صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







أحداث الاعتداء على مقام سيد البشرية صلى الله عليه وسلم رؤية وتحليل

زاهر الشهري

 
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لاشك أن الأحداث الخطيرة التي حصلت في الفترة الماضية قد ألقت بظلال قاتمة على العلاقة بين الشرق الإسلامي والغرب النصراني ووضحت حقيقة كانت تُطرح باستمرار وهي أن أوروبا بدأت ترجع للنصرانية بقوة بعد عشرات من السنين العلمانية والملحدة.
وفيما يلي تحليل شخصي لهذه الأحداث وما ترتب عليها تظل نظرة اجتهادية تزداد تألقاً بالحوار والنقاش وتلاقح الأفكار للوصول لرؤية أكثر نضجاً لواقع الحالة التي بين أيدينا وملء أسماعنا و أبصارنا.
كيف لا وهي تتعلق بحبيب قلوبنا ومن نفتديه بأرواحنا وأموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا صلى الله عليه وسلم.
فإن أبي ووالدتي وعرضي ---- لعرض محمد منكم فداء

فأقول مستعينا بالله :

1- تبادل الأدوار:
إن من يلاحظ ما تتعرض له أمتنا الإسلامية من اعتداء إنما يعبر عن أن هناك تبادل للأدوار، فأمريكا وإسرائيل تقتل وتسفك الدماء، فرنسا وهولندا يحاربون الحجاب، الدنمارك و النرويج يهاجمان الإسلام ورسول الإسلام صلى الله عليه وسلم.
فهي حملة منظمة ومرتبة القصد منها هو تشتيت الانتباه عن قضايا طارئة بأخرى ساخنة.

هناك عدوان سافر على المسجد الأقصى يشتكي أهله منه. والصهاينة واقعون في مآزق متعددة فصنم التعسف و العدوان يقبع في المستشفى - وهو أقرب إلى الموت منه إلى الحياة هذا إلم يكن قد مات منذ زمن-.

ومشكلة الضغط الداخلي بسبب الانسحاب من غزة لا زال يخيم بظلاله عليهم. الهجرة العكسية لليهود خارج فلسطين المحتلة وخاصة العقول الأكاديمية.
المأزق الاقتصادي بسبب الكلفة الأمنية والمقاومة الإسلامية التي لاتهدأ.
المأزق السياسي المتصاعد بسبب جدار الفصل العنصري.
انتشار إدمان المخدرات بين الشباب والهروب من الخدمة العسكرية... وغيرها من المآزق.

المأزق الأمريكي في كل بقعة متوترة من العالم فمأزقهم في أفغانستان مع وجود مؤشرات قوية بعودة طالبان إلى مسرح الأحداث وقلب الطاولة بدا محرجاً للبيت الأبيض الأمريكي.
و الوحل العراقي الذي بدأ يبتلع القوات الأمريكية وأصبح التذمر الواسع الحاصل في أمريكا بسبب ذلك ينمو بتزايد.
المناورات المتعددة بين الأمريكان و الإيرانيين وبين الأمريكان والسوريين وبين الأمريكان والكوريين.
المأزق الاقتصادي الذي تقع فيه أمريكا الآن بسبب التكلفة العسكرية الهائلة في العراق حيث نجحت المقاومة العراقية في قلب الطاولة على كل مخططاتهم الوردية والبترولية.
المأزق السياسي الذي تمر به أيضا بسبب وعودها بالديموقراطية في العراق مع وجود مؤشرات الفوضى العارمة.
فرنسا وموقفها من لبنان وسوريا وموقفها من المسلمين الفرنسيين أو المهاجرين ، وموقفها المتعنت من الحجاب.
كل هذه تعتبر نقاط متوترة كان ظهور هذا العدوان السافر على نبي الإسلام عليه أفضل الصلاة والسلام فرصة لاختفائها من واجهة الإعلام الساخنة ولو لفترة بسيطة.
فهل نستطيع القول أن هذه عبارة عن تبادل أدوار؟ ربما.

2- مناورات متعددة:
لايفتأ الغرب بين فترة وأخرى من القيام بمحاولة لاستفزاز مشاعر المسلمين ليرى مدى تفاعلهم معها. فقد سبق القسيس الخسيس بات روبرتسون بإطلاق كلمات مسيئة في حق نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام حينما وصفه بأن رسول القتل و التدمير وأنه زير نساء – قاتله الله -.

ثم تبعه العربيد بيرلسكوني رئيس إيطاليا باتهام الإسلام علانية بأنه دين عنف.
و العجوز الشمطاء ملكة الدنمارك وصفت الإسلام بأنه دين دموي وينبغي أن يوقف في وجهه.

أحداث فرنسا الأخيرة والعنصرية البغيضة التي أطلقها وزير داخلية فرنسا لدرجة أنها أججت العنف أكثر بين أبناء الجيل الثاني من المهاجرين المسلمين أدت لإعلان حالة الطوارئ في ضواحي باريس.

كل هذه المناورات المتعددة إنما هي صرخات تحذير داخلية و مناورات جس نبض خارجية تتفق في أنها تحمل الروح الصليبية المتعطشة للدماء.

3- الخوف من الإسلام و الاستعصاء على الاندماج:
هناك قلق جدي من الإسلام وزحفه (السلمي) إلى داخل مملكة الصليب المقدسة (أوروبا) حيث ازداد عدد المسلمين المهاجرين إلى بلاد أوروبا بحيث أصبحوا قوة سياسية لها ثقلها في بعض البلاد في حين يتناقص عدد الأوربيين بشكل مقلق لهم.

وفي نفس الوقت فإن استعصاء المسلمين المهاجرين والمقيمين في الغرب على الاندماج في المجتمع الغربي وتكوين تكتلات ثقافية مقاومة للاندماج يشكل تحدياً لهم على رغم المحاولات المتعددة لاختراق هذه المقاومة. مما أخرج ضغائن الصليبية الدموية من نفس الحاقدة مارغريت ملكة الدنمارك و العربيد بيرلسكوني.

في معرض حديثه عن زيادة عدد المسلمين في الغرب نسبة إلى الغربيين وتحت عنوان (المسلمون لا يندمجون) كتب المفكر الإسلامي الكبير د.محمد الأحمري في كتابه الاستشرافي الرائع ((ملامح المستقبل)): " في تصفحي الأول لكتاب (نهاية التاريخ) لمحت موقف الكاتب من المسلمين فقد اشتكى أنهم يستعصون على الحضارة الغربية ، وأنهم يرون أن لهم حضارتهم وموقفهم الذي يخالفها، ومن قبله تحدث توينبي عن موقف الحضارة الإسلامية، وأنها من الحضارات الباقية، أو التي سيكون لها دور، ثم مؤرخ آخر مهم وهو كاتب دورات التاريخ الأمريكي، تشالسينجر أشار إلى مشكلة الذوبان في المجتمع الأمريكي، مشيراً لأقليات تستعصي على الاندماج، ومرت بضع سنين بعد هذا ليتحدث هنتجتون مطولاً عن المسلمين الذين ينمو عددهم ويزيد تعليمهم و لايندمجون ، وأن دينهم سيصادم العالم أو "حضارتهم" وقد كان يروغ حول وصف "صراع الديانات" ومواجهاتها القادمة، كما كانت تلوح بين عينيه، ليسمي ذلك بـ: "صدام الحضارات"، فالغرب صنع منذ زمن طويل عبارات يلف نفسه داخلها هارباً من تاريخه المرير مع نفسه ومع الناس. كتابه يحذر من الحرب الدينية ولكنه يفلسف لها". (ملامح المستقبل – فصل إنما العزة للكاثر – صفحة 194)

فهذه الصرخات إنما هي نتيجة العجز الذي يواجهه الغرب من عدم القدرة على دمج المسلمين المهاجرين في مجتمعاتهم الغربية وفي نفس الوقت لا يستطيعون القيام بما قامت به محاكم التفتيش في الأندلس لأنها تصادم قوانينها.

فهم بين مطرقة العجز وسنديان المواجهة.

4- ردود الأفعال:
الحقيقة أنه وصلتني في غضون الأيام القليلة الماضية أكثر من سبعين رسالة تدور حول موضوع المساس بجناب حبيبنا وخليل الله محمد صلى الله عليه وسلم أكثرها يشع حباً وبعضها تافه حد الاستفراغ أكرمكم الله. كانت هناك رسائل إيجابية أعطت حلولاً للمقاومة و الردع حيث دعت للمقاطعة ومراسلة السفارة على رقم الفاكس. وبعضها كان يحشد الحشود للمقاطعة بنشر المنتجات الدنماركية.

وبعضها دعوة لزيارة فعاليات نصرة الحبيب على غرفة البالتوك وإحداها كانت قصيدة لأنها أعجبتني سأضعها كما هي:


أنا الذي سرق المأفون بسمته --- ثم اشتكت صرختي للتل و الجبل
لظنها أنها تشكو لمعتصم --- ما حل في دنمرك التيه و الخطل
فلنجتمع يا شباب الدين قاطبة --- لنصرة النور في جد من العمل
وأيسر الأمر أن نلقي بضاعتهم --- رُدّت إليهم جزاء المارق الثمل
واستنهضوا علية الحكام كلهم --- لنقطع الوصل في عز بلا وجل
أحفاد طه أشيعوا أن مشرقنا --- لن يرتضي أن تكون الشمس في الطفل


ملايين الرسائل انتشرت حول هذا الموضوع شهد البلد حالة غليان دفاعاً عن جناب محمد صلى الله عليه وسلم الطاهر ... أرسل لي أقاربي يسألوني عن المنتجات الدنماركية ليقاطعوها.

خطباء المساجد التهبت منابرهم بالحديث عن هذا الموضوع. لقد كان التفاعل فوق التوقعات من "المعنيين" و "المراقبين".

5- إيجابيات وأبعاد لاشك أن إيجابيات هذا الموضوع الساخن كبيرة ومؤثرة:
1) النجاح الكبير في تجييش كل المجتمع للذب عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

2) كان هذا الهجوم على أقدس الشخصيات في حياة المسلم داعياً لإحياء المحبة الحقيقية في نفوس الناس للرسول محمد صلى الله عليه وسلم أو لنقل بمعنى آخر ترجمة هذا الحب لواقع حقيقي يوطّد معنى الولاء لله ورسوله صلى الله عليه وسلم والبراء من أعداءه الكارهين لملته ودينه.

3) أوضحت هذه الهجمة الحقيرة على جناب محمد صلى الله عليه وسلم للناس مدى الحقد الصليبي على المسلمين مهما أظهروا لنا من اتيكيت المعاملة ودبلوماسية المشاعر. إلا أن الله قد وعد بأنه سيخرج أضغانهم وأن ما تخفي صدورهم أكبر.

4) أذهل الغرب وسيذهلهم أن آلاتهم التغريبية ووسائلهم الإغرائية لإلهاب مشاعر المسلمين الجنسية و تغييب مبادئهم الفكرية قد باءت بالفشل الذريع و لم تنجح في وأد جذوة الإيمان في قلوب الناس أو إبعادهم عن مصدر الحياة الروحية الأزلي (الوحي السماوي و حامله صلى الله عليه وسلم) وأن هذه الأمة تمرض ولاتموت تغفو ولاتنام. أمة شابة، متدفقة، حيوية، مشرقة، مؤمنة مرتبطة بحب ربها ونبيها صلى الله عليه وسلم.

أما أبعاد هذا الموضوع:

1) اتضح لنا مدى القدرة الهائلة للمقاطعة الشعبية وأن دورها ناجح مهما كان موقع الإرادة الرسمية.
يقول المفكر الإسلامي د. محمد الأحمري حول تنامي "ثقافة المقاطعة": [ في وقت الحرب الأمريكية الأخيرة 1424 هـ 23 م كُتب مقال بعنوان:"وداعاً كوكا كولا مرحباً مكة كولا" أشار فيها لعدد من القضايا المتعلقة بالمقاطعة وأثرها؛ فبمقدار ما تربح أمريكا حروباً سريعة في الميدان العسكري أو هكذا يبدو فإنها تخسر وبسرعة في مجال التبادل التجاري، فهي تخسر في الأسواق الإسلامية، وهناك هجرلشركاتها ولأسمائها التجارية المعروفة.] بل وصل الأمر إلى أن [شركات الدعاية التي تروج للمنتجات الأمريكية طلبت من الشركات الأمريكية أن تخفف من ذكر أو عرض بلد المصدر، بل وتطلب أحيانا تغطيتها ... وفي الدول العربية أصبحت الشركات الأمريكية تخفي اسم البلد الأصلي لمنتجها وتذكر الوكيل المحلي]. (ملامح المستقبل – فصل من كوكا كولا إلى مكة كولا – صفحة 216 – 217)

2) إمكانية نجاح أي عمل شعبي مصدره ووقوده دين الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومبادئ وقيم الدين.

3) استغلال هذا الحدث لتنمية الوعي الحقيقي بحب الرسول صلى الله عليه وسلم وأن الحب الحقيقي يكمن في الإتباع التام لما جاء عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس فقط شعارات وترديدات.

أخيراً فإن كل مسلم يؤمن بالله عز وجل رباً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً وبالإسلام ديناً وشرعةً ومنهاجاً ينبغي أن يعلم أنه محارب في دينه وأن أمته السليبة يراد لها أن تموت وأن تذوي.

أخوتي الشباب إن الحرب أصبحت أكثر سفوراً والمؤمن القوي خير و أحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير.
إن قوة المؤمن الروحية ينبغي تعزيزها بروح "اعمار الأرض" وأنها طريق ومزرعة للآخرة.
فمن المؤسف أن سياراتنا وملبوساتنا وأدواتنا الطبية بل وحتى أحذيتنا تُصنع لنا.
فمتى نتجاوز هذه المرحلة.
إن القرار بأيديكم فأنتم من يصنع المجد متى ما كانت لديكم الإرادة.

من كل قلبي أبعث هذا الدعاء: اللهم إني أحتسب عندك دفاعي عن نبيك رغبة في مرافقته في الجنة وشفاعته وأن أشرب من يده الشريفة كاساً هنيئاً لا أظما بعدها أبداً، اللهم فارحم تقصيري وضعفي و لاتحرمني أجر ما فعلته دفاعاً عن نبيك. وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين محب محمد الراغب في شفاعته يوم الدين

أبو عمر زاهر الشهري

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

أعظم إنسان

  • اعرف نبيك
  • إلا رسول الله
  • الدفاع عن السنة
  • اقتدي تهتدي
  • حقوق النبي
  • أقوال المنصفين
  • الكتب السماوية
  • نجاوى محمدية
  • دروس من السيرة
  • مقالات منوعة
  • شبهات وردود
  • أصحابه رضي الله عنهم
  • أعظم إنسان