صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الروافد الوثنية للثقافة اليهودية

محمد بن حسن المبارك

 
الحمدلله رب العالمين ، و العاقبة للمتفين ، و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين ، و لا عدوان إلاَّ على الظالمين الملحدين ، أتباع الشياطين .

و بعد فهذا بحث مختصر عن الأصول و الروافد الثقافية التي يستمد منها الفكر اليهودي أبجدياته و أدواته المعرفية ، و هذا الموضوع على وجازته هو خلاصة عدة قراءات ، و كذلك عِدَّة أبحاث كنت قد تناولت فيها الفكر اليهودي من عدَّة نواحي .
فعند مراجعة التاريخ اليهودي ، نجد أن بني إسرائيل الذين كانوا يتصفون بميلهم إلى الوثنية اعتمدوا على عدة روافد لتلك الثقافة الوثنية ، لا سيما من خلال الثقافنين اللتين عاصرتاها و امتزجتا بها ، و هما: الثقافة الفرعونية المصرية القديمة ، و الثقافة البابلية .

أولاً : في مصر القديمة :

لا شك أن بني اسرائيل خلال وجودهم في مصر تأثَّروا كثيرا بالثقافة الوثنية التي كانت سائدةً هنالك ، إلاَّ أنهم و بعد خروجهم من مصر استرفدوا الكثير من المعطيات الوثنية لدى المصريين القدماء ، محاولين بذلك إدخاله على دينهم اليهودي الذي اختلطت به وثنيات و أساطير كثيرة، فقد عرفوا تقاليد كابالا المصرية القديمة ونقلوها من جيل إلى جيل كتعاليم شفوية .
فالحضارة الفرعونية المصرية تعد من أقدم الحضارات الإنسانية، وكان الفراعنة على رأس السلطة،حيث يحكمونها بمطلق القسوة و الدكتاتورية ، ثم يأتي فريقان مهمان كانا يحيطان بفرعون ، وهذان الفريقان هما "الملأ" المذكور في القرآن الكريم .

و هما:
ـ الجيش والذي يمثل القوة المادية لفرعون.
ـ السحرة أو الكهان، و الذين كانوا يمثلون الفكر والفلسفة التي يعتمد عليها فرعون، مع اشتغالهم بالسحر أيضاً و تأديتهم لطقوس سحرية معينة من السحر الأسود ، بالإضافة إلى اشتغالهم ببعض العلوم الطبيعية كعلم الفلك والرياضيات والهندسة .
و قد تكونت خلال هذه الحضارة الطوطمائية قاعدة هائلة من الثقافة السحرية السوداء ، وقد انتقلت تلك الثقافة تدريجياً الى بني اسرائيل من خلال إقامتهم عدة قرون في مصر ، و تشكَّلت في تعاليم كهنوتية و فلسفية و سحرية عُرفت في التاريخ اليهودي فيما بعد بثقافة الكابالا ، و التي قاموا من خلالها بنقل التراث الوثني لمصر القديمة إلى الأجيال الأخرى .

و قد تأثَّر بنو اسرائيل بالثقافة المصرية القديمة من خلال عدة محاور :

1ـ نقل الوثنية المصرية إلى التوراة مما أدَّى بهم بالطبع إلى التحريف الكامل للتوراة ، و لا يمكننا فهم هذه الظاهرة وهي ظاهرة اشتياق بني إسرائيل للأوثان ولعبادة العجل، مع توالي دعوة التوحيد اليهم من خلال أنبياء كثر ، بدءاً بإسحاق ويوسف عليهما السلام وانتهاء بموسى عليه السلام ؟ و لكن يمكن تفسير هذه الظاهرة بتأثير الجو الوثني الذي عاشوا فيه مئات السنين ، و الذي كان قد أثر فيهم تأثيراً بالغاً .
ونستطيع أن نشير إلى أمثلة عديدة لتسلل الفلسفة الوثنية والنظرة الوثنية اللاهوتية إلى التوراة.
أـ حيث أضيفت صفات إنسانية وأنواع من الضعف الإنساني إلى الله تعالى ، مثل تعب الله بعد خلقه العالم واستراحته في اليوم السابع، وقيام يعقوب عليه السلام بالمصارعة مع الله وتغلبه عليه، تعالى الله عمَّا يقول الظالمون علواَّ كبيرا ، و كذلك تصوير (يهوه) وكأنه إله بني إسرائيل فقط وليس رباً للعالمين كما كان اعتقاد الفراعنة المصريين بآلهتهم .
ب ـ نقل عبادة العجل المسمَّى الإله هاثور عند المصريين الى الديانة اليهودية
، وكان العجل (الإله هاثور) معبوداً لدى المصريين كما هو معلوم ، و يُعَدُّ رمزاً لعبادة الشمس ، يقول الباحث "ريتشارد ريفز" في كتابه "مدة طويلة تحت الشمس"
: "لقد كان الثور و البقرة أي "هاثور" و"أبيس" من آلهة مصر القديمة ورمزين لعبادة الشمس وكانت عبادة المصريين لهذين الإلهين لا تعد إلا جزءاً صغيراً من التاريخ الطويل لعبادة المصريين الشمس".
لذا فإن بني إسرائيل الذين عاشوا قلة مستضعفة في هذا المجتمع الوثني تأثروا بشكل شعوري ولا شعوري بهذا الجو الوثني فما إن رأوا بعد خروجهم من مصر قوماً يعبدون العجل حتى طلبوا من موسى عليه السلام أن يجعل لهم إلهاً مثل آلهة أولئك ، فلما غضب موسى عليه السلام من هذا الطلب. وذكرهم بنعم الله تعالى عليهم طلبوا منه حسب ما أملته عليهم ثقافتهم الوثنية أن يروا الله جهرة.
قال تعالى : وإذ قلتم يا موسى" لن نؤمن لك حتى" نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون 55 (البقرة).
أي كان من الصعب عليهم تصور إله لا يرونه ولا يستطيعون لمسه لأن المجتمع الوثني الذي نشأوا فيه وهم قلة مستضعفة حفر في أذهانهم وقلوبهم فكرة الإله المرئي الملموس ، لذا فقد كان الانحراف عن دين التوحيد أسهل لدى معظم بني إسرائيل بعد وفاة موسى عليه السلام .
ج ـ و قد انتشرت عبر الثقافة اليهودية ظاهرة عبادة الشيطان التي كان لها بعض الانتشار في الحضارة المصرية القديمة ، و هي مبنية على الاسطورة الفرعونية القديمة و المشهورة في تلك الحضارة ، و المعروفة باسطورة إيزيس و أوزوريس ، و قد كُتبت حوالى عام 4000 ق . م و هى كأغلب الأساطير المصرية القديمة لها علاقة وثيقة بالمُعتقدات الدينية و بعبادة الشمس و تقديس نهر النيل .
- و تقول الأسطورة أن أوزوريس هو إبن إله الأرض الذى ينحدر من سلالة إله الشمس رع ، و قد أصبح أوزوريس ملكاً على مصر و علم شعبها كيف يزرع و كيف يصنع الخبز و النبيذ ، و تزوج أوزوريس من أخته إيزيس و تعاونا سوياً لنشر الحضارة فى البلاد .
و كان أوزوريس محبوباً لدى شعبه و أثار هذا الحب حقد أخيه "ست " الذى أخذ يُفكر فى التخلص من أخيه و الإستيلاء على عرشه ، و إستطاع سِت التخلص من أوزوريس .
و بعد طول عناء إستطاعت إيزيس هذه الزوجة الوفية بمعونة بعض الآلهة و بسحرها إعادة أوزوريس إلى الحياة الأبدية و أصبح أوزوريس إلهاً بعد بعثه و عاد مرة أخرى إلى الأرض حيث قام بتعليم إبنه ( حورس ) و مساندته ضد عمه ( ست ) و إستطاع حورس فى النهاية التغلب على عمه و الإستيلاء على عرش أبيه .
و أصبح أوزوريس رمزاً لإله الخير بينما أصبح ست أو "سيتان" رمزا لإله الشر أو الشيطان ، و انتشرت عبادة كلا الإلهين في الحضارة المصرية القديمة .
و الغريب أننا نجد أثرا كبيرا للتراث اللفرعوني الوثني خلال الفكر اليهودي ، إذ أن التراث اليهودي يختزل هذه الأسماء الوثنية ، بل و تنتشر عبادة الإله "ست" من خلال تعاليم الكابالا اليهودية .

فمن مظاهر ذلك التأثُّر بالتراث الفرعوني :

ـ تنبؤات المنجم الفرنسي اليهودي الأصل و المنشأ (ميشيل نوستراداموس) ـ المولود عام 1503م / 1566 م ـ و التي اشتهرت في القرن السادس عشر الميلادي و التي ضمّنها كتابه "القرون " و الذي عرِف فيما بعد بتنبؤات نوستراداموس ، و نشر لأول مرة في عام 1555 ميلادية .
و لكن تلك التنبؤات كانت تتكئ على ارث فرعوني قديم انتقل عبر الكبسولة الزمنية اليهودية المسمَّاة بالكابالا ، و كان ميشيل نوستراداموس قد أتقن على جده الحاخام اليهودي اللغات اللاتينية و الإغريقية و العبرية و أصول الرياضيات و الطب ، و أهتم بصفة خاصة بالتنجيم ، ثم درس الحضارة المصرية القديمة وكان على معرفة واسعة بتاريخها وبآلهة الفراعنة وعلوم السحر التي كانوا أشهر العارفين بها.
ولقد كتب نوستراداموس التنبؤات على شكل مقاطع شعرية من أربعة أبيات مبهمة المعاني ومليئة بمختلف المصطلحات من لغات متعددة مثل اللاتينية و البروفنسالية و الإيطالية وغيرها ... ولقد احتوى كتاب ( القرون ) على بعض التنبؤات من ستة أبيات شعرية و سماها ( السداسيات ) و أخرى سماها ( الإنذارات ) .
و قد اعترف نوستراداموس بنفسه أنه لم يرفع عينيه عن كتاب قديم اسمه "أسرار مصر" وهذا الكتاب من تأليف يامبليخوس اليوناني، وقد ذكر أنه وجد في هذا الكتاب علماً لم يعرفه أحد، وأن كتاب "أسرار مصر" ليس إلا أسرار الكرة الأرضية وأنه يستطيع عن طريق هذا الكتاب أن يعرف ما الذي سوف يجري على الجبال وفي الأنهار وفي المدن وفي المعابد كلها!
، و نحن نعلم أن هذه النبوءات أقرب الى الخرافات منها الى الواقع ، و أنها تحتفُّها أنواع التأويلات لا سيما أنها كُتِبت بلغةٍ رمزية ، فقد استعمل طريقة الجناس التصحيفي أي تغيير أماكن الحروف في الكلمة أو حذف أو تغيير حرف أو حرفين منها أو استخدام الأسماء القديمة و المنسية للمدن و الدول التي كان يعنيها في تنبؤاته و ذلك لإخفاء المعنى عن العامة من الناس و لقد قام بكل هذا حتى لا يقع في قبضة محاكم التفتيش التي كانت تحرق كل من يدّعي بمعرفته الكهانة و السحر ، و لقد ساعدته واستعانت به الملكة كاترين دي مديتشي ملكة فرنسا مما ساعده في نشر كتابه دون خوف من محاكم التفتيش ولكنه أبقى على الترميز فيه و استمر في البلاط الفرنسي إلى أن مات سنة 1566 ميلادية .
، إلاَّ أن تلك النبوءات زيد عليها أمثالها خلال طبعاتها المتلاحقة .
و لكن لا نستبعد أن يكون بعضها من بقايا علوم المنجمين المصريين التي جمعوها خلال عدة آلاف من السنين ،كما اعترف نوستراداموس نفسه بذلك ، لا سيما أن ذلك الزمن قبل حراسة السماء بالشهب عن المسترقي السمع من الجن .
قال تعالى في كتابه الكريم ـ على لسان الجن ـ: { وانا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا * وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا } سورة الجن – (آية 8 ، آية 9) .
ـ و من مظاهر التأثر اليهودي بالموروث الفرعوني كثير من الرموز الفرعونية و الممارسات الماسونية التي ترمز لتلك الحقة التاريخية ، و التي تعج بها تلك المحافل السرية اليهودية .
ـ و من مظاهر التأثر اليهودي بالموروث الفرعوني أن أول محفل ماسوني افتتح في مصر كان يحمل اسم "ايزيس" الإله الفرعوني .
2 ـ إدخالهم بعض تعاليم سحرة فرعون أو من عُرِفوا "بكهنة آمون" في التوراة، أي تأثر حاخامات اليهود بتعاليم كابالا ونقلوا بعضها إلى التوراة وبعضها كتعاليم شفوية نقلت من جيل إلى آخر.
يقول الكاتب البريطاني "ناستا ه. وبستر" "على الرغم من قيام تعاليم موسى (أي التوراة) بلعنة السحر إلا أن اليهود تجاهلوا هذا اللعن، وتورطوا في هذه التعاليم السحرية وخلطوا تقاليدهم المقدسة بالأفكار والتعاليم السحرية التي اقتبسوها من الأمم الأخرى"(6).
وكانت فلسفة كابالا قائمة على أساس أن الكون تشكل بنفسه وتطور تلقائياً بعوامل المصادفات العشوائية. يقول مؤلفا كتاب "مفتاح حيرام":
"كان المصريون القدماء يؤمنون بأن المادة كانت موجودة منذ الأزل، حيث أن الدنيا وجدت بولادة النظام من رحم الفوضى والعماء و الظلام (وهو نفس ما كان يعتقده السومريون أيضاً)... وكان لهذه الهاوية قوة داخلية ثم أمرت هذه القوة الخالقة نفسها ببدء النظام. ولم تكن هذه القدرة السرية الموجودة داخل المادة في هذه الفوضى على وعي بذاتها... كانت هذه القوة احتمالاً من الاحتمالات وقوة ظهرت من رحم الفوضى نتيجة مصادفات عمياء".
والمذهل في الأمر أن هذه الفلسفة المصرية الوثنية هي الفلسفة المطروحة في أيامنا الحالية من قبل أنصار "نظرية التطور" و"نظرية الفوضى" لا سيما في مجموع طروحات ماركس و دارون مع الفلسفة الهيغلية ... فتأمل!
ويتابع مؤلفا كتاب "مفتاح حيرام" شرح هذه الفلسفة المصرية الوثنية كما يأتي: "..والغريب أن هذا التعريف للخلق يتطابق تماماً مع النظرة الحالية للعلم الحديث ولا سيما مع "نظرية الفوضى" من ناحية تطور الأنظمة المختلطة والمشوشة رياضياً مكررة نفسها رياضياً ونتيجة للنظام"(3).
وعلى الرغم من أن قصة الخلق الواردة في التوراة تختلف تماماً عن هذه الفلسفة الوثنية، إلا أنها مع ذلك سرت إلى الدين اليهودي. يقول السيد مراد وزكن "وهو ماسوني تركي": "... إن أهم شيء في تعاليم "كابالا" الذي ظهر قبل التوراة بزمن طويل هو يتعلق بنشوء الكون، فهو على عكس الأديان المعترفة بالخلق مختلف عن قصة الخالق، فحسب نظرة الكابالا ولدت موجودات مادية ومعنوية في بداية الخلق ما يدعى ب"الدوائر" أو "الأفلاك" أطلق عليها اسم (سفيروت). ومجموعها 32 دائرة أو فلكٍ، يعود عشرة منها إلى النظام الشمسي والباقي إلى المجموعات النجمية الأخرى. ويتبين من هذا وجود علاقة قريبة بين هذا النظام العقائدي وبين علم الفلك القديم"(5).
إذن فنظرية التطور الحالية وصلت الينا عن طريقة ثقافة الكابالا التي تعود إلى جذورها في الفلسفة المصرية الوثنية القديمة ، و بذلك نعرف طبيعة الجهات التي تقف وراء الدفاع عن نظرية التطور على الرغم من تهافتها علمياً !
ثانياً = في بابل القديمة :
في الألفية الخامسة ق.م كانت بداية الحضارة السومريية في بلاد الرافدين ، حيث كون السومريون العبِيديون بجنوب العراق االمدن السومرية الرئيسية كأور عاصمة "بابل" ونيبور ولارسا ولجاش وكولاب وكيش وإيزين وإريدو و أد .
و اشتهرت بابل في ذلك الوقت بممارسة كثير من الطقوس و التعاليم السحرية ، ففي تلك الفترة تقريباً ـ على الأظهر ـ أنزل الله الملكين هاروت وماروت بمدينة بابل لتعليم الناس السحر ابتلاءً من الله عز وللتمييز بين السحر والمعجزة ، حتى يتبين للناس صدق الرسل و الأنبيا و كذب الدجاجلة و السحرة ، و في إنزال السحر على يد الملكين في بابل يقول الله تعالى عن اليهود الذين جاؤوا من بعد نزول الملكين "هاروت و ماروت" بِمُددٍ طويلةٍ :
{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102].
و انتشر السحر في بابل القديمة منذ أيام السومريين ، و بما أنه من المشهور تاريخيا أن السحر بدأ في بلاد فارس في الألف الخامسة قبل الميلاد على يد كاهن يسمى "زورستر" ويعتبر هذا الساحر واضع طرق السحر وأسسه التي سار عليها الكنعانيون والمصريون والهنود وغيرهم ، فالأرجح أن يكون زورستر قد أخذ ذلك عن أهل بابل ، إذ ان البابليين السومريين "العبيديين هاجروا الى مرتفعات ايران بسبب الفيضانات السنوية التي كانت تهدد حياتهم ومزروعاتهم ونقلوا معهم تقاليدهم في بناء المنازل . و استمرت 400 سنة حتى انحسرت مياه الفيضان عن جنوب وادي الرافدين .
و في القرن العشرين ق.م ، و في عهد الكلدانيين عاش إبراهيم الخليل عليه السلام ، و كان السحر قد استشرى في أهل بابل حتى ضرب المثل في إتقان السحر بحكماء و كهنة و سحرة بابل ، الذين كانوا قوماً صابئين يعبدون الكواكب السبعة ويسمونها آلهة ، ويعتقدون أن حوادث العالم كلها من أفعالها ، وعملوا أوثاناً على أسمائها ، وجعلوا لكل واحد منها هيكلاً فيه صنمه ، ويتقربون إليها بضروب من الأفعال على حسب اعتقاداتهم من موافقه ذلك للكوكب الذي يطلبون منه بزعمهم إليه بما يوافق المشتري من الرُّقى والعُقَد والنفث فيها ، ومن طلب شيئاً من الشر والحرب والموت والبوار لغيره تقرب بزعمهم إلى زحل بما يوافقه من ذلك ، ومن أراد البرق والحرق والطاعون تقرب بزعمهم إلى المريخ بما يوافقه من ذبح بعض الحيوانات .
و قد اتخذت تلك الاساطيرو الخرافات السومرية والبابلية و ما خالطها من الشعبذات و الطلاسم و الممارسات السحرية عدة امتدادات دينية و عرقية خلال مساراتها التاريخية ، و للتأمُّل يلاحظ ـ مثلاً ـ أن طقوس التعميد ـ و هي طقوس تنشأ في المجتمعات التي تعيش على ضفاف الأنهار الكبيرة كنهر الغانج في الهند ، و كذلك الحضارات القديمة في بلاد الرافدين ـ قد تسربت إلى كل من الصابئة و اليهود و النصارى مع كثير من الطقوس و التعاليم الطوطمائية عن طريق الثقافة البابلية .

و من تلك الامتدادات التاريخية الشهيرة :

1ـ الامتداد التاريخي من خلال تلك الحضارات المعاصرة أو التالية للحضارة البابلية كالحضارة الفرعونية مثلا و كذلك الفينيقيين و التدمرييين .
2ـ الامتداد المندائي من خلال فرقة الصابئين المندائيين ، و التي تسربت عبرها كثير من تلك الطقوس و التعاليم ، و إن كان أكثرها ينحصر في عالم الأفلاك و مخاطبة النجوم ، و الذي اشتهرت به تلك الطائفة ، و قد انتقلت بعض تلك المارسات إلى بعض الطوائف الاسماعيلية .
3ـ الامتداد التوراتي في الديانة اليهودية من خلال الشروحات التلمودية للتوراة .
4ـ الامتداد التوراتي في الديانة االنصرانية من خلال شروحات العهد الجديد "الانجيل" ، و هذه أقل الامتدادات ، و إن كانت نظهر جليا في الطائفة السريانية " الآرامية" .
5ـ الامتداد التوراتي من خلال الطائفة القبالية "طائفة الكابالا" في الديانة اليهودية و كتابها الأسود المعرروف بـ "الزوهار"، و هي محلُّ بحثنا هذا .
و الكابالا فرقة أو مذهب يهودي يقوم على تفسيرات باطنية للأفكار التلمودية من التعاليم الغيبية و الروحانية والتي تشتمل على السحر والممارسات الصوفية ، ولا يرفض اليهود هذه التعاليم ، بل يعتبرونها الحلقة الداخلية التي لا يكشف عنها "للأغيار" والتي تعبر عن التقوى والولاء في ديانتهم.
وقد سميت أول أمرها: الحكمة المستورة، ومن ثم بات اسمها القبالة؛ والكلمة من أصل آرامي ومعناها القبول أو تلقي الرواية الشفهية ، و قد تأثرت القبالة بفلسفات هندية وفارسية ويونانية إشراقية، كما أنها أخذت بفكرة الانتظار. ومن أهم الشخصيات التي كونت الخطوط العريضة للكابالا : سمعان بن يوشاي من القرن الثاني الميلادي، وقد اختفى عن الأنظار مدة في مغارة ومن ثم خرج عليهم ليقول: إن أسراراً قد كشفت له، وأنه قد حصَل له شكلٌ من الكشف أو الإلهام ، ثم عادت مواثيق و أفكار طائفة القبالة لتشق طريقها بقوة بين اليهود بدءاً من القرن الثالث عشر الميلادي، مما أنتج مجموعة من التعاليم و النصوص التي جمعت ـ فيما بعد ـ في كتاب سموه: "زوهار" و الذي يضم ذروة فكر الكاباليين .
والزوهار كلمة آرامية معناها النور أو الضياء، و قد قام بتدوين "الزوهار" بالآرامية حينذاك موسى اللبوني (1250 م ـ 1305 م ، ـ في اسبانيا ـ في صيغة تعاليق على الكتاب المقدس إلا أن قسماً كبيراً من هذه النصوص تعود إلى القرن الثاني الميلادي مع سمعان بن يوشاي ، و يوجد مركز "الكابالا"الآن في لوس انجلوس ، كما يقيم الزعيم الروحي لطائفة الكابالا الحاخام فيليب بيرغ في مدينة نيويورك.

اليهود ورثة سحر بابل :

لم يشتغل أناس بالسحر مثلما اشتغل بنو إسرائيل، اليهود، على مدار تاريخهم منذ موسى عليه السلام ، رغم أن الله عز و جل حرم عليهم الاشتغال بالسحر ، كما في توراتهم ، إذ قبل موسى عليه السلام كان بنو اسرائيل وثنيين ، يعبدون تماثيل من حجر أو خشب، حتى أنهم عبدوا العجل في وقت موسى عليه السلام ، وكانت الشياطين تكلم الناس وهم لا يرونهم ويتلبسون بهم ويصرعونهم ، فكان بنو اسرائيل يستغيثون بالتماثيل و كهنتها ، ويطلبون من القائمين عليها عمل أي شيء يشفيهم من أمراضهم، ولما ازداد اعتقاد الناس فيهم ادعى الكهنة أنهم يعلمون الغيب ويحددون ويعرفون مواقع النجوم وقادرون على تغيير النحس الى السعد وطرد الأرواح الشريرة المتلبسة الأجساد ، مما روج كثيرا للسحر بين بني اسرائيل .
وفي عهد سليمان عليه السلام كان السحر متفشياً في بني اسرائيل ، فجمع سليمان كتب السحر والكهانة ودفنها تحت كرسيه ، فلم يستطع أحد من الشياطين أن يدنو من الكرسي فلما مات سليمان ، وذهب العلماء الذين يعرفون الأمر ، جاء الشيطان في صورة إنسان فقال لليهود ، هل أدلكم على كنز لا نظير له ؟ قالوا نعم ، قال : فاحفروا تحت الكرسي فحفروا – وهو متنح عنهم – فوجدوا تلك الكتب ، فقال لهم : إن سليمان كان يضبط الإنس والجن بهذا ، ففشا فيهم أن سليمان كان ساحراً ، و لذلك لما نزل القرآن بذكر سليمان في الأنبياء ، أنكرت اليهود ذلك ، وقالوا إنما كان ساحراً ، فنزل قوله تعالى : ( وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ) سورة البقرة – الآية 102 .
و في السبي البابلي ازداد اشتغال بني اسرائيل "المسبيين" بالسحر لِما رأوا من ضيق العيش بعد أن كانوا في سعة من المال ، فتعلموا أعمال السحر والتنجيم من البابلين ، بل زادوا عليهم في ذلك ، فكانوا يعملون هناك في السحر ، كما احتالوا على أهل بابل بأن زعموا : أن نبي الله سليمان عليه السلام كان يسخر الجن ـ بكتاب في السحر ـ في بناء التماثيل والمعابد والمدن ، ولم يبينوا لهم أن الله عز و جل هو الذي سخر الجن لنبيه عليه السلام.
ثم وضع اليهود كتبا شحنوها بالسحر مثل التلمود و شروحاته المختلفة ، و كذلك كتاب الزوهار الخاص بالقبالة ، و هو في أنواع السحر التي استقوها من البابلييين و كذلك من تاريخهم الوثني ، بل زوَّروا مزمورا خاصاً بعمل السحر أدرجوه في المزامير ففي سفر الزبور "مزامير داود" الموجود في "الكتاب المقدس" المنسوب الى داود عليه السلام وهو عبارة عن مائة وخمسين قطعة تزيد واحدة فيكون العدد مائة وإحدى وخمسين و هذا المزمور الزائد خاص بالسحر و لا توجد هذا المزمور الزائد رقم 151 إلاَّ في النسخة القبطية .و قد انتقلت كثير من الميثولوجيا و الأساطير و العقائد الوثنية مع السحر من البابليين إلى بني اسرائيل ، و قد أشار القرآن الكريم إلى تأثر اليهود بمن كان قبلهم في قوله تعالى :{وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بافواههم يضاهؤون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله انى يؤفكون } سورة التوبة - سورة 9 - آية 30.

البابليون القدماء و عبادة الشيطان :

عبادة الشياطين ـ في حقيقة الأمرـ قديمة قدم الشرك ، و قدم الديانات الوثنية نفسها ـ، إذكانت موجودة منذ تحوَّل الناس عن الحنفية التي نزل بها آدم عليه السلام إلى الشرك و اتخاذ الأنداد من دون الله .
و عبادة الشياطين لها جذور في معظم الحضارات القديمة و التي كانت في الغالب حضارات وثنية ، حيث تتطلب الممارسات الوثنية و من الكهنة طقوساً سحرية خاصةً تقدم لعالم "الأرواح الشريرة" للاستعانة بهم في تحقيق مرادات الكهنة و مرتاديهم ، و بالتالي نستطيع أن نستنتج بداية تاريخ هذه العبادة من خلال تاريخ السحر نفسه .
أمَّا بالنسبة إلى عبادة إبليس نفسه لكونه رمزا لغلبة الشر المحض ، فقد أشار القرآن الكريم إلى عبادة الشيطان في عدة مواضع ، قال تعالى : { ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين} .

ـ و من أقدم ما ذكر في تاريخ هذه النحلة الشيطانية :

1ـ ما كان في بابل و أشور، حيث تذكر الأساطير البابلية و الآشورية أن هناك آلهة للنور وآلهة للشر ، و أنهما كانا في صراع دائم، وعندما يخاطب إبراهيم عليه السلام والده ـ ناصحاً له ـ فإنه يقول له: {يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا} .
هذه الآيات وغيرها دليل على وجود عبادة الشيطان منذ القدم ، لا سيما لدى البابليين .
2ـ و يبدو أن البداية المعتمدة أو الجذور المعروفة لهذه الديانة ترجع إلى أرض فارس، حيث بدأت عبادة شياطين الليل المفزعة ، ثم تطورت لتعبر عن مطلق الشر ، ثم تطورت ـ مرةً أخرى ـ لتعبر عن الشر بالظلمة، والخير بالنور، من خلال العقائد الثنوية التي كانت تؤمن بإلهين ؛الأول إله النور الفاعل لكل ما هو خير ؛ والثاني إله الظلمة الفاعل لكل ما هو شر و هو الشيطان ؛ و يقتسم ـ في زعمهم ـ الإلهان السيطرة علي الكون .
وتفرض المثنوية لإله الشر في بعض الأزمنة سلطانا أكبر من سلطان إله الخير على الأرض ، فترى أن النور و الخير منفردان بالسماوات ، و أن الظلمة و الشر غالبان على الأرضين.
و تقوم سلسلة الديانات الفارسية "الثنوية" على معتقد أن العالم مركب من أصلين "اثنين" قديمين أحدهما النور والآخر الظلمة، و من الديانات الثنوية الزرادشتية و المزدكية ، وكذلك المجوسيبة التي تعبد النار بصفتها معدن الشيطان و أصله .
، و تبعهم في ذلك طوائف عدة تعبد الشيطان منها الشامانية والمانوية ، و اللتان تؤمنان بقوة إله الشر و الظلمة "الشيطان" وتعبدانِه ، ومازال لهما بعض الأتباع في أواسط آسيا يقدمون له الضحايا والقرابين
3 ـ كما تسللت كثير من العقائد اليهودية إلى المسيحية ، و ذلك حينما انتشرت فكرة عبادة الشيطان في التراث اليهودي من خلال ثقافة "الكابالا" ، و من ثَمَّ عبرت عن طريقها إلى المسيحية من خلال بعض الأفكار الغنوصية التي صاحبت انتشار المسيحية في اوربا ، و التي ترى في العالم أنه في الحقيقة هو الجحيم المطلق, وأنه عالم الشر ولا يمكن أن يخلقه إله خير , وهم يعتبرون أن كل القصص التي تتحدث عن الخلق في الديانات السماوية مغلوطة ، و لَمَّا كانت المسيحية نفسها لا تنفي غلبة الشيطان على العالم الأرضي ، أدَّى ذلك إلى تكريس فكرة عبادة الشياطين اتقاءً لشرها المزعوم ، و التي ترتكز على وجود عالمين ، عالم الملكوت و يسيطر فيه أله الخير ، و عالم الكهنوت و يسيطر فيه إله الشر و هو الشيطان
4ـ كما يجدر بالملاحظة أن المسيحية دخلت آسيا و أوربا الشرقية و عشائرها مؤمنة بالسحر والشياطين ؛ فاختلطت المسيحية هنالك بكثير من عقائد تلك الشعوب من اثبات تغلب الشياطين و مشاركتهم في حكم العالم السفلي و مدافعتهم لإرادة الرب . "تعالى الله عما يقول الظالمون علوا عظيما " .
5ـ كما ظلت نحلة " البيوجوميل" ( النحلة الشيطانية) غالبة على عشائر البلغار و البلقان لعدة قرون .
كما يرجع البعض أسباب شيوع هذه النحل الشيطانية في الفترة التي كانت المسيحية في توهجها الأول إلى موقف المسيحية نفسها من تعظيم قدرات الشيطان ، بالإضافة لانتشار المظالم الاجتماعية ؛ وتفسيرها بأنها من ثوابت القدر ، مما دعى البعض إلي الكفر ـ عياذاً بالله ـ بالإله السماوي ؛ والإقبال علي عبادة الشيطان المتمرد .
6ـ أمَّا في القرون الوسطى، فظهرت في أوروبا عدة جماعات تتخذ من الشيطان إلها ومعبوداً ، منها جماعة "فرسان الهيكل" اليهودية ، و التي ظهرت في فرنسا، وكان لها اجتماعات ليلية مغلقة تبتهل فيها للشيطان، وتزعم أنه يزورها بصورة امرأة، وتقوم هذه الجماعة بسب المسيح وأمه وحوارييه، وتدعو أتباعها إلى تدنيس كل ما هو مقدس ، و تعتبر جماعة "فرسان الهيكل " طوراً من أطوار الماسونية العالمية .
وكان فرسان الهيكل يتميزون بلبس قميص أسود يسمونه "الكميسية". وقد انتشرت هذه الجماعة في فرنسا وإنجلترا والنمسا، ثم اكتشفتها الكنيسة، وقامت بحرق مجموعة من أتباعها، وقتلت زعيمها ما بين عامي 1310ـ 1335م، وقد قالت إحدى عضوات هذه المجموعة قبل حرقها: "إن الله ملك السماء، والشيطان ملك الأرض، وهما ندّان متساويان، ويتساجلان النصر والهزيمة، ويتفرد الشيطان بالنصر في العصر الحاضر".
7 ـ وفي القرن الرابع عشر أيضاً ( و حين انتشر الطاعون في أوروبا وقتل ثلث سكانها) ارتد عدد كبير عن المسيحية وعبدوا الشيطان بدعوى أنه اغتصب مملكة السماء (سبحانه وتعالى عما يصفون) ..
8 ـ ثم ظهرت عدة جماعات مشابهة بعد ذلك، أخذ بعضها يمارس تعذيب الأطفال وقتلهم، وقد خطف لهذا الغرض مئات الأطفال بين عامي 1432ـ 1440م، والبعض الآخر أخذ يقوم بتسميم الآبار والينابيع مثل "جمعية الصليب الوردي".
9ـ وفي القرن السابع عشر ظهرت جمعية تسمى "ياكين" تمارس الطقوس نفسها، وقد أعدم منها فوق الثلاثين فرداً.
10ـ ثم ظهرت جمعيات أخرى مثل: الشعلة البافارية، و الشعلة الفرنسية، وأخوة آسيا.
11ـ وفي 1770، أسس الألماني المتصهيِن آدم وايزهاويت مذهباً مشابهاً باسم "النورانيين" أو "حملة النور الشيطاني"، وقد أغلقت حكومة بافاريا محافل هذا المذهب سنة 1785، وحظرت أي نشاط لها، ثم اختفت هذه الأفكار لتعاود الظهور في منتصف الأربعينات من القرن العشرين .
12ـ و ظلت طوائف الشيطان في دائرة الظل حتى تم الاعتراف بها - لأول مرة - بشكل رسمي وعلني في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1966، و ذلك حين تحولت أول كنيسة إلى عبادة الشيطان في سان فرانسيسكو تحت حماية قانون كاليفورنيا لحرية الأديان (الذي صدر في نفس العام). وقد أنشأها قس مرتد يدعى انطوان لافي ارتد عن النصرانية وادعى انه عقد اتفاقا مباشرا مع الشيطان لتبجيله وعبادته.
13ـ وفي السنوات التالية تشكلت أعداد أخرى من الكنائس «الإبليسية» و اتخذت شعارات مضادة لعبارات الانجيل ؛ فعلى سبيل المثال بدلا من «طوبى للضعفاء سيرثون الأرض» هناك «طوبى للأقوياء سيدمرون العالم» وبدلا من « من ضربك على خدك الأيمن أدر له خدك الأيسر» هناك «من ضربك على خدك الأيمن حطم فكه الأيسر».. كما ألغت «التعاليم العشرة» وشجعت على ممارسة «الخطايا العشر» كالقتل والكذب والسرقة والاغتصاب..!.
14ـ و تعتبر الولايات المتحدة مهد الطوائف الشيطانية الحديثة ، فبالإضافة للكنائس المنحرفة هناك معابد وثنية صرفة يحميها القانون (ظهر أولها بشيكاغو في نهاية الستينيات ويقدر عددها اليوم بالآلاف.
15ـ وهناك طوائف وجمعيات لا تحصى لممارسة السحر الأسود والشعوذة الشيطانية - أكبرها بزعامة امرأة تدعى سيجل ليبك تدعي أنها بالاصل ساحرة ولدت عام 1134 م .
16ـ وحاليا يوجد في المدن الأمريكية مكتبات ومراكز متخصصة لتزويد الجمهور بما يحتاجونه لعبادة الشيطان و ممارسة السحر والاتصال بالجان ـ بمباركة يهودية ـ . فهناك مثلا محلات نيو ايجز التي تنتشر - كمحلات الهامبرجر - في كل مكان وتبيع كل ماله علاقة بالسحر والشعوذة وعبادة إبليس. ويعتبر المركز الميتافيزيقي في سان فرانسيسكو من أكبر المراكز المتخصصة في عبادة الشيطان ويحقق شهريا أكثر من 200,000 دولار نظير بيع وتأجير «المراجع الروحية» وبيع التعاويذ والأبخرة والأعشاب والكرات البلورية!.
17ـ و مؤخراً بدأت هذه الممارسات تزدهر علنا في دول أوروبية كثيرة. ففي إنجلترا مثلا هناك تسعة ملايين شخص ينتمون إلى كنائس الشيطان - ومثلهم تقريبا في ألمانيا وإيطاليا. وفي فرنسا هناك مجلة وبرنامج خاص لعبدة الشيطان تقدمه عرافة تدعى «مدام سولي». وفي سويسرا وإيطاليا والنمسا يمارس آلاف الأشخاص بانتظام ما يسمى بالقداس الأسود عند اكتمال البدر..
18ـ كما أعلن المتحدث الرسمي للجيش البريطاني مؤخرا تعيين الرقيب البحري كريس كرانمر رئيسا للطائفة الشيطانية ، وهذا الاعتراف يعني أحقية الأعضاء في هذه الطائفة بممارسة شعائرهم الدينية وإقامة صلواتهم الخاصة - بل ودفن موتاهم من خلال طقوس شيطانية خاصة.
فنحمد لله على نعمة الدين ، و على كوننا من عباد الله المسلمين ، و لعنة الله على الظالمين ، و جنود ابليس أجمعين .
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
محمد آل مبارك
  • مقالات
  • تحقيقات ومؤلفات
  • فرق ومذاهب
  • تراجم
  • أدبيات
  • الصفحة الرئيسية