صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







شئ من الغثاء الليبرالي..رد على مقال (الدنمارك مرة أخرى: ماذا بعد؟!) لمشاري الذايدي

عبدالله بن صالح العجيري

 
إن من فوائد هذه الأزمة -أزمة الاستهزاء برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم- تمايز الصفوف ، واستبانة السبل ، وانكشاف بواطن النفوس ، وإن هذه لمن الخير الذي قدره الله في هذا الحدث ، وفي كل قدر لله خير ، (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ) فالأمة المسلمة قد هبت ووثبت نصرة لنبيها صلى الله عليه وسلم ليعلم العالم أجمع أن أمة الإسلام أمة حية وأنها لم ولن تموت ، وليعلم أهل الإسلام حقيقة المنسلخين عنها فكرا ومنهجا وسلوكا وإن نطقوا بالضاد ، وتكلموا بالعربية ، وتسموا بعبدالله وعبدالرحمن ومحمد! ووالله لقد مللت من النظر في هذا الغثاء الليبرالي حيال ما وقع من انتهاك ، وتلك الإسطوانة المشروخة التي يرددونها ، يأخذها الواحد منهم عن صاحبه ، مكررين للمعنى الواحد هنا وهناك ، (أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ) ، ووالله ما كنت أظن ولا أحسب أن ينبري منتسب للإسلام في هذا الظرف ليقف على الضفة الأخرى في مقابل الأمة يلومها على غضبتها ، ويطلب منها التهدئة ، والمسامحة والإغضاء ، وكأن الأمة هي الظالمة الجانية ، وأنه مقدر عليها فقط أن تتلقى الصفعات يمينا وشمالا ، كلما مال رأسها في ناحية فواجب عليها أن تديره تحسبا للصفعة الجديدة ، إن الحكمة في إدارة الصراع ، وحسن التقدير ، ومعرفة العواقب ، مطلب لا شك فيه ولا ارتياب ، ومحاولة ترشيد هذه الغضبة واستثمارها استثمارا إيجابيا بناءا مشروع ، لكن القوم بكتاباتهم وممارساتهم قد خرجوا عن حدود الحكمة المطلوبة إلى التفريط المحرم ، التفريط في حق النبي صلى الله عليه وسلم وإنه لعظيم ، والتفريط في حق الأمة المسلمة ، وبين يدي مقال للكاتب مشاري الذايدي والذي لا يخرج فيه كاتبه عن سيرة من تقدمه من كتاب هذا التيار بعنوان (الدنمارك مرة أخرى: ماذا بعد؟!) والمنشور في جريدة الشرق الأوسط 22/2/1427هـ ، وقد تناول في مقاله هذا فيما تناول قضية الاعتذارات الدنماركية والمقدمة من الصحيفة والحكومة الآثمة ، فيقول:
(هل المطلوب الاعتذار من قبل الحكومة الدنماركية، ومن الجريدة الدنماركية؟ اذا كان الامر كذلك فماذا عن الاعتذار المتكرر الذي صدر من جهات دنماركية، وآخرها الصحيفة نفسها التي نشرت فيها الرسومات، ونشر اعتذارها باللغة العربية، وكررت فيه جمل الاعتذار اكثر من مرة، ونشر على صفحة كاملة في جريدة «الشرق الاوسط» وغيرها...؟)

وقد اطلع الناس على هذه الاعتذارات ، وأحسب أنه قد صار واضحا حقيقة هذه الاعتذارات المزعومة ، وإن أصر البعض على التغابي والتعامي ، وأنها إلى الإهانة أقرب ، وأنه ينبغي أن يُعتذر للأمة من هذا اللون من الاعتذار ، إذ زبدة الاعتذار المزعوم وخلاصته كما رأينا وسمعنا: (نأسف إن آذينا مشاعركم ، لكن لنا الحق في سب نبيكم!) ، هذا حقيقة الحال ، وجلية الأمر ، وصفة الاعتذار الذي يروج له الكاتب وغيره ، ويعتب في مقاله على من لا يروجه ، ويُدين من لا يقبله ، بل ويتجاوزه إلى السخرية ممن طعن فيه ، أو شكك ، فيقول منتقدا منتقدي هذا الاعتذار:
(في حين يراها البعض الآخر غير كافية ولا دقيقة، وتحول هؤلاء الى خبراء في اللغات الأوروبية، وفرقوا بين الأسف والاعتذار، وتحول آخرون الى خبراء قانون، فقالوا هل الإعتذار يسقط الجرم أم لا...؟).
أرأيتم كيف تروج الأباطيل ، وتمرر الأكاذيب ، ويستغفل الناس ، في الوقت الذي تصرح فيه الصحيفة الآثمة المعتدية بتكذيب ما يروج في صحفنا من اعتذارات ، وأنها إعلانات مزيفة مزورة كما هو منشور ومعلن ، وإني لأتساءل لماذا يكون ليبراليونا أكثر حماسة في الدفع عن المعتدين من المعتدين أنفسهم ، وما بالهم أحرص عليهم منهم ، وما الذي يحملهم على أداء هذه الأدوار المشبوهة في ترويج الزيف والإفك والكذب تحت لافتة الاعتذار ، ثم يطالبون الأمة بقبوله دون قيد وشرط؟

إن الأزمة التي تُرى قد أحرجت اللبيراليين وآذتهم ولا شك ، وعطلت مشروعاتهم في تغريب الأمة ، ومخططاتهم في تمييع علاقة المسلمين بالكفار تحت شعارات (التسامح مع الآخر) وغيرها ، فغدا الخروج من الأزمة مطلبا ملحا لا نصرة للنبي صلى الله عليه وسلم وأخذا بحقه ، كلا ، فلهذه رجالها من أبناء الأمة المسلمة أهل الغيرة والمحبة الصادقة للنبي الكريم وهم السواد الأعظم ، وإنما ليستمروا في توريد القيم الغربية ، ويتابعوا مسلسلهم التغريبي المشؤوم ، لقد جاء هذا الحدث كالصاعقة عليهم ، وأثبت ما كان يقوله خصومهم عن حقيقة أولئك الكفار المعتدين ، وما تكنه نفوسهم وقلوبهم تجاه المسلمين ، (قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) ، فعادت مشاريعهم الكاسدة إلى نقطة الصفر ، وبدؤوا العمل من جديد ، لا بورك سعيهم.
بل إن الكاتب ينتقد ما يرى من غضب إسلامي ، ويرى أن ردة الفعل قد تجاوزت الحد ، وأن تناول الحدث خارج عن حدود الطبيعة ، وأن الأمر لم يكن يستحق هذا الغليان الحاصل ، ويستدل لذلك -وانظر لحسن الاستدلال!- بقصة وقف عليها حسب أنها تخدمه فساقها ليبين لنا عن حقيقة العقل المركب في جسمه ، فيقول:
(هناك تناول غير طبيعي للازمة، يتجاوز حتى ما جرى في التاريخ الاسلامي، ومن قبل اجيال الاسلام الاولى.

وهنا احب ان اضرب هذا المثال، واسوق هذا الخبر:
روى المحدث الحاكم النيسابوري في مستدركه عن هشام بن العاص قال: بعثت انا ورجل الى هرقل صاحب الروم ندعوه للاسلام، (في زمن خلافة ابي بكر الصديق)، وذكر قصة طويلة ملخصها انهم دخلوا على ملك الروم ومجلسه وبطارقته، وقال عن الملك هرقل: «أََمر لَنا بمنزل حسن، ونزل كثير، فأقمنا ثلاثا، فأرسل الينا ليلا فدخلنا عليه فاستعاد قولنا فأعدناه، ثم دعا بشيء كهيئة الربعة العظيمة مذهبة فيها بيوت صغار، عليها ابواب، ففتح بيتا وقفلا، فاستخرج حريرة سوداء، فنشرناها فإذا فيها صورة حمراء، واذا فيها رجل ضخم العينين عظيم الاليتين، لم ار مثل طول عنقه، وإذا ليست له لحية، وإذا له ظفيرتان احسن ما خلق الله، فقال أتعرفون هذا؟ قلنا لا، قال: هذا ادم عليه السلام، ثم فتح بابا اخر فاستخرج منه حريرة سوداء، واذا فيها صورة بيضاء، واذا له شعر كشعر القطط، احمر العينين، ضخم الهامة، حسن اللحية، فقال هل تعرفون هذا؟ قلنا لا، قال هذا نوح عليه السلام».
وهكذا مضى في وصف مثير لصور الانبياء واحدا واحدا ، بناء على صورهم في المناديل الحريرية، قال هشام: «ثم فتح بابا آخر، فاستخرج منه حريرة سوداء فيها صورة بيضاء، وإذا شاب شديد سواد اللحية، كثير الشعر حسن العينين حسن الوجه، فقال هل تعرفون هذا؟ قلنا لا، قال هذا عيسى بن مريم عليه السلام، قلنا من اين لك هذه الصور، لأنا نعلم انها على ما صورت عليه الانبياء عليهم السلام، لأنا رأينا صورة نبينا عليه السلام مثله»، يقول هشام: «فلما أتينا ابا بكر الصديق رضي الله عنه فحدثناه بما أرانا وبما قال لنا وما أجازنا، بكى ابو بكر». يقول المفسر ابن كثير الدمشقي بعد ذكره لهذا الاثر العظيم: «اسناده لا بأس به».
ثم اورد اثرا اخر رواه الطبراني عن الصحابي جبير بن مطعم انه قال: خرجت تاجرا الى الشام، قال فلما كنت بأدنى الشام لقيني رجل من اهل الكتاب، فقال هل عندكم رجل نبي، قلت نعم، قال هل تعرف صورته اذا رأيتها، قلت نعم، فأدخلني بيتا فيه صور، فلم ار صورة النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا انا كذلك، اذ دخل رجل منهم علينا، فقال فيم انتم، فأخبرناه، فذهب بنا، الى منزله، فساعة ما دخلت نظرت الى صورة النبي صلى الله عليه وسلم».
ماذا لو ان هذه الصور والرسومات وجدت في عصرنا؟! هل ستسيل شوارع بيشاور، حنقا، ونيجيريا نارا؟!)
وسقت الكلام بطوله هنا ليعرف الإنسان حقيقة الرجل ، وأن الهوى هو المحرك للاستشهاد والنقل ، وأن القوم مستميتون في المدافعة عن الغرب وتثبيط الأمة ولو بالاستشهادات الخارجة عن حد الصواب والمنطق ، وليت شعري أي سؤال هذا الذي يعقب به على القصص المتقدمة: (ماذا لو ان هذه الصور والرسومات وجدت في عصرنا؟! هل ستسيل شوارع بيشاور، حنقا، ونيجيريا نارا؟!).

والأمر بين وواضح لا يحتاج إلى علامة استفهام ولا تعجب ، إذ الفرق شاسع بين ما سقته هنا -يا فهيم!- وما ابتلينا به ، إن ما حصل ووقع اليوم ليس مجرد تصوير -يا فهيم!- للنبي الكريم ، مع اعتقادنا حرمته لتحريمه صلى الله عليه وسلم له ، وإنما الذي حصل عبارة عن كاريكاتيرات! وصور ساخرة! فأين هذا من هذا ، وهل يصح أن تقاس ردة الفعل هنا على ردة الفعل هناك ، إن ما وقع في حق النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجرد تصوير ، بل ما وقع استهزاء ، وسخرية ، وسب له بأبي هو وأمي فأين يُذهب بكم؟ ودعني أقلب السؤال: لو قدر أن هذه صور الاستهزاء الآثمة هذه ظهرت في عصر من تقدم من سلفنا فكيف ستكون الحال ، وكيف ستكون الهبة؟! أحسب أن الجواب واضح وبين ، وفي قصة فتح عمورية عظة وعبرة ، والغريب أن الكاتب يعلم أن استدلاله غير مستقيم ، ويعرف بطلان هذا الاستشهاد ، وأنه قياس مع الفارق ، فيقول:
(أعرف أن الشكل السخيف الذي خرجت به الصور والرسوم الدنماركية التي تحمل طابعا ساخرا، هو منبع النقمة الاسلامية، ولكن أردت القول، أن هناك خروجا عن المألوف في تناول هذه المسألة).

فإذا كنت تعلم -يا فهيم!- سبب النقمة فلما أوردت القصة الطويلة؟ ولما كان هذا التساؤل السخيف ولما أحوجتنا إلى المناقشة والرد؟ ولما هذا الأسلوب في الاستغفال؟ ألأنك تريد تكثير الكلام؟ أم لأن القصة فيها كلمتي صورة ونبي فسارعت لنسخها ولزقها في مقالك؟ أم أنك أوردتها ولعل وعسى أن تنطلي على واحد أو اثنين؟ أم تريد أن تقول أنك مطلع -ما شاء الله- على تفسير الحافظ ابن كثير أو المستدرك للحاكم؟ أم ماذا؟؟ إن من يتعامل مع قضايا الأمة بهذا النفس ، ويتعاطى مع مصائبها بهذا الأسلوب ، لا يصح أن يكون مأمونا على فكر ، ولا مستودعا لثقافة ، ولا محلا لأخذ أو تلقي ، إنها خيانات علمية علنية تروج لأهداف (تحتية)! وياليت القوم بقوا في أقبيتهم ساكتين حتى تهدأ العاصفة ، ويمر الحدث ، بدل هذا الطرح السخيف ، ولو فعلوا لكان خيرا لهم ، ولكان أخف لجرمهم ، أما وقد نطقوا فستسجل عليهم هذه المواقف ، وستضبط عليهم ، وسيعلم الناس حقيقة هذا التيار ، وأن الليبراليين قد نزلوا واديا غير وادي الأمة يوم انتصرت الأمة لنبيها صلى الله عليه وسلم.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

أعظم إنسان

  • اعرف نبيك
  • إلا رسول الله
  • الدفاع عن السنة
  • اقتدي تهتدي
  • حقوق النبي
  • أقوال المنصفين
  • الكتب السماوية
  • نجاوى محمدية
  • دروس من السيرة
  • مقالات منوعة
  • شبهات وردود
  • أصحابه رضي الله عنهم
  • أعظم إنسان