صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







هل تعرف أمة الإسلام الفراغ ؟
joma538) 29/7/1432هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله خالق الأرض والسماء،تفرد بالبقاء وكتب على ما سواه الفناء،أحمده جل شأنه وأشكره أمرنا باستثمار أوقاتنا في مرضاته حتى ننعم غداً بعد موتنا بحسن اللقاء،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يرجى منه البر أو العطاء،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما طار طير في فضاء وما جرى جدول بماء .
أمابعد:فيا عباد الله هذا ربكم يوصيكم فتعالوا نستمع جميعاً لوصية ربنا بقلوبنا قبل آذننا إذ يقول جل في علاه:}ياأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ()وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ{(الحشر:18-19).الله أكبر ما أعظمها من وصية لو تدبرناها و عقلناها. كم ستغير تلك الوصية الغالية لو حولناها لمنهج حياة في حياتنا،هل علمتم أحبتي ما هو الغد الذي يوصينا ربنا في أن ننظر ماذا أعددنا له؟.إنه ساعة الرحيل من هذه الدنيا؟.إنه اليوم الذي تغمض فيه عيناك عن هذه الدنيا بكل ما فيها من زخارف ومتع وشهوات ولا تفتحها إلا على مشاهد أخرى وعالم أخر كم غفلنا أنا وأنت وهو وهي عنها { لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ }(ق:22). فياليت شعري ماذا سنرى هناك؟.غداً نعم غداً سيعطى كل منا كتاب سطرت فيه كل حركاتنا وسكناتنا وألفاظنا، اسمعوا معي أحبتي للعليم الخبير وهو يقول:{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ()إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ()مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }(ق:16-18).والله الذي لا إله إلا هو ستؤتى كتابك،واسمع لربك إذ يقول:{ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا()اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا()مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا }.( الإسراء:13-15)."وطائره:هو ما طار عنه من عمله، كما قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد:من خير وشر،يُلزم به ويجازى عليه { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }.(الزلزلة:5-6)،..والمقصود أن عمل ابن آدم محفوظ عليه،قليله وكثيره،ويكتب عليه ليلا ونهارًا،صباحًا ومساء."(انظر : تفسير ابن كثير).فياترى ماذا كُتب عليَّ وعليكم فيما مضى من أعمارنا؟.لم يكتب والله إلا ما عملنا وقدمنا.يا عبد الله أيسرك أن ترى في ذلك الكتاب أوقات فراغ فضلاً عن ترى فيها منكرات وأغنيات وفحش القنوات وكثرة النوم وإضاعة الصلوات؟.أم يسرك أن ترى فيها آيات وركعات وسجدات وأعمال صالحات؟.أيها الآباء أيتها الأمهات أيها الأبناء يا أيتها الأسرة المسلمة العظيمة كم هو السرور الذي شعرتم به يوم أن رأيتم كشوف درجات أبنائكم العالية، وفي المقابل كم شعرتم بالألم والحسرة للدرجات المنخفضة،إذاً اسمحوا لي أن أدعوكم لنعيش سوياً مشهدين من مشاهد يوم القيامة من مشاهد ذلك الغد الذي أوصانا ربنا الرحيم بنا أن ننظر ماذا قدمنا له،تعالوا لنعيش تلك المشاهد بكل أحاسيسنا وجوارحنا وكأننا وقوف في أرض المحشر؛تعال أخي وانظر معي هناك لذاك الذي ملأ وقته بالطاعات بالركعات بالسجدات أنظر إليه كيف ينطلق فرحاً آخذاً كتابه بيمينه ارع سمعك هاهو يقول كلمات:{ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ()إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ }(الحاقة:19-20).أتدري لما يعيش هو كل تلك الفرحة الغامرة؟.لأنه فاز بنعيم مقيم إليك بعض مفرداته: { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ()فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ()قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ() كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ }(الحاقة:21-24).تعال..تعال أخي وانظر معي هناك مشهد آخر،هناك مشهد من لم يأخذ بوصية الرحيم الرحمن ولم ينظر ماذا أعد لغده فملأ وقته بالمنكرات بالمخدرات بالأغنيات بالمسلسلات الماجنات وسار على هذا النحو،أنظر إليه كيف هو مسود الوجه يكاد الحزن يقطع نياط قلبه اسمع لكلماته المعبرة التي يصيح به{ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ()وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ()يَا ‎لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ ()مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ()هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ }(الحاقة:25-28).أتدري لما كل ذلك الصياح والعويل والبكاء والنحيب؟.لأنه أيقن بما ينتظره من عذاب عظيم إليك بعض مفرداته:{ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ()ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ()ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ()إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ()وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ()فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ ()وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ()لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ }(الحاقة:30-37).اسمحوا لي بعد هذه الجولة في أرض المحشر وبعد هذه المشاهد أن أعود بكم لوصية الرحيم بكم إذ يقول: }يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ()وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ{(الحشر:18-19).

الخطبة الثانية :
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى أهل بيته وأصحابه وأتباعه.أمابعد:فاتقوا الله عباد الله،وأظن أننا بعد الذي سمعنا أصبحنا أكثر فهماً وإدراكاً لقول الصادق المصدوق :((نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ)) (البخاري،الرقاق،5933).وقد يقول قائل هل معنى هذا أن نقضي أجازتنا الصيفية كلها في صلاة وقرآن وذكر ولا نروح عن أنفسنا؟.فأقول أحبتي أن المتعة الحقة والله إذا صفت القلوب تكون في طاعة الله،بيد أن هذا لا يعني أن لا يروح الإنسان عن نفسه بالمباحات من نزهة وسفر ولهو مباح،بل إن الإنسان إذا فعل هذا ابتغاء التقوي على طاعة الله كانت له عبادة في ميزان حسناته؛إلا أن المصيبة العظمى أن لا يجد القلب لذته إلا في معصية الله من الغناء والخنى والفجور ونحوها،فهذه والعياذ بالله علامات بداية الهلاك إن لم يتدارك الإنسان نفسه ويتوب،ومن المهلكات التي ينبغي التنبيه عليها الغفلة عن الله يمر على العبد يوم أو يومين لا ينظر في كتاب الله ولا يصلي في الليل ولا ركعة واحدة،وإذا صلى المكتوبات صلى صلاة لا حياة فيها،والله يوصي محذراً بقوله:{ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }.أحبتي ها نحن نقترب من موسم رحمة ومغفرة عظيم من شهر رمضان ؛ فقولوا لي بربكم كيف يتلذذ قلب بالصيام بالقيام وقد مُلأ قبل رمضان بحجة الإجازة بالغفلة التي قد تصل عياذاَ بالله لدرجة الإعراض عن طاعة الله والإقبال على معصيته؟.يا قوم إذا غرقت خير أمة أخرجت للناس وحُمَّلت مهمة إخراج البشرية من دياجير ظلمة الكفر والعصيان لنور رحمة الملك الديان في حمئة الذنوب والغفلة والفراغ فمن يقوم بالمهمة؟. فحذار ..حذار من ذلك فالله يقول:{ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ }(محمد:38).وإذا كنا نخطط لمسقبلنا ومستقبل أبنائنا فهل خططنا لهذا الغد الذي أمرنا الله أن نُعد له؟.


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية