صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







التباين في الأحكام القضائية .. لماذا ؟

سلطان بن عثمان البصيري


صدر حكمان من محكمتين في قضيتين موضوعهما ( رشوة ) لكن الحكم الأول كانت العقوبة فيه بسجن المتهم مدة سنة واحدة وغرامة عشرين ألف ريال والحكم الثاني كانت العقوبة فيه بسجن المتهم ثلاث سنوات وغرامة ستين ألف ريال.

هذان الحكمان مختلفان والبون في أول وهلة شاسع لكن لو اطلعنا على ملف القضية لوجدنا أسباب الفرق بين الحكمين ، فالقضية الأولى ليس للمتهم فيها سوابق ، ولم تكن الجريمة وقعت بتدبير وتخطيط واحتراف ، وقد أعلن المتهم توبته واعتذاره أمام المحكمة ، وتعهّد بعدم تكرار الخطأ منه ، ولم يكن مبلغ الرشوة يتجاوز مبلغ خمسة آلاف ريال ، بينما القضية الثانية نجد أن المتهم فيها من أرباب السوابق ، والجريمة منه وقعت بتدبير وتخطيط واحتراف ، بل وزاد بأن الجريمة وقعت في زمان فاضل وهو شهر رمضان وفي مكان فاضل وهو داخل حدود الحرم بمكة المكرمة ، وكذلك نجد المتهم قد أصر على تمرّده ولم يعلن توبته ، بل وكشفت الأوراق أنه قد حصل على عفو ملكي بعد حكم سابق عليه ، وكان مبلغ الرشوة مائتي ألف ريال.

فهل من الإنصاف أن يُساوى الأول بالثاني ؟
أين عقولكم يا من تنتقدون الأحكام بدعوى حقوق الإنسان ؟
وعوداً لموضوع القضية أقول ولما كان المنظّم السعودي قد راعى تلك الفروق كانت صياغته لكثير من المواد في الأنظمة القضائية تعطي للقاضي الصلاحية في تقدير العقوبة بتحديد سقف أعلى وربما بحد أدنى في بعض العقوبات ، فمثلاً جاءت المادة الأولى من نظام مكافحة الرشوة بالنص الآتي : ( كل موظف عام طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطيّة لأداء عمل من أعمال وظيفته أو يزعم أنه من أعمال وظيفته ولو كان هذا العمل مشروعاً يُعدّ مرتشياً ويعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات وبغرامة لا تزيد عن مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين ، ولا يؤثر في قيام الجريمة اتجاه قصد الموظف إلى عدم القيام بالعمل الذي وعد به ) انتهى نص المادة.

ولعل فيما تمّ بيانه إجابة عن تساؤل الكثير عن تباين أحكام القضاء ، ولا يفوتني أن أشير إلى أن أكثر من يذكي جذوة نار هذا التساؤل بعض المحامين الذين يخسرون قضاياهم أمام القضاء فيعلّقون فشلهم على شمّاعة ( القضاة لا يفهمون ).

ولا يفوتني أن أشير إلى أن التقنين المدني لن يدفن هذا التباين في أحكامه لأن التباين نتيجة حتميّة من نتائج العدل الذي هو ثمرة القضاء ، وخير شاهد على هذا هو التباين في الأحكام القضائية الصادرة في الدول التي أخذت بالتقنين المدني ، لكن الذي يظهر أن من يطالب بالتقنين المدني هو من يريد أن يعرف كيف يكسب القضية.

* صورة مع التحية لدعاة التقنين المدني.
 

سلطان بن عثمان البصيري

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سلطان البصيري
  • مقالات ورسائل
  • الصفحة الرئيسية