اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/rasael/949.htm?print_it=1

كورونا - جوانب تربوية

بقلم المستشار نبيل جلهوم


بسم الله الرحمن الرحيم
 


(1)


أمسك عليك لسانك وقلمك فلا تقل و لا تكتب ولا تسخر و لا تستهزأ و لا تتفاعل مع أى حد يثير في داخلك فكرة أن الله غاضب وأن القيامة ستقوم وأن وأن وأن .........

لا تسىء الظن بالله ..

و لا تُعيّش الناس معك في جو الشؤم و الهلع و ووقف الحال فالناس ليست بحاجة إلى وقف حال أكثر مما هى فيه من وقف حال و تعطيل عن العمل و الوظائف و قلة الرزق و تكالب المرض و إعاقات الإحتياجات الخاصة وسيطرة الهموم...

فكل فيه ما يكفيه بل و زيادة من هنا وحتى قيام الساعه.

لا يجرى شيئا بالكون بدون علم و إرادة خالقه , لن يموت أحد قبل أن يحصل على نصيبه كاملا غير منقوص من الدنيا كما أراد الله وليس كما أراد العباد .

لا يدفع ثمن سوء الظن بالله سوى صاحبه .

أمر المؤمن كله خير فأهلا وسهلا بكل أمور الله و أقدار الله لكن أهلا بها برضا
و أهلا بها بحب و تفاؤل وتسليم واستبشار .

بحول الله ستتجلى الغمة وستنتهى لكن وقبل أن تنتهى فكّر كثيرا فى دروك فيها
أأنت محبط للناس زائدا عليهم أم أنك ملهم مبشَر مُطمِئن لهم .

ستنجلي هذه الغمة...
فرب الخير لاياتي إلا بالخير.
وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا .
بشّروا و لاتنفروا .
 



(2)


كورونا فرصة لمن يريد حقا أن يعتبر و يتعظ .
كورونا فرصة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
فرصة لمن مات ضميره منا أن يحييه مرة أخرى .
فرصة لمن أهان أن يندم و يسترضى من أهانه وخذله و يرفع عنه ما أصابه وما به أحرجه .
فرصة لمن أخذ حقا من حقوق أحد ولم يرده إليه أن يرده اليوم ومنه يتحلل.
فرصة لمن سَمْته وطبعه الجفاء و القسوة أن يتغير إلى اللين و الرقة.
فرصة لمن طبعه الكبْرو التعالى على الناس أن يتواضع ويخفض الجناح .
فرصة لكل عاق لوالديه أن يتوب و ينزل على أقدامهما للتقبيل و التمسح بها لنيل الرضا.
فرصة لمن كان يغفل عن محاسبة نفسه أن يبدأ في محاسبتها ومعالجة تقصيرها.
فرصة إرتقاء الجانب الإيمانى التعبدى وهو ما يتعلق بعلاقاتنا مع الخالق .
فرصة إرتقاء الجانب الأخلاقى السلوكى مع الناس وهو ما يتعلق بالتعاملات و العلاقات.
فرصة إرتقاء وازع الضمير أن يحيا في الناس وليدركوا أن وازع الضمير اليوم وفى هذه المحنة قد تكون حاجتنا اليه أكبر من حاجتنا الى الطعام والشراب؛ فالجوع والظمأ لن يؤثرَ فينا كما يؤثر موت ضمائر الكثير منا إلا من رحم الله .
كورونا فرصة لتعديل سلوكياتنا ولإفراز منظومة عظيمة من القيم الأخلاقية والفضائل الجميلة، التي تدفع الجميع نحو الاستقرار والأمان والخير، والأخذ بأيدي بعضنا البعض نحو تحقيق أمان الأرواح و طمأنينة القلوب و إرتقاء النفوس.

مع كوورنا و أجوائه , تفقد أحوال ضميرك ، أَعِدْ هيكلته، واعرضه على الكتاب والسنة، وليحرص كل منا على أن يكون واقعيا لا يكذب على نفسه , يجب ألَّا يغشَّ روحه، ولا يغتر بها ، وأن يكون من الصادقين؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

كتبه : نبيل جلهوم
 



(3)

العاقل في هذه المحنة ...
يجب أن يسأل نفسه ويكرر السؤال عليها آلاف المرات...

السؤال الأول:.

ماذا لو توفانى الله اليوم بكورونا أو غيره ؟
كيف سأقدم كشف حسابى إلى الله مع الله و كشف حسابى مع الناس و كشف حسابى مع النفس ؟

السؤال الثانى :.

لو نجانى الله اليوم من الموت بكورونا أوغيره وتم تأجيل مشيئة السماء لتنفيذ هذا الموت إلى ما
بعد رحيل كورونا .
كيف سيكون حالى مع الله ومع الناس ومع النفس؟
هل سيبقى كل شىء على ما هو عليه ( من سوء الأدب – الغطرسة – الكبر – قلة الذوق – أكل

الحقوق – قسوة القلوب – التعالى - السفاهة ........ و.و.و. )

أم سيكون الأمر على أحسن حال ؟
الأسئلة فقط للعقلاء أصحاب القلوب السليمة ...

( إنّ في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألفى السمع وهوشهيد )
أما غيرهم التائهين المنغمسين في دروب فكاكة عقولهم وشطارة مفاهيمهم الخاصة فهؤلاء من غير
المعنيين بالأسئلة !!!

لأنهم مشغولون بأمور دنياهم حتى الغرق !!!
لم يغير فيهم كورونا شيئا كما نراهم حتى اليوم ...

و ربما لن يغيّرهم ...
( ويل للقاسية قلوبهم .. )
ويل لمن يمر بالبلاء ولم يتعظ ولم ينزجر ولم يعتبر .
والله المستعان !!!

 

 



(4)



القشَّة
أبدًا لن تغوص في الأعماق؛ لأنها هشَّة وزنها خفيف، وقد لا يكون لها وزنٌ يُذكَر، أما الحجر الكريم فأبدًا لن يطفو على السطح؛ لأنه ثقيل بتركيبته الطبيعية، مما يمكنه بسهولة وباقتدار الغوص في الأعماق والاستقرار فيها.

كورونا و مدرسة السلوك


بسلوكك وتصرُّفك
، بيدك أن تكون حجرًا كريمًا غالي الثمن تمتلك القلوب، وتغوص فيها، فلا تخرج منها أبد الدهر: (كبار/ صغار/ أزواج/ زوجات/ زملاء/ أبناء/ أمهات/آباء/ معلمين/ موظفين/ تلامذة/محبين/ قريبين/ بعيدين... غيره)،

بسلوكك وتصرُّفك
، بيدك أيضًا أن تكون قشة هشة رخيصة الثمن فلا يكون مكانك إلا أسطح القلوب وخارجها: (كبار/ صغار/ أزواج/ زوجات/ زملاء/ أبناء/ أمهات/ آباء/ معلمين/ موظفين/ تلامذة/ محبين/ قريبين/ بعيدين... غيره).

كورونا و البوصلة :

مع أجواء كورونا من الأفضل لك أن تُحدِّد بوصلتك بعناية وبنفسك، حدِّد بوصلتك دون أن تطلب في تحديدها معونة من أحد، فأنت أفضل من يعرف عن نفسك كل شيء، أنت من بيدك أن تكون قشَّةً وأنت أيضًا من بيدك أن تكون حجرًا كريمًا.


كورونا يدعونا ألا  نستمرىء  الغفلة:


1- جاءك
كورونا لتنتبه من غفلتك، ولتقف مع نفسك؛ لعل في ذلك نجاتك قبل موتك ورحيلك من الدنيا بسبب كورونا أو غيره.

2- جاءك
كورونا , فرصة لتحاسب نفسك , حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن تُوزَن عليكم.

3- اعلم أن المحاسبة الذاتية (شرط الشفافية والمصداقية) أكبر وأهم خطوة إيجابية نحو اتجاه إصلاح الذات، كما هي خطوة إيجابية نحو إصلاح أخلاقك وقلبك وما يثمره ذلك من سلوكيات، سواء ارتبط ذلك بأمور الدنيا، أو الدين,
كورونا فرصة سانحة للمحاسبة وتطبيق مفهوم إصلاح الذات .

4- اعلم أن كل الناجحين في الحياة والمنصفين والعقلاء والحكماء وذوي العقول الكبيرة هم من الذين يمارسون هذه المحاسبة لأنفسهم  ,
كورونا يدعوك أن تكون أحدهم قبل أن يفوتك القطار .

5- مع أجواء
كورونا ومحنته , فرصة ممتازة مناسبة للقضاء  على غرورك وحِدَّة طباعك، راجع تصرُّفاتك جيدًا وبحياد تامٍّ، وأنصف من نفسك لنفسك ومن نفسك للناس.

6-  كورونا , مدرسة تبوية عظيمة لابد أن تعيشها جيدا , فإذا وجدت من سلوكيَّاتك وتصرُّفاتك ما قد يجعلك قشَّة، فأسرع بالتحسين والتطوير، ولا تخجل من ذلك مهما فاتك من الزمن، ومهما مررت بظروف قاسية ومهما بلغ قلبك من قسوة .

7-
كورونا , يدعوك أن تحافظ على من تجده بجانبك، يُساندك بحبٍّ، يسأل عنك بشغف، يمنحك الكثير، يُعطيك دون أن تطلب وقبل أن تفكِّر، يدعو لك دون أن تعلم.

8-
كورونا , مدرسة ربانية جائتك لتدفعك إلى الاعتذار , اعتذر لمن أخطأت في حقه، ولا تستكبر في اعتذارك له؛ فالجنة لا يدخلها من كان في قلبه ولو مثقال ذرة من كِبْر.

9-
كورونا , فرصتك لجبر خاطر من كسرتهم , أجبر خاطر من أهنته يومًا أو أحزنته وكسرته، أو تبرَّأت أمام الناس من معرفتك به، ومن قربك منه، وعلاقتك به، وقربه منك.

10-
كورونا , جاءك ليقول لك كافىء ِ بالخير من فرحت يومًا بمعرفته وبتعرُّفك عليه، ومن كنت تعتبر ارتباطك به ما هو إلا سعادة لا تريد من الدنيا بعدها سعادة، وتذكَّر منظومة القيم المترجمة في ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60]، ((وكما تُدين تُدان)).

11-
كورونا , جاءك ليحذرك من الجحود الذى أنت غارق فيه , يدعوك ألا تكون  تكون جاحدًا، فتنسى إحسان الناس إليك، ولا تتذكر لهم، إلا ما ترى من وجهة نظرك أنه إساءة في حقك في وقت أنك تكون مَنْ أسأت إلى نفسك، وليس هم المسيئين لك.

12-
كورونا , جاءك لتمسح دموع أعين نزلت من أحدهم بسبب تصرُّف سيئ منك نحوهم كان سببًا في أن أتعس حالهم، أو زاد من همومهم.

كورونا و نتيجة مؤكدة:

مع محنة  الكورونا الفيروس الصغير القاتل , إنْ تغيَّرت وحاسبت وقضيت على غرورك، وحافظت واعتذرت وجبرت وجازيت ومسحت، فلن تكون يومًا قشَّةً؛ بل ستكون أغلى من الأحجار الكريمة [1].



 

رسائل دعوية

  • رسائل دعوية
  • معا على طريق الجنة
  • الصفحة الرئيسية