بسم الله الرحمن الرحيم

صعوبة الإخلاص وما يعين عليها
19/6/1426هـ ـ 25/8/2005م


المراد بالإخلاص، تصفية العمل وتنقيته من شوائب الشرك بالله، تعالى سواء كان شركاً أكبر، وهو الذي قال تعالى فيه: ((إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)) [النساء: 47].
أو شركاً أصغر، ومنه إرادة الإنسان بعمله الرياء، أي مراءاة الناس، كما قال تعالى: ((فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً)). [الكهف: 110].
قال ابن كثير رحمه الله: "فليعمل عملا صالحا، أي ما كان موافقا لشرع الله ولا يشرك بعبادة ربه أحدا، وهو الذي يراد به وجه الله وحده لا شريك له، وهذان ركنا العمل المتقبل، لا بد أن يكون خالصا لله صوابا على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم" [تفسير القرآن العظيم (3/109)
وقال تعالى ـ في الحديث القدسي ـ: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه) [مسلم (4/2289)].
وقد أمر الله تعالى بالإخلاص في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، في نصوص كثيرة، منها قوله تعالى: ((وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين)) [البينة: 5].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) [البخاري (1/2) ومسلم (3/1515)].
وقال صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل: (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) [البخاري (6/20) ومسلم (1/37)].
وقال صلى الله عليه وسلم: ( اتق الله حيثما كنت) [الترمذي (4/355) وقال: حسن صحيح، والدارمي (2/231)].
فعلى الأستاذ أن يحرص كل الحرص على الإخلاص لله ومجاهدة الرياء في نفسه، ويحث على ذلك تلاميذه، وأن يذكروا أن المخلوقين مهما عظمت منزلتهم فهم مخلوقون، لا يقدرون أن ينفعوهم نشئ ولا يضروهم، وأن يتذكروا عظمة الله الخالق الذي إذا أراد شيئاً فإنما يقول له: ((كن فيكون)).
فإنَّ تذكر الأمرين ضعفِ المخلوق وعجزِه، وقوةِ الخالق وقدرتِه وعظمتِه، مما يعين على إخلاص الأعمال لله تعالى.
ويجب أن يعلم المؤمن أن الإخلاص لله تعالى في العمل، فعلا أو تركا سهل على اللسان، ولكنه من أصعب الأمور على القلوب، وليس كما يقول بعض الناس: إن الإخلاص سهل، نعم هو سهل على من جاهد نفسه في إرادة وجه الله فجاهد جهادا مستمرا صادقا لا ينقطع، في كل ما يريد التقرب بعمل إلى الله تعالى، وأعانه الله على جهاده
وسبب صعوبته أن نفس الإنسان تتوق غالبا إلى الثناء عليه من الناس، كالقول عنه: إنه رجل كريم، أو رجل شجاع أو كريم أو تقي ورع أو ذو أخلاق حسنة، أو يكثر من الصلاة ويحسن صلاته، أو عالم فاضل أو تقي ورع، وقد تتشوف نفس العبد من أعمال صاحبها إلى مصالح تعود عليه من الناس، من منصب يحصل عليه، أو مال يحوزه، أو رتبة علمية يحترمه الناس بسببها، أو غير ذلك مما يصعب حصره، فيقوم بالعمل الذي ظاهره لله تعالى وهو في حقيقة الأمر منصرف قلبه عن الله، ملتفت إلى سواه.

وهنا ينبغي أن ننبه على ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن فرح المسلم وسروره بثناء الله تعالى وثناء رسوله على من يتصف بصفات ترضي الله ثناء عاما، وهو يتصف بتلك الصفات، لا يدخل في الرياء الذي نهى الله تعالى عنه، لأنه فرح بفضل الله عليه حيث هداه لما هدى عباده الصالحين، فهو من الفرح المحمود الذي يكون بينه وبين ربه، ولا يظهر غروره بذلك للناس.
فقد أثنى الله تعالى على العلماء العاملين، وأثنى على المجاهدين في سبيله، وأثنى على المتصدقين والمنفقين، وأثنى على المتنافسين في طاعته، وأثنى على كل من اتصف بطاعته وتقواه وذكره، فإذا كان المؤمن متصفا بشيء من تلك الصفات أو بها كلها ففرحه بذلك وسروره أمر محمود، كما قال تعالى:
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58) [يونس]
وفضل الله تعالى يشمل كل نعمة أنعمها على عبده مما ذكر وغيره مادام سليما سبيلا إلى طاعته سليما من معصيته.

الأمر الثاني: أن المدح والثناء على المؤمن المتصف بصفات الخير، إذا كان لا يخشى عليه من الغرور والعجب، لا مانع منه وبخاصة إذا قصد من يثني عليه إبراز فضله ليُقتَدى به أو لأنه كفء لما يسند عليه من الأعمال.
من ذلك حديث قيس بن عباد في شأن عبد الله بن سلام، قال: "كنت جالسا في مسجد المدينة فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع، فقالوا هذا رجل من أهل الجنة، فصلى ركعتين تجوز فيهما ثم خرج، وتبعته فقلت: إنك حين دخلت المسجد قالوا هذا رجل من أهل الجنة، قال: والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم وسأحدثك لم ذاك؟
رأيت رؤيا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه، ورأيت كأني في روضة ذكر من سعتها وخضرتها وسطها عمود من حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء في أعلاه عروة فقيل: لي ارقه قلت لا أستطيع فأتاني منصف فرفع ثيابي من خلفي فرقيت حتى كنت في أعلاها فأخذت بالعروة فقيل لي استمسك فاستيقظت وإنها لفي يدي، فقصصتها على النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: (تلك الروضة الإسلام وذلك العمود عمود الإسلام وتلك العروة عروة الوثقى فأنت على الإسلام حتى تموت) وذاك الرجل عبد الله بن سلام" وقال لي خليفة حدثنا معاذ حدثنا بن عون عن محمد حدثنا قيس بن عباد عن بن سلام قال وصيف مكان منصف" [صحيح البخاري (3/1387)]
ومن ذلك رواه ابن عباس وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهما : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأشج عبد القيس: (إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة) [مسلم (1/48)]
ومن ذلك ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أرحم أمتي بأمتي أبو بكر. وأشدهم في أمر الله عمر. وأشدهم حياء عثمان. وأقضاهم علي. وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل. وأفرضهم زيد بن ثابت. وأقرؤهم أبي بن كعب. ولكل قوم أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح. وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر، أشبه عيسى  في ورعه).
قال عمر: أفنعرف له ذلك يا رسول الله؟ قال: (نعم فاعرفوا له) [الترمذي (5/665-670) وقال: هذا حديث حسن صحيح، لكن صفة أبي ذر من حديثه هو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الترمذي فيه: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه].
وفي قول عمر، رضي الله عنه : أفنعرف له ذلك؟ وجواب الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (نعم فاعرفوا له) تأكيد لهذا المعنى.
وكذلك وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه أنهم من أهل الجنة وهم أحياء، كما في حديث عبد الرحمن بن عوف قال:
قالَ: "النبي صلى الله عليه وسلم (عشرة في الجنة أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، والزبير في الجنة، وطلحة في الجنة، وبن عوف في الجنة، وسعد في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة)
قال أبو حاتم ليس ذكر أبي عبيدة أنه في الجنة مضموما إلى العشرة إلا في هذا الخبر وهؤلاء الذين ذكرناهم من أول هذا النوع إلى هذا الموضع هم أفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أذكر بعد هؤلاء من رويت له فضيلة صحيحة وكان موته في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قبض الله جل وعلا رسوله صلى الله عليه وسلم إلى جنته إن يسر الله ذلك وشاءه" [مسند الإمام أحمد بن حنبل (1/193) و صحيح ابن حبان (15/463) واللفظ له، وسنن الترمذي (5/647)]
أما الثناء على الشخص بما ليس فيه أو لا علم لمن أثنى عليه بوجودها فيه أو يخشى عليه من الغرور بسبب الثناء عليه، فهو الثناء المذموم المنهي عنه، وإذا رضي به الممدوح دخل في الرياء أعذنا الله منه.

ومما يدل على أن النهي من أجل القطع بصفة لا يعلم المادح أنها في الممدوح حقيقة حديث أبي بكرة رضي الله عنه .. قال: مدح رجلٌ رجلاً عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: (ويحك قطعت عنق صاحبك ـ مراراً ـ إذا كان أحدكم مادحاً صاحبه لا محالة، فليقل أحسب فلاناً، والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحداً، أحسبه، إن كان يعلم ذاك، كذا وكذا..) [ البخاري (7/87) ومسلم (4/2296]
ومما يدل على أن النهي من أجل المبالغة والإطراء حديث أبي موسى رضي الله عنه ، قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يثني على رجل ويطريه في المِدحة، فقال: (لقد أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل) [7/87) ومسلم (4/2297].
وعلى تلك المعاني حمل العلماء النهي، فقد بوب النووي رحمه الله على أحاديث النهي بقوله: "باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط، وخيف منه فتنة على الممدوح".. ثم قال:
"وقد جاءت أحاديث كثيرة في الصحيحين بالمدح في الوجه، قال العلماء: وطريق الجمع بينها أن النهي محمول على المجازفة في المدح والزيادة في الأوصاف، أو على من يخاف عليه فتنة من إعجاب ونحوه إذا سمع المدح.. وأما من لا يخاف عليه ذلك، لكمال تقواه ورسوخ عقله ومعرفته، فلا نهي في مدحه في وجهه إذا لم يكن فيه مجازفة، بل إن كان يحصل بذلك مصلحة، كَنَشْطِهِ للخير والازدياد منه، أو الدوام عليه أو الاقتداء به، كان مستحباً [شرح النووي على مسلم(18/126)]
الأمر الثالث: لا ينبغي أن يفهم مما مضى أن يجعل المؤمنَ الخوفُ من الرياء، ترك إحسان عمله، أو تفويت فعله، بل عليه أن يحسن عمله في خلوته وجلوته ويجاهد نفسه على إرادة وجه الله، لأن الشيطان قد يصرفه عن إتقان العمل أو تركه موهما له أن في إحسانه وإتقانه أو تركه السلامة من الرياء، فالإخلاص يحتاج إلى مجاهدة النفس في كل حال، والله تعالى يقول في كتابه الكريم:
((تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)) [الملك (2)]

ولكن ينبغي النظر في إظهار العمل أو إخفائه حالتان:
الحالة الأولى: ما إذا كان المؤمن يريد بإظهاره وإحسانه أمام الناس أن يقتدوا به، وهو لا يخشى على نفسه من الرياء، ففي هذه الحالة إظهار عمله أفضل.
الحالة الثانية: أن يخشى على نفسه من إظهار العمل الرياء، فيشرع له إذن إخفاء عمله وإحسانه فيه، إذا لم يكن مأمورا بإظهاره، كصلاة الجماعة في المسجد مع المصلين التي يرى كثير من العلماء وجوبها على الرجال، وهنا يجاهد نفسه على الإخلاص كسائر أعماله.
قال تعالى: ((إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)) [البقرة (271)]
ومثل الصدقات سائر الأعمال.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية:
"فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها لأنه أبعد عن الرياء، إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به فيكون أفضل من هذه الحيثية، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة)
والأصل أن الإسرار أفضل لهذه الآية، ولما ثبت في الصحيحين [البخاري1/234) ومسلم (صحيح مسلم 2/715)] عن أبي هريرة قال قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل قلبه معلق بالمسجد، إذا خرج منه حتى يرجع إليه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله تنفق يمينه) تفسير القرآن العظيم [(1/323)]

ومما يعين المؤمن على صعوبة الإخلاص
و يعين العبد على تجاوز هذه الصعوبة في الإخلاص الأمور الآتية:
الأمر الأول: تذكر أمر الله تعالى له بالإخلاص في عمله وعدم الالتفات إلى غيره في كل أعماله، كما مضى قريبا، وهناك نصوص أخرى في السنة، تبين خطر الرياء على حبوط الأعمال التي ظاهرها الصلاح، نذكر منها ما يناسب المقام وهو في غاية الصراحة في حبوط عمل من لم يخلص لله فيه، بل تثبت أن بعض المرائين يجدون أنفسهم يوم القيامة ممن يسحبون على وجوههم في نار جهنم، بعد أن يكذبهم الله في إظهار أنهم عملوا ما عملوه له تعالى.
كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال فما عملت فيها؟ قال قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها قال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار)
[صحيح مسلم (3/1513)] وأخرجه غيره من أهل السنن.

وهؤلاء الثلاثة الذين سحبوا على وجوههم إلى النار، لا يخلون من أحد حالتين:
الحالة الأولى: أن يكونوا منافقين نفاقا اعتقاديا، بمعنى أنهم يكفرون بالله تعالى وبجميع أصول الإيمان وفروعه وبالإسلام جملة، كإخوانهم من المنافقين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، الذين قال الله تعالى فيهم:
((وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)) (9) [إلى آخر الآيات المتعلقة بهم من سورة البقرة]
وقوله تعالى: ((إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ)) المنافقون (1)]
وغير ذلك من الآيات الدالة على أن المنافقين نفاقا اعتقاديا كفار في الدرك الأسفل من النار، وعلى هذا فهم كفار كفرا أكبر مخلدون في نار جهنم، أعاذنا الله منها.
الخالة الثانية: أن يكونوا مؤمنين ضعاف الإيمان، ويكون نفاقهم نفاقا عمليا، كمن إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر، عملوا الأعمال الصالحة في الأصل لله تعالى، ولكنهم خلطوها بالالتفات إلى الناس ليثنوا عليهم، فصار التفاتهم من النفاق العملي، وهو نوع من الشرك الأصغر، وهو مع صغره ذو خطر عظيم ومن أكبر الكبائر، فاستحقوا دخول النار على عمل قلوبهم الخفي على غير الله، ولكنهم كغيرهم من العصاة لا يخلدون في النار، بل يعذبون بقدر معاصيهم التي لا يرضى الله عن أهلها، ثم يدخلون بعد ذلك الجنة.
وقد بنت مذاهب الفِرق فيما يتعلق بأهل الكبائر ورجحت على ضوء الكتاب والسنة ما ذهب إليه أهل السنة، خلافا لمذهبي الخوارج والمعتزلة، في مبحث مستقل بعنوان: "التكفير والنفاق ومذاهب العلماء فيهما"

http://www.al-rawdah.net/r.php?sub0=allbooks&sub1=a5_general&p=10

http://saaid.net/book/open.php?cat=1&book=1252

وهو من البحوث التي سألحقها بكتابي "الردة عن الإسلام وخطرها على العالم الإسلامي"
فالمؤمن الذي يعلم أن الرياء يحبط عمله عند الله يجب أن يجاهد نفسه في الإخلاص، بحيث لا يفارقه في أي عمل يريد أن يتقرب إلى الله.

الأمر الثاني: عدم الاغترار بالعمل الذي يقوم به، لأن عباد الله الصالحين يقومون بالأعمال الصالحة وهم في خوف شديد من عدم قبولها، لأي سبب من الأسباب التي عملها لأمر يعلمه الله وهو لا يعلمه، كما قال تعالى عنهم:
((إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)) [المؤمنون (61)]
وكذلك التواضع لله وعدم التعالي على الناس والاتصاف بالصفات التي يحبها الله تعالى، فإن ذلك يعين على الإخلاص، كما في قوله تعالى:
((وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً (64) [إلى آخر سورة الفرقان]

الأمر الثالث: لجوء المؤمن إلى ربه تعالى في كل أحواله، وبخاصة عندما يريد أن يؤدي عملا يتقرب به إلى الله، يلجأ إليه ويدعوه أن يجعل عمله خالصا له فيقول: اللهم اجعل عملي خالصا لوجهك الكريم، لا تشوبه شائبة رياء لأحد، فإذا دعاه صادقا راجيا منه ذلك أعانه وأذهب عنه الالتفات إلى سواه ووقاه وساوس الشيطان وهوى النفس الأمارة بالسوء، لأنه تعالى قد وعد عبادة بالاستجابة لدعائهم إذا صدقوا في دعائهم، كما قال تعالى:
((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)) [البقرة (186)]
وقال تعالى: ((وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)) [ غافر(60)]
ولاسيما دعاء المؤمن ربه في جوف الليل الذي يدفعه إيمانه بربه وخوفه منه، إلى هجر ما هو شديد الحب له والركون إليه من نوم عميق وراحة مرغوبة على فراش وثير، وخل أثير يهجر ذلك طمعا في رضا الله وثوابه والفوز بما خفي عنه من قرة عين، وخوفا من سخط الله وعقابه، كما قال تعالى:
((تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) (17) [السجدة]
سائرا في درب ذلك الركب العظيم الذين قال الله تعالى عنهم:
((وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً)) [النساء (69)]
يتحين ما يتحينه الصائد الماهر أوقات الفوز بالمطلوب، كما روى أبو سعيد وأبو هريرة رضي الله عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يمهل حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول نزل إلى السماء الدنيا، فيقول هل من مستغفر هل من تائب هل من سائل هل من داع حتى ينفجر الفجر) صحيح مسلم (1/523)
وفي رواية عنهما: "إذا مضى شطر الليل أو ثلث الليل، أمر مناديا فنادى هل من داع فيستجاب؟ له هل من سائل فيعطى سؤله؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فيتاب عليه؟)

الأمر الرابع: ومما يعين على صعوبة الإخلاص، أن يتذكر المسلم عظمة الله تعالى الذي لا ينفعه ولا يضره غيره لا في الدنيا ولا في الآخرة سواه، كما مضى، كما قال تعالى:
((وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) [الأنعام (17) والآيات مثلها كثير]
ومن عظمته التي إذا تذكرها الإنسان أعانته إلى الإخلاص له، انه يعلم كل شيء لا تخفى عليه خافية، فكل ما تكنه الصدور هو عنده كما يظهر للناس لا فرق بين ما غاب عن الناس وما شهدوه، وليس هذا لأحد غير الله، كما قال تعالى:
((وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ)) [النمل (74)]
فعلمه تعالى بما تخفيه الضمائر على سواه من المخلوقات دافع قوي ومعين عظيم للمؤمن على مجاهدة نفسه ليخلص أعماله لربه، فإن كل من عدا الله تعالى لا يعلم إلا ما ظهر له من قول أو فعل، أما رب السموات والأرض، فلا تخفى عليه خافية.
كما قال تعالى: ((وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)) [يونس (61)]
فإذا تصور العبد وهو يقدم على عمل أن ربه يعلم في قلبه ثم قصد بعمله غيره، فليعتبر ذلك برهانا على فقده الإخلاص لله في ذلك العمل، فليجاهد نفسه وهواه والشيطان على تطهير قلبه من الشرك الخفي على غير الله ولينق عمله من شائبة العمل للمخلوقين، ويخلصه للخالق جل وعلا.

الأمر الخامس: أن العبد لا يدري عن الخاتمة التي يختم الله بها عمله، فقد يبقى ظاهره الصلاح حتى يقترب أجله فينقلب صلاحه إلى ضده فينبغي أن يبقى خائفا وجلا داعيا ربه الذي يقلب قلوب عباده، أن يثبت قلبه على الإيمان والعمل الصالح ويختم له بخاتمة حسنة.
ففي حديث عبد بن مسعود رضي الله عنه،قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق (إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما [في رواية: "نطفة"] ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله إليه ملكا بأربع كلمات فيكتب عمله وأجله ورزقه وشقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح فإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار) [صحيح البخاري (3//1174) وصحيح مسلم (4/2036)]

وليس لأحد أن يحتج بأن الله قد قدر حسن الخاتمة سوءها، فيتكل على ذلك ويترك العمل للأسباب الآتية:
السبب الأول: أن الله تعالى قد أمر بالعمل والواجب تنفيذ أمر الله، والذي لا ينفذ أمر الله عاص، فهو يبذل الأسباب التي ينال بها غضب الله تعالى، مع أنه يبذل الأسباب لجلب منافعه في الدنيا، ويجتهد في درء المفاسد عنه فيها، فلم لا يترك العمل في الدنيا كما تركه للآخرة، ويتكل على القدر؟!
السبب الثاني: أن قدر الله تعالى بأنه سيكون حسن الخاتمة أو سيئها، أمر غيب عنه وليس من الحكمة والعقل أن يترك ما فيه مصلحة ظاهرة، أو يرتكب ما فيه مفسدة ظاهر لأمر لا يعلم عنه شيئا، ومثل هذا كمثل ألف طلاب هددهم أستاذهم بأنه سيرسب عشرة منهم أو أقل أو أكثر بدون تعيين، يعرف أنهم لا يقومون بواجباتهم التي ألزمهم بها، فتركوا كلهم أو بعضهم مذاكرة دروسهم من أول العام، وقالوا: إنه سيرسبنا سواء ذاكرنا أم لم نذاكر، فهل لهم من حجة في ترك المذاكر’؟! كلا!
السبب الثالث: أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وردت عليهم هذه الشبهة عندما ذكر لهم أن الله قد كتب السعادة لكل سعيد وكتب الشقاوة لكل شقي في سابق علمه، فسألوه قائلين: أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل، فأجابهم بالنفي وأمرهم بالعمل، كما في حديث علي رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة فأخذ شيئا فجعل ينكت به الأرض، فقال: (ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة) قالوا: يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال (اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما من كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة وأما من كان من أهل الشقاء فييسر لعمل أهل الشقاوة) ثم قرأ: ((فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) [الليل، والحديث في صحيح البخاري (4 /1891) وصحيح مسلم (4/2040)]
فكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والحكمة والعقل تبطل استدلال من اتكل على القدر وترك العمل، كما هو واضح.
الأمر السادس: البعد عن صحبة الذين يحبون الثناء بما يفعلون وما لم يفعلوا، ومجاهدة النفس للانبساط لذلك وحبه، فإن مصاحبة العبد لمن يأنسون لذلك عامل من عوامل تعلق القلب بمراآة المخلوقين، كما قال تعالى:
((لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنْ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) [آل عمران (188)]
على عكس ما سبق من صفات عباد الله الصالحين الذين يؤدون الأعمال لله تعالى ولا يغترون بما عملوا، بل إنهم يخافون من رجوعهم إلى الله ولقائه، خوفا يدفعهم إلى المزيد من الأعمال الصالحة:
((إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)) [المؤمنون (61)]
فهؤلاء ينبغي أن يحرص المؤمن على صحبتهم والاقتداء بهم، ومعلوم ما يفوز به من رافق جلساء الصلاح الفضلاء، وما يحصده من صاحب أهل السوء الأشقياء، وفي أمثال القرآن والسنة هداية وعبر، قال تعالى:
((وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (27) يَا وَيْلَتىَ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً (29)) [الفرقان]
وفي حديث أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة) [صحيح البخاري (5/2104) و صحيح مسلم (4/2026)]
فإذا أتاح الله للمؤمن قدوة حسنة من عباده الذين يفقههم الله في دينه من كتابه وسنة رسوله فيجتهدون في تزكية أنفسه بطاعته ويكثرون من ذكره، فتمتلئ قلوبهم بمحبته وعظمته ويخشونه ويخلصون له ولا يلتفتون في أعمالهم لسواه، فليحرص على مجالستهم وصحبتهم، لأنهم سيصقلون بما آتاهم الله من علم وعمل وتقوى وورع، من جالسهم وصحبهم بإذن الله.
((وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً)) [النساء (69)]
 

كتبه
د . عبد الله قادري الأهدل

الصفحة الرئيسة    |    صفحة الشيخ