صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في معاملته لمخالفيه
(joma734) 15/4/1438هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله العزيز الرزاق،خلق سبحانه بقدرته سبع سموات طباق،أحمده جل شأنه وأشكره حبب للمسلم جميل الأخلاق،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .أمابعد:فاعلموا رحمني الله وإياكم أن التقوى جماع خيري الدنيا والآخرة أخبرنا عن ذلك ربنا بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }(الانفال:29).معاشر المؤمنين نشهد اليوم في ساحاتنا الاجتماعية نماذج لصراع شرس بين أي اثنين اختلفا في موقف أو رأي، و يتخذ كل واحد من الآخر موقفاً عدائياً ويسعى بكل قوته لإقصائه بل قد يصل الأمر لحد الإيذاء الجسدي للانتصار للنفس،ومع الأسف بدأ هذا الأمر يتسرب إلى أفراد الأسرة الواحدة فتجد الزوج يصفي حسابه مع زوجته بالشتائم أو الضرب!!.وكذا الأخ مع أخيه والجار مع جاره وقد يتهاجروا لأعوام طويلة والسؤال من نحن؟.نحن أمة الإسلام؟.فهل هذه هي القيم التي تحكم تعامل المسلم مع أخيه المسلم؟. تعالوا نستمع لتلك القيم يقول الله:{ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ.. }(محمد:29).ويعرف العلاقة بين المؤمنين بقوله :{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}(الحجرات:10). وهناك العديد من التوجيهات النبوية التي توضح أسس تلك العلاقة،إذاً العلاقة بين المؤمنين تقوم على أساس الأخوة بغض النظر عن اللون أو الجنس أو غيرها، وتقوم على الرحمة،بل هي مظلة أكبر تشتمل على حسن التعامل حتى مع المخالف من غير المسلمين!.تعالوا أحبتي نقترب من قدوتن صلى الله عليه وسلم لنرى كيف طبق هذه القيم في سلو كيات حياته:لا يوجد مخالف أشد ممن يخالفك في الدين والعقيدة، ممن يكفر بالله ويجعل له أنداداً.فهذا رسولنا صلى الله عليه وسلم كذبته قريش وحاربته وسعت للقضاء عليه وقتلت من أصحابه بل من أهل بيته وأعلنوا كفرهم وشركهم بواحاً ولما تمكن منهم صلى الله عليه وسلم يوم الفتح أبادهم؟.قتلهم؟.انتقم منهم وهو الذي عانى بسببهم سنوات؟.تعالوا أحبتي وتأملوا المشهد معي وكأنكم تعيشونه:فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم معتلياً واقفاً على باب الكعبة،وصناديد قريش يقفون تحت قدميه فيقول ما تظنون أني فاعل بكم،فيردون في ضعف ومهانة وذل،أخ كريم وابن أخٍ كريم فيعلنها عفواً عاماً ما شهدت البشرية مثله اذهبوا فأنتم الطلقاء.أمام هذه السماحة وهذه الأخلاق العالية لم يتمالك الناس إلا أن يدخلوا في دين الله أفواجاً،وصدق ربي يوم أن وصفه بقوله:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }(القلم:4).لم يداهن صلى الله عليه وسلم ولم يجامل في دين الله بل واصل الليل والنهار وصبر حتى مكنَّ الله له،لكن لم يؤثر عنه صلى الله عليه وسلم أنه تعامل مع مخالفيه حتى في العقيدة بالتشنج والسباب لأن التوجيه الرباني كان واضحاً:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}(النحل:125).احبتي تعالوا معي لنعيش مثالاً واحداً من تعامله صلى الله عليه وسلم مع من أغلظ له في القول:عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه :أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَقَاضَاهُ، فَأَغْلَظَ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :((دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا)) ثُمَّ قَالَ:((أَعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّه))،قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ،إِلَّا أَمْثَلَ مِنْ سِنِّهِ، فَقَالَ: ((أَعْطُوهُ، فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً))(البخاري،،الوكالة في قضاء الديون،ح(2306)).ثم تعالوا لنعيش مثالاً واحداً لتعامله صلى الله عليه وسلم مع من أغلظ له في المعاملة: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَذْبَتِهِ ثُمَّ قَالَ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ(البخاري،التبسم والضحك،ح(5624)).أحبتي في الله كلنا نحمل الدعوة إلى الله ويجب أن نتخلق بأخلاق الإسلام وكم فتح الله من دول وانتشر الإسلام في العالم بحسن أخلاق المسلمين وتعاملاتهم، وكم فقدت الأمة اليوم يوم أن ابتعدت عن دينها وعن قدوتها صلى الله عليه وسلم ،ديننا دين سماحة دين لين دين حسن خلق بهذا تُكسب القلوب. تعالوا أحبتي معي واسمعوا لربنا يوجه نبينا صلى الله عليه وسلم والأمة من بعده بقوله :{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }(آل عمران:159).

الخطبة الثانية :
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه.أمابعد:فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن الإحسان للناس في القول والعمل من أكثر ما يفشي المحبة والوئام في المجتمع وصدق من قال :أحسن إلى الناس تستعبد قلوبَهُم..فطالما استعبدَ الإنسانَ إحسانُ ..وكُنْ على الدّهرِ مِعْوَانًا لذي أملٍ..يرجو نَداكَ فإنّ الحُرَّ مِعْوانُ، أيها الكرام لنحاول أن نتفهم وجهة الطرف الآخر ودوافعه قبل أن نحكم عليه ونعاديه،لنحاول أن نلتمس الأعذار للمخالفين،ولا يعني ذلك المداهنة في دين الله أبداً بل الحكمة في ابلاغ دينه وفق ما يحبه ربنا فتلك وصية قدوتنا وحبيبن صلى الله عليه وسلم :عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وَمُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ: ((ادْعُوَا النَّاسَ وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا وَيَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا..))(مسلم،بيان أن كل مسكر..،ح(3731)).وأحق الناس بحسن التعامل والعفو والصفح هم أقرب الناس منا أهلنا أولادنا جيراننا ثم عامة مجتمعنا وعامة المسلمين،ياعباد الله هذا توجيه من ربكم فارعوا رحمني الله وإياكم أسماعكم لربكم إذ يقول: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا } (النساء:36).

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية