صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







خطبة عيد الفطر لعام 1427هـــ

عبد الله بن سعيد آل يعن الله

 
سبحان ذي الجبروت والملكوت والإجلال والاكرام والله أكبر عالم الاسرار والاعلان واللحظات بالاجفان *

والحمد لله السميع لسائر الأصوات من سر ومن اعلان *
وهو الموحد والمسبح والممجد والحميد ومنزل القرآن *

والأمر من قبل ومن بعد له * سبحانك اللهم ذا السلطان

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله ، عليه أفضل الصلاة وأتم السلام ...

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر ... الله أكبر ولله الحمد ...

أيها المسلمون ...

ترحَّلَ الشَّهرُ –وا لهفاهُ – وانصَرَمَا *** واختُصَّ بالفوزِ في الجنَّاتِ من خَدَمَا

قد شهدت لياليه أنين المذنبين، وقصص التائبين،
وعبرات الخاشعين،
وأخبار المنقطعين.
وشهدت أسحاره استغفار المستغفرين،
وشهد نهاره صوم الصائمين وتلاوة القارئين،
وكرم المنفقين.
إنهم يرجون عفو الله ، علموا أن الله عفو كريم يحب العفو فسألوه أن يعفو عنهم. لئن مضى رمضان ، فقد أبقى لنا من الذكر الجميل ما يجعله حاضرا في الأذهان ، فنسأل ربي المنان ، أن يمن علينا بقبول الأعمال ، وأن ييسر لنا الإستمرارِ على الطاعات على الدوام ...

يا مؤمنون ...

ها هى شمسنا تشرق باسمة الثغر مستبشرة بيوم جديد... فاليوم عيد ...
وها هم أحبابنا وأهلونا وجيراننا ...
قلوب تتصافح ...
ونفوس تتصافى ...
وود وإخاء ...
واجتماع وتراحم ...
وعهد إخاء يتجدد...
وتعاونا على البر والتقوى ...
وتواصيا بالحق والصبر ...
وأحلاما لغد مشرق تلوح تباشيره فى الأفق القريب ...
وابتسامة أمل وتفاؤل ...

ليس العيد هذا إلا إشعار هذه الأمة بأنَّ فيها قوة تغيير الأيام، لا إشعارها بأنَّ الأيام تتغيرُ، وليس العيد للأمة إلاَّ يوماً تعرض فيه جمال نظامها الاجتماعي، فيكون يوم الشعور الواحد في نفوس الجميع، والكلمة الواحده في ألسنة الجميع، ...
وليسَ العيدُ إلاَّ تعليم الأمة كيف تتسع روح الجوار وتمتدّ، حتى يرجع البلد العظيم وكأنه لأهلهِ دارٌ واحدةٌ يتحقق فيها الإخاء بمعناه العمليّ، ويُهدي الناس بعضهم إلى بعض هدايا القلوب المُخلصه المحبه ، وكأنَّما العيد هو إطلاق روح الأُسرة الواحدة في الأمة كلِّها.
وليس العيدُ إلاَّ إلتقاء الكبار والصغار في معنى الفرح بالحياة الناجحة المتقدمة في طريقها، وترك الصغار يلقون دَرسهم الطبيعيَّ في حماسة الفرح والبهجة...

ما أجمل هذا الجمع .. وما أبهى هذه المناسبة ...
بشائر العيد تترا غنية الصور *** وطابع البِشر يكسو أوجه البَشَر
والعيد أقبل مـزهوًا بطلعته *** كأنه فارس في حلة رفـلا
والمسلمون أشاعوا فيه فرحتهم *** كما أشاعوا التحايا فيه والقبلا
الجميع قد ارتدوا أجمل الملابس
الجميع يفرحون .. يبتسمون .. يضحكون ..
الصغار يلعبون .. ...
وفي موجه هذا الفرح لا ننسى أن نزرع بهجة العيد في بيوت الفقراء والمساكين ، وأن نطل إطلالة الرحماء على بيوت الأيتام، فهناك أطفال أيتام يحتاجون لمسات أيدينا ، ويحتاجون منا التحايا والهدايا ، ومن يسليهم في هذا العيد ، ويذهب بهم إلى أماكن الألعاب والمرح ...

وهناك مرضى على الأسِرَّة في المستشفيات ، يتمنون إطلالتنا عليهم ليشاركوننا فرحة العيد ، فبعضهم من جنسيات مختلفة ليس لهم أحد يهنئهم بالعيد ...
وهناك المعاقين والمساجين ، واللذين في الدور الإجتماعية ينتظرون طلة الكرماء وأهل الخير ...

*****************

ومما ينبغي إظهاره في العيد إظهار الفرح والسرور واللهو المباح :

ففي حديث عائشة – رضي الله عنها- قالت : " دخل عليّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعندي جاريتان تغنيان بدفين ( وهنا حدد الرسول الدف وللنساء فقط ) ، فاضطجع على الفراش، وحول وجهه، فجاء أبو بكر فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند النبي – صلى الله عليه وسلم – فأقبل عليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال : "دعهما يا أبا بكر ، إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا" .رواه البخاري

قال الحافظ في (الفتح) : "وفيه مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد بأنواع ما يحصل لهم به بسط النفس وترويح البدن من كلف العبادة ، وأن إظهار السرور في الأعياد من شعار الدين" .ا.هـ .
وفي يوم العيد لعب الحبشة بالحراب فقالت عائشة: - رضى الله عنها - " سمعت لغطاً وصوت صبيان ، فقام النبي – صلى الله عليه وسلم –:فقال : يا عائشة تعالي فانظري ، قالت: فأقامني وراءه ، خدي على خده وهو يقول : دونكم يا بني أرفدة، لتعلم يهود أن في ديننا فسحة ، إني بعثت بحنيفية سمحة" .
أيها الناس /
تسارع بعض الناس قبل أيام العيد في اجتياز أُطر الفرحة والبهجة ، فبادروا بإرسال التهاني بالعيد عبر هاتف الجوال قبل هذا اليوم بأيام ...

وهذا دليلٌ على وفائهم ورغبتهم في الوصال وتجديد العهد –

لكن ...

-- لكل مقام مقال --

... فلا يحسن الإستعجال بمثل هذه الرسائل والتهاني عن وقتها المحدد ... فقد قيل : عظمة النفس الإنسانية في قدرتها على الإعتدال ، لا في قدرتها على التجاوز .

... ولا يجدرُ أيضاً أن يُكتفى بهذه الرسائل في الوصال والتهنئة ، فالنفوس بيوت أصحابها فإذا أردنا التعامل الأمثل معها فليحصل التزاور ، أو على الأقل الإتصال ...

ومن المفاجئ ... استخدام بعض المهنئين هذه الوسيلة ( رسائل الجوال ) إما بسبب الكسل ، أو بسبب الهروب من الأفضل ، أو بسبب حظوظ نفس خفيه ، وقد اعتمد أغلب الناس تقريباً من المهنئين على هذه الوسيلة فقط ... فيصبحوا في يوم العيد

لا تواصل ...

ولا إتصالات ...

ولا رسائل ...

لأن الطاقة القصوى في التهنئه قد اُستنفدت قبل يوم العيد في رسائل الجوال بمجرد أنه يحدد الأسماء كلها بضغطة زر ثم يرسل على الجميع ولم يشعر بحلاوة التهاني ولاالوصال ، ولم يعرف من الذي أرسل عليه ومن هو الذي لم يرسل عليه ...

ولو أراد الإنسان الأفضل والأبلغ في التهنئة بالعيد لسلك سبيل التزاور ، وهذا لا يُغنينا عن سلوكه مع الأقارب والأرحام والجيران والأصدقاء ...

أما من كان مقرُّهُ بعيد ، فأضعف الإيمان أن يتم الاتصال به لمعايدته ، ولا بأس من إرسال رسالة تعبر عن ما في النفس من مشاعر صادقة بشرط أن لا تكون الرسالة مصابة بمرض التكرار ...

حقيقةً أن هذه الرسائل قد تطفئ بهجة العيد ...

وقد تحرمنا من التزاور والتواصل ...

و سماع أصوات الأحباب والأصدقاء ...

يا موحدون /
بيت الأسرة الإسلامية أنموذج فريد في المحبة والتآلف من بين أفراد الشعوب الكافرة ، والمطلوب منا أن نحيي فرحة العيد في هذه الأسرة بدءا بالأب والأم ثم الإخوة والأخوات ثم الأقرب فالأقرب ، وإذا كان هناك فجوة أو جفوة بين أفراد الأسرة ، فليستعينوا بالله في إزالتها من هذا اليوم الزهي ، من أجل أن لا نجعل الأفراح أتراح ، إن الزوجين مطلوب منهما إحياء السلام بينهما ، وإظهار فرحتهم بالعيد أمام الأبناء ، وكذلك الأبناء يلتمسون الوسائل التي تثير الفرحة بالعيد مع الوالدين ومع الإخوة والأخوات ...
لتزال الجفوة والفجوة التي بين الأزواج ...
لتزال الجفوة والفجوة التي بين الأبناء والآباء ...
لتزال الجفوة والفجوة التي بين الإخوة والأخوات ...
لنحيي التحايا والهدايا بيننا في أسرنا ، لنظهر البسمات والكلمات الطيبات لإخواننا وأخواتنا ...
ولنفتح مغاليق القلوب بيننا بالهدايا ، فالرسول يقول ( تهادوا تحابوا )
هدايا الناس بعضهم لبعض *** تولّد في قلوبهم الوصالا
وتَزرع في الضمير هوى وودّا *** وتُلبسهم إذا حضروا جمالا

***************

يا أهل العفو والصفح /
يوسف عليه السلام أساء له إخوته وكانوا سببا في معاناته أكثر حياته ، فأخذوه ووضعوه في البئر ، ثم عانى عليه السلام بعد ذلك عندما راودته امرأت العزيز ، ثم طلب الله في السجن للنجاة من فتنة امرات العزيز ، ولبث في السجن ، ولما خرج من السجن أحد المسجونين ، قال له يوسف أذكرني عندي الملك من أجل أن أخرج ، فنسي السجين أن يخبر الملك ، فلبث يوسف في السجن بضع سنين ، ثم دارت الأيام وجعل على خزائن الأرض ، وعندما وضع متاع الملك في رحل أخيه ، قال إخوة يوسف ، إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل ( يعني يوسف ) ، فأسرها يوسف في نفسه ، ثم بعد أن جمع بين أبويه وإخوته ، قال إخوة يوسف ليوسف ... يا يوسف استغفرلنا ( فماذا قال يوسف / أريد حقي منكم طوال هذه السنين ... لا
هل انتصر يوسف لنفسه ... لا ...
هل فضل قطيعتهم عندما جعل على خزائن الأرض ... لا

ماذا قال / لا تثريب عليكم اليوم ... يغفر الله لكم ...
الله أكبر ... ما أجمل عفو وصفح يوسف ... هذا خلق الأنبياء العظماء
فليكن لسن حالنا مع من أغاظنا وأخطأ علينا ، وأسأء بحقنا ، لا تثريب عليكم اليوم ... يغفر الله لكم

نقولها للأصحاب ... نقولها للجيران ، نقولها للأرحام ، نقولها للأقارب ...
أيهجر مسلم فينا أخاه *** سنيناً لايمد له يمينه
أيهجره لأجل حطام دنيا *** أيهجره على نُتف سقيمه
ألا أين السماحة والتآخي *** وأين عرى أُخوتنا المتينه
بنينا بالمحبة مابنينا *** وماباع امرئ بالهجر دينه
علام نسد أبواب التآخي *** ونسكن قاع أحقاد دفينه

فهنيئا ثم هنيئا ثم هنيئا لمن كظم غيظه وعفى وأصلح ثم جعل هذا اليوم صفحة بيضاء بينه وبين وبينهم خلاف ...
فمن اليوم تعارفنا *** ونطوي ما جرى منّا
فلا كان ولا صار *** ولا قلتم ولا قلنا
وإن كان ولابد *** من العتاب فبالحسنى
فيارب نسألك أن تشرح صدر كل من سعى للعفو والإصلاح ...
ونسألك أن تصلح مابين كل متخاصم ...
وأما الذين يقطعون أرحامهم يجعلون هذا اليوم بداية الإنطلاقة للوصال ، من أجل ان لا تقع عليهم لعنة الله ... قال الله ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ...
إن هذا العيد جاء *** ناشراً فينا الإخاء
نازعاً أشجار حقد *** مُصلحاً مَهدِي الصفاء

الخطبة الثانية ...

الحمدُ لله المتفرِّدِ بالخلق والإيجاد، أحمده سبحانه لا رادَّ لما أرادَ، وما لِرزقِه من نفاد وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له شهادةً تُسعِد صاحبَها في الدّنيا وتنجيه يومَ يقوم الأشهاد، وأشهد أنّ نبيّنا محمّدًا عبد الله ورسوله المبعوث إلى جميع العباد، والهادي أمَّتَه إلى سبيل الرشاد صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه السادةِ الأمجاد، والتابعين ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم التنادِ، وسلّم تسليمًا ...

أيها المسلمون، لقد سن لنا نبيُ الهدى بعد رمضان صيام الست من شوال، فلنصومها، ولنحافظ على الصلاة في وقتها ، فإنها أولَ ما نحاسب عليها يوم القيامة، ومن لم يؤد فريضة الحج بعد ، فليؤدها إن استطاع قبل أن يحال بينه وبينه...

يا أهل البهجة والسرور ...

إن زاركم العيد يوماً فتبسموا ، فأنتم تتلقون هديّة الرّحمان بجمال آسر ، وهل تُتلقّى الهدايا بعبوس وانزواء ؟!
يا أهل النخوة والكرم ...
افتحوا أبوابكم ، استقبلوا كلَّ الوافدين ، ألقوا السلام وتلقّوه ، فليس أروع من سلام نتبادله فيما بيننا !
أيها الرحماء ...
أسعدوا الأطفال ، واشتروا ابتسامتهم بالغالي والنّفيس ، لا تبخلوا على بسمة طفل ، لا تدفنوها خلف الشفاه ، بل استدعوها لحفل بهجة تصنعوه معاً ..

دعوهم يفرحوا بانتقاء الثياب بأذواقٍ طفوليّة ، أوكلّوا إليهم مهمّة تعليق الزينات .. كي يخبر المكان عن الفرح دون كلام ..

وزّعوا الحلوى عليهم والنقود ، ودققوا النظر في أعينهم ، لكي يشعروا بالإنتماء والحب !

أيها الواصلون /
اطرقوا أبواب أرحامكم ، فاجئوهم ببسمة ودّ ، وهدايا خير ، وتكفي في نظرهم الأمنيات المخلصة ، تنبع من كلمة .. ( كلّ عام وأنتم بخير ) ..

اجمعوا من حدائق السرور أغلى زهور ، ادخلوها على كلّ بيت تزورونه ، ولا تنسوا بيوتكم ، جملوها بالمودة والأمان .. ولتشرق شمس المحبة كلّ يوم من ذات البيوت ..

احيوا لقاءات الأعياد بين جيران المسجد في الحي ، وليكن التآلف بين الرجال والنساء من خلال هذه اللقاءت ، فيجتمعون على الإفطار ، ويكون بينهم المحبة والسلام والوئام ، ثم يتجهوا بعد لزيارة المرضى والأيتام في الحي ...
وارفعوا الأكف لله ضارعين ، اشكروه على نعمائه ، وعلى عونه بأن بلَّغنا رمضان ...

** العيد فرح نهديه ، وبسماتٌ نزينها بالصدق ، ودفء عاطفة يتجدد ، وأرواح تتحد ، تنطلقُ بفرح إلى الفجر الجديد .. 0
ايها الناس ...
عيد سعيد في الكون بهجته *** يهنئُ به رفيق العُلا والكمالات
أعاده الله بالإقبال مبتسماً *** وكل عام وأنتم بالمسرات

وجعلنا الله وإياكم من المقبولين
وكلَّ عامٍ وأنتم بخيــــــــر ..


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عبدالله آل يعن الله
  • أفكاردعوية للمسجد
  • أفكار دعوية
  • رسائل دعوية
  • نسائيات
  • رياض الخطباء
  • مصابيح رمضانية
  • موسميات
  • مقالات
  • الصفحة الرئيسية