صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







من دروس الصيام الوحدة الإسلامية
 (joma607)3/9/1434هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله خالق الأنام ومحي العظام ومعز دين الإسلام أحمده جل شأنه وأشكره على نعمة بلوغ شهر الصيام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ولا ند يرام،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله خير من صلى وصام ،صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى الآل والصحب العظام وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعد:ف { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (آل عمران:102).
معاشر الصائمين الصيام ليس مجرد عباده بل هو مدرسة تربوية متكاملة كلما تأمل المرء فيها خرج بالعديد من العظات والعبر،وأود اليوم أن نقف سوياً أمام درس من دروس الصيام نتأمله ونتأمل حال الأمة ومدى استفادتها منه.تعالوا وتأملوا معي أحبتي مليار مسلم يمتنعون عن الطعام والشراب والشهوات وكافة المفطرات من أذان الفجر إلى أذان المغرب ولا يشد عنهم إلا من كان له عذر شرعي!. هل يعرف العالم بأسره نظاماً يلتزم به مليار شخص لا يشد منهم أحد إلا من رخص له النظام نفسه ، وأي التزام؟ التزام بحب ورغبة،ياعباد الله الأمة كلها تمسك مع آذان الفجر والأمة كلها تفطر مع آذان المغرب بما يوحي إليكم هذا؟. الستم معي بأنه ترجمة عملية لقول ربنا جل في علاه : { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ } (الأنبياء:92). ولقول ربنا: { وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ } (المؤمنون:52). والسؤال كيف هو حال المسلمين اليوم؟. هل استفادوا من دروس الصيام أم أنهم جعلوا من الصيام عادة الامتناع عن الطعام والشراب دون الترجمة العملية لدروسه في حياتهم ؟. معاشر المؤمنين إن هذه الأمة لا يجمعها إلا أمر واحد الاعتصام بحبل الله، الالتفاف حول كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا ما أمرنا الله به بقوله : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } (آل عمران:103). يا خير أمة أخرجت للناس إن المتأمل في حال الأمة الإسلامية اليوم يراها قد تفرقت وتشعبت فرقاً وأحزاباً كل حزب بما لديهم فرحون فما السبب في ذلك؟.أظنكم تشاركوني الرأي بأنه يوم جعلت رابطة الدين آخر الروابط وقُدمت عليها روابط المصالح الدنيوية البائدة الفانية،أو قدم عليها العصبية للقبيلة أو الأسرة أو نحوها من الروابط الواهية،ظهرت الفرقة وعم الوهن في الأمة،يوم أن رٌفعت مكانة الأفكار العلمانية،والأنظمة الوضعية البشرية،وأُعجب الناس بآرائهم،وكُثر اتباع الهوى وأصبح آخر من يأخذ برأيهم علماء الشريعة الربانيون.عندها انفرط العقد ولم تعد هناك مرجعية تجمع شتات الأمة وتجتمع عليها الكلمة،وأصبح لكل جماعة قائد،وليت هناك حرمة للقائد بل أصبحت الغوغائية هي التي لها الكلمة العليا واليد الطولى في توجيه دفة الأمة!.احبتي في الله تعالوا نقترب من المشهد ونتحدث بصراحة لو أنك رأيت ابنك أو أخيك يتشاجر مع رجل مشهود له بالصلاح والعلم مع من تقف؟. العواطف والأعراف الاجتماعية تقرر عليك الوقوف مع قريبك،إلا أن الشرع يأمرك أن تقف لجوار الحق ونصرة دبن الله ولو كان على حساب قريبك أو حتى نفسك،واسمعوا معي لربنا وخالقنا يربينا على هذا الخلق بقوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرً } (النساء:135). والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا قَالَ تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ))(البخاري،أعن أخاك،ح(2264)).إذاً إذا رأيت مسلماً مظلوماً وجب عليك نصرته سواء عرفته أم لم تعرفه،وإن كان صالحاً تقياً كان واجب النصرة أعظم لأنك هنا تدافع عن دين عن عقيدة.أحبتي في الله أريد منكم في ضوء ماسبق أن نتأمل لو أن أمة الإسلام كلها هبت هبة رجل واحد لإنقاذ المسجد الأقصى هل يظل أولى القبلتين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسر اليهود هذه السنوات الطوال؟. ولو أنهم هبوا لنصرة إخواننا في سوربا هل يظل نزيف الدم وهتك الأعراض هذه الأعوام ؟. معاشر المؤمنين ما اهلك الأمة مثل هذا الداء القاتل داء الفرقة والتشرذم وغياب القيادة الدينية الربانية التي تأتلف عليه القلوب وصدق الله إذ يقول محذراً : { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } (الأنفال:46).

الخطبة الثانية :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعملنا من يهدي الله فلامضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا عبد الله ورسوله .
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن طريق النصر والعز لهذه الأمة لا يكون إلا إذا تراصت صفوفها واتحدت مقاصدها وغاياتها و التفت حول كتاب ربها وسنة نبيها واتخذت عالماً ربانياً مرجع لها . والتاريخ يشهد لذلك فبعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وتفرق الأمة وحدوث الردة التفت الأمة حول الصديق رضي الله عنه وأخذت برأيه فقادها لبر الأمان ، ويوم فتنة القول بخلق القرآن قيض الله الإمام أحمد بن حنبل فجمع الله كلمة الأمة على الحق على الرغم مما عاناه من سجن وتعذيب ، وكان للإمام ابن تيمية دوره في رفع همة الأمة بعد أن وصلت لحضيض من الضعف عظيم، على الرغم مما عاناه من السجن والتغريب،وكان لوقفة الإمام العز بن عبد السلام دورها في مواجهة أزمة التتار ، والأمثلة تطول.. معاشر المؤمنين إن الأمة أساسها الفرد فالتغيير يبدأ مني ومنك ومنه ومنها والله يقول : { إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ } (الرعد:11). أحبتي في الله لنبني في أنفسنا وفي أولادنا وأهلينا نصرة الإسلام والمسلمين،ووحدة هذه الأمة؛ومن التطبيقات العملية في هذا المجال أن نستثمر دعاء وقت الإفطار في الدعاء للمسلمين تفصيلاً بطلب النصرة والإعانة لكل مظلوم منهم.وأن نكون بجوار أبنائنا لشرح الأحداث من حولنا وموقفنا منها بناء على ما يمليه علينا ديننا من واجب نصرة الإسلام والمسلمين .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية