صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







ضَرَائِبُ الْسُّكُـوْت

ظَافِرُ بْنُ حَسَنْ آل جَبْعَان

 
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم اهدني وسددني
ضَرَائِبُ الْسُّكُـوْت


الحمد لله الذي جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صمام أمان لأمة الإسلام، وحفظاً له من كيد الكائدين، وتعدي المعتدين، وتفريط المتساهلين، والصلاة والسلام على خير الآمرين، وإمام الناصحين، وقائد المجاهدين، وعلى آله وصحبه الطائعين، والهداة المُتَّبِعِيْن وبعد:
فإن هذه الأمة المحمدية أمة مرحومة، ومترابطة، هم في التآزر والتماسك كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
هذه الأمة جعل الله تماسكها في تعاونها، وجعل وحدتها في تناصحها، وجعل بناءها في المخلصين من أبنائها، بل إن الله – عز وجل – قيد فوزهم مقيداً بأمرها بالمعروف ونهيهم عن المنكر، قال الله تعالى:{وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }[آل عمران:104]
وجعل هلكة هذه الأمة في تفرقها وتشرذمها، وتنازعها واختلافها، وذلك عند تركها لأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر، قال الله تعالى:{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال:46].
وعندما تتأمل وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - الآمر بالإنكار يتبين لك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يطيقه كل أحد صغر أم كبر، ذكر كان أم أنثى، عظيم كان أم حقير، كل أفراد أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - يطيقه؛ فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه – قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ:« مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ»أخرجه مسلم(186).
فمراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثلاث مراتب:

1- باليد لمن يستطيع ذلك.
2- باللسان، وهذا في الغالب يطيقه الجميع.
3- بالقلب، وهذا لا يعذر به أحد، ويطيقه كل مسلم.
وعندما تتأمل في هذا الحديث أيضاً يظهر لك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وظيفة الجميع، فحكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على الجميع، فيكون فرض على الأعيان أو على الكفايات أحياناً، أي لابد أن يقام به فيؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
وهو مسئولية الجميع، ليس فقط أصحاب الحسبة، والمحتسبين، بل كل من كان من المسلمين.
وإن الناظر في هذا الزمن ليدرك حقيقة إهمال أهل الإسلام لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فسبب ذلك تخاذل أهل الحق، وتطاول أهل الباطل، فأدى ذلك السكوت المشين إلى انتشار الفسوق والعصيان، بل تعداه إلى الكبائر من الذنوب والآثام، بل إلى الوقوع في الكفر والعياذ بالله الواحد الديان.
وكل هذا ضريبة للسكوت من الآمرين، والمجاملة في الحق والدين.
إن هذا السكوت أدى إلى ضعف الحق والدين، وتطاول البغي والعدوان، فاتسع الخرق على الراقع، حتى أصبحنا نرى من يتكلم بالكفر، وينطق بالفسوق، ويدعو إلى الفجور، ولا راد له ولا منكر.

أخي المسلم:
لماذا هذا السكوت المشين عن إقامة هذه الشعيرة المتينة؟!
أليس الذي أمرك أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر هو الله - جل جلاله - في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم؟!.
أليس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وظيفة الأنبياء والرسل؟!.
أليس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صمام الأمان لهذه الأمة؟!
أليس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم ما تحفظ وتصان به ألأعراض؟!.
هل هناك حل لعلاج كثير من أخطاء الأمة بغير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!.
أم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصبح مخيفاً إلى درجة أنه يُظن أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُقَدِّمُ موتًا ويؤخر حياة، ويجلب ذلاً ويرفع عزاً!.
هل أصبح مخيفاً إلى درجة أن الإنسان لا ينكر حتى بقلبه؟!
نحن في هذا الزمن لفي أشد حاجة إلى ناصحين صابرين، ومحتسبين مخلصين لا يريدون إلا ما عند الله - عز وجل - وإن ضاع مع هذا الصدق شيئاً من دنياهم، فلم يهنوا لما أصابهم في سبيل الله، وما ضعفوا، وما استكانوا، بل يعلمون أن ما عند الله خير للأبرار، قال الله تعالى: {مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً بَصِيراً }[النساء:134].

وهنا أتساءل: هل نعذر جميعاً أمام الله – تعالى - بهذا السكوت؟!
الحق الذي لا مرية فيه أننا لن نعذر، وسنُسأل عن هذه المنكرات، وعن هذا الفجور، والفسوق؛ فماذا ستكون الإجابة، وبماذا تكون الحجة.
علينا أن نُعِدَّ للسؤال جواباً، وللجواب صواباً، فإننا سنُساءَلُ ممن لا تخفى عليه خافيه.

وفي الختام: أسأل الله أن يبرم لهذه الأمة أمراً رشداً يُعز فيه أهل الطاعة، ويذل فيه أهل المعصية، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر إنه على ذلك لقدير وبالإجابة جدير، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
 

وكتبه الفقير
إلى عفو سيده ومولاه
ظَافِرُ بْنُ حَسَن آل جَبْعَان
18/5/1428هـ


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
ظَافِرُ آل جَبْعَان
  • الفوائد القرآنية والتجويدية
  • الكتب والبحوث
  • المسائل العلمية
  • سلسلة التراجم والسير
  • سلسلة الفوائد الحديثية
  • المقالات
  • منبر الجمعة
  • الصفحة الرئيسية