صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







نظرات في ملحوظات الكاتبين
إبراهيم السكران وعبد العزيز القاسم
على مقررات مناهج العلوم الشرعية في التعليم

    اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

د/ سليمان بن صالح الغصن
الأستاذ المشارك بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة
بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
قد اطلعت على مذكرة أعدها الكاتبان/ إبراهيم السكران، وساعده عليها/ عبدالعزيز القاسم في نقد أسلوب ومحتوى مقررات العلوم الشرعية في التعليم العام.
وبعد قراءتها أحببت أن أكتب بعض ما لاحظته عليها بإيجاز – حسب ما سمح به الوقت – لعل الله أن ينفع به، ولعل الكاتبين الكريمين يجدا فيما كتبت ما يدعوهما إلى إعادة النظر ومراجعة ما سطراه في المذكرة المشار إليها.
سائلاً المولى – جل وعلا – الهداية والسداد، وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، وأن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
 

هذا وقد جعلت الملحوظات في قسمين: إجمالية وتفصيلية على النحو التالي:

أولاً: الملحوظات الإجمالية العامة:
يمكن إيجاز أهم الملحوظات العامة بما يلي:
1- إن المذكرة التي اطلعت عليها بتراء لم تبدأ بذكر اسم الله – تعالى – ولا بالصلاة والسلام على رسوله الكريم، وهى في إطار معالجة المقررات الشرعية فهي بهذا حقيقة بأن تكون مقطوعة البركة في جملتها.
2- إن القارئ لهذه المذكرة يعجب بأسلوبها الرفيع، ويبهر بقدرة الكاتب على القراءة الموجهة التي تستطيع انتزاع ما تريده من الشواهد المؤيدة لوجهة النظر.
3- يلحظ أن الكاتب استشهد ببعض المقاطع من المقرر منزوعة عن سياقها الذي يبين المراد بها.
4- حذف الكاتب من بعض الشواهد التي ذكرها أول الكلام أو آخره الذي يوضح معناه.
5- اجترأ الكاتب على نقد عبارات واردة عن بعض السلف الصالح من الصحابة – رضي الله عنهم – ومن تبعهم، بل وعلى مفهوم بعض الأحاديث كما يأتي بيانه.
6- تناول الكاتب نقد عبارات وأمثلة المقرر، ولم يتعرض لتوجيه النصوص التي اعتمد عليها المقرر إلا نادراً.
7- لم يستوعب الكاتب بعض القضايا التي تناولها المقرر مما جعله يخوض فيها برؤية بعيدة عن نصوص ومقاصد الشرع، آلت به إلى نتائج غريبة، كما أن عدم استيعابه لبعض التقسيمات وتنوع الحالات جعله يرمي المنهج بالتناقض.
8- عند المقارنة بين المذكرة والمقررات يلحظ أن الكاتب صادر مفهوم المقرر في كثير من المواطن وغالط في مراده، فأنتج إجحافًا في أحكامه واتهاماته.
9- أهمل الكاتب النظرة الإجمالية المنصفة للمقررات، فلم يذكر من محاسنها إلا ما يدل على تناقضها واضطرابها – من وجهة نظره – وذلك حين يزعم أن هذا المعنى الحسن الذي قرره المنهج جاء ما ينقضه أو يخل به في موطن آخر.
10- ذكر الكاتب أن من وسائل تقويمه للمنهج معرفة مدى استيعابه لمجمل النصوص والقواعد وعدم انحيازه لمعنى دون آخر – والملاحظ أن الكاتب وقع فيما اتهم به المنهج، فلم تكن نظرته التقويمية منطلقة من مجمل النصوص الشرعية، بل أغفل الكلام على كثير من النصوص التي اعتمد عليها المنهج، ودعا صراحة إلى عدم تقرير التفاصيل التي بها يحصل تحرير المواقف وضبط الأحكام، كما يلحظ على الكاتب انحيازه لتقرير قناعات موجودة لديه، فقراءته للمنهج كانت توجهها خلفية سابقة ومنطلقات منهجية، ولذا لم يكلف نفسه الإجابة على كثير من النصوص التي اعتمد عليها المقرر.
11- ذكر الكاتب أنه راجع المقررات من خلال ستة من وسائل التقويم الفقهية، والعجيب أن النتيجة كانت رسوب المنهج في تجاوز أي منها، فقد لحظ الكاتب أن المنهج لم يعتن بشيء منها، بل وقع في التناقض والاضطراب حين تناولها، والأعجب من ذلك أن الكاتب ذكر أن ما توصل إليه من خلل في المنهج لم يكن خللاً منفردًا، بل كان كما سماه نظريات تحرك عناصر المنهج، فهو خلل في الرؤية، وليس في الأخطاء الجزئية العارضة !
12- كثر غمز الكاتب لمنهج السلف الصالح من خلال نقده للعبارات المأثورة عنهم، وجعل الخلاف بينهم وبين خصومهم وردهم عليهم معارك فكرية سياسية بعبارات تهويليه، وأن هذا الموقف من أصحاب الانحرافات العقدية مناقض لقواعد حقوق المسلم وحسن الظن به، وأن عرض مواقف السلف تجاه أهل البدع على الطلاب قد يفهم منه مشروعية القمع العنيف للمخالف، كما زعم أن القول بأن الشرك الأكبر يوجب العداوة بين صاحبه والمؤمنين منقول عن مصادر مولودة في ظروف استثنائية لا تصلح أن تكون قاعدة عامة لمناقضتها جملة من الأسس الشرعية، وأن الاعتماد على مثل هذه المراجع أوجد اضطراباً هائلاً في تنظيم الأولويات كما ورَّط الطالب في نيران معارك كلامية فكرية، كما أوحت بعض عبارات الكاتب بأن لدى المنتسبين إلى مذهب السلف الصالح زهواً بمذهبهم، ووثوقية مطلقة بعقيدتهم، وتنقصاً لعقائد المخالفين، وأظن أن قراءة مثل هذا الكلام عن الكاتب كاف في إعطاء تصور عن بعض دوافعه للكتابة في مثل هذا الموضوع.

13- ذكر الكاتب أن المقررات تجاهلت تبعًا للنظام السياسي قضايا مهمة – في نظره – كحقوق الإنسان والحريات، فهذه الموضوعات هي التي تقلقه وكأن الطالب يعيش في بلاد قمعية يحتاج فيها إلى تعريفه بحقوقه المسلوبة وحرياته المصادرة، والعجب أن الكاتب يرى أهمية مثل هذه الموضوعات للطالب في هذه المرحلة، وفي المقابل ينعى على المقرر قلقه على العقيدة، وتحذيره من الشرك والكفر، ولم يذكر المعيار الذي تعرف به أهمية الموضوع في تقديمه على غيره.

ثانيًا: الملحوظات التفصيلية:
في الحقيقة أن الرد التفصيلي على الشبهات التي أثارتها المذكرة يحتاج إلى بسط، وربما يكون في ذلك تطويل يسبب إملالاً لقارئه من غير المختصين، ولذلك سأكتفي بالرد الموجز على الملحوظات بما يبين المقصود – إن شاء الله تعالى – وسيكون ذكر الملحوظات مرتبًا حسب ورودها في المذكرة، فأقول مستعينًا بالله وحده:
1- (ص2) ذكر الكاتب أن هذا العمل – أي: نقده لمقررات العلوم الشرعية – جاء ليضبطها بأصول الشرع. أقول: في هذا الكلام تزكية للنفس واستعلاء على الآخرين، واتهام للمقررات بأنها مخالفة لأصول الشريعة.
2- (ص2) ذكر الكاتب أن المناهج لا يمكن أن تكون السبب الأساسي لتحريك العنف المسلح ضد الغرب، و في هذا اعتراف ضمني بأن مناهجنا كانت سببًا في ذلك، وإن لم تكن السبب الأساسي، وهذا الكلام كله يدور في فلك النظرة الغربية والهجمة الشرسة على مناهجنا وبلادنا.
3- (ص3) زعم الكاتب تناقض المنهج حينما دعا إلى حسن التعامل مع المسلمين وخطر تكفيرهم من جهة، ومن جهة أخرى حينما بين خلل الفرق البدعية المخالفة لمنهج السلف الصالح، والحق أنه لا تناقض بين الأمرين، فحسن التعامل مع المسلم والتحذير من تكفيره عمومًا لا يمنع من بيان انحرافه وضلاله إذا حصل منه شيء من ذلك، والضلال درجات ولا يلزم أن يكون كل ضلال كفراً كما أن انتساب المسلم للإسلام لا يعني عصمته من الانحراف والوقوع في أنواع الضلالات، إذا لم يتمثل هدي الإسلام، ويلتزم بعقائد التوحيد التي دل عليها كتاب الله – تعالى – وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم –.
4- (ص4) نقل الكاتب من مقرر التوحيد للصف الأول ثانوي عبارة " الفرق المخالفة من جهمية ومعتزلة و أشاعرة وصوفية حيث قلدوا من قبلهم من أئمة الضلال، فضلوا وانحرفوا " وفهم من هذا النص أنه اختزل أسباب الاختلاف في تقليد أئمة الضلال، وأنه سوى بين الفرق، ووصفها بالضلال والانحراف.
والجواب أن يقال:
1. إن المقرر لم يختزل أسباب الانحراف في تقليد أئمة الضلال، وإنما جعل التقليد الأعمى سببًا للانحراف، وذكره من ضمن سبعة أسباب، بين أنها من أهم أسباب الانحراف عن العقيدة الصحيحة.
2. إن المقرر لم يجعل الفرق المذكورة متساوية في الضلال، وإنما جعلها مشتركة في أحد أسباب الانحراف عن العقيدة الصحيحة وهو التقليد الأعمى للمنحرفين وهذا حق، وبهذا يتبين كيف كان فهم الكاتب المغلوط، ومصادرته لمفهوم كلام المقرر، وقطعه عن سياقه مؤديًا إلى اتهام المنهج بماهو منه براء.

5- (ص4) استنكر الكاتب وصف الأشاعرة والماتريدية بالضلال والانحراف عن منهج السلف، وهذا في الحقيقة راجع إلى أحد أمرين: إما أنه يجهل عقيدتهما ويظن أنه لا فرق بينها وبين عقيدة السلف الصالح وهذا جهل فاضح، وإما أنه يعلم انحراف الأشاعرة والماتريدية ولكنه يستعظم وصفهما بالانحراف والضلال وهذا أيضًا ناشئ من الجهل بدرجات الانحراف والضلال – وأنه لا يلزم أن يكون كل انحراف وضلال كفرًا.
 6- (ص4) نقل الكاتب عبارة عن المقرر ونصها " من نفى ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله فقد كفر " وانتقدها من أربعة أوجه:
1. أن فيها عدوانًا على جمهور علماء الأمة وأتباعهم.
2. أنه لا قائل بالتكفير في هذا المقام بهذا الإطلاق.
3. أن الطالب لا علاقة له في هذا السن – الثاني ثانوي – بدقائق أحكام التكفير هذه.
4. أن في هذا تهوينا لقواعد تعظيم التكفير وبيان خطره.
والجواب من خمسة وجوه:
1. أن الكاتب يتهم جمهور المسلمين بأنهم نفاه لما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله – صلى الله عليه وسلم –، وفي هذا الكلام جرأة وتهويل يخالف الواقع والحقيقة، فالمسلمون في عامتهم على الفطرة الموافقة للكتاب والسنة في إثبات صفات الله – تعالى – ولم ينكر ذلك إلا من تلوثت فطرته، وانحرف فكره، وفسد منهجه.
2. أن الكاتب ظن أنه يلزم من وصف المقالة بأنها كفر، أو إطلاق القول بأن من قال كذا فهو كافر ظن أنه يلزم من ذلك تكفير أعيان كل من قال بذلك، وهذا الظن مخالف لمنهج السلف الصالح الذين يفرقون بين القول والقائل، والفعل والفاعل، والتكفير بالوصف والتكفير بالشخص، فلا يلزم من كون المقالة كفرًا أن يكون قائلها كافرًا، فالتكفير له شروط وموانع فقد يمنع من التكفير جهل القائل، وتأوله، وكذا الخطأ، والإكراه، كما هو معلوم.
3. أن تكفير من أنكر ونفى صفات الله – تعالى – مشهور عن أئمة السلف كما قال نعيم بن حماد – شيخ البخاري " من جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر " فكيف يزعم الكاتب بأنه لا قائل بالتكفير في هذا المقام بهذا الإطلاق.
4. أما قوله بأنه لا علاقة للطالب بهذا السن بدقائق أحكام التكفير هذه، فيقال: إن الطالب في هذه المرحلة الثانوية، من المهم أن يعلم خطر إنكار صفات الله – تعالى – وما يؤدي إليه، ثم إن هذه المسألة ليست من دقائق أحكام التكفير، بل هي من أظهرها، فهي متعلقة بأوصاف الخالق – سبحانه وتعالى – الواردة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
5. أما زعمه بأن فيها تهويناً لقواعد تعظيم التكفير فليس الأمر كذلك، فقواعد تعظيم التكفير باقية، ولكنها ليست ما نعة من تكفير من يستحق ذلك، ثم إن تقرير مثل هذه المسألة فيها تعظيم لنصوص الشرع في نفوس الطلاب، وتحذير عن الجرأة عليها بالتحريف لا سيما فيما يتعلق بصفات الله – تعالى–.
 
7- (ص4) ذكر الكاتب أن المقرر يعد التحريف كفرًا، ومع ذلك يجعل تأويلات الأشاعرة تحريفًا.
والجواب:
1. أن الكاتب لم يذكر مستنده من المقرر على أن كل تحريف كفر.
2. أن الكاتب ربط ما ادعاه بأن كل تحريف كفرًا بما ورد في المقرر من تسمية تأويلات الأشاعرة تحريفًا، والكاتب بهذا الأسلوب التلفيقي يريد أن يزرع في وعي القارئ بأن المقرر يُكَفّر الأشاعرة، وهذه النتيجة التي يريد الكاتب التوصل إليها لا تدل عليها عبارات المقرر، وإنما غاية ما فيه أن تأويلات الأشاعرة لنصوص الصفات من قبيل التحريف، وهذا حق ولا يلزم أن يكون كل تحريف كفرًا.
3. أن الكلام على تحريف الأشاعرة الذي ذكره الكاتب إنما جاء في حاشية المقرر ولم يكن في صلبه، ولذا لم تكن عبارة الحاشية محررة، حيث إنها جعلت تحريف "استوى" إلى معنى "استولى" من قبيل التحريف اللفظي، والصواب: أنها من قبيل التحريف المعنوي فهي تحريف في معاني الألفاظ وليس في اللفظ نفسه.
 

8- (ص5) انتقد الكاتب جعل إنكار شيء من أسماء الله – تعالى – أو مما دلت عليه من الصفات وتأويلها نوعًا من الإلحاد، وزعم أن في ذلك تصعيدًا للموقف الفقهي من المخالف دون انضباط، وهذا الانتقاد يثير تساؤلاً عن مراد الكاتب، فهل يريد أن يجعل المنكر لشيء من أسماء الله – تعالى – أو صفاته، المخالف لدلالة الكتاب والسنة كالمثبت لها الموافق للوحي؟ أم أنه لا يفهم من الإلحاد إلا إنكار وجود الله – تعالى –؟ ولم يعلم أن الإلحاد هو الميل عن الحق وهو درجات ولا يلزم أن يكون كل الحاد كفراً، ومثل ذلك استنكار الكاتب ما جاء في المقرر من أن " من رد شيئًا من نصوص الصفات أو استنكره بعد صحته فهو من الهالكين " مع أن هذا المعنى مستنبط من أثر ابن عباس – رضي الله عنهما – المذكور في الباب نفسه وهو قوله" ويهلكون عند متشابهة " وربما أن الكاتب لا يعلم من الهلاك إلا الخروج من الملة دون قيد أو شرط .
9- (ص5) ذكر الكاتب أن المقرر يعرض بعض ممارسات المسلمين بمبالغة وتهويل تنطلق بالخطأ إلى مستويات مشبعة بالتضليل، ثم أورد نصًا في إنكار بدعة المولد النبوي، ويلاحظ أنه حرّفه بحذف بعض الجمل التي توضح المراد، وسأذكر النص كما أورده الكاتب، ثم أبين بعض الجمل التي حذفها ليتضح المقصود.
 فالنص الذي أورده الكاتب كما يلي:
" الاحتفال بمناسبة المولد النبوي وهو تشبه بالنصارى … فيحتفل جهلة المسلمين أو العلماء المضلون … ويحضر جموع كثيرة من دهماء الناس وعوامهم ولا يخلو من الشر كيات والمنكرات، وقد يكون فيها اختلاط الرجال والنساء مما يسبب الفتنة ويجر إلى الوقوع في الفواحش … وهو بدعة أحدثها البطالون وشهوة نفس اغتنى لها الأكالون ".
ويؤخذ على الكاتب في هذا ما يلي :
حذف بعد قوله، وهو تشبه بالنصارى – عبارة " في عمل ما يسمى بالاحتفال بمولد المسيح "، وهى مهمة تبين حقيقة المشابهة.
ذكر عبارة " ولا يخلو من الشركيات والمنكرات " وحذف ما جاء قبلها وبعدها وعبارة المقرر كما يلي:
" والغالب أن هذا الاحتفال – علاوة على كونه بدعة وتشبهًا بالنصارى – لا يخلو من الشركيات والمنكرات فإنشاد القصائد التي فيها الغلو في حق الرسول صلى الله عليه وسلم إلى درجة دعائه من دون الله والاستغاثة به … "
 

فالمقرر لم يطلق بأن الاحتفال لا يخلو من الشرك والمنكرات، بل قال: " الغالب"، وفرق بين هذا وما أوهمه تصرف الكاتب في عبارة المقرر.
كما أن المقرر ضرب أمثلة للشر كيات والمنكرات التي يغلب وجودها في هذا الاحتفال، ولكن الكاتب تغافل عنها، ولم يذكر منها إلا مسألة اختلاط الرجال بالنساء، وكأن في هذا إيحاءً بأن كثيرًا من الاحتفالات بهذه المناسبة لا يكون فيها اختلاط، وبهذا يتحقق له المقصود بوصف المقرر بالمبالغة والتهويل.
كما أن عبارة " وهي بدعة أحدثها البطالون" منقولة عن الفاكهاني وليست من صياغة تأليف المقرر كما يوهم نقل الكاتب.

10-
(ص5) زعم الكاتب أن المقرر قدم قواعد للتعامل مع المبتدعين تتعارض مع القواعد الشرعية للتعامل مع المخالف، وضرب لذلك أمثلة منها " تحريم زيارة المبتدع ومجالسته "..
والجواب عن هذا من وجوه:
1. أن النصوص الشرعية دلت على البعد عن جليس السوء وعن القعود مع الذين يخوضون في آيات الله.. .
2. إن الآثار عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في التحذير من مجالسة أهل البدع والأهواء وهجرهم كثيرة معلومة.
3. إن النقل الذي ذكره الكاتب عن المقرر حذف منه أمرًا مهمًا جاء بعده وهو عبارة " إلا على وجه النصيحة له، والإنكار عليه؛ لأن مخالطته تؤثر على مخالطه شرًا " فإذا كانت الزيارة والمجالسة فيها مصلحة شرعية فلا ينهى عنها
4. إن توجه الكاتب للتهوين من ضرر المبتدع والترحيب بمجالسته يعود بالضرر على عامة المسلمين، فإذا لم ينفرا لناس من أهل بدعة التكفير مثلاً، ولم يحذروا من مجالستهم فقد يتأثروا بشبهاتهم وأهوائهم ويصيروا مثلهم.

11- (ص5) هاجم الكاتب رسالة فضيلة الشيخ/ بكر أبو زيد في " هجر المبتدع، " وزعم أنها تفتقر إلى الحد الأدنى من قواعد العدل، وأخلاق الاختلاف المقررة في الشريعة … إلى آخر ما ذكره عن الرسالة مما فيه حط من قدر علمائنا واتهام لهم في منهجهم في تناول القضايا، وإيماء بأن كتبهم لا ينبغي أن تكون أساساً يربى عليها صغار الطلاب.
12- (ص5-6) ذكر الكاتب أن المقرر أشار إلى بعض التفسيرات العدوانية للسلوك المخالف، وذلك كافتراض التواطؤ في علاقة المخالف بالمستعمر.
والجواب: إن على الكاتب أن يقرأ التاريخ ليعرف مدى علاقة بعض أهل البدع الباطنية وبعض الصوفية بل وبعض النزعات التكفيرية بالمعتدين على بلاد الإسلام من أهل الكفر.
فهل يريد من المقرر أن يزرع في وجدان الطالب حسن الظن بالعملاء لأهل الكفر ممن لاغيرة عندهم على دينهم، ولا اهتمام لديهم بمصلحة وطنهم، في مقابل مصالحهم الشخصية وطموحاتهم الذاتية، وإن تلبسوا بلباس التدين أو نادوا بالإصلاح و ادعوا الصلاح.

13- (ص6) استنكر الكاتب ما عرضه المقرر من مواقف لبعض الصحابة رضي الله عنه ومن تبعهم من رؤوس أهل البدع، ووصف ذلك بأنه تعامل عنيف مع المخالف، قد يؤدي إلى انهيار حرمة الدماء والنفوس في وجدان الشباب.
والجواب من وجوه:
1. إن ما ذكره المقرر إنما هو مواقف لسلفنا الصالح من الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم ممن هم قدوة لنا وأعلم منا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومصلحة الإسلام.
2. إن مواقف التأديب للمبتدعة المذكورة في المقرر صدرت ممن لهم ولاية فلا يرد انهيار حرمة الدماء والنفوس في وجدان الشباب.
3. هل يرى الكاتب أن ما فعله الصحابة رضي الله عنه والتابعون لهم بإحسان فيه إهدار لحرمة النفوس بغير حق، وهل يرى المصلحة في تحبيب أهل البدع للنفوس، وإيجاد الأعذار لهم أم في التحذير من سلوك طريقهم وبيان حقيقة أمرهم في الدنيا والآخرة

14- (ص6-7) انتقد الكاتب ما ذكره المقرر من وسائل لحفظ الدين. ورأى أن حماية الدين الأساسية تقوم على البرهان وجلال الله – تعالى – والفطرة والقسط والشورى والرحمة، وأرى أنه لا تناقض بين الأمرين فما ذكر في المقرر إنما جاء على سبيل التمثيل وبما يناسب المقام وما ذكر الكاتب حق ولكل مقام مقال.
15- (ص7) استنكر الكاتب مبدأ البغض في الله للعصاة ومعاداتهم، ورأى وجوب نشر المحبة والمودة بدل البغض، ولم يدرك الكاتب بأن العاصي من أهل التوحيد يجتمع في حقه الحب والبغض، فيحب من وجه ويبغض من وجه، ولا يمكن أن يتساوى من كل وجه المطيع والعاصي والصادق والكاذب، والأمين والخائن كما أنه لا تناقض بين ملاطفة العاصي وأدب الحديث معه ومعاداته، وقد يكون لكل حالة ما يناسبها من المعاملة، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بهجر ثلاثة من أصحابه، وغضب في مواقف على من خالف أمره، وهكذا الصحابة رضي الله عنه ولا يصلح أن يجعل أسلوب واحد يعامل به جميع العصاة والمخالفين بحيث لا يشعر أي واحد منهم مثلاً ببغضنا لما صدر منه، كما لا يصح أن يكون بغضنا له سببًا في عدم تألفه ورعاية حقه، ووجود المحبة له.
16- (ص7) ذكر الكاتب نقولاً عن المقرر في ذكر بعض الشركيات الواقعة في بعض بلاد العالم الإسلامي، وزعم أن فيها مجازفة برسم صورة تكفيرية شمولية عن العالم الإسلامي.
والجواب:
1. إن النقول المذكورة لم تعمم الحكم والوصف على جميع العالم الإسلامي، بل نص عبارات المقرر : " أن كثيراً من الناس " كثير من هذه الأمة " جهلة المسلمين "، ويظهر من هذه العبارات الاحتياط في الوصف وعدم تعميمه.
2. أن ما ذكر شرك ظاهر، فهل ينازع الكاتب في أن التقرب للأموات بالدعاء والاستغاثة والذبيح والنذر شرك أكبر، وأن البناء على القبور والغلو في الصالحين من وسائل الشرك ؟

17- (ص8) زعم الكاتب أن المقرر يلقي عبارات إهدار الدماء، واستباحة الممتلكات بشكل فوضوي غير منظم المعنى والمعايير، ويستدل على ذلك بما جاء في المقرر من أن" الشرك الأكبر يبيح الدم والمال " " والمشرك حلال الدم والمال".
والجواب:
إن الكاتب لم يتصور الفرق بين إهدار دم المشرك وماله من جهة، وقتله وأخذ ماله فعلاً من جهة أخرى، فالأول حكم له شروطه وموانعه، بينها المقرر نفسه، والثاني تنفيذ الحكم بعد استيفاء شروطه وانتقاء موانعه وهذا خاص بمن له ولاية .
وقد جاء في المقرر نفسه خطورة تكفير المسلم، والفرق بين التكفير بالعموم والأوصاف وتكفير الأشخاص المعينين، والذي ضبط بشروط، وذكر له موانع دلت عليها النصوص الشرعية.

18- (ص8) زعم الكاتب أن المنهج قرر إهدار دم المتهم بالشرك، واستباحة ماله ولو كان جاهلاً، واستشهد على ذلك بما جاء في المقرر من أن الذي يقول: لا إله إلا الله ولا يترك عبادة الموتى، والتعلق بالأضرحة لا يحرم ماله ولا دمه.
والجواب : إن الكاتب افتات على المنهج، فالمنهج صرح بعذر الجهل، ومما جاء فيه بهذا الخصوص:
" من كان حديث عهد بالإسلام، أو من نشأ ببادية بعيدة عن أهل العلم والإيمان، أنكر شيئًا مما هو معلوم من الدين بالضرورة كالصلاة أو تحريم شرب الخمر، وكذا من نشأ في بلاد يكثر فيها الشرك ولا يوجد من ينكر عليهم ما يقعون فيه من الشرك فلا يكفر إلا بعد أن تقام عليهم الحجة " وذكر بعد ذلك نقلاً عن شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ محمد بن عبدالوهاب، جاء ذكره في مقرر التوحيد للصف الثالث ثانوي (ص 28).
 

19- (ص8) يرى الكاتب أن المقرر جازف بأحكام كبيرة تفتقر إلى الدقة الفقهية والتناسب مع مستوى الطالب حينما نقل عن ابن القيم – رحمه الله – تقرير شريعة إباحة دم المشرك وماله، واسترقاقه كما قال رسول الله: صلى الله عليه وسلم " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله.. " الحديث المشهور. فهل يرى الكاتب أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله وما سار عليه المسلمون من مقاتلة المشركين خطأ أو على الأقل لا يناسب تقريره للطالب لما في ذلك من التحريض الذي يخالف المهمة المنتظرة ؟!
20- (ص8) انتقد الكاتب ما وصفه بتعبئة الطالب ضد الاتجاهات الفكرية المعاصرة كالقومية، ونقل عبارات من المنهج في ذلك، والحق أن الدعوة إلى القومية مخالفة لهدي الإسلام الذي جعل مدار الاتحاد والتآخي على الدين لا على القومية، فمن استبدل الوحدة الإسلامية بالوحدة العربية والدعوة إلى قوميتها بغض النظر عن دين صاحبها فقد خالف منهج الإسلام في ذلك، حيث أخرج المسلمين غير العرب من دعوته ووحدته، وقرب كفار العرب وجعلهم من عصبة وحدته. فما الضير في انتقاد هذه الدعوة التي تحييي النعرات والتحزبات الجاهلية، وتهمش الوحدة الإسلامية، ثم إن فيها دعوة إلى تسهيل الكفر في عدم وصف الكافر بما يستحق من الوصف المنفر عن فعلته. نعم ربما تحتاج عبارات المقرر إلى تفريق بين أنواع الدعوات القومية المختلفة من حيث عمق ضلالاتها وانحرافها.
 21- (ص9) انتقد الكاتب تحذير المقرر من الرأسمالية ووصفها بالكفر باعتبار أن المبشرين بالنظرية تختلف انتماءاتهم الدينية.
والجواب:
إن المنهج ذكر مسوغ وصفها بالكفر، وأن سببه اشتمال نظامها على ما حرم الله، كالربا مثلاً، ومن المعلوم بأن استباحة ما حرم الله كفر بغض النظر عن دين مستحله أو قناعته وفلسفته.

22- (ص9-10) يعتقد الكاتب أن المقرر بالغ في تكفير المنتمين إلى المذاهب الإلحادية كالشيوعية والعلمانية والرأسمالية، وجازف في ذلك مجازفة تخرجه عن الموضوعية والدقة، وأن هذا الكلام يهز التقعيد النظري الذي قدم للطالب عن خطر التكفير وقيمة العدل في الموقف من المخالف " والظاهر من كلام الكاتب أنه فهم من التقعيد لخطر التكفير والعدل في الموقف من المخالف أنه لا يكفر أحد ولو جاء بما يكفر به، وأن تكفير من كفره الله ورسوله مناف للعدل، وكأنه يرى أن مقتضى العدل مع المخالف ألا تكفره مهما صدر منه، وهذه مجازفة تخالف الكتاب والسنة.
23- (ص10) ظن الكاتب أن ما جاء في المقرر من معادات المشرك شركاً أكبر يتناقض مع المحبة الطبيعية ومبدأ الإحسان للعالم كما قررته النصوص الشرعية، والحق أن هذا الظن جهل بمدلول النصوص الشرعية ومنهج السلف الصالح، فالمشرك عدو لله لا يحبه الله – تعالى– فتجب معاداته، وتحرم مودته، ولا يمنع ذلك من الإحسان إليه وبره وإمكان نشوء محبة طبيعية معه كمحبة الزوجة والولد والوالد، بل ولا يتعارض مع وجوب العدل معه وتحريم ظلمه وبخسه حقه، فلا منافاة بين الأمرين، والمقرر إنما نفى المحبة الإيمانية والموالاة الإسلامية.
24- (24 - ص10) انتقد الكاتب ما قرره المنهج من العزة على الكافرين والغلظة والشدة والترفع عليهم، ويرى أن ذلك خاص بالمعتدين، وأما غيرهم فإنما يؤمر باللين والإحسان والقسط معهم.
والجواب: – كما سبق – أنه لا منافاة بين الأمرين، فقد قال الله – تعالى – " يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم " كما أمر بالإحسان لغير المعتدين وبرهم والإقساط، إليهم فلكل مقام وحال ما يناسبها؛ من الغلظة والشدة أو اللين والإحسان، أما الرفعة والعزة فلا تنافي اللين والإحسان: فالمسلم عزيز بما يحمله من الإسلام والإسلام يعلو ولا يعلى عليه كما قال الله – تعالى–: " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون "، وقال – تعالى– في وصف أهل الإيمان: " أعزة على الكافرين ".

 25- (ص11-12) خلص الكاتب إلى أن المقرر لم يعرف أصول الاختلاف وقواعد التعامل مع المخالفين، وذكر تحت ذلك ستة أصول اتسم بعضها بالعمومية والإطلاقات غير المنضبطة، ومن ذلك:
1. أن الكاتب قرر بأسلوب ملبس أن رسل الله – تعالى– لم يفصلوا للناس الشرائع، وإنما ذكروا بعض التفاصيل الثانوية، واستدل على ذلك بما لا دلالة فيه، وبما مفهومه لا يوافق ما استشهد به لأجله كما في الآيتين اللتين ذكرهما مما يتعارض مع ما قرره المفسرون في معناهما.
ثم كيف يزعم الكاتب أن الشرائع لم تبين إلا القواعد العامة التي يحتاجها الناس في حياتهم، وبعض التفاصيل الثانوية، وقد قال – تعالى– " وكل شيء فصلناه تفصيلاً " وقال: "ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء، " بل لقد قال أحد اليهود لسلمان الفارسي – رضي الله عنه –:" قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة ! فقال: أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول " رواه مسلم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " فكل ما يحتاج الناس إليه في دينهم فقد بينه الله ورسوله بيانًا شافيًا، فكيف بأصول التوحيد والإيمان " (مجموع الفتاوي 17/43) .
2. زعم الكاتب أن من حكمة الله – تعالى– أن تبقى مفاوز ظنية محتملة يذهب الناس في تفسيرها كل مذهب.
والعجيب أن هذا نفس كلام أهل البدع الذين يزعمون أن من حكمة إنزال المتشابه أن يجد أصحاب كل مذهب فيه ما يوافقهم، ومن ذلك ما قاله الرازي في أساس التقديس (ص 248) قال: " لو كان القرآن كله محكمًا لما كان مطابقًا إلا لمذهب واحد فكان على هذا التقدير تصريحه مبطلاً لكل ما سوى هذا المذهب، وذلك ينفر أرباب المذاهب عن قبوله وعن النظر فيه... ".
فياسبحان الله كيف تكون الحكمة في عدم هداية الناس إلى القول الحق، وإنما في التلبيس والتعمية عليهم بعمومات محتملة تثير النزاعات والخلافات بينهم !
والحق أنما يفتتن بالمتشابه ويتبعه أصحاب القلوب المريضة كما قال الله – تعالى –:" فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله".
وأما أهل الرسوخ في العلم فيردون المحكم إلى المتشابه ويؤمنون به.
 3. ذكر الكاتب أن من الأصول التي أهملها المقرر: تعميق الإيمان بالتعددية، بما يعني الإقرار في الاختلاف، فهل الكاتب يرى أن الإسلام يقر كل تعدد في الدين والرأي مطلقاً دون قيد أو شرط؟ وكيف يفهم ذلك في ضوء النصوص الشرعية كقوله – تعالى–: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله "، وقوله صلى الله عليه وسلم :"أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وإني رسول الله " الحديث، وقوله: " من بدل دينه فاقتلوه ".
وهل يرى الكاتب أن لكل أحد أن يقول ما يشاء ويعتقد ما يريد من الكفر والإلحاد، ويفعل ما يختار وأن يُقَر على ذلك ولو كان فيه ما فيه باعتبار أنه وحده المسؤول عن حرية الاختيار ؟ !
وهل هذا المنهج إلا تهيئة للطالب لتقبل كل فكر منحرف، وعذر صاحبه، ومعلوم ما يحدثه هذا التوجه من شروح في بنية المجتمع الواحد، وزرع للاختلافات، وسماح لشذوذ الأفكار.
4. ما ذكره الكاتب بقوله: " نبذ الزهو المذهبي " لم يفصح بمراده ولم يذكر أمثلة واقعية له؛ فإن كان يرى أن تقرير عقيدة التوحيد في ضوء الكتاب والسنة والدعوة إليها والتحذير مما خالفها، من التوجهات البدعية والشركية إن كان يعتقد أن ذلك زهواً وغرواً مذموماً فهذه مصيبة، وفي ذلك تمييع لقطعيات الدين وقول بنسبية الحق والمعرفة.
 والغريب من الكاتب أن يجعل الاعتداد بالحق والدين الذي دل عليه كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – ونبذ ما خالفه مشابهاً لاعتداد اليهود والنصارى بأديانهم – كما هو مفهوم كلاًمه–.
5. ما ذكره الكاتب من تكريس قيم التعايش فيه عمومية لم يحدد مقصوده منها، ولم يبين وجه إخلال المنهج بها!
6. ما ذكره من عدم بخس المخالف.. كلام حق وجميل، ولكن هل هذا الأصل غائب في المنهج؟
7. ما ذكره من مراعاة الوسع حق، ولكن ظاهر كلامه فيه خلط بين مراعاة الوسع وبيان الحق والرد على الانحراف، فكون الشخص يبذل وسعه، ويتوصل إلى نتيجة خاطئة ليس بعذر له في نشر باطله وسكوت غيره عن الرد عليه.

26 - (ص13-14) زعم الكاتب أن المقرر بالغ في تصوير الانحراف الواقع في العالم الإسلامي، وذلك بإشارته إلى كثرة البدع والأهواء، ووقوع الشركيات لدى كثير من المسلمين.
والجواب من وجوه:
1. إن ما ذكره المقرر حق فكثير من بلاد الإسلام وقع فيها ذلك.
2. إن هذا مصداق ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: " وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة " قالوا: من هي يا رسول الله قال:" من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي "، وفي رواية "هي الجماعة " رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد والحاكم وصححه ووافق الذهبي.
3. إن المنهج لم يعمم الحكم والوصف على كل المسلمين، بل ذكر أن كثيرًا منهم يحصل منهم انحرافات، وهذا واقع.
4. إن تصوير الواقع كما هو، وذكر المنهج الصحيح للتعامل معه أولى من المخادعة وتصوير العالم الإسلامي بغير حقيقته، أو الزعم بأن واقعة يمثل الإسلام الصحيح.
انتقد الكاتب عبارة المقرر بأنه " أصبحت مناهج التعليم في الغالب لا تولي جانب الدين اهتمامًا كبيرًا أو لا تهتم به أصلاً " وجعل ذلك تهويلاً ضد المؤسسات الاجتماعية.
والجواب:
إن هذا الكلام جاء في سياق ذكر أسباب الانحراف عن العقيدة فهو يتكلم كلامًا عامًا، لا يقصد بلدًا بعينه، ولذا قال: في الغالب، وهذا الكلام حق، فإن الناظر في مناهج التعليـم في كثـير من بلاد الإسلام يجد تهميشًا لتعليم أمور الدين والعقيدة الصحيحة، بل لا تكاد تجد بلداً يولي اهتماماً بتعليم أمور الدين والعقيدة الصحيحة خاصة في مناهجه كما في المملكة العربية السعودية؛ لأن الدين الإسلامي وهو أساسها ومنهج حكمها، ولذا كثر الشغب والهجوم على مناهجها من أعدائها ومن بعض أبنائها العاقين لها ولمنهجها.
 

27 – (ص14) انتقد الكاتب ما ذكر في المقرر من سبل توقي الانحراف في العقيدة بالعناية بتدريس العقيدة الصحيحة وإعطائها الحصص الكافية من المنهج ويرى أن في ذلك إجحافًا بارزًا.
والجواب:
أن هذا الكلام ذُكر في المقرر في سياق بيان سبل توقي الانحراف عن العقيدة عمومًا فهو لا يتحدث عن بلد بعينه.
والناظر في واقع كثير من بلاد الإسلام يجد إجحافًا في تدريس العقيدة حال وجوده.
ثم نتساءل: هل الاهتمام والعناية بتدريس العقيدة الصحيحة يعد إجحافًا بالبرنامج التعليمي ؟ وهل يضبط الانتفاع بالعلوم وينضبط توجه المتعلم وإخلاصه لوطنه إلا بالعقيدة الصحيحة ؟ !

28 – (ص14) صادر الكاتب مفهوم عبارة المقرر في بيان انحراف وسائل الإعلام، وحملها ما لا تحتمل، ونص العبارة " أصبحت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة في الغالب أداة تدمير وانحراف، أو تعنى بأشياء مادية أو ترفيهية، ولا تهتم بما يقوم الأخلاق ويزرع العقيدة الصحيحة، ويقاوم التيارات المنحرفة ".
وقد زعم الكاتب أن العبارة تجعل وسائل الإعلام منسلخة عن العقيدة منحلة الأخلاق.. وهذا التعميم من الكاتب باطل لا تدل عليه عبارة المقرر لأنه جاء فيها" في الغالب" ولم تجعل الحكم على الجميع كما زعم الكاتب، وذكرت أن وسائل الإعلام لا تهتم بما يقوم الأخلاق ويزرع العقيدة الصحيحة ولم تقل إنها منسلخة عن العقيدة منحلة الأخلاق.

29 – (ص15) انتقد الكاتب تحذير المقرر الطلاب من تصديق ما تبثه الإذاعات الأجنبية ووكالات الأنباء الحاقدة... ولا أدري ما العيب في هذا التحذير الذي هو بمثابة التحصين للطلاب ضد سلبيات الإعلام، وكأن الكاتب يريد أن يزج بالطالب في كل واد وأن يشتت ذهنه ويمزق سلوكه، ويشككه في ثوابته، ويوغر صدره على بلده باستماعه كل ما يبث عبر تلك الوسائل الأجنبية الحاقدة والمشبوهة، وكأنه يفترض في الطالب أن لديه القدرة على كشف ألاعيب وخداع وشبهات الحاقدين والمتربصين.
30 – (ص15) نقل الكاتب عن المقرر عبارة محرفة في كفر من حكم بغير ما أنزل الله حكمًا عامًا في دين المسلمين، وزعم أن في ذلك تقديم قواعد خطرة للطالب في تكفير الأنظمة والحكومات معزولة عن ضوابط التطبيق، والجواب:
1. إن عبارة الكتاب ليس فيها ذكر للأنظمة ولا الحكومات.
2. إن الحكم المنقول فيمن بدل شرع الله اعتمد في المقرر على فتاوى الشيخ/ محمد بن إبراهيم (مفتي الديار السعودية في وقته).
3. إن المقرر قدم قبل هذا ذكر ضوابط التكفير وخطره وشروطه وموانعه، فالمحذور المذكور منتفٍ.
4. إن هناك فرقًا بين الفعل والفاعل، فلا يلزم من جعل الفعل كفرًا تكفير كل من فعله كما هو معلوم من مذهب أهل السنة والجماعة.
كما أن الكاتب انتقد غمز المقرر لمن لا يتحاكمون إلى شرع الله إلا في الأحوال الشخصية فقط، ورأي وجوب وصفهم بالإسلام.
كما رأى أن التنبيه على هذه الثغرة خطير لما ينتجه من التأثير على نفسية الطالب واعتزاله،. وهنا يتبين اضطراب الكاتب وتناقض وجهته، فحيناً نراه يدعو للانفتاح وجعل الطالب يسمع كل ما يقال وينشر ويعرض، وفى حينٍ آخر يدعو إلى إغفال الحديث عن الواقع وتناسيه وتعمية الأحكام على الطالب.

31- (ص16) انتقد الكاتب ما اشتمل عليه المقرر من التخويف من الشرك والنفاق، والتحذير من الردة والبدعة، ورأى أن هذه التهويلات والمبالغات تمزق السكن النفسي للفرد، وتطوق أنفاس الإنسان وحركاته وسكناته، وأوهم أن المقرر صور تلك الأمور" الشرك، والنفاق، والبدعة، والردة " كقوة خارقة لا يمكن مقاومتها.
 والجواب من وجوه:
1. إن الخوف من الشرك والنفاق أمر تعضده النصوص الشرعية والآثار السلفية، فقد قال الله – تعالى– عن نبيه إبراهيم عليه السلام:" واجنبني وبني أن نعبد الأصنام رب إنهن أضللن كثيرًا من الناس" قال: إبراهيم التيمي: "ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم" فمن ذا الذي يدعي العصمة من الوقوع في الشرك، وكيف لا يخاف وهو محبط للأعمال وموجب للخلود في النيران. وقال ابن أبي مليكة: " أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه "
2. إن المقرر لم يجعل تلك الأمور مما لا يمكن مقاومته، بل هذه دعوى ومصادرة لمفردات المنهج المتكاثرة في بيان أسباب توقي هذه الأمور.
3. إن الواجب التحذير والتخويف من الوقوع في كل ما يضر بالدين، كما أنا نحذر من كل ما يضر بالصحة والمجتمع ووحدة الصف وأمن الوطن ونحو ذلك، وليس في هذا التحذير تمزيق للسكن النفسي، بل فيه دفعة للمشاركة وتقوية للشعور بالانتماء.
4. إن مفهوم كلام الكاتب أن الواجب إشعار الطالب بخطر تلك الأمور دون تخويفه من الوقوع فيها، وتحذيره من قربها، وبمعنى آخر إفهام الطالب بخطرها وتطمينه من الوقوع فيها، فعلى هذه الرؤية ينبغي الاقتصار على إشعار الطالب بخطر المخدرات مثلاً دون تحذيره من أسبابها، ولا تخويفه من مضارها، ولا تنبيهه على عدم الانخداع بأصحابها، بل يشعر بأنها خطر وأنه في مأمن من الوقوع فيها، وهكذا في كل أمر مماثل.
5. إنه يجب على المسلم ألا يركن إلى علمه ولا يثق بفهمه أو يستغني عن ربه، بل عليه أن يكون دائم الصلة بربه مستشعرًا فقره إليه، طالبًا العون منه على الثبات على الحق وتجنب الشرك وأسبابه.
6. إن انتقاد الكاتب لمنهج السلف الصالح في التحذير من الشرك، وأن الشخص قد يقع فيه وهو لا يشعر إن هذا الانتقاد مخالف لمقتضى النصوص الشرعية في التحذير من الشرك وبيان خطره، ومن ذلك قوله: " أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر"، قالوا: يا رسول الله وما الشرك الأصغر؟ قال: "الرياء " رواه أحمد وغيره، وفي حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: "أيها الناس اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل" فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يارسول الله ؟ قال: " قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئًا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلم " رواه أحمد وغيره. وكيف لا يُخاف ولا يُخوف من الشرك، وقد قال الله – تعالى– فيه: " إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ".
 ومعالجة الإرادات والنيات من أشد الأشياء فقد يكتب الشخص نقدًا أو يعرض مشروعًا أو يقول قولا أو ينفق مالاً يريد به المكانة والشهرة أو أي أمر دنيوي آخر، وإن كان ظاهر حاله أو يظن في نفسه الانتصار لدينه والحرص على وطنه – نسأل الله السلامة والعافية–، ولأن هذا الأمر يتعلق بالنية وهى مصاحبة للشخص في عامة أحواله جاء التركيز عليها، و الحث على تنقيتها.
7. يلحظ على الكاتب جرأة في نقد بعض مدلولات النصوص الشرعية، والإيهام بأن النقد موجه لمفاهيم المقرر التي هي في الحقيقة مستقاة من النص نفسه، كما يلحظ عليه نسفاً للآثار السلفية، وعدم اعتبار لمدلولها كما في غمزه لأثر ابن أبي مليكة، ولكلام ابن القيم في هذا المقام.
32- (ص18-19) عرض الكاتب لموقف المقرر من الحضارة، فاتهمه بالاضطراب والتناقض، ونقل عنه بعض النصوص في هذا الموضوع.
والناظر في هذه النصوص المنقولة يلحظ تناقض الكاتب نفسه، وعدم فهمه، ومصادرته للحقيقة.
 

فقد نقل عن المنهج حثه على تعلم الصناعات المفيدة واتخاذ القوة والانتفاع بما أباحه الله لنا من الزينة والاتجاه نحو البناء والتنمية.
ثم يصور اضطراب المنهج في هذه القضية حينما وجه بعدم استحقاق أهل النظرة المادية للحياة وصف العلم وإن كان لديهم خبرات وصناعات.
والجواب:
1. إن المنهج أشاد بالأخذ بما هو نافع من الأمور الحياتية وما توصلت إليه الحضارات مما هو مفيد ونافع.
2. لا تناقض بين الإشادة بالأخذ بالنافع الدنيوي وذم من يكون همه هو الحياة الدنيا فقط مع الغفلة عن الآخرة.
3. إن المقرر لم يجعل العلماء الذين انحصر همهم وعلمهم في الصناعة والمخترعات الدنيوية جهالاً في فنهم ودنياهم، بل جعلهم جهالاً في أمور دينهم وهذا هو مدلول قوله– تعالى–:" وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون " فأثبت لهم العلم وعدم العلم، فهم علماء في الدنيا جهال بالآخرة، والعجيب أن الكاتب يأخذه الهوى في مصادرة مفهوم عبارة المقرر إلى أن يجعل مدلولها أن علماء الحضارة ثلة من الجهال هكذا بإطلاق موهم، وأن الذي يستحق وصف عالم هو العابد فقط.
 

فأين هذه العبارة وهذا المفهوم من المقرر، وإنما الذي جاء فيه عدم استحقاق أهل النظرة المادية وصف العالم بإطلاق، وأنه إنما يطلق هذا الوصف الشريف على أهل معرفة الله وخشيته، ولم يقل العابد، فالعالم هو من يخشى الله تعالى كما قال – سبحانه – : " إنما يخشى الله من عباده العلماء ".
وما ورد في الشرع من إطلاق مدح العلماء ورفع درجاتهم، وأنهم ورثة الأنبياء إنما يستحقه من هو أهل لذلك ولا يستحقه العلماء الماديون الغافلون عن الله والدار الآخرة، هذا هو مقصد المقرر كما يفهم من سياق كلامه وليس كما صوره الكاتب وأوهم بما نقله من بعض النص.
وما ذكره الكاتب من عدم التلازم بين قضية التقدم المدني في الحضارة المعاصرة وقضية الإيمان هو مفهوم عبارة المقرر.

33- (ص20) في أول (ص 20) نقل الكاتب نصًا حذف منه ما يرد عليه مأخذه، إذ إن المحذوف من النص فيه اعتراف بما عند الدول الكافرة من تقدم صناعي، وحث على تقليدهم في النافع من ذلك، وفي الجد وإعداد القوة، كما أن فيه تحذيرًا من تقليدهم في أخلاقهم وعاداتهم السيئة، كما أن الكاتب قطع نصًا آخر واقتصر منه على عبارة " والتي كثيرًا ما تقوده إلى الدمار كما هو مشاهد في المجتمعات الجاهلية ".
 فأوهم الكاتب أن المقرر يجعل كل ما تقدمه الحضارة المادية المعاصرة يقود إلى الدمار، وسياق كلام المقرر في الواقع لا يدل على ذلك، وإنما فيه أن مقومات الحياة المادية كثيرًا ما تقود إلى الدمار إذا كان مجتمعها لا تسوده عقيدة صحيحة، وهذا حق واقع مشاهد لا ينكره إلا مكابر أو جاهل.

34- (ص20) جعل الكاتب إضمار العداوة للكفار وبغضهم من التحريض والاستعداء على المسالمين والحق أن ما قرر الكاتب جهل بنصوص الشرع فإنه لا تلازم بين البغض والاستعداء، فالمسلم يبغض الكافر؛ لأنه عدو لله محاد له، والله – تعالى– نهى عن تولي الكافر وموادته كما قال – تعالى–: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق " الآية، وقال – تعالى–:" لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله " الآية، والنصوص الشرعية في هذا المعنى كثيرة معلومة، فالكافر تجب معاداته، وفي المقابل لا يجوز الاعتداء عليه، ولا منافاة بين بغضه والإحسان إليه وتأليف قلبه وتحبيب الدين له.
 فلا منافاة بين العداوة القلبية والمداراة والإحسان والتأليف والعدل.

35- (ص21-22) ما ذكره الكاتب من الوقائع في الاستفادة مما عند الآخرين من النافع المفيد لامشاحة فيه والمقرر لم ينفه، بل أكد عليه، ومن ذلك ما جاء في كتاب التوحيد للصف الأول ثانوي في موضوع تقليد الكفار قال: " تقليدهم في الأمور التي ليست من خصائصهم، بل هي أمور مشتركة كتعلم الصناعات المفيدة واتخاذ القوة والانتفاع بما أباحه الله لنا من الزينة التي أخرج لعباده والأكل من الطيبات من الرزق، فهذا لا يعد تقليداً بل هو من ديننا، والأصل أنه لنا وهم لنا فيه تبع".
36- (ص22) قرر الكاتب جواز النقل عن الثقافة الدينية اليهودية مستدلاً بحديث " حدثوا عني بني إسرائيل ولا حرج " وقول أبي هريرة رضي الله عنه " كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام ".
ويلاحظ بأن الكاتب اتخذ منهج الانتقائية للنصوص الشرعية وتجزئتها بما يخدم غرضه ورؤيته.
 فالحديث المذكور ليس فيه ما يدل على جواز النقل عن الثقافة الدينية اليهودية بل مدلوله في إباحة التحديث عنهم بما لا يتعارض مع ديننا وشريعتنا، فالمنقول عن بني إسرائيل إما أن يأتي في شريعتنا ما يؤيده فيصدق وإما أن يأتي ما يعارضه فيكذب، وإما ألا يرد هذا ولا ذاك فلا يصدق ولا يكذب ويبقى الخبر في هذه الحالة معلقًا محتملاً، وهذا ما يفيده ما حذفه الكاتب من بقية أثر أبي هريرة رضي الله عنه ، فقد جاء في تكملته : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا: آمنا بالله وما أنزل " الآية.
فحذف الكاتب بقية رواية أبي هريرة المبينة للحقيقة المخالفة لما يهدف إليه.
وإباحة التحديث عنهم فيما لا يعارض شرعنا إنما هو في ذكر القصص والأخبار، أما العقائد والأحكام فلا يجوز أخذ شيء منها لا من التوراة ولا من الإنجيل؛ لأنها محرفة منسوخة، وقد غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى في يد عمر رضي الله عنه صحيفة من التوراة.
 فكيف يقرر الكاتب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أزال عن الصحابة رضي الله عنه هذه الحواجز في التردد في النقل عن الثقافة اليهودية.

37- ص22-23 لا حظ الكاتب وجود موضوعات في مقرر التوحيد والفقه كرر الكلام عنها في مقرر الحديث وهذه ناحية لا حاجة لإطالة الكلام فيها، وإن كان من المعلوم أنه ليس كل تكرار مذمومًا، وأن التناول للقضايا في مقرر الحديث يختلف هدفه عنه في مقرر الفقه أو التوحيد كما هو معلوم عند أهل الاختصاص.
38- (ص23-24) عاب الكاتب على المنهج تزهيده في الدنيا واحتقار مظاهرها وعدم الانبهار بمعطيات الحضارة المادية، وذكر أن سبب هذا العيب في هذا التوجيه هو القلق على العقيدة.
والحق أن مسألة التزهيد في الدنيا وعدم الاغترار بها والركون إليها أمر تواترت بتقريره النصوص الشرعية مما لا حاجة للإطالة بذكره.

وما نقله الكاتب عن المقرر من أن الانبهار بمعطيات الحضارة المدنية سبب في الانحراف العقدي قد حذف منه أوله المبين للمقصود، والذي جاء في المقرر:
 " الغفلة عن تدبر آيات الله الكونية وآيات الله القرآنية، والانبهار بمعطيات الحضارة المادية.... " الخ.
فعبارة المقرر ظاهرة في أن الغفلة عن الآيات المقرونة بالانبهار بالحضارة المادية ونسبة ما تم التوصل إليه إلى الجد البشري وحده، ونسيان عظمة الخالق – سبحانه– الذي دلهم وعلمهم وأقدرهم هذا من أسباب الانحراف عن العقيدة.
ويلحظ أن هذا الكلام المذكور في المقرر في تسعة أسطر اجتزأ الكاتب قليلاً منه وذكره بعيدًا عن سياقه، لينتج مراده من التشنيع على المقرر باختزاله الانحراف عن العقيدة بالانبهار بالحضارة المادية.

39- (ص25) زعم الكاتب أن المقرر يُحمٍّل العبارات الدلالات الكفرية دون نظر في قصد قائلها، مثل ما ورد في المقرر من قول " الدين ليس في الشعر"، وقول: " جاءكم أهل الدين، للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والاستهزاء بالقائمين على أعمال البر"، والحق أن المقرر لم يهمل قصد قائلها، بل ذكر هذه العبارات في سياق من يقولها استهزاء بالدين وأهله وشعائره كما دلت عليه آية سورة التوبة " قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ".
 فإيراد الكاتب لهذه الأمثلة على عدم اعتبار المقاصد مصادرة للسياق ومغالطة للمضمون.

40- (ص26) يفترض الكاتب فهمًا خاطئاً للعبارات التي نقلها عن المقرر، مثل زعمه تجاهل المقرر عذر المخطئ في عبارة " الناس قد يقعون في الشرك وهم لا يدرون"، وعبارة "الشرك قد يتسرب إلى الإنسان من حيث لا يشعر"
والجواب:
أن هذا الفهم لهذه العبارات غير صحيح، فليس فيها عدم عذر المخطئ، وإنما فيها احتمال وقوع الشرك من الشخص وهو لا يدري أو لا يشعر، وذلك راجع إلى خفاء الشرك في بعض الأمور أو جهل الإنسان وعدم احترازه، وهذا هو مفهوم النصوص الشرعية كما سبق في النصوص التي وصفت الشرك بأنه أخفى من دبيب النمل وإرشاد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قول: " اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئًا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلم".

41-
(ص26) انتقد الكاتب ما جاء في المقرر من العذر ببعض حالات الجهل دون بعض، فهو يرى أن الجاهل معذور مطلقًا دون تفصيل. 

ولعل الكاتب لم يطلع على أقوال العلماء في هذه المسألة، وأن هناك أمورًا لا يتصور فيها الجهل، وذلك كتنقص الرب – تعالى– بالسب مثلاً فلا يعذر صاحبه بحجة جهله بأن تنقص الرب مخرج من الدين كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في (الصارم المسلول).

42- ( ص26) زعم الكاتب أن عبارة المقرر توحي بإطلاق الكفر على الجاهل ونقل عن المقرر من العبارات قوله: " إن ما ينذره جهلة المسلمين من نذور للأولياء والصالحين من أموات المسلمين كأن يقول: يا سيد فلان إن رزقني الله كذا أجعل لك كذا، فهو شرك أكبر"، وقوله: " الناس قد يقعون في ألوان من الشرك وهم يجهلون ".
والحق أن هذه العبارات ليس فيها ما يوحي بإطلاق الكفر على الجاهل، وإنما فيها إطلاق وصف الشرك على الفعل لا على الفاعل، ومن المعلوم أن هناك فرقًا بين الفعل والفاعل، فالفعل قد يكون شركًا وفاعله لا يكفر إلا عند توافر الشروط وانتقاء الموانع، وقد جاء في مقرر التوحيد للصف الثالث ثانوي بيان خطر التكفير، وأنه لا يحكم على الشخص إلا بعد قيام الحجة عليه.

وكذا يرد على الكاتب زعمه (ص 26) أن المقرر تجاهل عذر المتأول وأوحت عباراته بإطلاق الكفر على كثير من المذاهب المخالفة، كما في الموقف من الصفات الإلهية والصحابة فيرد عليه بما سبق من ذكر عذر الجاهل؛ لأن المتأول في حكم الجاهل، وفرق بين وصف الفعل بأنه كفر والحكم على الشخص الفاعل أو القائل بأنه كافر، ثم إن المقرر نص على العذر بالتأويل كما في مقرر التوحيد للصف الثالث ثانوي.

43- (ص26) انتقد الكاتب عدم عذر الخائف الوارد في عبارة الشيخ محمد بن عبدالوهاب والتي قال فيها بعد ذكر نواقض الإسلام العشرة: " ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره ".
والجواب:
إن الخائف غير معذور في إظهار الكفر، وإنما يعذر في إخفاء إيمانه، وهناك فرق بين الخائف والمكره – كما نص عليه الشيخ – فالمكره له أن يظهر الكفر، وأما الخائف بلا إكراه فليس له أن يظهر الكفر بمجرد الخوف، والفرق بين الأمرين ظاهر، وعلى هذا فالعبارة ليس فيها إلغاء لعذر الخوف مطلقًا، فالخائف يعذر في جانب دون جانب – كما دلت عليه النصوص الشرعية–.
 

44- (ص26) ذكر الكاتب من نماذج اضطراب المنهج ما قرره عن ممارسة الأنشطة الأسبوعية كأسبوع الشجرة والمرور، حيث يجعلها فسقًا ومعصية، والمشارك فيها آثم؛ لأنها تقليد للكفار ثم نقل النص من المقرر، وهو: " تخصيص بعض الأيام والأسابيع للنشاط في بعض الأعمال واتخاذ الأيام الوطنية والقومية، وهذا محرم وفسق "، ثم قسم الكاتب الأنشطة التي يمارسها غير المسلمين إلى نوعين:
إما أن تكون شعائر دينية وممارسات تختص بهم، فهذا لا يجوز للمسلم ممارسته.
والثاني أنشطة اجتماعية يتخذونها بشكل مدني لتدبير شؤونهم العامة، وهذه أجازها الكاتب بثلاثة شروط:
1. تحقيق المصلحة.
2. الخلو من الموانع الشرعية.
3. انتفاء قصد التشبه.
والجواب:
1. إن المنهج لم يمثل بأسبوع الشجرة وأسبوع المرور– كما زعم الكاتب–.
2. أن الكاتب حذف أول عبارة المقرر التي تبين المقصود، وهى قوله:" تقليدهم فيما ابتدعوه في دينهم من الأعياد الباطلة والمناسبات كأعياد المولد، وتخصيص بعض الأيام والأسابيع..." الخ. فظاهر عبارة المقرر أن المحضور أيام وأسابيع دينية، وهو ما قرر الكاتب عدم جوازه للمسلم.
3. ذكر الكاتب من شروط جواز موافقة الكفار في الأنشطة المدنية خلوها من الموانع الشرعية وانتقاء قصد التشبه، وهذا حق.
فإذا لم توجد المخالفة الشرعية، ولم يقصد التشبه بهم في أمر فيه مصلحة فلا مانع من الأخذ به، بل قد يحث على ذلك كما قرره المنهج في القسم الثاني من أقسام تقليد الكفار.
وبهذا يظهر أن الكاتب ناقض نفسه، وزايد على المنهج بما ليس فيه.

45- (ص27-28) أكثر الكاتب من انتقاد المنهج في النهي عن نسبة النتائج إلى أسبابها، وجعل ذلك من الشرك الأصغر.
وانتقد في هذا السياق بعض العبارات الواردة عن السلف في ذلك مثل ما ورد عن مجاهد من التمثيل بقول الرجل: " هذا مالي ورثته عن آبائي "، وتمثيل بعض السلف بقول: كانت الريح طيبة، والملاح حاذقاً، كما انتقد ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنه من التمثيل بنحو قول الرجل: لولا الله وفلان، ولولا كليبة لأتانا اللصوص.
ويرى الكاتب أن المتلفظ بها إذا لم يقصد الشرك فلا تكون شركاً، وإنما تكون شركًا أكبر إذا قصد بها مساواة السبب بالله – تعالى–.
والجواب من وجوه:
1. إن الكاتب في عرضه لهذه المسألة لم يذكر الحالة التي يكون فيها مثل تلك الأقوال شركًا أصغر، وكأن الشرك عنده في هذه الحالات لا يكون إلا أكبر مخرجًا من الملة، وإن قائل مثل هذه العبارات إما أن يقصد مساواة السبب بالله فيكون مشركًا شركًا أكبر خارجاً من الملة، وإما ألا يقصد مساواة السبب بالله فلا يعد كلامه لاشركًا أكبر ولا أصغر، ولو كان ظاهر العبارة المساواة.
2. إن ما ذكره من عدم ضرر العبارة التي ظاهرها التشريك وعدم النهي عنها مخالف لما أثر عن السلف الصالح في هذا الباب، بل مخالف للأحاديث الصحيحة كما في حديث " لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان ". فالحق أنه ينهى عنها مطلقًا دون نظر في قصد صاحبها، وقصد صاحبها يصرفها إما للشرك الأكبر أو الأصغر، وكل ذلك منهي عنه.
3. إن ما استدل به الكاتب من الآيات التي ظاهرها التشريك والتسوية بين الخالق والمخلوق؛ كقوله – تعالى– : " وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه، ونحوها قد أجاب عنها العلماء بما يلي:
أ - إن التكلم بعبارة التشريك كما في الآية لا يجوز إلا لله – تعالى–، فكما أنه – تعالى– يقسم بما شاء من مخلوقاته، ولا يجوز للمخلوقين أن يقسموا فكذلك هنا.
ب - إنه ورد النهي عن التشريك والتسوية بين الخالق والمخلوق في الفعل الواحد، " والآية أخبر الله تعالى بها عن فعلين متغايرين، فالله تعالى أنعم على زيد بالإسلام، والنبي صلى الله عليه وسلم أنعم عليه بالعتق، وهذا بخلاف المشاركة في الفعل الواحد، وكذا بقية الآيات المشابهة لذلك،( ينظر تيسير العزيز الحميد ).
4. إن قول: لولا فلان لم يحصل كذا " إن أراد به مجرد الخبر الصدق المطابق للواقع فلا بأس به، ومثله قول: " هذا مالي ورثته عن آبائي".
وإن أراد بمثل بذلك السببية فله ثلاث حالات:
أ- أن يكون السبب خفيًا أو لا تأثير له إطلاقًا كأن يقول: لولا وجود قبر الولي في المكان الفلاني لاحترقت القرية مثلاً، فهذا شرك أكبر.
ب- أن يكون السبب صحيحًا ثابتًا شرعا أو حسًا فهذا جائز نسبة الشيء إليه، بشرط: إلا يعتقد أن ذلك السبب مؤثر بنفسه أو ينسى أن الله – تعالى– هو المنعم حقًا كما قال – سبحانه وتعالى–:
 " وما بكم من نعمة فمن الله "، ويدخل في هذا القسم ما مثل به الكاتب من قول النبي صلى الله عليه وسلم في عمه: " ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار ".
ج- أن يضيفه إلى سبب ظاهر لكن لم يثبت كونه سببًا لا شرعاً ولا حسًا، فهذا النوع من الشرك الأصغر، وذلك كتعليق التمائم، واعتقاد أنها سبب دفع العين؛ لأنه أثبت سببًا لم يجعله الله سببًا، فكان مشاركًا لله في إثبات الأسباب( ينظر في هذا التقسيم القول المفيد للشيخ ابن عثيمين)، فالكاتب يريد أن يجعل جميع العبارات الواردة في المنهج من القسم الثاني الجائز دون قيد أو شرط، وهذا لا يصح .
ثم إن المقرر لم يجعل هذه العبارات شركًا مطلقًا، بل قّيد وفصّل فقد جاء في كتاب التوحيد للصف الثالث المتوسط ما نصه:
" يغفل كثير من الناس فلا يذكرون إلا الأسباب وينسون خالقها ومسببها – سبحانه –، فيقولون مثلاً: لولا الطبيب أو المهندس أو السائق... الخ لحصل كذا من الضرر، وهذا لا يجوز إلا إذا كان يعتقد أنه مجرد سبب, وأن الأمر كله بيد الله وكان هـــذا السـبب صحيحًا، والطريقة الأفضل أن يقال: لولا الله ثم فلان.
 فالمقرر لم يجعل مثل هذه العبارات شركًا مطلقًا كما زعمه الكاتب، بل جعل فيها تفصيلاً كما سبق، والعبارات الواردة في المقرر جاء النهي عنها إما باعتبار نسيان المنعم الحق والغفلة عنه، أو لاعتقاد أن السبب مؤثر بنفسه أو لنسبة شيء لشيء وليس سببه ظاهراً.

46- (ص28) ذكر الكاتب أن المقرر يعطي العبارات التلقائية والعفوية أبعادًا أفخم من حجمها الطبيعي، كما يجعل من أنواع الإلحاد إطلاق اسم المهندس الأعظم أو القوة المطلقة على الذات الإلهية.
والجواب من وجوه:
1. إن أسماء الله – تعالى– توقيفية، كما قال سبحانه " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ".
2. بما أن أسماء الله – تعالى– توقيفية، فمن سمى الله تعالى بما لم يسم به نفسه أو يسمه به رسوله صلى الله عليه وسلم فقد ألحد في أسمائه، أي: مال عن الحق فيها.
3. إن الإلحاد أنواع ودرجات وليس كل إلحاد كفرًا.
4. إن الحكم يكون على الفعل والبدعة بغض النظر عن قصد صاحبها، وسبق التفريق بين القول والقائل، فالحكم على القول وليس على القائل، فالقائل لا يحكم عليه إلا بعد توافر الشروط وانتقاء الموانع.

47- (ص29) طالب الكاتب بإعادة النظر في إعداد المقررات؛ لأنها بوضعها الحالي اعتمدت على مصنفات السلف الصالح، والتي وصفها بأنها جرى تدوينها في ظروف المجادلات الفكرية، والمعارك الدينية السياسية، وأنه لا حاجة إلى تدريس الطالب وتعريفه بالفرق البدعية وفساد مناهجها، وعلل ذلك بأنه لا ينتمي إليها من جهة، وأن حججها لا تصل إليه من جهة أخرى.
والجواب:
1. إن الطعن في تأليف المناهج لكونها اعتمدت على كتب المتقدمين ليس بصحيح؛ لأن كل مؤلف سيعتمد على مرجع قديم أو حديث، وما يقال في القديم يمكن أن يقال مثله في الحديث، والمعارك الدينية والسياسية موجودة في جميع مراحل التاريخ القديم والحديث، فالشأن إذن فيما يحمله المرجع من صواب أو خطأ لا في ظروف تأليفه .
2. إن الدعوة لعدم اطلاع الطالب على المذاهب المنحرفة وبيان فسادها بإطلاق بحجة أنه لا ينتمي إليها ليس بسديد، فافتراض أن ملايين الطلاب ليس عند أحد منهم شيء من التأثر أو الانتماء لشيء من هذه المعارك الفكرية والعقائد البدعية مخالف للواقع، ثم لو فرض ذلك، فلماذا هذه الدعوة إلى الحجر الفكري على الطالب مما فيه فائدة، وأين التحصين ضد هذه الانحرافات، فالمنهج كما يعالج واقعًا، فإنه يحصن من متوقع وممكن، لا سيما مع هذه الثورة المعلوماتية في العصر الحاضر، والتي جعلت العالم – كما يقال – قرية واحدة أو بيتًا واحدًا.
3. إن زعم الكاتب بأن حجج أصحاب ما سماه بالمعارك الفكرية لا يصل إلى الطالب ليس بصحيح، فشبهات أولئك مبثوثة عبر القنوات الفضائية ومواقع الانترنت وفي الكتب المنشورة وغيرها.
فكان الواجب تعريف الطالب بذلك وتحذيره منها ببيان فسادها وانحرافها.

48- (ص29) رأى الكاتب أن المقررات تجاهلت تبعًا للنظام السياسي ومبادئه المكتوبة والعرفية قضايا مهمة، ومنها: تجاهل تنظيم قنوات المشاركة الشعبية والتعبير عن الرأي بطريقة متمدنة، وزعم أن المقررات تخاطب الطالب بصفته الفردية بما يناقض مؤسسات المجتمع، وأنها تصمت عن آليات اندماج الطالب في مجتمعه ومشاركته فيه، ثم قرر أن من واجبات المقررات الدينية والنظام السياسي فتح آفاق المشاركة المدنية.
 والجواب أن يقال:
إن ما سماه الكاتب بالمشاركة الشعبية أو المدنية والتعبير عن الرأي عبارة فضفاضة لم يبين مقصوده بها ولا تطبيقات لها.
فإن أراد بذلك إشراك الطالب في مؤسسات مجتمعه، وإسهامه في تنمية وطنه وإبداء آرائه وإشعاره بفاعليته وأهمية عطائه فهذا موجود مبثوث في المناهج عمومًا، وليس هناك حجر عليه ولا تجاهل له، لا من المقررات ولا من النظام السياسي، وأما إن أراد بذلك الزج بالطالب في هذا السن وهذه المرحلة في معارك وقضايا أكبر من مستواه فهذا في الحقيقة ظلم له، وتشتيت لجهوده، وإشغال لفكره ووقته بما يعيق مسيرته وتحصيله.
وأما ما أشار إليه الكاتب من أهمية توضيح آليات اندماج الطالب في مجتمعه فهو مطلب مهم وموجود، ولكن يوصى بالتوسع فيه، ثم إنه ليس خاصًا بالمقررات الشرعية، بل في جميع المقررات كالعلوم والتربية الوطنية وغيرها.

49- (ص30) ختم الكاتب مذكرته بذكر توصيان مَّر أكثرها أثناء كلامه السابق، وهي بمثابة تلخيص لما بسطه، ومنها:
 1. أنه دعا إلى تنقية المقررات من آثار المعارك الكلامية والسياسية في تاريخ الجدل العقدي، وأن الواجب ترك ذلك للمختصين.
والجواب:
إن مقررات العقيدة وكتب التوحيد ليس فيها معارك سياسية، وإنما فيها قضايا عقدية، وإذا كان الكاتب يرى أن ما حصل من السلف الصالح من ردود ومواقف تجاه أهل البدع كان دافعها سياسيًا وليس دينياً فهذا يحتاج إلى معرفة نواياهم المخالفة لظاهر حالهم.
وأما دعوته إلى ترك الردود على أولئك المخالفين مطلقًا فقد سبق القول في أهمية تحصين الطالب ضد تلك الأفكار المنحرفة، والأهواء المضلة، لا سيما مع هذا الانفتاح والدعوة إلى العولمة.
نعم يمكن إعادة النظر في بعض الجزئيات العميقة التي لا يكاد يستوعبها الطالب إن كانت موجودة، فتعاد صياغتها بما يتناسب مع وضع الطالب.
2. دعا الكاتب إلى تنقية المقررات من النزعات التكفيرية، وهذا فيه اتهام خطير للمقررات، وقد سبق بيان مخالفته للواقع، وأن المقرر بين عظم التكفير وخطره وموانعه وشروطه.
أما إن كان يدعو إلى عدم تكفير من دلت النصوص على كفره فهذه نزعة إرجائية تحتاج من الكاتب إلى إعادة قراءة نصوص الوحيين والصدور عنهما.
3. أطلق الكاتب القول بأن النصوص دلت على الكف عن تكفير أهل القبلة وعصمة دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وأن هذا ما استقر عليه كبار فقهاء الأمة، وهذه القاعدة حق ولكن لها استثناءات وضوابط، فهل يريد الكاتب الكف عن تكفير أحد من أهل القبلة ولو جاء بمكفر، كعبادة غير الله والطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلاً؟ وهل يعتقد أن دم كل واحد من أهل القبلة معصوم حتى لو استحل دماء المسلمين وفارق جماعتهم أو زنى وهو محصن ونحو ذلك، فإذا كان للكف عن تكفير أحد من أهل القبلة والقول بعصمة ماله ودمه وعرضه استثناءات وشروط، وقد ذكر في المقرر بعضها فلا يصح إطلاق القول في ذلك كما لا يصح تخطئة من كفر بقيود واستيفاء شروط.
4. ما ذكره الكاتب (ص 30) في رقم (3، 4، 5، 6، 8) حق في جملته، وذلك غير غائب عن المنهج.
 
5. اضطرب الكاتب حينما دعا إلى ضبط منظور فقهي للتعامل مع الآخرين برؤية عامة، ونهى عن التفصيل في ذلك، وهذا في الحقيقة ليس بسديد فإن الضبط إنما يتأتى بذكر التفاصيل والحالات وإعطاء كل حالة حكمها.
أما أن يكون في الكلام عمومية، فإنه يتقاطع مع النصوص الشرعية المفصلة والمبنية.
6. ما ذكره الكاتب برقم ( 9 ) سبق الحديث عنه.

" الخاتمة "
وبعد هذه الجولة السريعة مع هذه الملحوظات، فإن الناظر فيما سطره الكاتبان الكريمان ليتساءل عن الدافع لهما في هذا الهجوم العنيف على مقررات العلوم الشرعية، وعلى مقررات العقيدة بالذات، وفي هذا الوقت على وجه الخصوص؟
ونتساءل عن رؤية الكاتبين وملحوظاتهما على تلك المقررات، هل حدثت لهما في هذه الأيام، وهذه الظروف؟ أم أنهما كانا يريانها من قبل ولم يجدا الوقت المناسب لإظهارها ؟
وهل سبق أن قدما ملحوظاتهما هذه للجهات المختصة المعنية، أو تم عرض ما كتبا إلى أحد علمائنا الأفاضل، ما دام الدافع لهما نصرة الدين وحب الوطن، أم أنها جاءت في هذا الوقت وبهذا الأسلوب لتحقيق غرض معين؟!

ثم على فرض صحة تلك الملحوظات فلمصلحة من تنشر بتلك الطريقة العنيفة التي تتوافق مع أصوات الأعداء في الطعن في مناهجنا ومؤسساتنا، وأبنائنا، وقياداتنا؟ وهل عدم الكاتبان الأسلوب الأمثل في النصح والنقد الهادف البناء المتواضع ؟
هذه التساؤلات أترك الإجابة عنها للكاتبين الكريمين، واللذين آمل منهما مراجعة ما كتباه بإنصاف وموضوعية ومحاسبة ومراقبة لله – تعالى–.

سائلاً المولى– جل وعلا– أن يثبتنا على الصراط المستقيم، و ألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، و أن ينصر دينه، وأن يحفظ بلادنا من كل سوء، وأن يديم أمننا ويوفق ولاة أمرنا لكل خير، ويكف عنا كيد الأشرار وبأس الكفار إنه على كل شيء قدير.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،،،

وكتبه
د/ سليمان بن صالح الغصن
الأستاذ المشارك بقسم العقيدة
والمذاهب المعاصرة بكلية أصول الدين
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض
28/2/1425هـ

المصدر موقع المسلم
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
تبرئة المناهج
  • تبرئة المناهج
  • بحوث ومقالات
  • التربية البدنية
  • مناهجهم..لامناهجنا
  • المدارس الأجنبية
  • الصفحة الرئيسية