صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







وغاب عادل

عبدالله بن محمد بادابود

  
في قاموس الحياة العديد من المفردات .
التي نعايشها ونعيشها .
تارة بأجسادنا وتارة بأرواحنـــا .
لنعود لقاموس الحياة .
ونأخذ منه كلمة رحيل !
كلمة قاسية !
تعني المغيب,,
تعني الفقد ،،
تعني البعد.،،
تعني الكثير من الألم فكم من الراحلين الذين أثروا في حياتنا وأحسسنا بألم الرحيل عند فراقهم
نتجرعه حين نرى طيف من ذكراهم ونحس بقربهم منا !
نسمع أصواتهم تداعب أسماعنا ، وصدى مشاعرهم تلامس قلوبنا !
قبل 15 عاماً تقريباً كنا على موعد مع هذه الكلمة !
الخبر كان : صديقكم عمر رحل عن الحياة !
انتهى الخبر وطويت صفحة صداقة وصفحة أخوة في هذه الدنيا الفانية .
نأمل من الله أن تعود في جنات الخلود .
مرت الأيام ثقيلة وبها الكثير من الألم والحزن ولكنها مرت بفضل من الله عز وجل .
التقيت بأخيه عادل بعد انقضاء فترة العزاء فكنت أرى فيه عمر بكل صفاته وأخــلاقه !َ
نظرت للعم سالم والد عمر - رحمه الله - ووجدته نعم العبد الصابر المحتسب نحسبه والله حسيبه .
كنت أرى في عادل صورة عمر بكل تفاصيلها ، طيبة وخلقاَ تسامحاً وحباَ .
كنا حريصين على التواصل مع العم سالم وإبنه عادل .
فكانت هناك لقاءات وزيارات عابرة تمر على استحياء في زمن أشغلنا بهمومه وقسوته .

وبعد الجامعة تم التعيين في مدينة الرياض وانقطعت الزيارات لظروف العمل ولإنتقالهم من منزلهم المجاور لنا .
أحد الأيام كنت عند أحد المطاعم وفجاة لمحت شاب ينظر إلي ويبتسم وتأملت الوجه فقلت : عمر ثم تداركت الأمر وقلت ياهلا بعادل !
وبعد التحية والسؤل عن الحال وعن حال العم سالم ، اتفقنا على اللقاء أو الزيارة ولكن للاسف كانت الإجازة الصيفية في آخرها !
كنا على اتصال دائم ولكن انقطع الإتصال من عادل !
حاولت الإتصال أكثر من مرة ولكن عبارة تردد دائماَ الجوال مغلق عاود الإتصال مرة آخرى!
اتصلت بعد فترة فكان نغمة الجهاز توحي بقبول الاتصال وظهر صوت مرأة في الطرف الآخر ، سارعت وقلت رقم عادل ، أخبرتني أني اخطأت !
غاب عادل من جديد !
ومرت الأيام والأشهر والعام بعد العام ، وعلمت أنتقالهم من منزلهم ، فلاتوجد وسيلة تواصل آخرى سوى الإنتظار !
في الصيفية الماضية ذهبت لزيارة مدينة الرياض واتصل علي أخي وسألني عن الحال ثم بادر بالقول : تعرف قابلت مين اليوم الصبح في المستشفى ؟
قلت : مين
قال : عم سالم ويسلم عليك ، سألت عن حاله فأخبرني أن حاله في أحسن حال ولله الحمد ، سألت عن عادل ، فقال : أخبرك لاحقاً ، بس ترجع !

حارت الأفكار وجالت يمنة ويسرة ماذا حصل لعادل ! ثم تداركت الأمر وقلت إن شاء الله بخير وتوقعت أن يكون مريضاً .
عند عودتي بادرت بالسؤال ؟ فقال لي أخي : عادل مات أدع له بالرحمة .
مات عادل ومات عمر من قبله ، رحمهما الله رحمة واسعة .
عانى عادل من مرض احتار الأطباء في تشخيصه واعملهم أحد الرقاة أن ماأصابه سبب عين حاسدة كفانا الله وإياكم الشرور .
صارع المرض ثم أذن الله لروحه أن تصعد للسماء ، صعدت كما صعدت روح عمر من سنوات مضت .
أما العم سالم ، فقد كان صابراً محتسباً نسأل الله ان يلهمه الصبر والسلوان .
وبقي له إبنه عبدالله ، اللهم بارك له فيه وأطل في أعمارهم على الطاعة والخير .

هي صور مرت على الحياة ، عاشت حلوها ومرها ، وانتهى أجلها .

وسألت نفسي

هل أعددت لهذا الرحيل من زاد ؟

اللهم اغفر لعمر وعادل وجميع موتى المسلمين .

وقفة :
كلمات صالت في قلبي وجالت ، حاولت أن أكتمها وأرددها في داخلي ، فأبت إلا أن تخرج لكم
فتقبلوها و لا تنسوني وعمر وعادل من الدعاء .
آخر صفحة من عام 1430هــ

بقلم : عبدالله بن محمد بادابود
A.Badabood@gmail.com

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عبدالله بادابود
  • مقالات
  • كتب
  • دورات
  • الصفحة الرئيسية