صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







ليتني منهم

محمد بن سرّار اليامي

 
رأيت أن إدمان مجالسة الصغار وكثرة مخالطة السفهاء ، وضعاف العقول ، تورث الإنسان ضعفاً ، وضموراً فكرياً ..
بل قد يصل إلى درجة تفكيرهم وهذا ما دفع كثيراً ممن سلف لرد شهادة معلم الصبيان ..
فكيف بمن يتعامل معهم ومع أمثالهم إختياراً ...
ولقد سمعت عن مدرس للصفوف الأوليه ، كما يدور الطفل بكرته ، كثير الكلام ، كثير الحركة ، له أحوال أصدق ما تكون ، كأحوال الأطفال .. فتعجبت وسألت من سألت .. أهذا مريض ؟! أم به أذاً من رأسه ؟ قال صاحبي : لا ..
ولكنه معلم للصفوف الأولية منذ عشرة أعوام ...
فقلت :
الحمد لله على نعمة العقل والإسلام ..
فإن مداملت الخلطة مع هؤلاء تكسب الإنسان شيئاً من طباعهم ، ولذا وصف النبي صلى الله عليه وسلم رعاة الغنم بالرحمة والشفقة ، ووصف رعاة الإبل بالقسوة والغلظة فإن لها تأثير على طباعهم ...
وكذلك رأيت أن أهل الجبال ، والتلال ، والمرتفعات ، أضيق خلقاً ، وأسرع غضباً ، وأهوج تصرفاً من أهل الأرض المنبسطة ، والسهول والرمال ..
فإن أهلها أهل هدوء ، وأهل بعد نظر ، وأكثر تثبتاً ، ونظراً في عواقب الأمور ..
وكذلك من جالس العلماء وصاحب الفطناء ، فإنه ولو لم يكن صاحب آلة ، إلا أنه يتعلم ويتفهم ...
ولقد رأيت شيخاً عامياً يحضر معنا مجالس سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله لا يفارقها أبداً إلا ما شاء الله ..
وإذا تحدث في مجلس قلت هذا من العلماء ، فالسكينة والوقار ، والتواضع ، والتثبت فيما يقول ، وينقل ، زد على هذا العلم العذب الفرات ... هذا وقد قصرت به راحلة اللغة ، والبيان والفصاحة ، فتحدث بالعامية .... ، ولكنه أفاد من مخالطته للعلماء ..
إذن فمن خالط الناس أحدثوا في شخصيته أثراً ..
وعلى قدر من تخالط يكون بناء شخصيتك ..
فإن كانت الخلطة إيجابية فإن خصال الشخصية متينة مسبوكة سبك الذهب ..
وإن كانت الخلطة سلبية فإن خصال الشخصية ضعيفة واهية أوهن من بيت العنكبوت ...
فتفقد عقلك ، وليس كل نقل ينقل ، فإن ما لا يعقل من الأخبار لا ينقل .. إلا إذا صح سنده ..
وأنت إختر لنفسك كيف يكون بناؤك الشخصي ..
وكيف تكون عقليتك ، وكيف تصوغ أفكارك ..
كل هذا قراره بيدك فاختر لنفسك ، ولا تكن كصاحبك ..
سقط في تدريس الغلمان ، فهو كل يوم يفقد جزاء من عقله ، وقد هرب عقلاء المعلمين في زماننا إلى الوظائف الإدارية ، ومن له قدره ، هرب إلى المناصب ...
هروباً من أرض الواقع المرير ، وحفاظاً على هذا العقل .. وصيانة لهذه الأمانة ... وليتني منهم ....

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
محمد اليامي
  • رسائل دعوية
  • رسائل موسمية
  • فوائد من الكتب
  • المتميزة
  • كتب دعوية
  • الصفحة الرئيسية