صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







أوقفوا التكفير

د.فهد بن صالح العجلان
@alajlan_f

 
بسم الله الرحمن الرحيم


لا يرضيني، ولا يرضيكَ، ولن يرضي أحداً يسكن أرض هذا الوطن المبارك أن يسمع كلمة (تكفير) تثار في حقّ أحدٍ من أفراده، وأودّ – عَلِم الله- وأجزم أنكم توّدون أن ينقطع عن مسامعنا صوت (تكفير) في حقّ أحد من المسلمين، ففي التكفير من المحاذير الشرعية والوطنية ما يوجب تعاطف الجميع مع أي جهد صادق لكفّه وحماية المجتمع منه.

ما يجب أن يقال هنا : أن (التكفير) حكم ووصف شرعي لا أملك ولا يملك أحد أن يمنعه أو يلغي وجوده، فالوصف الذي حكم الشارع بكفره فهو كفر وفاعله معرّض للتكفير ولن يتغيّر ذلك ولو اجتمع إعلام الدنيا وقوى الشرق والغرب على محاربته.
فإذا كنّا فعلاً نريد أن نلغي التكفير تماماً، ونريد –بصدق- أن لا يوجد في مجتمعنا تكفير، فإن الواجب أن لا نقتصر في علاجنا للموضوع على الوعظ الطويل المتلاحق المتواصل على خطورة التكفير وضرره على الدين والمجتمع والوطن .. الخ النصائح المشكورة ..

فكل هذا الجهد البنّاء المشكور سيزول وسيمحى مع أوّل (مقالة) يجاهر صاحبها بالاستخفاف بحكم شرعي أو (كاريكاتير) صحفي سخيف يتهكّم بحكم شرعي دلّ عليه الكتاب والسنّة، فالتحذير من التكفير لا فاعلية له مع وجود الأسباب التي تكون دافعاً للتكفير.
لا تقولوا لي .. (إن هذه المقالات ليست كفراً ولا تستدعي التكفير).

لأنه لا يعنيني أن تكون كفراً أو لا، ما أريده بوضوح أن التعدّي على أحكام الشرع وتناولها باستخفاف واستهتار في مثل (الرسومات) و (المقالات) سيكون سبباً للتكفير-شئنا أم أبينا- فإذا كنّا صادقين في مواجهة التكفير فلا بدّ أن نقلّم أظفار من يجرح بأحكام الشرع ويتناولها بسخرية واستهتار.

من السهل جدّاً أن تكتب مقالة تحذّر فيها من التكفير وخطورته وبيان ضرره على الوطن وتحذير الشارع منه .. غير أنك ستجد صعوبة بالغة في تقويم خطأ شخص وقع في تكفير أحد لأنه يراه يستهتر بحكم الشارع في (القوامة) أو (عقوبة العصاة) أو (الحجاب).

فخارطة الطريق في علاج التكفير لا تبدأ بإسكات أفواه (المكفّرين) وإنما تبدأ بتعديل وتقويم (الفعل) و(القول) الذي كان سبباً في التكفير، ومن دون ذلك فلن تحلّ الإشكالية، بل وسندخل في إشكالية أكبر، إذ سيكون المواجهة لأساس (التكفير) وبنفي وجوده تماماً، وأن لا وجود (لتكفير) في الإسلام، وهذا ما يؤزّم القضية ويحوّر القضية من كونها علاجاً (لمشكلة دينية ووطنية) إلى (مصادمة لنصوص شرعية قطعيّة).
لستُ أفهم.

لِمَ يعتقد بعض الناس أن من (حريّته) و (حقّه ) الذي قامت عليه السماوات والأرض أن يتكلّم في أي موضوع يريد ولو ضرب بسخفه وحمقه الأحكام الشرعية بسخرية واستهتار فإذا تحرّكت حميّة (غيور) ضدّ هذا الاستهتار فإن من (الواجب) علينا أن نغلق كلّ فم ينوي الكلام، فكلّ شيء يهون ما دام (الرسّام) و(الكاتب) يمارسان حريّتها بكلّ هدوء.

ربّما خانني التعبير، وعجزت عن توضيح المراد فاحذفوا كل ما تقدّم، وخذوا مختصر القول وخلاصة المقال:

( إذا أردتم مواجهة التكفير فحاربوا أسباب التكفير –ولو كانت باطلة-وليس من مصلحة الدين والوطن أن يكون أمرٌ كهذا مطلقاً لا يحدّه نظام ولا قانون، بل حسب مزاج الحرية الصحفية).


صحيفة سبق
14/6/1430هـ.


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.فهد العجلان
  • مقالات
  • السياسة الشرعية
  • سيادة الشريعة
  • محاضرات مفرغة
  • معركة النصّ
  • الفروق الفيسبوكية
  • المؤلفات
  • الصفحة الرئيسية