بسم الله الرحمن الرحيم

بطلان كون صدام حسين هو السفياني


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

وكما وعدت في بيان حقيقة ما ينشر من خرافات حول كون صدام حسين هو السفياني أو الآشوري أو المهدي ، وما صيغ حول هذه القضية من أوهام .. أقدم هذا التعليق البسيط حول هذا الموضوع .. وستكون على حلقات منفصلة .. والله الموفق ..

إن السبب الرئيسي في وقوع هذه الفتنة .. هو الاستدلال بالأحاديث الضعيفة والموضوعة والاعتماد على مرويات الرافضة وغلاة الصوفية ، مع الغلو في تقبل الإسرائيليات ، كدليل في ظنياتهم وتكهناتهم حول أشراط الساعة ، فهم يوردون الأحاديث الضعيفة والباطلة ، ثم يؤسسون عليها توقعاتهم وأحكامهم ، متناسين أن التفسير فرع التصحيح ..

قال أهل العلم : لا يحل رواية الحديث الموضوع في أي باب من الأبواب إلا مقترناً ببيان أنه موضوع مكذوب ، سواء في ذلك ما يتعلق بالحلال والحرام ، أو الفضائل أو الترغيب والترهيب أو القصص والتواريخ .. انظر علوم الحديث لابن الصلاح ( ص 109 ) .

ومن رواه من غير بيان وضعه فقد باء بالإثم العظيم ، وحَشَرَ نفسه في عداد الكاذبين ، وذلك لما رواه الأمام مسلم في صحيحه برقم ( 4 المقدمة ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ) .

وحكم كثير من العلماء على من روى حديثاً موضوعاً دون تنبيه إلى وضعه وتحذير الناس منه ، حكموا عليه بالتعزير والتأديب .

والآن إلى موضوع نقاشنا .. وقضية السفياني وصدام حسين ..

جزم مؤلف كتاب ( هرمجدون .. آخر بيان .. يا أمة الأسلام ) بأن صدام حسين التكريتي البعثي حاكم العراق هو السفياني الذي وردت به الآثار ( الموضوعة والضعيفة ) و بأنه سيحارب المهدي .. وأنه أي صدام ( السفياني ) قائد الجيش الذي يخسف به بالبيداء .

في حين زعم فهد سالم في كتابه أسرار الساعة وهجوم الغرب ( ص 78 ) : أن السفياني زعيم عربي معاصر ، يصنعه الغرب – الآن – ليكون ملكاً للعرب في آخر هذا القرن ؛ كما فعلوا مع جده في بداية القرن ) .. ثم صرح به في مكان آخر ( ص 137 ) فقال : ( إنه ملك الأردن ، وإنه الملك حسين ) !!

كما جزم سعيد أيوب في كتابه المسيخ الدجال أن صدام حسين البعثي التكريتي هو المهدي المنتظر !! وبنى ذلك على تفسيرات لكُتّاب من النصارى المعاصرين قالوا : ( ستكون هناك قوتان متضاربتان متنافستان على مركز السيادة في العالم : دول غرب أوروبا والآشوري ) وقالوا بأن الفرات هو الحد الطبيعي بين اليهود والآشوري ..

قلت : ولا يبعد أن يكون الآشوري المزعوم أو ( صدام حسين ) قد اطلع على هذه النصوص ، وحسب أنه المهدي المنتظر ؛ وقد يشير إلى هذا الاحتمال إعلانه قبل غزو الكويت أنه من أهل البيت ، و إلحاحه على استعمال عبارة : ( سأحرق نصف إسرائيل ) ؛ فقد قال رشاد فكري في تفسير حزقيال : ( وسيحرق الآشوري نصف إسرائيل في أول أيامه ) ..

وممن تولى كِبْرَ هذه الظاهرة الدكتور فاروق الدسوقي عفا الله عنه ؛ إذ يقول في كتابه البيان النبوي بانتصار العراقيين على الروم والترك وتدمير إسرائيل ( ص 84 ) : السفياني سينتصر على كل من يحاربه ، ويملك بعد دخول فلسطين وتحرير القدس مثل ملك بختنصر ملك بابل القديم ، الذي حكم المنطقة كلها ..

ويقول في كتابه القيامة الصغرى على الأبواب ( ص 16 ) : أنه اكتشف أن السفياني هو الآشوري ، ويقول : ولما شعرت بخطر شخصية السفياني ، وعظم الأحداث والفتن التي تعاصره ، رجعت للكتاب المقدس ؟؟؟!!!! ؛ لكي أجمع كل النصوص التي تتحدث عنه أو جُلها ، وتفسيرها في ضوء القرآن الكريم .. إلى أن قال : وإذا بجميع هذه النصوص والأخبار عن هذه الشخصية في الوحيين القديم !! والخاتم ، تتطابق مع واقع الرئيس العراقي المعاصر من حيث الصفات والأحداث .

لقد حُقَّ لصدام حسين البعثي أن يقع في حيرة ، فتارة يقولون هو الآشوري وتارية هو المهدي المنتظر وتارة السفياني ، وأحسب أن صداماً لو مات لانهارت كل هذه التخرصات ، ولقال المتشبثون بها يومئذ : أمنية ظَفَرَت نفسي بها زمناً **** واليوم أحسبها أضغاث أحلام

قال مؤلف كتاب هرمجدون : إنني أظن أن حاكم العراق الحالي ( صدام حسين ) هو ذلك الرجل الملقب بالسفياني .. ثم يقول بعد ذلك بأسطر : قرائن كثيرة تجمعت لي فتشابكت فصارت عندي حقيقة أو تكاد ، ولولا أنني على يقين من أمري ما تورطت في أمر كهذا ..

قلت : فلا ندري هل هو يظن أم يتيقن ؟ أم إنه يتلاعب ، فمن المعلوم أنه إذا رد عليه أحد يقول : أنا قلت : أظن ، ولعل ، وربما ، ونحو ذلك ، ثم يتطاول على أهل العلم فيصفهم : بالمشاغبون والصبية .. وهذا كله محاولة منه لإرهاق القارئ نفسياً ليستجيب لأباطيله ..

ثم لنسأله عن هذه القرآئن التي جعلته يقسم على ما يقوله كما أقسم عمر على أن ابن صياد هو الدجال .. وإليك هذه القرآئن ليزداد عجبك :-

القرينة الأولى : قال المؤلف : تقرر عند علماء المسلمين وأئمتهم أن قائد المسلمين في الملاحم هو المهدي عليه السلام والذي سيكون ظهوره إبان الحرب العالمية القادمة ( هرمجدون ) يعني قبلها بقليل أو بعدها أو أثناءها .

قلت : هذا التقرير الذي ذكره فيه حق وباطل ، أما الحق فإن المهدي نعم قائد المسلمين في الملاحم ، ولكن من أين له هذا التقرير – السافر عن جهله – عن علماء المسلمين بأن ذلك إبان هرمجدون ؟ وانظروا أيها الناس في كل كتب علماء المسلمين هل ذكر أحد منهم كلمة واحدة عن هرمجدون ؟ أم أن هذا النقل عن اليهود والنصارى ؟!

القرينة الثانية لدى المؤلف : قال : في هذا الأثر الذي أوردته .. فهو أثر يقطع بأن حاكم العراق المجبر ، اسم من الصدام .

وأقول : ثبت عرشك ثم انقش .. يحتاج منك أولاً إلى إثبات صحة الأثر ، والأثر موضوع مكذوب .. وعلى المؤلف أن يتوب إلى الله ويعلن براءته من هذا الأثر المكذوب الذي حوى ما حوى من باطل .. وإلا فحسابه على الله والوعيد ينتظره لإعلانه الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

القرينة الثالثة : أورد فيها قرائن على أن السفياني هو صدام فما هي هذه القرائن :-

الأولى : قال الربط بين السفياني والحصار ، وأرود فيه أثراً عن علي بن أبي طالب ( إذا ظهر أمر السفياني لم ينج من ذلك البلاء إلا من صبر على الحصار ) كتاب الفتن لنعيم بن حماد برقم ( 671 ) . ثم أشار إلى حديث مسلم ( يوشك العراق أن لا يجبى إليها قفيز ولا درهم ، قلنا : من أين ذلك ؟ قال : من قبل العجم يمنعون ذلك .. ) الحديث .

والجواب عن ذلك :- أولاً : عن أثر علي بن أبي طالب : هو أثر ضعيف جداً من طريق ابن لهيعة والوليد بن مسلم ورشدين بن مسعد والثلاثة فيهم مقال ، ولا يحتج بهذا الأثر إلا أمثال هؤلاء الذين ينعقون لكل فتنة ..

وأيضاً لو صح هذا الأثر فليس فيه دليل على أنه الحصار العالمي الآن ، بل إن الحصار المشار إليه هو حصار السفياني للناس ، فلا ينجو من بلاء السفياني إلا من صبر على الحصار ، بمعنى أن الذي يواجهه سيناله من بلائه .

ثانياً : عن الحديث الآخر ، هو حديث صحيح رواه مسلم ، لكنه لا علاقة له بالسفياني ، وإنما أخبر عما يفعله العجم بأهل العراق ولم يذكر أن هذا الحصار سيكون من العجم على السفياني ، فأين ذكر السفياني في هذا الحديث ؟!

وأيضاً فإن هذا الحصار المشار إليه في الحديث يختلف عن الحصار الحالي ، ففي الحديث ( لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم ) وهذا يعني لامال ولاطعام ، وأما الحصار الحالي ففيه ( النفط مقابل الغذاء ) فافترقا .

الثانية من القرائن : تحويل نهر الفرات وبناء مدينة بابل : أما الأثر عن تحويل نهر الفرات فقد أشار إليه المؤلف ولم يورده ، ولقد بحثت عنه فلم أجده .. ويزداد وضوحاً في الأثر الثاني الذي أورده عن مدينة بابل ونصه ( وينزل على نهر من أنهار المشرق يبني عليه مدينتين يشق بينهما النهر شقاً جمع فيها كل جبار عنيد ) .

وهذا الأثر رواه نعيم بن حماد برقم ( 843 ) ، وفي أوله فقرة حذفها المؤلف كعادته الخبيثة ، ولم يشر إليها ، والجملة المحذوفة ( ينزل رجل من أهل بيته يقال له عبد الله أو عبدالإله على نهر من أنهار المشرق .. الخ ) . والأثر إسناده منقطع .. ولعلك أيقنت معي لماذا حذف المؤلف الجملة الأولى حيث فيها تصريح بالاسم الذي سينزل على هذا النهر وأنه عبد الله أو عبدالإله ، وهذا يتنافى مع صدام حسين .

الثالثة من قرائن المؤلف : أورد فيه صفات صدام حسين وقال هذه الصفات هي التي وردت في الآثار عن السفياني .

وأقول : هذه الصفات التي أوردها أكثرها من الحديث المشار إليه إلى المخطوط المكذوب الموضوع .. ثم أورد بعدها آثاراً أخرى كأن يقول : ( به آثار جدري ، وبعينه نكتة بياض .. ) ثم يضع نقطاً ، وما أدراك ما هذه النقاط ، علامة التدليس عند المؤلف ، لأنه بالرجوع إلى الأثر نجد بقية حذفها المؤلف ونصها : ( يخرج من مدينة دمشق في واد يقال له وادي اليابس ) . وهذه الآثار إما منقطعة أو ضعيفة جداً .. راجعها في كتاب الفتن لنعيم بن حماد برقم ( 777 ، 778 ، 780 ) .

فهل صدام حسين في دمشق أم أنه في العراق ؟ ولما كان هذا لا يوافق هوى المؤلف حذفه .. ثم أورد أثراً آخر ( السفياني رجل أبيض جعد الشعر .. ) وهكذا وضع نقطاً ، وبالرجوع إلى الأثر وجدنا هذه الزيادة ( أصبعه الوسطى شلاء ) وقدحذفها المؤلف لأنها لا توافق هواه .

وعلى هذا الطراز سار المؤلف يكتب كلمة ويدع أخرى ليكون طوع أهوائه ، ثم نتساءل : لماذا لم يكتب المؤلف بقية الآثار التي أوردها نعيم بن حماد وهي تزيد عن مئة وخمسين أثراً ؟! الجواب طبعاً معروف .. وانظر إلى ما لم يكتبه المؤلف عن السفياني :-

1- اسم السفياني : عبدالله .
2- يملك السفياني حمل امرأة – يعني مدة حكمه تسعة أشهر - .
3- بداية أمر السفياني : خروجه من قرية من غرب الشام يقال لها أندرا في سبعة نفر . وغير ذلك .

تنبيه : واعلم أن إيرادي لهذه الآثار لا يعني احتجاجي بها ، فإنها آثار لا تصح ، بل لا يصح في أحاديث السفياني شيء يمكن الاعتماد عليه ، ولكن أورد هذه الآثار من باب الرد على المؤلف الذي ارتضى لنفسه أن يحتج بمثلها ، ولكنه ترك هذه الآثار مع أن بابها واحد ومخرجها واحد .

الرابعة من القرائن : عن خالد بن معدان قال : ( يهزم السفياني الجماعة مرتين ثم يهلك ) . إسناده ضعيف راجع الفتن برقم ( 824 ) . ناقش المؤلف هذا الأثر وهو ليس بحديث ، وخلص إلى أمور :

1- أن الجماعة ليسوا هم جماعة المسلمين بل هم قوات التحالف بقيادة أمريكا ضد العراق .
2- أن صدام لم يُهزم من قوات التحالف رغم الحصار .
والجواب عن ذلك :

أولاً : ادعاؤه أن الجماعة هم قوات التحالف ، ادعاء باطل بل إن الأثر الذي ساقه بيين أن الجماعة هم جماعة البربر وليسوا قوات التحالف ، ثم إن الأثر نفسه أورده نعيم بيين أن ذلك عند دمشق ، وقبله أحداث لا تتوافق مع الواقع الذي قاله المؤلف .

ثانياً :
ادعؤه أن صدام لم يهزم ، وهذ فيه من المغالطة ما فيه ، والواقع يشهد بذلك .. وتعجبوا معي : موت أكثر من مليون طفل عراقي جوعاً ليست بهزيمة ؟! شعب العراق الذي يبحث عن الطعام في المزابل ليست بهزيمة ؟! كم في العراق من أرامل وثكالى ، وكم في العراق من يتامى ومشردين ، ليس هذا بهزيمة .. ما من بيت في العراق إلا وفيه مصابوا الحروب ، كل هذا عند المؤلف انتصار ، لماذا ؟ لأن المهم صدام ..

الخامسة من القرائن : قال المؤلف : وهناك قرائن أخرى غير أننا نكتفي بما أوردناه . ثم ساق بالهامش قرينة يعتبرها ويعتز بها قال : أخبرني رجل مسلم فاضل من الحيرة ( تأمل لهذا الوصف ، ثم انظر ما يقول بعده ) لاأعرفه ولا يعرفني ، فقد اتصل بي عبر الهاتف !!! ثم ساق رؤيا يبشره بها ذلك المجهول ، وهذا من أعجب ما يكون في توثيق المجاهيل ..

يقول : رجل مسلم فاضل !! ثم يقول : لا أعرفه ولا يعرفني !! ولا أعلق على هذا الكلام ، بل أتركه للقارئ متأملاً ؛ فإنه فعلاً يثير العجب والضحك .

اعتبر مؤلف كتاب ( هرمجدون ) أن فتنة السراء تبدأ بغزو العراق للكويت ، وقد ورد في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم وسلم ذكر الفتن إلى أن قال ( ثم فتنة السراء دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي ) واعتبر المؤلف أن هذا الرجل هو أمير الكويت ، وأن فتنة السراء هي الكنوز والثروات والبترول .

ثم أورد أثراً يصفه بأنه عجيب عن أستاذه محمد عيسى داود لمخطوط أورد له رقماً لمؤلف سماه : كلدة بن زيد بن بركة المدني ، وأورد شيئاً من هذا الأثر ، ثم عضد ذلك بجزء من حديث مكذوب آخر ..

والجواب عن هذا الكلام : أولاً : هذا الأثر مكذوب كسابقه ولايعرف في المؤلفين من اسمه كلدة بن زيد .. ثم إن الأستاذ محمد عيسى داود لا علم له بالمخطوطات ولا يعرف له اهتمام بهذه المخطوطات ، فكيف يعتمد عليه في نقل لم ينقله أحد من علماء الأمة رغم توسعهم أحياناً في باب الفتن !! حتى إنهم ذكروا الضعيف بل الموضوع ..

وأما اعتقاد المؤلف بأن فتنة السراء هي الكنوز والبترول وبالتالي غزو العراق ، فهذه أضحوكة لأن أغلب الحروب إن لم تكن كلها كانت من هذا القبيل ، فهل قال أحد أن الاستعمار الغربي لبلادنا كان من فتنة السراء ؟!

فرار حاكم الكويت إلى أمريكا : أورد المؤلف أثرين يدلل فيهما على أن استنجاد حاكم الكويت ، أول الملاحم ، قال : روى نعيم بن حماد في كتاب الفتن عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( سيكون في بني أمية رجل أخنس بمصر – قال المؤلف أي ببلد – يلي سلطاناً يغلب على سلطانه أو ينتزع منه ، فيفر إلى الروم ، فيأتي الروم إلى أهل الإسلام ، فذلك أول الملاحم ) . كتاب الفتن برقم ( 1240 ) و ( 1253 ) وهو أثر ضعيف .

ثم أورد الأثر الثاني عن عمرو بن العاص قال : ( إذا رأيت أو سمعت برجل من أبناء الجبابرة بمصر له سلطان يغلب عن سلطانه ، ثم يفر إلى الروم فذلك أول الملاحم ، يأتي الروم إلى أهل الإسلام ) . نفس الرقم السابق ..

ورأى المؤلف فرصة لأحداث الكويت أن يوقع هذه النصوص عليها ، والجواب على ذلك من وجوه :-

الوجه الأول : أن الأثرين ضعيفان ، ففي الأول ابن أبي ذر مجهول ، وفي الثاني ابن لهيعة ، وقد اختلط .

الوجه الثاني : أن تفسيره بمصر أي ببلد تعسف ، فمصر المقصود بها هي مصر الدولة المعروفة ، ولذلك ففي الآثار المجاورة لهذا الأثر ورد ذكر الاسكندرية . رقم ( 1253 ) .

الوجه الثالث : أن المؤلف لم يكمل بقية النص الثاني ، وفيه تحديد مصر لأن بقية النص هكذا : ( فقيل له : إن أهل مصر سيسبون فيما أخبرنا وهم إخواننا ، قال : نعم ) . ولو كانت مصر بمعنى بلد لكان السؤال : إن أهل المصر – بالألف واللام – ولم يقل أهل مصر ، فتأمل ..

الوجه الرابع : أن في النص الأول ورد صفته بأنه رجل من بني أمية ، فهل حقق المؤلف أن حاكم الكويت من بني أمية ، مع العلم أنه عندما ذكر أن فتنة السراء سببها حاكم الكويت جاء في نص الحديث ( رجل من أهل بيتي ) فهل حقق المؤلف هذا النسب !! إنها الفوضى في مجال العلم ..

وللفائدة : فإنه لم يصح حديث فيمن يقال عنه الأخنس ، كما لا تصح أحاديث السفياني .. فتنبه .. فإن التمسك بالأحاديث الصحيحة عصمة ونجاة ..

وقد ترتب على هذا العبث بأشراط الساعة أشياء :-

1- كُذبت النصوص الصحيحة .. وزعم أنها كلها موضوعة .
2- إبطال معاني الأحاديث الصحيحة بالتأويل الفاسد .
3- الخوض بغير علم في قضية تحديد عمر الأمة .
4- الغلو في محاولة مطابقة ما ورد في النصوص على وقائع وأحداث معينة أو على أشخاص معينين رجماً بالغيب .
5- محاولة توظيف النصوص لخدمة مآربهم ، والتعسف في تفسيرها بما يتوافق مع أغراضهم .
6- الاستدلال بما لا يصح دليلاً ؛ كالاسرائيليات القديمة والحديثة والأحاديث الضعيفة والموضوعة ، ومرويات الرافضة وحساب الجمل وما يسمى علم الحروف .

وبالجملة فكل من حاد عن الوسطية في هذه القضية إلى جفاء المنكرين ، أو إلى غلو المثبتين ، فقد تورط في جريمة القول على الله بغير علم ، والعبث بأشراط الساعة ..

والحمد لله رب العالمين ..

أخوكم : أبو عبد الله الذهبي ..


الصفحة الرئيسة      |      صفحة الشيخ