صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







لقاء حواري مع الروائية : نور الجندلي

حسين بن رشود العفنان


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

لقاء حواري مع الروائية : نور الجندلي

حاورها : حسين العفنان ـ موقع رواء الأدبي


(1)
الأدب الإسلامي

هو الفجر الأدبي المنشود للتعريف بالإسلام على حقيقته، وإبراز جماله وروعته، وذلك بطريقة غير مباشرة، تطرقُ على القلوب بخفّة، وتسكنها بمهارة، أصالتها كامنة في المنبع الذي يُستقى منه هذا الأدب .. كتابُ الله وسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم .
فهو بناء شامخٌ عظيم، أعمدته متينة، وأساسه صلب ، لا تزعزعه العواصف، وإن هزّته بعضها، فلا يلبث وأن يثبت جدارته يوماً بعد يوم .
الأدب الإسلامي .. سلاحٌ قوي ، وكم نزهدُ في استخدامه وتوجيهه، سلاح نافذٌ في مواجهة الفكر الهدام، بالقوة والحق معاً . وكم تُعقدُ عليه من آمال عريضة في نهضة الأمة وصحوتها وعودتها إلى المسار الصحيح، عبر الأفكار التي يبثّها، والأخلاقيات التي يدعو لها ، والمفاهيم التي يدعو إليها، فيصلحُ ما هدم، ويبني بناء القلوب ، ذلك الذي قد تفشل به بقية الآداب وإن نجحت في الشكل إلا أن المضمون يبقى هشاً ..
الأدب الإسلامي أرضٌ طيبة تحتاج إلى إعادة إحياء وحُسن سقاء وتعهد برعاية ولم شمل حتى يستعيد ألقه ويوطد دعائمه، وهو يحتاج لقلوب تحبه وتؤمن برسالته، عندها سيبرز ويعلو فيطال عنان السماء .

(2)
نص مضيء من قلم مظلم

هي - ولا شك - خدعة كبيرة تغزو العقول ..!
تقرأ نصاً فيسحرك، ويأخذُ بمجامع قلبك، ويحلّق بك بعيداً جداً... نحو عالم سماوي رائع .
اللغة جذابة، والقالب رائع. ولكن .. بين السطور نفثات سُمّ قاتلة، قد لا يتنبه لها إلا من رحم الله، وهذه في الحقيقة كارثة حقيقية إن لم تُكافح بالشكل المطلوب، فيُسلط الضوء على الأخطاء المدسوسة، ويوضح الخطأ ، ويبين الخلل وتنشر التوعية الفكريّة اللازمة ، وإلا فالخسائر ستكون كبيرة .
إن النص لا يكون مضيئاً إلا إن وُلد من رحم قلم مضيء، ففاقد الشيء لا يعطيه، وإن ارتدى قناعاً أبيض اللون نقياً ، فلا بدّ وأن يأتي يوم تكشف فيه الأقنعة وتوضّح الحقائق .. ولا يصح إلا الصحيح .


(3)

القصة القصيرة جدا

فنٌّ بديع يتطلب أدوات من الذكاء والمهارة وسرعة البديهة ..
يقدّمُ الفكرة مُركّزة على طبقٍ من ذهب، يقدّمها سريعة، لكنها بمنتهى العمق ..
يتحدث بجرأة ويقتحم الصفوف بثقة ..
ليقول لبقيّة فنون الأدب ..
سأتركُ بصمة واضحة في هذا العصر !


(4)

قصيدة النثر

موجةٌ تحاولُ اقتحام المكان .. قد اختطفت أبصار الهائمين بأدب الغرب ، ونالت سخط المتمسكين بأصالة القصيدة العربية ..
أحياناً تأتي ساحرة بارعة.. مثل غجرية فاتنة .. وأحياناً تأتي بوجه مشوّه، مثل مسخ قيدوه بمعانٍ تائهة ورموز ضائعة الفكرة ..
وكم أتمنّى ألا تبسط الغجريّة وإن كانت فاتنة .. نفوذها على القلوب فتنسيها روعة القصيدة العربية الأصيلة .. فما الجمالُ الحقيقي إلا هناك !


(5)

قنوات الشعر الملحون الفضائية

لكل صوتٍ صدى .. وهذه القنوات ولاشك هي صدى لأصوات كثيرة تحاولُ أن تعلو وتثبت نفسها بكل وسيلة ممكنة ..
وهي تلقى رواجاً كبيراً وجماهير غفيرة ..
وأتساءلُ عن الذائقة الجماهيرية كيف تتشكل وكيف ترقى أو تنحط، فأجدُ للإعلام دوراً هاماً وكبيراً في ترويجها . ويحزنني أمرُ الشعر الفصيح وهو من عائلة كريمة أصيلة ، لم لا يلقى من يتعهده ويروّج له ، ويبرز جمالياته ويظهرها لكل الناس !
فأجد التقصير واضحاً في هذا المجال .. فكما يقتحمون عقول الناس ببضاعة مزجاة .. يتوجب على أهل الفكر الراقي أن يبلغوا رسالته وأن يحملوها على عاتقهم فيطرقوا كل باب ، ويلجوا كل مجال متاح .. والكل يعرف آثار الفضائيات الكبير على الناس ... فلم لا تتكاتف الأيدي لإبراز هذا الكنز الذي بين أيدينا، ولتكن منّا نصرة للغة القرآن والشعر الإسلامي العريق ؟!


(6)

الإبحار من مرفأ التراث تخلف

وكيف له أن يكون تخلفاً، والتراثُ هو المنبع الأساسي لثقافات الأمم، فهي تحملُ طابعه وتتميّز به عن باقي الأمم !
إن التخلّف الحقيقي هو في التخبّط بين ثقافات كثيرة .. يأخذُ المرءُ من هذه وتلك، ويعجب بتراث واحدة ويشيدُ بأخرى، ويتنصل من تراث أمته وهو جاهلٌ أنه أرقى تراث عرفته الإنسانية على الإطلاق .
لقد اكتفينا من ترديد عبارات الغرب الجوفاء ، وآن لنا أن نعترف بحضارتنا وأن نحافظ على كنوزها فننشرها برأس مرفوع وفخر ليس له حدود .


(7)

رابطة الأدب الإسلامي العالمية

هي واجهة الإسلام عند عشّاق الأدب في كل مكان، إليها تتجه الأنظار دائماً ، وعليها تعقد الآمال في إيصال الفكر الإسلامي بكل حضارة ورقي إلى كل فرد مسلم أولاً ، وإلى الثقافات والحضارات الأخرى ثانياً .. ولذلك فالمسؤولية كبيرة، والرسالة عظيمة ، وقد سارت خطوات ثابتة للأمام، أرجو الله لها التقدم ودوام النجاح وللقائمين عليها كل التوفيق والسداد .

عودة إلى نقطة .. الإبحار من مرفأ التراث تخلف !

لدي إضافة بسيطة لابد من المرور عليها ..
حين نفتش في تراث الغرب المستحدث، وحين نُبهرُ بأفكارهم وثقافتهم .. كثيراً ما ننسى أنها ثقافة مستقاة في الأصل من الثقافة الإسلامية ..
فالإسلام هو المورد الأساسي لحضارة الغرب . أضاءت علومه وتعاليمه ظلمة عقولهم فاهتموا بها ودرسوها وأعطوها حقها من الاهتمام وتوسعوا بها .. فكانت لهم كنزاً نفيساً لم يفرطوا فيه. بينما غرق المسلمون في الترف وغفلوا عن قضيّة كبيرة ، وهي أن طريق الحضارة لا ينتهي عند قمة، بل يتتابع حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
ولعلي أقتطف من أقوال الغرب شواهداً على أصالة الإسلام وعظمته، مع أنه ليس بحاجة إلى أدلة فهو عظيمة خالد بالقرآن والسنة وبتعاليمه الرفيعة، ولكنني أستقيها لكي يراها من يرى جمال الغرب فقط ويعمي عينيه عن تراثه الأصيل ..
يقول غوتة عن تعاليم الإسلام : " إن التشريع في الغرب ناقص بالنسبة للتعاليم الإسلامية ، وإننا أهل أوربا بجميع مفاهيمنا لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد ، وسوف لا يتقدم عليه أحد."
وهاهو كارل ماركس يتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : " هذا النبي افتتح برسالته عصرا للعلم والنور والمعرفة ، حري أن تدون أقواله وأفعاله بطريقة علمية خاصة ، وبما أن هذه التعاليم التي قام بها هي وحي فقد كان عليه أن يمحو ما كان متراكما من الرسالات السابقة من التبديل والتحوير. "
أما برنادشو فيتمنى أمنية رائعة .. " قرأت حياة رسول الإسلام جيدا مرات ومرات ، فلم أجد فيها إلا الخلق كما ينبغي أن يكون ، وكم ذا تمنيت أن يكون الإسلام هو سبيل العالم. "
هذه الأقوال وغيرها كثير هي أدلة على أن كل حضارات العالم هشة وستنتهي إلى زوال، وتبقى حضارة المسلمين الأثبت لأن دعائمها نابعة من تعاليم خالق عظيم .


(8)

لا طبقية بين الأجناس الأدبية

لكل فن جمهوره، إلا أن الطبقيّة تفرض نفسها ربما بشكل أكبر في عالمنا العربي، فالأرواح معلّقة بالشعر سيّد الفنون لأنه من عائلة عريقة وأصول ممتدة في التاريخ، وكلنا يعلم ما كان للشعر من منزلة عند العرب في الجاهليّة، وذلك الاحتفاء الكبير به، والمنافسة القوية التي كانت تتم بين الشعراء على مرور التاريخ، فترقى بالذائقة الأدبيّة وتحفز على الإبداع والإتيان بكل رائع، ولا ننسى المعلقات على أستار الكعبة، فهي دلالة على منزلة الشعر التي نالها دون منافس عند العرب.
الشعرُ هو رُوح الأدب عند العرب، يتنفسه الناس كما يتنفسون هواءً نقياً، ويستمتعون بالقصيدة كأغلى ما يمكنهم أن يرفهوا به عن أنفسهم ويرتقوا عبره بأرواحهم ..
ثم جاءت فنون أخرى متنوعة أخذت منزلتها الكبيرة لكنها لم تصل يوماً إلى منزلة الشعر !
نستنتج من ذلك أن الطبقيّة حقيقة موجودة من دون شك، وهذه الحقيقة لا تعني إهمال بقية الأجناس الأدبية ، بل إنه من الضروري العناية بها وتطويرها، وتحديث أدواتها، لنصل في الأدب الإسلامي إلى المتميز في كل جنس .. والله أعلم .


(9)

الغموض في الإبداع والنقد


نبدأ بمسألة : الغموض في الإبداع ..
فبينما يجدها البعض تمرّساً ودراية وخبرة وجمالاً في الأدب، يجدها البعض الآخر تطفلاً على عالم الأدب، وفلسفة تائهة لا تُبنى على قاعدة ..
وبرأيي البسيط أن الغموض قد يكون جميلاً إن وضع في مكانه المناسب، من أجل غاية ما يريد أن يحققها النص .
فمثلاً في القضائد الشعرية قد نقرأ في بدايتها أبياتاً غامضة تقودنا متسلسلة إلى النهاية التي تكشف الغموض بجمال آسر .
وكذلك في القصّة والرواية .. تشوقنا فيها أحداث غامضة، يكون الغموض فيها سبباً جمالياً كبيراً ومؤثراً لإيصال الفكرة وفق نسق محدد وجميل .
أما أن يكون النص برمّته غامضاً مبهماً .. فهذه جريمة ترتكب في حق الأدب . إلا إذا كان الأديب يكتب ليقرأ هو فقط ما يكتبه .
لم يكن الأدب يوماً إلا أداة لتبادل الفكر الإنساني بأساليب متنوعة، وحين تنصب الأسوار وتُقام الحواجز على الأفكار ويغدو النص طلاسماً فذلك لا يعد إبداعاً من قريب أو بعيد .
ولي عودة بإذن الله لفكرة : الغموض في النقد ..


(9)

الغموض في النقد

مسألة خطيرة لستُ أدري هل نشأت لتضليل القارئ والأديب ، أم لتشتيت النقد وتحميل النص ما لا يحتمل !
إن من أساسيات النقد الوضوح والمباشرة، كي تصل الفكرة بشكل صحيح ، فتبرز الجميل وتنبه للخلل .
أما الغموض فإن له أبعاداً كثيرة، وقد يُحمّل ما لا يحتمل فيتسبب في وقوع إشكاليات في الفهم ، وتتسبب في نزاعات فكرية بين الأديب والناقد الأدب الراقي غنى عنها ..
فليس أجمل من وضوح ساعٍ للإصلاح أو لإظهار جمال . والله أعلم .


(10)

أتذوق الشعر ولا أتذوق النثر


من نعم الله تعالى على الإنسان أن رزقه نعمة تذوق الجمال في كل مخلوقاته، في السماء والطبيعة ونزول المطر وانتعاش أوراق الشجر، وقد جعل الله لكل شيء خلقه جمالية معينة تسحر العين وتسعد القلب .. فلرمال الصحراء الذهبية سحرها الخاص في الهدوء والتماوج وتناسق الألوان بين الأرض والسماء ، ولأمواج البحر حين تنعكس عليها أشعة الشمس فتظهر لامعة فضية منظر خلاب، يأخذ القلب فيهتف تسبيحاً لخالق الكون .. يُعجب المرء بهذا وذاك، طالما أن الجمال كائنٌ موجود .. وكذا في الشعر والنثر .. لا يمكننا أن نقول أن قصائد الشعر متفردة وحدها بالجمال، وبأنه بإمكاننا استخراج اللؤلؤ من محيط الشعر فقط دوناً عن النثر ، هذا سيكون ظلماً وإجحافاً في حق الأخير .. فكم من حروف نُثرت أبهرت، وكم من كلمات سُطرت روعة فأثّرت وعبّرت ..
إن القلب الذي يمتلكُ حساً جمالياً رقيقاً قادرٌ دون شك أن يتلمس مواضع الجمال، ويتذوق سحر البيان في كل حرف دون فصل شعر عن نثر ..!


(11)

لا دلالة قطعية للنص

لنتخيل أننا طرقنا باب شخص ما ننتظرُ منه فائدة وعلماً .
استقبلنا برحابة، وأخذ يتحدث لوقت طويل أحاديث متنوعة غير مفهومة المعنى، تتخبط هنا وهناك، فلا تجد للإمساك بطرف الحبل الذي يقودك للفهم سبيلاً ..
ثم إنه فجأة أوقف الحديث وانسحب بهدوء !
كم من أمارات الخيبة تراها سترتسمُ على وجوهنا ؟!
وكم سنأسف على وقت أضعناه مع هذا الشخص ولم نصل إلى فهم معين لطريقة تفكيره .
وكذلك النص الذي تضيع فيه الكلمات دون دلالة واضحة، سيكون حاله كحال ذلك الشخص ..
كلامٌ بلا معنى، ووقتٌ يضيع بلا فائدة .
ثم إن المصيبة الكبرى بعد ذلك .. أن يطلق على هذا النص عملاً إبداعياً .. وأن يسمى ذلك الإبهام أدباً رفيعاً ..
إنني أتساءل عن مصير نص كُتب بلا هدف، بغض النظر عن نوع الهدف، لم يُكتب، ولم يتكبدُ المرء عناء رصف الحروف دون إيصال الفكرة أو تحقيق الهدف .
إنها ظاهرة شائعة تستحق التوقف والتنبه والتنبيه إليها .
جزاكم الله خيراً للتطرق لهذا الموضوع .
تحية طيبة .


(12)

عمل إبداعي كتب بالعامية


مهما بلغ هذا العمل الإبداعي من جمال، ومهما برع صاحبه في تقديمه على خير وجهٍ وأحسن صورة، فإننا لا يمكننا أن نطلق عليه لقب ( إبداعي ) ولا أن نشيد به وقد ابتعد عن لغة القرآن الكريم، هذا الابتعاد في حد ذاته يفقده جماليته ..
إننا من أمّة قد كرمها الله وشرفها بأن جعل القرآن منزلاً بلغتها اللغة العربية الفصحى، بها ينطقُ كل لسان من مشرقها إلى مغربها، وبها تتآلف القلوب وتتحاور الألسنة دون قيود .
وبها نشعرُ بانتشاء وفخر أننا نحملُ هذه اللغة نتميّز بها عن باقي الأمم، فلا يوجد أفصح منها بين لغات الأمم .
ومن المؤسف أننا نحاول قطع هذا الرباط وهذا الحبل المتين بمحاولاتنا للتخفيف من شأن اللغة، وبالاستجابة لدعوة التخاطب بالعاميّة، وإبراز لهجة البلاد التي نسكنها، فنكون بذلك قد قسمنا أمة وحدتها هذه اللغة، وانقسمنا نحنُ بيننا وبين أنفسنا فضاعت معالم وحدتنا، وضاعت أصالتنا التي نباهي بها، وغضضنا الطرف عن تاريخ يشرفنا، نتغنى به في الأمس والحاضر ..
إن جمالية النص لا تكون إلا بطرق أبواب الفصحى، وانتقاء ما لذ وطاب من كلماتها، وعبر تكوين بديع في عباراتها .. وإلا فلا اعتراف إلا بسير على خير طريق .. طريق أفصح العرب صلى الله عليه وسلم .
فلننظر إلى الأعمال الإبداعية بعين المحب للغته الغيور عليها، الراغب بانتشارها، ولتكن نهضة جديدة وحملة لإبراز الفصحى وإعلائها من جديد .


(13)

أديب كبير حياته وجهده في خبر مهمل

كم أتألم لموجة صقيع المشاعر التي تغزو قلوب العالم في هذا الزمان !
إن ما يحصل أمر عجيب حقاً ..
فالأضواء تُخطفُ بالمال والإعلام، والبريقُ يسلبه من لا يستحق فيُصنع أديبٌ من لا شيء ..
التكلفة .. ثمن أوراق وحبر ، وكلام بلا معنى .. وحملة دعائية كبيرة ..
قليل من الوقت يمضي .. ويصبح هاوي الكتابة أديباً كبيراً يصفق له ويهتف باسمه جمهور عريض من البشر الذين تبهرهم الأضواء فلا يتحققون من مصداقية النجم وإن كان هذا النجم يبث شعاعاً خطراً على عقولهم وقلوبهم !
بينما يقبع أدباء كبار في زوايا مظلمة مهملة وباردة، تختفي مؤلفاتهم الكبيرة في أدراج صغيرة، لا يدري عنها أحد، ولا يطرق بابها سائل .
وقد يحدثُ كثيراً أن لا يسمع المرء بأديب فذ أو عالم كبير إلا بعد وفاته .. يُدرجُ الخبر بشكل هامشي، وكأن شيئاً لم يكن .. وتطوى صفحات جهوده ويُنسى ..
البعضُ من هؤلاء الكبار قد أرهقه اليأس، وقالها بأسى .. سيذكروني عندما أموت !
والبعض قد توقف عن متابعة الطريق ، فلم يكتب إن لم يكن هنالك من يقرأ، والبعض الآخر مازال يجاهد ويقاوم .. يحدوه أمل طفيف بإيصال رسالته إلى من يستطيع رغم الجهد الكبير والنتائج الضئيلة .
إنني أعتبُ كثيراً على الفضائيات المتميزة صاحبة الرسالة، وأعتب على المؤسسات الإعلامية بكافة شرائحها ، لتقصيرها في إبراز دور هؤلاء الكبار وإنتاجهم، وفي الدعاية لأقلامهم .
وإنهم لو وجهوا بعض الاهتمام لهم لكان مشروعاً متميزاً للرقي بالذائقة الأدبية والنمو الفكري لأمة بأسرها . فتتابع القطرات القليلة يحفر في الصخر ويترك أثراً ..
ليته يكون نداء بأثر .. لا صوتاً بلا صدى.


(14)
نور الجندلي في سطور

لستُ أدري كيف يكتبُ الإنسان عن نفسه ؟ السؤال جد صعب أستاذي الفاضل ..
إلا أنني .. مجرّد امرأة بسيطة .. وإن شئت .. إنسان بسيط ..
يمرُّ على محطات الحياة .. كـ عابر سبيل ..
يحملُ في يديه أمتعة ثقيلة ..
قلباً وقلماً وشمساً، وغصناً أخضر .. وراية سلام .
يطمحُ لأن يصنع تغييراً أو يترك أثراً، أو يُحدث نهضة .. وإن كانت تلك النهضة في العقول ..
يتمنى في كل ذلك أن يُرضي ربّه .
وقد يذبل الغصنُ في يديه، أو تحترق الرّاية .. وقد تغربُ الشمس أيضاً ..
لكن القلب والقلم يبقيا معه .. ليخفقا معاً برسالة تأصلت في عمق العمق .


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
حسين العفنان
  • عَرف قصصي
  • عَرف نثري
  • عَرف نقدي
  • عَرف مختار
  • واحة الأدب
  • الصفحة الرئيسية