صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







من الذي أشعل الثورة الثانية؟؟ (رصد وتحليل)

محمد جلال القصاص


بسم الله الرحمن الرحيم
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

من الذي أشعل الثورة الثانية؟؟
(رصد وتحليل)

 
في يوم 14/ 10/ 2011، عقد اجتماع في مقر الشيخ حازم أبو إسماعيل في الدُّقي، وكان عامة الحضور من غير الإسلاميين، واتفق الحضور على أن يكون لهم مطلب واحد، وهو "وقت محدد لتسليم السلطة لا يزيد عن شهر أبريل (4)/2011م"، وعلى سلمية المطالب، وأن لا نخرج عن إطار القانون. وأن يكون النزول الأول هو يوم 28 أكتوبر.  
 
حال التداول عُلم أن هناك حراك من فئة قليلة تحاول تفعيل الميدان ثانية، وتتواعد على الجمعة الأولى من شهر نوفمبر 2011، ولكنها قليلة العدد لم تستطع شيئاً، وحددت موعداً غير مناسبٍ، يتصادم مع أيام عيد الفطر المبارك. (ربما لأنهم علمانيون لا يعرفون أيام الله).
 
فهمتُ من مجموع ما شاهدت أن فريقاً من العلمانيين يحاولون تحريك الوضع ـ بعد أن كاد يستقر للمجلس العسكري ـ من خلال الشيخ حازم أبو إسماعيل، أو من خلال الإسلاميين عموماً، كونهم يملكون قوة عددية، وهذا بين من خلال سياق الأحداث.
 
تردد بين الحضور يومها أن أكبر تجمعين للإسلاميين له رؤية مستقلة، ويتجهان للتواطئ مع الموجود بشكلٍ أو آخر، ويلقون بحجج، ثم تأكد هذا الأمر لاحقاً.
 
نزل الشيخ حازم يوم 18/ 10، ثم كان النزول الحقيقي يوم 18/ 11/ 2011، وكنت أدور بين الحضور أنظر في العيون وانصت لأحاديث الناس، وأقف على "المنصَّات" لأرى فيم يتحدثون، وكيف يفكرون؟!
لم يكن الإسلاميون وحدهم في المشهد، بل غلب على الحضور "عوام" الناس، أعني من ليس لهم توجه سياسي أو ديني محدد. وكان من بين الحضور النصارى والملحدون، وغير المصريين ، يمانيون (فرد واحد يخطب على بعض المنصات)، وسوريون(وكان حضورهم أكثر، ويبدو أنهم جالية وقد استكثروا بالأتراك)، وكان في الميدان غير قليل من "الخواجات" يطوفون بين الناس كما أطوف. وقبح الله سعيهم ، وبارك في سعي.
 
انصرف الجميع من الميدان، وتحدث الجميع برفض فكرة الاعتصام، وبالتصعيد الهادئ المنضبط كل جمعة، حتى تنتهي المرحلة الأولى من الانتخابات فيكون تصعيد قوي (مليونية) في يوم 9/12/2011. وكان الإخوان أول من انصرف، ثم تلاهم سلفية الأسكندرية، ثم الجبهة السلفية تأخر شباب الجبهة انتظاراً للشيخ لقدوم الشيخ حازم أبو إسماعيل.
 
بقي في الميدان قلة لا تتجاوز الأربعين فرداً (هذا عددهم في صباح يوم السبت). وحضر الأمن بكثافة كبيرة جداً، وسيطر على ميدان التحرير بالكامل، ووضع العسكر على محيط "الاسطوانة"، وعلى اطراف الشوارع الجانبية، وطرد هؤلاء إلى مدخل الميدان من ناحية "المتحف".
فجأة حضرت عربة لقوات الجيش وتحدثت مع هؤلاء ، ثم انصرفوا جميعاً مرة واحدة، وتلقائيا زاد عدد المعتصمين. وجاء الأمن عصر هذا اليوم وليلته، واشتبك معه، وأحدث شغباً.
 
السؤال: لماذا ترك الأمن الميدان بعد سيطرته عليه؟!، وخاصة أن كل القوى التي شاركت في مليونية 18/11/2011، أعلنت رفضها لفكرة الاعتصام؟؟
ولماذا عاد واشتبك معهم؟؟
في يوم الأحد 20/11/ 2011، حضرتُ للميدان في الساعة الثامنة والنصف صباحاً، وكان العدد قليل بعض الشيء، يقول المبالغون أن مَن بالميدان لا يتجاوز عشرين ألفاً، كان الملفت هو شارع محمد محمود المفضي لوزارة الداخلية.
وجدتُ على مدخل الشارع أحد الأشخاص يحمل عدداً من "القنابل" مختلفة الأشكال، وعدداً من طلقات الرصاص مختلفة الأشكال أيضاً، وصورتها بكاميرا هاتفي، ثم دخلت للشارع فوجدت الاشباكات عنيفة يضرب فيها الأمن بما يستطيع. لم تكن غازات الأمن مسيلة للدموع ـ كما يدعون ـ بل كانت خانقة.
 
حاولت مع بعض الحضور أن نقول سلمية، ونوقف الاشتباك ولكن الأمن كان يرفض ويصر على الاشتباك، وكنا كلما سيطرنا على الموقف وهدأنا الناس، يأتي أحد من الشارع الجانبي (الأيمن لمن يأتي من التحرير في اتجاه الاشتباك) وهو شارع يفضي للوزارة ايضاً، ويلقي بين الأمن والشباب زجاجة حارقة"ملوتوف"، لم يكن من يفعل هذا ممن يواجهون بل يحضر وينصرف.!!
 
المحصلة:
أن الأمن كان يصر على الاشتباك، ويصر على استفزاز الناس، بل وأمرُّ من هذا أنه كان يصر على حرق المباني المجاورة، فقد كان من وقت لآخر يقذف ناراً في الأدوار العليا للمباني المجاورة. وقد صورت بكاميرا المحمول شيئا من هذا.
 
في يوم الأحد مساءً، وكنت وقتها قريب جداً من "قوات الأمن"، نادى من بالشارع الجانبي الأيمن( وهو الشارع الذي كان يأتي منه مَن لا نعرفه ويقذف الأمن بالزجاجات الحارقة)، نادوا بأن الجيش جاء، وفرحنا، وقلنا سيقف بيننا وبينهم وينتهي الاشتباك، ولكن الناس قالوا بسرعة : "بيضرب بعنف شديد، ومعه عربات مصفحة" فبدأ الناس في الجريان للخلف، وكانت المفاجئة أن وجدناهم أيضاً من خلفنا (مدخل شارع محمد محمود من ناحية التحرير) يضربون بوحشية شديدة جداً، وحُصرنا في الشارع، لم أجد مكاناً للخروج من ضربات العسكر الوحشية، إلا بالدخول بينهم وصرت في ظهره الطابور الذي يضربنا، ثم دخلت من ظهر طابور آخر بين المتظاهرين في "الصنية"، والحمد لله أن نجاني منهم، كان الضرب شديداً، وكانوا يكبرون!!

العجيب هو الهجوم الكاسح على مَن بالميدان بهذه الوحشية، وكان يكفي فقط أن تدخل عربة جيش واحدة أو عربتين في شارع محمد محمود وينتهي الأمر، وتبقى سلمية وينصرف الناس في ليلتهم.
 
 ماذا حصل؟؟

للأمر تفسيران:
الأول: أن قلة من العلمانيين المعارضين للمجلس العسكري، حاولوا ركوب الإسلاميين، وهذا واضح من خلال الفاعليات التحضيرية ومن خلال حراكهم المستقل، ومن خلال أحداث ليلة ويوم السبت، ويبدو جيداً أنهم منظمون، وأنهم مدربون، ولهم ممارسة وخبرة.
 
الثاني:
المجلس العسكري له سياق عام يسعى فيه، وهو الحفاظ على حالة من التوتر الفكري( الإعلامي، أو النظري) والأمني، وأنه أراد من هذا الحدث مزيداً من التوتر، وسبباً لفرض أحكام عرفية، ورد عادية الإسلاميين، ومن معهم من العلمانيين، وأعتقد أنهم كانوا يخططون لمذبحة بأيدي الأمن بعد أن "يثبتوا" للناس أننا اعتدينا عليهم، وعلى "مصالح" العباد والبلاد، ومَن ثم يعيدون السيطرة ثانية على البلاد. اتضح بوضوح أن الداخلية تعانقت مع الجيش، واتحدا على الشعب، وأرادوا إعادته للاستعباد مرةً ثانية.
 
"ويمكرون ويمكر الله"

لم تجرِ الأحداث كما يشتهي هؤلاء، فقد حضر عوام الناس في مساء هذا اليوم، وتجمعوا بعد أن احتل الجيش الميدان، وزاد عددهم في اليوم الثاني(الإثنين 21/11/2011) جداً، حتى امتلأ الميدان بما أقدره أضعاف يوم الجمعة، ولم تكن له أي هوية، ولم ترفع فيه لافتة، ولم تقم فيه منصة واحدة. بل كان عشوائياً. وأبدى الناس شجاعة وإصرار على المواجهة، مع أنه كان يخرج كل خمس دقائق تقريباً مصاب من شارع محمد محمود.
 
لا يوجد حاجز خوف، والجماهير واعية، فمن خلال الاستماع لأحاديث "عوام "الناس في الميدان يبدو جيداً أن مستوى الوعي عالي جداً، وأنهم فطنون لما يحدث، ومستعدون للتضحية. وأن المطالب تتصاعد، وأن الثورة الثانية بدأت. وأن المجلس العسكري ارتبك، وخاصة بعد استقالة الوزارة، وبعد هيجان المحافظات. وبعد فضيحته أمام العالم في هجومه على الشعب الأعزل.
شيوخ الصف السلفي بهم كُساح فكري وحركي، ولهم قرون استشعار. يرسلون قرون استشعارهم أولاً فينظرون أين يتجه الأمر، ثم لا يتحركون إلا بعد أن تتضح الصورة، وهم بعيدون تماماً عن صناعة الحدث.
 
ولكن شباب السلفية وكذا "متوسطوا العمر منهم " كانوا حضوراً، وكان حضورهم لافتاً للانتباه، والعجيب أنهم في الميدان ويحاولون استخراج شرعية من "شيوخهم" للحضور للميدان، وهي حالة من بدايات التمرد، فلا يمكن لمن يسبق ويصنع الحدث أن يتبع من يقف خلف الصف، وترتبك عليه الأمور حتى نهايتها.
 
أشعل الأحداث المجلس العسكري ضمن سياقٍ يسير فيه، وأشعل الأحداث شباب العلمانية، وقادةُ الإسلاميين أبعد ما يكونون عن صناعة الحدث، بل ولا حتى التفاعل الجيد معه، وعليهم أن ينزعوا قرون استشعارهم أو يوجهوها في اتجاه صحيح فقد صارت الكلمة للشعب. ومن الشعب الجيش. وقليل من الشرطة. والمجلس الأعلى للقوات المسلحة لا يضمن بل لا يستطيع أن يجاهر بولاء أفراد الجيش له، فنحن نعرف جيداً مدى بغض افراد القوات المسلحة لقيادتهم، أو على الأقل عدم وجود محبة بينهم. ونعرف جيداً أن المستوى المتوسط من ضباط الشرطة ساخطون على المستوى الأعلى. فقد مكروا ومكر الله بهم، ونسأل الله العظيم أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يحمي مصر من شر الأشرار. 
محمد جلال القصاص
صباح الثلاثاء 22/ 11/ 2011

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
محمد القصاص
  • مقالات شرعية
  • في نصرة النبي
  • مقالات في فقه الواقع
  • مقالات أدبية
  • تقارير وتحليلات
  • رسائل ومحاضرات
  • مع العقلانيين
  • صوتيات
  • مقالات تعريفية بالنصرانية
  • رد الكذاب اللئيم
  • اخترت لكم
  • بريد الكاتب
  • الصفحة الرئيسية