صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







تغيير المناهج .. أي مناهج .. !?

د. طلال صالح بنان


تُثار قضية المناهج التعليمية في المنطقة, وفي مجتمعنا بالذات, الكثير من الجدل السياسي واللغط الثقافي والفكري, وكأن مشاكلنا, تأتي من مناهج التعليم عندنا, وليس لأسباب منهجية أخرى في أسلوب حياتنا ونظرتنا لتحديات التنمية في مجتمعاتنا, في كافة المجالات, وخاصة السياسية.

ينصب التركيز على المناهج الدينية, على وجه الخصوص, لخلفية بعض المواد الدينية غير التسامحية, في رأي البعض, الذي يراها محرضة للعنف, وكأننا الثقافة الوحيدة في العالم التي تركز على المناهج الدينية في تربية النشء.. وكأن الدين الإسلامي, معاذ الله, فيه ما يجنح إلى التطرف والغلو والعنف, دون الأديان الأخرى.

بداية يجب أن ندحض أي علاقة بين التعليم الديني والإرهاب. التعليم الديني, الذي تقره الدولة في مدارسها في جميع المراحل, وإن كانت فيه مواضيع لابد من مراجعتها, مثل أي مراجعة لكل مناهج التعليم, إلا أنه ليس من الحكمة أن نجعل من القضية مدخلاً للنيل من أهمية التعليم الديني في مجتمعنا... خاصة إذا ما فُهمت استجابة مع مثل هذا الرأي على أنها استجابة لضغوط خارجية.

حتى مع افتراض أنه كان من بين الـ 19 الذين قاموا بأحداث الحادي عشر من سبتمبر كان 15 منهم سعودياً, علينا أن لا نلوم التعليم الديني الرسمي عندنا لذلك. وإذا عرفنا أن نسبة الطلبة من أولئك لا تتجاوز الاثنين أو الثلاثة.. وأن عقيدة جميع الـ 15 سعودياً السياسية والدينية لا يمكن نسبتها إلى التعليم الديني عندنا, تتضح لنا محاذير الهجوم على التعليم الديني الرسمي, في بلدنا. عشرات الألوف من الطلبة السعوديين, الذين أكملوا تعليمهم العام في مدارسنا, وواصلوا تعليمهم العالي, في الثلاثة عقود الأخيرة, في الولايات المتحدة, معظمهم لم يحصل على مخالفة مرورية لوقوف سياراتهم, دعك من أن يتورطوا في أعمال إجرامية وإرهابية.

ثم أنه من الصعب وصم تعليمنا الديني في مدارسنا بأنه يدعو إلى العنف والتطرف ويدفع للإرهاب, وننسى ما يفعله التعليم الديني لعتاة الصهاينة في إسرائيل, الذي تنفق عليه الحكومة الإسرائيلية من المعونات التي تقدمها الولايات المتحدة, لنهب الأرض الفلسطينية والتنكيل بالشعب الفلسطيني, بدعاوى دينية محرفة وغير إنسانية.

صحيح أننا في حاجة إلى مراجعة مناهجنا الدراسية, كلها, وليس الدينية فقط. وصحيح أن الفهم غير الصحيح للدين يمكن أن يقود إلى الغلو والتطرف والعنف والإرهاب. إلا أن السبب في ذلك ليس تعاليم الدين, والعياذ بالله, ولكن تظافرت عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية, لها علاقة بمناهج التنمية وبرامجها, في جعل العنف والإرهاب, خياراً لكثير من الشباب, الذي فقد أول ما فقد البعد الروحي المتسامح لتعاليم الدين السمح.. وشكك في كل شيء يرمز إلى الدولة, بما فيها الدين الصحيح, نفسه.

علينا أن لا ننساق لجدل أن الإسلام, والعياذ بالله, يحرض على العنف, لأنه متى نجح أعداؤنا في جعلنا نراجع أسس عقيدتنا, بدعوى مكافحة ما يسمونه الإرهاب, فإن ذلك بداية النهاية لنا كأمة اختارها الله لتكون خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.. وهي المهمة السامية لهذه الأمة التي تثير غيرة وحقد وحفيظة أعدائها من الأمم الأخرى.

مناهج تعليمنا, كلها في حاجة إلى مراجعة.. وأسلوب حياتنا, كله, في حاجة إلى مراجعة.. ونظرتنا لإمكاناتنا ومواردنا وكيفية استغلالها, في حاجة إلى مراجعة. وقبل كل ذلك نحن في حاجة إلى الشعور بالخلل والنقص, في معظم أوجه حياتنا. هذه بداية مهمة لأي إصلاح يمكن أن يتفاعل في مجتمعنا, سياسيا كان.. أو غير سياسي.
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
تبرئة المناهج
  • تبرئة المناهج
  • بحوث ومقالات
  • التربية البدنية
  • مناهجهم..لامناهجنا
  • المدارس الأجنبية
  • الصفحة الرئيسية