما يخاف منك كلُّ مخلوق ، وبقدر ضعف خوفك من الله ـ تعالى ـ بقدر ما تخاف أنت من المخلوقين .
وكيف للخائف أن يكون من السعداء و قلبُّه يخفق ، وأوصاله ترتجف ، وفرائصه ترتعد ؟!
إنَّه ليحسب أنَّ كلَّ صيحة عليه ، وكلَّ إشارة  إليه ، فتضيق عليه الدنيا بما رحبت ، وتضيق عليه نفسه التي بين جنبيه .
وحسبُ المؤمن ربَّه !
قال تعالى : { الذين قال لهم الناس إنَّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم . فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل .  فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله    } [12]

لُـذ إلى ركن شديد

التوكل على الله تعالى ، ثقةٌ به ، واعتمادٌ عليه ، وأخذٌ بالأسباب المشروعة لتحصيل المراد .
قال تعالى : { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } [13] أي ؛ كافيه .
" قال لقمان لابنه : يا بني ! الدنيا بحر غرق فيه أناس كثير ، فإن استطعت أن تكون سفينتك فيها الإيمان بالله ، وحشوها العمل بطاعة الله عز وجل ، وشراعها التوكل على الله لعلك تنجو " [14]
وكم لصلاة الاستخارة من أثرٍ بالغ في جلب الراحة والطمأنينة لنفس المتحير المتردد الذي أفرغ حاجته عند باب ربِّه وفزع إليه ولجأ إلى خيرته الطيبة !
فإنَّ الله تعالى يعلم ما هو أصلح لعبده وأنجح  لمعاشه ومعاده ، فإنه العليم الخبير ، والحكيم القدير ، والعبد عاجز  فقير لا يحسن التدبير .
وأنَّى للمتشائم أن يكون سعيداً خالياً من الأحزان ، وهو يتطيَّر بالأشخاص ، والكلام ، والأيام ، والأعوام ، والألوان ، والحيوان ، والطير ، وغير ذلك ؟!
فهو في همٍّ دائم وشقاء ملازم ، لأنه يعيش التعاسة قبل حصولها ، ويتأثر بالأحداث قبل حدوثها ، ويهتمُّ بالوقائع قبل وقوعها ، عذابٌ قبل وقوع العذاب !
توكل على الرحمن في الأمر كله     فما خاب حقاً من عليه توكلاً
وكن واثقاً بالله واصبر لحكمه        تفز بالذي ترجوه منه تفضلاً

الرضا بالقضاء

الرضا بالقضا خيره وشره حلوه ومره ، وهو شجرة غناَّء يتفيؤ  ظلالها من علم أنَّ ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم ليكن ليصيبه ، وأنَّه لن يحدث في كون الله إلاَّ ما علمه الله وشاءه ، ولن يقع على العبد إلاَّ ما قضى الله به عليه وقدَّره له .
قال تعالى : { وكان أمر الله قدراً مقدوراً }[15]
عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : كنت خلف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوماً ، فقال : " يا غُلامُ ، إنِّي أُعلمُك كلمات : احفظِ الله يحفظكَ ، احفظِ الله تجدهُ تُجاهكَ ، إذا سألتَ فاسأَلِ الله ، وإذا استعنتَ فاستعن بالله ، واعلم أنَّ الأُمَّةَ لو اجتمَعت على أن ينفَعُوكَ بشيء لم ينفعوكَ بشيء إلاَّ قد كتَبَهُ الله لكَ ، وإن اجتمعُوا على أن يضُرُّوك بشيء لم يضرُّوك إلاَّ بشيء قد كتَبهُ الله عليك ، رُفعتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحُفُ "[16]
فلا حسرة على فائت ، ولا حزن على مفقود ، ولا همَّ على مستقبل ، ولا تلاوم على ما حدث ، فالسلامة من الأحزان في التسليم للرحيم الرحمن ، والرضا بالحياة تبعٌ للرضا عن الله .
فوا حزناه على من لم يرضى عن خالقه ومولاه !
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" المؤمن القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كلٍّ خيرٌ ، احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ، ولا تعجز ، وإن أصابك شيءٌ فلا تقل : لو أني فعلت كذا وكذا ، ولكن قُل : قَدَرُ الله وما شاء فعل ، فإن لو تفتح عمل الشيطان " [17]
قال تعالى : {ما أصاب من مُصيبةٍ في الأرض ولا في السماء إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إنَّ ذلك على الله يسير . لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور }[18]
لا تُطِلِ الحزن على فائتٍ         فقلَّما يُجدي عليك الحزن
سيَّان محزون على فائتٍ            ومُضمِر حزناً لما يَكُن

واحة الراحة :

العمل الصالح ، وهو الزاد ليومِ المعاد ، فالطاعات حدائقٌ مثمرة ، يتزوَّد منها المسافر ، وأنهارٌ سائرة يرتوي بمائها العابر، ومحطَّات مسافرة يستريح فيها المهاجر إلى اليوم الآخر .
قال تعالى : { ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً }[19]
وقال تعالى : { من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون }[20]
وللطاعة أثرٌ ملموس ، وواقعٌ محسوس على استجلاب السعادة ودفع الأحزان ، فإنَّ الطاعة ترضي الرَّب وتبعث الرضا في القلب ، وتشغل العبد عما يجلب له التكدير ، وليس من ذاق كمن سمع !
فمن كان من الله أقرب ، وله أطوع ، كان من السعادة أقرب ، وبها أمتع .
" كان شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ  يقول : من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية " [21]
ولستُ أرى السعادةَ جمع مالٍ         ولكن التقي هو السعيدُ
وتقوى الله خير الزادِ ذخراً            وعند الله للأتقى مزيدُ
وما لا بُدَّ  أن يأتي ، قريبٌ            ولكنَّ الذي يمضي بعيدُ [22]
" قال بعضهم : مساكين أهل الدنيا ! خرجوا منها وما ذاقوا أطيب شيءٍ فيها . قيل : وما هو ؟ قال : معرفةُ الله عزَّ وجلَّ ، فمن عاش في الدنيا لا يعرف ربَّه ولا ينعم بخدمته ، فعيشُه عيش البهائم .
نهارُك يا مغرورُ سهوٌ وغفلةٌ             وليلك نومٌ والردى لك لازم
وتتعب فيما سوف تكره غِبَّه         كذلك في الدنيا تعيش البهائم " [23]
" أكل إبراهيم بن أدهم ـ رحمه الله ـ مع أصحابه كِسراً يابسة ، ثم قام إلى نهرٍ فشرب منه بكفه ، ثم حمد الله ، وقال : لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم والسرور لجالدونا بالسيوف أيام الحياة ، على ما نحن فيه من لذيذ العيش وقلَّة التعب " [24] .
و" قال شيخ الإسلام ابن تيمية  ـ رحمه الله : إنَّ في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنَّة الآخرة " [25]

اتَّصل بالملأ الأعلى:

الصلاة : وهي الواحة الوارفة الظلال ، والماء النمير العذب الزلال ، وكيف لا تكون مجلبة السعادة ومطردة الأحزان وهي صلة العبد بربِّه ، ومقام الذُّل بين يدي خالقه ، فهي أشرف هيأته ، وأكرم حركاته ، وأعزُّ قرباته .؟!
وإن المخبتين من المؤمنين في ليل العبادة ليشعرون بسعادة لو وزِّعت على أشقياء الأرض لكفتهم !
واسألوا عنها أهلها ، فلديهم الخبر اليقين !
فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" حُبِّبَ إليَّ من الدُّنيا ؛ النِّساءُ ، والطيب ، وجعل قُـرَّةُ عيني في الصلاة " [26]
وعن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ قال : كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا حزبه أمر صلَّى " [27]
قال تعالى :{ خلق الإنسان هلوعًا . إذا مسَّه الشر جزوعًا . وإذا مسَّه الخير منوعًا . إلآ المصلين } [28]
ولو سألت من يشكو إليك من الأرق والقلق ، والهم والوهم ، والألم والندم ، والأحزان  عن صلاته ـ وكان صادقاً معك ـ لأجابك أنه مقصِّرٌ فيها ، غير مكترث بها ، ولا محافظٍ عليها ، ما ذاق حلاوتها ، ولا أحسَّ بروعتها ، وإن كان من المصلين ، فصلاته حركاتٌ جوفاء قلَّ فيها الخشوع ، وضعف فيها الخضوع ، وهما روحها ولُبٌّها .
قال تعالى :{ واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلاَّ على الخاشعين } [29]

مربط الفرس :

البعد عن المعاصي ، فمن ذنوبنا يُسلَّط علينا ، ومن معاصينا نُؤتى ، قال تعالى : { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ..} [30]
فالمعاصي خندقٌ ضيِّق ، ونفقٌ مظلم ، تجلب الحزن والكآبة ، وتطرد الراحة والسعادة .
قال تعالى : { ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ..}[31]
وحال من كثرت سيئاته ، وزادت خطيئاته كحال من هو محبوس بين حيَّاتٍ وعقارب ، تلسعه هذه ، وتلدغه تلك ؟!
فكيف يكون حاله  ، وقد وهت ـ مع الله ـ حباله ؟!
قال تعالى : { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلَّهم برجعون } [32]

كن في ملاذات آمنة :

ذكر الله تعالى ، فإن الذكر قلاعٌ حصينة ودروع مكينة ، تحمي من استجن بها من كلِّ حزن وألم ، فهو يبعث الطمأنينة في القلب ، والراحة للنفس ، فهي قريبة من الله تعالى بقدر قربها من ذكره وشكره .
قال تعالى : { فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى . ومن أعرض عن ذكري فإنَّ له معيشة ضنكا }[33] هذا في العاجلة { ونحشره يوم القيامة أعمى } وذاك في الآجلة .
عن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" مثَلُ الذي يذكُرُ رَبَّهُ والذي لا يذكُرُ ربَّهُ مَثلُ الحيِّ والميِّتِ " [34]
وإذا كان أهل الغرام والهيام لا يهنأ لهم بال ولا يطيب لهم حال إلاَّ إذا تغنوا بمعشوقيهم ، وترنموا بأسمائهم وصفاتهم ، فما حال المحبِّ الصادق للإله الخالق ؟!
أيُّ أنسٍ يعيش ؟! وبأيِّ مسرَّة يحس ؟! عندما يلهج لسانه وجنانه بذكر ربِّه ! جلَّ شأنه !
ومن أحبَّ شيئاً أكثر من ذكره ، وترنَّم باسمه ، ولزم محبوباته ، فلا أسعد منه حالاً ، ولا أهنأ منه عيشاً حالما يتكلم عن محبوبه الذي ملك عليه فؤاده وقلبه ، وعقله ولُبَّه .
قال تعالى :{ الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب }[35]
وأعظم الذكر وأكرمه ؛ القرآن العظيم !
قال تعالى :{ يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين } [36]

تخفَّف من الأحمال :

التوبة لله تعالى ، والرجوع إليه ، والانطراح بين يديه .
ويشعر بلذة السعادة من نشأ في الغفلة عن الله تعالى ردحاً من الزمن وشقي بمعصية الله  تعالى  ثمَّ تاب وأناب ، ورجع إلى ربِّه التواب ، فأقبل بعد أن أدبر ، وتقدَّم بعد أن أحجم ، وتعرَّض لرحمة الله ، بعد أن أعرض عن خالقه ومولاه  ..
قال تعالى : { أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات .. } [37]
فلا إله إلاَّ الله !
ما أشرح صدره ! وما أفسح قلبه !
يتقلَّب في نعيم الطاعة بعد أن تمرَّغ في جحيم المعصية ، ويتذوَّق سعادة القربِ والحبِّ ، بعد أن غصَّ بحسرة الصدِّ والبعدِ ، فكيف لا يكون سعيداً ؛ وقد خُلق خلقاً جديداً ، وولد ميلاداً فريداً ؟!

قدِّم لنفسك :

صنائع المعروف ، والإحسان للنَّاس ، من أعظم أسباب دفع السوء والبأس .
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :" صنائعُ المعروفِ تَقي مصارعَ السوءِ والآفاتِ والهلكاتِ ، وأهل المعروفِ في الدنيا هُم أهلُ المعروفِ في الآخرة " [38]
وأهل الإحسان للناس هم أهل الإحسان من ربِّ الناس !
و{ هل جزاء الإحسان إلاَّ الإحسان }[39]
وإنَّ القلب ليهتزُّ طرباً وغبطةً وسروراً عندما يرى السرور يطفح على محيَّا البائسين المحرومين .
ومن جرَّبَ عرف ، ومن ذاقَ .. فاق !
فلا نامت أعين الكسالى ! ولا طابت حياة البخلاء !
الخيرُ زرعٌ والفتى حاصدٌ          وغايةُ المزروع أن يحصدا
وأسعدُ العالم من قدَّم الإحسان           في الدنيا لينجو غدا [40]
وأعظم الإحسان ما كان على الأيتام ؛ برعايتهم وتربيتهم  ، والقيام على مصالحهم ، والرأفة بهم ، والحنو عليهم ، والعطف واللطف معهم .
فعن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله  ـ صلى الله عليه وسلم : " أتحبُّ أن يلين قلبك وتدرك حاجتك ؟ ارحم اليتيم ، وامسح على رأسه ، وأطعمه من طعامك ، يلن قلبك ، وتدرك حاجتك "[41]

مكمن الداء وموضع البلاء :

السلامة من العشق الشيطاني والحبِّ الشهواني ، وخلُّو القلب من التعلق بغير الرَّب ، فأكثر الأحزان من هذه المصيبة الرهيبة !
فالعاشق شقي بمعشوقه ، يحزن لغيابه إذا بعد عنه  ، ويحزن لخوف فراقه إذا لقيه ، ويخاف من عذاله والحاسدين له والشامتين به ، ويخشى الغدر من محبوبه ،  ومن فوات مطلوبه منه ، فهو في أودية العذاب يهيم ، وفي فيافي الشقاء مقيم .
أمَّا من مليء قلبه بمحبة ربِّه ، فهو السعيد حقَّاً ، والموفق صدقاً . فلمحبَّة الله تعالى حلاوة يجدها في قلبه ، ولذة يحسها في فؤاده .
 عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" ثلاث من كنَّ فيه وجد بِهنَّ حلاوة الإيمان ـ وفي لفظ ـ لا يجد عَبدٌ طعم الإيمان إلاَّ من كان في قلبه ثلاث خصال : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلاَّ لله ، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار " [42]
وليس التعلُّق مجرداً في قدٍّ وخدٍّ وجيد ، بل يتعدَّاه إلى غيره كعشق المردان عند الفتيان ، أو الإعجاب عند الفتيات ، أو حبّ الكرة والرياضة عند بعض المجنونين بها ، أو الفنِّ  وأهله عند بعض المعجبين به ، أو السيارات عند المتعلقين بها ، أو غير ذلك مما هو لغير الله تعالى .
ومن أحبَّ شيئاً عُذِّبَ به سوى الله جلَّ وعلا  .
كلُّ محبوبٍ سوى الله سرف     وهمومٌ وغمومٌ وتلف

سهامٌ في لُبَّة الأحزان :

الدعاء ، وهو سلاح المؤمن المعطَّل ، وملاذه عند الشدائد ، ومفزعه حال الكروب ، وملجأه عند تعسُّر الدروب ،  فلعلَّ السعادة كانت مترَّسة خلف باب التوفيق وولجت إليه بدعوة خالصة من قلب صادق ،  فالدعاء سهمٌ يستنزل التوفيق من السماء ، ويستمطر منها الهناء !
وما مسني عسرٌ ففوَّضت أمره        إلى الملك الجبار إلاَّ تيسراً
قال تعالى على لسان موسى ـ عليه السلام : { رب اشرح لي صدري . ويسر لي أمري } [43]
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : " اللهُمَّ ! أصلح لي ديني الذي هو عصمةُ أمري ، وأصلح لي دُنياي التي فيها معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي ، واجعل الحياةَ زيادةً لي في كلِّ خير ، واجعل الموتَ راحةً لي من كُلِّ شر " [44]
وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول :" اللهمَّ إني أعوذُ بكَ من الهمِّ ، والحَزَنِ ، والعجزِ ، والكسلِ ، والجُبنِ ، والبُخلِ ن وضلعِ الدَّينِ ، وغلبةِ الرِّجال " [45]
فلا تشتكي للمخلوق ، فإنه حبيب فتحزنه عليك أو عدو فتشمته فيك ، وافزع لمن يسمع الداعي ويجيب المنادي ، ويغيث الملهوف ، وينفِّس عن المكروب ، ويُسري عن المحزون .
{ أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء }  [46]؟!

غنيٌ بدون مال :

القناعة ، وعدم الانشغال بالدنيا ، واللهث وراءها ، والمطاردة لمتاعها .
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" ليس الغنى عن كثرة العرض ، ولكن الغنى غنى النفس " [47]
وما أسعد من ليس له أو عليه لأحدٍ من الخلق شيئاً !
أفادتني القناعة كلَّ عزٍّ               وأيُّ غنى أعزَّ من القناعة
فصيِّرها لنفسك رأس مال        وصيِّر بعدها التقوى بضاعة
ولن يشبع الإنسان من حطامها الرخيص ومتاعها الخسيس ، ولو أعطي كلَّ ما عليها من متع و متاع.
عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول :" لو كان لابن آدم واديان من مال ، لابتغى ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاَّ التراب ، ويتوب الله على من تاب " [48]
فالقناعة كنزٌ لا يفنى ، وعينٌ لا تنضب ، وقوَّة ـ بإذن الله ـ لن تُغلب .
عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ أنَّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :" قد أفلح من أسلم ، ورزق كفافاً ، وقنَّعه الله بما آتاه " [49]
إنَّ القناعة من يحلل بساحتها      لم يلق في ظلها همَّاً يؤرقه
"  قال رجاء بن أبي سلمة :  قلت للرجل الصالح حسان بن أبي سنان : أما تُحدِّثك نفسك بالفاقة وتخوفك من الفقر ؟
قال : بلى . قلت : فبأي شيء تردها ؟
قال : أقول لها : وافترضي أن ذلك قد كان ، الأمر بسيط : تأخذين المسحاة فتجلسين مع الفعلة ـ العمال ـ فتكسبين دانقاً أو دانقين تعيشين به ، فتسكن " [50]

رأس الخطايا وأُسُّ البلايا :

معرفة حقارة الدنيا ، وأنها ظل زائل ومتاعٌ راحل ، فحبُّ الدنيا رأس كل خطيئة وأساس كلّ بليَّة !
عن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ قال : كنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بذي الحُليفةِ ، فإذا هو بشاة ميتة شائلة برجلها ، فقال : " أترونَ هذهِ هيِّنةً على صاحِبها ؟ فوالذي نفسي بيده ! للدُّنيا أهونُ على الله ، مِن هذِهِ على صاحِبها ، ولو كانت الدُّنيا عندَ الله جَناحَ بعُضةٍ ، ما سقى كافِرًا مِنها قطرة أبدًا " [51]
فلماذا نحزن عليها وهي حقيرة ؟!
أُفٍ لنا ما أعجزنا ! كيف نحزن على الهيِّن ، ونأسف على الدني ؟!
" بينما رجل في بستان بمصر مكتئباً معه شيء ينكت به الأرض ، إذ رفع رأسه فسنح له صاحب مسحاه ، فقال له : يا هذا ما لي أراك مكتئباً حزيناً ؟ قال : فكأنه ازدراه ، فقال : لاشيء ؟ فقال صاحب المسحاه : أللدنيا ؟! فإن الدنيا عرض حاضر ، يأكل منها البر والفاجر ، والآخرة وعدٌ صادق ، يحكم فيها ملك قادر ، يفصل بين الحقِّ والباطل " [52] فسُرِّي عنه ، ونسي ما أهمَّه وأغمَّه .
فالدنيا لا تستحق منا أن نحزن عليها أو نشقى من أجلها أو نأسف على فواتها .
قال تعالى : { فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور } [53]

دار البلاء وموطن العناء :

معرفة حال الدنيا وأنها دار بلاءٍ وامتحان ، وموطن بلايا وأحزان .
قال تعالى : { لقد خلقنا الإنسان في كبد } [54]
فهو في مكابدة ومجاهدة ، ومغالبة ومجالدة حتى يخرج منها فيرتاح من عنائها إذا حقَّت له رحمة الله ووجبت له مغفرته .
طبعت على كدرٍ وأنت تريدها        صفواً من الأكدار والأضرار
ومكلِّف الأيام ضدَّ طباعها               متطلب في الماء جذوة نار
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم : " الدنيا سجن المؤمن وجنَّة الكافر " [55]
وأنَّى لمن كان في سجنٍ أن يكون له تمام السعادة وكمال البهجة ؟! وخصوصاً من كان أسير هواه ، سجين شهواته  ، حبيس نزواته !
" كان سهل الصعلوكي الفقيه الخراساني الحنفي ممن جمع رئاسة الدين والدنيا ، خرج عليه يوماً وهو في موكبه في مسخن حمام يهوديٌّ في أطمار سجم من خانه ، فقال : ألستم تروون عن نبيكم ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ؟ وأنا عبد كافر وترى حالي ، وأنت مؤمن وترى حالك ، فقال له على البديهة : إذا أنت صرت غداً إلى عذاب الله كانت هذه جنتك ، وإذا صرت أنا إلى نعيم الله ورضوانه ، كان هذا سجني . فعجب الخلق من فهمه وبراعته " [56]
هيَ الدارُ دارُ الأذى والقذى        ودارُ الفناءِ ودارُ الغِيَر
فلو نِلتَها بحذافيرها   لَـمُتَّ       ولم تقضِ منها الوطَر [57]

كم في الزوايا من رزايا !

رؤية أهل البلايا ، والوقوف على أحوال أصحاب المصائب والمصاعب ، والمحن والفتن في المستشفيات والسجون ودور الإعاقة ومستشفيات النقاهة والأمل ، وما يحدث في المحاكم ودور القضاء ، ليرى كم لديه من نعم سُلبت من غيره ، وكم لله عنده من آلاء لا يحصيها العاد ، ولا ينتبه إليها الغافل ، ولا يحس بها إلاَّ من فقدها أو رأى من حُرم منها .
فأي رضا ينبعث في القلب وطمأنينة تسلل إلى النفس من رؤية تلك المشاهد المحزنة والمناظر المؤلمة ؟!
ولا يدرك قيمة الشيء إلاَّ فاقده ، ولا يزهد به إلاَّ واجده ، فالسعادة تاجٌ على رؤوس السعداء لايراه إلاَّ الأشقياء !
المرءُ من مصائبٍ لا تنقضي      حتى يُوارى جمُه في رمسِهِ
فمُؤجَّل يلقى الردى في أهله      ومُعجَّل يلقى الردى في نفسه
" جاء رجل إلى يونس بن عُبيد ، فشكا عليه ضيقاً من حاله ومعاشه واغتماماً بذلك ، فقال : أيسرُّك ببصركَ مائة ألف ؟ قال : لا . قال : فبسمعك ؟ قال : لا . قال : فبلسانك ؟ قال : لا . قال : فبعقلك ؟ قال : لا .
وذكَّره نعمَ الله عليه ، ثم قال يونس : أرى لك مئين ألوفاً وأنت تشكو الحاجة ؟! " [58]

نظرة إلى تحت :

النظر إلى من هو أسفل منك في أمور الدنيا ، لتقطع على الطمع الطريق ، فستقر النفس ، ويرتاح القلب ، ويُسعد الخاطر .
فمن رأى من هم أقل منه حالاً ، وأنه خير من كثير من النَّاس ، رضي بحاله ، وسكنت نفسه ، وقد أحسن من قال : حزنت يوماً لأني مشيت حافي القدمين ، لكن حزني تبدد عندما رأيت رجلاً يمشي مقطوع القدمين 
من شاء عيشاً هنيئاً يستفيدُ به            في دينه ثم في دنياه إقبالا
فلينظرن إلى من فوقه أدباً             ولينظُرنَّ إلى من دونه مالا [59]
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" انظروا إلى من هو أسفل منكم ، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم ، فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم " [60]
وعنه ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" إذا نظر أحدكم إلى من فُضِّل عليه في المال والجسم ، فلينظر إلى من دونه في المال والجسم " [61]
قال عون بن عبد الله : صاحبت الأغنياء فلم أرى من الناس أكبر هماً مني ، أرى دابة خيراً من دابتي ، وثوباً خيراً من ثوبي ، وصحبت الفقراء فاسترحت .[62]
إذا شئت أن تحي غنيَّاً فلا تكن         على حالة إلاَّ رضيت بدونها

وماذا لو كان ؟!

تقدير أسوأ الاحتمالات في كل حال ، فمن أصابته مصيبةُ في دنياه ، فليقدِّر أنها في دينه ، وتلك ـ والله ـ التي لا تُحتمل ! فهي الحالقة .
ومن فقد أحداً من  أولاده ـ وتلك مصيبة رهيبة ـ عليه أن يتخيَّل حاله لو فقد أهل بيته جميعاً !
ومن سُرق بيته ـ وذلك مبعث كمدٍ ونكدٍ ـ فليُقدِّر أنه سُرق أحدُ أبنائه أو سُرق عرضه !
فما من مصيبة إلاَّ وهناك أكبر منها . فليقدِّر أسوأ الاحتمالات ، وليُرضِّ نفسه بذلك ، فإنَّ المصائب ترقِّقُ بعضها بعضاً .
" كانتِ امرأةٌ مِن العابداتِ بالبصرةِ تُصابُ بالمُصيبةِ العظيمةِ فلا تجزّعُ ، فقيل لها في ذلك ؛ فقالت : ما أُصابَ بِمُصيبةٍ فأذكر معها النَّارَ إلاَّ صارت في عيني أصغرَ مِن الترابِ " [63]

كن عظيمًا

الانشغال بالمهمات والترفع عن السفاسف والتوافه ، فالعظماء لا يهتمون إلاَّ بالعظائم ،  فإيَّاك وبنيات الطريق .
أوَ كلما طَنَّ الذبابُ طردته       إن الذباب إذن عليَّ كريم
ولو أنَّ كلَّ ما يعرض للإنسان مما لا يحب أخذه بعين الجدِّ والاهتمام وبمزيد من الحرص والعناية ، لتعكَّر صفو الحياة ، ولضاقت عليه الدنيا بما رحبت .

حبل الأمل لا ينفصل :

الأمل ، فمن تعلَّق بالأمل .. وصل !
أُعلِّلُ النَّفسَ بالآمالِ أرقُبُها      ما أضيق العيشِ لولا فُسحةُ الأمل [64]!
وما أجمل شعاع النور إذا انبثق من بين دياجير الظلام !
فالأمل يجعل الضيِّق واسعًا ، والقليل كثيرًا ، والصغير كبيرًا ، ويفسح المجال للعمل ، ويطرد التقاعس والكسل .
قال تعالى :{.. ولا تيأسوا من روح الله  إنَّه لا ييئس من روح الله إلاَّ القوم  الكافرون}[65]
وقال تعالى : { ومن يقنط من رحمة ربه إلاَّ الضالون }[66]
دَعِ المقاديرَ تجري في أَعِنَّتِها                ولا تبيتنَّ إلاَّ خالي البالِ
ما بينَ غمضَةِ عينٍ وانتباهَتِها            يُغيِّرُ الله من حالٍ إلى حالِ [67]

لا وقت للأحزان :

إشغال النفس بما ينفع ، وملء الفراغ بما يُمتع ، فلا يبقى وقت للتذكر لما مضى أو للتفكير فيما سيأتي  إلاَّ فيما لابُدَّ منه ، وما فيه منفعة في العاجل أو الآجل ، فإن العاطل عن العمل لدينه أو دنياه يحمل همَّ اللحظة التي يعيشها وغمَّ اللحظة التي يرتقبها .
فالفراغ يجعل القلب والعقل فارغين ، وذلك ـ والله ـ محزنٌ مؤلمٌ !
لقد هاجَ الفراغُ عليك شُغلاً           وأسبابُ البلاءِ من الفراغِ  
فمن وقع عليه ما يؤلمه ، فليفزع إلى العمل وإشغال الوقت بما فيه فائدة لدينه أو دنياه ، وسيرى كيف ينسى همومه ، وتذهب عنه أكداره .

دفع الموانع :

دراسة موانع السعادة وحصر ما يعارضها في حياة العبد ، وطرح الحلول للتخلص منها ـ إن أمكن ـ أو لتخفيفها ـ على الأقل  .
وبدقائق معدودة يستغرقها الإنسان في دراسة واقعه ووقائعه ، والاستفادة من ماضيه وما حدث فيه ، والتخطيط لمستقبله ، قد يتخلَّصُ ـ بإذن الله تعالى ـ من كثير من موجبات الأحزان ومسببات الشقاء .
ولو كان المرء جاداً مع نفسه لربما وجد أنَّ بواعث الألم ومصادر الحزن لا تستحقُّ ذلك منه ، ولربما وجد أنه قد حزن على فوات محرَّم ، فيأثم !

الظفر مع الصبر :

الصبر على البلايا ، والمكاره والرزايا ، واحتساب الأجر عليها .
قال تعالى :{ واستعينوا بالصبر والصلاة إنَّ الله مع الصابرين } [68]
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" ما يُصيبُ المسلم من نصبٍ ولا وصبٍ ولا هـمٍّ ولا حَزَنٍ ولا أذًى ولا غـمٍّ حتى الشوكةَ يُشاكُها إلاَّ كفَّر اللهُ بها من خطاياه " [69]
وعن صهيب ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" عجبًا لأمر المؤمنِ إن أمرَهُ كُلَّهُ خيرٌ ، وليس ذلك لأحدٍ إلاَّ للمؤمن ، إن أصابتهُ سرَّاء شكر فكان خيرًا له ، وإن أصابته ضرَّا صبر فكان خيرًا له " [70]
إن الأمورَ إذا سُدَّت مطالبُها                فالصبر يفتق منها كلَّ ما ارتَتَجا
لا تيأسنَّ وإن طالت مُطالبةٌ                 إذا استعنتَ بصبرٍ أن ترى فرجا
أخلِق بذي الصبر أن يحظى بحاجته         ومُدمن القرعِ للأبوابِ أن يَلِجا [71]
" قال فتح الموصلي : عثرَت امرأةٌ مُتعبِّدةٌ يُقالُ لها ( موافقة ) ، فسقطَ ظُفرُ إبهامها ، فضحكت ، فقيل لها : يا موافقة ، يسقطُ ظُفرُ إبهامِكِ وتضحكين ؟!
فقالت : إنَّ حلاوةَ ثوابه أزالت عن قلبي مرارةَ وَجَعه " [72]

تلفَّت حولك :

النظر في أحوال الناس ، فمن ذا الذي قد سلم مما يعكِّر عليه صفو حياته ويكدِّر عليه نقاء عمره ؟!
ولولا كثرة الباكين حولي     على إخوانهم لقتلتُ نفسي [73]
فإذا وجد المحزون حوله من يعاني مما يعاني منه أو أكثر أو أقل هان عليه الصبر على ما فقد ، وسهل عليه الشكر فيما وجد .
" قال بعض الحكماء : كيف تَقرُّ لي عينٌ وتسكن لي جارحة إلى أمانٍ أو ثقةٍ ، وليس يقع طرفي إلاَّ على منزل قد خلا ممن يسكنه ، وحالٍ منتقلة إلى غير من كانت له ؟
قال : فأنا منتظر مثل حال من خلا ، ومتوقع لنصيبي من البِلى " [74]
وقالت : ما بال وجهك قد نضت       محاسنه والجسم بان شحوبه
فقلت لها : هاتي من الأناسي واحداً          صفا وقته والنائبات تنوبه

تأمل المثلث :

النظر للحياة من عدَّة زوايا ووجوه ، وتأمل المثلث !
إنك تجد أن إحدى زواياه حادة ، تنفذ إلى عينك كالسهم وتخترق قلبك كالرمح ، ثم تراه من زاوية أخرى ، فتجدها زاوية منفرجة ، كلما أمعنت فيها النظر زادت انفراجا واتساعاً .
وكذلك كثير من الأمور ، فتعدد النظرات من وجوهٍ عِدَّة ، تدلُّ ـ بإذن الله ـ على سُبل الانفراج فيها ، ومواطن التيسير منها .
ومن عادة الأيام أنَّ خطوبَها        إذا سَرَّ منها جانب ساءَ جانبُ

اصنع حياتك :

حياتك تبعٌ لأفكارك وتصوراتك . فكيفما تصوَّرتها كانت .
فمن رأى الحياة هينة هنيئة سهلة سعيدة كانت له كذلك ، ومن رآها سوداء مظلمة تملؤها الكآبة والأحزان كانت عليه كذلك .
فانظر إلى ما يسرُّك فيها واعرض عما يسؤك منها ، وتذكر أن مع العسر يسرًا .
قال شيخ الإسلام  ابن تيمة  ـ رحمه الله ـ : " ما يصنع أعدائي بي ؟  أنا جنَّتي وبستاني في صدري ، إن رحت فهي معي لا تفارقني ،  إن حبسي خلوة ، وقتلي شهادة ، وإخراجي من بلدي سياحة . وكان يقول في محبسه في القلعة : لو بذلت ملء هذه القلعة ذهباً ما عدل عندي شكر هذه النعمة " [75]
إنَّ الحياةَ هي السعادةُ للذي        يزورُّ عن تزويرها وغرورها
وهي الشقاءُ لمن يرى أشواكها    فيفر من أزهارها وعبيرها [76]

الحزن هو السعادة :

فليكن فرحك بدينك ، وحزنك على الحرمان منه أو من بعضه ، فإنَّ الله تعالى يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ، ولا يعطي الدين إلاَّ من يحب .
 قال تعالى :{ قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون } [77]
فالحزن المطلوب أن تحزن على ما فاتك من طاعة الله ، وتحزن على ما إجترحت من معاصي الله .
عن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" من سرَّته حسنته ، وساءته سيئته فهو مؤمن "[78]
وتحزن لحزن المؤمنين ، وتتألم لما أصاب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها من نكبات وكربات ، وتحزن على ما أمامك من أهوال الموت وسكراته ، والقبر وظلماته ، والحشر وأحواله ، والنشر وأهواله ، والوقوف بين يدي مالك يوم الدين ، فإنه من أمن هنا فزع هناك ، ومن خاف هنا أمِن هناك ، فلا يجمع الله لعبده بين أمنين أو خوفين وهو أرحم الراحمين .

الهم الأول :

جمع القلب على الله تعالى ، والإقبال عليه ، والفزع إليه ، والتعلق به ، وجعل الهمّ هماً واحداً وهو ؛ كيف السبيل إلى رضاه ؟ وإدراك محبته ؟ والقرب منه ؟ في الدار الآخرة !
{ فإذا فرغت فانصب .  وإلى ربك فارغب }[79]
قال بعض السلف : لَـمُصانعَةُ وجهٍ واحدٍ أيسر عليك من مصانعة وجوهٍ كثيرة "
عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" مَن جعل الهمومَ همَّاً واحدًا ـ همَّ المعادِ ـ كفاه الله هـمَّ دُنياه ، ومَن تشعَّبت به الهموم من أحوال الدنيا ؛ لم يبالِ الله في أي أوديتها هلك " [80]
وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" مَن كانت الآخرة همَّه ؛ جعل الله غناه في قلبه ، وجمع عليه شمله ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومَن كانت الدنيا همَّه ، جعل الله فقره بين عينيه ، وفرَّق عليه شمله ، ولم يأته من الدنيا إلاَّ ما قُدِّر له " [81]
" نظر عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله تعالى ـ إلى رجلٍ عنده متغير اللون ، فقال له : ما الذي أرى بك ؟! وألحَّ عليه بالسؤال ، فقال : إذا أبيت إلا أن أخبرك ، فإني ذقت حلاوة الدنيا ، فصغر في عيني زهرتها وملاعبها ، واستوى عندي حجارتها وذهبها ، ورأيت كأن الناس يساقون إلى الجنة وأنا أساق إلى النار ، فأسهرت لذلك ليلي وأظمأت له نهاري ، كلُّ ذلك صغير حقير في جنب عفو الله وثواب الله عزَّ وجلَّ وجنب عقابه " [82]
إنما الدنيا وإن سرَّت           قليلٌ من قليل
إنَّما العيش جوار الله         في ظلٍّ ظليل
 حين لا تسمع ما              يؤذيك  مِن قالٍ وقيل

دوام الحال من المحال :

العلم بأنَّ الدنيا لا تبقى على حال ، ولا تستقرُّ على وضع ، ولا تثبت على أمر ، بل هي قُلَّب ، تُداول الأحوال على أهلها ، فما الحزن فيها بخالد ، كما أنَّ الفرح ليس بخالد .
هي الأيام كما شاهدتها دولٌ     من سرَّه زمن ساءته أزمان
فهذه الأيام مطايا ، يرتحلها العبد ، لتحُطَّ رحالها على عتبة الموت ، مرَّة على مطيَّةُ الخير ، وأخرى على مطيَّة الشرّ ، مرَّةً بما يسرُّ الراكب وأخرى بما يضرُّه ، مرَّة بما يأمله ، ومرَّة بما يؤلمه .
قال تعالى : { ونبلوكم بالشرِّ والخير فتنة وإلينا ترجعون } [83]
ما يكون الأمرُ سهلاً كلُّه              إنما الدنيا سرورٌ وحزُون
هوِّنِ الأمرَ تعش في راحةٍ               قَلَّ ما هوَّنتَ إلاَّ سيهون
تطلب الراحة في دار العَنا           ضَلَّ من يطلبُ شيئاً لا يكونُ

قالب هنا ، وقلب هناك :

العيش في الدنيا بمنظار الآخرة ، فمن كان فيها سعيداً فليتعلَّق قلبه بالسعادة التي لا تنقضي والهناء الذي لا ينتهي يوم يدخل الجِنان في دار الأمان .
ومن كان في شقاءٍ وبؤس ، فليتذكر شقاء أهل النَّار ، وما هم فيه من كربات وحسرات ..
وبهذا يعيش العبد مع النَّاس بجسده وقالبه ، يخالطهم ويعاملهم ، أمَّا قلبه وعقله ، فهو متصلٌ بالدار الآخرة .
" دخلَ رجلٌ على أبي ذرٍّ ـ رضي الله عنه ـ فجعلَ يُقلِّبُ بصرَهُ في بيتِهِ ، فقالَ لَهُ : يا أبا ذرٍّ ، ما أرى في بيتِكَ متاعاً ولا غيرَ ذلكَ مِن الأثاثِ ؟! فقال : إنَّ لنا بيتاً نُوجِّهُ إليه صالِحَ متاعِنا ، قال : إنَّهُ لابُدَّ لكَ مِن متاعٍ ما دُمتَ ها هُنا ، فقال : إنَّ صاحِبَ المنزِلِ لا يَدَعُنا فيهِ " [84]
وهذا ـ وربي ! ـ من تُحفِ السلف ،  يمرُّ أحدهم على الفاكهة لا يستطيع أن يشتريها ، فلا يتندم أو يتبرَّم ، وإنما يبتسم ـ ابتسامة الرضا والأمل ـ ويقول لها : موعدنا غداً ـ إن شاء الله ـ في الدار الآخرة !
ويتعدَّى عليه من يظلمه أو يخذله ، فيقول له ـ في سكينة وهدوء :
إلى ديَّان يوم الدين نمضي      وعند الله يجتمع الخصومُ !
ويُمنع مما يبتغي ، ويُحرم مما يشتهي ، فلا يحزن أو يشقى ، وإنما يقول في تسليمٍ ورضى : ما عند الله خيرٌ وأبقى !
فمن كان قلبه معلَّقٌ بالسماء ، هل يحفل بما يحصل على الغبراء  ؟!
" تزوجت معاذة العابدة بصلة بن أشيم ، فأدخله ابن أخيه الحمَّام ، ثمَّ أدخله بيتاً مطيَّباً ، فقام يصلي ، فقامت فصلَّت . فلم يزالا يصليان حتى برق الفجر .
قال ابن أخيه : فأتيته ، فقلت : أي عَمِّ تزوجت الليلة ، فقمتَ تصلي وتركتها ؟!
فقال : إنك أدخلتني أمس بيتاً أذكرتني به النار ، ثم أدخلتني بيتاً أذكرتني  به الجنَّة ، فما زالت فكرتي فيهما حتى أصبحت ." [85]

لا تزد الطين بلة

العلم بأنَّ الدنيا ـ وإن طالت ـ فهي قصيرة ، والعمر فيها محدود ، والزمن معدود ، فلماذا نقصِّرُها بالهمِّ والأحزان ، ونملؤها بالغمِّ والحرمان ؟!
سئل علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ عن الدنيا ، فقال :  تَـغُـرُّ ، وتَضُرُّ ، وتـمُـرُّ .[86]
هذي الحياةُ ، فهل بدا           لشقائها يا صاحِ آخر؟
تمضي بنا والأمهاتُ             يلدنَ سكان المقابر
عيش الفتى فيها خيالٌ          مرَّ في ليلٍ بخاطر

فرح لا حزن بعده

اليقين بأنَّ السعادة الحقيقية ليست في الدنيا وإنما هي في الدار الآخرة للمؤمنين . وأنَّ سعادة الدنيا ـ إن حصلت ـ فإنها لا تُساوي شيئاً مذكوراً في نعيم الآخرة لمن أكرمه الله به .
قال تعالى : { فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل } [87]
قال الله تعالى عن السعداء في دار الهناء : { فأما الذين سُعِدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلاَّ ما شاء ربك عطاءً غير مجذوذ }[88]
عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله  ـ صلى الله عليه وسلم :" يؤتي بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة ، فيصبغ في النار صبغة ، ثم يقال : يا ابن آدم هل رأيت خيرًا قط ؟ هل مرَّ بك نعيم قط ؟
فيقول : لا ، والله يا رب .
ويؤتى بأشد الناس بؤسًا في الدنيا من أل الجنة ، فيصبغ صبغة في الجنة ، فيقال له : يا ابن آدم هل رأيت بؤسًا قط ؟ هل مرَّ بك شدة قط ؟
فيقول : لا ، والله يا رب ما مرَّ بي بؤس قط ، ولا رأيت شدة قط " [89]
وعن المستورد بن شداد ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" والله ! ما الدنيا في الآخرة  إلاَّ مثل ما يجعل أحدكم إصبعه  في اليم ، فلينظر بم يرجع " [90]
قال الله تعالى عن أهل الجنة :{ وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنَّا الحزن إن ربنا لغفور شكور . الذي أحلَّنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب } [91]
فمن أراد البحث عن الراحة من العناء ، والسلامة من الشقاء ، والنجاة من التعب والنَّصب ، فإنما هي في الجنَّة ، حيث النعيم الذي لا يكدره شقاء ، والسعادة التي لا يخالطها عناء ، والسرور الذي لا يتجاور ـ أبداً ـ مع الأحزان !
فإنَّك بدخولك الجنة تُلقي الهموم والغموم والأكدار خلف ظهرك ، لتدخل إلى جنَّة ربك ، حيث الرضا والرضوان ، والسعادة  والاطمئنان ، والأمان من الأحزان ، في جوار الملك القهَّار ، وأعظم به من جار !
إنَّ الشقي الذي في النَّار منزلهُ       والفوز فوز الذي ينجو من النَّار
 

وكتبه
عبد اللطيف بن هاجس الغامدي
بيَّض الله وجهَهُ ووقاهُ           فَزَعاً يومَ القمطرير وهولَهُ
وأثابَ الفردوسَ مَن قال : آمين        وأعطاه يومَ يلقاه سؤلَهُ
جدة (21468)
ص . ب (34416) 

---------------
[1] الأنعام : 125
[2] الزمر :22
[3] النحل :97
[4] الوابل الصيب من الكلم الطيب ـ ابن قيم الجوزية ـ ص 70
[5] هود :6
[6] الذاريات :22
[7] أخرجه الطبراني  في الكبير وابن عدي في الكامل ، انظر : صحيح الجامع (1/336) (1630) .
[8] أخرجه أبو نعيم في الحلية وابن عساكر ، انظر : السلسلة الصحيحة (2/672) (952) .
[9] محمد بن إدريس .
[10] التوكل على الله ـ ابن أبي الدنيا ـ ص 36
 [11] صحيح سنن الترمذي  ( 3/300) (2006) .
[12] آل عمران : 173
[13] الطلاق : 3
[14] التوكل على الله ـ ابن أبي الدنيا ـ ص 58
[15] الأحزاب : 38
[16] صحيح الترمذي  (2/309)(2043) .
[17] صحيح مسلم (4/1629) (2664)  .
[18] الحديد : 22
[19] الطلاق :4
[20] المائدة : 69
[21] مدارج  السالكين ـ ابن قيم الجوزية  (1/464) .
[22] الحطيئة .
[23] شرح حديث ( لبيك اللهم لبيك ) ابن رجب الحنبلي ـ ص 68
[24] شرح حديث ( لبيك اللهم لبيك ) ابن رجب الحنبلي ـ ص 61
[25] الوابل الصيب  من الكلم الطيب ـ ابن قيم الجوزية  ـ ص 66
[26]  صحيح سنن النسائي (3/827) (3680) .
[27]  صحيح سنن أبي داود ( 1/244) (1170) .
[28]  المعارج :
[29]  البقرة : 45
[30]  الشورى : 30
[31] النساء : 79
[32] السجدة  : 21
[33]  طه : 124
[34] صحيح البخاري (8/216) (6407) .
[35] الرعد : 28
[36]  يونس : 57
[37] الأنعام : 122
[38] أخرجه الحاكم في المستدرك ، انظر : صحيح الجامع وزيادته (2/707)(3795) .
[39]  الرحمن : 60
[40] محمد بن علي الهندي .
[41] أخرجه أحمد في المسند ، انظر : السلسلة   الصحيحة (2/533)(854) .
[42]  صحيح البخاري (1/60 ) و صحيح مسلم (1/68) (43) ..
[43] طه :25
[44]  صحيح مسلم (4/1658) ( 2720 ) .
[45]  صحيح البخاري (7/205) ( 6369) .
[46]  النمل : 62
[47] صحيح البخاري (7/228 ) (6446)  وصحيح مسلم (2/599) (1051) .
[48] صحيح البخاري ( 7/224) (6436)  وصحيح مسلم (2/598) (1049) .
[49] صحيح مسلم (2/601) (1054) .
[50] حلية الأولياء ( 3/117) .
[51] صحيح سنن ابن ماجه (2/394)(3318) .
[52] التوكل على الله ـ ابن أبي الدنيا ـ ص 65
[53] لقمان : 23
[54] البلد :4
[55] صحيح مسلم (3/1797) (2956) .
[56] الزهد ـ للإمام أبي عبد الله القرطبي ( صاحب التفسير ) ـ ص 71 ، وقد رويت عن أمير المؤمنين في الحديث ؛ صاحب فتح الباري ابن حجر العسقلاني  رحمه الله تعالى .
[57] أبو العتاهية .
[58] سير أعلام النبلاء ـ الذهبي (6/292) .
[59] ابن العميد .
[60] صحيح  مسلم (4/1800) (2963) .
[61] صحيح البخاري ( 7/239) (6490)  وصحيح مسلم (4/1799) (2963) .
[62] شرح السنَّة ـ للبغوي  (14/295) .
[63] المجالسة وجواهر العلم ـ أبي بكر أحمد الدينوري  المالكي (2/513) .
[64] الطغراني .
[65]  يوسف : 87
[66]   الحجر : 56
[67]  أبو نواس
[68]  البقرة  : 45
 [69] صحيح البخاري (7/3) (5641) .
  [70] صحيح مسلم (4/1815) (2999) .
[71] محمد بن بشير .
[72] صفة الصفوة ـ ابن الجوزي  (4/191) بتصرف .
[73]  الخنساء ـ رضي الله عنها .
[74] قصر الأمل : ابن أبي الدنيا ـ ص199
[75] الوابل الصيب  من الكلم الطيب ـ ابن قيم الجوزية  ـ ص 70
[76] مصطفى الغلاييني .
[77] يونس : 58
[78] أخرجه الطبراني في الكبير ، انظر : صحيح الجامع (2/1079) (6294) .
[79] الشرح : 8
[80] صحيح سنن ابن ماجه  (2/393 ) (3315) .
[81] صحيح سنن الترمذي ( 3/300) ( 2005) .
[82] التخويف من النار ـ ابن رجب الحنبلي ـ ص45
[83] الأنبياء : 35
[84] المجالسة وجواهر العلم ـ أبي بكر أحمد الدينوري  ( 2/ 646) .
[85] صفة الصفوة ـ ابن الجوزي  (3/145)
[86]  أدب الدنيا والدين ـ الماوردي ـ ص 252
[87] التوبة :38
[88] هود :  107
[89]  صحيح مسلم  (4/1715) (2807) .
[90] صحيح مسلم  (4/1738) (2858) .
[91] فاطر : 35

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عبداللطيف الغامدي
  • كنوز دعوية
  • مقالات ورسائل
  • كتب ورسائل
  • الصفحة الرئيسية