بسم الله الرحمن الرحيم

أزواج وزوجات في قفص الاتهام 2


القضية السادسة : زوجي سيء الخلق .. يضربني ويسيء إلي ..
كثيرة تلك الشكاوى من ضرب الأزواج زوجاتهم ، وقديمة قدم الخلق ، ويتراوح هذا الأسلوب من ضرب بسيط عفوي ، إلى ضرب مبرّح مؤذي ومؤلم .

ولكن لماذا يلجأ الزوج إلى هذا الأسلوب ؟!
1- سوء خلق الزوجة : فيأتي أسلوب الضرب أحياناً كرد فعل لسوء خلق الزوجة ، كعدم طاعتها أو استشارته ، أو عنادها ومخالفتها الزوج في كل كبيرة وصغيرة .
2- أن يكون الزوج من النوع العصبي ، سهل الاستثارة ، سريع الانفعال ، ضعيف التحكم في أفعاله ، فمع أي مخالفة لكلام أو أي قول لايعجبه يلجأ إلى هذا الأسلوب .
مما سبق نرى أن الزوجة قد تكون سبباً مباشراً للجوء الزوج لهذا الأسلوب ، ولكن بافتراض أن الزوجة من النوع المعاند أو المشاكس ، فهل الضرب هو العلاج ؟!

إن الزوجة الناشز الخارجة عن طاعة زوجها تعامل بالحسنى ، أولاً بالموعظة والنصيحة ، فإن لم تؤت ثمارها فيهجرها الزوج في الفراش ، فإن لم ينفع هذا ولا ذاك ، فالضرب غير المبرّح الذي لا يترك أثراً .

لكن لا يتسرع الزوج عند أي فعل لا يعجبه من زوجته فيضربها ، فهذا لا يصح ، بل وأضراره أكثر من منافعه ، وإذا اتبع الزوج تلك الخطوات التي ذكرناها وعامل زوجته برفق ، فإنه لن يضطر لضرب زوجته أبداً ، إن كانت تتق الله فيه .

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن شتم الزوجة أو ضربها ضرباً مبرحاً ، كما نهى أيضاً عن ضرب الوجه ، قال عليه الصلاة والسلام : ( لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ، ثم يجامعها في آخر اليوم ) . البخاري برقم ( 5204 ) .

وعنه صلى الله عليه وصلم أنه قال : ( فاضربوهن ضرباً غير مبرّح ) . قطعة من حديث عند مسلم في صحيحه .

قال الحافظ ابن حجر في الفتح ( 9 / 214 ) : وإن كان ولابد فيكن التأديب بالضرب اليسير ، بحيث لا يحصل منه النفور التام ، فلا يفرط في الضرب ولا يفرط في التأديب .

من خلال استقراءنا لجميع المشكلات التي استخدم فيها الأزواج أسلوب ضرب زواجتهم لتقويم سلوكهن ، كانت النتائج دائماً تأتي عكس ما يرغبون ، لأن الأزواج دائماً كانوا يسيئون استخدام هذا الأمر ، فيضربون زوجاتهم إما لأسباب تافهة ، وإما لأسباب مهمة ضرباً مبرحاً ، وهذا الفعل ، جعل زوجاتهم ينفرن منهم ، وتطورت المشاكل أكثر وأكثر .. فليحاول الأزواج أن يحلوا جيمع مشاكلهم بالحسنى والحب والتفاهم والود ، وليكن مثلهم في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث تحكي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فتقول : ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده شيئاً قط ، إلا أن يجاهد في سبيل الله ، ولا ضرب خادماً ولا امرأة . صحيح الشمائل برقم ( 299 ) .

فليصبر الزوج إن رأى من زوجته شيئاً يكرهه ، ولتحاول الزوجة جاهدة أن تطيع زوجها ولا تستثير أعصابه ، وتصبر أيضاً على خلقه وطبعه ولا تجعل المشاكل تتطور ، ولتكن هي من يبدأ بالتهدءة وإخماد نيران الغضب ..
 


القضية السابعة : زوجتي متمارضة .. كثيرة الشكوى ..
الزوجة المتمارضة هي في الغالب عصبية ، ومدللة أحياناً ، وهي غالباً الأخت الكبرى في أسرتها ، تحملت الكثير ، وقاست في الحياة ، فلازمها الشعور بالتعب ، حتى وهي مستريحة ، وكثير من النساء يشتكين التعب والمرض ، وبشهادة الكثير من الأطباء فإن أغلب النساء اللاتي يعرضن عليهم لا يتصفن بأي مرض صحي ، ولكن صحتهم النفسية على غير ما يرام .

وإذا نظرنا إلى المرأة نظرة منصفة ، سنجدها في كثير من أطوار حياتها يصيبها التعب والإرهاق ، وهي بنت يصيبها تعب الدورة وآلامها ، وهي متزوجة وحامل يصيبها آلام الحمل والوضع عند الولادة .. وبعد الولادة تعب السهر والإرضاع وخدمة الأطفال .. الخ .

وهذا يختلف من امرأة لأخرى ، فهناك الشديدة القوية الصابرة ، وهناك الضعيفة القليلة العزيمة الخائرة ، والزوج الذكي هو من يخفف عن زوجته ولا يتأفف من كلامها وطريقتها ، ويحاول أن يخرجها من آلامها هذه بالفكاهة أو الانشغال في موضوع آخر محبب إلى نفسها .

وهذا الحبيب صلى الله عليه وسلم رجع ذات يوم من جنازة من البقيع ، فوجد عائشة رضي الله عنها تشكو صداعاً في رأسها وتقول : وارأساه ! فقال علية الصلاة والسلام : وقد بدأ يحس ألم المرض ، بل أنا والله يا عائشة وارأساه ! فلما كررت الشكوى داعبها بقوله : ما ضرك لو مت قبلي فقمت عليك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك ؟! فصاحت عائشة وقد هاجت غيرتها ، ليكن حظ غيري ! والله لكأني بك لو فعلت ذلك ، لقد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نساءك ! فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم .. المسند ( 6 / 228 ) .

فبالرغم من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشكو الألم والمرض ، إلا أنه عليه الصلاة والسلام يداعب عائشة بقوله ذاك حتى يخفف عنها ، ولم يزجرها أو يعنفها .

وعلى الزوج أيضاً أن يعين زوجته في أعمال البيت حين يشعر منها بالتعب والإرهاق وليحتسب عند الله الأجر في ذلك . راجع الحلقة الرابعة من هذه السلسلة حول موضوع معاونة الزوج زوجته في أعمال المنزل وتفصيل ذلك ..

أيضاً فإن الزوجة يجب ألا تكثر الشكوى حتى لا تضايق الزوج ، بل عليها أن تصبر وتحتمل ، ولتعوّد نفسها على عدم الشكوى عند كل صغيرة فإنها ستنتصر بذلك على نفسها وعلى أمراضها وأوجاعها ، ثم عليها أن تسارع بالكشف الطبي ، لإنه ربما كان ما تشتكي منه مرضاً يستحق الكشف والعلاج ، و حتى لا يكن التأخر في الكشف والعلاج عاملاً من عوامل التأخر في الشفاء أو صعوبته ..

وعلى الزوجة أن تستعين بخبرة من سبقنها في الولادة وتربية الأبناء فستجد عندهن الكثير من النصائح المفيدة التي تجعلها توازن بين مطالب الأبناء وواجباتها في المنزل ، وتعينها على تربيتهم والاهتمام بهم ، حتى تبدأ من حيث انتهى الآخرون وتستفيد من خبراتهم ، وتقلل قدر المستطاع من المجهود الذي تبذله ربما بدون عائد مجزئ نتيجة عدم الخبرة .


القضية الثامنة : زوجي بخيل !!
في إحدى المشكلات الزوجية ، ادعت إحدى الزوجات أن زوجها بخيل ، ولايقوم بواجبه نحو مصاريف المنزل حق القيام ، ولا يعطيها ما يكفيها من المال الذي تحتاجه ..

وبسؤال الزوج ومناقشته ، تبين أن الزوجة من أسرة ذات مستوى اقتصادي عالي نسبياً عن أسرة الزوج ، وأنها كانت قد تعودت في حياتها قبل الزواج على طريقة معينة في العيش والمصاريف ، ودخل زوجها لا يكفي لسد احتياجاتها ، وهذا ما دعاها لوصفه بالبخل والتقتير .

هنا قد نلقي باللوم أولاً على الزوج الذي لم يراعي عنصر الكفاءة في اختيار الزوجة ، فظن أنها تستطيع أن تتعود على ظروفه وعلى طريقة عيشه الجديدة بسهولة .. ولكن هيهات .. فكيف بمن عاشت سنين طويلة بطريقة معينة ، أن يغيرها الزوج بين يوم وليلة أو بين سنة وأخرى إلا من وفقها الله للخير ..

والخلاصة التي يتوصل إليها كل عاقل أن هذا الزوج ليس بخيلاً ، ولكن زوجته لا تتحمل ظروفه ، لذلك تنعته بالبخل لقصر ذات اليد ، فتم نصح الزوجة بالصبر والتعود على طريقة العيش ، وعلى تغير ظروف حياتها ، فإن الزواج في بدايته صعب ، والتعود على طريقة العيش الجديدة يحتاج إلى صبر ، ولن تستمر الحال هكذا ، إن الله جاعل لما ترى فرجاً إن شاء الله ، وإن مع العسر يسرا .

فعليك أيتها الزوجة المؤمنة بالقناعة ، فإنها كنز لا يفنى ، واعلمي أن الغنى غنى النفس ، ولا تتطلعي إلى غيرك في أمور الدنيا ، فإنها سرعان ما تزول ، وتأكدي أنك تستطيعين أن تتأقلمي مع هذه الحياة الجديدة ، وعليك بحسن التدبير والشكر لله تعالى { لئن شكرتم لأزيدنكم } فشكر الله تعالى يزيد من نعم الله عليك إن شاء الله .

وبالقناعة تبلغين الجنة إن شاء الله ، ويكون نصيبك الفلاح والنجاة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه ) صحيح الجامع برقم ( 4368 ) .

أما إذا كان الزوج قد رزقه الله رزقاً واسعاً فلا يبخل على أهله ، فقد قال الله تعالى { لينفق ذو سعة من سعته } ، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم الأزواج بالإنفاق على زوجاتهم مما آتاهم الله فقال : ( دينار أنفقته في سبيل الله ، ودينار أنفقته في رقبة ، ودينار تصدقت به على مسكين ، ودينار أنفقته على أهلك ، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك ) صحيح الجامع برقم ( 3398 ) .

فالزوج الذي يبخل على أهله مما آتاه الله ولا ينفق عليهن نفقة بالمعروف ، فإنه يضيع حقهن ، وقد قال عليه الصلاة والسلام محذراً من مغبة هذا الأمر : ( كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت ) صحيح الجامع برقم ( 4481 ) .


القضية التاسعة : زوجتي مهملة ..
قال الزوج وهو يعتصر ألماً : أعود إلى البيت فأجده منقلباً رأساً على عقب كأنه مزلبة ، وقد نثر الأولاد أثاث البيت في كل ناحية من نواحيه .. زوجتي تتركهم لا تفعل لهم شيئاً ، ملابسهم قد تلونت بألوان الأطعمة التي يأكلونها ، أواني المطبخ تمكث فترات طويلة بدون تنظيف ، طعام الغداء لم ينضج بعد .. أشعر أنني في دوامة لا أعرف بدايتها من نهايتها ..

قالت الزوجة : وأنا امرأة عاملة أساهم في البيت كما يساهم الزوج ، ماذا أفعل للأولاد ، أتركهم بمفردهم في الشقة ، فيفعلون ما يفعلون ، لا أستطيع أن أحاسبهم ، إنهم أطفال يلعبون .. أرجع من عملي مجهدة وورائي أشياء كثيرة .. أكل الأولاد .. تنظيف الشقة .. إعداد الطعام .. الخ . أنا مظلومة !!

وهذه إحدى مشكلات المرأة العاملة .. حقاً إنها مهمة صعبة ، لكن مع حسن التنظيم لن تصبح هناك مشكلة إن شاء الله ..

مشكلة الأولاد هنا أنهم جميعاً في سن متقاربة ، وهم جميعاً قبل سن الالتحاق بالمدرسة ، ولم يوجد أحد من الأقارب ليقوم برعايتهم ، فكان الحل أن يستيقظ الأولاد مبكراً مع الأب والأم فيذهبون إلى الحضانة - بالرغم ما لدور الحضانة من مثالب وأخطار ، إلا أنها كانت الحل الأمثل في هذه المشكلة ، ونلاحظ أيضاً أنني لم أذكر أن تكون الخادمة هي الحل ، لأن أخطار الخادمات أكثر من أن تذكر – الآمنة والتي يقوم عليها من هم ثقات وأمناء في تربية الأبناء ، فهناك يستطيع الأولاد أن يفرغوا طاقاتهم المكبوتة في الشقة الصغيرة ، ويجدوا من الأطفال من هم في مثل سنهم ، فيندمجون معهم في اللعب ، وهذا اللعب والاندماج له أثر طيب على الأطفال ، حتى إذا عاد الأولاد إلى البيت لم يكن أمامهم إلا الخلود للراحة والنوم بعد فترة اللعب والتعب ، وذلك بعدما يتناولون وجبة الغداء ، عندها تصبح الزوجة في حالة غير مجهدة نسبياً فتستطيع أن تقوم بتنظيف الأواني بعد الطعام مباشرة مما يساعد في جعل المطبخ بصورة طيبة ونظيفة .. كما تستطيع أن تقوم بتنظيف الشقة وترتيبها إن احسنت تنظيم وقتها ..

وهذه النصائح قد تساعد المرأة في التغلب على مشكلة عبث الأولاد :-
1- اجعلي للأولاد مكاناً مخصصاً للعبهم ، مع عدم تحريم بقية الأماكن عليهم ، ولكن أعلميهم أن هناك مكان أساسي وضعت فيه الألعاب الخاصة بهم .
2- الأشياء المهمة أو القابلة للكسر أو الثمينة أو الخطيرة كالأدوية والحادة كالسكاكين مثلاً ، يتم وضعها في أماكن مرتفعة بعيدة عن الأولاد .
3- أحضري للأولاد ألعاباً تناسب سنهم ، فالأولاد دون الثانية يميلون للألعاب المطاطية ، والتي تحدث أصواتاً .. أما الأولاد في سن الثانية وحتى الخامسة ، فيميلون لألعاب الفك والتركيب ، واللعب بالمكعبات والسيارات .. الخ .
4- لنعطي الأولاد المثل والقدوة من أنفسنا في اهتمامناً بتعليق الملابس في الأماكن المخصصة لها ، وتنظيم وتنظيف الشقة دوماً .
5- أن نجعل للأولاد مكاناً مخصصاً قريباً منهم يحتفظون فيه بما يخصهم من اللعب ، ونساعدهم في جمع ما تبعثر منهم ، ونعودهم النظام بدون تعنيف أو عقاب .
6- نعودهم أن يقوم كل واحد منهم بترتيب سريره وملابس نومه ، وأن نجعل مكافأة لمن يتلزم بذلك .


القضية العاشرة : حياتي الزوجية أصبحت مملة !!
شكوى تتكرر من الأزواج أحياناً .. ومن الزوجات في كثير من الأحيان .. ويصاحبها شكوى من صمت الزوج باعتباره السكوت من ذهب ، فيزيد الحياة مللاً فوق ملل .

لنعلم أن الزواج مثل الكائن الحي يحتاج إلى الرعاية والارتواء ، حتى يظل متمتعاً بالحياة المشرقة المتجددة ..

فنحن ندعو الزوجين إلى تجديد الحياة ، فنقول لكل منهما جدد حياتك واطرد الملل وادفعه دفعاً ، فالملل شيء نفسي ، يأتي غالباً من داخل الإنسان لانتصار الظروف السيئة على الشمعة المضيئة بداخله ومحاولة اطفائها ، كما قال الله تعالى { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } فكذلك حاول تغيير ما بنفسك وانظر إلى الحياة نظرة جديدة .. وتأمل معي هذه المقترحات :-

1- اجعل لك هدفاً في الحياة تسعى إليه ، فالزواج ليس غاية في حد ذاته ، بل هو وسيلة لغاية أعظم ، ألا وهي حماية المجتمع من مقاذر الانحراف ، وحفظ النوع الإنساني ، ثم تربية النشئ على الخلق القويم الراسخ .
2- ليكن تربية الأولاد والاهتمام بهم وتعليمهم العلم النافع من القرآن و السنة وسير الصالحين

والأناشيد الطيبة ، ومتابعة تفوقهم الدارسي ، ومنحهم الحب والحنان والعطف ، وزرع القيم الصالحة من صدق وأمانة وكرم وشجاعة وإيثار وغيرها من خصال الخير في نفوسهم .. ليكن كل ذلك هدفاً يسعى إليه الزوجان .. فهل بعد هذه الأهداف يكون هناك مللاً في الحياة ؟!
3- مشاركة المرأة في المجتمع بقدر استطاعتها ، قد تشعر المرأة بالملل والسأم في الحياة الزوجية ؛ لعزلتها عن الناس والمجتمع ، فلتشارك المرأة جيرانها في أفراحهم وأتراحهم ، ولتعلم أن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم ، أو كما قال عليه الصلاة والسلام . انظر صحيح الجامع برقم ( 6651 ) ، فلتشارك المجتمع بقدر استطاعتها في أعمال البر والخير ، وحضور دروس العلم في المساجد مع زوجها ، ومتابعة أحوال المسلمين في العالم والدعاء لهم بظهر الغيب ، ودعوة الجيران والأهل والأصدقاء إلى الخير والهدى وليكن هم الدعوة أمام عينيها ، بشرط ألا يصرفها عن شؤون بيتها وزوجها وتربية الأولاد .. فهل بعد هذه الأهداف يكون هناك مللاً في الحياة ؟!
4- لابد من التجديد في أسلوب الحياة اليومي ، وفي طريقة العيش وفي أنواع الطعام والشراب وغيرها ، كتغيير أماكن الأثاث المنزلي ، وإعادة ترتيب البيت بطريقة أخرى ، شراء بعض القطع الجديدة وهكذا ..
5- القيام برحلات ترويحية بصفة دورية ، للراحة والاستجمام والتجديد ، فمن لا يحسن فن الراحة لا يحسن فن العمل ، كذلك الزيارات العائلية وصلة الأرحام ، كل ذلك يذهب الملل .
6- ليكن للزوجة ورد يومي ولو قليلاً من القراءة والحفظ لكتاب الله تعالى ، حتى تعلمها للأولاد الصغار ، وقراءة بعض القصص النافعة لتحكيها لأطفالها ، وأيضاً الاطلاع على بعض الكتب الفقهية لتتعرف على أمور دينها من صلاة صيام وغيرها من العبادات ..
7- إذا أصاب زوجك الصمت ، فلا تجبريه على التحدث أو تنغصي عليه بالشكوى من الأولاد ومن الملل الذي أصابك ، فربما كان مشغولاً بأمر يفكر فيه فتبلبلي أفكاره ، ولكن اقترحي عليه ما تحبين من الوسائل التي تعتقدين أنها من الممكن أن تطرد الملل من حياتكما ، وذلك بعد أن تتأكدي من خلوه من العمل في ذلك الوقت ، أو يكون عمله مما يحتمل التأجيل ، وتحدثي معه بأسلوب هادئ من غير مقدمات طويلة أو لف أو دوران ، فذلك أدعى لموافقته .
8- على الزوج أن لا ينسى زوجته من كلمات الحب والثناء ، ولا يقول أن ذلك للأزواج الصغار أو الذي تزوجوا للتو ونحن كبرنا ، فالمرأة تحتاج دائماً لهذه الكلمات ولو بلغت من العمر ما بلغت ..


القضية الحادية عشرة : زوجي يريد أن يأخذ مرتبي كله !!
بعد عِشْرَة عمر ، افترق الزوجان وتسبب ذلك في تشريد أولاد في عمر الزوهور ، وكان سبب الخلاف هو راتب الزوجة الذي كانت تتقاضاه وتقوم بادخاره ..

ومهما كانت الظروف ومهما كان الخلاف ، فإنه كان لاينبغي أن ينتهي هذه النهاية المأساوية !!

فإن كان للزوج حق في مال زوجته الذي تتكسبه من عملها ، إلا أنه لا ينبغي أن يأخذ مالها كله ويستولي عليه بأي حال من الأحوال ، فالشريعة الغراء لم تكلف المرأة مطلقاً الانفاق على الأسرة ، بل ولا حتى على نفسها ، وإنما ينفق عليها من يعولها ، ولكن مع ضغط ظروف الحياة الصعبة والتجاء كثير من النساء للعمل الشريف العفيف ، لمساعدة الزوج في الانفاق على الأسرة .. فلا يجب على الزوج عندئذ أن يغالي في الأمر ويأخذ مال زوجته كله ولا يقدّر تعبها ..

وقد تساهم الزوجة في ميزانية الأسرة ، ولكن بدافع الحب والعطاء ، ولكنه ليس التزاماً قانونياً تفرضه عليها الشريعة كما فرضته على الرجل ، وهو منها تطوع ولكنه على الزوج واجب ، وليس لزوج في الإسلام أن يجبر زوجته على شيء من ذلك ، وإن كانت غنية وهو فقير ، وهذه حقائق إسلامية لم تستقر بعد في كثير من البيوت المسلمة ، إما للجهل بها أو التمرد عليها واستمراء الظلم على العدل ، ولازال من الرجال من يتصرف على أنه يملك زوجته ويملك ما تملك !!

ومن مفاخر الشريعة الإسلامية أنها كفلت للمرأة حريتها في مالها ، ومازالت في بعض ولايات أمريكا حتى اليوم تسود تشريعات بأن المرأة إذا أرادت أن تتعامل مالياً فيما تملك ، طالبها البنك أو الجهة الرسمية بضرورة الحصول على توقيع الزوج ، ويصاب الواحد منا بالغصة من اتساع رقعة الجهل بتلك التعاليم الإسلامية التي كفلها للمرأة ، فلم نزل نسمع بين الفينة والأخرى صيحات تحرير المرأة .. وحقوق المرأة .. سبحان الله !! تحريرها من ماذا ؟ ومالذي حرمها الإسلام لتعطاه بهذه الصيحات ؟

إذاً ، نحن أمام مشكلة ليس لها حل إلا التسامح ، واحترام حقوق الغير ، ونبذ الطمع من النفوس ، لأن الإسلام كما أسلفت أعطى المرأة حريتها الكاملة في ما تملك من مالها ، وليس للزوج أي حق في التصرف في هذا المال دون إذن الزوجة ، فالحل بالإضافة إلى ماسبق من التسامح والاحترام ونبذ الطمع ، الاتفاق بين الزوجين مسبقاً على طريقة التصرف في مال الزوجة الذي تتكسبه أثناء الزواج من هذا العمل الذي تعمله ، وهذا طبعاً يكون بطيب نفس الزوجة وبسماحتها ، والذي أراه أن يستعفف الزوج عن مال زوجته إن كان الله قد رزقه رزقاً كافياً للإنفاق ، وليس بحاجة لمال زوجته ، وليترك لها حرية التصرف في مالها ، فلتشتري هي للبيت والأولاد ما شاءت .

وإن كان عملها يضايقه ، أو لا يحدث توازن بين عمل الزوجة ومسؤولياتها داخل البيت ، فالأولى طبعاً واجبات الزوج والأولاد والبيت ، والعمل هذا وإن كان يمثل ضرورة للإنفاق ، فهو يأتي في المرتبة الثانية بعد الحفاظ على حقوق الزوج وتربية الأولاد ، وفي هذه الحالة يحاول الزوجان أن يتبسطا في أمور المعيشة ويتركا الكماليات ، وأما إن كان عمل المرأة لا يتعارض مع ذلك كله ، وكان بإذن الزوج ، فلا بأس ؛ بشرط أن يكون عملاً يخدم قطاع المرأة ، وكان يناسبها أكثر من غيرها ، فليس هناك مكان للاختلاط والتبرج والسفور في شريعتنا الغراء .

وعليها عندئذٍ أن تشارك بنصيب ما في تكاليف المعيشة ولا تجعل ذلك سبباً في المشكلات ، فيجب أن يسود الحياة الزوجية جوّ من السماحة والحب ، وليس الحساب على الدرهم والدينار .
وهكذا الكلام للرجال على حد سواء ، حفاظاً على كيان الأسرة وتربية الأبناء .


القضية الثانية عشرة : زوجتي نكدية !!

بداية أود أن أعتذر للإخوة الكرام من كوني جعلت موضوع نكد الحياة الزوجية آخر موضوع من هذه السلسلة ، وليس القصد منها أن الحياة كلها نكد في نكد .. لكن قدر الله أن تكون هي آخر حلقة .. وأحب أن أنبه إلى أنه ستكون هناك حلقة تكميلية أتعرض فيها ( لـ 55 نصيحة من المجربين والخبراء وعلماء النفس للتخلص من نكد الحياة الزوجية ) .. والله من وراء القصد ..

- والآن إلى الموضوع ..
جاء الزوج يشكو صارخاً : أنا خلاص مللت هذه الحياة ، زوجتي كثيرة النكد والتعب والبكاء ، تكاد لا تمر حادثة بسيطة بدون أن تحول البيت إلى مأتم ، لست أدري كيف تستطيع أن تجلس كل هذه الأوقات الطويلة وهي حزينة ؟!! وعلى أشياء تافهة ، إنها تعاركني على أي شيء بسيط ، لا تكاد تمر علينا أوقات سعيدة حتى تقلبها إلى أحزان !!

الزوجة : ماذا أفعل ؟! حياتي كلها للبيت والأولاد .. ومع هذا لايرضيه .. هل أترك الأولاد جياعاً أم أترك الشقة من غير تنظيف ؟!!

إن مصدر تعبي وحزني كله الأولاد ، ابني الكبير شقي جداً ، وكل دقيقة يعمل حادثة .. وأخته الصغيرة لا تأكل مثل بقية الأولاد ، وصحتها على غير ما يرام .. كيف أضحك وأفرح وهذه هي الحال ؟!!

حلول مقترحة لهذه القضية ..
قبل أن أتحدث عن حل هذه المشكلة ، ينبغي هنا أن أنبه الزوجان إلى أن هناك فترة معينة في الزواج قد تزداد فيها المشكلات ، وهي فترة صغر الأولاد وخصوصاً ما دون الخمس سنوات ، فإنهم يحتاجون إلى كثير من الرعاية والعناية ، وتكثر مشاكلهم ، وفي هذا السن يحتاجون إلى الصبر ، وتحتاج الأم أيضاً إلى الصبر عليهم وأن لا يؤثر ذلك على علاقتها بزوجها ، فلا تنفعل عليه أو تكون دائمة الشكوى كثيرة النكد ، سريعة الغضب ..

والمشكلة التي نحن بصددها لا تخلو من عوامل أخرى نفسية لدى الزوجة ، وفوق ما ذكرت من أسباب المشكلة ، فهناك نساء لا يستطعن العيش إلا في جو مشحون بالمشاكل ، وهن شديدات الحساسية لكل كلمة تقال ، يحملن الأقوال والتصرفات على غير محملها ، وهذا ما يكون سبباً للمتاعب والمشكلات .

فنقول لهذه الزوجة : لا تعيشي نفسك في أحزان .. نحن نصنع بأنفسنا أحياناً الحزن .. لا تبحثي عن الأحزان أو تجري وراء أوجه القصور في الحياة ، فهي كثيرة ، ولا يخلو زوجك من عيب – وكذلك كل الرجال – ، ولا تخلو حياتك الزوجية من تقصير – وكذلك حياة غيرك من الزوجات - ، تذكري أن تبسمك في وجه زوجك صدقة ، تذكري قول الحبيب صلى الله عليه وسلم : ( أربع من السعادة : المرأة الصالحة ، والمسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنيء ، وأربع من الشقاء : الجار السوء والمرأة السوء ، والمركب السوء ، والمسكن الضيق ) الصحيحة برقم ( 282 ) .

فكوني تلك المرأة الصالحة لتكون حياتك سعيدة .. وكوني من إذا رآها زوجها أعجبته ، ولا تتجهمي في وجهه ، ولا أقول لك تصنعي الابتسامة ، فالابتسامة من القلب تصل للقلب .. حاولي جاهدة مع نفسك أن تتخلصي من تلك الطباع التي لا ترضي الزوج ، واعلمي أن الطبع بالتطبع ، فيمكن التطبع بطيب الخصال بالتدرج والاستعانة بالله تعالى ..

وعلى الزوج أن يصبر على زوجته وليكن عوناً لها بصبره ونصيحته بالحسنى من غير إلحاح أو نقد لاذع ، وليدعُ لها بالصلاح ، فإن الله سيصلح شأنها بإذنه تعالى .. فمسارعة الزوج في الخيرات وطاعة الله سبباً لإصلاح الحال والزوجة ..

قال الله تعالى عن عبده زكريا عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام : { وأصلحنا له زوجه ، إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين } قال عطاء : كان في لسانها طول فاصلحها الله . انظر تفسير ابن كثير ( 5 / 364 ) سورة الأنبياء الآية ( 90 ) .

وينبغي على الزوجة ألا تجعل من مشكلات البيت والأولاد منغصات للحياة ، فليس أولادها فقط يمثلون هذا النوع المذكور من الشقاوة أو التعب ، ولكن جميع الأولاد في هذا السن هكذا ، ويحتاجون للصبر وطول البال !! وتمثلي دائماً بالمثل القائل : ( كن جميلاً ترى الوجود جميلا ) ..

وختاماً أخي الزوج .. أختي الزوجة .. أتمنى أن أكون قد وفقت في طرح هذا الموضوع .. فأنا أرى أن علاج المشكلات الزوجية بعيداً عن المرجعية الدينية يكون من الصعوبة بمكان ، فالتزام حدود الشرع والتمسك بأوامر الله سبحانه وتعالى .. يجنب الزوجان خطر الظلم والحيف ، ويبعث في كل منهما احترام الآخر وتقديره والخوف من هضمه بعض حقوقه ..

وبعد أن استمتعنا بطرح هذه القضايا وحلولها الإسلامية .. نمد أبصارنا إلى الأفق البعيد فنرى سحابة الخير آتية تبشرنا بيوم جديد ، تكون فيه بيوتنا منارات للهدى ، تنعم بالأمن والاستقرار ، نربي الأبناء على أحسن الأخلاق ..

وما يكون في وسعي إلا أن أقول : الحمد لله في الأولى والآخرة .. وأسأله سبحانه أن يتقبل أعمالنا ويجعل فيها النفع الجزيل .. ويعفو عن الزلات .. اللهم آمين ..

أخوكم : أبو عبد الله الذهبي ..