اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/ageel/15.htm?print_it=1

وقت رمي جمـرة العقبة

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

عقيل بن سالم الشمري

 
المقدمة

الحمد لله وكفى ، وصلاة وسلام على النبي المصطفى ، وبعد ،،،
فإن من نعم الله الظاهرة أن يمن الله على الإنسان بطلب العلم ، والتلذذ ببحث المسائل ، ومن يطالع مناهج أهل العلم في تقرير المسائل الفقهية ، يجد التنوع ظاهرا ، فهناك من يكتفي بتقرير المسألة فقهيا ، وذكر المذاهب فيها ، ثم يقوم بعد ذلك بالترجيح بين الأقوال ، في حيث أن المنهج الآخر يقوم على جمع الأحاديث ، والنظر فيها ، تصحيحا وتضعيفا ، فما كان من الأحاديث الصحيحة نظر في معناه ، ومدلوله ، ومن كان من الأحاديث غير الصحيحة طرحه ، ولم ينظر فيه  اكتفاء بما بين يديه مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقتصر الجهد ، والنظر في استنباط الأحكام من صحيح السنة .
وأثناء دراستي في الدرسات العليا وفقني الله بأن درست على يد الشيخ الفاضل / سعد الحميد وقرأت عليه من ضمن زملائي رسالته في " حكم الشرب قائما " فكنا نقف معه في طريقته في تأليفها حيث غايرت الطريقة المعروفة في التأليف ، فقد جمع أحاديث الجواز ، ونظر فيها صحة ، وضعفا ، ثم أحاديث المنع صحة ، وضعفا ، ثم بين أقوال أهل العلم بناء على ما صح من السنة .
ولذلك يعرف الناظر في مثل هذه الطريقة الراجح أحيانا في أثناء قراءته للأحاديث ، لأن الترجيح لن يكون خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم .
وتفضل الشيخ وفقه الله بطرح بحوث على طلابه ، كان نصيبي منها ، مسألة واقيعة هي " وقت رمي جمرة العقبة " .
فحاولت أن أقلد الشيخ في طريقته ، فجعلتها على ما يلي :
أولا : أحاديث جواز الرمي قبل طلوع الشمس ، وفيها :
1 ـ الأحاديث المرفوعة .
2 ـ الآثار الموقوفة .
ثانيا : أحاديث المنع من الرمي قبل طلوع الشمس ، وفيها :
1 ـ الأحاديث المرفوعة .
2 ـ الآثار الموقوفة .
ثالثا : أقوال أهل العلم في وقت الرمي لجمرة العقبة .
رابعا : مسالك أهل العلم في أحاديث الجواز ، والمنع .
خامسا : الترجيح في المسألة .
سادسا : حكم من يرافق الضعفة
وسلكت في بحثي المنهج التالي :
1 ـ أذكر الأحاديث المرفوعة ، ثم أتبعها بالآثار المقطوعة ، وأذكر غريب الحديث إن وجد .
2 ـ أقدم في تخريجي الصحيحين ، ثم أرتب السنن الأربع على حسب الوفيات ، ثم مسند أحمد ، وبعد ذلك أرتب المصادر حسب الوفيات .
3ـ إذا صح الحديث ، أذكر دلالته ، ولم أترجم للأعلام .
4 ـ أذكر أحيانا في حال الراوي ما توصلت إليه من البحث ، فقد لا أذكر أقوال المجرحين ، والمعدلين ، إلا إذا استدعى الأمر .
5 ـ لا أتكلم على الرواة ، إلا الراوي الذي فيه ضعف ، وبسببه ضعف الحديث .
6 ـ في ذكري للأقوال الفقهية ، رتبتها على حسب معنى القول ، فقدمت القائلين بجواز الرمي من منتصف الليل ، ثم القائلين بعد الفجر ، ثم بعد طلوع الشمس .
7 ـ أبين درجة الحديث ، ولم أكتف بأقوال غيري ، وسببي في ذلك ، لأن هذا البحث لن يخرج إلى الناس ، وأنا في مرحلة تجريب ، وخلفي من يعدل ميلي ، فاجتهدت في ذكر درجة الحديث .
8 ـ إذا طال الكلام على طريق من الطرق ، أو حديث من الأحاديث أذكر بعد ذلك ملخصا لما مضى الكلام عليه .
9 ـ ذكرت خاتمة لخصت فيها ، ما مضى من البحث .
وأخيرا :
أسأل الله أن يرزقني العلم النافع ، والعمل الصالح ، وأن يجزي شيخنا / سعد الحميد خير الجزاء على ما علمنا ، وما كلفنا به من بحث في مسألة واقعية ، تكثر الشكاية منها ، إضافة لكثرة السؤال عنها ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .


وكتبه /
عقيــل بن سالــــم الشمري
 



أحاديث جواز الرمي قبل طلوع الشمس


أولا : الأحاديث المرفوعة

وفيها ستة أحاديث .
الحديث الأول : حديث أسماء رضي الله عنها .
قال الإمام البخاري في صحيحه : " حدثنا مسدد عن يحيى عن بن جريج قال حدثني عبد اللَّه مولى أَسماء عن أَسماء أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة فقامت تصلي فصلت ساعة ثم قالت يابني هل غاب القمر قلت لا فصلت ساعة ثم قالت هل غاب القمر قلت نعم قالت فارتحلوا فارتحلنا ومضينا حتى رمت الجمرة ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها فقلت لها يا هنتاه ما أرانا إلا قد غلسنا قالت يا بني إن رسول اللَّه  صلى الله عليه وسلم  أَذن للظعن" .
تخريج الحديث :
أخرجه البخاري في صحيحه (ج2/ص603) (1595) ، وفي التاريخ الأوسط (ج1/ص297) ومسلم (ج2/ص940) ، وإسحاق بن راهويه (ج5/ص122) ، وأحمد في المسند (ج6/ص347) والفاكهي في أخبار مكة (ج5/ص48) ، وابن خزيمة (ج4/ص280) والطبراني في المعجم الكبير (ج24/ص100) (269) ، وأبو نعيم في مستخرجه (ج3/ص374) (2982) ، والبيهقي في الكبرى (ج5/ص133) (9352) .
كلهم من طريق ابن جريج عن عبد الله مولى أسماء به .
غريب الحديث :
في الحديث كلمتان غريبتان :
الأولى قوله " قد غلسنا " :
وهي من الغلس وهو : ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح الليل([1]) .
والمعنى قال : أي لقد تقدمنا على الوقت المشروع([2]) ، والمراد بذلك الرمي وليس صلاة الفجر ، ويؤيده كلام الطحاوي ، فقد قال : " وقوله قد غلسنا أي في رمي الجمرة والقمر يغيب ليلتئذ قبيل الفجر "([3]) .
الثانية قولها " للظعن " :
واحدتها ظعينة ، وهي النساء ، وأصل الظعينة الراحلة التي يرحل ويظعن عليها أي يسار1( ).
دلالة الحديث :
يدل هذا الحديث على عدة مسائل ، والذي يهمني في يبحثي ما يلي :
1 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للظعن ، والمراد الضعفة ، ومن في حكمهم ، وهذه الدلالة مأخوذة من دلالة جميع الأحاديث الواردة في الباب ، كما في حديث ابن عمر وسيأتي .
2 ـ أن أسماء رضي الله عنها لم تذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم حدد لها وقتا معينا للرمي لا تتجاوزه .
3 ـ أن عبد الله مولى أسماء لم يذكر أن أسماء رضي الله عنها كانت تتحرى وقت طلوع الفجر ، بل رمت أول ما وصلت للجمرة .
4 ـ قول أسماء رضي الله عنها " أذن للظعن " يفيد أن النبي صلى لله عليه وسلم أذن للظعن أذنا مطلقا عن أي قيد ، فلو كان هناك قيد لذكرته أسماء رضي الله عنها .
5 ـ استدل بهذا الحديث طائفتان من أهل العلم :
الطائفة الأولى : من قال بجواز رمي جمرة العقبة بعد منتصف الليل أو قبل الفجر ، كما هو مذهب الشافعي([4]) ، فقد قال النووي رحمه الله : " فيه دليل لجواز الدفع من مزدلفة قبل الفجر قال الشافعي وأصحابه يجوز قبل نصف الليل ويجوز رمي جمرة العقبة بعد نصف الليل "([5]) .
وقال العظيم آبادي في عون المعبود : " وفي هذا الحديث دليل على أنه يجوز للنساء الرمي لجمرة العقبة في النصف الأخير من الليل "([6]) .
وجه الدلالة على جواز الرمي بعد منتصف الليل :
يدل على ذلك مفهوم الحديث ، فإن الحديث يدل بمفهومه على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد وقتا لأسماء رضي الله عنها تتقيد به ، ولم تتحرى أسماء وقت الفجر من عدمه ، مما يدل على أن الظعن ، والضعفاء يجوز لهم الرمي أول ما يصلون للجمرة .
وتحديدهم بمنتصف الليل لأنه أول وقت لجواز الدفع من مزدلفة كما ثبت في السنة مما سيأتي .
الطائفة الثانية : من قال بجواز الرمي قبل طلوع الشمس بعد طلوع الفجر ، كما قال العيني : "
استدل بهذا الحديث قوم على جواز الرمي قبل طلوع الشمس بعد طلوع الفجر للذين يتقدمون قبل الناس وهو قول عطاء بن أبي رباح المكي وطاوس بن كيسان ومجاهد وإبراهيم النخعي والشعبي وسعيد بن جبير "([7]) .
وجه الدلالة على جواز الرمي قبل طلوع الشمس وبعد طلوع الفجر :
يدل على ذلك منطوق الحديث ، فإن الحديث يدل بمنطوقه على أن رمي أسماء رضي الله عنها كان بعد طلوع الفجر ، لأن " الغلس " لا يكون إلا بعد طلوع الفجر ، كما يدل على ذلك أصل وضعه في اللغة ، فقد قال في اللسان : " قال أبو منصور الغلس أول الصبح حتى ينتشر في الآفاق وكذلك الغبش وهما سواد مختلط ببياض وحمرة مثل الصبح سواء وفي الحديث كان يصلي الصبح بغلس ، الغلس ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح "([8]) .
 
الحديث الثاني : حديث ابن عمر رضي الله عنهما .

قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه : " حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن يونس عن بن شهاب قال سالم وكان عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما يقدَّم ضعفة أهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بليل فيذكرون اللَّه ما بدا لهم ثم يرجعون قبل أَن يقف الإمام وقبل أن يدفع ، فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر ومنهم من يقدم بعد ذلك فإذا قدموا رمووا الجمرة وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول أرخص في أولئك رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم " .
تخريج الحديث :
أخرجه : البخاري في صحيحه (ج2/ص602) (1592) ، ومسلم (ج2/ص940) (1291) ، ابن خزيمة في صحيحه (ج4/ص279) (2884) ، وابن حبان في صحيحه (ج9/ص 178) (3867) ، وأبو عوانه في مستخرجه (ج3/ص376) (2989) ، والبيهقي في الكبرى (ج5/ص123) (9294)  .
كلهم من طريق يزيد عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما به .
غريب الحديث :
فيه كلمة واحدة غريبة ، وهي " الضعفة " .
قوله " ضعفة أهله " : ضعفة من الضعف " خلاف القوة "([9]) هذا من حيث أصل اللغة ، أما المراد بها في هذا الحديث ففي ذلك قولان :
الأول : قول ابن حزم رحمه الله أن المراد بذلك هم " الضعفة من الصبيان والنساء فقط "([10]) .
الثاني : قول الجمهور من أهل العلم ممن فسر هذا الحديث أن المراد بذلك أعم وأشمل من النساء والصبيان ، فيدخل فيهم النساء ، والصبيان ، والشيوخ العاجزون ، وأهل الأمراض ، وكل من لم يكن قويا ، مراعاة للأصل اللغوي لقوله " ضعفة أهله " كما قال العيني في العمدة " و الضعفة بفتح العين جمع ضعيف ، وقال ابن حزم الضعفة هم الصبيان والنساء فقط ، قلت يدخل فيه المشايخ العاجزون لأنه روي عن ابن عباس أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قد ضعفة بني هاشم وصبيانهم بليل رواه ابن حبان في الثقات وقوله ضعفه بني هاشم أعم من النساء والصبيان والمشايخ العاجزين وأصحاب الأمراض لأن العلة خوف الزحام عليهم "([11]) .
والذي يظهر لي أن ابن حزم لم يرد قصر المعنى فقط على النساء ، والصبيان ، وأن أهل الأمراض والشيوخ العاجزين لا يدخلون في الضعفة ، وإنما أراد إخراج من يرافق الضعفة ، وأنه لا يدخل معهم في الحكم ، بدليل قوله في المحلى : " إن النساء والصبيان والضعفاء بخلاف هذا "([12]) فقوله " الضعفاء " يدل على أنه يوجد هناك ضعفاء غير النساء والصبيان عنده .
دلالة الحديث :
يدل الحديث على عدة أمور ، يهمني في بحثي منها ما يلي :
1 ـ أن الضعفة يرمون جمرة العقبة إذا وصلوا لها .
2 ـ لم يفرق ابن عمر رضي الله عنهما بين من يصل جمرة العقبة لصلاة الفجر ، وبين من يتأخر عن ذلك قليلا .
 3 ـ أطلق ابن عمر رضي الله عنهما الرخصة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يذكر أنه قيدها بوقت الفجر ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز([13]) .
4 ـ قوله " فمنهم من يقدم لصلاة الفجر " يدل على أن منهم من وصل الجمرة مبكرا مقارنا وصوله دخول وقت صلاة الفجر ، ومع ذلك لم يأمره بأن ينتظر حتى يتأكد من دخول الفجر .
5 ـ لم يأمر ابن عمر رضي الله عنهما ضعفته أن يتأخروا إذا وصولوا للجمرة إلى حين دخول الفجر ، ولم يأمرهم بتحري ذلك ، فيدل ذلك على أن مراعاة وقت الفجر غير مطلوبة شرعا ، وإلا فإنه سيوصيهم ، خاصة وأن الضعفة من الأهل مظنة الجهل .
6 ـ استدل بهذا الحديث صراحة من يقول بجواز الرمي بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس ، فمنطوق الحديث يقضي بذلك ، ولذلك قال الحافظ رحمه الله : " واحتج الجمهورـ على جواز الرمي قبل طلوع الشمس ـ بحديث ابن عمر أنه كان يقدم ضعفة أهله الحديث "([14]) .
وبوب ابن خزيمة رحمه الله على هذا الحديث قوله : " باب الرخصة للنساء والضعفاء الذين رخص لهم في الإفاضة من جمع بليل في رمي الجمار قبل طلوع الشمس "([15]) .
وقد يستدل بمفهومه أيضا من يقول بجواز الرمي قبل الفجر ، نظرا للعمومات في هذا الحديث ، حيث أطلق ابن عمر رضي الله عنهما الرخصة ولم يقيد ، مما يدل على أنه لا يحفظ في التقييد شيئا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
  
الحديث الثالث: حديث عائشة

قال الإمام مسلم في صحيحه : " وحدثنا بن نمير حدثنا أبي حدثنا عبيد الله بن عمر عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم عن عائشة قالت وددت أني كنت استأذنت رسول اللَّه  صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سودة فأصلي الصبح بمنى فارمي الجمرة قبل أن يأتي الناس فقيل لعائشة فكانت سودة استأذنته قالت نعم إنّها كانت امرأة ثقيلة ثبطة فاستأذنت رسول اللَّه  صلى الله عليه وسلم  فأذن لها " .
تخريج الحديث :
أخرجه مسلم (ج2/ص939) ، والنسائي في الكبرى (ج2/ص437) ، وأحمد (ج6/ص98) وابن أبي شيبة في مصنفه (ج3/ص320) ، والبخاري في التاريخ الأوسط (ج1/ص296) ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (ج5/ص404) (3040) ، و ابن حبان ( ج9/ص174) (3861) ، وأبو نعيم في مستخرجه (ج3/ص373) (2980) ، والبيهقي في الكبرى (ج5/ص124) (9297)  . 
غريب الحديث :
فيه كلمة غريبة هي " ثبطة " .
" ثبطة " : قال العيني : " بفتح الثاء المثلثة وكسر الباء الموحدة وسكونها وبالطاء المهملة أي بطيئة الحركة كأنها تثبط بالأرض أي تتشبث وقال ابن قرقول ضبطناه بكسر الباء الموحدة وضبطه الجياني عن ابن سراج بالكسر والإسكان "([16]) .
ومعناها ما قال ابن الأثير : " ثبطة أي ثقيلة بطيئة من التثبيط وهو التعويق والشغل عن المراد "([17])
دلالة الحديث :
يدل الحديث على أمور يهمني في بحثي ما يلي :
1 ـ أن سودة رضي الله عنها رمت الجمرة قبل طلوع الشمس .
2 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد لها وقتا تتحراه ، أو لا تبدأ قبله .
3 ـ استئذان سودة ، وأم حبيبة ، وأم سلمة ، رضي الله عنهن يدل على أن الضعفة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم معلوم عندهم الرخصة في الرمي قبل الناس ، وقبل حطمتهم .
4 ـ قولها رضي الله عنها : " قبل أن يأتي الناس " يفهم منه أن الرخصة للضعفة لأجل اجتماع الناس ، ومشقة مزاحمتهم ، ورعاية للضعفة ، ولذلك لو قلنا إن الضعفة لا يرمون إلا بعد طلوع الشمس ، وهو وقت الرمي للجميع ، فإننا لم نراع الضعفة ، ولم يكن لقول عائشة رضي الله عنها ـ قبل أن يأتي الناس ـ فائدة .
5 ـ قولها " فأصلي الصبح بمنى " يحتمل معنيين :
المعنى الأول : أنها ذكرت هذا الوقت لقصد معين ، وهو أن الرمي لا يبدأ إلا بهذا الوقت .
المعنى الثاني : أنها ذكرت هذا الوقت لأن النافر من مزدلفة في ذلك الزمن غالبا ما يصل منى لصلاة الفجر ، فإذا كان بداية الانصراف بعد غياب القمر ، وهو بعد منتصف الليل ، مع زحمة السير ، والبطء لأجل الضعفة ، فلا شك أنه سيصل لصلاة الفجر ، أو بعد ذلك ، فينزل كلام عائشة في قولها " فأصلي الصبح بمنى " على ذلك .
ويظهر لي أن كليهما معنيان مقصودان ، والثاني أظهر ، والله أعلم .
6 ـ استدل بهذا الحديث من قال بجواز الرمي قبل طلوع الشمس ، وبعد الفجر ، لأنه صريح في ذلك .
وقد يستدل به من قال بجواز الرمي قبل الفجر من حيث المفهوم من هذا الحديث .
  
الحديث الرابع : حديث عائشة رضي الله عنها .

قال أبو داود رحمه الله : " حدثنا هارون بن عبد اللَّه ثنا بن أبي فديك عن الضحاك يعني بن عثمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت أرسل النبي  صلى الله عليه وسلم  بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت وكان ذلك اليوم الذي يكون رسول الله  صلى الله عليه وسلم  تعني عندها " .
تخريج الحديث :
هذا الحديث رواه هشام بن عروة ، واختلف عنه على أوجه ، كما يلي :
الوجه الأول : عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها .
رواه الضحاك بن عثمان .
أخرجه :
 أبو داود في سننه (ج2/ص194) والدارقطني (ج2/ص276) (188) ، والحاكم في المستدرك  (ج1/ص641) وقال : "صحيح على شرطهما لم يخرجاه " ، والبيهقي في الكبرى (ج5/ص133) وفي الصغرى (ج4/ص240) (1675) ، وابن عبد البر في الاستذكار (ج4/ص294) .
الوجه الثاني : عن هشام ، عن أبيه مرسلا ، رواه كل من :
1 ـ سفيان .
وأخرجه : أحمد في العلل ومعرفة الرجال (ج2/ص368) ، ومسلم في التمييز (ج1/ص186)  
2 ـ وكيع .
وأخرجه : مسلم في التمييز (ج1/ص186) .
3 ـ حماد بن سلمة .
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (ج2/ص218) .
4 ـ داود بن عبد الرحمن العطار .
5 ـ عبد العزيز بن محمد الدراوردي .
وأخرجهما : الشافعي في مسنده (ج1/ص369) ، ومن طريقه البيهقي في الكبرى (ج5/ص133) وفي معرفة السنن والآثار (ج4/ص114) (3040) .
6 ـ رواه عبدة بن سليمان .
أخرجه : إسحاق بن راهويه في مسنده (ج4/ص171) .
7 ـ عبد الله بن جعفر الزهري .
أخرجه : ابن سعد في الطبقات الكبرى (ج8/ص95) .
الوجه الثالث : عن هشام ، عن أبيه ، عن زينب بنت أبي سلمة ، عن أم سلمة به .
1 ـ حفص بن غياث .
أخرجه : الدارقطني في التتبع ، كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله([18]) .
2 ـ أبو معاوية الضرير ، واختلف عنه على وجهين :
الوجه الأول : رواه ( أحمد ، ويحيى ، وأبو خيثمة ، والرقي ، والسوسي ، وأبو كريب  ) كلهم بلفظ " أن توافي معه صلاة الصبح يوم النحر بمكة " كما في التفصيل التالي :
أ ـ رواه أحمد .
أخرجه : أحمد في المسند (ج6/ص291) .
ب ـ وأبو خيثمة .
أخرجه : أبو يعلى (ج12/ص432) .
ج ـ ومحمد بن عمرو بن يونس الثعلبي المعروف بالسوسي
أخرجه : الطحاوي في شرح مشكل الاثار (ج9/ص137) .
د ـ وعبد الله بن جعفر الرقي
أخرجه : الطبراني في المعجم الكبير (ج23/ص343) (799) .
هـ ـ وأبو كريب .
أخرجه : ابن عبد البر في الاستذكار (ج4/ص294) .
و ـ ويحيى بن يحيى .
أخرجه البيهقي في الكبرى (ج5/ص133) .
الوجه الثاني : خالفهم أسد بن موسى ، فرواه بلفظ : " أمرها رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يوم النحر أن توافي معه صلاة الصبح بمكة " فجعل أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة يوم النحر أن توافيه فجر الغد من يوم النحر أي فجر الحادي عشر .
 
الوجه الرابع : هشام ، عن أبيه ، عن أم سلمة .
أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الاثار (ج9/ص141) (3520) .
الطعون على الحديث :
هناك عدة طعون وجهت على هذا الحديث ، ملخصها كما يلي :
الأول : الاضطراب ، فقد جاء عن هشام على عدة أوجه ، وهي :
 مرة روي عنه ، عن أبيه ، عن عائشة .
ومرة عنه ، عن أبيه مرسلا .
ومرة عنه ، عن زينب بنت أبي سلمة ، عن أم سلمة .
ومرة عنه ، عن أبيه ، عن أم سلمة .
وأجيب عن ذلك :
بقول البيهقي "كأن عروة حمله من الوجهين جميعاً فكان هشام يرسله مرة ويسنده أخرى وهذه عادتهم في الرواية "([19]) .
الطعن الثاني : لم يروه موصولا إلا أبو معاوية الضرير ، فجميع من رواه غيره رواه مرسلا ، وهم ثقات أثبات مثل : وكيع ، وسفيان ، وحماد بن سلمة ، وغيرهم .
وأجيب :
بأن أبا معاوية حجة قد أجمع الحفاظ على قبول ما تفرد به ، ثم قد وصله الضحاك بن عثمان وهو من الثقات الأثبات([20]) .
  
الطعن الثالث : الطعن في متن الحديث([21]) ، حيث ورد فيه " أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن توافيه صلاة الفجر بمكة " .
فقال الإمام أحمد رحمه الله : " وهذا أيضا عجب والنبي  صلى الله عليه وسلم  يوم النحر ما يصنع بمكة  "([22])  ، وقال ابن القيم رحمه الله : " ومما يدل على إنكاره أن فيه أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  أمرها أن توافي صلاة الصبح يوم النحر بمكة وفي رواية توافيه بمكة وكان يومها فأحب أن توافيه وهذا من المحال قطعا "([23]) .
ومعنى اعتراض الإمام أحمد ، وابن القيم رحمهما الله أن النبي صلى الله عليه وسلم فجر يوم النحر كان بمزدلفة ، كما صحت الأحاديث بذلك ، فكيف يأمر أم سلمة أن توافيه بمكة !!
وأجيب بجوابين :
أولا : بأن الراوي لهذا اللفظ رواه بالمعنى ، ومراده أن توافي هي ( أم سلمة رضي الله عنها ) في مكة فتصبح بها ، لأنه يومها ، وسيكون هو صلى الله عليه وسلم في مكة ذلك اليوم .
ثانيا : " قال القاضي ويحتمل أن يؤول على أن فيه تقديما وتأخيرا تقديره أن النبي  صلى الله عليه وسلم  أمرها يوم النحر أن توافى معه الضحى بمكة "([24]).
ثالثا : أن الرواية الصحيحة " أن توافي " كما رواها جماعة غير أبي معاوية ، كما قاله الإمام مسلم  ويحيى حينما سأله الإمام أحمد عن ذلك([25]) ، وخطأ راو في لفظة لا يعود على أصل الحديث بالإلغاء .
الطعن الرابع : أنه ورد في أحد ألفاظه " أن توافي بمنى " وهو يخالف باقي الرواة في أمره موافاتها له بمكة .
وأجيب : بأن لفظ " أن توافي بمنى " ورد من طريق وكيع فقط ، فأخطأ فيه ، ولذلك تؤخذ رواية الجماعة له بلفظ " أن توافي بمكة "([26]) .
الطعن الخامس : طعن في معنى الحديث ، حيث دل حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين([27]) أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم دفعن معه ، ولم تستأذنه إلا سودة رضي الله عنها ، وهذا الحديث يخالف ذلك حيث دل على استئذان غيرها ، وما ورد في الصحيحين يقدم على غيرهما([28]) .
وأجيب : بأنه ثبت في الصحيحين([29]) أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم ضعفة أهله ، وأزواجه من أهله ، ومنهن أم سلمة رضي الله عنها ، وغاية حديث عائشة رضي الله عنها أن سودة رضي الله عنها استأذنت ، واستئذانها لا يعني أن غيرها لم يستأذن ، فضلا عن أن يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرسل غيرها من ضعفة أهله ، ويحتمل أن عائشة رضي لله عنها نصت على سودة رضي الله عنها لأنها بادرت هي بنفسها بالاستئذان ، بخلاف غيرها فلم يبادرن حتى أرسلهن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعلوم أن المبادر بعمل يغبطه من يتأخر عنه .
وثبت كذلك في صحيح مسلم عن أم حبيبة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم " بعث بها من جمع إلى منى "([30]) ، وفي رواية ذكرت أنهم يفعلونه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فمجموع هذه الأحاديث تدل على أن هناك من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من بعث بها إلى منى غير سودة رضي الله عنها .
الطعن السادس : طعن موجه إلى الاستدلال بالحديث ، حيث إنه خاص بالنساء دون غيرهن كما قاله الشوكاني : " وله قبل الفجر هذا مختص بالنساء كما أَسلفنا فلا يصلح للتمسك به على جواز الرمي لغيرهن "([31]) .
وأجيب بأن : هذا التخصيص لا دليل عليه ، وألفاظ بقية الأحاديث في الباب تدل على اتحاد الحكم بالنسبة للضعفة ، وجميع من يقول بأن الحكم يدور مع علته سيقول بذلك في النساء ، والصبيان ، وأهل الأمراض ، وجميع من يشترك معهم في الحكم .
خلاصة الحكم على الحديث :
الحديث صحح إسناده جماعة من أهل العلم ، منهم الحافظ ابن حجرفقال : " إسناده صحيح "([32]).
وقال ابن عبد الهادي : " رجاله رجال مسلم "([33]) ، والحاكم كما مضى .
وقال ابن الملقن : " وهذا إسناد صحيح لا جرم "([34]) .
وقال الصنعاني : " إسناده على شرط مسلم "([35]) .
وقال الشوكاني : " ورجاله رجال الصحيح "([36]) .
واستنكره الإمام مسلم ، والإمام أحمد ، ويحيى بن سعيد ، وغيرهم ، فالذي يظهر لي أن الصحيح من تلك الطرق هي الطريق المرسلة ، عن هشام ، عن أبيه ، مرسلا ، ويؤيد ذلك :
1 ـ أنها رواية الحفاظ ، كوكيع ، وسفيان ، وابن مهدي ، وغيرهم .
2 ـ رجح الرواية المرسلة جمع من نقاد الحديث ، منهم مسلم ، وأحمد ، وابن القطان ، وغيرهم 
3 ـ إهمال صاحبي الصحيح له ، مع أنهما أخرجا أحاديث مثله في الباب ، خاصة أن رجال هذا الحديث هم رجال مسلم في الصحيح([37]).
4 ـ تصحيح من صححه ، راجع إلى صحة إسناده ، فإن رجاله رجال مسلم ، ولا يخفى أن تصحيح الإسناد لا يعني صحة الحديث ، كما هو منهج النقاد من أهل الحديث .
دلالة الحديث :
على القول بصحة الحديث فإن الحديث يدل على جواز الرمي قبل الفجر ، من وجهين : 
الأول : قولها " قبل الفجر " .
الثاني : أمره صلى الله عليه وسلم لأم سلمة رضي الله عنها بأن توافي صلاة الفجر بمكة ، ولا يكون هذا إلا إذا رمت الجمرة قبل الفجر ، لما بين منى ، ومكة من المسافة .

الحديث الخامس : حديث أم أنس

قال ابن سعد : " أخبرنا محمد بن عمرو حدثني بن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله عن عمران بن أبي أنس عن أمه قالت لقد تقدمت مع سودة زوج النبي  صلى الله عليه وسلم  في حجته تعني النبي  صلى الله عليه وسلم  فرمينا قبل الفجر " .
تخريج الحديث :
أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (ج8/ص207) .
الحكم على الحديث :
الذي يظهر لي أن الحديث لا يصح ، لأن فيه :
1 ـ أبو بكر بن أبي سبرة :
قال يحيى بن معين : " أبو بكر بن أبي سبرة الذي يقال له السبري ليس حديثه بشيء "([38]) .
وقال الإمام أحمد  : " كان يضع الحديث "([39]) ، وقال ابن المديني : " كان ضعيفا في الحديث وقال مرة كان منكر الحديث "([40]) ، وقال الذهبي : " متروك "([41]) .
2 ـ إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة
قال البخاري : " تركوه "([42]) ، وقال ابن أبي حاتم : " ضعيف الحديث "([43]) .
وقال النسائي : " متروك الحديث "([44]) ، ومثله الحافظ([45]) ، والذهبي([46]) .
  
الحديث السادس : حديث ابن عباس رضي الله عنهما .

قال ابن سعد : " أخبرنا محمد بن عمرو حدثنا بن أبي ذئب عن شعبة قال سمعت بن عباس قال بعثني رسول الله  صلى الله عليه وسلم  مع أهله فرموا الجمرة قبل الفجر " .
تخريج الحديث :
أخرجه : الطيالسي في مسنده (ج1/ص356) (2729) ، وابن سعد في الطبقات الكبرى (ج8/ص207) وأحمد في مسنده (ج1/ص320) ، والبخاري في التاريخ الأوسط (ج1/ص295) ، والطبراني في المعجم الكبير (ج11/ص430) ، وابن عدي في الكامل (ج4/ص24) .
الحكم على الحديث :
الذي يظهر لي أن الحديث لا يصح ، لأن فيه شعبة أبو عبد الله ، وهو مولى ابن عباس
قال ابن أبي حاتم ، والجوزجاني : " ليس بالقوي في الحديث "([47]) ، وقال أبو زرعة : " ضعيف الحديث "([48]) .
 
 
ثانيا : الآثار

وفيه ثلاثة آثار
الأثر الأول : عن عطاء ، وابن أبي مليكة ، وعكرمة .

قال البيهقي : " وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال أخبرني الثقة أنه رأى عطاء بن أبي رباح وابن أبي مليكة وعكرمة بن خالد يرمون الجمرة قبل الفجر " .
تخريج الأثر :
أخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار (ج4/ص128) .
درجة الأثر :
الأثر فيه جهالة لقول الإمام الشافعي " أخبرني الثقة " وهذا مبني على مسألة من مسائل علم المصطلح ، وهي : " إذا قال الراوي : حدثني الثقة ، هل يعد ذلك توثيقا ؟ " .
وهي على ثلاثة مذاهب ، ثالثها أنه إن كان عالما كمالك ، والشافعي ، فيقبل وإلا فلا([49]) ، والذي عليه المحققون من أهل العلم ، أن ذلك لا يقبل ، ولا يعد توثيقا للراوي ، حتى ولو كان الراوي عنه ثقة ، لأنه قد يكون ثقة عند من روى عنه ، ويخالفه فيه غيره([50]) ، وكم من راو وثقه إمام ، وهو عند غيره ضعيف ، وكتب التراجم فيها الكثير .
 
الأثر الثاني : عن جماعة من التابعين

قال ابن أبي شيبة : " حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي عن عطاء بن السائب قال رأيت أبا جعفر رمى الجمرة قبل طلوع الشمس وكان عطاء وطاوس ومجاهد والنخعي وعامر وسعيد بن جبير يرمون حين يقدمون أي ساعة قدموا لا يرون به بأسا " .
تخريج الأثر :
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (ج3/ص320) (14587) .
درجة الأثر :
يظهر لي أنه حسن ، لوجود عطاء بن السائب ، قال عنه الحافظ : " صدوق اختلط "([51]).
دلالة الأثر :
يدل على أمور ، منها :
1 ـ أن التابعين لا يتيقدون للرمي بوقت معين ، لا يجزئ قبله .
2 ـ عمل التابعين بهذا الأمر ، يدل على أنهم أخذوه من الصحابة .
3 ـ يدل دلالة واضحة على جواز الرمي قبل طلوع الشمس .
4 ـ قوله " أي ساعة " يدل بمفهومه على جواز الرمي قبل الفجر .
 
الأثر الثالث : عن عطاء رحمه الله

قال ابن أبي شيبة " حدثنا أبو بكر قال حدثنا جرير عن ليث عن عطاء أنه كان لا يرى بأسا أن يرمي الرجل جمرة العقبة قبل أن تطلع الشمس "
تخريج الأثر :
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (ج3/ص320) (14588) .
درجة الأثر :
رجاله ثقات .
دلالة الأثر :
يدل الأثر على جواز الرمي قبل طلوع الفجر ، من خلال :
1 ـ فتوى عطاء رحمه الله الصريحة في ذلك .
2 ـ منزلة عطاء بن أبي رباح في مسائل الحج .
3 ـ ظاهر الفتوى العموم سواء للضعفاء أو لغيرهم ، لعدم تفصيله رحمه الله .
4 ـ لو كان عند عطاء نص ، أو كان عمل الصحابة بخلاف ذلك لمنع منه عطاء ، أو لحصر الرخصة في الضعفاء فقط . 
وقد يعترض على ذلك باعتراضين :
الأول : بأن قول التابعي ليس بحجة حتى نتحاكم إليه .
الثاني : بأن هذا القول من عطاء رحمه الله خرج مخرج الفتوى ، وليس تقريرا للمسألة .


ثانيا : أحاديث النهي عن الرمي قبل طلوع الشمس


أولا : الأحاديث المرفوعة .

وفيه حديثان ، كما يلي :
الحديث الأول : حديث ابن عباس رضي الله عنهما

قال الترمذي : " حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن المسعودي عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أَن النبي  صلى الله عليه وسلم  قدم ضعفة أهله وقال لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس "
تخريج الحديث :
هذا الحديث رواه عن ابن عباس جماعة ، كما يلي :
1 ـ عبيد الله بن أبي يزيد .
وأخرجها : البخاري (ج2/ص603) (1594)، ومسلم (ج2/ص941)( 1293) ، وأبو داود (ج2/ص194) (1939) ، والنسائي (ج2/ص429)( 4035) ، وأحمد (ج1/ص222) ، والشافعي (ج1/ص369) ، والحميدي (ج1/ص220) ، وابن سعد (ج8/ص207) (463) وأبو يعلى (ج4/ص274) (2386) ، وأبو عوانة (ج2/ص385) (3525) و ابن حبان (ج9/ص177) ، والطبراني في الكبير (ج11/ص128) (11260)  ، وأبو نعيم (ج3/ص375) والبيهقي في الكبرى (ج5/ص123) (9291) وابن عبد البر في الاستذكار (ج4/ص290) .
2 ـ عطاء بن أبي رباح .
وأخرجها : مسلم (ج2/ص941) (1293) ، وابن ماجه (ج2/ص1007) (3026) ، والنسائي (ج2/ص429) (4036)  ، وأحمد (ج1/ص221) ، وابن الجارود (ج1/ص127) ، والطبراني في المعجم الأوسط (ج1/ص160) (500) ، والكبير (ج11/ص138) ، وأبو نعيم في الحلية (ج9/ص26) .
3 ـ الحسن العرني .
وأخرجها : أبو داود في سننه (ج2/ص194) ، وابن ماجه (ج2/ص1007) (3025) ، والنسائي الكبرى (ج2/ص437) ، و الطيالسي (ج1/ص361) ، والحميدي (ج1/ص221) (465) ، وابن الجعد (ج1/ص308) (2084) وابن سعد في الطبقات الكبرى (ج8/ص207) ،  والفاكهي في أخبار مكة (ج4/ص316) (2695) ، وابن حبان في صحيحه (ج9/ص181) ، والطبراني في الكبير (ج12/ص139) ، والبيهقي في الكبرى (ج5/ص131) (9347) .
4 ـ مقسم .
وأخرجها : الترمذي (ج3/ص240) (893) ، و أحمد (ج1/ص326) ، والطيالسي (ج1/ص352) (2703) ، وابن أبي شيبة (ج3/ص234) (13757) ، والطبراني في الكبير  (ج11/ص387) ، والبيهقي في الكبرى (ج5/ص132) ، وابن عبد البر في الاستذكار (ج4/ص294) .
5 ـ سعيد بن جبير .
وأخرجها : ابن أبي شيبة في مصنفه (ج3/ص319) عن  سعيد بن جبير أو عن الحسن عن ابن عباس ، والطبراني في الأوسط (ج9/ص178)( 9468) ، والكبير (ج12/ص34) (12390) ،   ومسند أبي حنيفة (ج1/ص90) .
6 ـ عمرو بن دينار .
وأخرجها : ابن سعد في  الطبقات الكبرى (ج8/ص207) .
7 ـ كريب .
وأخرجها : الطحاوي في شرح مشكل الاثار (ج9/ص123) ، والبيهقي في الكبرى (ج5/ص132) .
8 ـ الحكم بن عتيبة .
وأخرجها : البخاري في التاريخ الأوسط (ج1/ص294) (1435) .
 
درجة الحديث :
أصل الحديث ، وهو بعث النبي صلى الله عليه وسلم بضعفة أهله مع ابن عباس رضي الله عنهما ثابت في الصحيحين ، من طريق عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس رضي الله عنهما ، كما مر .
وإنما البحث هنا في زيادة " وقال : لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس " فأقول هذه الزيادة جاءت من الطرق السابقة في طريق كل من :
1 ـ الحسن العرني عن ابن عباس رضي الله عنهما .
2 ـ مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما .
3 ـ سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما .
4 ـ كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما .
5 ـ الحكم عن ابن عباس رضي الله عنهما .
أما بقية الطرق التي تم تفصيلها ، فلم تذكر الزيادة ، ولذلك لا يعنيني بحثها .
تفصيل الطرق التي ذكرت الزيادة :
الطريق الأولى : الحسن العرني عن ابن عباس رضي الله عنهما .
أحتاج في هذه الدراسة إلى النظر في أمرين :
1 ـ الحكم على الحسن العرني :
فقد وثقه أبو زرعة ، وابن حبان ، وابن سعد ، والعجلي ، والحافظ ، والذهبي رحمهم الله([52]) ، وقال ابن حبان : " يخطئ "([53]) ، وكما هو معلوم فلا تعارض بين التوثيق ، وذكر مطلق الخطأ في الراوي ، وإنما التعارض إن كثر الخطأ ، وهذا ليس موجودا في الحسن العرني .
2 ـ الحكم على روايته عن ابن عباس رضي الله عنهما .
بدراسة حال طريق الحسن العرني عن ابن عباس رضي الله عنهما يتبين أن في هذه الطريق انقطاعًا، كما حكم بذلك نقاد الحديث ، ومنهم ، يحيى بن معين ، وأحمد ، والحافظ([54]) .  
الخلاصة في الحكم على هذه الطريق :
هو كما قال ابن عبد الهادي : " وفي إسناده انقطاع "([55])
الطريق الثانية : الحكم عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما .
أحتاج في هذه الدراسة إلى النظر في حال الحكم بن عتيبة ، أما مقسم فهو ثقة([56]) ، وسأدرس في الحكم بن عتيبة أمرين :
1 ـ الحُكم على حال الحكم بن عتيبة .
فقد تبين بمراجعة كتب الرجال أن الخلاصة فيه ما ذكره الحافظ : " ثقة ربما دلس "([57]) فقد وثقه ابن حبان ، والذهبي ، وذكر العلائي " بأنه وصفه بالتدليس غير واحد "([58]) 
2 ـ الحُكم على روايته عن مقسم .
والخلاصة فيه التفصيل على ما يلي :
أ ـ أنه ثبت سماعه لخمسة أحاديث ، كما قاله يحيى عن شعبة ، وهذه الأحاديث هي :
حديث الوتر ، وحديث القنوت ، وحديث عزمة الطلاق ، وحديث جزاء مثل ماقتل من النعم والرجل يأتي امرأته وهى حائض([59]) ، فظهر أن هذا الحديث ليس منها .
ب ـ يتبين مما سبق أن هناك أحاديث كثيرة لم يسمعها الحكم عن مقسم ، وإنما أخذها من كتاب ، فإذا أشكل حديث ، أو حدثت مخالفة من الحكم عن مقسم عن باقي الرواة ، فالأصل أنه مما لم يسمعه ، ولما ذكر الحكم عن مقسم ألفاظًا في إراداف النبي صلى الله عليه وسلم أسامة معه في الحج ، ثم الفضل بن عباس ، واضطرب الحَكم في الألفاظ ، قال البخاري : " الحكم هذا عن مقسم مضطرب "([60]) .
ج ـ  وصفه غير واحد بالتدليس ، ومن أظهر تدليسه تحديثه بأحاديث عن مقسم لم يسمعها منه وإن كان سمع منه بعض الأحاديث ، وهذا هو التدليس .
الخلاصة في هذه الطريق :
فعلى هذا تكون روايته عن مقسم فيها نظر ، لأنها تحتمل أن تكون عن كتاب فتكون وجادة ، وتحتمل أن تكون عن غير الكتاب فتكون منقطعة ، ووصفه بالتدليس يزيد من الوهن ، والله أعلم
ولأجل هذه الأمور قال الحافظ : " وهو حديث حسن "([61]) ، أما الحافظ الترمذي فقال : " حسن صحيح " ، وصححها العلامة ابن القيم ، والألباني رحمهم الله أجمعين([62]) ، وذلك بضم غير هذه الرواية إليها ، فهو تحسين أو تصحيح بالمجموع .
الطريق الثالثة : سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما .
قال عنها الطبراني : " لم يرو هذا الحديث عن حماد إلا محمد بن جابر وأبو حنيفة تفرد به عن محمد بن جابر إسحاق بن أبي إسرائيل وعن أبي حنيفة عبد الرحيم بن سليمان "([63]) .
وحال أبي حنيفة رحمه الله معلوم في الحديث .
الطريق الرابعة : الحكم عن ابن عباس رضي الله عنهما .
فمن خلال ما سبق تقريره في الطريق الثالثة ، يظهر لنا أن هذه الرواية من تدليس الحكم ، وأن الانقطاع فيها ظاهر بين الحكم وابن عباس رضي الله عنهما .
الطريق الخامسة : كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما .
وفيه فضيل بن سليمان النميري ، قال أبو زرعة : " لين الحديث " ، وقال أبو حاتم : " ليس بالقوي " ، وقال النسائي : " ليس بالقوي " ، وقال صالح بن محمد جزرة : " منكر الحديث " ، وقال الساجي : " وكان صدوقا وعنده مناكير " .
وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال الحافظ : " صدوق له خطأ كثير "([64]).
وقال الشيخ الألباني رحمه الله عن طريق كريب : " إسنادها جيد "([65]) .
 
 الخلاصة في الحكم على حديث ابن عباس رضي الله عنهما :
تبين مما سبق ما يلي :
1 ـ أنه رواه أكثر من راو عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وكلها فيها الدلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه مع ضعفة أهله ، وأما زيادة النهي عن الرمي قبل طلوع الشمس ، فليست في جميع الطرق .
2 ـ أسلم الطرق ، وأوثقها طريق عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وهي المخرجة في الصحيحين([66]) ، وليست فيها زيادة النهي عن الرمي قبل طلوع الشمس .
3 ـ الطرق التي فيها زيادة النهي عن الرمي قبل طلوع الشمس ، على مراتب :
أ ـ أجودها طريق الحكم عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما ، ومع ذلك لا تخلو من مقال بسبب رواية الحكم عن مقسم ، واحتمال الانقطاع فيها .
ب ـ بعدها طريق كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وقد جود إسنادها الشيخ الألباني رحمه الله ، ومع ذلك فيها نظر لوجود فضيل بن سليمان النميري .
ج ـ بعدها طريق الحسن العرني عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وهي أشدها ضعفا للانقطاع بين الحسن وابن عباس رضي الله عنهما .
دلالة الحديث : 
يدل الحديث على القول بتحسينه على أمور يهمني في بحثي منها ما يلي :
1 ـ المخاطب بقوله " لا ترموا قبل أن تطلع الشمس " يحتمل أن يكون :
أ ـ الضعفة جميعًا .
ب ـ من أرسله مع الضعفة من الغلمان .
والذي يظهر لي أن الخطاب موجه لمن كان مع الضعفة ، بدليل الروايات الأخرى حيث قال في رواية : " أبني " وفي رواية "  يأتينا أغيلمة بني عبد المطلب وحملنا على حمراتنا ولطخ أفخاذنا ثم قال " وفي رواية " أي بني " .
 
 2 ـ استدل بالحديث طائفتان :
الأولى : من قال بأنه لا يجوز الرمي قبل طلوع الشمس سواء الضعفة أو غيرهم ، وهو قول مجاهد  والثوري ، والنخعي خلافا لغيرهم من أهل العلم([67]) .
الثانية : من قصر معناه على القادرين ، فمنع القادر على الرمي إلا بعد طلوع الشمس ، وأيد استدلاله بفعله صلى الله عليه وسلم ، مع قوله " لتأخذوا عني مناسككم "([68])  .
3 ـ سائر أهل العلم ـ غير من سبق ـ لم يأخذوا بظاهر الحديث ، فأجازوا للضعفة الرمي بعد طلوع الفجر ، وقبل طلوع الشمس ، ولذلك قال الطحاوي : " ما نعلم أحدا من أهل العلم الذين تدور عليهم الفتيا إلا وقد خرج عن هذا الحديث وذهب إلى أَن من رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل طلوع الشمس أنه يجزئ رميه وأنه ليس عليه أَن يعيده "([69]) وهذا يضعف دلالة الحديث .
 
الحديث الثاني : حديث الفضل بن عباس رضي الله عنهما

قال البزار : " حدثنا عمرو بن علي ، قال نا أبو عاصم ، قال نا شعبة ، عن مشاش ، عن عطاء عن ابن عباس عن الفضل بن عباس أن النبي أمر ضعفة بني هاشم وصبيانهم أن يرتحلوا من جمع بليل فيقول أبني أو أبيني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس " .
تخريج الحديث :
أخرجه  البزار في مسنده (ج6/ص97) (2153) .
درجة الحديث : 
لبيان درجة هذا الحدث أحتاج الكلام على أمرين :
أولا : هذا الحديث روي عن عطاء على وجهين :
الوجه الأول : عن شعبة عن مشاش عن عطاء به ، بزيادة الفضل 
كما رواه البزار في مسنده (ج6/ص97) (2153) ،
الوجه الثاني : رواه جماعة عن عطاء عن ابن عباس ، ولم يذكروا الفضل ، منهم :
1 ـ بن جريج في صحيح مسلم (ج2/ص941) .
2 ـ وعمرو في سنن النسائي الكبرى (ج2/ص429) .
3 ـ وحبيب بن أبي ثابت في سنن النسائي الكبرى (ج2/ص437) ، المعجم الأوسط (ج1/ص160) .
4 ـ الربيع بن صبيح في المعجم الكبير (ج11/ص158) .
وبهذا يظهر أن الأصح رواية الجماعة ، ولذلك قال الترمذي : " وروى شعبة هذا الحديث عن مشاش عن عطاء عن بن عباس أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قدم ضعفة أهله من جمع بليل وهذا حديث خطأ أخطأ فيه مشاش وزاد فيه عن الفضل بن عباس وروى بن جريج وغيره هذا الحديث عن عطاء عن بن عباس ولم يذكروا فيه عن الفضل بن عباس "([70]) .
  
ثاينا : جميع من رواه عن مشاش غير شعبة ، رواه على رواية الجماعة ، ولم يذكروا زيادة " النهي عن الرمي قبل طلوع الشمس " منهم :
1 ـ أبو عاصم وعفان وسليمان في سنن النسائي الكبرى (ج2/ص429)
2 ـ محمد بن جعفر في مسند أحمد بن حنبل (ج1/ص340) .
3 ـ عفان بن مسلم في فوائد العراقيين (ج1/ص78) .
4 ـ سليمان بن حرب في المعجم الأوسط (ج2/ص378) .
ولهذا قال البزار (ج6/ص98) " وهذا الحديث لا نحفظه عن مشاش أبي الأزهر إلا عن شعبة عنه "
فتبين أن رواية مشاش ، بزيادة النهي عن الرمي قبل طلوع الشمس ، شاذة لأمرين :
1 ـ زيادة الفضل بن عباس رضي الله عنهما .
2 ـ زيادة النهي عن الرمي قبل طلوع الشمس .
ومشاش بن ساسان ، لم يرو عنه غير شعبة ، وشعبة من أهل التحري ، وقال عنه الحافظ : " مقبول "([71]) ، ومن قال عنه ذلك فيحتاج إلى متابع ، وإلا فلين الحديث كما أشار في المقدمة([72]) .
ولا متابع هنا لمشاش بن ساسان .
 
ثانيا : الآثار

وفيه أثران .
الأثر الأول : أثر عطاء بن أبي رباح رحمه الله

قال ابن أبي شيبة : "  قال حدثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن عطاء قال : رخص للمريض والحبلى ومن كانت به علة أن يفيضوا من جمع بليل ولا يرموا الجمار حتى تطلع الشمس " .
تخريج الأثر :
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (ج3/ص234) .
درجة الأثر :
رجاله ثقات ، لكن في رواية هشام بن حسان عن عطاء مقال ، فقد قال ابن معين : "كان شعبة يتقي هشام بن حسان عن عطاء "([73]) ، وقال الحافظ : " وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال لأنه قيل كان يرسل عنهما "([74]) ، فيحتمل أن هذه الرواية مما أرسله هشام بن حسان ، عن عطاء ، بدليل مخالفتها لما ثبت عن عطاء ، من فعله ، ومن فتواه .

الأثر الثاني : أثر إبراهيم النخعي رحمه الله .

قال أبو بكر بن أبي شيبة : " حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم أنه كان يرخص للكبير والمريض أن يفيضوا من جمع بليل ولكن لا يرمي جمرة العقبة حتى تطلع الشمس "
تخريج الأثر :
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (ج3/ص234) (13763) .
درجة الأثر : 
الأثر رجاله ثقات ، وفيه أمران مشكلان :
الأول : تدليس المغيرة بن مقسم ، كما قاله ابن حبان([75])
الثاني : تكلم الإمام أحمد في رواية المغيرة عن إبراهيم بخصوصها([76]) .
وهذان يوهنان من الاحتجاج بالأثر ، والله أعلم .
 

ثالثا : وقت رمي جمرة العقبة


بعد أن بينت الأحاديث في هذا الباب ، أذكر الآن مذاهب أهل العلم في المسألة ، ثم أذكر الراجح
اختلف أهل العلم في بداية وقت الرمي ليوم النحر ، ويمكن تلخيص مذاهبهم فيما يلي :
القول الأول : أن الوقت يبدأ بمنتصف ليلة النحر ، وهو قول الشافعية ، وأحمد في رواية عنه ، وعطاء في رواية عنه ، وابن أبي ليلي ، وعكرمة([77])
أدلتهم : استدلوا بما يلي([78]) :
1 ـ أحاديث الجواز ، ومنها صريح حديث عائشة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة أن توافي صلاة الفجر بمكة ، ولا يمكن هذا إلا أن ترمي قبل الفجر بزمن .
2 ـ مفهوم أحاديث الضعفة ، وبعثهم ، مثل حديث ابن عمر ، وابن عباس ، رضي الله عنهم ، حيث لم يأمروا أن يتقيدوا بوقت معين ، أو يتحروا وقتا معينا .
3 ـ الآثار عن بعض التابعين ، والتي تدل على أنهم يرمون الجمرة في أي وقت جاءوا ، مما يدل على أنه ليس لها وقت محدد .
4 ـ أن ذلك الوقت هو بداية جواز الانصراف إلى منى ، فيكون بداية جواز أعمال منى ، وأولها الرمي .
القول الثاني : أن الوقت يبدأ بطلوع الفجر مطلقا ، سواء القادر ، أو العاجز ، وهو قول الحنفية ، والمالكية ، وأحمد في رواية ، وإسحاق ، وابن المنذر .
أدلتهم : استدلوا بما يلي :
1 ـ أحاديث الجواز ، ومنها صريح حديث بعث ابن عمر رضي الله عنهما ضعفة أهله ، فمنهم من يقدم لصلاة الفجر ، ومنهم بعد ذلك .
2 ـ ورد في بعض الروايات " قبل طلوع الشمس " وورد " قبل أن يأتي الناس " فيدل ذلك على أنه يجوز من بعد دخول وقت الفجر .
 
القول الثالث : التفصيل على حسب حال الرامي قدرة ، وضعفا ، فلا يخلو الرامي من أن يكون :
أ ـ قادرا : فلا يرمي إلا بعد طلوع الفجر  .
ب ـ ضعيفا : فيجوز من بعد منتصف ليلة النحر .
وهذا قول الهادوية ، كما ذكره الصنعاني .
أدلتهم : استدلوا بالجمع بين أحاديث الجواز ، فالأحاديث التي فيها الإذن المطلق حملوها على الضعفة فجوزوا لهم الرمي قبل الفجر ، والأحاديث التي فيها الرمي بعد الفجر حملوها على القادر.
القول الرابع : التفصيل على حال الرامي قدرة ، وضعفا ، فلا يخلو الرامي من أن يكون :
أ ـ قادرا : فلا يجوز إلا بعد طلوع الشمس .
ب ـ ضعيفا : فيجوز من منتصف الليل .
أدلتهم : استدلوا الجمع بين أحاديث النهي ، وأحاديث الجواز ، فجعلوا أحاديث الجواز للضعفة ، ومن في حكمهم ، وأحاديث النهي للقادر .
 

رابعا : طرائق أهل العلم   في أحاديث الجواز والمنع .


لأهل العلم عدة مسالك تجاه أحاديث الجواز ، والمنع التي سبق ذكرها ، وتتلخص في التالي :
المسلك الأول : الجمع بين الأحاديث .
ولهم في ذلك طريقتان :
الطريقة الأولى : حمل أحاديث النهي على الاستحباب .
فقالوا يستحب للحاج أن يرمي بعد طلوع الشمس ، بدلالة أحاديث النهي ، قال محمد شمس الحق العظيم آبادي : " ويمكن حمل هذه الأحاديث على الاستحباب جمعا بين السنتين "([79]) .
الطريقة الثانية : تنزيل كل منهما على حالة تناسب الحاج .
فتحمل أحاديث الجواز : على الضعفة .
وتحمل أحاديث النهي : على القادرين .
قال العلامة ابن القيم : " ثم تأملنا فإذا أنه لا تعارض بين هذه الأحاديث فإنه أمر الصبيان أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس فإنه لا عذر لهم في تقديم الرمي أما من قدمه من النساء فرمين قبل طلوع الشمس للعذر والخوف عليهن من مزاحمة الناس وحطمهم وهذا الذي دلت عليه السنة جواز الرمي قبل طلوع الشمس للعذر بمرض أو كبر يشق عليه مزاحمة الناس لأجله وأما القادر الصحيح فلا يجوز له ذلك  "([80]) .
المسلك الثاني : الترجيح بين الأحاديث
فمن رجح أحاديث الجواز ، لم يقل بالنهي ، قال الطحاوي : " ما نعلم أحدًا من أَهل العلم الذين تدور عليهم الفتيا إلاَ وقد خرج عن هذا الحديث وذهب إلى أَن من رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل طلوع الشمس أنه يجزئ رميه وأنه ليس عليه أن يعيده بعد ذلك إذا طلعت الشمس منهم أبو حنيفة في أصحابه ومنهم مالك في أصحابه ومنهم الشافعي في أصحابه بل قد زاد عليهم فذكر أَن من رماها يوم النحر بعد نصف الليل أنه يجزئه "([81])
 

خامسا : الراجح من الأقوال :


بعد أن ذكرت الأحاديث في المسألة ، وحاولت أن أذكر ما يتعلق بالحكم على أسانيدها ، ثم ما يتعلق بفقهها ، والأحكام المستنبطة منها ، ثم أقوال الفقهاء في هذه المسألة ، أذكر الآن ما يترجح لي ، وسأجعله على عدة أمور ، كما يلي :
الأمر الأول : نظرة في أقوال الفقهاء .
الذي يظهر لي بعد أن راجعت كلام الفقهاء في المسألة ، أن الخلاف في القادرين ، أما الضعفة فالخلاف فيهم ضعيف ، لم يتبنه أحد من المذاهب الأربعة المتبوعة .
الأمر الثاني : يمكن تقسيم أوقات الرمي إلى ثلاثة أقسام من حيث قوة الخلاف فيها من عدمه ، كما يلي :
الوقت الأول : بعد طلوع الشمس .
وهذا الوقت لا يوجد فيه خلاف ، حسب علمي بجواز الرامي فيه للجميع .
الوقت الثاني : بعد الفجر ، وقبل طلوع الشمس .
وهذا الوقت الخلاف فيه ضعيف ، فالجماهير من السلف ، والخلف ، على جواز الرمي في هذا الوقت ، سواء للضعفة ، أو القادرين .
الوقت الثالث : قبل الفجر .
وهذا الوقت على نوعين :
النوع الأول : الضعفة ومن في حكمهم ، فهؤلاء الخلاف في حقهم متوسط .
النوع الثاني : القادرين ، وهؤلاء الخلاف في حقهم قوي ، والجماهير على عدم جواز الرمي .
الأمر الثالث : الذي يظهر لي أن أحاديث الجواز أقوى ، من أحاديث المنع ، وذلك لأسباب ، منها :
1ـ لا يوجد في المنع إلا حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، لأن حديث مشاش بن ساسان خطأ ، وهو على الصحيح حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، فهما حديث واحد وليسا حديثين
2 ـ لم يقل بظاهره أحد من الأئمة ، وأهل الفتوى في الحج ، فلو رمى شخص قبل طلوع الشمس ، فلا يؤمر بالإعادة ، إلا على قول شاذ ، كما مضى في تفصيل الأقوال الفقهية .
3 ـ كثرة من يبعثون ضعفتهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك لم يؤثر عنه أنه أمرهم بالتقيد بوقت ، أو التحري ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، كما مضى .
4 ـ جواز الرمي للضعفة ، ومن في حكمهم هو الذي يتناسب مع حالهم ، وعمومات الشريعة تؤيد ذلك .
 ولذلك فالراجح عندي ـ والله أعلم ـ ما يلي :
أن الرامي لا يخلو أن يكون :
1 ـ من الضعفة ومن في حكمهم : فيجوز لهم الرمي متى وصلوا ولو قبل الفجر ، كما فعلت أسماء رضي الله عنها ، قال ابن تيمية رحمه الله في منسكه : " وكان قد عجل ضعفه أهل بيته من مزدلفة قبل طلوع الفجر فرموا الجمرة بليل  "([82])
2 ـ من القادرين ، فيفصل :
أ ـ لا يجوز للقادرين الرمي قبل الفجر .
ب ـ يجوز لهم الرمي بعد الفجر ، ولو قبل طلوع الشمس .
ج ـ الأفضل أن يرموا بعد طلوع الشمس ، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم .

سادسا : حكم من يرافق الضعفة
بعد أن ذكرت حكم الضعفة ، أذكر الآن حكم من يرافق الضعفة ، لأنه يكثر وقوعها ، خاصة في الحملات في زماننا .
الذي يظهر لي أن من يرافق الضعفة لا يخلو من حالتين :
الحالة الأولى : له تعلق بالضعفة ، فيقوم عليهم ، ويعتني بشأنهم ، ولهم حاجة له ، كأولياء الضعفة ، والقائمين على شؤون الحملة ، والمسؤولين فيها .
فهذا له حكم الضعفة ، فيجوز له الرمي مع الضعفة قبل الفجر ، كما رمى عبد الله مولى أسماء رضي الله عنها ، معها ، قال ابن تيمية رحمه الله : "  والضعفة من يخاف من تأذيه بزحمة الناس عند الوقوف والمسير ورمى الجمرة وهم النساء والصبيان والمرضى ونحوهم ومن يقوم بهؤلاء "([83])
الحالة الثانية : من ليس له تعلق بالضعفة إلا مجرد الرفقة ، مثل الحملات في زماننا هذا ، فليس كل من يوجد في الحملة له حكم الضعفة ، ما دام أنه لا تعلق له بالضعفة ،وليس قائما على شؤونهم  فهؤلاء ليس لهم حكم الضعفة ، ولذلك لا يجوز لهم الرمي إلا بعد الفجر ، والله أعلم .


الخاتمة

بعد هذه اللمحة الموجزة في مسألة " وقت رمي جمرة العقبة " تبين لي في نهاية المطاف ما يلي :
1 ـ أن الطريقة المثلى في بحث المسائل الفقهية ، هي النظر في المسألة بناء على ما يوجد فيها من دليل ، فينظر أولا في الدليل ، فما صح استنبط منه الأحكام ، وما لم يصح ترك ولم يستنبط منه .
2 ـ ظهر لي أن جمعا من الصحابة ، ومنهم زوجاته صلى الله عليه وسلم بعث بهن من مزدلفة ليلا ، فرمين قبل أن يأتي الناس ، ورمت أم سلمة رضي الله عنها بغلس ، وقالت : " بأن النبي أذن للظعن " فكان أمرا معلوما عندهم أن الضعفة يترخص لهم ما لا يترخص لغيرهم .
3 ـ لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أهل بيته الذين بعثهم أن يتحينوا وقتا معينا ، أو أنه منعهم من الرمي في وقت معين ، ومن المتقرر في علم الأصول أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز .
4 ـ لم يدل على المنع إلا حديث واحد هو حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، وجميع طرقه لا تخلو من مقال ، ومن صححها فقد نظر إلى مجموعها .
5 ـ حديث ابن عباس رضي الله عنهما على القول به ، يحتمل معناه أنه وجه خطابه بقوله " لا ترموا قبل طلوع الشمس " ليس إلى الضعفة وإنما إلى من يرافقهم لأنهم أقوياء ، فأمرهم بالأكمل
6 ـ لم يقل أحد من أهل العلم فيما ظهر لي بظاهر حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، فلم يأمر أحد من أهل العلم من رمى قبل طلوع الشمس أن يعيد ، ولا شك أن هذا مما يضعف الحديث .
7 ـ نظرت إل الخلاف في وقت الرمي ، فقسمت الخلاف فيه على ثلاثة أقسام ، حسب قوة الخلاف .
8 ـ ظهر لي أن هناك فرقا واضحا بين الضعفة ، وغيرهم في مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم لهم ولحالهم ، ولذلك يترخص لهم ما لا يترخص لغيرهم .
9 ـ بعد أن ذكرت الأحاديث ، وأقوال أهل العلم في المسالة ، ذكرت ما ترجح لي .
10 ـ ذكرت في نهاية البحث حكم من يرافق الضعفة ، وبينت أن ذلك فيه تفصيل كما يلي :
1 ـ له تعلق بالضعفة ، فيقوم عليهم ، ويعتني بشأنهم ، ولهم حاجة له .
فهذا له حكم الضعفة ، فيجوز له الرمي مع الضعفة قبل الفجر ، كما رمى عبد الله مولى أسماء رضي الله عنها ، معها ، قال ابن تيمية رحمه الله : "  والضعفة من يخاف من تأذيه بزحمة الناس عند الوقوف والمسير ورمى الجمرة وهم النساء والصبيان والمرضى ونحوهم ومن يقوم بهؤلاء "
2 ـ  من ليس له تعلق بالضعفة إلا مجرد الرفقة ، مثل الحملات في زماننا هذا ، فليس كل من يوجد في الحملة له حكم الضعفة ، ما دام أنه لا تعلق له بالضعفة ، فهؤلاء ليس لهم حكم الضعفة  ولذلك لا يجوز لهم الرمي إلا بعد الفجر ، والله أعلم .
 

-------------------------
 1 ـ  النهاية في غريب الأثر (ج4/ص377) .
2 ـ  شرح النووي على صحيح مسلم (ج9/ص40) .
1 ـ كشف المشكل ج(4/ص453).
[4] ـ الأم (ج2/ص213) .
3 ـ شرح النووي على صحيح مسلم ج(9/ص38) .
[6] ـ عون المعبود (ج5/ص292) .
1ـ عمدة القاري (ج10/ص18) .
[8] ـ لسان العرب (ج6/ص156) .
[9] ـ وهو لسان العرب (ج9/ص203) .
[10] ـ حجة الوداع (ج1/ص186) .
[11] ـ عمدة القاري (ج10/ص15) .
[12] ـ المحلى (ج7/ص132) .
[13] ـ انظر : المستصفى (ج1/ص192) ، والمسودة (ج1/ص163) وفيها بيان أن هذه القاعدة ليست على إطلاقها .
[14] ـ الباري (ج3/ص528) .
[15] ـ (ج4/ص279) .
[16] ـ عمدة القاري (ج10/ص19) .
[17] ـ النهاية في غريب الأثر (ج1/ص207) .
[18] ـ فتح الباري (ج3/ص487) .
[19] ـ معرفة السنن والآثار (ج4/ص127) ، وقول البيهقي بقبول ما تفرد به أبو معاوية فيه نظر ، والأحسن أن له متابع ، وهو الضحاك .
[20] ـ انظر معرفة السنن والآثار (ج4/ص127) .
[21] ـ فيه رد على من يزعم بأن المحدثين لا يلتفتون إلى المتن ، وإنما نظرتهم مقصورة على الإسناد ، كما يقوله المستشرقون .
[22] ـ شرح مشكل الاثار (ج9/ص140) .
[23] ـ زاد المعاد (ج2/ص248) .
[24] ـ معتصر المختصر (ج1/ص182) .
[25] ـ انظر التمييز (ج1/ص186) ، العلل ومعرفة الرجال (ج2/ص368) .
[26] ـ انظر التمييز (ج1/ص186) .
[27] ـ البخاري (1597) ، و مسلم (1290) .
[28] ـ زاد المعاد (ج2/ص248) .
[29] ـ البخاري (1594) ، ومسلم (1293)  .
[30] ـ مسلم (1292) .
[31] ـ نيل الأوطار (ج5/ص147) .
[32] ـ الدراية في تخريج أحاديث الهداية (ج2/ص24) .
[33] ـ في المحرر( ج1/ص405) .
[34] ـ في البدر المنير (ج6/ص250) .
[35] ـ سبل السلام (ج2/ص208) .
[36] ـ نيل الأوطار (ج5/ص146) .
[37] ـ وبهذا يظهر دقة صاحبي الصحيح في أن الأمر عندهما يفوق ثقة الرجال فقط ، بل يتعداه إلى الانتقاء من أحاديث الثقات ، ويبين خطأ من ظن أن مجرد كون الرجال هم رجال مسلم فالحديث لا بد أن يكون على شرطه ، فإن مسلم لم يخرج لفلان عن فلان كل أحاديثه ، وإنما أختار أدقها وانتقاها .
[38] ـ المجروحين (ج3/ص147) .
[39] ـ ضعفاء العقيلي (ج2/ص271) .
[40] ـ تهذيب التهذيب (ج12/ص32) .
[41] ـ لسان الميزان (ج4/ص457) .
[42] ـ التاريخ الكبير (ج1/ص396) .
[43] ـ الكنى والأسماء (ج1/ص372) .
[44] ـ الضعفاء والمتروكين للنسائي (ج1/ص19) .
[45] ـ الكاشف (ج1/ص237) .
[46] ـ تقريب التهذيب (ج1/ص102) .
[47] ـ بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام (ج5/ص325) و أحوال الرجال (ج1/ص 133) .
[48] ـ بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام (ج5/ص325) .
[49] ـ انظر الشذا الفياح (ج1/ص86) .
[50] ـ فتح المغيث (ج1/ص311) و النكت على ابن الصلاح (ج2/ص547) ، وتدريب الراوي (ج1/ص310) ، وشرح نخبة الفكر للقاري (ج1/ص396)
[51] ـ تقريب التهذيب (ج1/ص391) .
[52] ـ انظر ، الجرح والتعديل (ج3/ص45) ، ومعرفة الثقات (ج1/ص300) ، وتهذيب التهذيب (ج2/ص252) ،  والكاشف (ج1/ص326)
[53] ـ الثقات (ج4/ص125) .
[54] ـ انظر تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل (ج1/ص77) ، وتهذيب التهذيب (ج2/ص252) ،  تقريب التهذيب (ج1/ص161)
[55] ـ المحرر في الحديث (ج1/ص405) .
[56] ـ انظر الجرح والتعديل (ج8/ص414) ، وتهذيب التهذيب (ج10/ص256) .
[57] ـ تقريب التهذيب (ج1/ص175) .
[58] ـ انظر معرفة الثقات (ج1/ص312) ، الكاشف (ج1/ص344) ، تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل (ج1/ص80) .
[59] ـ انظر الجرح والتعديل (ج1/ص130) .
[60] ـ التاريخ الأوسط (ج1/ص295) .
[61] ـ قال الحافظ فتح الباري (ج3/ص528) .
[62] ـ زاد المعاد (ج2/ص248) ، الإرواء (4/275) .
[63] ـ المعجم الأوسط (ج9/ص178) .
[64] ـ انظر الجرح والتعديل (ج7/ص72) ، تهذيب التهذيب (ج8/ص262) ، تقريب التهذيب (ج1/ص447)  .
[65] ـ الإرواء (4/275) .
[66] ـ وبهذا يظهر منزلة الصحيحين ، وشدة تحري صاحبيهما في الصحة ، فرحمهما الله .
[67] ـ انظر المغني (ج3/ص219) ، و سبل السلام (ج2/ص208) .
[68] ـ صحيح مسلم (ج2/ص943) ، (1297) .
[69] ـ شرح مشكل الاثار (ج9/ص123) .
[70] ـ سنن الترمذي (ج3/ص240) .
[71] ـ تقريب التهذيب (ج1/ص74) .
[72] ـ تقريب التهذيب (ج1/ص74) .
[73] ـ ميزان الاعتدال في نقد الرجال (ج7/ص78) .
[74] ـ تقريب التهذيب (ج1/ص572) .
[75] ـ الثقات (ج7/ص464) .
[76] ـ انظرتحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل (ج1/ص313) ،  وميزان الاعتدال في نقد الرجال (ج6/ص496) ، وتهذيب التهذيب (ج10/ص241) .
[77] ـ انظر المغني (ج3/ص219) .
[78] ـ وقد مضى تفصيل أدلتهم من حيث الرواية .
[79] ـ عون المعبود (ج5/ص290)
[80] ـ زاد المعاد (ج2/ص248) .
[81] ـ شرح مشكل الاثار (ج9/ص123) .
 [82] ـ مجموع الفتاوى (ج26/ص162) .
 [83] ـ شرح العمدة (ج3/ص525) .

 

عقيل الشمري
  • مقالات ورسائل
  • الصفحة الرئيسية