صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







المدن الاقتصادية .. بين خادم الحرمين و الجيوب الليبرالية!
(قراءة في تقرير اندرو هاموند)

حامد خلف العُمري

 
سبق أن ذكرت في مقال سابق (1) , كتبتُه على خلفية تقرير نشرته مجلة Newsweek الأمريكية بتاريخ 3/6/2008 و بعنوان ( الملك في مقابل الراديكاليين(, أنه من المهم لنا متابعة ما يكتب من تقارير غربية عن بلادنا , و ذكرت أن من بين الأسباب التي تدعونا لذلك :
• أن هذه التقارير (في الجملة ) وسيلة لمعرفة ما يسعى بعض الغربيين إلى تحقيقه، أو على الأقل ما يتمنون تحقيقه.
• أنها وسيلة لمعرفة نقاط الالتقاء بين الفكر الغربي وأفكار بعض التيارات المحلية.
و قد ازددت قناعة بأهمية ذلك بعد قراءة التقرير الأخير الذي كتبه مراسل رويترز, اندرو هاموند , ونشر بتاريخ 19-8-1429 , بعنوان : " جيوب ليبرالية سعودية ".
والحقيقة أن هذا التقرير يأتي مطابقاً تماماً للتقرير السابق , فالتقريران و باختصار يمكن تلخيصهما بأنهما تصور غربي للمستقبل في السعودية بناءً على شهادات و تصورات و أمنيات ما أسماه التقرير ب ( الجيوب الليبرالية ).
و كنت قد أشرت في المقال السابق إلى التعارض الكبير بين رؤية خادم الحرمين و رؤية الغربيين والليبراليين حيال الهدف من إنشاء جامعة الملك عبد الله للعلوم و التقنية , و أجد الآن أيضاً ( و بعد قراءة هذا التقرير الجديد) التعارض الكبير بين رؤيته حفظه الله و رؤيتهم حيال الهدف من إنشاء المدن الاقتصادية و تصور الوضع السائد فيها بعد الانتهاء من إنشاءها !
فقد ذكر التقرير أنه ( تتجاوز أهداف المدن الاقتصادية خلق فرص العمل إلى تخفيف قبضة المؤسسة الدينية على المجتمع ) , و كذلك يذكر أنه (في المدن الاقتصادية يتوقع الكثيرون إبعاد رجال الدين عن الحياة الاجتماعية وأماكن العمل والتعليم ( و أنه ( سيسمح في هذه المدن للنساء بقيادة السيارات وربما يسمح بإقامة دور للسينما لتصبح مراكز جديدة تضاف إلى المراكز القليلة للحرية في السعودية التي شهدت تخفيف بعض قيود الفصل بين الجنسين في السنوات الأخيرة ) .
بينما نجد أن خادم الحرمين يرى أهمية هذه المدن في دعم العملية التنموية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي في المملكة , مع التأكيد على ضرورة أن تكون مثل بقية مدن المملكة المليئة بالمساجد و العامرةً بالذكر , كما جاء في توجيهه - حفظه الله – الذي دونه في سجل الزيارات في ختام مناسبة تدشين مشروعات عملاقة في "مدينة الملك عبدالله الاقتصادية " حيث طلب - حفظه الله - "من القائمين على هذه المدينة أن يتم إنشاء مسجد في كل حي من أحيائها ليكون اسم الله يتردد في أحياء المدينة". (2) . و يأتي هذا التوجيه تأكيدا على أهمية الدور الذي يلعبه المسجد في إصلاح المجتمع و لتكون هذه المدينة واجهة حضارية و في نفس الوقت معقلا من معاقل الدعوة الإسلامية التي دأبت هذه البلاد على نشرها, و هنا يبرز تساؤل عن الخطط المستقبلية و المشاريع الدعوية التي أعدتها وزارة الشئون الإسلامية بالتنسيق مع هذه المدن .
و من المعلوم أن توجيهه حفظه الله ينبع من إيمانه بأهمية ربط أي مشروع تطويري بهوية هذا البلد المسلم , و لا ننسى تصريحه الشهير لمحطة bbc البريطانية حين سؤل : هل يمكن أن تكون السعودية دولة مختلفة تماما عما هي عليه الآن في غضون عشرين عاما؟ فأجاب: مختلفة بالمباني وبالتطورات لكن ليست مختلفة في عقولها، لأن التطور الذي دخل في عقول الأغلبية تطور مع التقيد بالأخلاق والتعاليم الإسلامية الصحيحة . (3)
و أخيراً , فإن المتابع لردود فعل المواطنين حيال هذه التقارير يلمس قدراً كبيرا من الانزعاج و التخوف , و هنا يبرز سؤال هام : ما الذي يدفع بعض المنتمين إلى هذه البلاد ( و خاصة من وردت أسماءهم في هذه التقارير ) إلى محاولة تجاهل الرؤية الحكيمة لخادم الحرمين ,و السعي إلى إثارة البلبلة عبر التصريح لوسائل الإعلام الغربية بتصريحات تناقض تصريحاته ؟
هل يعد ذلك مجرد أمنيات ؟ أم هل هي من قبيل التوطئة و التمهيد لأمر يراد و لم يطلع عليه سواهم؟
تساؤلات لا يملك الإجابة عليها سوى تلك ( الجيوب الليبرالية ) الذين وردت أسمائها في هذه التقارير !


--------------------------------------
1) جامعة الملك عبد الله.. صرحٌ للتطوير أم أداةٌ للتحرير؟! (قراءة في تقرير Newsweek الأمريكية)
2) صحيفة الرياض _ الخميس 8جمادى الآخر 1429هـ -12 يونيو2008م - العدد 14598 .
3) موقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC، الاثنين 29 أكتوبر 2007.
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
حامد العُمري
  • المقالات
  • القصائد
  • الصفحة الرئيسية