صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







خاطرة: (حال الدنيا)

خالد بن سعود البليهد


الدنيا لها زينة تسلب العقل وتذهب بلب الحازم وتفتن الرجال. يحسبها المغرور ملاذا آمنا وطريقا للسعادة والرضى وكم صرعت من عشاقها وأربابها. ويظنها الرائي من بعيد غابة في الحسن والبهاء يندهش لضوئها وبهرجها وشعاعها وإذا اقترب منها وعافسها وجدها قفرا مظلمة كحال المرأة العجوز إذا تزينت بالحلي والجواهر وأصباغ الزينة ثم إذا تم الوصال كانت قبيحة المخبر كئيبة لا روح فيها ولا فرح. واللاهث وراء الدنيا كالعطشان متتبع السراب لا يشبع منها ولا يقوى على تركها. والدنيا لها سكرة غامرة من شرب من خمرتها لم يفق إلا بعد فوات الأوان وذهاب العمر ولا ينفع الندم والملامة حينئذ. ومن افتتن بها وركن إليها صار عبدا ذليلا لها تخوض به في الآثام وتوقعه في المذمة. والمؤمن الحصيف لا يركن للدنيا ولا يصدق خبرها لأنها تكذب في الحديث ولا يثق بوعدها لأنها تخلف الوعد ولا يأمن غدرها مع مرور الأيام وانصرام الليالي لأن من شيمتها الغدر بأصحابها. والعاقل إنما يأخذ منها قدر الصبابة من مسكن ومتاع ثم لا يستكثر من زخرفها ولا يشغل باله في جمع حطامها ويرغب في عمل الآخرة. وليس من البر المنافسة على أمر الدنيا ولا يمدح الرجل بذلك. ونعيم الدنيا زائل عن قريب لا يتصل بحي ولا يصفو من كدر وغم. ومن تفكر في حقيقتها ومآلها أيقن دناءتها وحقارتها وسرعة انقضائها. ومن أعظم ما يزهد فيها أن نعيمها لا يحصل إلا بعناء ومشقة وأن الدنيا تتغير من حال إلى حال ولا تدوم على صفاء لأحد مهما كان ولو كان من الأكابر فهي لا تحفظ الود ومعروفة بالعقوق.


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية