صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







لماذا يكرهوننا ؟!

عبداللطيف بن هاجس الغامدي


تساءل بعض أساطين السياسة وأرباب الفكر الأمريكان في بلادة قاهرة وسذاجة سافرة عن سبب كرهنا لهم ، فيقولون : لماذا تكرهوننا ؟!
ويتصدَّى للجواب عليهم بعض قادة الفكر لدينا وأرباب الرأي عندنا ، لأنكم فعلتم بنا ، وصنعتم لنا ، فأيديكم الغادرة ، وأساليبكم الماكرة في كلِّ شبر من أرضنا المسلمة ، فأنتم سبب مآسينا ، ومبعث أحزاننا ، ومنطلق آلامنا ، فاليتامى يلعنونكم ، والأرامل يدعون عليكم ، والأطفال يشتمونكم ، فقد سرقتم الأموال ، ودنستم العرض ، وسلبتم الأرض ، وفعلتم من الأفاعيل ما يستحي منها قائدكم الأكبر ، ورائدكم الأخطر ؛ الشيطان اللعين ، نعوذ بالله منكم ومنه !
واسمحوا لي أن أحاول الإجابة عليهم ، والرد على سؤالهم بشيء من الإيجاز والإعجاز ..
أما الإيجاز فلأن كرهي لهم وحقدي عليهم لا يمكنني أن أعبر عنه في مقال قصير ، فالكره كبير وكثير بطول مكرهم بنا وحقدهم علينا وبغضهم لنا ..
أما الإعجاز فلأني سأذكر ما يتوارى بعض دعاتنا عن ذكره ، ويخاف بعض رموزنا من سرده ، غافلين أو متغافلين أو مغفلين عن ذكر الحق الذي ندين الله به ، ونتقرب إلى الله تعالى بوجوده في قلوبنا ـ على تقصيرنا وضعف إيماننا ـ
وإن تعجب ، فعجب ما تراه من عداوة أعداء الله لنا ، وإعلانهم بها ، لا يُخاتلون فيها أو يتوارون بها ، فهم يجاهرون بالكره والبغض بقولهم وبفعلهم ـ وما تخفي صدورهم أكبر ـ ونحن كطيور النعام ، نحمل غصن الزيتون ، ونُربي حمائم السلام ، طمعاً في رضاهم عنا ، وحلمهم علينا ، وعدلهم معنا ، والواقع يشهد بما تتغافل عنه العيون ، وتتصامم عن سماعه الآذان ، وإلى الله المصير !
* فنحن نكرههم لأن كره ـ يهود ونصارى أمريكا ـ دين نتقرَّب به إلى الله تعالى ، وعمل صالح نطمع من الله قبوله في ميزان حسناتنا ، فأوثق عُرى الإيمان ؛ الحب في الله والغض في الله ...
قال تعالى :[ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ]
* نكرههم لأن الله تعالى يكرههم ويبغضهم ، أفلا نكره من يكرهه الله ؟!
* نكرههم لأنهم تعدوا على مقام الألوهية ، وأساءوا على جناب الربوبية ، فنسبوا لله تعالى من صفات النقص والسوء ما الله تعالى منزهٌ منه ، ومقدَّس عنه ، كنسبة الصاحبة والولد .
قال تعالى :[ وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا قاتلهم الله أنَّى يؤفكون . اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ]
* ونكرههم لأنهم نسبوا لله ما يتنزه بعضهم عن نسبته إلى نفسه ، وما يتعفف أن يوصم به أو يوصف ببعضه ، قال تعالى :[ ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون ]
فنسبوا البخل لله تعالى :[ وقالت اليهود يد الله مغلولة غُلَّت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ... ] !
ونسبوا له الفقر سبحانه :[ لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء . سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق ] لعنهم الله بما قالوا !
* ونكرههم لأنهم أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ، وما ليس لهم به علم ، فقالوا :[ الله ثالث ثلاثة ]
قال تعالى :[ لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما نُهوا عنه ليمسنّ الذين كفروا منهم عذاب أليم ]
* ونكرههم لأنهم كفروا بنبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحسدونا عليه ،ويرون أنا أهون من أن يبعث الله فينا نبياً منا يوحى إليه من السماء ، فكفروا وكذَّبوا واستكبروا .
قال تعالى :[ ولئن أتيت الذين أُوتُوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك ...]
وقال تعالى :[ ما يودُّ الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن يُنزَّل عليكم من خير من ربكم ....]
* ونكرههم لأنهم حرَّفوا كُتب الله تعالى المنزلة عليهم كالتوراة والإنجيل ، ونسبوا لله تعالى ما لم يقله أو يأمر به ، فكتبوا بأيديهم المحرِّفة ما أمرتهم به عقولهم المنحرفة ، وقالوا : هذا من عند الله ، واشتروا بآيات الله ثمناً قليلا ، فبئسما يشترون !
قال تعالى :[ أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ]
* ونكرههم لأنهم نبذوا التوراة والإنجيل وراء ظهورهم ، وبدَّلوا نعمة الله كفراً ، وجحدوا آية الله نُكراً ، وكذّبوا رسل الله فُجرا ، كأنهم لا يعقلون !
قال تعالى :[ قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أُنزل إليك من ربك طغياناً وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين ]
* ونكرههم لأن أيديهم ملطخة بدماء أشرف خلق الله تعالى من أنبيائه ورسله وأوليائه والصالحين من عباده المؤمنين على مدى التأريخ
قال تعالى :[ أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون ]
وقال تعالى لهم :[ فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين ]
* ونكرههم لأنهم كذبوا بكتابنا المقدس والمنزه من التحريف والتبديل والتعديل ( القرآن الكريم ) وجحدوا به ، وحاولوا إطفاء نوره والتعرض لقدسيته ، والتأريخ يشهد ، والوقائع تنطق ، والله متم نوره ،ولو كره المشركون !
قال تعالى :[ يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ]
* ونكرههم لأنهم تعدوا على أنبياء الله تعالى ، برفع بعضهم فوق منازلهم التي أنزلهم الله كعقيدتهم في عيسى المخلِّص ( كما يزعمون ! ) عليه السلام ، وإساءتهم الأدب مع بعضهم بنسبة السوء إليهم كالزنا وغيره ، ولو أنهم نسبوا ذلك لأحيائنا لما رضيناه منهم ، فكيف بنسبته لأشرف الخلق وأعظم البشر ـ عليهم السلام .
قال تعالى :[ لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ...]
* ونكرههم لأنهم حاولوا إطفاء نور هذا الدين ، واجتثاثه من جذوره ، وإخماد جذوته ، حسداً من عند أنفسهم ، بالمكر والكيد ، والحرب والصد ، وما أملته عليهم شياطينهم من وسائل الإغراء والإغواء ، فويل لهم مما يفعلون !
قال تعالى :[ قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أُنزل إلينا وما أُنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون ]
* ونكرههم لأنهم يكرهوننا ، ولن يرضوا عنا ، مهما تنازلنا عن مبادئنا ، وتغافلنا عن مصالحنا ، وألسنتهم تنطق ، وواقعهم يشهد ، ووقائعهم تُبين عما يجري منهم في حبل الوتين ، قال تعالى :[ قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر ]
قال تعالى :[ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ...]
وقال تعالى :[ هاأنتم أُولاء تحبونهم ولا يُحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور ]
* ونكرههم لأنهم يودون لو أننا مثلهم في كفرهم ، حسداً لنا على ما أكرمنا ربنا من الإيمان به ، والتوفيق لشرعه ، والتسديد على ملَّة التوحيد والهدى .
قال تعالى :[ وودوا لو تكفرون ]
وقال تعالى :[ ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء ]
وقال تعالى :[ ودَّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ..]
* ونكرههم لأنهم أخرجونا من ديارنا ، وحابوا أوليائنا ، وكادوا بديننا ، وكفروا بما جاءنا من ربِّنا ، قال تعالى :[ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم ..]
* ونكرههم لأنهم يريدون إضلالنا عن الهدى ، وغوايتنا عن السبيل ، وانحرافنا عن المنهج الأصيل ، لنكون مثلهم في ضلالهم وغوايتهم ، كالحيران بلا دليل !
قال تعالى :[ ودَّت طائفة من أهل الكتاب لو يُضلونكم ..]
* ونكرههم لأنهم لا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذِمَّة ، ولا يرعون لنا عهداً ولا ميثاقاً ، فلا قيمة لنا عندهم ، ولا منزلة لنا في موازينهم ، لأننا خلقنا ـ بزعمهم ـ لنكون عبيداً أرقاء نسعى في خدمتهم والقيام على مصالحهم ...
قال تعالى :[ ... ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ]
* ونكرههم لأنهم يرون أنفسهم خيراً منا ، وعلى سنن أهدى من سننا ، فهم يرونا من الكفار ومن وقود النار ، وأنهم أبناء الله وأحباؤه ، ونحن أعداء الله وخصماؤه ..
قال تعالى :[ وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ]
وقال تعالى :[ وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين ]
وقال تعالى :[ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه ....]
* ونكرههم لِما يفعلون في أبناء أمتنا من تقتيل وتنكيل ، فقد رمَلوا نساءنا ، وقتلوا رجالنا ، ويتموا أطفالنا ، وانتهكوا أعراضنا ، ودنسوا مقدساتنا ، واستباحوا حرماتنا ، وسلبوا أموالنا ، وغير ذلك مما يطول وصفه ، ويصعب حصره ..
على أن كرهنا لهم وبغضنا إياهم لا يمنعننا أن نلتزم بالأحكام الشرعية في التعامل معهم ، بل نعدل معهم ، ونطبق شرع الله فيهم ، ونحفظ لهم حقوقهم ، ولا نتعدَّى عليهم ، أو نسيء إليهم إلا بما قررته الشريعة الخالدة والدين القويم .
قال تعالى :[ ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ]
وفي كل الحالات والمناسبات ، لا نتعامل معهم على أساس ما في قلوبنا ، بل كما في شرعنا ، ملتزمين بالأحكام ، فهذه رحمة الإسلام ، دين الله الخاتم الذي لا يقبل من أحد غيره . قال تعالى :[ إن الدين عند الله الإسلام ]
وقال تعالى :[ ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ]
والله ولي الصالحين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، والحمد لله رب العالمين …….
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عبداللطيف الغامدي
  • كنوز دعوية
  • مقالات ورسائل
  • كتب ورسائل
  • الصفحة الرئيسية