صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







خطبة الجمعة
لا مكان للإحباط، حتى بعد سقوط بغداد ثانية

هيثم بن جواد الحداد

 
الخطبة الأولى

الحمد لله ذي العرش المجيد، الفعال لما يريد، يكور الليل على النهار، ويكور النهار على الليل، لا معطي لما منع، ولا مانع لما أعطى، ، الأوَّلِ فلا شَيْءٍ قبله، الاخِرِ فلا شَيْء بعده، الظَاهرِ فلا شَيْء فوقه، الباطِن فلا شَيْءً دُونه، المحيطِ عِلْمَاٍ بما يكونُ وما كان، يُفْقِرُ ويُغْنِي، ويفعلُ ما يشاء بحكْمتِهِ كلَّ يَوْم هُو في شان.
وأشهد ألا إله الله وحده لا شريك له، له ملك كل شيء، ولا يخرج عن أمره أي شيء، سبحانه عدد خلقه، سبحانه رضاء نفسه، سبحانه زنة عرشه، سبحانه مداد كلماته.
لا إله إلا الله يرفع ويخفض، لا إله ألا الله يعز ويذل
لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض، رب العرش العظيم
اللهم صلى على خير خلقك، وأفضل أنبيائك، سيد الأولين والآخرين، وإمام الأنبياء والمتقين،
من جاهد في سبيلك، وامتحن فصبر، وأوذي فما زاده ذلك إلا إيمانا وتسليما
لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ {196} مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ {197} لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللّهِ وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ {198} آل عمران
الله أكبر، اللهم أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ما أعظم هذه الخطوب التي نعيشها، الله أكبر ما أفدحَ هذه المصائب التي نكابدها، أحزان وغموم، قهر وذل، ألم يقطع نياط القلوب تقطيعا، وهم يفتت كبد الحرِّ فتّا.
حال مهين ووضع مزري، رحماك ربناك رحماك ...
اللهم ارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرا منها، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرا منها.
هل شهد التاريخ مثل هذا، هل سطر تاريخنا صفحات من بؤس كتلك التي نعيشها،
نعم سطر وسطر، بل سطر ما هو أشد من هذا، كتب التاريخ يوما فظائع حلت بهذه الأمة، لم تحل قبلها، ولن تحل بعدها، ومن الغريب أن هذه الفظائع حلت بنفس البلد الذي ننعي فيه اليوم مصابنا، ونحتسب فيه مصيبتنا.

يامسلمون قوافي الشعر لو جمعت ......... في ألف ملحمةٍ لن ينطفي لهفي
لن تُعذروا من قرى بغداد إذ نكبت ......... لن تعذروا من ربى كركوك والنجفِ
لن تعذروا من سهول الفاو إذ سقطت.......وقد شغلتم بجمع المال والتحفِ
في أم قصرٍدماء العز قد سفكت .............. وأنتم في نعيمٍ وارفِ الترفِ
يامسلمون ألا فاحموا عقيدتكم ............ وسطروا نخوة الإسلام في صحفي
سيهزم الجمع يابغداد فاصطبري..............إن يصرف الله عنك السوء ينصرفِ

يصف ابن الإثير تلك الفترة العصيبة التي مرت بها الأمة في ذلك الوقت والتي تشبه حال أمتنا في هذه الأيام فيقول (ولقد بلي الإسلام والمسلمون في هذه المدة بمصائب لم يبتل بها أحد من الأمم،
منها هؤلاء التتر قبحهم الله أقبلوا من المشرق ففعلوا الأفعال التي يستعظمها كل من سمع بها
ومنها خروج الفرنج لعنهم الله من المغرب إلى الشام وقصدهم ديار مصر وملكهم ثغر دمياط منها، حتى أشرفت ديار مصر والشام وغيرها على أن يملكوها لولا لطف الله تعالى ونصره عليهم.
ومنها أن الذي سلم من هاتين الطائفتين – أي التتر والفرنج - فالسيف بينهم مسلول والفتنة قائمة على ساق، فإنا لله وإنا إليه راجعون، نسأل الله أن ييسر للإسلام والمسلمين نصرا من عنده فإن الناصر والمعين والذاب عن الإسلام معدوم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال) انتهى كلام ابن الإثير
في تلك الحقبة من التاريخ والتي ابتدأت مع ولوج القرن السابع الهجري كان حال المسلمين من التشرذم والضياع شبيه إلى درجة كبيرة بحال الأمة الإسلامية في هذه الأيام، ولهذا حل بها من الفظائع ما يحل بنا في هذه الأيام.
أيها المؤمنون: ثم يصف المؤرخ ابن الإثير في كتابه الكامل خروج التتر سنة سبع عشرة وستمائة، على بلاد المسلمين بوصف مؤثر يصور حجم المأساة، ويصف عمق المصيبة، وفداحة الخطب، وتأمل أيها السامع، وانظر إلى هذا الكلام وكأن ابن الإثير يصف حال بلاد المسلمين في هذه الأيام، وتسلط هذه الدولة الظالمة على رقابهم، قال رحمه الله ( لقد بقيت عدة سنين معرضا عن ذكر هذه الحادثة استعظاما لها، كارها لذكرها، فأنا أقدم إليه رجلا وأؤخر أخرى، فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين، ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك،
فياليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا،
إلا أني حثني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها وأنا متوقف، ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعا، فنقول هذا الفعل يتضمن ذكر الحادثة العظمى والمصيبة الكبرى التي عقمت الأيام والليالي عن مثلها، عمت الخلائق وخصت المسلمين، فلو قال قائل: إن العالم مذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم إلى الآن، لم يبتلوا بمثلها لكان صادقا،
فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها.
ومن أعظم ما يذكرون من الحوادث ما فعله بختنصر ببني إسرائيل من القتل وتخريب لبيت المقدس، وما البيت المقدس بالنسبة إلى ما خرب هؤلاء الملاعينُ من البلاد، التي كل مدينة منها أضعاف البيت المقدس،
وما بنو إسرائيل بالنسبة إلى من قتلوا، فإن أهل مدينة واحدة ممن قتلوا أكثر من بني إسرائيل، ولعل الخلق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم وتفنى الدنيا إلا يأجوج ومأجوج.
وأما الدجال فإنه يبقي على من اتبعه ويهلك من خالفه، وهؤلاء لم يبقوا على أحد، بل قتلوا النساء والرجال والأطفال، وشقوا بطون الحوامل، وقتلوا الأجنة،
فإنا لله ولإنا اليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لهذه الحادثة التي استطار شررها وعم ضررها وسارت في البلاد كالسحاب استدبرته الريح.
ثم يصفهم قائلا ( وأما ديانتهم فإنهم يسجدون للشمس عند طلوعها ولا يحرمون شيئا، فإنهم يأكلون جميع الدواب حتى الكلاب والخنازير وغيرها، ولا يعرفون نكاحا بل المرأة يأتيها غير واحد من الرجال فإذا جاء الولد لا يعرف أباه. ..) انتهى كلام ابن الإثير
أيها المؤمنون هذا وصف ابن الإثير لهؤلاء التتر ولم يكن قد رأى ما فعلوه عندما اجتاحوا بغداد وأسقطوا الخلافة العباسية، وقتلوا الخليفة، لكن ابن كثير الذي عاش بعد تلك الفترة وصف اجتياح تلك القوى الهمجية بلاد المسلمين، واحتلالهم لعاصمة الخلافة بغداد فيقول (وكان الجماعة من الناس يجتمعون إلى الخانات ويغلقون عليهم الابواب، فتفتحها التتار إما بالكسر وإما بالنار، ثم يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى أعالي الامكنة فيقتلونهم بالاسطحة حتى تجري الميازيب من الدماء في الازقة، فإنا لله وإنا إليه راجعون
ثم يقول (وكذلك في المساجد والجوامع والربط ولم ينج منهم أحد سوى أهلِ الذمة من اليهود والنصارى ومن التجأ إليهم، وإلى دار الوزير ابن العلقمي الشيعي الرافضي، ثم يقول ابن كثير (وقد اختلف الناس في كمية من قتل ببغداد من المسلمين في هذه الوقعة فقيل ثمانمائة ألف وقيل ألف ألف وثمانمائة ألف وقيل بلغت القتلى ألفي ألف نفس، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ثم يقول رحمه الله (وكان دخولهم إلى بغداد في أواخر المحرم وما زال السيف يقتل أهلها اربعين يوما وكان قتل الخليفة المستعصم بالله أمير المؤمنين، وقتل معه ولده الاكبر أبو العباس أحمد، ثم قتل ولده الاوسط أبو الفضل عبدالرحمن، وأسر ولده الاصغر مبارك، واسرت أخواته الثلاث، وأسر من دار الخلافة من الأبكار ما يقارب ألف بكر فيما قيل والله أعلم فإنا لله وإنا إليه راجعون
ثم قال ويا لهول ما قال (وكان الرجل يستدعي به من دار الخلافة من بني العباس فيخرج باولاده ونسائه فيذهب به إلى المقبرة فيذبح كما تذبح الشاة، ويؤسر من يختارون من بناته وجواريه، وقتل الخطباء والأئمة وحملة القرآن وتعطلت المساجد والجماعات والجمعات مدة شهور ببغداد.
وأراد الوزير ابن العلقمي قبحه الله ولعنه - وكان شيعيا جلدا رافضيا خبيثا - أن يعطل المساجد والمدارس والربط ببغداد ويستمر بالمشاهد ومحال الرفض وأن يبني للرافضة مدرسة هائلة ينشرون علمهم بها فلم يقدره الله تعالى على ذلك بل أزال نعمته عنه وقصف عمره بعد شهور يسيرة من هذه الحادثة وأتبعه بولده فاجتمعا والله أعلم بالدرك الأسفل من النار، نسأل الله أن تكون هذه عاقبته، وعاقبة أحفاده من الشيعة الرافضة الذين خانوا المسلمين، ووالوا أعداء الدين، وسلموا البلاد طواعية للمعتدين.
ثم يقول ابن كثير (ولما انقضى الامر المقدر وانقضت الاربعون يوما بقيت بغداد خاوية على عروشها ليس بها أحد إلا الشاذ من الناس والقتلى في الطرقات كأنها التلول وقد سقط عليهم المطر فتغيرت صورهم وأنتنت من جيفهم البلد وتغير الهواء فحصل بسببه الوباء الشديد حتى تعدى وسرى في الهواء إلى بلادا لشام فمات خلق كثير من تغير الجو وفساد الريح فاجتمع على الناس الغلاء والوباء والفناء والطعن والطاعون فإنا لله وإنا إليه راجعون
ولما نودى ببغداد بالامان خرج من تحت الارض من كان بالمطامير والقنى والمقابر كأنهم الموتى إذا نبشوا من قبورهم وقد أنكر بعضهم بعضا فلا يعرف الوالد ولده ولا الأخ أخاه وأخذهم الوباء الشديد فتفانوا وتلاحقوا بمن سبقهم من القتلى واجتمعوا تحت الثرى بأمر الذي يعلم السر وأخفى، الله لا إله إلا هو له الاسماء الحسنى.
لسائل الدمع عن بغداد أخبار فما وقوفك والأحباب قد ساروا
علا الصليب على أعلى منابرها وقام بالأمر من يحويه زنار
هذا الذي جرى أيها المؤمنون في ذلك الحدث الجلل، وما أشبه الليلة بالبارحة
في البارحة جاءت هذه الجحافل للإستيلاء على بلاد المسلمين بعدما أنست منهم ضعفا وخورا، وجبنا عن الجهاد وبذل النفوس والمهج من أجل إعلاء كلمة الله، فاحتلت ذلك البلد المسلم، وأعملت فيه السفك والنهب والخراب.
واليوم أقبلت هذه الجيوش الجرارة بقضها وقضيضها لاحتلال بلد من بلاد المسلمين، بعد أن علمت علم اليقين أن المسلمين أولوا زمامهم لمن خان الله ورسوله، فنكس رايات الجهاد، وعطل الأمر بالمعروف، ونشر الرذيلة، وأباح الفسوق.
بغداد يا صرح الحضارة في الـورى فلتسلمي والخـائـنـون لك الـفــدا
بـغـداد يا دار الرشــيــد تجلدي لا هنت بل هان العميل ومن غدا
نـعــــلاً لأمــريـــكا وشرطياً لها متذللين وبـعـضــهـم صـاروا يدا
يـتــســـابقون لنصرها حتى غدا رمـــز الجـــهاد مطارداً ومشردا
فلقد ذكــــــرت أبا رغال بفعلهم والـعـلـقـمــيّ أراه عـاد مـجـددا
في البارحة سجل التاريخ مواقف الخزي التي سودت صفحات تلك الحقبة يوم أن حفظ أن رجالات من المسلمين ذبحوا كما تذبح النعاج، دون أن يصدر منهم أي مقاومة للمعتدي المحتل، وأن نسائهم أخذن سبايا يلعب بهن علوج التتر، ويهتكون أعراضهن.
واليوم يسجل التاريخ وقد امتلء كرها لما سجل في صحائفه، أن اشباه الرجال من المسلمين قاموا إلى علوج أهل الصليب يباركون لهم هذه الفعلة، ويقبلون وجوههم ويبادؤونهم بالورود.
في البارحة سقطت بغداد، ونحر المسلمون في أزقتها، ليتلذذ بتلك المشاهد الوزير ابن العلقمي الرافضي الخبيث، في خيانة وقحة، سجلها التاريخ بمداد من دم، وأحرف من ظلام، وكلمات من بؤس.
واليوم سقطت بغداد وذبح المسلمون على أبوابها، ليرشف الرافضة كؤوسا من دماء أهل السنة هناك، فيشعروا بنشوة السكر التي أعمت بصائرهم عن عقاب رب شديد العقاب
يا عباد الله: يا أمة الإسلام، كفانا بكاءا على موتانا، كفانا نحيبا على ما جرى، هل انتهى كل شيء، هل أسقط في أيدينا، هل دارة الدائرة علينا، هل أشرفت هذه الأمة على الهلاك، أيتركنا التاريخ ويمضي، هل نستسلم حتى تذبح الأمة من الوريد إلى الوريد، هل نحني رقابنا، هل ننكس روؤسنا، هل نجر خيبة ذلنا، هل نستمرئ عارنا.
لا، لا ، وألف لا
أسمعتم يا مسلمون
أسمعتم يا مسلمون،
أسمعت أيها العالم
أسمعتم أيها العلوج
أسمعتم يا عباد الصليب
أسمعتم أيها المجرمون
أقولها لا ، لا وألف لا
لن أركع أبدا لن أركع
إن سلبوا أرضي لن أركع
إن هدموا بيتي لن أركع
إن قتلوا طفلي لن أركع
إن سفكوا دمي لن أركع
لن أركع أبدا لن أركع
سـأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى
فإمـا حياة تســرالصـديق وإما ممـات يغيـظ العـدا
ونفس الشـريف لها غايتـان ورود المنايـا ونيل المنـى
وما العيشُ-لا عِشْتُ- إن لم أكن مخوف الجناب حرام الحِمَى
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
استغفروا ربكم يا عباد الله

الخطبة الثانية

الحمد لله بيده الخير والشر، وعنده النفع والضر، يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المؤمنون:
فلو إن إنسان عاش تلك الفترة لظن أن تاريخ المسلمين قد انتهى، وأن نجمهم أفل، وأن شمس المشرقة غربت بلا رجعة، محنة عظيمة مرت بهم، سقطت خلافتهم التي هي رمز وجودهم، وعنوان عزتهم، قتل آلاف مؤلفة من أبنائهم، ودمرتهم مدائنهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ثم ما ماذا؟
ما هي إلا سنتين اثنتين فقط، ويفيق المسلمون من غفلتهم، وينتهضوا عزائمهم وتثور حميتهم فتدور رحى معركة طاحنة بين المسلمون وبين من، بين هؤلاء الوحوش الضارية التي أكلت الأخضر واليابس في بغداد، ليهزمهم المسلمون هزيمة ساحقة ويكسروا شكوتهم إلا أبد الآباد، فلم تقم لهم بعد ذلك قائمة ألبتة، إلا مكان من مناوشات صغيرة، هزموا كذلك على إثرها، هزمهم المسلمون في معركة عين جالوت سنة ثمان وخمسين بعد المائة السادسة، بقيادة القائد المظفر قطز، رحمه الله، ورحم من مات معه من المسلمين، ولعل الله ييسر لنا خطبة عن هذه المعركة التي أنارت وجه التاريخ ولمعت في ثنايا المجد.
ملكنا هذه الدنيا القرونا وأتبعها جدود خالدونا
وسطرنا صحائف من ضياء فما نسي الزمان وما نسينا

عباد الله: إن مما يؤسف له أن كثيرا من المسلمين الآن يروا ما يحيق بالمسلمين، ها هي ثلاث دول مسلمة محتلة احتلالا عسكريا، فلدينا فلسطين المحتلة، ثم أفغانستان المحتلة، وفي قلبنا وبين جوانحنا العراق المحتل، ناهيك عن الاحتلال المعنوي والثقافي التي تعاني منه كل بلاد المسلمين.
كثير من المسلمين أيها الإخوة أصيب بالإحباط وأسقط في يده، حتى كأنه يرى أنها نهاية العالم، لقد اختزلوا تاريخ العالم الإسلامي كله، ومجده كله، وعزه كله، في سنوات عجاف تمر بها الأمة الإسلامي في هذه الأيام نتيجة بما كسبت أيدينا.
أرجعوا إلى التاريخ أيها المسلمون، واستقرؤوا التاريخ، كم من السنين حكمنا العالم، وكم من السنين حكم أعداؤنا العالم، خلافة راشدة، ثم دولة أموية، يتلوها دولة عباسية حتى منتصف القرن السابع الهجري ثم مرت بنا مراحل ضعف لكن سرعان ما قام المارد وأنشأ دولة حكمت المشرق والمغرب على يد العثمانيين حتى سقطت الخلافة العثمانية سنة 1917 هـ، أي قبل أقل من مائة سنة فقط
اعلموا أيها المؤمنون أن هذه الدول التي أمسكت بزمام العالم الآن، إنما هي أورام سرطانية خبيثة، لن يكتب لها البقاء، فلا تملك من مقومات البقاء إلا ضعف هذه الأمة، فإذا ما قويت هذه الأمة فلن يكون لأمة غيرها غلبة ولا منعة
أيها المؤمنون لنعلم جميعا وليعلم العالم كله أن النصر لنا مهما طالت الهزيمة، وأن الفجر آت مهما امتد الظلام.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {139} إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {140} وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ {{141} أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) ( ).
اللهم إنا نسألك في هذا اليوم المبارك، وهذه الساعة الفاضلة الكريمة، نسألك وأنت الله لا أنت نسالك ربنا وأنت على كل شيء قدير، يا من لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، نسألك يا من وسع كل شيء رحمة وعلما.
اللهم اجعل عاقبة أمر اخواننا في العراق وفلسطين وأفغانستان والشيشان نصرا قريبا، وفتحا مبينا، اللهم من أراد الكيد بهم والحيلة عليهم، اللهم فاجعل تدبيره تدميرا، واجعل عاقبة السوء عليه.
اللهم خص بذلك دولة الظلم والعدوان أمريكا، اللهم اخذلها، اللهم اشغلها عنهم بما يذهلها، يارب العالمين
اللهم إنا نسألك لإخواننا المسلمين في العراق وفلسطين أن تدفع عنهم ما لا يستطيعون دفعه، اللهم إنهم حفاة فاحملهم، جوعى فاشبعهم، عراة فاكسهم، اللهم ارحم ضعفهم، واجبر كسرهم، وآوي طريدهم، وآمن روعهم،
اللهم ربنا انتصر لهم ممن ظلمهم، الله كن لهم عونا لهم على من بغى عليهم،
إلهانا نشكوا إليك ضعف حالهم، وقل حيلتهم، وهوانهم على الناس، أنت رب المستضعفين،
إلى من تكلهم إلى بعيد يتجهمهم، أم إلى قريب ملكته عليهم، إن لم يكن بك غضب علينا فإنا لا نبالي، غير أن رحمتك أوسع لنا، اللهم فانتصر لهم، اللهم انصرهم على من ظلمهم، اللهم انصرهم على من بغى عليهم،
اللهم إن بالمسلمين في كل بلاد الإسلام من تسلط الكافرين، وبغي الظالمين، وطغيان المتجبرين، ما يحيط به إلا علمك، وما لا نشكوه إلا إليك،
اللهم اجعل للمسلين في فلسطين، والشيشان، والعراق، والجزائر وتونس والصومال وكل أرض من أرض الإسلام، اللهم اجعل لهم مما هم فيه فرجا ومخرجا، اللهم نفس كربهم، وانتصر لهم ممن ظلمهم وبغى عليهم
اللهم عليك بهذه الدولة الباغية الظالمة ، اللهم اجعل ولايتها دولا، والبس أهلها شيعا، ومزقها كل ممزق.
اللهم انا نشكوا إليك ظلمها وبغيها وكيدها، واستخفافها بالمسلمين، اللهم اشف منها صدور المسلمين واذهب غيظ قلوبهم

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

بلاد الرافدين

  • الفلوجة
  • رسائل وبيانات
  • في عيون الشعراء
  • من أسباب النصر
  • فتاوى عراقية
  • مـقــالات
  • منوعات
  • الصفحة الرئيسية