صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الوصايا الإلهية في الإجازة الصيفية

د.ناصر بن يحيى الحنيني

 
الحمد لله الواحد العزيز الوهاب ، موفق العباد لما ينجيهم من أليم العقاب ، وما يكون لهم ذخراً يوم الحساب ، والصلاة والسلام على خير خلق الله المصطفى الأواب ، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الحساب ما بعد :
أيها المسلمون ، من أعظم نعم الله على العبد أن يوفق للخير والطاعة ، وأن يوفق لكل ما يحبه الله ويرضاه ؛ بل هو دليل على رضاء الله عن العبد ، ومن وجد ذلك فليحمد الله وليخلص في عمله ويزيد منه ،
{ والذين اهتدوا زادهم هدىً وآتاهم تقواهم } ، وإن من المواسم التي ينقسم فيها الناس في كيفية الاستفادة منها موسم الإجازة الصيفية حيث توفرُ الوقت الكبير مع قلة المشاغل ، وراحةُ البال ، وفي بعض الأحيان وفرةُ المال ، فالتوفيق والتسديد في استغلال هذه الإجازة منحة ربانية،وأعطية إلاهية ،نسأل الله أن لا يحرمنا وإياكم منها ، وحتى نكون ممن وفق وسدد لاستغلال هذه الإجازة على الوجه المرضي، علينا بالرجوع إلى الوصايا التي أوصانا بها مولانا في كتابه أ و على لسان رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، وإليكم هذه الوصايا المعينة والتي بإذن الله تكون سبباً في التوفيق والتسديد في هذه الإجازة وهي ليست جامعة لكل شيء ولكل لعلها ذكرت بعض المهم مما يجب فنقول وبالله التوفيق ومنه الإعانة والتسديد :

الوصية الأولى : قال سبحانه :{ ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله } وصية الله للأولين والآخرين للكبار والصغار والرجال والنساء وللأغنياء والفقراء لكل أحد ، تقوى أيها المؤمنون :أيها الشباب ينبغي أن تكون ملازمةً لنا في سفرنا وحضرنا ،في برنا وبحرنا وجونا، في السوق والمنزل ،والعمل والشارع،وفي أماكن الترفيه وأمام الشاشات ، وفي المهرجانات ، وفي قصور الأفراح والاستراحات لاتنس أخي المسلم وصية ربك في خضم الفرحة والسرور، واعلم أن الذي أنعم عليك بهذا الفرح يستطيع أن يسلبك إياه في لحظة واحدة وفي غمضة عين، فعليك بتقوى الله التي بها تزيد النعم وترفع النقم، بأن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية باتباع أوامره واجتناب نواهيه ولنتق الله حق التقوى ، وهي التي قال عنها ابن مسعود : " أن يطاع الله فلايعصى ، ويشكر فلا يكفر ، وأن يذكر فلا ينسى"أ.هـ {يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }.

الوصية الثانية : جاء في الأثر الصحيح : ( اغتنم خمساً قبل خمس ، حياتَك قبل موتك ، وصحتَك قبل سقمك ، وفراغَك قبل شغلك ، وشبابَك قبل هرمك ، وغناك قبل فقرك).
هذه الوصية الجامعة لكل خير تدور حول أمر واحد وهو استغلال الحياة والعمر في طاعة الله وما يقرب من الله قبل أن تحول بينك الحوائل وتعوقك العوائق ، فيا من تتمتع بالصحة والعافية والوقت والشباب والغنى تذكر نعمة الله عليك ولا تفرط فيها واغتنم هذه الفرص التي إذا ذهبت لن تعود ، فإذا ذهب الشباب فلا يعود وإذا جاء الموت فلا رجعة ، اغتنم هذه الإجازة والفراغ قبل أن تأتي الشواغل فلا تستطيع التقرب و لا العبادة والاستفادة ، وإليك بعضَ المقترحات التي قد تساهم في شغل الوقت والفراغ فيما يعود علينا بالنفع إذا كان الإنسان جاداً وصادقاً وقد عقد العزم على الاستفادة منها ، ومن هذه المقترحات:
أولاً : شغل الوقت بكتاب الله ، إما بالتسجيل في حلق تحفيظ القرآن للكبار والموظفين والشباب والصغار والنساء ، ومحاولةُ الاستفادة وحفظُ كتاب الله واتقانُ تلاوته حتى ننال أعلى الدرجات ونقرأه كما يريده ربنا جل وعلا ، أخي الحبيب لعلك تتقبل منى هذا العتاب ولا يكن في صدرك حرج علي ، أليس من النقص والعيب أن تصبح شاباً يافعاً وقد تكون تدرس في إحدى المدارس الثانوية أو إحدى الجامعات ، أو تكونَ رباً لأسرة وأبناء ، وأنت لا تستطيع قراءة القرآن القراءة الصحيحة ، وإذا ما كُلِّمت تقول: لا أجد الوقت ، إن شغل ساعات عمرك في كتاب الله هي من أفضل القربات وأعظم الحسنات وأكثرها فالله الله فإن الذي يتلو القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة ،
وهمسة أخرى إلى من يقرأ القرآن ولكنه لم يحفظه وتمر عليه السنوات وهو يفرط في هذا الفضل العظيم ، نقول ولله الحمد انتشر في الآونة الأخيرة الدورات المكثفة لحفظ القرآن كاملاً أو نصفه خلال أشهر الإجازة ، فما أعظمها من غنيمة باردة تقدم بين يديك وتقضي على التسويف الذي أضاع عمرك ، وتذكر قول نبيك الكريم صلى الله عليه وسلم :
(خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) وقوله : (أقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه ) .
ثانياً: استغلال الإجازة بتحصيل العلم النافع فإن طلب العلم وتعلم العلوم الشرعية من أعظم القربات فقد قال صلى الله عليه وسلم : (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة ) ، ويقول : صلى الله عليه وسلم  : (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ) فإذا وفق الإنسان لطلب العلم هذا دليل على توفيق الله ورضاه عنه ، وقد يسر الله لنا في هذه الإجازة الدروس والدورات العلمية المكثفة في المساجد في غالب المدن ولله الحمد والمنة ، فيا أخي احرص على هذه العبادة العظيمة التي لم يأمر الله نبيه أن يطلب الزيادة من شيء سوى العلم فقال جل وعلا : ( وقل رب زدني علماً ) ، والآن هذه الدروس في المساجد وتسجل وتباع في التسجيلات وتبث في بعض وسائل الإعلام الحديثة وغيرها، فياأخي المسلم اجعل هذه الإجازة نقطة تحول لك ولعائلتك ولأبناءك وأنت أيها الشاب عليك بالجد واستغلال الوقت فيما ينفع أما يكفي ما مضى من أعمارنا .
ثالثاً : المراكز الصيفية والأنشطة الثقافية والمخيمات الصيفية التي تقام في بعض الأماكن السياحية ، فاحرص أيها الشاب يامن تشتكي من الفراغ على شغل وقتك فيما يعود عليك بالنفع وينمي مهاراتك ويصقل شخصيتك حتى تكون عضواً نافعا لنفسه ودينه وأهله ومجتمعه .
رابعاً: مجاورة بيت الله الحرام والمسجد النبوى والإكثار من ذكر الله والطاعة .
خامساً: المبادرة بعقد دوريات بين الأقارب والجيران والأصحاب واستضافة بعض الدعاة وطلاب العلم لعقد مجالس للعلم والدعوة وذكر الله ولا بأس من الترفيه عن النفس بالمباح ومتابعة المفيد النافع في المجلات النافعة.
سادساً: الحرص على شغل الوقت في اكتساب بعض المهارات والحرف التي تنفعك أيها الشاب في مستقبلك القادم مما يزيد في فرص العمل الوظيفة لك ، كتعلم الحاسوب والمهارات والعلاقات العامة وغيرها مع عدم الغفلة عما سبق ذكره .

الوصية الثالثة : يقول سبحانه : { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} وَقَالَ سبحانه : {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} ، أيها الأخ المبارك ، من أعظم ما يتعرض له المسلم في الوقت الحاضر ويزداد في أوقات الإجازة النظر إلى ما لايحل والذي يكون سبباً في الوقوع في المحرمات بل وفي الفواحش الكبيرة في بعض الأحيان –أعاذنا الله وإياكم منها - ، فيجب على الإنسان أن يمتثل أمر ربه فيغض بصره عن كل ما حرم الله ويجتنب الأماكن التي تكون سبباً في الوقوع في ذلك وإليك بعضاً منها :
أولاً : الحذر من التمادي والغفلة في النظر إلى الشاشات و القنوات فكم هتكت من ستر البيوت وأعراض العفيفات ، وكم هيجت من الشهوات الكامنة ، فاحذر أخي أن تلقي بنفسك إلى التهلكة والطريق الموحشة .
ثانياً : كثرة التسكع في الطرقات والأسواق مما يكون مظنة لكثرة النظر للغادين والرائحين فاحرص يارعاك الله على عدم الجلوس في الطرقات، وكثرة النزول للأسواق من غير حاجة فإن الشيطان يرفع رايته في السوق وهي أبغض البقاع إلى الله الوقت الطويل فهو مما يعرضك للفتنة .
ثالثاً : الحذر من تتبع المواقع المحرمة عبر الإنترنت والافتتان بالصور التي تعرض فهي زيادة على تهييجها للغرائز وحثها على الوقوع في الزنا واللواط وغيرها فإنها تورث الأمراض النفسية المستعصية كما صرح بذلك بعض الأطباء النفسانيين حتى في بلاد الغرب، واحذر أن تكون عبداً لهواك وشهوتك ، وجاهد نفسك بارك الله فيك ومن ترك شيئاً عوضه الله خيراً منه .
رابعاً : البعد عن الأماكن المختلطة كبعض الملاهي وأماكن الترفيه والتسوق والمهرجانات ، فإن فيها من الشر العظيم ما لا يعلمه إلا الله .

وأخيراً أوجه نصيحة إلى أولياء الأمور وأقول : ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) فتنبه لما ذكرناه سابقاً واحرص على حفظ زوجك وبناتك أولاً عن الذهاب إلى الأماكن التي تعرضهم للفتنة والافتتان بهم ، واحرص بارك الله فيك على متابعتهم ومعرفة ما يلج وما يخرج من بيتك فإن الشيطان لم يمت وكتب الله له الخلود إلى قيام الساعة والمعصوم من عصمه الله .

الوصية الرابعة : قال جل وعلا:{ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله } ويقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم  : (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ ) ويقول أيضاً : (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ) .

أيها المسلمون : هذه عبادة عظيمة افترضها الله على الأمة كلها (من رأى منكم ) وهي تهم الأمة كلها لأن نجاتها وقت الفتن والأزمات وعند حلول المصائب والمدلهمَّات مرتبط بقيام الأمة بهذه الفريضة من عدمها ، وتزداد أهمية الأمر والنهي وتعظم الحاجة إليه في أوقات الإجازات حيث تكثر المنكرات والوقوع في المحرمات ، فأنت أيها الأب المبارك والشاب الموفق مأمور بالأمر بالمعروف لكل أحد ونصحه وتوجيهه والمساهمة في الدعوة إلى الله بقدر ما تستطيعه من جهد وكلمة ونشر شريط أو كتاب أو دعوة عالم أو طالب علم لشغل أوقات الناس بالخير ، وكذلك نحن مأمورون بالنهي عن المنكر في الأسواق والإنكار على كل أحد ، وفي الشوارع على كل من تجاوز حدود الله وفي البقالات والتموينات التي تبيع ما لايرضي الله من المجلات وغيرها فهي مسؤوليتنا جميعاً ، ومن الأماكن التي ينبغي التواصي بالأمر والنهي فيها أماكن الأفراح والقصور والاستراحات ، فكم من عورة كشفت وكم من صوت للشيطان قد ارتفع ولا من منكر ، فالله الله بالإنكار حتى لا نعاجل بالعقوبة وسلب النعم التي نعيشها ، وكذلك أماكن اللهو والترفيه والأنكار على أصحابها الذين لا ينظرون إلى ما يغضب الله بقدر ما ينظرون إلى الربح المادي هدانا الله وإياهم لكل خير.
ليكن شعارنا في هذه الإجازة قول ربنا جل وعلا :
{وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين} أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
استغلال الإجازة
  • الأنشطة الصيفية
  • مشـروعات للإجازة
  • رسائل
  • الأسرة والإجازة
  • الفتاة والإجازة
  • السفر وآدابه
  • منوعات
  • أحكام العمرة
  • الصفحة الرئيسية