صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حوار موقع دعوتها مع الدكتورة / عفاف مختار  حول (الهوية الإسلامية)

ضيفة الحوار: د.عفاف المختار

أجرت الحوار: المحررة / سامية العمري


قضية الهوية قضية محورية، أزعجت كثير من الناس، إذ أن كل جماعة أو أمة تعوزها الهوية المتميزة لتمكنها من المعيشة والمحافظة على وجودها؛ فالهوية هي التي تحفظ سياج الشخصية، وبدونها يتحول الإنسان إلى كائن تافه تابع مقلد؛ لأن للهوية علاقة أساسية بمعتقدات الفرد ومسلماته الفكرية، وبالتالي تحديد سمات شخصيته جعله إنسانًا ذا قيمة ولحياته معنى وغاية , حوارنا اليوم مع الداعية الفاضلة الأستاذة : عفاف مختار .

-----------------


في بداية حوارنا معك نرجو منك لو تفضلت بإعطائنا نبذة مختصرة عن بطاقتك الشخصية , وحياتك العلمية , وعن عملك الحالي .

•الاسم :
عفاف بنت حسن بن محمد مختار .
•الجنسية
: سعودية .
•الدرجة العلمية الحاصلة عليها :
أستاذ مساعد – كلية التربية للبنات - جدة  .
•التخصص :
قسم الدراسات الإسلامية – تخصص : عقيدة ومذاهب معاصرة .
•تاريخ الحصول على البكالوريوس :
حصلت على درجة البكالوريوس في الآداب والتربية الإسلامية
تخصص دراسات إسلامية بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف وكانت الأولى على الدفعة عام 1410 هـ .

•تاريخ الحصول على الماجستير
: حصلت على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية تخصص العقيدة والمذاهب المعاصرة بتقدير ممتاز عام 1415 هـ .
•تاريخ الحصول على الدكتوراه :
حصلت على درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية تخصص العقيدة والمذاهب المعاصرة بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى والتوصية بطبع الرسالة .
•النشاطات المختلفة :

•الإشراف على رسائل علمية ومناقشتها
•عضو في الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان
•عضو في الهيئة العالمية لحقوق المرأة
•التدريس في الجامعة اليمنية
•التدريس في جامعة الملك سعود ( إعارة لمدة عام )
•التدريس في كلية سليمان فقيه
•التدريس في معهد الإمام الشاطبي
•تدريس دراسات عليا في الجامعة اليمنية
•لها ثلاثة كتب
•المشاركة في الملتقيات والندوات الثقافية
•المشاركة في مجال الدعوة داخل المملكة العربية السعودية وخارجها
•الكتابة في بعض الصحف والمجلات الداخلية والخارجية

ما هي الهوية وما معناها بنظركم ؟
ج. الهوية هي الحقيقة الجزئية حيث قالوا : إن الحقيقة الجزئية تسمى هوية , وقد تستعمل الهوية بمعنى الوجود الخارجي .
أما الهوية في اللغة : بضم الهاء مصطلح استعمله العرب والمسلمون القدماء وهو منسوب إلى " هو " فهي كلمة مولدة اشتقها المترجمون القدامى من الـ " هو " لينقلوا بواسطتها إلى العربية المعنى الذي تؤديه كلمة " هست " بالفارسية وكلمة " استين " باليونانية , أي فعل الكينونة في اللغة الهندية والفارسية والأوروبية , فالهوية في اللغة مصطلح فلسفي يُستدل به على كون الشيء هو نفسه .

أما الهوية في الاصطلاح : حقيقة الشيء أو الشخص الذي تميزه عن غيره , أو هي بطاقة يثبت فيها اسم الشخص وجنسيته ومولده وعمله وتسمى البطاقة الشخصية .
أما الهوية من المنظور الاجتماعي فإنها تعني تحديد المميزات الشخصية للفرد من خلال مقارنة حالته بالخصائص الاجتماعية العامة .


لطمس الهوية الإسلامية عدة أساليب , فيا حبذا لو تطرقت لها

ج . إن من أهم أساليب طمس الهوية الإسلامية ما يلي :

1
.توظيف المؤسسات الصحفية والتنصيرية والفنية في خدمة التبرج والعري , فلا يختلف اثنان أن معظم من بكر بإنشاء المسارح والمراقص والخمارات في البلدان الإسلامية هم اليهود والنصارى .
2
.دعم حركات التحرير : إنه لم يعد خافيا على أحد أن وراء المؤتمرات النسائية في العالم الإسلامي أيادي خارجية , تمول وتقوي وتؤازر مفاهيم ( تمكين المرأة – تحرير المرأة – حقوق المرأة ) فأصبح موضوع تمكين المرأة موضوعا قد لا تخلو صحيفة ولا دراسة منه , في قضايا المرأة العربية والخليجية , وأصبح هذا المفهوم وللأسف الشديد يستخدم دونما ( وعي حقيقي ) بجهل أو بنية واضحة لتطبيق وثائق الأمم المتحدة فيما يتعلق باعتبار اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة بالسيداو ( هي المرجعية القانونية) لجميع أمور الأسرة والمرأة على وجه الخصوص , دونما اعتبار لما يتعارض في بعض موادها مع الشريعة الإسلامية في قضايا ( الميراث والقوامة والنسب وبناء الأسرة وعقد الزواج .....الخ ) .
3
.تقنين الفاحشة وتزيينها والدأب في إشاعتها .
إن الاستباحة والارتكاز في حمأ الفاحشة والرذائل لم يكن أمرا جديدا , ولكن الذي جد في العقود الأخيرة هو الاستباحة التي يحميها القانون والنظام , والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى منها : إن الكنيسة الإنجليزية تبارك منذ عام 1966 م زواج الشواذ تحت مظلة كهنوتية , وبعض الدول تفتح قرى ونوادي للعراة والشواذ تحميها الشرطة ويحرسها القانون , والأمم المتحدة تتبنى مؤتمر السكان ثم مؤتمر المرأة وفيها دعوة صريحة للحرية الجنسية المطلقة , وعدم تقييد الأبناء والبنات , وممارسة الجنس خارج بيت الزوجية , وعدم إعنات الشواذ , وهناك حكومات تغض الطرف عن السياحة الجنسية – العادية والشاذة – وكانت أمريكا تعتبر الشذوذ الجنسي ضربا من المرض العقلي حتى عام 1974 م حين أسقطته الجمعية النفسية الأمريكية من قائمة الأمراض العقلية و واستباحته أكثر الولايات الأمريكية  وبات الأمر معلنا ومبررا له من الناحية الجينية البيولوجية , وأصبحت صحافة الدعارة تلقى رواجا كبيرا ومنظما , وأكثر المجلات رواجا هي مجلات الجنس للرجال , وهي صناعة تدر عائدا كبيرا .

4
. استباحة قتل الأجنة وتقنين ذلك ومحاولة تعميمه عالميا لأن الإنجاب صار مسؤولية وله تبعات لا تتحملها المرأة المتحررة , ولأنها تريد ويُراد لها أن تستمر منطلقة في جموح عام , فقد بُذلت الجهود حتى يتم إقرار ذلك في العديد من الدول , فأذن به , ونُظم له , وأقيمت العيادات الخاصة بعمليات الإجهاض , فأصبح الإجهاض قانوني في كثير من دول العالم منها الولايات المتحدة الأمريكية , كوبا , الصين , روسيا , تونس , إيطاليا , الهند , ماليزيا , فرنسا , ألمانيا , هولندا , النمسا وبولندا وغيرها كثير وكثير .
5
.تكريس النموذج الغربي والدعوة إليه بقوة : الإنسان الغربي في كثير من الأحيان يرى نفسه فوق كل الأجناس , وأنه الأقوى والأذكى والأولى بالإتباع , وانطلاقا من هذه النظرة فإنه يعمل جاهدا على نشر الأنموذج الغربي وتعميمه في العالم كله , إما مباشرة أو من خلال وسطاء رباهم على عينيه , ونشأهم وأطعمهم وسقاهم , فباتوا لا يرون أنموذجا غيره بخيره وشره , وحلوه ومره , وصاروا من الدعاة له والمتحمسين لأساليبه والمنكرين لما سواه , ولعل مشاريع التنصير والتغريب والعلمنة من أهم الوسائل المتبعة في ذلك , فلذا فإنه يمكن أن تطمس الهوية الإسلامية بعدة طرق ولكن من أهمها الإعلام والمرأة , فالأولى فتنة لم يسلم منها بيت إلا ما رحم ربي , فالمشفرات والرقميات والممغنطات والمواقع الإباحية والشات كلها سبيل جارف يقتحم البيوت والقلوب في ظل شبه غياب للبديل الإسلامي وإن وجد فهو محدود , وأما الثاني فعن طريق تغريب المرأة المسلمة وتحريرها وتمكينها , و العولمة والنظام العالمي الجديد , وحقوق المرأة وغيرها  مسخت في كثير من الأحيان حقيقة المرأة المسلمة .

ما أهم المظاهر التي تدل على أزمة الهوية لدى الشباب المسلم في الوقت الحاضر ؟
1
.عدم ظهور التأثر العقدي الصحيح لديهم حيث نجد الشباب في كثير من الأحيان ليس لديه التفسير الصحيح الواضح لغاية الحياة ونشأتها وتطوراتها والمصير الذي سينتهي إليه .
2
.عدم الاهتمام بالسلوك الإسلامي مع أن الدين الإسلامي قد اعتنى بالسلوك الإنساني عناية لم تقم بها الأنظمة التربوية شرقيها وغربيها , بعيدا عن الفلسفات المعقدة , والأفكار الملوثة , وقد بلغ من اهتمام الله تعالى بهذا الأمر أن جاء أطول قسم من الله تعالى متعلقا بتزكية النفس والسلوك الإنساني , يقول تعالى {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا . وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا . وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا . وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا . وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا . وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا . وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا . {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا} (1-9) سورة الشمس . ومع ذلك فإننا الآن وللأسف الشديد نجد كثيرا من الشباب الإسلامي لا يمثلون في سلوكياتهم الدين الإسلامي الصحيح , حيث ظهرت تطفو على السطح تقليعات شبابية لافتة تتمثل في الأزياء الضيقة والأثواب المطرزة ولبس البناطيل تحت الخصر والسلاسل وماسكات الشعر , ومن بوادر خطورة هذه التقليعات الزحف والدخول بشكل مثير داخل المدارس وخصوصا في المرحلتين المتوسطة والثانوية , وحفاظا على التمسك بالسلوكيات الإسلامية فقد صدرت توجيهات الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة بالانتباه لذلك والعمل على منع هذه التقليعات الداخلية , أليس من المأساة أن يقول بعض من أسلم من الغربيين ( نحمد الله أننا عرفنا الإسلام قبل أن نعرف المسلمين وإلا لما أسلمنا , قرأنا عن الإسلام فسرنا ما فيه فاعتنقتاه , فلما رأينا المسلمين هالنا البون الشاسع بين المقروء والمشاهد ) .
3
.التمسك بالعادات الغريبة : أصبح معظم الشباب الآن ، يتبع العادات الغربية في مأكله ومشربه وملبسه , وهذا هو حقيقة العولمة التي يفرضها الغرب , الذي يريد أن يفرض نظام حياته على العالم كله , بعيدا عن الدين , فأصبح له قواعده العقدية القائمة على الإيمان بالمادة والمنفعة والمصلحة بعيدا عن حقيقة الإيمان الصحيح .

ما سبب انكسار الشباب المسلم أمام الثقافات الأخرى وتبعيته لها ؟

ج. إن من أهم أسباب انكسار الشباب المسلم أمام الثقافات الأخرى وتبعيته لها أنهم فرطوا في أعظم مقومات البقاء  حيث أهدروا القيم الإنسانية , ورفضوا أن يكون للدين الإسلامي سلطان على الحياة ومن هذه الثغرة دخلت عليهم آفات النقص , وعوامل الإفلاس , لقد أهمل كثير من الشباب الروح والوجدان والقلب ولم ينسجموا مع الفطرة السوية التي فطر الله الخلق عليها , بل قدموا الشهوات البهيمية بزي الحرية الشخصية وحقوق الإنسان فانحدروا إلى الهاوية , فلا تمكين إلا بالإسلام فإن الله تعالى أعز هذه الأمة بالإسلام فهزمت معسكرات الوثنية ودكت معاقل الجاهلية , وحطمت القياصرة , وكسرت الأكاسرة , وهزت التتار والصليبيين برفع شعار الله أكبر , وانتصر الرسول عليه الصلاة و السلام , وعز الله أبا بكر وعمر وسعد وخالد وطارق وصلاح الدين بإعلاء راية لا إله إلا الله محمد رسول الله , فصارت الأمة الإسلامية مرهوبة الجانب بالإسلام ليس إلا , وانكسرت الأمة عندما ضُيعت لا إله إلا الله محمد رسول الله .

مظاهر تغريب المرأة المسلمة بشكل خاص كثيرة نود لو وضحت لنا أهمها , وما هي السبل التي تستطيع الداعية أن تنتهزها في ذلك ؟
ج. جاء دعاة تحرير المرأة في هذا العصر ليدخلوننا في المأزق الذي دخلت فيه المرأة في الغرب , ويهدموا باسم التحرير كيان المرأة , ويدمروا الأسرة , ويفسدوا بها المجتمع , كما فسد المجتمع الغربي , فإن دعاة هدم المرأة الذين سموا أنفسهم زورا باسم دعاة تحرير المرأة تعود جذورهم إلى الاحتلال الذي خرب ديارنا , فإن المتتبعين لهذه الدعوة يؤرخون بدايتها بدخول الاحتلال إلى ديارنا وأمتنا الإسلامية ولعل من أهم مظاهر تغريب المرأة المسلمة :
•إباحة اختلاط المرأة المسلمة بالأجانب .
•عدم الاهتمام بالحجاب الإسلامي .
•تقييد الطلاق ووجوب وقوعه أمام القاضي .
•منع تعدد الزوجات .
•إباحة الزواج بين المسلمات والملل الأخرى .
•المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق السياسية والعمل .
•نزع القوامة من يد الرجل .
•انتشار نظرية الاختيار الحرفي الخروج والولوج والعمل والعلاقات الاجتماعية .
وهناك العديد والعديد من المظاهر التي بدأت في بعض الدول الإسلامية والتي تنادي بها بعض من ينتسبن للإسلام وللأسف الشديد .
أما السبل التي تنتهزها الداعية في هذا الموقف هو تحليها بالعلم الشرعي فلا بد أن تكون عالمة بالحلال والحرام وأن تتوسع في التفريق بين الواجب والمندوب والحرام من الأحكام , وأن تتعرف على أحوال الناس الاجتماعية حتى تستطيع التأثير في سلوكهم , فتكون على علم باختلاف الطبائع فتدعوا كل طائفة بطباعها وأن تتمسك بالسلوك المستقيم , والقدوة الطيبة والمعاملة اللينة الحسنة , وأن توضح للنساء بأن هناك تحديات خطيرة تجاه المرأة المسلمة التي تهدد كيانها وتعصف بمعالمها , فعلى الداعية أن تلعب دورا إيجابيا في كشف أسرار هذه الحركة الصليبية , وذلكم الغزو الحضاري لنسائنا , وتحاول تحصين المرأة المسلمة حتى لا تنطلي عليها الشبهات التي تثار حولها كقضية الميراث , والطلاق والقوامة , وتعدد الزوجات والمساواة بين الرجل والمرأة  فعلى الداعية أن تكون مواكبة لما يحصل في الأمة الإسلامية وما يُحاك ضدها عموما وضد المرأة بالخصوص.
وفي العموم يجب على الداعية أن تنتهج بمنهج الأنبياء والرسل عليم الصلاة والسلام في الدعوة إلى الله , يقول الله تعالى
{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (125) سورة النحل

ما موقف الدعوة في ظل هذا الخضم وغياب الهوية الإسلامية وما هي الصعوبات التي تعترض الداعية ؟

ج. لابد للدعوة الإسلامية أن تحدد المسؤولية الملقاة على عاتقها في ظل هذا الخضم وغياب الهوية الإسلامية , فيجب تحديد الواجبات التي تلزمنا بتطبيق الحلول وإيجاد مناخ إسلامي يتوافق مع تعاليم الإسلام وقيمه الاجتماعية فهناك مسؤولية على العلماء , ومسؤولية على الأفراد , ومسؤولية على أجهزة الإعلام , ومسؤولية على الحكام :

أولا :
مسؤولية العلماء :
على العلماء أن يكونوا قدوة في سلوكهم فلا يقولون مالا يفعلون وبذلك يطبقون شرع الله تعالى فيما يتعلق بجميع أمورهم فعندها يستطيعون الوصول إلى درجة الإقناع والتأثير في الآخرين .


ثانيا :
مسؤولية الأفراد :
إذا أدى العلماء واجبهم وقاموا بدور النصيحة والتوجيه والإرشاد ودعوة الناس بالتي هي أحسن وبالحكمة والموعظة الحسنة أصبحت المسؤولية على الأفراد أن يقوموا بدور النصيحة في بيوتهم بتعليم الرجل زوجته وبناته وأخواته ومحارمه فيلزمهن باتباع شرع الله تعالى في كل ما أمر به , وينهاهم عن كل ما نهى الله عنه , وعلى المرأة أيضا أن تقوم بهذا الدور فتعلم أبناءها الفضائل وتنهاهم عن الرذائل , وتقوم سلوكهم إذا استدعى الأمر ذلك فإن مسؤولية المرأة مسؤولية عظيمة وصدق الشاعر عندما قال :

الأم مدرسة إذا أعددتها ---   أعددت شعبا طيب الأعراق

ثالثا : مسؤولية الإعلام :
إن العاملين في الإعلام عليهم مسؤولية كبيرة فلا بد أن يوجهوا الناس توجيها إسلاميا يتفق مع تعاليم الدين الإسلامي , وقيمه الرفيعة , ويأخذوا بأيديهم إلى طريق الخير , فلا يعرضوا كلمة مخلة , ولا صور خليعة , ويجب عليهم أن يبعدوا الناس عن الرذائل , وعلى عاتق الإعلام والمسؤولين عنه أن يوضحوا للناس تعاليم الإسلام في صورة سهلة ميسورة .


رابعا :
مسؤولية الحكام :
مسؤولية الحكام أكبر من أي مسؤولية أخرى فالحاكم يقوم بدور الالتزام والإلزام باتباع شرع الله تعالى , فعلى كلمته ينعقد صلاح الدولة ومن ثم وجب أن يلتزم بتعاليم الإسلام ويلزم بها أفراد الشعب , فإذا أراد الحاكم في أن تكون بلاده بلادا إسلامية , وعمل جاهدا على تطبيق المنهج الإلهي الذي أنزله الله لعباده فعندها تبلغ الأمة الإسلامية أوج المجد والعظمة .
إن التزام الأمة الإسلامية بالدين الإسلامي في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والسلوكية يعيد لها الهوية الإسلامية كما كانت سابقا عزيزة عظيمة , لا كما يريدها أعداء الإسلام .
أما الصعوبات التي تعترض الداعية من أهمها : صعوبات أسرية واجتماعية واقتصادية , فمن الصعوبات  نظرة الرجل للمرأة ولعملها في الدعوة بنظرة خاطئة فلذلك يضع العراقيل أمامها مع نزعة السيطرة عنده فيمنعها في بعض الأحيان من الخروج والدخول , مع عدم مساعدته لها في الأوقات العصيبة , مع مساواة الرجل بالمرأة العاملة في ساعات العمل مما يؤدي إلى استنزاف طاقتها , مع عدم مناسبة بيئة العمل لنشر الدعوة , واختلال بعض الموازين عند عامة الناس , مع اعتماد أغلب الأزواج على المرأة ودخلها مما يكبلها بأعباء متعددة فعندها لا تستطيع القيام بالأعباء المالية تجاه الدعوة .

ليس هناك من ينكر اليوم أثر الإعلام في حياتنا سواء الإعلام المرئي أو المسموع أو المقروء , فما دور الإعلام في هذه القضية , كيف نستطيع الوقوف في وجه هذا التيار والمحافظة على هويتنا الإسلامية والعربية ؟
ج. لقد ظهرت عدة نظريات علمية حول مدى تأثير وسائل الإعلام , تجمع على أن هناك تأثيرا كبيرا لهذه الوسائل إذ تتمتع بقدرات ضخمة على الإقناع , فقد حلت وسائل الإعلام محل العنف أو القهر الذي كان سائدا في الماضي في إقناع الجماهير , وإخضاعهم للأنظمة القائمة , حيث تهدف وسائل الإعلام إلى التأثير فكل رسالة تشكل منبها قويا ومباشرا يدفع المتلقي إلى القيام بشيء معين يسعى القائم بالاتصال لتحقيقه , بمعنى أن الرسالة في وسائل الإعلام تؤدي إلى تحقيق استجابة مباشرة .
إن آثار الإعلام على الأمة الإسلامية واضح لكل ذي بصر وبصيرة , ولا يحتاج أمر معرفة ما وراء الإعلام سوى الاتصالات لصوت الحق , والاطلاع عل نتائج الدراسات الجادة في هذا الموضوع التي يقوم بها مخلصون على سلامة الأمة , فآثاره السلبية على الفرد طفلا ويافعا وشابا وشيخا وعلى المرأة والرجل في شتى الجوانب العقدية والتربوية والثقافية والعلمية والاقتصادية فلا بد من تحديد دور الإعلام في هذه القضية , فيجب على الإعلام المخلص أن يدرك مدى أخطاره السلبية وأن يتنبهوا إليها , فإن مصير الأمة الإسلامية يتجه إلى الانحراف والتفكك ومساوئ الأخلاق , وأن يتمسك بالدين الإسلامي فهو الحصن الحصين لحماية القيم الإنسانية من الانهيار والفساد , فالدين الإسلامي دين إصلاح وسعادة في الدنيا والآخرة وصدق الشاعر في قوله :

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت  ---   فإن هُم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

فعلى الإعلام أن يراقب ما يبث من خلاله , وأن يواجه البث الفضائي بالتربية الإسلامية الصحيحة , مع تأصيل المفاهيم الإسلامية في نفس كل مسلم منذ النشأة الأولى ومنذ البدء في دخول مرحلة التعليم والثقافة حتى تأتي تصرفاته صحيحة وسليمة , فإن الثقافة والقيم الإسلامية هي تلك التي تحمي الإنسان وتقيه الانحراف والانحلال وتجعله يقف في مواجهة هذه التيارات دون أن تهتز عقيدته أو يتخلى عن هويته الإسلامية .
وبذلك تستطيع الوقوف في وجه هذا التيار مع المحافظة على هويتنا الإسلامية العربية .

كيف يمكن أن ننمي اعتزاز المسلم بهويته في نفوس الجيل الجديد ؟
ج. يمكننا تنمية اعتزاز المسلم بهويته في نفوس هذا الجيل الجديد عن طريق بناء نفسية الطفل الإسلامية من خلال البناء الروحي والعاطفي مع تهذيب الدافع الجنسي عنده , فتتشكل نفسية الطفل حسب مفهوم الطفل عن ميوله وغرائزه وفق قاعدة العقيدة التي تأمر وتنهى وهكذا ينشأ في الطفل هذا حلال وهذا حرام , فيكون أسرع التزاما من الكبير لأن ميوله وغرائزه في طور التشكل , كما أن سلطان الغرائز والشهوات عنده أضعف من عند الكبار , فالعبادة تغذي نفسه وروحه وتقوي صلته بالله تعالى , وتزيده قوة وثقة نفسية , والعاطفة عندما يأخذها بجرعات متوازنة مع التهذيب الجنسي لديه فإن نفسيته ستصبح أكثر استقرارا من الأطفال الذين لم تهذب دوافعهم الجنسية  و أطلقوا لها العنان نتيجة إغفال تربيتهم , أو تشكلت لديهم مفاهيم الإباحية الجنسية سواء من أسرهم أو مجتمعهم  أو إعلامهم , لهذا فإن العناية بنفسية الطفل بناء وتهذيبا سيعين هذا الطفل على توازن المزاج ويهدف إلى تحقيق الميول والغرائز وفق العقيدة الصحيحة , وبالتالي يمتلك نفسية قوية في مواجهة الأحداث , كما يمتلك ميزانا نفسيا في تحقيق الرغبات والميول وفق العقيدة الإسلامية التي يتلقاها من القرآن والسنة الصحيحة .


في ظل هذه الهجمة الشرسة على المسلمين , وتزيين أهل الباطل باطلهم ولبسهم الحق بالباطل ما الدور المنوط بالداعية ؟

إن الدور المنوط بالداعية في ظل هذه الهجمة الشرسة على المسلمين أن تتمسك بأمور من أهمها :
•أن تجد راحتها في العمل والبذل والعطاء , فهي تجد الأنس والسرور والفرحة في نصر يحققه الدين الإسلامي , فتكون دائمة التفكير , عظيمة الاهتمام , إذا دعيت أجابت , وإذا نوديت لبت , حديثها وكلامها لا يتعدى الميدان الذي أعدت له , ولا تتناول سوى المهمة التي أوقفت عليها حياتها وإرادتها , تجاهد في سبيلها , تقرأ في قسمات وجهها وترى في بريق عينها ما يدل على ما يضطرم في قلبها من ألم دفين على وضع الأمة الإسلامية , وما تفيض به نفسها من عزيمة صادقة وغاية بعيدة .
•أن تعيش للإسلام بكليتها وتوجه حياتها من أجله , وتسخر كل طاقاتها وإمكانياتها لما يعز سلطانه ويرفع بنيانه .
•أن تكون شديدة الحرص على هداية الناس وتعليمهم وتزكيتهم مقتدية بسيد الرسل عليه الصلاة والسلام قال الله تعالى عنه
{إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ} (37) سورة النحل.
•أن لا تهدأ من التفكير في مشاريع الخير التي تنفع الإسلام والمسلمين .
•أن تكون دائمة الاتصال بالأخوات في الخير والدعوة حتى تتزود منهن , يقول الله تعالى " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه " الكهف : 28 .
•أن تدعوا إلى الله تعالى في كل مكان وفي كل الظروف ,  وفي كل البيئات مقتدية بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان يدعو في جميع الأماكن والأزمان والأحوال فوق الدابة وفي المسجد والطرق والسوق والمنازل والمواسم والحضر والسفر وفي الصحة والمرض .
•أن تتألم لحال المسلمين لما يجدونه من ظلم وعنت مع تقديم الحلول والاقتراحات .
•أن تكون دائمة النشاط والعطاء والاتصال بالناس , فمن سمة المؤمنة الداعية أن تكون ذات حركة نشيطة دائبة مستمرة حتى تبلغ الأمانة وتنصح الأمة .

ما هو التأثير الذي يمكن أن يخلفه صراع الهويات في نفوس شبابنا المسلم ؟

ج. إن التأثير الذي يمكن أن يخلفه صراع الهويات في نفوس شبابنا المسلم يؤدي إلى عدة أمور من أهمها :
•انتكاس الأمة الإسلامية مع أن الله جعلها من أفضل الأمم ووعدها بالتمكين ولكن لا يتم ذلك إلا بتحقيق الهوية الإسلامية , والعبودية لله وحده , يقول الله تعالى
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (55) سورة النــور.

التفرق في الدين والاعتقاد: وهو من أخطر أنواع الفرقة , يقول الله تعالى {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} (52) سورة المؤمنون {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} (53) سورة المؤمنون.

•التفرق في التشريع :
عند فقدان الأمة للهوية الإسلامية نشأت دعوات كثيرة تهدف بقصد أو بغير قصد إلى زحزحة نصوص الكتاب والسنة عن مرتبة الصدارة , ورد الأمر إلى عقول الرجال والقواعد التي أفرزتها تلك العقول , وقد زاد بلاء الفرقة التشريعية في هذا العصر , عندما أقصيت الشريعة الإسلامية عن الحكم في بعض ديار المسلمين واستبدلت بها القوانين الوضعية .

•الفرقة السياسية :
الأمة الإسلامية أمة واحدة يجمعها إطار سياسي واحد , وعند فقدان الهوية الإسلامية يتسلط علينا الأعداء والحاقدون فتتمزق الوحدة السياسية الإسلامية , يقول اللورد كرومو في الفصل الأخير من كتابه مصر الحديثة ( إن إنجلترا كانت مستعدة لتمنح الحرية السياسية النهائية لكل ممتلكاتها المستعمرة حالما يكون جيل من المفكرين والسياسيين المشحونين بمثل الثقافة الإنجليزية عن طريق التربية الإنجليزية  مستعدا للاضطلاع بالأمور , ولكن الحكومة الإنجليزية لن تسمح بحال من الأحوال بقيام دولة إسلامية مستقلة ولو للحظة واحدة ) .
•التخلف التقني والعلمي : عندما فقدنا الهوية الإسلامية تخلفنا عن السابق , فإن من أهم أسباب التخلف تكمن في البعد عن الإسلام .


ما الدور الذي ينبغي أن تقوم به الأسرة والمدرسة والمجتمع بشكل عام تجاه هذه القضية ؟

تعد الأسرة النواة الأولى في تشكيل الهوية المسلمة لدى الطفل , وعلى عاتقها يقع العبء الأكبر والمسؤولية العظمى , فعلى الأم أن تنشئ الطفل منذ نعومة أظفاره على الشخصية الإسلامية الأصلية , وأن تغرس في عقله وقلبه معالم تلك الهوية التي أصبحت في واقعنا مستترة خلف حجب كثيفة تحيكها تيارات الباطل والفساد  ويتحقق ذلك من خلال عدة وسائل منها :
•ربطه بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في جوانب حياته المختلفة ومنذ سن مبكرة حتى يتعلق الطفل بتلك الشخصية ويحبها ويتأسى بها , وبسيرة الخلفاء الراشدين والصحابة والتابعين , والشخصيات الإسلامية البارزة التي تركت بصماتها واضحة جلية في هذه الأمة بدلا من أن يتعلق الطفل بحكايات التفاهة واللاقيمة كقصص سندريلا وسنو وايت مع أقزامها السبعة وعلي بابا والأربعين حرامي وأمثالها مما لا حصر له .
•لا بد أن تعرض أمام الطفل شخصيات معاصرة انطبعت بتلك الصبغة الإسلامية الرشيدة يشاهدها أمامه وحبذا لو كانت قريبة منه فيتلقف منها سلوكياتها حتى لا يظن أنه مع هذا الواقع المشحون بالتميع والازدواجية لا توجد أمثال تلك الشخصيات الفذة إلا في الزمان الغابر , أو بين بطون الكتب .
• ينبغي حماية الطفل من المغريات التي تحيط به وإحصانه منها , وذلك بتبصيره بالغزو الفكري وأهدافه وخباياه الخبيثة وجذوره المتفرعة هنا وهناك منذ سنينه الأولى حتى يدرك خطورة الموقف ويحرص منذ الصغر على صقل شخصيته والحفاظ عليها من كل دخيل , وتفرض الرقابة الواعية على وسائل الإعلام التي يلج الطفل عالمها فلا يسلم الطفل لسمومها لقمة سائغة , ولا يمنع منها قسرا , بل الأسلم أن يتعرف الطفل عليها مع والديه , وتحت نقدهم وإرشادهم وتوعيتهم لذلك السم المدسوس في العسل فينشأ قويا متماسكا يحمل بين يديه أسلحة متينة يستطيع أن يقف بها صامدا أمام تلك التيارات العاصفة .

ما الطريق الذي يجب أن نسلكه لاسترداد هويتنا ؟ الطريق الذي يجب أن نسلكه لاسترداد هويتنا أن نعود إلى أصولنا الكتاب والسنة ونعض عليها بالنواجذ , فنسعد في الدنيا والآخرة , فإنه ما أنعم الله تعالى على عباده بنعمة هي أعظم من نعمة الإسلام , وما من عليهم بمنة هي أكبر من بعثة خير الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام , يقول الله تعالى :{لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} (164) سورة آل عمران, فإن الله تعالى أنقذ هذه الأمة من حضيض الغبراء إلى ذرا العلياء , وانتشلها من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد , ومن ضيق الدنيا إلى سعتها , ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام وحولهم من رعاة الإبل والغنم إلى قادة وشعوب وساسة أمم , ليقودوا زمام هذه الأمة إلى بر الأمان وشاطئ السلام , إن عظمة هذا الدين الكامل الشامل الذي يربط الخلق بخالقهم جل وعلا مالك النفع والضر والحياة والموت عالم الغيب والشهادة فما شاء كان وما لم  يشأ لم يكن , فالتمسك بالدين الإسلامي هو المخرج والمنقذ في جميع الأوقات والأماكن .

من هم أعداء الهوية الإسلامية , وهل يرتكزون بالداخل أم بالخارج ؟
ج. أعداء الهوية الإسلامية يرتكزون في الداخل وفي الخارج , فأعداء الهوية من الداخل هؤلاء الذين تشربوا الحضارة الغربية المادية , وحيث نما طوفان الافتتان بالحضارة الغربية وطغى تيار الحياة المادية انهمر كثير من بني جلدتنا وممن يتكلمون بألسنتنا بما عليه ظاهر القوم , وأصيب بعض من أرباب الفكر والثقافة , وحملة الأقلام ورجال الإعلام بالانهزامية الفكرية والخلقية والثقافية , فـأثروا على الرعاع , وخدعوا الدهماء بزخرف القول , وقشور التقدمية المزعومة , والمدنية الزائفة , يريدون بصنيعهم هذا إسدال الستار على عقول أبناء هذه الأمة لتتمكن خفافيش وأدعياء الحضارة من التسلل في ليل حالك , لترتفع ألسنة لهيب المفتونين لحماية هذا الأمر والدفاع عنه , والدعوة إليه بدعاوى مزركشة وأقوال مزخرفة , وألبسة فاتنة , ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب , يركبون مطايا الموضات ويتزينون بأشكال من التقليعات في سماجة خلقية وسذاجة فكرية , وأما أعداء الهوية من الخارج : إن من الواضح أن العقيدة الإسلامية تواجه مخططات كبيرة , فقد ظلت المؤامرات تحاك ضد هذا الدين يوما بعد يوم وفي هذا القرن اشتد العداء , ووصلت هذه المؤامرات إلى حدود كبيرة تجاوزت كل تصور , فأصبح العالم الإسلامي اليوم محاطا بموجات براقة وخادعة متتالية ومستمرة من التشكيك في قدراته , وفي دينه ليتحلل من إيمانه بالله ويصبح فريسة لقوى الشر العالمية تفعل به ما تشاء وانهالت المعارك المتعددة والحادة تواجه المسلمين بشراسة بالغة تحت دعاوى الطائفية والمذهبية , واتخذت تلك المؤامرات أشكالا مختلفة بوسائل متعددة من أهمها الإعلام , ولقد وضح بجلاء أثره في اختراق الحدود , فكان للإعلام والغزو الفكري آثار جديدة يأتي في مقدمتها الأثر العقدي , حيث إن مضمون الحملة الغربية تجاه الإسلام والمسلمين تكمن في نقطتين :

أ‌
.تشويه الإسلام بجميع أوجهه , وتشويه القيم الإسلامية .
ب
‌.الإيحاء لغير المسلمين بأن المسلمين ما هم إلا حفنة من صانعي الإرهاب في العالم , مع أن الحقيقة الساطعة أن الإرهاب هو ابتكار الصليبية القديمة التي افتخرت بأن خيلها خاضت إلى الركب في ساحة المسجد الأقصى في دماء المسلمين , ونهج الصليبية الحديثة التي جاءت باليهود من كل بقاع الأرض , لتزرعهم في أشلاء شعب من شعوب المسلمين , ليبدأ هؤلاء بأشد أنواع الإرهاب والفتك والإبادة .

من وجهة نظرك هل ستعود إلى المسلمين هويتهم ؟
ج. إن أمة الإسلام إذا أدركت أن ما أصابها في هذا الزمن من ضعف واختلاف وفرقة وتسلط من الأعداء وعقوبات حسية ومعنوية , وفوضى في كل مجالات الحياة , وما نعانيه من حروب طاحنة في كثير من بقاع العالم الإسلامي التي قضت على الأخضر واليابس , والأمراض الفتاكة والمجاعات المفزعة والفيضانات المهلكة , والزلازل والبراكين المدمرة والحوادث المروعة إنما هو بسبب ذنوب العباد وإعراضهم عن ربهم يقول الله تعالى " ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا " الجن : 17 ويقول أيضا
{أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ} (45) سورة النحل , فإذا أدركت الأمة أن هذه المصائب بسبب الابتعاد عن الدين الحق , وعادت إلى أصولها وثوابتها , يعود لها مجدها وعزها , فلا بد أن يعود المسلمون لدينهم ويصلحوا أنفسهم ويعالجوا عيوبهم من الداخل , ويسدوا كل ثغرة يريد أن ينفذ إليها العدو , وأن يتحدوا على المصدرين العظيمين الكتاب والسنة , وأن ينبذوا كل الاتجاهات والمذاهب وجميع الأحزاب والمشارب التي تخالف تعاليمه , وأن يؤصلوا في أنفسهم وأجيالهم العلم الشرعي النافع والتربية السليمة الراشدة , فعندها تملك الأمة الإسلامية مشارق الأرض ومغاربها بإذن الله تعالى .

كلمة أخيرة للداعيات بشكل عام ولزائرات الموقع بشكل خاص ؟

ج. كلمتي للداعيات بشكل عام التمسك بأهداب الشريعة الإسلامية وأصولها , وعدم الخوض في أمور الدين والعلم من غير معرفة , فهل تعلم الداعية ما هو أصل الشرك والكفر ؟ وأساس للبدع والعصيان ؟ وما هو أغلظ وأنكى منها ومن جميع الفواحش والآثام والجرائم والبغي والعدوان ؟ ذلكم هو ( التقول على الله تعالى بغير علم ) , يقول الله تعالى
{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (33) سورة الأعراف, فالله تعالى قرن القول عليه بلا علم بالشرك والبغي والإثم والفواحش , بل لقد جاءت هذه المحرمات الأربع مرتبة على حسب مراتب الشدة فيها على سبيل التعلي , فأهونها أولها وأخطرها آخرها  ولا عجب , فما الشرك إلا ضرب من القول على الله بغير علم , يقول ابن كثير يرحمه الله في تفسيره ( 3/ 409) " وأن تقولوا على الله مالا تعلمون " أي الافتراء والكذب , فمن أكبر الجنايات أن يتصدر المرء للخوض في دين الله تحريما وتحليلا من غير علم ولا بصيرة , ولعل من أهم الأمور التي انصح نفسي بها والداعيات أن نهتم بأمور منها :
1
.الميل العاطفي والمحبة القلبية للمدعو , يقول الله تعالى {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (159) سورة آل عمران.
3.
الإقناع العقلي والحجة العلمية , يقول الله تعالى {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (125) سورة النحل .
4
.تفاعلاتها الدعوية : إن من أهم عوامل التأثير هو ظهور الداعية في المجتمع بظواهر الاهتمام لهذا الدين والحماس لهذه الدعوة كما قال الصديق رضي الله عنه " أين


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

لقاءات الشبكة

  • لقاءات عبر الشبكة
  • لقاءات عبر المجلات
  • الصفحة الرئيسية