اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/mktarat/iraq/76.htm?print_it=1

أفيقوا أيها المسلمون فلقد تداعت عليكم الأمم

د محمد الدسوقى بن على


لقد أثبتت الأيام أن ما حاول الرئيس الأمريكي أن يعتذر عنه- أعني مما قرره أكثر من مرة ومنذ توليه الإدارة الأمريكية من أن حربه القادمة والتي جعل عنوانها (الحرب الصليبية الثالثة)، ستكون ضد المسلمين وضد ثوابت شريعتهم لتخليص العالم من الإرهاب وممن وصفهم بفاعلي الشر على حد قوله، ومن أنها ستكون حرباً صليبية طويلة الأمد- لم يكن ذلة لسان وإنما هو بالضبط ما يسعى له الآن بل ويصرح به دون ما حياء ولا خجل ويعيّن من أجل تنفيذه الصقور، فقد قام بوش بحشد 265ألف جندياً أمريكياً موجودين في قواعد خارج البلاد وباستدعاء 50ألف من جنود الاحتياط الأمريكيين كما أعلن مساء الخميس 20/ 9/ 2001أمام مجلس الكونجرس (الشيوخ والنواب) أن "بلده في حالة حرب وأن من لا يقف معنا ويشارك في الحرب فهو يقف مع الإرهاب".
وقد ظهرت مؤخراً دراسات عديدة من كتاب وصحفيين أمريكان كلها تؤيد وتؤكد أن هدف الحرب الحالية التي تقودها أمريكا هو القضاء على الإسلام بتشويه صورته، وإذابة المسلمين وتغييبهم عن جوهر قضيتهم وتركيعهم، واحتلال أرضهم وتنصيرهم وتصييرهم إلى أمة علمانية تنحي الإسلام جانباً أوتدين بما يدين به غيرها، وقد وجدوا ضالتهم في حاضرة الخلافة العباسية وفي منافقيها وخونتها الذين تخلوا عن شرفهم وفرطوا في أرضهم وعرضهم وساروا في تنفيذ مخططات أعدائهم، كما وجدوها في تخلى حكام المسلين عن أحكام شريعتهم ومبادئ عقيدتهم وفي استعدادهم للتفريط في ثوابت دينهم إرضاء لأمريكا والغرب تحت مسميات تجديد الخطاب الديني والإصلاح السياسي ومحاربة الإرهاب والتطرف وبناء شرق أوسط كبير وتطوير المناهج وحذف كل ما من شأنه أن يؤدي إلى العنف (الجهاد)، أو يدعو إلى العفة والفضيلة لتواكب متطلبات العصر، في وقت تقوم فيه حروب هؤلاء المعادين للإنسانية ولكل القيم على أساس ديني، وصدق الله القائل: (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق.. البقرة /109)، ولن نستطرد في إثبات هذه الحقائق كثيراً، فقط نترك الوقائع والأحداث والدراسات التي قاموا هم بكتابتها هي التي تتكلم وتثبت ما نحن بصدد الحديث عنه.
ونذكر من ذلك على سبيل المثال دراسة للباحثة (شيري بنرد) بمؤسسة (راند) بعنوان (الإسلام الديمقراطي المدني)، ومجموعة مقالات لـ (دانيال بايبس) مدير مركز الشرق الأوسط ومعه لفيف من الكتاب يدورون في فلكه، كما نستشهد لذلك بما حدث عقيب الغزو الصليبي لحاضرة الرافدين فقد انكشف الوجه التبشيري القبيح للاحتلال الأمريكي لتلك البلاد في حادثتين منفصلتين وقعتا في مارس 2004.
الأول: هجوم نفذته المقاومة العراقية ضد قافلة أمريكية اتضح فيما بعد أن ضحاياه أربعة منصرين أمريكان، كانوا يقومون بمهام تبشيرية تحت إشراف مجلس الإرسالية المعمدانية الدولية الجنوبية طبقاً لما أكده موقع شبكة (CNN) الأمريكية على الأنترنت، والأربعة هم (لاري إليوت)60 عاماً، و(وفر إليوت)58عاماً، و(كارين دينيس) 38عاماً، و(ديفيد ماكدونال) 28عاماً، وأما الثاني: فكانت بطلته شركة (كلير شايتل كومينيكاشن) وهي شركة إعلام أمريكية عملاقة، حيث أذاعت إحدى محطاتها الإذاعية برنامجاً أكدت فيه أن احتلال القوات الأمريكية قام في بلاد الرافدين على فكرة تعليم أهلها أصول الحضارة الغربية وإنقاذهم من جاهليتهم، وراحت هذه المحطة في سبيل ترسيخ هذه الفكرة تسئ للدين الإسلامي وتتهكم من تعاليمه، وتظهر العرب والمسلمين في صورة أشخاص متخلفين يريدون العودة بالحياة الشخصية والحقوق المدنية ألف عام إلى الوراء، وفي صورة أشخاص همجيين يعشقون إقامة العلاقات الجنسية مع حيواناتهم، واستمرت وقاحات البرنامج الهزلي تصحبها ضحكات هيستيرية تعكس التعصب الأعمى لكل ما هو صليبي، ويأتي كل ذلك في إطار مخطط شامل تشرف عليه الهيئة الدولية لبحوث الإرساليات التبشيرية والتنصيرية التي يعمل بها 16مليون شخص يمثلون الأغلبية البروتستانتينية في أمريكا ويبلغ عدد مؤسساتها مئة وعشرين ألفاً وثمانين مؤسسة وتصل إصداراتها السنوية من الكتب إلى ثمانية وثمانين ألفاً وستمائة وعشرة كتاب، كما يبلغ عدد مجلاتها الأسبوعية 24ألفاً و900مجلة و400محطة، وتوزع بشكل سنوي 53مليون نسخة من الإنجيل طبقاً لنشرات الهيئة.
وحسب ما أكدته جريدة الديلي تلجراف البريطانية على لسان (جون برادي) رئيس هيئة الإرساليات الدولية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا ونقلته عنها جريدة الأسبوع في 5/ 1/ 2004 فإن الهيئة التي تُعد الجيش التبشيري للكنائس المعمدانية طالبت بجعل العراق مفتوحاً للتنصير وللجماعات التبشيرية بحيث تكون محطة لنقل الأفكار التنصيرية للمنطقة كلها، وهو ما تحقق بالفعل منذ بدء الاحتلال الأمريكي للعراق حيث أصبحت العراق مرتعاً للمنصرين البروتستانت الذين جابوا أرض الخلافة العباسية، وراحوا يمارسون نشاطاتهم تحت زعم تقديم المساعدات الإنسانية للشعب العراقي وبدعوى إنقاذ النفوس الضائعة داخل الأراضي العراقية، ولولا أن منّ الله على هذا البلد بتلك الشبيبة المؤمنة التي وقفت ولا زالت لهم وللاحتلال برمته بالمرصاد لتحولت دول الشرق الأوسط كلها إلى النصرانية ولربما راق لهم هدم الكعبة على نحو ما جاء على لسان الكاتب الصهيوني (ريوفن كورت) المدير الناشر لمجلة (إسرائيل من الداخل) وساعتها لن يجد المسلمون "أي قبلة يتجهون إليها حينما يحنون ظهورهم لعبادة إله الخراب الذي يعبدونه" على حد قوله، وصدق الله القائل: (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).
ولقد سبق لرئيس الكنيسة المعمدانية السابق (جيري فينيس) أن وصف النبي محمداً بأنه مولع بمص الدماء وبأنه إرهابي.. كما سبق لأحد أعضائها وهو القس (فرانكلين جراهام) أن وصف الإسلام بأنه دين شيطاني تجب محاربته وبأنه دين شرير جداً لا يعرف التسامح، ويعد (فرانكلين) ووالده من أكبر المشاركين في عمليات جمع التبرعات للشعب العراقي لخدمة الأهداف التنصيرية، كما يعد (فرانكلين) المعلم الديني الأول للرئيس الأمريكي جورج بوش وهو الذي أقام قداس تتويجه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، وكانت مكافأة بوش له أن سمح له بممارسة أنشطته داخل الأراضي العراقية، فماذا قدم حكامنا العرب والمسلمين تجاه دينهم وأبناء أوطانهم؟ وحسب ما ذكره (جون حنا) أحد أعضاء الجماعات التنصيرية والذي عاد مؤخراً من العراق، فإنه كان قلقلاً من أن لا تسمح السلطات الأمريكية للجماعات التبشيرية بممارسة نشاطاتها التنصيرية داخل العراق، إلا أنه اكتشف أن كل ما يحتاجه لدخول العراق هو امتلاك جواز سفر أمريكي وبعدها يصبح حراً في أن يفعل داخل العراق ما يشاء .. وهو ما يضع على كاهل المبشرين الأمريكان- حسب قوله- مسئولية كبيرة "فالأبواب كلها مفتوحة وأساليب التنصير متاحة والدعم العسكري موجود .. وكلها عوامل داعمة لإنقاذ العراقيين من الدين الإسلامي المزيف ومن قبضة النازيين المعادين للمسيح والمنكرين لحقيقة أن المسيح هو المخلص"، ويضيف حنا: "أن المسيحيين وهم في طريق تبليغ رسالتهم السماوية مطالبون بتوصيل الطعام إلى الجياع مثلما هم مطالبون بإشباع النفوس الجائعة .. حتى يدركوا أن المعونات التي يتلقونها هي من مسيحيين في أمريكا وليس مجرد أمريكان".
أما (جيم ووكر) أحد المنصرين الذي زار العراق في 10/ 2004ضمن فريق تنصيري حمل معه معونات تم شحنها في 45ألف صندوق فيضيف قائلاً: "لقد قابلت أطفالاً يموتون جوعاً لكن احتياجهم الأول لم يكن للطعام وإنما كان لمعرفة حب المسيح".. كما أكدت السيدة (جاكي كون) إحدى المبشرات البالغ عمرها 72 عاماً أنها نجحت بالفعل في تنصير سيدة كردية وطفلها، وحسب رواية (جاكي) فإنها قابلت السيدة الكردية داخل فندق عراقي وهي تستعد لإجراء عملية جراحية في ساقها فلما صلّت (جاكي) من أجلها داعية الرب أن ينجيها من إجراء تلك العملية، عادت تلك السيدة حاملة طفلها لتخبرها بأن الأطباء أكدوا لها عدم حاجتها لإجراء العملية بعد أن شفاها الرب ببركة صلواتها للمسيح، وأن المرأة الكردية صلت وراءها هي وطفلها شكراً للمسيح، وبعد أداء الصلوات خرجت المرأة الكردية وطفلها "حاملين الإنجيل مكتوباً بالعربية ومعهما شرائط فيديو للمسيح وفوق هذا كله حاملين المسيح في قلبيهما"، وتنهي جاكي حديثها قائلة: "ربما كانت عملية تنصير المسلمين في العراق صعبة، لكن المبشرين تلقوا دورات تدريبية مكثفة قبل الذهاب إلى العراق لتنصير أبناء الشعب العراقي ولتفنيد التعاليم الإسلامية التي تنظر إلى المسيح على أنه مجرد نبي آخر، ويعيشون في ضلالهم معتقدين أن محمداً آخر الأنبياء .. لقد جاءتنا فرصة العمر لحمل رسالة المسيح إلى العراق وفي زيارتنا الماضية حملنا للعراق 8000 إنجيل مكتوب باللغة العربية وهدفنا أن يصبح هذا العدد مليوناً في المستقبل القريب".
وكانت صحيفة (دير شبيجل) الألمانية فيما نشرته في 17/ 2/ 2003 قد أشارت إلى شيء من هذا وأكدت أن الحرب ضد العراق ما هي إلا جزء من حرب صليبية يشنها اليمين المسيحي الصهيوني المتطرف على العالم الإسلامي للإعداد لما يسمى بمعركة (هيرمجيدون) التي تهيئ للعودة الثانية للمسيح.
وفي موقف تهكمي عرضته القناة الأولى الألمانية في 24/ 6/ 2004 ذكرت (أنيا راشكة) في برنامجها الأسبوعي (بانوراما) أن "هذه الطوائف التبشيرية تتحدث عن الحرب المقدسة في العراق ويرون أنفسهم شهداء ويعتبرون الأديان الأخرى مجرد زندقة وإلحاد، وهؤلاء الذين يزدادا نفوذهم في أمريكا هم الذين يدين لهم الرئيس بوش بمنصبه كرئيس لأمريكا"، تقول: "والمشكلة أ ن هؤلاء يريدون تنصير العالم أجمع"، وتضيف في استغراب: "أنهم قد وجدوا فرصتهم السانحة في احتلال العراق وأن معظم الأعمال التي يقومون بها سرية لكن يحظون بتأييد كامل من الحكومة الأمريكية، وأن الجيش الأمريكي نفسه يضم مجموعة منهم وهو ما يتبدى من تبرعات ومنح بالملايين وأن الرئيس بوش بنفسه قد قال لبعض أولئك المبشرين: (جميعنا مطالبون بنشر كلمة الله وتحقيق مملكة الرب)" ، وأضافت القناة الألمانية أن (تود نيتلتون) أحد أعضاء هذه المؤسسة قال: "إنه ومن معه يعرفون أن بعض المسلمين سيغضبون لمحاولة تنصيرهم بشدة.. وقد يؤدي ذك إلى تعرضهم- يعني هو وجماعته- للقتل، إلا أنهم لا يخشون ذلك معتبراً أن الموت في سبيل قضاء الخلود في الجنة، يعد تجارة مربحة خاصة حين يتم ذلك في فرض المسيحية على الضالين المسلمين".
ولعلنا بعد كل ما ذكرنا نعذر أولئك الخاطفين الذين ينفذون حكم الإعدام على أمثال هؤلاء الذين لم يكتفوا نساء ورجالاً بما ينغمس فيه الشعب العراقي حتى الثمالة من قهر وبطش وقتل وتعذيب وظلم واحتلال تمارسه حكوماتهم، حتى راحوا يستغلون معاناته أسوأ استغلال ويفتنونه عن دينه وفي بلده التي هي في حكم الشريعة دار حرب لا حرمة فيها لأجنبي أياً ما كان هدفه، وعلى أولئك الواقعين في أيدي المقاتلين ممن تداروا تحت ثياب الإغاثة، وقطعوا آلاف الأميال تحت عباءة تخليص العراقيين من القهر والاستبداد وتحت غطاء المعونات الإنسانية.. على هؤلاء الباكين على الشعب العراقي وتقطر قلوبهم من أجله شفقة ورحمة، عليهم إن كانوا صادقين بحق في رفع المعاناة عن هذا الشعب أن يوفروا جهودهم ويبقوا على أطعمتهم التي لا يحصل ذوو الحاجة إليها على شيء منها، لأنها لا تصل من الأساس إليهم وإن وصلت تصل بعد وفاتهم أو فوات أوانها أو مقابل تنصيرهم، وأن يضغطوا بدل ذلك- وهم كما رأينا قوة لا يستهان بهم- على رؤساء وحكومات بلادهم ليكفوا عن هذا الشعب المغلوب على أمره شرهم ويرفعوا عنه أيديهم ويخرجوا من تلك البلاد التي جاءوا لنهب نفطها وثرواتها ولفرض هيمنتهم عليها بعد استعمارها وإذلال أهلها.
وإذا كانت تلك هي بركة الاحتلال، قد تمثلت في كتائب التنصير، فعن بركته في التغلغل اليهودي داخل بلاد الرافدين حدث ولا حرج، وقطعاً للشك باليقين نسوق من شهادتهم وضمن اعترافاتهم ما كشفت عنه صحيفة (النيويوركر) الأمريكية من مخطط إسرائيلي يهدف إلى تفتيت العراق وجمع معلومات استخبارية واغتيال قادة المقاومة الشيعية والسنية وإقامة دولة كردية في الشمال، فقد ذكرت الصحيفة أن الخطة (B) التي اعتمدتها المخابرات الإسرائيلية، تشير إلى كل ما ذكر وتنادي بالتعاون مع الأكراد في إقامة دولتهم، وتقضي لتحقيق ذلك بتدريب الكوماندوز الأكراد للقيام بعمليات خاصة داخل الأراضي السورية والإيرانية والتركية والتركسانية لصالح إسرائيل تشمل التجسس على البرنامج النووي الإيراني تمهيداً للتخلص منه على غرار ما فعلته مع المفاعل النووي العراقي في عام 1981وأن رجال من الموساد قد دخلوا بالفعل بعض هذه البلاد بجوازات سفر غير إسرائيلية وعلى أنهم رجال أعمال لتحقيق ما تم التخطيط له والاتفاق عليه.
كما كشفت جهات أمنية تركية رفيعة المستوى مؤخراً في تقرير لها نشرته صحيفة (جمهوريت) التركية ونقلته عنها صحيفة الأسبوع القاهرية في 22/ 11/ 2004 وأوردته إذاعة الرياض عن سياسات إسرائيل التي تهدف بمساندة من الاحتلال الأمريكي إلى العمل على فصل شمال العراق، وقيام تل أبيب منذ صيف عام 2003 بشراء مبان وأراضي- اعتماداً على نص توراتي يتعلق بتوصيف الأراضي المقدسة لليهود- بلغت6000متراً في مدينة كركوك إضافة لشراء500 منزلاً في محافظة الموصل وألفي متراً وثلاثين مبنى في أربيل، وأفاد التقرير أن إسرائيل قد ضاعفت- مستغلة سوء ورداءة الأوضاع هناك- من حجم تبادلها التجاري مع العراق، وكانت صحيفة (هاآرتس) الإسرائيلية قد نقلت عن الحاخام (أرفيننج السون) في عددها الصادر في الأحد 24/ 11/ 2004أن عدداً كبيراً من الضباط والجنود اليهود منهم القناص (مارك افينين) حفيد أكبر الحاخامات اليهود في أمريكا قد قتلوا على أيدي المقاومة العراقية في الفلوجة، وأن الحاخام (أرفيننج) الذي عاد من هناك إلى أمريكا وقدر عدد المنضمين من اليهود بما يقارب 1000 خلاف من يؤثر- لمزيد من الإخلاص- عدم إظهار هويته، وقدر عدد الحاخامات بـ 37موزعين على القوات الجوية والبحرية، وأفاد أن العديد منهم احتفل على أنقاض الجثث العرقية وأشلاء الأطفال بعيد رأس السنة اليهودية.. حث المزيد من الشباب والحاخامات اليهود على الانضمام إلى الخدمة العسكرية على اعتبار أن الموت في العراق شهادة لهم خاصة أن أغلبهم متدينون ويقرأون الكتب الدينية اليهودية، والغريب أن يحدث هذا في الوقت الذي يمنع فيه الشباب المسلم في البلاد المجاورة بحكم الجيرة وأخوة العروبة والإسلام أن يناصروا إخوانهم ضد هذا الاحتلال الجاثم على صدر مسلمي العراق الحبيب.
كما سبق لجريدة الأهرام المصرية في 9/ 7/ 2004أن تحدثت في صدر صفحتها الأولى وفي مقال لرئيس التحرير عن حقيقة التواجد الإسرائيلي والدور الذي تقوم به في أرض العراق وفقاً لما جاء مدعماً بالوثائق على ألسنة مسئولين أمريكيين، وقد خلص تقريرهم إلى وجود خبراء للاستخبارات الإسرائيلية يهدفون إلى الوصول إلى المعتقلين الذين كانوا أعضاء في الاستخبارات العراقية والذين كانوا يختصون بالشئون الإسرائيلية، كما توصلوا إلى وجود خطة إسرائيلية ترمي إلى تفتيت الكيانات العربية، وحسب ما جاء في صحيفة (ديلي ستار) الملحقة بـ (الهيرالد تريبيون) فقد أمدت إسرائيل الأمريكيين بآليات ونظم تعذيب لانتزاع الاعترافات من أسرى ومعتقلي السجون العراقية حتى بات العسكريون الأمريكيون يستمعون بعناية فائقة إلى خبراء إسرائيليين للتزود بخبراتهم في التعامل مع المقاومة الفلسطينية واللبنانية.. وعملاً بمبدأ أن الفعالية في انتزاع الاعترافات ينبغي أن تكون لها الأسبقية على احترام مقتضيات الديمقراطية وحقوق الإنسان، فقد أقيمت تدريبات مشتركة أمريكية إسرائيلية في صحراء النقب، الأمر الذي يؤكد أن سوء المعاملة في سجن أبو غريب ليس من فعل بعض الشواذ كما يروج البعض، وإنما هو جزء من مخطط بسبيله أن يعمم بين الجنود وفي جميع السجون العراقية والأفغانية.
وكانت إسرائيل قد أظهرت منذ بداية الأزمة العراقية تأييداً كاملاً للولايات المتحدة حينما كانت تشن حملة ضخمة داخل أروقة الأمم المتحدة تمهيداً للحرب ضد العراق، وكان الاعتقاد السائد آنذاك أن إسرائيل تؤيد أمريكا في الحرب حتى تتجنب التهديدات العراقية مستقبلاً، ومع تأكيد معظم القادة الإسرائيليين على أن بلادهم لا تتعرض لخطر حقيقي من جانب العراق، فإن تأييدهم للولايات المتحدة يرجع إلى رغبة إسرائيل في أن تكون شريكة لواشنطن فيما يسمى بالحرب ضد الإرهاب وفي محاولة الربط بين العراق وأنشطة حركتي حماس والجهاد الإسلامي في الضفة وغزة حتى تعطي نفسها الحق في أن تستمر في احتلالها وعدوانها على الأراضي الفلسطينية، وهي من وراء كل ذلك تخفي الرغبة في تحقيق حلمها في إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، وما محاولات السعي المستميتة وغير الموفقة بمشيئة الله لتغيير العلم العراقي، إلا سيراً في هذا الاتجاه وإلا خير شاهد على ذلك وإلا خطوة في إخضاع العراق للهيمنة اليهودية.
لقد تحدث ساسة الغرب في كل مناسبة بالعداء الأسود غير المبرر للإسلام ولنبي الإسلام وطفحت بذلك شبكات الإنترنت وكتب الغرب، يقول المستشرق (كانتول سميت) في كتابه (الإسلام في التاريخ الحديث): "إلى أن قام (كارل ماركس) وقامت الشيوعية، كان النبي محمد هو التحدي الوحيد للحضارة الغربية الذي واجهته في تاريخها كله، وإنه لمن المهم أن نتذكر كم كان هذا التحدي حقيقياً، وكم كان يبدو في بعض الأوقات تهديداً خطيراً حقاً"، ولكل منصف أن يدرك مدى حنق الحضارة الغربية على الإسلام وأهله عندما يعرف أن (سميت) الذي سقنا عبارته يعد في الأوساط العلمية أحد المعتدلين، ولا ندري ما يكون عليه الحال عند المتعصبين والحانقين؟.
وإذا كان هناك عدد من كتاب الغرب وعلى رأسهم (صموئيل هنتنجون) صاحب كتاب (صراع الحضارات)، و(فرانسيس فوكاياما) صاحب كتاب (نهاية التاريخ) وغيرهما قد بشروا بعهد تنتصر فيه الحضارة الغربية على حضارة الإسلام، فإن قادة بوزن (ريتشارد نيكسون) راح يؤكد في كتابه (الفرصة السانحة) الذي صدر منذ عدة سنوات على أن الإسلام قد أضحى هو العدو الرئيسي للغرب بعد سقوط الشيوعية وانهيار الاتحاد السوفيتي، كذا دون إبداء سبب سوى انهيار الشيوعية.
وفي إطار هذه الحملة المحمومة وغير المبررة على الإسلام والمسلمين أكد عضو مجلس النواب البريطاني (جورج جالوب) في حوار نشر في العديد من الصحف البريطانية والأمريكية بتاريخ 9/ 3/ 2003 على "أن الحرب الأمريكية على العراق ستكون مقدمة لحروب أمريكية جديدة على عدة دول عربية وإسلامية"، وقال مضيفاً: "إن أمريكا وبريطانيا ستعملان بعد تدمير العراق على زعزعة دول عربية وإسلامية أخرى بهدف تغيير الأنظمة في هذه الدول وتقسيمها إلى دويلات هزيلة"، وقال: "إنني أستغرب كيف يجلس أي حاكم عربي مرتاحاً على كرسيه في هذه الأجواء"، وأضاف: "إذا كان ثمة بقية من كبرياء لدى قادة الدول العربية فينبغي أن يقفوا ويعارضوا مسألة التغيير في العراق"، يا للخزي والعار!! .. وقال: "إن بوش وبلير يفكران بعد ذلك في تغيير نصوص القرآن"، ولعل هذا ما يفسر لنا مبادرة (أنيس شورش) بعد طباعة ونشر ما أسماه بـ (الفرقان الجديد) بإرسال نسخ منه إلى الرئيس الأمريكي بوش وأعضاء الكونجرس ومجلس الشيوخ الأمريكي لاعتماده رسمياً في كافة مواقع الإدارة الأمريكية والأخرى المتعاملة مع المسلمين، الأمر الذي ساهم في توزيعه على السفارات العربية والإسلامية في كل من باريس وواشنطن ولندن والعديد من المنظمات والهيئات الإسلامية والعربية بتاريخ 17/ 4/ 2004وإلى جميع الدوريات والمجلات التي تطبع في القدس ولندن فيما بعد.
ومن خلال ما ذكرنا من حقائق يتكشف لدى أي منصف أن الإسلام الذي جاء بأعظم حضارة عرفتها الإنسانية أضحى مستهدفاً، وأن ما يفعله أعداء الإسلام بالمسلمين الذين أضحوا بتخليهم عن ثوابت دينهم- التي يأتي في المقدمة منها الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين- كالأيتام على مائدة اللئام ... هو في الصميم من قبيل صراع الحضارات، ومن شديد ما يؤسف له أن جميع هذه القوى المعادية على اختلاف توجهاتها، أخذت مواقفها المعادية للإسلام دون قراءة واعية له ولا معرفة لقيمه ومبادئه، وقد أداها ذلك لأن تنكر فضله على العالمين وتشوه صورته وتتعامى عن حضارته التي طبقت شهرتها الخافقين، كما أداها عداؤها للإسلام لأن تتظاهر- بجهالة وعن عمد- بالعجز عن أن تتعايش أو أن توفق أوضاعها مع أمته التي تفوق في تعدادها خمس سكان الأرض، وكان المبرر الوحيد لها في معاداتها هو- إلى جانب الحقد- عدم وجود من تعاديه بعد انهيار الشيوعية.
نقول ذلك وننوه به ليعلم المسلمون كيف تداعت علينا الأمم، وتحققت فينا نبوءة نبينا صلى الله عليه وسلم؟ وكم هي الفخاخ التي نصبت لهم وهم يغطون في ثبات طويل ونوم عميق؟ وكم هي الفتنة التي يتعرض لها إخوانهم في الدين في حاضرة الخلافة العباسية وهم في غفلة من الزمن؟ وكم هي المحنة التي يعاني منها مسلمو العراق ولا يحركون رغم كل ما يجري لهم ساكناً ولا يذكرونهم حتى بالدعاء ورفع أكف الضراعة إلى الله حتى يزيل الغمة عن هذه الأمة؟ (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)، صدق الله مولانا العظيم.
 

بلاد الرافدين

  • الفلوجة
  • رسائل وبيانات
  • في عيون الشعراء
  • من أسباب النصر
  • فتاوى عراقية
  • مـقــالات
  • منوعات
  • الصفحة الرئيسية