صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







نصرة المسلمين في فلسطين واجب شـرعي على جميع المسلمين

الدكتور إسماعيل عبد الرحمن


بسم الله الرحمن الرحيم


يتحدث فضيلة الشيخ الدكتور إسماعيل عبد الرحمن عن نصرة المسلمين فيقول :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..وبعد ,
فقد أهمني وأحزنني أن أرى إخوة لنا في العقيدة تهان كرامتهم وتنتهك حرماتهم ويبكون أمام أعيننا من المغضوب عليهم قتلة الأنبياء أشد الناس عداوة للمسلمين اليهود الذين أحكموا قبضتهم الحديدية على المسجد الأقصى الذي سيطروا بأنفاقهم على أرضه السفلية وآذوا قبة الصخرة بكناسهم الخرابي ( كنيس الخراب ) وفي المقابل انعدام الوزن التأثيري لأمة الإسلام وتخاذل بعض المسلمين وسلوكهم لدرب السلبية التامة واللامبالاة. ولذا أردت أن أوضح حكم الشرع في نصرة إخواننا في فلسطين فأقول مستعينا بالله وطالبا منه العون والتوفيق والسداد ...
قد يظن البعض من المسلمين أنه مادام مؤديا لأركان الإسلام ومحافظا على الصلوات الخمس في جماعة ومؤديا زكاة ماله للفقراء والمساكين ومداوما على تكرار الحج والعمرة ووصولا للرحم ونحو ذلك من الواجبات الشرعية تجعله في حل من نصرة أخيه المسلم في أي مكان .
هذا الفكر يسيطر اليوم على البعض منا حتى وجدنا سلبية تامة تتمثـل في عدم نصرة المظلوم حتى ولو كان غير مسلم فما بالك بالمسلم , وليس ذلك فحسب بل هناك درجة أعلى في السلبية وهي عدم الاكتراث والاهتمام بأمور المسلمين .

وواجب على أهل العلم أن يصححوا هذه المفاهيم الخاطئة وأن يذكروا المسلمين بأدنى حقوق الأخوة في الإسلام وبيان حكم الشرع في هذه النصرة وهذا ما سنحاول توضيحه بإذن الله تعالى فيما يلي :

• حكم الشرع في نصرة المسلمين في أي مكان وخاصة فلسطين .

للوقوف على حكم الشرع في نصرة المسلمين في أي مكان ومنهم الفلسطينيين نستعرض أولا بعض الأدلة التي تحدد نوع العلاقة بين المسلم وأخيه ومن ذلك ما ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى : " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون " .(سورة الحجرات الآية 10)
وقوله تعالى : " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما " (سورة الفتح الآية 29)
ومن السنة المطهرة حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، ونهانا عن سبع: أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإبرار المقسم، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام. ونهانا عن خواتيم -أو تختم- بالذهب، وعن شرب الفضة، وعن المياثر الحمر، وعن القسي، وعن لبس الحرير والإستبرق والديباج " . (متفق عليه ).
وقوله صلى الله عليه وسلم :" انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال: رجل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنصره إذ كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟! قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره" ( أخرجه البخاري)
ومما تقدم يتضح من هذه النصوص الشرعية أن المسلم أخ للمسلم وله حقوق عند أخيه وضحتها السنة المطهرة منها نصرة المظلوم , وهذه النصرة للمسلم وردت في السنة المشرفة بصيغة الأمر ( أمرنا ) ( انصر ) والأمر عند الأصوليين للوجوب ما لم ترد قرينة تصرفه إلى غيره وهنا لم ترد قرينة تصرفه عن هذا الأصل ولذا كان الأمر بنصرة المسلم المظلوم للوجوب والواجب آثم تاركه مثاب فاعله .
ومما تقدم تكون نصرة المسلمين لإخوانهم في كل مكان ومنها فلسطين واجبة شرعا وليست نافلة أو تطوعا أو إحسانا .

ومما يؤكد وجوب النصرة للمسلم على المسلم أن التارك لها واقع في محظورات شرعية عديدة أهمها ما يلي :
1- عصيانه لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بتحقيق الأخوة بين المسلمين بما فيها نصرتهم .
2- خذلانه لأخيه المسلم وهو منهي عنه ومحظور عليه ففي الحديث : " المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله – لا يترك نصرته - كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه التقوى هاهنا بحسب امريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم " (أخرجه الترمذي وقال حديث حسن ونحوه عند مسلم ), وفي حديث آخر : " ما من امريء مسلم ينصر امرءا مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصره , وما من امريء خذل مسلما في موطن ينتهك فيه حرمته إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته " (أخرجه المنذري وحسنه وكذا ابن حجر رحمهما الله تعالى ).
3- تسليم أخيه المسلم لعدوه وتركه له لينفرد به دون خوف أو اعتبار لكثرة المسلمين لأنهم غثاء كغثاء السيل فقلة من اليهود دنست الأقصى وقتلت المسلمين وأذاقتهم ألوانا من الذل والهوان على مرأى ومسمع من العالم كله عامة والإسلايم خاصة ومع ذلك فلم نستطع أن نحمي إخواننا منهم وكأننا شاركنا في تسليمهم إليهم وهذا ما نهانا عنه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه – أي إلى عدوه – من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة "
( متفق عليه ) .
4- أن انتمائه إلى أمة الإسلام والمسلمين انتماء شكلي وصوري وليس حقيقيا لأن الانتماء الحقيقي هو تفعيل هذه الأخوة تفعيلا عمليا يجعل الأمة جسدا واحدا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ، مثل الجسد . إذا اشتكى منه عضو ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " . ( أخرجه مسلم )
وفي نفس الوقت يكون سالكا دربا يجعله غير جدير بشرف الأخوة الإسلامية .
ولا يفوتنا أن ننوه أن التارك لأي حق من حقوق أخيه المسلم سيتعرض للمساءلة عن ذلك من رب العزة جل وعلا فقد ورد في الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: يا رب! كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟!، يا ابن آدم، استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب! وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم، استسقيتك فلم تسقني، قال: يا رب! كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي " ( أخرجه مسلم ) .
هذا الحديث القدسي تضمن ثلاث صور للتقصير في حق المسلم كانت محلا للعتاب الإلهي ويقاس عليها عدم نصرتهم ومساعدتهم بل إنها في هذه الحالة أولى بالعتاب مما تقدم .

• كيف نؤدي هذا الواجب الشرعي نحو إخواننا في فلسطين .

حدد النبي صلى الله عليه وسلم كيف نؤدي هذا الواجب في هذا الحديث الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم : " جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم " (أخرجه أبو داود بإسناد صحيح ) وقال صلى الله عليه وسلم : " من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا " (متفق عليه) .
وقال صلى الله عليه وسلم : " من أنفق نفقة في سبيل الله كتب له سبعمائة ضعف" (أخرجه الترمذي وقال حديث حسن) .
وبعد كل ما تقدم فاليوم يستطيع المسلمون أن ينصروا إخوانهم المستضغفين في فلسطين بالجهاد معهم ضد هذا العدو بالمال واللسان ويدخل فيه القلم وكل وسائل الإعلام لأن دور الإعلام الإسلامي والعربي نحو هذه القضية لا يتناسب مع الحدث ولا مع الدور الذي يقوم به إعلام عدونا الإسرائيلي .
نحقق لهم النصرة أيضا بكل شكل من أشكال المساعدة والتأييد ونحقق النصرة لهم أيضا بالدعاء الجماعي والفردي وذلك أضعف الإيمان ولم ولن يعفى منه مسلم أو مسلمة لأنه في مقدور الجميع .
اللهم انصر إخواننا المستضعفين في كل مكان اللهم انصر إخواننا في فلسطين اللهم خلص الأقصى من الغاصبين ورد كيد اليهود الحاقدين واغفر اللهم لنا تقصيرنا في حق إخواننا في فلسطين سبحان رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
ألا هل بلغت اللهم فاشهد . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .


الشيخ الدكتور إسماعيل عبد الرحمن
أستاذ أصول الفقه المشارك
بجامعتي الأزهر الشريف والملك سعود
www.alazhary2.blogspot.com


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
فلسطين والحل
  • مقالات ورسائل
  • حوارات ولقاءات
  • رثاء الشيخ
  • الصفحة الرئيسية
  • فلسطين والحل