صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







كيف تكون داعية إلى الله في موسم الحج؟!

 موقع المسلم

 
خلال الأيام الروحانية التي يعيشها المسلمون في موسم الحج، وبعيداً عن المصالح الشخصية الصرفة والأطماع المادية، تتوحد أنفاس الملايين من المسلمين في بقعة صغيرة من العالم، اختارها الله -عز وجل- لتكون مكاناً تهوي إليه أفئدة الناس، وتطوف عند بيت الله الحرام.

وفي هذه الأيام التي حددها الله -سبحانه وتعالى- من كل عام هجري، تصطف قلوب العباد للواحد الديان، تطلب منه الغفران والرحمة والرزق والجنة والعتق من النار، وتقبل على الطاعات والعبادات تستزيد منها... فتستأنس القلوب بالسكينة، وتغشاها الطمأنينة, فتكون أقرب ما تكون إلى السمع والطاعة، والانصياع للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وفي هذه الأيام، يأمل الكثير من الناس أن يكونوا دعاة إلى الله، يهدون الضال، ويعلمون الجاهل، ويأخذون بيد المسيء، ويزيدون من علم المؤمن، ويكثرون حسنات العابد، ويلينون قلب القاسية قلوبهم.
وللدعوة إلى الله في هذه الأيام أشكال وأنواع، تختلف حسب الحاجة إليها، وتتميز بخصوصية الموسم الذي تنتشر فيه.

خصائص موسم الحج:
لأيام الحج خصائص معينة تتميز فيها عن غيرها من الأيام الأخرى، ومنها ينطلق الداعية إلى الله في عمله، بحيث يغتنم ما توفره هذه الأيام من بركات، ومن هذه الخصائص أنها:
1- أيام يجتمع فيها مئات الآلاف من الناس من مختلف الدول الإسلامية والعالمية، ويكثف وجودهم في رقعة صغيرة في الأرض.
2- أن المسلمين في الحج يأتون طلباً للأجر والمثوبة من الله، وبالتالي فهم مقبلين على الطاعات، ومنفتحين على الدعوة ومتقبلين للنصح الديني.
3- في هذه الأيام تتنوع الأعمال الصالحة من ذكر وتلاوة قرآن وسعي وطواف وهدي ورجم وصلاة، وغيرها. فيكون المسلمون متفرغين للعبادة، ومنقطعين عن مصالح الدنيا.
4- يكثر البذل من قبل أهل الخير والصلاح في تقديم كل ما يحتاجه العمل الدعوي والخدمي والمعرفي للحجاج, ما يكسب العمل الخيري دفعاً ومساندة.
5- تزول في بيت الله العتيق، الفروقات الدنيوية بين الناس، فلا تميّز بين غني وفقير، ولا بين رئيس ومرؤوس. فيتوحدون في العمل والأمل، والملبس والمسكن.

وهذه من الأمور التي يجب أن يضعها الدعاة في حسبانهم خلال عملهم في هذا الموسم المبارك، فيضعون الخطط الدعوية وفقاً لهذه الخصائص، ويبنون عليها مشاريعهم الخاصة والعامة.

دعوة النبي صلى الله عليه وسلم للناس في الحج:
خلال السنوات التي مكثها النبي -عليه الصلاة والسلام- في مكة المكرمة قبل انتقاله للمدينة المنورة، كان يعكف على دعوة الناس إلى الإسلام، ويحثهم على الدخول تحت ظل الدعوة، والتمسك بحبل الله. وكان لا يفتر ولا يمل من الدعوة، خلال موسم الحج، الذي تتوافد فيه القبائل العربية إلى مكة المكرمة قبل دخولها إلى الإسلام.

ورغم الأذى الذي كان يلحقه -صلى الله عليه وسلم- من بعض كفار مكة خلال موسم الحج، إلا أنه كان يسعى حثيثاً في نشر الدعوة الإسلامية بين الناس، ويتحمل استهزاء البعض، وأذى البعض الآخر، في سبيل توصيل ولو آية من آيات الله -عز وجل-.

وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم-، أنه كان يصلي أمام الناس في مكة، وهم يستغربون فعله، وكان يذكر الله -تعالى-، ويرفع صوته في تلاوة القرآن الكريم على مسامع الناس، من أجل تبليغ الرسالة. كما في قصة الطفيل بن عمرو الدوسي.

وبعد أن فتح الله له قلوب وبيوت الناس، ودخل الإسلام إلى شبه الجزيرة العربية، ودانت قبائل العرب بالإسلام، انتهز -عليه الصلاة والسلام-، اجتماع الناس في الحج بمكة المكرمة، في حجة الوداع المشهورة، فأبلغهم وأوصاهم، وأمرهم ونهاهم.

وكانت خطبة الوداع، من أروع ما سطره -صلى الله عليه وسلم-، من العمل بالدعوة في موسم الحج، عندما صعد على مكان مرتفع، وخطب في الناس، وقال فيما قال -صلى الله عليه وسلم-: " أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، أيها الناس، إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، كل عمل الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين".

ومن بعده، انتهج الخلفاء الراشدون والسلف الصالح مبدأ الدعوة إلى الله خلال موسم الحج، مغتنمين اجتماع الناس، وتفرغهم للعبادة، وانقطاعهم عن مصالح الدنيا، فكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقضي بالحق بين الناس المتخاصمين في مواسم الحج، ويطلب من أمرائه في الأمصار أن يشاركوه الحج، فيستمع منهم، وينصحهم ويعظهم.

وكان الخليفة هارون الرشيد إذا حج، صحبه الفقهاء والمحدثون، لعقد جلسات للعامة والخاصة، وتفقيه الناس بأمور دينهم، ودعوة الناس إلى المعروف ونهيهم عن المنكر.

أنواع الدعوة إلى الله في الحج:
تختلف أنواع الدعوة إلى الله في الحج، باختلاف الأسلوب، وإن توحدت في الهدف والمقصد.
فمن أنواع الدعوة، الدعوة الفردية الشخصية، والدعوة المنظمة التابعة لجهات معينة أهلية، والدعوة العامة التي تنظمها الجهات الحكومية.

ورغم أهمية الدعوات الحكومية والمنظمة، إلا أن الدعوة الفردية يبقى لها أثر كبير وفعال بين الناس لأسباب عديدة، منها:
1- أنها تبتكر أساليب وأنماط متعددة، حسب فكر كل شخص، ولا تتأطر في حدود معينة يمليها التخطيط المسبق للدعوة.
2- أنها تأتي من أناس متفاعلون بشكل مباشر مع الحجاج، ويتعاملون معهم بشكل مباشر، دون أن تكون هناك حواجز يمليها التنظيم للبرامج الدعوية.
3- أنها تنبع من أناس ينتمون للوسط الذين يدعون إلى الله فيه، وبالتالي فهم مشتركون معهم في العمل والعبادة والحركة والمسير والركوب في الباصات، وغيرها.
4- إمكانية الدعوة إلى الله في مختلف الأوجه والأشكال، بسبب وجود الداعية مع الحجاج في أعمالهم كلها، وبالتالي يمكنهم تقديم النصح والإرشاد وتذكيرهم بالله في جميع الشعائر التي ينفذونها في الحج.
5- أن الحجاج قد يتقبلون الدعوة والنصح من أناس معهم أكثر من البرامج الأخرى، بسبب سهولة الاستماع لهم، وعدم الحاجة إلى الذهاب إلى حيث تنظم المحاضرات والندوات وغيرها.

بالإضافة إلى العديد من الأسباب التي تتناسب مع كل حالة من حالات الدعوة إلى الله.

كيف أدعو إلى الله في الحج:
يتمنى الكثير من الناس أن يكونوا دعاة إلى الله خلال موسم الحج، من أجل كسب الأجر والمثوبة، وزيادة العمل الصالح لهم، ونفع المسلمين القادمين من مشارق الأرض ومغربها فيما ينفعهم ويصلح أعمالهم، ونشر التعاليم الصحيحة للدين الإسلامي، وإبعاد الناس عن كل ما قد يشوب الحج من أعمال بدعية ناجمة عن الجهل أو التعاليم الغير صحيحة.

ولكن قد يحتار البعض في الطريقة التي تمكنه من الدعوة إلى الله في هذا الموسم، وقد تحبطه عن هذا العمل الصالح، الذي يحتاجه المسلمون خلال هذه الأيام المعدودة.

ويمكن الاستفادة من بعض الأفكار في هذا المجال، ومنها:
1- خلال رحلتك إلى الحج، حاول أن تحمل معك عدداً من الكتيبات والمطويات التي تتضمن معلومات مفيدة عن الحج، وبعض الأدعية المأثورة، وعن الفرائض والآداب الإسلامية المتنوعة، وعن التوحيد والعقيدة. وحاول توزيعها على أكبر قدر ممكن من الناس هناك، واعمل على توزيعها في أماكن مختلفة، كي يستفيد أكبر قدر ممكن من الناس من تلك المطويات، وإن تيسّر لك الحصول على مطويات بلغات أخرى غير العربية، فاحملها معك، ووزعها على المسلمين القادمين من الدول الغير عربية، وفي هذا المجال يروي أحد الإخوة الذين سافروا إلى الحج عن قصة حصلت معه، يقول: " ذهبت إلى الحج لأول مرة في حياتي، وحاولت أن أتعلم معظم الأمور الخاصة بالحج، ولكن تفاجأت هناك ببعض الأمور التي لم أعرف التعامل معها، كالتصرف مع الحجر اليماني، هل أقبله أم ألمسه. فسألت عن ذلك، فلم يسعفني إلا شاب من دول عربية أخرى، أعطاني مطوية فيها بعض محذورات الحج، فقرأت فيها أنه يسن لمس الحجر اليماني فقط دون تقبيل، ودون تمسح.

2- يقوم بعض القادمين من عدة دول، بممارسة بعض العادات والتصرفات التي لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية، والتي تعد مخالفة للتعاليم الإسلامية، بسبب الجهل وبعض الاعتقادات الخاطئة، وفي الحج ستكون الفرصة مناسبة جداً لتقديم معلومات للزائرين حول حرمة هذه التصرفات، وشرح التعاليم الإسلامية الحقيقية في ذلك. خاصة وأن معظم المسلمين في دول العالم، يثقون بآراء وبفتاوى العلماء من أهل العلم والصلاح، لذلك سيكون تقبلهم لهذه الأفكار أسهل في مكة لذلك، فإن على المسلمين مسؤولية وواجب هام فيما يتعلق بتبيان رأي الدين الإسلامي حول هذه التصرفات والممارسات الخاطئة. يقول أحد القادمين من مصر للحج: " حج والدي قبل عدة سنوات، وبعد عودته روى لنا حادثة حصلت معه، وقد علقت بذهني وتعلمتها منه، فقد كان يقف بجانب الحرم المكي ويدعو الله -عز وجل-، ويبتهل إليه، ويستعين بـ "السيد البدوي" في دعائه، فوقف بجانبه رجل صالح وسلّم عليه، وأخبره أنه لاحظ ملاحظة ويريد أن يفيد والدي لوجه الله -تعالى-، فتقبل والدي ذلك بصدر رحب، فأخبره الرجل عن البدعة التي يعتقدها والدي في التبرك "بالسيد البدوي" وحرمة ذلك في الإسلام، وأنه من باب الإشراك بالله -عز وجل-، وبيّن له بعض الآثار السابقة، كالرجال الصالحين من قوم نوح وكيف تحول الناس لعبادتهم بعد موتهم. فاتعظ والدي منه، وشكره. فالرجل يستحق الشكر على ما بينه لنا من خطأ كنا نقع به كلنا، كاد أن يهلكنا.

3- تذكير الناس خلال بعض الأوقات، بأهمية الذكر والتكبير وقراءة القرآن، وعدم الانشغال عن عبادة الله -عز وجل- في هذه الأيام الفضيلة والساعات المحددة، التي قد لا تتجاوز الخمسة أيام. حيث يلاحظ انشغال كثير من الناس بالأحاديث المطولة، التي قد تدخل في أعراض الناس وفي النميمة عليهم، وقد ينشغل الآخرون بالشراء والتسوق من المحلات المقامة هنا وهناك، وبالتدخين في الحج، فيأتي هنا دور المسلم الواعي الداعي، بأن ينبه الناس إلى أن هذه الأيام القليلة المباركة ستنقضي بعد وقت قصير، ولن يكون من السهل العودة إلى نفس المكان، والوقوف بنفس الموقف، فيجب الاستفادة من هذه الساعات بأكبر قدر ممكن من العمل الصالح. وهذه الطريقة في الدعوة منتشرة كثيراً -ولله الحمد-، فلطالما شاهد الحجاج أحد الصالحين، يقف ويقرء الحجاج السلام، ويحمد الله -تعالى-، ويصلي على النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وينصحهم بكلام قليل مختصر، فيه فائدة وتذكير. وهي طريقة فيها فائدة عظيمة، فالإنسان مجبول على الخطأ والتقصير والنسيان والانسياق وراء ما يحدث معه، لذلك فإن التذكير والخطبة الصغيرة تعيد للحجاج إحساسهم بالوقت الفضيل الذي يقضونه، فيعودون إلى صالح العمل. فيقع الأجر لهم وللداعية.

4- الكثير من الحجاج قد لا يعلمون تماماً ما هي الأركان الكاملة للحج، وما هي الأمور المستحبة هناك، وما يسن القيام به. ويستعينون بالمطوف الذي قد تفوته هذه الأمور، أو قد لا يكون على دراية كاملة بهذه المسائل. فيأتي هنا دور الداعية لشرح بعض الأركان الخاصة بالحج، وتوضيح بعض السنن المستحبة، وتوجيه الناس إلى أفضل الأعمال وأصلحها. كرفع الصوت في التكبير والتهليل، والاكتفاء بالإشارة إلى الحجر الأسود بحال تعذر الوصول إليه وتقبيله، والدعاء عند الشرب من ماء زمزم، ووجوب رمي الحجرات السبعة في المكان المخصص لها تحديداً بحيث تسقط في الحوض، وغيرها.

5- تقديم بعض الهدايا والأشرطة الصوتية والمطويات للحجاج خلال موسم الحج، من أجل الاستفادة منها بعد الرجوع من الحج إلى بلادهم. وهذه من الأمور الجليلة التي تعطي للداعية بعداً آخر يستفيد منه، بأن لا تنحصر دعوته بالأمور المتعلقة بالحج، وأن تكون شاملة للعديد من أوجه الدعوة الصالحة. كما أن أهل الحاج في معظم الدول العربية والإسلامية يترقبون عودته، ويقبلون على ما لديه من كتيبات وأشرطة ومطويات بجدية وبانشراح صدر، فهي القادمة من مكة المكرمة، فيكون تأثيرها واسع، ويقرأها عدد كبير من أهل الحاج، فيستفيدون منها، وتزرع فيهم الأمور الصالحة.

6- الاشتراك في بعض الحملات بهدف خدمة الحجاج، ونصحهم وإرشادهم، وتوعيتهم في معظم أمور حجهم. خاصة إذا كان الإنسان طالب علم.

7- دعوة الناس إلى أماكن المحاضرات والدروس التي تقام في منى، وتنبيههم إلى أهمية المحاضرات، وإرشادهم إلى أماكنها.

8- قد يصادفك من يسأل في منى عن بعض الأمور الشرعية، وقد تكون لست أهلاً للفتيا، فالواجب هنا عدم تقديم فتوى بدون دليل شرعي، ويفضل إرشاد الناس إلى كبائن الفتاوى، وتزويدهم بأرقام هواتف العلماء من أجل الحصول على إجابة شرعية.

بالإضافة إلى العديد من الأفكار التي قد يجد المسلم أنه قادر على تنفيذها في الحج، وقادر على إيصال رسالة دعوية من خلالها إلى الحجاج هناك، في أي وقت وأي مكان.

على أن الدعوة إلى الله لا تنحصر في موسم الحج فقط، ولا تنحصر في أشخاص معينين، بل هي عمل صالح يناسب الجميع، ويتوجب على كل الناس القيام به، فالدين نصيحة، كما أخبر الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-، وهي أمر واجب شرّعه الله -عز وجل- في كتابه الكريم بقول: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ"(النحل: من الآية125).

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

مختارات الحج

  • صفة الحج
  • يوميات حاج
  • أفكار الدعوية
  • رسائل للحجيج
  • المرأة والحج
  • المختارات الفقهية
  • أخطاء الحجيج
  • كتب وشروحات
  • عشرة ذي الحجة
  • فتاوى الحج
  • مسائل فقهية
  • منوعات
  • صحتك في الحج
  • أحكام الأضحية
  • العروض الدعوية
  • وقفات مع العيد
  • مواقع الحج
  • الرئيسية