صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







أتحتاج الأمة رجل أم ذكر..؟

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله خلق كل شيء بقدر،وأعلا من شأن الرجولة في البشر،أحمده جل في علاه وأشكره على نعم عظيمة شملت الحضر والمدر،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له بث في الكون آيات عظمته عبرة لمن أعتبر، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله كريم الخصال سديد النظر صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على النهج واقتفى الأثر.أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله فهذا ربكم يخاطبكم بقوله:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران:102).عباد الله خلق الله الخليقة فجعلها زوجين قال تعالى:{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}(الذاريات:49).أرض وسماء،ليل ونهار،شمس وقمر،سعادة وشقاء،نور وظلمة، طاعة ومعصية، أيمان وكفر،حياة وموت،ذكر وأنثى.والناظر في حياة ابن آدم والبهائم يجد أن الذكورة مشتركة فيما بينهما من حيث الفحولة والقوة البدنية والميل للأنثى وحب الحماية والسيطرة..الخ, ولكن ما الذي تميز به الذكر من بني آدم؟.إنه الرجولة؛والرجولة هي مجموعة من القيم والمبادئ التي تنتج أخلاقاً وسلوكاً عظيماً؛فالرجل الحق هو من يتحمل الأعباء العظيمة وينهض بها ألم تر كيف وصف الله الرسل بالرجال فقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ..}(الأنبياء:7).الرجل الحق هو من يَصْدُقُ العهد ويوفي بالوعد: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلً}(الأحزاب:23). الرجل الحق من يحمل هم سلامة الدعاة إل الله:{ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ }(القصص:20).الرجل الحق ينشغل بمعالي الأمور عن سفاسفها و لاتشغله الدنيا ببهرجها عن الآخرة: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ()رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}(النور:37).وغيرها من مظاهر الرجولة المعروفة.فهل الرجولة قَصْرٌ على كبار السن فقط؟.لا.بل إن الشاب في مقتبل عمره إذا تحلى بالرجولة يسمى فتى؛والفتى هو الشعلة من النشاط المنتج وليس الكسول المتبلد:إذا القومُ قالوا من فَتًى؟.خِِلتُ أَنَّنِي..عُنِيتُ فلمْ أَكْسَل ولم أتبَلََّدِ.فيا شباب الإسلام ليست الفتوة بالتنعم والإغراق فيه:إن الفتى حمَّالُ كُلِّ مُلِمَّةِ..ليس الفتى بِمُنَعَّمِ الشبانِ.الفتوة والرجولة لا تتوقف على المال أو الجاه و إنما على شرف الأعمال والخصال:قد يُدركُ الشرفَ الفتى ورداؤه.. خَلَقٌ وجيبُ قميصهِ مرقوعُ. اسمع لربك وهو يمتدح فتيةً ثبتوا على إيمانهم وفروا بدينهم إلى الكهف فقال:{ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}(الكهف:13).فيا خير أمة أخرجت للناس في ظل ما تعانيه الأمة في وقتها الحاضر قولوا لي بربكم هل الأمة بحاجة إلى ذكور أم إلى رجال؟.إذا قل في الأمة من يتحمل المسؤوليات العظام ويقوم بها،إذا قل في الأمة الوفاء بالعهد والموعد والكلمة، إذا قل في الأمة من يغار على عرضه ويحمي نساءه،إذا قل في الأمة من يهتم بمعالي الأمور وانشغلت ذكور الأمة بالشهوات والملهيات وأضاعوا الصلوات ونحوها تحولت الأمة إلى مجتمع كبير يقل فيه الرجال مع كثرة ما فيه من الذكور؛وكم تبدلت أخلاق وسلوكيات الرجولة في عصرنا الحاضر؛كم من الشباب يعتبرون التفحيط والتجديع رجولة،وكم يعتبرون التفجير والإرهاب في بلاد المسلمين رجولة،وكم يعدون ضرب النساء والزوجات رجولة..وهكذا حتى مع الأسف كاد يضيع مفهوم الرجولة بين شباب الأمة المعاصر..يارجال الأمة إن التخلي عن أخلاق الرجال خطيئة في حق النفس وفي حق الأمة..وتعظم الخطيئة وتكون جريمة يُلعن صاحبها إذا تخلى أفراد من أمة الإسلام حتى عن ذكورتهم وقلدوا الإناث!.إنها جريمة كبرى لعن من فعلها النبي صلى الله عليه وسلم؛عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ:((لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ)) (البخاري،اللباس،ح(5435)).فكم من شباب الإسلام اليوم وبعضهم والله من رواد المساجد المحافظين على الصلوات تحت ضغط الإعلام المعاصر القذر،والانبهار بالحضارة المادية الزائفة،أخذوا يتخلون عن أحلاق الرجولة،يل منهم مع الأسف من انحدر إلى مستوى التخلي عن الذكورة؛فأخذوا يظهرون بمظاهر هي من خصائص مخانيث الغرب أو من يسمون بالجنس الثالث؛فكم قد ترى في الأسواق وأحياناً إلى جوارك في صلاة الجماعة شاباً أطال شعره كالفتيات وجمعه بقطعة من المطاط خلف رأسه،ولو أخذت صورة لرأسه وشعره فقط لما شككت أنها صورة لرأس فتاة،كم من الشباب أصبح ينافس الفتيات في عالم الكريمات والمكياجات ومرطبات الشفاة ونحوها،كم من الشباب أصبح يطرز ثوبه بالألوان ويتفنن في تفصيله حتى أصبحت حائراً لا تدري هل يرتدي ثوبه أم أنه أخطأ ولبس ملابس أختِهِ؛ناهيك عن البناطيل المخصرة والضيقة والنازلة حتى تبدي طرفاً من السوءة،وعن ميوعة الكلمة وأنوثة الحركة،ومع الأسف أصبح بيننا تجار لا يهمهم إلا الربح المادي ولو كان على دمار واندثار أخلاق وقيم الرجولة في الأمة؛فكم من صالونات الحلاقة تقدم خدمات التجميل والتنعيم للشباب في الشعر أو البشرة ونحوها،وكم من تجار الملابس يقدمون ملابس أشبه بالنسائية لشبابنا،وكم من الخياطين أصبح لديهم دليل لموديلات الثياب كدليل موديلات ملابس النساء،فيا تجار الإسلام كفى..ويا شباب الإسلام كفى..نرجوكم كفى هدماً في الأمة..فلن نصل للعز والتمكين إلا إذا غيرنا ما بأنفسنا اسمعوا لربكم وهو يقول:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ }(الرعد:11).

الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى يجزي أهل الوفاء بالتمام والوفاء وسلام على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له يبتغى ولاند له يرتجى وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً النبي المجتبى والرسول المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأطهر الحنفاء.أمابعد:
فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أنه لابُدَّ لنا من التصدي لهذه الظاهرة قبل أن يستفحل أمرها ويتسع الخرق على الراقع وذلك بمعرفة أسبابها؛ومن أبرز تلك الأسباب البعد عن التربية الدينية والرجولية للأولاد وغمسهم في النعيم والترف،فقد الحنان في البيت والمعاملة القاسية،تربية الأولاد بين البنات وعدم تعويدهم على مخالطة الرجال من صغرهم،ضعف الاهتمام بإعلاء قيم الرجولة في الأسرة والإعلام والمدارس،ضعف متابعة الذكور من الأولاد وملاحظة ما يطرأ عليهم من تغيرات ومعالجتها أول بأول، ضعف الدور التربوي للمدرسين وأساتذة الجامعات حيث أنه يرى مثل تلك المظاهر بين الشباب فلا يعالجها بحزم بل قد ينظر إليها بعدم المبالاة ما دامت ليست في أبنائه وهذا بلا ريب مخالف لأداء الأمانة وخلق الإسلام، ثم نقول له أين يعيش أبناؤك فما تراه اليوم في أولاد المسلمين ولا تسعى لإصلاحه غداً قد تنتقل عدواه لأبنائك، وغيرها من الأسباب الكثير فحسبنا أن تكون في أولويات اهتمامنا ونسعى لمعالجتها.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية