صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حوار مع الباحث والمفكر الإسلامي / محمد جلال القصاص
حواره . رئيس التحرير / محمد المصري .

محمد جلال القصاص


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد :-

يسر إدارة مجلة أنا المسلم الإلكترونية إجراء حوار مع الكاتب والباحث الإسلامي /محمد جلال القصاص ، لا نملك الكثير عن شخص الداعية محمد جلال القصاص ، رغم أنه من أوسع الأسماء انتشاراً في الشبكة العنكبوتية ، وحضوراً في القضايا المثارة بين أفراد الصحوة الإسلامية .
محمد جلال القصاص ، أديب ينظم الشعر ، ويكتب القصة ، والمقال ، له عدد من الأبحاث منها ما طُبع ومنها ما لم يطبع بعد ، وعدد من الصوتيات على موقع طريق الإسلام والمواقع المختصة بالتنصير . ولا تخطئ عينُ قارئ أو سامع عذوبة اللفظ وعمق الفكرة فيما تكتب يد محمد جلال القصاص .
مجلة ( أنا المسلم ) الإلكترونية في عددها الثاني تبدأ سلسلة من الحوارات مع الكاتب والمفكر الإسلامي محمد جلال القصاص ، تحاول أن تقترب أكثر من شخصيته ، وتعرف عن قرب رأيه فيما يثار على الساحة . أملا في جديد قد يفيد أمتنا وشبابنا .

* من محمد جلال القصاص ؟
عبد من عباد الله ، قروي ، من ريف مصر ، أحفظ القرآن الكريم منذ التاسعة من عمري ولله الحمد ، ولازمت الكِتابَ منذ تعلمت القراءة ، وأذكر أنني انتهيت من قراءة البداية والنهاية وسيرة بن هشام ، ورجال حول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وغيرهم في نفس موضوعهم قبل السادسة عشر من عمري ، وكنت أقرأ فيما طرح ضد الصوفية ، ذلك أنها كانت القضية الثائرة في قريتي يومها ، وكانت القضية الثائرة في رأس من أرشدني للمطالعة في الكتب الإسلامية ، وهو مدرس مادة الإنجليزي في قريتنا الأستاذ محمد مصطفى ياسين . ولم يكن في القرية قضايا مثارة أكثر من الصوفية ، ثم بعد الذهاب للقاهرة لدراسة الصيدلة في جامعة الأزهر ، حدث انفتاح شديد على العالم ، فقد كانت القرية بعيدة عن الأحداث . أُعجبت كغيري بفكر الإخوان المسلمين لانتشاره في الجامعة حينها ، ثم التحقت بمسجد التوحيد في غمرة ومكثت هناك أربع سنوات في دروس الشيخ فوزي السعيد حفظه الله . وحضرت للدكتور سيد العربي ، وأتيت على عدد من مكاتب بعض أهل العلم .. درست كتب نفر غير قليل من شيوخنا أقرأ كل ما كتبوا . ثم اتجهت للكتابة في فترة متأخرة منذ أربع سنوات فقط . ونشر لي عدد قليل من المقالات قبل ذلك في مجلة البيان.

* من الذي ساهم في انتشارك ؟

صيد الفوائد .ثم طريق الإسلام ؛ لم ألقَ أكرم ولا أفضلَ من أبي حمزة صاحب موقع صيد الفوائد ، والكل بخير ، وربما تكلمت عن ذلك لاحقاً إن شاء الله .

* دكتور جلال لك انتشار واسع .. نُشر لك في صحيفة المحايد ( 37 ) مادة علمية بين مقال وقصة ، ونشر لك أكثر منها في موقع المسلم ( موقع الشيخ ناصر العمر ) و( طريق الإسلام ) و ( صيد الفوائد ) و( المختار الإسلامي ) وغيرهم ، وأعرف أنك تعمل متطوعاً في بعض الأنشطة الدعوية . ولك عدد من الأطروحات لترتيب الصف الدعوي وترشيده ، وأعرف أنك لك علاقة شخصية بعدد غير قليل من شيوخنا الكرام في مصر والخليج ، وأعتقد أن هذا يكفي لأن أفتح معكم محوراً كاملاً عن العمل الدعوي وخاصة الإعلامي ، أريد أن أسأل حضرتك بداية عن تقيمك للعمل الدعوي .. الإعلامي منه خاصة ؟

العمل الدعوي الإعلامي ، وهو الآن مقروء ( مجلات ومواقع ) ومسموع ( شرائط كاسيت ومحاضرات صوتية في الشبكة العنكبوتية ) ومرئي في شكل عدد من القنوات الفضائية والدروس المسجلة من المساجد أو من البيوت وبدأت تنتشر الآن ، إذا نظرنا إلى الإمكانات المتاحة والأثر الذي يحدث بموجب هذه الإمكانات نجد أن العمل دون دون دون المطلوب .
وحتى تعرف ذلك أسألك : أين نحن الآن ؟
* أجب أنت !
خلف الحدث . نحكيه ونحلله . أما أن نوجهه فلا ...أن نصنع الحدث فلا . حتى مشكلة سبِّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتي اجتمع من يُرجى اجتماعهم ومن لا يرجى ، لم نؤثر في الحدث إلا قليلاً جداً ثم ذهب أثرنا وعدنا كما كنا .

* لماذا دكتور ؟

لمعرفة السبب يمكن تقسيم العمل الدعوي ـ الذي يرفع شعار الدعوة إلى الله ـ إلى فريقين ، فريق متبع وفريق مبتدع ، وأعني بالمبتدعين العقلانيين والإصلاحيين وما يسمى بالدعاة الجدد و غير ذلك ممن لا يلتزم بهدي السلف ، ويرى أن الزمان غير ما كان ، وأنها لن تعود كما كانت ، أو من يسلك طريقاً غير طريق السلف ليعود بها كما كانت .
المبتدعون هؤلاء هم سبب رئيس في تأخر العمل الدعوي .
لا تعجب .
هؤلاء عقبة حقيقية في طريق الدعوة الإسلامية ، والأمر يطول شرحه . ورأي الشخصي أن هؤلاء مَكَّنَ لهم من يريد أن يعرقل مسيرة العمل الدعوي .
أعطي حضرتك مثال .
التنصير مثلا ، حين يذهب أحدهم للنصارى ويقول لهم كلنا مؤمنون ، وكلنا نعبد الله ، وحين يقف أحدهم في برنامج عام شهير ( القاهرة اليوم ) وفي حلقة تناقش أمر الكذاب اللئيم زكريا بطرس ويقول النصرانية والإسلام لا يتعارضان ، يسيران في خطين متوازيين . ونأتي نحن ونقول أن النصارى كفار كما قال الله { لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ } (73) سورة المائدة ، هنا تحدث بلبلة ، ويضيع الجهد .وقد حدث بالفعل .
الخبثاء من النصارى يستدلون بهولاء الإعلاميين علينا ، ويفتنون بهم قومهم ، وفي أحسن الأحوال نظهر نحن كمتشددين وهم كمعتدلين . وتدور معركة إعلامية داخلية وخارجية كلها في أرضنا وكلها من جَهدنا ، تأخرنا ولا تقدم لنا شيئا ، والسبب هو هؤلاء . إنهم عقبة حقيقية على الطريق .
وعلَّك تذكر ما حدث إبان حرب حزب حسن نصر مع إسرائيل ، وخرج نفر من هؤلاء ينفسون عن ما في صدورهم على علماء الأمة ، ويدعون أن الرؤية العقدية للأحداث خدعة . تركنا إسرائيل وأخذنا نرد هؤلاء عنا ، انشغلنا بهم ، أشغلونا وضيعوا جهدنا .

* هل تربط بين هؤلاء وبين ( الآخر ) أعني الغرب ، أو بتعبير آخر هل تسيطر عليك فكرة المؤامرة وأنت تقرأ الساحة الإعلامية ؟


شوف أخي الفاضل ، هناك حقيقة شرعية يقرها نص صريح ، ويشهد لها الواقع والتاريخ ، وهي أن الكافرين يجادلون ويقاتلون .. كل الكافرين في كل العصور قال تعالى { وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ } [ غافر : من الآية 5 ] ، قريش كانت تجادل وتقاتل ، كانت شديدة الجدال وشديدة القتال وحاولت قتل النبي صلى الله عليه وسلم في مكة عدة مرات ، وخرجت لاستئصال الإسلام في بدر وفي أحد ويوم الأحزاب ، والعلمانية ـ وهي دين ـ تجادل وتقاتل ، والنصرانية تجادل وتقاتل ، فالجدال والقتال حقيقة شرعية ، وواقع نعيش وتاريخ نحكيه .
وجدال الكافرين يأخذ صوراً منها ( الكيد ) و ( الخديعة ) , ومحاولة تفريق الصف ، والله يخبرنا عنهم بقوله سبحانه {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا} (15) سورة الطارق ، والكيد يشي بشيء يدبر في الخفاء ، وهو ما تسميه أنت المؤامرة ، والمقصود أن الكافرين ( الآخر ) لا ينفكون عن الكيد عن المؤامرة . ولا ينفكون عن الجدال والقتال أبداً .
هم الذين يكرمون الشاذين فكرياً ، ويعطونهم الألقاب التي ينخدع بها العوام ، من محمد عبده ، ومروراً بـ على عبد الرازق ، وطه حسين ونجيب محفوظ و ... وانتهاءً بما هم بين أظهرنا اليوم جابر عصفور ، ونصر أبو زيد وغيرهم . هم أو أوليائهم من المنافقين المسيطرين على الإعلام في عالمنا الإسلامي .
فمكر الكافرين من صوره مد ومساعدة من يثير بلبلة في صفوفنا ، ولا يمكن قراءة الصورة مجتزئة أبداً .
ومكر هؤلاء يصل الطيبين أيضا ، حين تنظر لمن يتكلم للناس من شيوخنا الكرام ، تجد من الوعاظ فقط ، ولا أعيب الوعظ ولا الوعاظ أبداً ، فقد كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتخول الصحابة ـ وهم الصحابة ـ بالموعظة مخافة السائمة كما يقول بن مسعود ، ولكن هم يسمحون لفريق وفريق لا يسمحون له ، ومن يسمحون له ممن لا ينغص عليهم عيشهم إلا قليلا . لا أريد الاسترسال هنا حتى لا يساء فهمي . دعني أكمل ما تبقى .

* تفضل

أما الفريق المتبع فهناك خلل في طبيعة العمل ، وخلل فيمن يعملون .
إذا نظرنا لطبيعة العمل تجد أن العمل الدعوي كله أو يكاد فردي ، كلما استأنس أحدهم من نفسه قوة استقل ، فتجد كثيراً من المواقع الإسلامية لا تفرق بينها ـ من حيث الطرح وآلية الطرح ـ إلا من خلال المشرفين عليها.وكثير من المشاريع تتكرر ، وكثير من الأفكار تتكرر ، ينجح مشروع ما فتجد مشاريع كثيرة بخلفية الفردية في العمل تنشئ نسخة أخرى من هذا المشروع ، والأفكار الجديدة قليلة ولكنها مكرورة .
وأسأل : بم نستطيع أن نفرق بين الفضائيات الإسلامية غير الشيوخ ؟ وبم نستطيع أن نميز بين كثير من المواقع الإسلامية ؟
وللأسف يحدث الآن تجديد في العمل الدعوي ككل .. يدخل العمل الدعوي مرحلة جديدة بذات المرض ، هذه المرحلة هي مرحلة مراكز الأبحاث والمحاضن التربوية ، هكذا اسميها من خلال رصدي للعمل الدعوي ، وقد كتبت مقالاً عن ذلك بعنوان ( على أبواب مرحلة جديدة من العمل الإسلامي ) ، وبدأت مراكز الأبحاث تنتشر بسرعة ، وكلها في مستوى محدود . لا يمكن أن ينهض بالأمة من التبعية للريادة .
* وما الخلل الذي فيمن يعملون ؟
لا أقصد هنا التشكيك في النوايا أو التطاول على أحد ، وإنما أصف ما أرى ، وأنا جزء مما أصف ، هذا الجيل لم يتخلص بعد من الثقافة العلمانية ، ويظهر ذلك في السمت الخارجي عند كثيرٍ من المنتسبين للعمل الدعوي ، وإن كان هذا الخلل بدأ يتراجع ، ويظهر أيضاً تأثر هذا الجيل بالعلمانية ، وغيرها من المذاهب الفكرية التي سادت في الأيام الماضية في آلية التفكير وهذا هو الأخطر وهو ما أريد أن أشير إليه حقيقة إذ أن كثيراً من ( الإسلاميين ) الفاعلين في الساحة الدعوية الإعلامية يفكرون بقوالب غربية . يسمونها إسلامية ، والإسلام له خصوصية شاملة ، وقد تكلمت في هذا كثيراً ، وانتهيت الآن من كتابة الجزء الأول من السيرة النبوية وهو خاص بفترة الجاهلية وإن شاء أستفيض في شرح هذا الأمر (خصوصية الشريعة الإسلامية ) في الجزء الثاني ، ويمكن الرجوع لمقال ( مهلا أيها الاستراتيجون ) .

* عفوا ماذا تريد ؟ لو وضحت أكثر ؟

والله أخي دعني أكون صريحاً معك ، لابد من الاستقلالية التامة للعمل الدعوي ، ودعني أأصل لهذا الأمر حتى لا يلتبس على أحد.
في يوم العسرة كانت الحاجة ماسّة للرجال وللأموال ، فالسفر بعيد والزاد قليل ، والعدو هو الروم ذات القرون ، وكان المنافقون يعجبُ الرائي أموالَهم وأولادَهم ، ومن ينظر إليهم ، فتطلعت نفوسٌ لمشاركتهم بأموالهم وأولادهم وأنفسهم ، فأنزل الله قوله : { لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }[ التوبة : 47].
فهم خبال ، وهم أهل الفتنة ، وهم يغررون ببعض المتقين .
ولذا فإن للشريعة الإسلامية خصوصية كاملة في طلب التمكين في الأرض ، وما يعنينا هنا هو أن الصف الإسلامي لا يحمل الخبث ، أو بالأحرى لا يرضى به ، ولا يقال أن الشريعة سكتت عن المنافقين ورضيت بهم ، هي سكتت عن عقوبتهم ولكنها وقفت لهم من أول موقف وقفوه تكشف أمرهم وتفضحهم ، تصف أفعالهم ، وتروي أقوالهم ، وتكشف عما يدور في نفوسهم ... ومنهم .. ومنهم .. ومنهم .. حتى كادت تسميهم بأسمائهم ، وكان سكوتها عن استئصالهم لأمر آخر يتعلق بمن يقف بعيداً يرى الصورة على غير حقيقتها ، ويتكلم دون أن يتدبر .
واليوم لم نتعظ بما وعظنا الله به . ولم نتدبر السيرة ، وراحنا تستكثر ممن لا يسمن ولا يغني من جوع .في المجال الإعلامي وغير الإعلامي ، فكان الحال كما قال الكبير المتعال ( ما زادوكم إلا خبالاً ، ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة ، وفيكم سماعون لهم ) .
فرحنا بالخارجين من وَحْل العلمانية ، ورحبنا بهم ، وقلنا خطوة تتبعها خطوات ، فنبشوا عن المعتزلة ، ومدوا الجسور مع الكافرين ( الحوار بين الأديان ) ، وشقوا طريقاً وسطاً أقل آثاره أنه شتت الناس .
وفرحنا بالفضائيات العلمانية حين عرضت على ( الكِبار ) التحدث لجمهورها العريض ، فقلنا نحدثهم ، فسُرِقْنا ولم ندر ، فها نحن نرى نفراً منهم على خطى محمد عبده ، يدعون للحوار بين الأديان ، وينادون بأن الولاء للآخر أمر فطري ، وأحدهم يغازل نوبل ، ويرى أننا جفاة غلاظ .
قد كان حكيما ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين حرّم مخالطة الكافرين ، وأمر بأن لا يتراءى نارهما . وأضرب مثالاً بالتنصير .. بما يحدث في التنصير .
أحد القائمين على التنصير تكلم أكثر من واحد من الثقات بأنه ( يسب بالدين ) وأنه ( لص يأخذ الأموال في جيبه .. وقدموا أدلة على ذلك ، وتكلم غير واحد أنه ( يكذب أكثر من مرة في المجلس الواحد ) ومع ذلك يلقون زمام التصدي للتنصير في يده . والرجل يعرف أنهم يعرفون حاله ، ويعرف أنهم يداهنونه ويرضى بذلك . أين تصل ومثل هذا قائدها ؟!
إلى غير بعيد .ثم تلقي بمن على ظهرها و( تدوس ) عليه بقدمها .إنها تحقق فقط أهدافاً يرتضيها ( الآخر ) .. ضد النصارى .
ثم يتوجه إليه ( الآخر ) ويزجره فينزجر ، ويسترشده عن الجادين فيرشده ، ويأمره فيمتثل . ومن ثم يضللها ويسير بها في طريق آخر ، أو في أحسن الأحوال يقف بها مكانها . ونعود من جديد إلى دوامة الخلاف ، وإلى زنازين المجرمين . والعياذ بالله ، نسأله العافية.
وكذا الإخوان في مصر .. أصبح الصف الثاني في الجماعة الآن .. أو قل الأول .. من العلمانيين أصحاب المسحة الدينية .. الجذور الدينية .. وهم الآن يؤدبونهم ، وبعد قليل يَعرضون عليهم الثوابت ومن ثم يفكرون ويراجعون ... ويتراجعون . وينشق عليهم مَن ورائهم ، ويدور جدال داخلي . يوقف المسير ، ويهوي بالصحوة إلى كبوة بلا قرارٍ ولا معين .
كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في منتهى الحزم مع أصحابه كي لا يشربوا من وعاءٍ آخر ، وكان في منتهى الحزم ـ هو وأصحابه رضوان الله عليهم ـ أن يكون هناك دورٌ للمنافقين في الكيان الإسلامي .
غضب حين رأى عمراً ممسكاً بصحيفتهم وعدّ ذلك تهوكاً فيها ، وعمر بعد ذلك فهم الدرس جيداً ، فحين عثر جند الله بعد القادسية على مكتبة كبيرة في أرض الفرس أمرهم بحرقها قائلاً قولته الشهيرة : إن كان فيها خير فقد أبدلنا الله خيراً منها ، وإن كان فيها شر فقد أراحنا الله منه . ولك أن تتخيل الحال لو ترجمت هذه الكتب بدعوى ما فيها من علوم .
وبرزت العلوم وازدهرت ، وفتحت البلاد واستضاءت بنور الله بالأعراب ، بل بعبيدِ الأعراب ( بلال وعمار وزيد وصهيب وياسر وسمية وأم أيمن الحبشية ) . فمن لي بتقي أستحث به خطى السماء ؟
وأمر آخر يزيد الموضوع بياناً ، وهو حين تنظر في الخلافات الموجودة داخل الصف الإسلامي منذ بدأ الخلاف في هذه الأمة لا تجد إشكالاً في الدليل وإنما فيما يتعاملون مع الدليل ، وأن قضيتنا اليوم تنقية الصف مع تنقية القضايا ، ولم تُطل الشريعة جدال المخالفين في حين أنها أطالت جهادهم ( كما الخوارج ) وأطالت كشف عوارهم ( كما المرجئة والمبتدعة ) ، وقد دفعني كل هذا لإعادة قراءة السيرة النبوية من جديد ، لبيان حركة الدعوة الإسلامية وهي تدافع الكافرين وهي تتعامل مع المنافقين ، أبين خصوصيتها المطلقة في منازلة النوازل ، وخصوصيتها المطلقة في تغير الحركة لمقاومة حركات التغيير
يكفي هذا ، فالمقام حوار وليس محاضرة .
الحديث شيق ، ولكن يكفي دكتور جلال حتى لا يخرج عن إطار الحوار .

* أسأل ما الحل ؟

الحل هو في بناء الكوادر والعمل على نشر الحق بقدر المستطاع ، وتقديم .. الفقهاء .. الذين يعرفون واقع أمتهم ، والحل في أن نكون صرحاء ، وأن نواجه الناس بدعوتنا على حقيقتها لا داعي للمواربة ، ولا داعي لمد الجسور فنحن الأضعف ، وفي كل مرة نغلب . ثم العمل يولد أسباب النجاة ، بمعنى لا تستطيع وضع خطة متكاملة تفضي إلى وجود الشريعة الإسلامية في حياة الناس ، لا تستطيع ، وليس من طبيعة هذا الدين ، ولكن أنت تعمل ثم بعد ذلك ـ وأنت تعمل ـ ترى وتبصر ، ومن ثم تمكن وتتمكن ، وينتشر الخير .

* هل نظرتك هذه هي السبب في هجومك على عدد من المشاهير ، يعني الطرح الهجومي يحتل جزء غير قليل في كتاباتك ؟

مثل ؟
* عمرو خالد مرتين ، و( الإخوان المسلمون ) ثلاث مرات أو أكثر ، ورددت على عدد ممن تحبهم أنت وتصرح بمحبتهم كالشيخ عائض القرني فيما أذكر ؟

في الكلام تعدي ، وقراءة عجولة ، لستُ منشغلاً بعمرو خالد ، ولم أسمعه في حياتي كلها أكثر من ساعتين ، كانت على الإفطار من بضع سنين عند أحد الزملاء ، لست منشغلا به ولا بمن هم مثله ، أقرأ عن أفعالهم وأقوالهم ولكنني لا أتتبعهم أبداً ، ولست منشغلاً بتتبع سقطات الشيوخ ، والكمال عزيز بل مفقود ، ولكني مهتم بالتنصير ومقاومة التنصير ، ورددت على عمرو خالد حين تكلم في هذا الباب بلا علم ولا عدل ، وردد على غيره أعرض وجهة نظري أرجو الخير ، أما الاحتجاج والتتبع فلا . وهي بضاعة سوء نسأل الله لنا ولكم العافية .

وشيء آخر ، النصارى ضلوا لأنهم يعتقدون العصمة في سادتهم ، ولا يردون عليهم ، وإن رأوا منهم ما ينكرون قولاً أو فعلاً ، اتهموا أنفسهم وتأولوا لهم ، ولذا ضلوا ، فالإنسان يحمل بطبعة النقص والخطأ ، أنا ارد اليوم على فلان ، وغدا يُرد علي من فلان ، وهكذا ، بهذا حفظ الله هذا الدين . فتأمل .!!
لذا نرد ويسمع من نرد عليه ، ويمتثل فنحمد فعله ، أو يردنا بعلم وعدل فنمثل ويحمد الناس فعالنا ويكتب ربنا الأجر ، ومن يتكبر ويتعالى فالخزي في الدنيا وفي الآخر عذاب النار إن لم تشمله رحمة العزيز الغفار ، عاملنا الله جميعاً برحمته .

* والتنصير ؟
ماذا عن التنصير ؟
* الحديث عن التنصير في هذه الأيام اشتد لماذا ؟
لأمرين : أمر عام وأمر خاص ؟
* ما الأمر العام ؟
الصراع بين الناس بدأ يتجدد على خلفيات دينية ، بوش يعلنها حرباً صليبية ، ودبابات الأمريكان ترفع الصليب في العراق ، ونشرت صوراً لذلك ، وكذا في الشيشان ، وقطعان التنصير تسير خلف آلة الحرب الأمريكية في أفغانستان والعراق والصومال . وأكبر أمارة على أن الصراع على خلفيات دينية هو الأرض التي عليها الصراع .. أعني الشام ، هذه الأرض مقدسة عند المسلمين وعند اليهود وعند النصارى ، وكون الصراع عليها أمارة أخرى على أن الصراع دينياً وليس صراعاً سياسياً أو اقتصادياً كما يقولون . وقد فصل الشيخ عبد العزيز كامل في هذا الأمر كثيراً في كتاباته .

* ولِمَ تجدد الصراع على خلفيات دينية ؟
عودة الناس للدين ... أو وَجَدَ الخطاب الديني قبولاً .. رواجاً عند الناس بسبب فشل العلمانية . نعم فشل العلمانية وما قاربها هو الذي أعاد الخطاب الديني من جديد في عالمنا الإسلامي وفي غيره من بقاع الأرض .

* وما الأمر الخاص الذي بسببه اشتد أمر التنصير ؟

الأمر الخاص هو ظهور الأرثوذكس ، والأقباط منهم خاصة على الساحة .
في الماضي حين كانت المواجهة الفكرية مع الكاثوليك ( كنيسة روما ) ، كانوا خبثاء جداً ،أنشئوا ما يسمى بالاستشراق ، ومد أيديهم للنصارى الحاقدين في البلاد الإسلام ، ويشتهر هنا كمثال نصارى الشام لويس شيخو وجوذيف قذى وغيرهم ، وعن طريق المستشرقين قاموا بإعادة قراءة الشريعة الإسلامية من جديد ، وخرجوا بمفاهيم مغلوطة أغلبها من كتب الأدب والمتكلمين والرافضة ، ونشرت هذه المفاهيم المغلوطة في هيئة كتابات لأشخاص وفي هيئة موسوعات كبيرة ( كما دائرة المعارف الإسلامية ) ، وفي خطوة ثانية سربوا تلك المفاهيم إلى الشاذين فكرياً من قومنا ، ويشتهر هنا كمثال الصالونات التي وجدت في مصر في بداية القرن الماضي ، واحتضنوا عددا من هؤلاء الشاذين فكرياً ، فأوجدوا دوامة فكرية استقطبت جهدنا ، وجعلت معركتنا داخلية ، وهم خاطبوا قومهم بما يتكلم به الشاذين فكرياً ، يقولون لهم هذا هو الإسلام ، ولذا لم نستطع التأثير في عامة الناس عندهم . لم تصل دعوتنا إليهم . لأنهم يقرءون عن الإسلام من أفواه هؤلاء الشاذين فكرياً ، وعلك تذكر الحلقة التي تكلمت فيها أم لهب ( وفاء سلطان ) ـ كما يسميها الشيخ الدكتور عبد العزيز كامل ـ في الجزيرة ، كانت الحلقة مترجمة للإنجليزية ، ينقلونها للشعوب هناك ، ويقولون لهم هكذا يتكلم ( المسلمون ) عن دينهم ونبيهم ، وهكذا يتكلمون عن اليهود والنصارى ( أهل الكتاب ) وهذا الكلام في قناة ترعى ( الإرهاب ) والتي هي قناة الجزيرة .!! ، هكذا يتكلمون لقومهم .. هذا هو مكرهم .. وهكذا حالوا بيننا وبين تلك الشعوب .
وفي ذات الوقت ومع بداية الاشتشراق تقريبا بدأ ما يسمى بـ ( الحوار بين الأديان ) وكان الغرض منه في جملة واحدة تعديل ثوابت الإسلام .
وفي ذات الوقت كانوا قد انتشروا في أطراف العالم الإسلامي في أفريقيا وجنوب شرق أسيا ، حيث الجهل والفقر ، كانت حملاتهم التنصيرية تنتشر كالجراد في هذه الأماكن ، وكان انتشارهم داخل العالم الإسلام محدوداً وفي أطر مدروسة ، ولم يكن هنا استفزاز للمسلمين . إلا ما يحدث من فلتات اللسان أو ما يعثر عليه المتتبعين للنشاطهم .
أما الآن فقد دخل الأرثوذكس ساحة الصراع وأحدثوا مواجهة فكرية مباشرة بينهم وبين المسلمين . لم يتكلم القوم بعلم وعدل ، وإنما قدموا سفائهم ، وأمروا غليظهم ، واستشاروا حاقدهم ، وخاطبوا عامتهم بخطابٍ حماسي فأثاروهم يَعِدُونَهم ويمنونهم ، وهو ما جعل كثيراً من المراقبين يقول أنها حالة نفسية وليست حالة فكرية . فلا تخطئ عين مراقب هذا الكم الكبير من الحقد الذي يملأ هذه الصدور .

* تقول مواجهة مباشرة . وما خبر المواجهة ؟

كيوم حنين ، كَمَنُوا لنا ، فأصابوا منا في بداية الأمر ، كانت مفاجئة كبيرة ، والآن تم استيعاب الصدمة ولله الحمد ، وقد بدأت الدائرة تدور عليهم .

* كيف ؟

الآن الكتاب ( المقدس ) يُعْرَض على الناس ، أو نعرضه على الناس ، نبين للناس ما فيه من تطاول على الله ورسله ، ونبين للناس ما فيه من ألفاظ منحطة يستحي من الحديث بها الأراذل من الناس ، ونبين للناس أن الذين كتبوا الكتاب ( المقدس ) لا يعرفهم أحد ، وأن صفة القداسة لحقت الكتاب بعد قرون طويلة من رفع المسيح ـ عليه السلام ـ ، ومن البشر ، البشر هم الذين قدسوه .
ونبين للناس أن المسيح عليه السلام ـ لم يتكلم للناس بأنه إله من دون الله ، أو أنه هو الله ، أو ابن الله ، ولم يتكلم بشيء عن عقيدة الفداء والصلب ، أبداً لم يتكلم بشيء من هذا ، وإنما ظهر ذلك كله بعد رفع المسيح ـ عليه السلام ـ على يد أحد اليهود ، وهو شاول اليهودي المعروف باسم ( بولس ) .
والمقصود أن العقيدة النصرانية الآن تعرض على الناس ، وهي عوراء عرجاء سوداء دميمة بلا خلق ولا نسب .. لا يرضى بها عاقل .
والآن التف الناس حول نبيهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبدأ البحث والمقارنة من جديد ، فكله خير . وإن بدى أنه شر .

* لماذا على صوت الأقباط في الفترة الماضية ، المعروف أن الكنيسة المصرية لم تكن مشغولة بالسياسية من قبل ، لماذا الآن صار لهم جلبة وصياح في الداخل والخارج .. لم كل هذا الهيجان من الأقباط ؟

بسبب جماعة الأمة القبطية .
* كيف ؟
بعد احتلال الإنجليز مصر وبدء الإرساليات الكاثوليكية والبروتستانتية إلى مصر ، وكنوع من المحافظة على الهوية القبطية أنشأ بعض القساوسة الأقباط جماعة ( تنظيم ) يهدف للحفاظ على الهوية القبطة في مواجهة المد الكاثوليكي والبروتستانتي ، ثم تطور هذا الأمر وأصبح يهدف إلى استقلال الأقباط ككل عن العالم المسيحي ، وهو ما كان بالفعل ، ثم تطور هذا الأمر وأصبح يهدف إلى إقامة كيان نصراني قبطي على أرض مصر وما جاورها . وفي سبيل تحقيق ذلك أقاموا ما يعرف بأقباط المهجر ، في أوروبا وأمريكا الشمالية واستراليا ، كذراع خارجي يضغطون به على مصر .وبدأت الكنيسة بالفعل تشارك في الحياة السياسية في الداخل .

* تعني أن الأقباط يريدون الاستيلاء على مصر ؟

هذا ما يصرحون به في غرف البالتوك ، وفي المنتديات ، وفي المواقع . وهم لا يخفون هذا الأمر وخاصة أقباط المهجر .

* هل ترى أن هذا الامر معقول ؟ علم يستندون ؟ لا بد أن هناك مبررات يقدمونها لقومهم ، كيف يفكرون ؟ وكيف يبررون ؟ .. علم يستندون ؟


هم يستندون على الغرب .. أمريكا تحديداً ، أمريكا تعدهم وتمنيهم ، ويطمعون أن يحدث لمصر ما حدث للعراق .. يأملون الدخول على ظهر الدبابات الأمريكية . أو يصرحون بأنهم سيدخلون على ظهر الدبابات الأمريكية .

* من الذي يخطط لهذا الأمر ويديره ؟

لم تعد هناك جهة معينة تسيطر على الوضع ، بمعنى أن الذي بدأ هو جماعة الأمة القبطية ، وأقباط المهجر علمانيين وملحدين ، والمتدين منهم تحول لبروتستانتي تبعاً لوطنه الجديد أمريكا ، وأصبحت لهم مكاسب مالية وإعلامية من وراء الجعجعة وإثارة الشغب داخل البلد ، فلو حاولت الكنيسة فرضاً تهدئة الوضع فإنهم لن يستجيبوا ، ونسمع ونرى من وقت لآخر مشدات بين الداخل والخارج ، آخرها أنهم لم يهتموا .. لم يتفاعلوا مع الإهانة التي تلقاها شنودة الثالث في مطار أحد الدول الأوروبية .

* والداخل لم يتفاعل بهذه الحماسة مع الخارج ومع الخطاب التحريضي للكنيسة ؟

الداخل فيه منتفعون ، أصبحت لهم وجاهة سياسية ، ومكاسب مالية ، وأغلب الأسماء المشهورة في عالم الاقتصاد لها ارتباط مباشر بالكنيسة ظاهر كما ثروت باسيلي وغيره ، وهؤلاء مع التصعيد ، وعامة الناس ـ كما قدمت ـ ينجذبون للخطاب الحماسي .ولذا هم يتفاعلون بقوة مع خطاب الكنيسة .

* ما ذا تتوقع من الأقباط وللأقباط ؟

ما أراه أن القوم يستدرجون ، أراهم يتعرضون لسنة من سنن الله الربانية ، أراهم مقدمون على قاصمة ظهر قد تعيد عليهم أيام الرومان ثانية .

* كيف ؟

قلة أدبهم في التعامل مع الشريعة الإسلامية ، وكثرة منابرهم التي يتكلمون منها ، واستدعاء العامة للصراع ، جعل الكل يشهد ما يحدث ويشارك فيه ، والمواجهة الفكرية المباشرة ستفضي بحول الله وقوته إلى إسلام كثير من الأقباط ، وهذا يحدث بالفعل وعلك تذكر حديث ( مكسيموس ) لقناة الجزيرة وشكواه من كثرة إسلام الأقباط . ، وأيضاً الكنيسة الآن ( كنيسة شنودة ) شديدة في أحكامها .. وخاصة ما يتعلق بالأسرة .. الزواج والطلاق تحديداً ، وهذا جعل كثيرين يتضجرون من شنودة ومن معه ، ويكاد يوجد بيت قبطي الآن إلا وبه مصيبة من شرائع الكنيسة ، وبالتالي سيحدث انقلابات داخلية بدعوى الرحمة والتفسير الصحيح للكتاب وكلام الآباء ، وقد بدأت بوادر هذا بماكسيموس الأول ، وكذا الأمريكان الذين يستند إليهم الأقباط إن نزل هؤلاء أرض مصر فسيبشرون بدينهم ( البروتوستانت ) في مصر ، هذا إن نصروهم .. إن ، وتبشيرهم في الغالب سيكون داخل الأقباط ، لصعوبة ( التبشير ) بالنصرانية داخل المسلمين وخاصة مع ما نشهده من صحوة داخل مصر . ويجب هنا أن نشير أن الأمريكان هم الذين نصبوا ما كسيموس الأول المنشق على الكنيسة .
وأقل ما سنحصل عليه من نتائج من الحوار المباشر بين الإسلام والنصرانية الذي يحدث اليوم هو انهزام الأقباط نفسياً ، أقل آثار الحوار والنقاش هو هزيمة من تحاور نفسياً . ونلمس هذا بالفعل الآن ، ففي البداية كانوا متحمسين يدعون للمناظرات ويلبون الدعوة سريعاً ،والآن خنسوا أو يكاد ولم يعد أحد منهم يخرج للمناظرة إلا مضطراً .

* هم يتحدثون عن انتصار ومعنوياتهم عالية جداً ، هذا ما يظهر لي على الأقل ؟

تكلموا للعامة في البداية ، وكل من يتكلم للعامة يجد نتيجة إيجابية ، ذلك أن العامة لا تحمل ثقافة مضادة ، وتستجيب أو تقف حائرة لا تستطيع الرد ، وهذا يحدث نشوة عند من يتكلم ، ويفسره على أنه انتصار !!
وبطرس والنصارى لم ينازلوا الصحوة الإسلامية بعد ، لا شيوخها ولا أفرادها ، من قريب بدأت الصحوة الإسلامية السلفية في مصر تتحرك إليهم ، وهم لا يواجهون ، والعامة الآن في الصورة يسمعون ويستنفرون من الجانبين ، وإن ثار العامة على الأقباط فهي مصيبة وخاصة أنهم موزعون على الجمهورية بأكملها . لا أريد التفصيل أكثر من هذا . تكفي الإشارة .

* من الذي يقف في وجه النصارى اليوم ؟


متحمسون في الجملة ، وتعجب أن هؤلاء المتحمسين امتصوا الصدمة وأثخنوا فيهم ، ولا أعيبهم أبدا ، بل هم رجال ، كتب الله أجرهم ورفع الله ذكرهم .
أما العلماء والشيوخ فلا أعرف من المشاهير أحد يتصدى للنصارى مع أن الكل يسمع بهم ،ولا أدري لم يسكتون عنهم .

* من المسئول عن النشاط الزائد للأقباط ؟
أهل العلم ، والدولة .
* لو وضحت حتى لا يساء فهمك ؟

أهل العلم سكتوا عنهم بدعوى عدم إثارة الفتنة ، وعدم تخطي الخطوط الحمراء ، والاستفادة بالمتاح ، وهذا الأمر ليس له أساس من الصحة ، يمكن معالجة القضية بدون تعاطي الأمور السياسية ، فقط بيان الحق للناس . وهذا ضمن المسموح الآن .

* وبم تفسر عودة الدعوة للحوار بين الأديان ؟

الدعوة للحوار عادت كنتيجة مباشرة لبوادر الهزيمة من المواجهة المباشرة بين النصرانية والإسلام والتي أحدثها الأرثوذكس .
تكلم محمد سليم العوا في برنامج القاهرة اليوم في الحلقة التي عقدت لمناقشة أمر زكريا بطرس بأن الفاتيكان ( الكاثوليك ) كان قد رفض عقد جولة جديدة من الحوار بين الأديان والتي طالب بها العوا ومن على معه حتى يتبرأ المسلمون من القرآن ، وهو تعليق على المستحيل ، ثم اليوم الفاتيكان يدعو للحوار بين الأديان ، هذه أولى بشريات الهزيمة الفكرية التي تلقاها النصارى في المواجهة الفكرية .
* كيف التعامل مع الأقباط أو مع هذا الهيجان ؟
الآن فرصة سانحة جدا لأن نبلغ ديننا ، فعلينا بضبط النفس ، وعد تعاطي أمور السياسة في القضية ، أو بالأحرى عدم خلط السياسة بالدين ، علينا أن نجعل جهدنا في دعوة الأقباط لديننا .الكل الآن يتكلم عن محمد صلى الله عليه وسلم .ومعنا الآن فرصة قوية لدعوة النصارى ودعوة الغافلين المفرطين من المسلمين .
الوقت ليس وقت صدام ، ولمن يستعجل أو يتحمس وتشجع سيأتي وقت الصدام ولا بد ، ولكن المقام الآن بيان ، جهاد باللسان . وجهاد اللسان لا يطيقه كل أحد ، والمؤمن ينضبط بواجب المرحلة . ثم إن تقدم الصدامُ البيانَ وقعنا في شر طويل ، لا نتحمل السؤال عنه غداً بين يدي الله .. عامة النصارى الذين ليس في قلوبهم ذات الأحقاد الموجودة عند الملأ ، نعم هم يتكلمون بكلام زعمائهم الآن كونهم لم يسمعوا لنا ، وإن سمعوا رجى منهم الخير .
والواجب علينا البيان ، وبعد البيان يفعل الله ما يشاء . لا بد من البيان .
وعقلاً البيان يريحنا من كثير ، بالبيان ينحاز كثيرون قبل الصدام أو مع بدايات الصدام ، فلا بد من البيان . الوقتُ ليس وقت إثارة الشغب .

* دكتور جلال أنت لست فقط متابع أو ناشط ضد النصارى ، أنت تكتب وتحاضر ، لك كتاب مطبوع وعدد آخر تحت الطبع ، ولك عدد من المحاضرات منشورة في النت ، ما الذي يغيظ النصارى في محاورتهم . أو ما الذي يفيد من يحاورهم ؟


الحقيقة لا بد من نوعين من الطرح ، طرح في مواجهة الملأ .. أكابر مجرميها .. النصارى ، وهذا الطرح غالباً ما يكون مناظرة أو مقابلة لما يتكلمون بهم ، هم يحصرون على أن لا يتكلموا في النصرانيات ( ما يتعلق بالدين النصراني ) ، وإنما فقط يتكلمون في الإسلاميات ، ويحرصون خلال مناظرتهم على الخروج بجملة مفادها أن الإسلام عنده مشاكل كما النصرانية ، وهذا يفهم منه السامع النصراني أن ابق على دينك فعندهم مشاكل كما عندك ، ولذا على المناظر المسلم أن يكون فطناً أن لا لا يتحملون الحديث عن دينهم ، بمعنى أن تظهر عيوب الكتاب ( المقدس ) وتتكلم عن خرافة الصلب من أجل الفداء ، واستحالة تجسد الله ، وغير ذلك ، لذا فإن

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
محمد القصاص
  • مقالات شرعية
  • في نصرة النبي
  • مقالات في فقه الواقع
  • مقالات أدبية
  • تقارير وتحليلات
  • رسائل ومحاضرات
  • مع العقلانيين
  • صوتيات
  • مقالات تعريفية بالنصرانية
  • رد الكذاب اللئيم
  • اخترت لكم
  • بريد الكاتب
  • الصفحة الرئيسية