بسم الله الرحمن الرحيم

كلما أخرتموها كانت في مصلحة المجاهدين!


مهما حاولتم من وضع السدود والعقبات بالتعاون مع اليهود وأذنابهم من قادة النصارى الصليبيين الصهيونيين، فإن سدودكم شبيهة بقليل من التراب والحصى يضعها طفل أمام سيل جارف نازل من قمة جبل، إنكم الآن يائسون من فوزكم في الانتخابات في الأرض الفلسطينية المباركة، لعدة أمور:

الأمر الأول: أن ولاء بعضكم لبعض في السلطة هو ولاء مصالح مادية: سياسية أو مناصب وزارية أو إدارية وولاء: فساد إداري يسكت بعضكم عن بعض فيه من أجل تحقيق مصالحه الشخصية، وهذا واضح من عشرات السنين.

الأمر الثاني: أن تنازعكم بسبب تلك المصالح المادية قد طفح وأزكم الأنوف، بدليل أن شبابكم كل يوم يحتل موقعا من مواقعكم ويطردكم منه، وهو من مظاهر فشلكم الإداري والسياسي والأمني.

الأمر الثالث: أنكم فشلتم في الانتخابات البلدية، فلم تحققوا الفوز الذي كنتم تحلمون به، بحجة أنكم أهل المنظمة الذين يجب أن يستـأثروا بالحكم والسلطة، لأنها هي التي بدأت النضال ضد اليهود وهي التي ضحت بالشهداء....
إن الأعمال أيتها السلطة بالخواتيم وليست بالبدايات، فقد بدأتم وبدأ معكم غيركم من رجال الدعوة والجهاد، فلم ترثوا شيئا من النضال إلا عن القسام وإخوانه الذين سبقوه ولحقوه، ولكنكم أردتم الاستبداد بالأمر، وأقنعتم من شاء أن يقتنع بأن المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ولم يكن ذلك بإرادة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
فقد استأثرتم بالدولارات التي منحتكموها الدول العربية والشعوب الإسلامية، ظنا منها أنكم ستحررون الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى من أيدي اليهود، فإذ أنتم ترتمون في أحضان اليهود والصليبيين في واشنطن ومدريد وأسلو وتستسلمون استسلاما مخزيا لهم، وظننتم أنكم أذكياء ستنالون استقلالا ببعض البلديات وتنعمون بقصور ومقصورات مريحة وسيارات فخمة، وستستقلون بالسيطرة على الشعب الفلسطيني الذي ذاق مرارة الاحتلال والقهر، ولكن يهود كانوا أذكى منكم، حيث استدرجوكم لتتجمعوا في مساحة يستطيعون فيها أن يحاصروكم حصار السجين في زنزانته، وها أنتم كذلك منذ وطئت أقدامكم غزة وأريحا.

الأمر الرابع: أن رجال المقاومة الجهادية فقهوا من كتاب ربهم ومن سنة نبيهم وسيرته وسيرة أصحابه ومن تبعهم بإحسان أن مفتاح باب التحرير ليس هو المفتاح المكسر الأسنان الذي ظننتم أنكم ستفتحون به أبواب تحقيق أهدافكم السلمية التي تشحذونها من تل أبيب وواشنطن.
إن مفتاحهم هو آيات الجهاد في البقرة وآل عمران والنساء والأنفال والتوبة والنور والأحزاب ومحمد والمجادلة والحشر، وغيرها، ولذلك عكفوا عليها أمام الشيخ أحمد يسين في مساجدهم ومنازلهم ومدارسهم، فخرجوا في الوقت الذي كنتم على موائد الأمريكان واليهود في فنادق المعاهدات، رجالا مثل الرنتيسي وعياش، ورفقائهم الذين بذلوا دماءهم راضية بها نفوسهم تحت ألوية القسام، فبدءوا بالحجارة أمام دبابات العدو، وانتهوا بصواريخ القسام التي لم يزلزل العدو فيخرج هاربا من غزة غيرها.
وسافر ياسين والرنتيسي وعياش إلى حيث يلجئون إلى ربهم لينصر من تبعهم على نهجهم، ولا زالت نساء المجاهدين يعاهدن ربهم لينجبن ياسينا والرنتيسي وعياشا.

الأمر الخامس أن الشعب الفلسطيني أدرك أن رجال المقاومة الجهادية هم الثابتون على المبدأ الذي لا يتزحزحون عنه قيد أنملة، ليقينهم بأنه لا سلاح يهابه العدو ويقدره حق قدره غير سلاحهم، مهما حاول التخلص منهم، لأنه يعرف أنهم يحبون الموت في سبيل الله أشد من حبهم الحياة في الأرض الفانية، ويعرف العدو قول الله تعالى في سلفه: ((هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من صياصيهم يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار)) وهاهم خربوا بيوتهم في غزة بأيديهم وبصواريخ القسام ومجاهديه الفدائيين الذين أقلقوه في عمق داره.
إن اليهود يعرفون ما قال الله تعالى فيهم: ((لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر، بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون)
وهاهم يجسدون معنى هذه الآية على أرض فلسطين: الجدار الفاصل الطويل واحتماؤهم بجدران البيوت والأزقة وبجدر الدبابات والطائرات مع أن عدوه الذي يدفع عن نفسه أذاه لا يملك سوى الحجر والمقلاع والسكين! والقرى المحصنة واضحة، إن بناء اليهود مساكنهم في كل مكان يخططون له ليكون محصنا، وقد رأينا ذلك في بقاء بعض مساكنهم المهدمة في خيبر، كما رأينه في سيناء بعد جلائهم منها، فهم جبناء في كل مكان ولهذا يجهدون أنفسهم في التحصين، ولقد رأيت مرة طفلا فلسطينيا لا أظنه يبلغ عشر سنين يطارد اليهودي المدجج بالسلاح هاربا من لك الطفل!
هذه المواقف التي وقفها رجال المقاومة الجهادية أكسبتهم حب شعبهم الذي بدأ غالبهم يتجهون إليهم في الاختيار والانتخاب، إضافة إلى أنهم لم يختلفوا فيما بينهم على القيادات والمناصب، وإنما يتنافسون في لقاء الله شهداء بدمائهم الجديدة.
أما مواقف من يسمون أنفسهم بالممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، فهي التنافس على المناصب وحيازة المال والعبث الإداري والاستئثار بما يحرم منه الشعب من فتات المساعدات المادية، فمن تُراه من الفريقين أقرب إلى قلوب الشعب؟ إن الانتخابات البلدية مؤشر واضح للإجابة على هذا السؤال.

الأمر السادس: إن اتجاهات الشعوب في الدول العربية والعالم الإسلامي واضحة بينة، أنها تريد لأن تجرب دعاة الإسلام الذين ترى في نشاطهم وتصرفاهم الصدق والثبات وعدم التذبذب إلى هؤلاء أو ألئك، لأنها قد جربت كل المبادئ في هذه العصور فوجدتها مبادئ كذب ودمار وفساد، كل مبدأ يصطدم مع غيره من المبادئ فيتحطم المبدآن مثل الزجاج المتساوي الخامات إذا ضربت بعضه ببعض تكسر كله:
حجج تهافت كالزجاج تخالها،،،،،،،،،،، حقا وكل كاسر مكسور
ولهذا نجد غالب الانتخابات مع تنوعها يبرز فيها الميل إلى الإسلاميين، مع شدة حرب السلطات الحكومية لهم، يفوزون في الانتخابات الجامعية طلابا وأساتذة، وانتخابات نقابات محامين واقتصاديين وبرلمانيين وغيرهم, ولهذا ينبغي للعقلاء في الشعوب الإسلامية أن يعقدوا بينهم وبين الإسلاميين صلحا يمكنهم من العيش في أوطانهم سالمين من الصراع الذي قد يؤدي إلى إسالة الدماء.
وإذا كانت السلطة الفلسطينية تظن أنها بخضوعها للتهديدات اليهودية والأمريكية وتأخيرها الانتخابات التشريعة بأي حجة من الحجج التي يعلم الناس أنها واهية، إذا كانت تظن أن هذا لتأخير سيقلل من شأن رجال المقاومة الجهادية وسيجعلها تخسر الانتخابات، فإن ظنها هذا من الظن الذي لا يغني من الحق شيئا، إن الشعب سيلتف حول المجاهدين أكثر من ذي قبل، لتراكم الحجج البينة عنده أن السلطة تستجيب للعدو وتقف ضد من يريد تحريره صادقا وليس منتظرا أوامر العدو في تصرفاته.

فتأخير الانتخابات ستكون في مصلحة المجاهدين وليس في مصلحتكم إن كنت تعلمون.!

 

كتبه
د . عبد الله قادري الأهدل

الصفحة الرئيسة    |    صفحة الشيخ