صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الجولة السابعة : لقاء في سلطنة عُمان

الدكتور محمد جميل غازي

 
القرآن نزل لحل مشاكل الإنسان ..!
مخاطبة العقول والقلوب بالقرآن ..!
كلمة التوحيد، وتوحيد الكلمة ..!

انتهزت مجلة "العقيدة" العمانية.. فرصة لقاء الدكتور محمد جميل غازي.. في "عمان" لإلقاء بعض المحاضرات في التوعية الإسلامية، فكلفت محررها الزميل "إسماعيل السالمي" بإجراء لقاء معه.. ورغم أن الحوار كان بمناسبة بداية القرن الهجري الجديد.. إلا أن الدكتور كعادته طارد الصوفية والصوفيين، وقال ما تمكنت المجلة من نشره..
وإليك نص الحديث:
الهجرة.. هي البداية:
الأمة الإسلامية تمر الآن بذكرى مرور أربع عشر قرناً على الهجرة النبوية.. فكيف نجسد هذه الذكرى لإحياء مجد الأمة الإسلامية ؟
التاريخ الهجري تاريخ أجمع عليها الصحابة.. حينما جمعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه لاختيار تاريخ يسجلون به أحداثهم ووقائعهم.. ولقد فكروا أي تاريخ يختارون، واتفقوا فيما بينهم على أن أعظم حدث فعلاً هو حدث الهجرة.. واتفقوا على اختيار الهجرة لتكون تاريخاً للمسلمين يرجعون إليه.. يسجلون به أحداثهم.. فالهجرة النبوية وهي الموعد الذي اختاره الصحابة بالإجماع لتكون تاريخاً لحياتهم.. والهجرة النبوية كانت انتقالاً من الفترة المكية إلى الفترة المدنية، والفترة المدنية هي الفترة التوطينية للإسلام، ولانطلاق الإسلام.. ففي المدينة قام الرسول صلى الله عليه وسلم بوضع النظم الكفيلة بضمان مسيرة الإسلام.. ولم يضعها الرسول صلى الله عليه وسلم من عند نفسه.. وإنما وضعها بتشريع من عند الله سبحانه وتعالى، وبوحي من الله.. لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى.. هذه الشرائع التي وضعت في المدينة هي الشرائع الكفيلة والقادرة على هداية الأمة الإسلامية أو على هداية الإنسانية جمعاء.. وبدونها لن تسعد الأمة الإسلامية ولن تسعد البشرية.. كذلك فإن الفترة المدنية هي الفترة التي قامت فيها حروب الإسلام.. والتي أذن للرسول صلى الله عليه وسلم فيها أن يقاتل الذين يقاتلونه، والذين يقفون في سبيل الدعوة الإسلامية.. كما قال الله تعالى: { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } [الحج: 39].
فالهجرة الإسلامية تعتبر علامة ليست في التاريخ الإسلامي وحده، وإنما في التاريخ الإنساني عامة.. فالمسلمون مطالبون فعلاً، وقد مر أربعة عشر قرناً على الهجرة النبوية أن يحتفوا بهذا الحدث، وأسلوب الاحتفاء بهذا الحدث لا نقول بالمهرجانات الموسيقية والمهرجانات الغنائية أو بالتهريج، وإنما بالمؤتمرات العلمية التي تقدم فيها قضايا الإسلام، والتي يدرس فيها ماضي الإسلام، ونصحح كثيراً من الأخطاء الموجودة في التاريخ الإسلامي.. ثم في الوقت نفسه دراسة حاضر المسلمين ونقط الضعف في هذا الحاضر، والسلبيات الموجودة.. وفي الوقت ذاته وضع الخطط الجادة الغير الهازلة التي لا توضع للاستهلاك فقط، إنما توضع موضع التنفيذ للنهوض بمستقبل المسلمين، وكيف يكون هذا المستقبل أكرم وأشرف مما سبق. وننتظر أن تتحرك البلاد الإسلامية نحو هذه الذكرى وأن يؤمنوا أنهم شهود نهاية القرن الرابع عشر الهجري وهم شهود ميلاد القرن الخامس عشر الهجري.. إننا نعيش هذه الفترة الحاسمة في التاريخ البشري.. فالعالم من حولنا يعيش صراعات رهيبة.. سواء أكانت صراعات فكرية أو صراعات أيديولوجية.. أو صراعات استراتيجية أو صراعات في المذاهب..
هذه الصراعات موجودة في العالم اليوم.. وكل أمة في العالم تحاول أن تتسع أو أن توسع مناطق نفوذها في مقدرات الدول الفكري أو النفوذ العسكري أو النفوذ في الأرض أو النفوذ في مقدرات الدول أو النفوذ في الأسواق، والمسلمون منكمشون لا يستطيعون النفوذ أو متابعة العالم باهتمام، أو أن يشاركوا في الحياة النشيطة التي تدور في الخارج.
مطلوب من المسلمين وهم يحتفلون باستقبال القرن الخامس عشر الهجري أن يتصوروا هذا كله ويتدبروه.. وكل المسلمين ينبغي أن يدرسوا كيف يوصلون كلمة الله إلى الناس جميعاً، لأن حل مشاكل الناس في أيدي المسلمين والعالم يبحث عن أسلوب لحل مشاكله.
المجتمع الرأسمالي يبحث عن أسلوب.. والمجتمع الشيوعي يبحث عن أسلوب.. والمجتمعات التي تسمي نفسها الاشتراكية تبحث عن أسلوب.. وتختلف على نفسها، وكلها اجتهادات بشرية تخطئ أكثر مما تصيب.

القرآن.. والإنسان:
ليس هناك أمة تحمل كلمة الله بصدق إلا الأمة الإسلامية، فليس هناك كتاب يمثل كلمة الله إلا القرآن الكريم، لأن الكتب كلها ضاعت.. التوراة ضاعت، والإنجيل والزبور كلها ضاعت، ولم يبق كتاب سوى القرآن الكريم هو الذي يمثل كلمة الله حتى وإن كانت هذه الكتب باقية فإنها بنزول القرآن انتهت رسالتها وانتهت أهدافها.. والقرآن الكريم أصبح مهيمناً على هذه الكتب.. وأصبح مسؤولاً عن كلمة الله الصحيحة.. القرآن حل مشاكل الإنسان.. وعلى المسلمين أن يبلغوا هذا الحل للناس جميعاً، إن لم يقم المسلمون بتبليغ كلمة الله يكونوا قد قصروا في حق البشرية كلها ويكونوا قد قصروا في حق أنفسهم أيضاً.
وألاحظ على المسلمين ملاحظة عجيبة، أنهم في وسط هذا المعترك القائم بين الثقافات، وبني الحضارات لا نجد المسلمين يدخلون المعترك بما معهم من ثقافة، وما معهم من حضارة.. ينزوون ويخجلون ويتقوقعون بل يتشبهون بالآخرين.. فنجد في بلاد المسلمين من يعتنق الشيوعية، ونجد من يعتنق الوجودية، ونجد من يمارس التبشير.. هل هناك جدب في الثقافة الإسلامية حتى أخذوا يتسولون من هنا وهناك ويستوردون.. لو أن ثقافة القرآن قليلة أو ضحلة لقلنا أن المسلمين يستوردون ثقافات أخرى لملء الفراغ الذي يعانون منه.. لكن ثقافة القرآن لا نظير لها، وليس هناك في الدنيا على الإطلاق لا في الماضي، ولن يكون في المستقبل أبداً كتاب قامت عليه ثقافة كما قامت ثقافة على القرآن الكريم.. علوم انبثقت من القرآن الكريم.. ملايين الملايين من الكتب خرجت من القرآن الكريم، وهو كتاب يدعو أتباعه إلى الانفتاح العقلي، والانفتاح الفكري.. فهو ليس كتاباً مغلقاً، وليس كتاباً يطلب من أتباعه أن يكونوا مغلقي الذهن.. إنه كتاب ينهى عن الجمود، ينهى عن التقليد.. يدعو إلى العقل والحضارة والتدبر.. كل ذلك موجود فيه.. مطلوب من المسلمين وهم الشاهدون لنهاية القرن الرابع عشر، أن يخرجوا القرآن للناس.. أنا أعلم أن القرآن يطبع عشرات المئات وآلاف الطبعات في كل بلاد المسلمين، وأعلم أن هناك تسجيلات كثيرة للقرآن الكريم.. وأعلم أن هناك محطات لإذاعة القرآن الكريم.. وهناك مجلات دينية تنشر القرآن الكريم.. لكن ليس هذا هو المطلوب فقط، إنما المطلوب هو كيف نغزو المؤتمرات العالمية بالقرآن الكريم.. كيف نغزو بلاد العالم مبشرين بالقرآن الكريم.

القرآن يخاطب القلوب العقول:
وأقولها صريحة بأن بلاد العالم ممهدة جداً لاستقبال القرآن.. هي تبحث عنه.. نحن نعلم أن في أمريكا مسلمين كثيرين، ويسلم الكثير فلو وضعنا مقارنة بسيطة بين ما يبذله التبشير لدخول بلاد المسلمين.. فالتبشير يدخل بالمال والوعظ من أجل أن يجعل مسلماً واحداً يترك دينه فلا يستطيع.. العكس هو الذي يحدث... أمريكا هي التي يدخلها الإسلام هل معنى هذا أن عندنا أموالاً نصرفها على الأمريكيين لكي يسلموا...ومن الذي يستطيع أن يشتري أمريكا وهي تملك كل شيء؟ يدخلون الإسلام بدون تبشير منا وبدون ضغوط، وبدون إغراء، هم يبحثون لأن المدنية الأوروبية تعيش الآن مرحلة تفسخ، تعيش مرحلة النهاية، وهذا كلام علمائهم.. فأكبر فيلسوف غربي، وأكبر مؤرخ غربي ألف كتابه أفول الغرب... الذي ترجم ترجمتين إحداهما بعنوان "أفول الغرب" والأخرى بعنوان "انهيار الحضارة الأوروبية" إذ هذا رأيه، كذلك نجد أن الكتاب من قديم يبشرون بالإسلام "جورج برناردشو" يقول في كتابه "نداء العمل" فإذا كانت لنبوءات كبار الرجال أثر فإني أتنبأ بأن دين محمد قد أصبح مقبولاً لدى أوروبا اليوم، وسيكون مقبولاً لديها أكثر غداً، وسيكون دين الإنسان جميعاً قبل الصيحة الأخيرة. إذ أوروبا مهيأة تبحث عن كتاب عالمي، ودين عالمي.
الآن ومنذ عشرات السنين يبحثون عن دين عالمي، وقد أوجدوا أو ألفوا أو اختاروا ديناً جديداً سموه الديانة الطبيعية.. كذلك يريدون أن يضعوا لساناً عالمياً، فوضعوا ما سموه "الأسبانتو"... فلو نظرنا إلى الديانة الطبيعية التي قالوا بها نجدها قريبة الشبه بالإسلام.. لكنها ليس فيها الدقة ولا الحكمة الموجودة في الإسلام.. فهم يريدون ديانة تتفق مع الطبيعة وما يقولونه عن الطبيعة هو ما قيل عن الإسلام "دين الفطرة" الدين الذي يتفق مع عقل الإنسان وإحساسه، كذلك هم يطالبون بلسان الاسبرانتو أو اللسان العالمي.. والإسلام أيضاً معه اللسان العالمي.. فاللغة العربية – نحن بانزوائنا جعلناها اللغة السادسة بين لغات العالم... هذه كارثة – مع أن اللغة العربية لا أقولها بأنها الأولى فقط... ولكن لا ينبغي أن توضع من اللغات في مقارنة فهي أعلى.. ولا نقول هذا الكلام جزافاً، ولكن نقوله من الواقع الحي.. فإذا جئنا بأكبر قاموس لغة من اللغات ولتكن اللغة الإنجليزية لأنها أوسع اللغات.. ثم حذفنا مفردات الحضارة منه ثم أبقينا الجزء الباقي بعيداً عن ألفاظ الحضارة المستحدثة مثل "راديو.. تلفزيون" وأتينا بلسان العرب بأجزائه العشرين فإننا نجد ما يتبقى من اللغة الإنجليزية لا يعادل نصف مجلد من مجلدات لسان العرب.. إذاً فهي لغة واسعة لها أدبها، ولغة لها كيانها.. ولها مفرداتها الثرية الغنية واشتقاقاتها.

القرآن.. والتطور:
فالمسلمون عندهم الكثير من العلم والكثير من الحضارة.. ولكن كل هذا ضاع.. في الوقت الذي نجد فيه المكتبة الإسلامية مليئة نجد المسلمين يتسولون فتات موائد الآخرين.
كل هذه الأمور لابد أن توضع على الموائد أمام الذين يجتمعون ليدرسوا مرور أربعة عشر قرناً من الزمان على نزول القرآن الكريم.
القرآن هو المعجزة الخالدة.. والأمة الإسلامية تسير في اتجاهات باسم التطور الحديث.. فهل عجز القرآن عن مسايرة الأحداث والقوانين المعاصرة في الوضع الاجتماعي والسياسي والمالي؟
للقرآن الكريم موقفه من التطور، وللتطور موقفه من القرآن.. فالقرآن يرحب بالتطور.. ولكن أن يخضع له.. فلا.. لأن ما نسميه تطوراً قد يكون في بعض الأحيان تهوراً، وليس بتطور.. وما نسميه مدنية قد يكون همجية.. وما نسميه بالتحرر قد يكون تحللاً.. من الذي يحدد الفرق بين ما هو تطور وما هو تهور؟ وما هي تجديد، وهو في الحقيقة تبديد.. وما هو تحرر وما هو تحلل؟ هل الحرية هي أن تفسق.. أن تشرب الخمر؟ أن تجعل من المرأة قطعة ديكور؟ أن تشارك المرأة في تجميل شوارع المدينة؟ إن هذا ليس تحرراً وإنما هو تحلل.. من الذي يسمي الأشياء بأسمائها؟ إنه القرآن الكريم.. فإذا أخضعنا القرآن للتطور فمعناه أن يفرض التطور تهوره على القرآن.. فيقول له: إن خروج المرأة نصف بغي ونصف عارية هذا تحرر.. لو أخضعنا القرآن لهذا فمعناه عكس للأوضاع.. فالقرآن هو المسيطر على الفكر والمسيطر على سلوك الإنسان.. أما أن يكون الإنسان هو المسيطر على كلام الله فقد انعكس الموضوع وعاد القرآن لا شيء.. ويعود الإنسان مرة ثانية ليفكر لنفسه.. والله تعالى قد وفر على الإنسان جهوداً مضنية، ما كان ليستطيع أن يصل إلى القرآن، فالله وفر عليه ليحميه من المتاعب الفكرية.. فالبشرية مثلاً في مجال الشيوعية.. ماركس وضع نظرية.. لا أقل إنه أول من وضعها وإنما هو واحد في حلقة طويلة من الذين وضعوا الشيوعية.. وأن تاريخ الشيوعية أقدم من ماركس بمئات السنين.. فلنقل أن ماركس وضع نظرية.. هل ماركس نفسه مقتنع بالنظرية.. إن النظرية نفسها تحمل عوامل سقوطها.. لأن ماركس الذي يقول بالتطور وبالصراع المستمر سألوه.. وماذا بعد الشيوعية؟ أجاب مزيد من الشيوعية.. معنى هذه الإجابة أنه هو شخصياً غير مقتنع بأن نظريته صالحة للتطور، وإلا لكان المبدأ الذي بنى عليه النظرية وهو الصراع يستمر.. ويكنه يرى أن هذا المبدأ ينتهي.
نجد أن الشيوعية تحمل تناقضات، تقول إنه إذا ظهر طغيان رأس المال قامت حركة البلوريتاريا، وحدث الصراع بين طغيان رأس المال وبينهم.. مع أننا نجد مجتمعات طافحة بالمال، ومع ذلك لم يحدث فيها صدام.. كالمجتمع الأمريكي مثلاً، ثم قامت الاشتراكيات بعضها يعدل البعض.. هذه اشتراكية "فابية" وهذه اشتراكية إصلاحية.. كل هذه النظريات تتصارع.. القرآن الكريم وفر على الإنسان كل هذه المتاعب ووضع حلوله لكل المشكلات.
نعود إلى الجزء الخاص بالتشريع والسياسة والاقتصاد.. نقول إن القرآن الكريم حكم العالم في فترة طويلة وأنه قدر أن يضع للعالم تشريعات منصفة عادلة لم ير العالم مثلها، وأنه ونضع نظماً سياسية وإدارية لم يشهد لها العالم مثيلاً.. كل ذلك معروف لمن يدرس الحضارة الإسلامية.. والقرآن ليس معجزاً في لفظه فقط وإنما هو معجز في تشريعه أيضاً وفي سياسته وفي أسلوبه التنظيمي وأسلوبه الاقتصادي.. فهو معجز في كافة النواحي التي عرضها وتطرق إليها.. فالله عندما أنزل القرآن للإنسان لم ينزله من أجل أن يرضى عقل الإنسان، أو يرضي مشاعره وإحساساته فقط.. أو يرضيه في أسرته أو مجتمعاته فقط.. فهو ليس ديناً فردياً كالوجودية.. وليس ديناً يلغي الفرد كالشيوعية.. إنما راعى الإنسان في نفسه ومشاعره ووجدانه، وراعاه في أسرته ومجتمعه.. وضع نظاماً يكفي لهذا كله.. إننا لو درسنا الخط الحضاري في منطقة الشرق.. ودرسنا الخط الحضاري في منطقة الغرب لوجدنا أن الكل في المنطقتين ترك الأديان ثم أخذ يتصرف عشوائياً.

تركنا القرآن.. فضعنا :
لكننا لو نظرنا إلى الماضي.. حينما كان الشرق متمسكاً بدينه والغرب متمسكاً بدينه، فإننا نجد أن منطقة الشرق الإسلامي حينما كانت متمسكة بدينها كانت هي صاحبة السيادة والتفوق الحضاري والعمراني الذي لا نظير له.. مما جعل ملك إنجلترا "جورج" يرسل خطاباً إلى هشام ملك الأندلس يقول له: "إنني أرسل بعثة من رجال البلاط والأشراف وبينهم ابنة أخي الأميرة "دوبانت" ليتعلموا العلم في مدارسكم ويعودوا إلينا فينشروا النور في بلادنا التي عمها الظلام من كل الجوانب".
ونرجع إلى منطقة الغرب لما كانت متمسكة بدينها كانت متخلفة جداً، وتاريخ أوروبا في القرون الوسطى يندى له الجبين.. محاكم تفتيش.. قتل للمفكرين.. إذاً فالمعادلة متعاكسة.. فلما ارتد الاثنان عن دينهم حدث العكس.. فالمسلمون تخلفوا.. وأوروبا تقدمت معنى هذا أن الدين الإسلامي يعطي حضارة.. والتمسك بغيره والردة عنه يعطي التخلف.. والردة عن غير الإسلام تعطي التقدم.
خاض القرآن الكريم معارك بعضها جدلي وبعضها حربي.. وخرج من هذه المعارك كلها منتصراً مع احتفاظه بنصه وروحه.. فلم تمسه يد التحريف.. فهل تشرح للقارئ جانباً من صمود القرآن ؟
هذه المعجزة أيضاً من معجزات القرآن الكريم، فالمعارك التي دارت حول القرآن الكريم لم تدر حول كتاب على الإطلاق.. في الوقت الذي تنزل فيه كل آية من آياته كان الصراع دائراً ومستمراً.. معارك كلامية وجدلية، ووفود تأتي للنقاش، وأفراد يناقشون النبي، ويناقشون المسلمين.. في الوقت نفسه كانت دور معارك حربية أيضاً مع الأعداء التقليديين.. الصليبية العالمية والصهيونية العالمية والشيوعية العالمية أو الوثنية العالمية بأي صورة من صورها.. تدور مناقشة في شتى المجالات ففي سورة آل عمران مثلاً.. عندما جاء وفد نصارى نجران إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليناقشه في حقيقة المسيح وحقيقة القرآن الكريم.. واستمر النقاش إلى ذروته.. ونزل قول الله تعالى: { فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ } [آل عمران: 61].
والمباهلة هي أن يقف الفريقان ثم يبتهلان إلى الله أن يلعن الكاذب منهما إلى آخر ما جرى.. فامتنع النصارى عن المباهلة.. وقالوا: لو كان نبياً فباهلناه لن نفلح ولن يفلح أولادنا من بعدها.. والرسول صلى الله عليه وسلم قال: ”والله لو باهلوني لأحجج الله عليهم الوادي ناراً“.
ونفس المواجهة حصلت مع اليهود.. والله سبحانه وتعالى يواجه اليهود بادعائهم المعروف وهو أن لهم الدار الآخرة، وأن الناس لن يدخلوا الجنة.. فالله يقول: { قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ } [البقرة: 94].. والرسول صلى الله عليه وسلم قال: والله لو تمنوا الموت لماتوا جميعاً، ولكنهم حريصون على الحياة كما قال الله تعالى في بقية الآيات: { وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمينَ، وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ } [البقرة: 95، 96].

القرآن فوق الصراعات :
هذا بالنسبة للجدل الكلامي، أما بالنسبة للمعارك العسكرية فلقد خاض الرسول صلى الله عليه وسلم معاركاً كثيرة تحدث القرآن عنها.
فمثلاً سورة الأنفال تعرض غزوة بدر، سورة آل عمران تعرض غزوة أحد، سورة الأحزاب تعرض غزوة الأحزاب "الخندق"، وغزوة بني قريظة.. نجد أن كثيراً من الغزوات مذكورة في القرآن الكريم وهناك الكثير من السرايا.
القرآن الكريم يخوض هذه المعارك سواء أكانت معارك كلامية أو عسكرية وسواء سجلها القرآن أم لم يسجلها.. المهم أنه كان يمر في خضم هائل من المناقشات والمعارك.. ومع ذلك فإن القرآن الكريم ظل منتصراً ولم ينهزم أبداً.. كذلك الجنود الذين يدخلون المعارك في ظلال القرآن ينتصرون، أما إذا ابتعدوا خطوة واحدة فإنهم ينهزمون.
القرآن انتصر في معاركه كلها، وأعظم انتصار حققه القرآن الانتصار في النص، فالنص الذي كان يتلوه الرسول صلى الله عليه وسلم هو النص الذي كان يتلوه الصحابة، هو النص الذي نقرأه، لا المعارك أثرت فيه يحذف حرف واحد ولا بزيادة حرف واحد.. وإنما ظل هكذا.. وأيضاً المعارك الداخلية فلقد كان بين المسلمين أنفسهم معارك.. وقامت فرق إسلامية ومذاهب بعضها سياسي وبعضها ديني وبعضها لأغراض شخصية، هذه المذاهب كانت تستبيح لأنفسها أحياناً أن تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن لم يستطع واحد من المتصارعين في هذه الفرق أن يضع آية في القرآن الكريم أو أن يحذف أو يضيف حرفاً.. وهذا علامة على حفظ الله للقرآن كما قال تعالى: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9]، { لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } [القيامة: 16، 19]. فالله سبحانه وتعالى وعد بالنسبة للقرآن بعدة وعود.. وهي جمع القرآن لأنه كان ينزل منجماً.. وقرآنه وهو أسلوب قراءة القرآن.. كذلك بيان القرآن.. ومن قبل ومن بعد حفظ القرآن من التحريف.

ترجموا معاني القرآن:
هناك شبهات يثيرها أعداء الإسلام حول القرآن فما هي هذه الشبهات؟ وكيف ندافع عنها؟
الشبهات أو النحل الفاسدة التي يثيرها أعداء الإسلام، شبهات مضحكة.. فهم مثلاً يشيعون أو يقولون بأن القرآن انتشر بالسيف ويقولون أن القرآن أباح تعدد الزوجات، وأن القرآن أباح الطلاق، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم عدد زوجاته.. وأن القرآن أباح الرق.. إن هذه القضايا التي أثيرت وتثار هي قضايا لا أساس لها.. وهي معقولة ومفهومة حتى لدى الذين يثيرونها.. فالذين يتكلمون عن تعدد الزوجات هم يعددون الخليلات ويعددون الزوجات ويقولون إن أنبياءهم عددوا الزوجات بمائة وأكثر من مائة.. فعندهم داود تزوج مائة، وسيلمان تزوج مئات.. والذي أريد أن أقوله شيء هام.. هو هل على الدعاة المسلمين أن يفترضوا أن القرآن موضوع في قفص الاتهام وأنهم هم المدافعون عنه؟ لا أبداً.. إن القرآن قادر على الدفاع عن نفسه في كل القضايا التي تثار حوله.
القرآن يدافع عن نفسه، ومهمة الدعاة هي إن يقرأوه على الناس، أن تترجموا معانيه إلى لغات العالم.. وأن يغزوا به العالم، وإن كان هناك ضيق يد في الدول الإسلامية فإن شبابنا المسلم الذي يسافر إلى الخارج يجب أن يحمل معه القرآن وتعاليمه.. وينفذ شعائر الإسلام.. إن مجرد سماع الناس للقرآن فإنه سيؤثر فيهم وسيهز مشاعرهم.. فلقد كان المشركون يوصون أصحابهم فقط بعدم سماع القرآن.

كلمة التوحيد .. وتوحيد الكلمة :
ما هي العقبات التي تقوم في طريق المسيرة الإسلامية.. وكيف يمكننا التغلب عليها؟
هناك عقبات كثيرة.. بعضها خارجية وبعضها داخلية.. والعقبات الداخلية أهم من الخارجية لأن العقبات الخارجية مهما قويت لن تكون أقوى منها في أيام نزول القرآن.. لأن القرآن نزل على رجل يعاديه حتى أقرب أقربائه – عمه – كذلك فهو في بيئة محاطة، ومع ذلك استطاع أن يخرج من هذه العزلة في الأهل والحصار الاقتصادي ومع ذلك خرج منتصراً، ولقد أوتي الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الفتح.. وفي حياته حقق فتح الجزيرة العربية كلها، وبعد وفاته وفي خلال خمسين عاماً كانت الدنيا قد فتحت على المسلمين شرقاً وغرباً.. المسلمون كانوا يفهمون الإسلام حقاً.. لم يكونوا فرقاً وشيعاً وأحزاباً.. ولم يكونوا مما يعادي بعضها بعضاً، وإنما كانوا أمة واحدة.. ولكن المسلمين أصبحوا اليوم فرقاً وشيعاً.. وينبغي أن نتذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما دخل المدينة كان أول شيء فعله بناء المسجد للوحدة ثم قيام الإخوة للوحدة.. فلو تمسك المسلمون بمبدأين هما توحيد الكلمة وكلمة التوحيد لتغير حالهم عما هم عليه.. وأصبحوا بحق خير أمة أخرجت للناس.. وهناك أمر هام هو أن يعود المسلمون بأفكارهم إلى القرآن الكريم وألا يبتعدوا عنه.. فالذي حدث هو أن المسلمين أخذوا يتسولون أفكاراً ونظماً.. فعيب علينا وبيننا القرآن أن نأتي بأفكار مستوردة من عند الوثنيين وعباد البقر والشيوعية الحمراء وغيرها من القوانين الموضوعة.

مطلوب دعاة على مستوى الدعوة :
تصل إلى الآذان كثير من الدعوات نحو تطوير سبل الدعوة والإرشاد.. فما رأيك في أفضل السبل ؟
الإسلام دين عرف كيف يستغل أساليب الإعلام.. وليس هناك على الإطلاق مبدأ أو دين صنع ما صنعه الإسلام.. في وقت لم يكن الإعلام معروفاً ولا العلاقات العامة معروفة، ومع ذلك وجدنا أ، الإسلام دين إعلامي من طراز لا يعرفه البشر.. ويكفي في الصلوات الخمس إذ يقف المؤذن فيبلغ مبادئ الإسلام في جمل مختصرة.. والمسجد مكان للتجمع خمس مرات في اليوم مع إمام واحد وصف واحد.. وخطبة الجمعة وصلاة العيدين.. يخرج الناس إليها صغيرهم وكبيرهم.. نساؤهم ورجالهم.. هذه كلها أساليب إعلامية قوية بدأ بها الإسلام.. فالداعية المسلم علمه الله كيف يستغل الأساليب الإعلامية المتاحة.. واليوم هناك أساليب إعلامية حديثة.. كالجريدة.. والإذاعة والتليفزيون.. يمكن تسخيرها للدعوة إلى الإسلام.. والرحلات والمؤتمرات، والسفر والهجرة، ولقاءات الشباب.. كل هذه الأساليب ينبغي أن تستغل.. يؤسفني جداً أن أقول أن الإعلام الإسلامي متخلف.. فمثلاً حينما تقرأ المقال الإسلامي تجده قد أخرج إخراجاً رديئاً.. وكذلك إخراج الكتاب الإسلامي بطريقة يسأمها الكثير فلماذا لا نستغل أرقى أساليب الطباعة.. وأرقى أساليب العرض.
وعلينا أن ندرك أن الدعوة إلى الإسلام ليست خطباً فقط.. فالخطب والمحاضرات قد تكون أحياناً مملة.. ثم إنها لمن؟ يذهب الخطيب إلى المسجد ليدعو الناس إلى الصلاة.. والذين يذهبون إلى المسجد إنما جاءوا ليصلوا ولكن المشكلة هي أن توجه الدعوة للذين يذهبون إلى المنتزهات والمقاهي والسينمات والملاهي بأن يتوجهوا للصلاة.. ولكن كيف أوصل ندائي إلى هؤلاء الناس.. يجب أن أستغل كل الطاقات من أول الجريدة وحتى الملصقات على الحوائط.. وهذه الملصقات تدعو إلى العبادة.. ولابد أن تصمم بأسلوب مثير.. والداعية حين يوجه نداءه يجب أن يعرف أنه لا ينادي المثقفين فقط.. وإنما الأميين وأنصاف المتعلمين أيضاً.. والخطيب عندما يقف في المسجد عليه أن يدرك أن أمامه مثقفين لابد أن يستفيدوا، وأميين لابد أن يستفيدوا.. وعليه أن يجمع بين الاثنين.
وعلى الداعية أن يختار الموضوع بحيث يكون قادراً على حل المشاكل اليومية للمتسمع.. كذلك المناقشة يجب أن تكون مفتوحة فربما كان المستمع يستمع إلى خطبة ولكنه غير موافق على هذا الكلام.. وليس من الضروري أن تكون على رؤوس الأشهاد فمن الممكن أن تكون مناقشات فردية.. ولتستمر المناقشة أسبوعاً.. شهراً.. تتبادل خلالها الكتب والمعلومات حتى يستطيع أن يقنعه لأنه ربما يكون فكره مشوشاً.

الذين يفترون على الله ورسوله :
أعرف رأيك في الصوفية والصوفيين، لكن ما هو تأثيرهم في الإسلام؟
الصوفيون لا تأثير لهم ولا وزن لهم في الإسلام، أو على الإسلام. لكن خطرهم الداهم.. هو على المسلمين.. أنهم يستغلون جهل البعض وبكل أسف.. وأقولها، وأنا حزين القلب والنفس.. أن أكثرية المسلمين هم الجهلة، مع أن العلم والتعليم جزء من الدين لا يتجزأ.. والرسول عليه الصلاة والسلام ما ترك فرصة إلا حض فيها على التعليم.. وقَبِلَ أن يكون فداء الأسير أن يعلم عشرة من أبناء المسلمين.. في أول غزوة.
ثم أعود فأقول: "هؤلاء الذين يدعون الإسلام، ويحسبهم الناس على المسلمين، ويدعون أنهم من المتصوفين، وتأخذهم العزة بالإثم.. فيفترون على الله. ويقولون: إن الإسلام هو التصوف، وأن التصوف هو الإسلام، وإذا كان الإسلام هو التصوف.. فلماذا سمانا الله بالمسلمين، ولم يقل رسول الله أبداً، ولا روى صحابته أنه قال تصوفوا.. ولم يقلها أحد من صحابته، ولا أحد من التابعين.. إن هي إلا بقايا من الأديان البائدة، والباقية.. بعضها مجوسي، وبعضها بوذي، وبعضها وثني، وبعضها مسيحي أو يهودي.. تسلل بها حاملوها إلى قلوب المسلمين ليضربوا العقيدة في قلبها، وفي أصلها.. في العمود الذي يقوم عليه التوحيد".
فأول خطوات الصوفية.. أن تسلم أمرك إلى غير الله.. أن تعطي كل قلبك للشيخ.. وهذه هي البداية.. فإذا نجحوا في ذلك أسلم المريد إلى بقية الخرافات.. حتى يشرك دون أن يدري.. وأي شرك بعد أن يقول الصوفي: أن كون الله في أيدي بعض الأقطاب.. وهم من البشر الموتى.. كالسيد البدوي، والدسوقي، وغرهما.. يفعلون به ما يريدون، والغريب أنهم يلفقون هذه السماء، ولا يقربون الأنبياء.. مع أن الأنبياء صفوة مختارة كرمهم الله بالاصطفاء.. لأن "الولي" الصوفي عندهم أكبر من أي نبي ويكفي أن تعرف أنهم يزهون بأنهم لا يعملون بما تركه لنا النبي صلى الله عليه وسلم ويعملون بما يقول به شيوخهم.. لأنهم يعتقدون أنهم يأخذون علمهم من الله الحي، وإنما بقية المسلمين يأخذون العلم عن أموات..

ألم يخدموا الإسلام في فترات معينة ويدافعوا عنه:
هذه فرية من مفترياتهم، وتلفيقة من تلفيقاتهم.. التي نشروها في الأدب الشعبي.. من أن السيد البدوي جاء بالأسرى وكيف يجيء أو يحارب وهو يسير على خط "ابن عربي" الذي يقول: إن الله إذا سلط ظالماً على قوم فلا يجب أن يقاوموه لأنه عقاب لهم من الله.. ومن قال إن هؤلاء الذين يعيشون بصفة دائمة في شبه غيبوبة عقلية يصلحون للحرب أو التدبير أو القتال؟.. إنهم يعيشون على فلسفة البلادة، وتخلف الفهم، وبطء الحركة.. فكيف يصارعون أو يحاربون؟
إذا كان بعضهم يعتبر السعي على الرزق.. عدم ثقة في أن الله قادر على أن يرزقه، وينام في بيته أو ضريحه إلى أن يأتيه أتباعه بالطعام والشراب، فكيف يصدق أن هؤلاء كانوا رجال حرب وطعان؟
إن مثل هؤلاء المتصوفة كمثل الدبة التي قتلت صاحبها بالحجر لأن الذبابة وقفت على وجهه وهو نائم.. فلكي تطرد الذبابة قذفت وجه صاحبها بحجر كبير فهشمته وقضت عليه.. ومع ذلك فالدبة خير منهم لأنها فعلت ما فعلته بحسن نية، ولأنها حيوان لا عقل له.. أما هؤلاء فيلغون عقولهم وعقول أتباعهم بقصد الانتفاع من غفلة الناس.

لكنهم يدعون أنهم "انجذبوا" في حب الله ورسوله.. فما قولكم؟
الإسلام من شروطه أن يحب المسلم الله ورسوله.. ولكن أي حب؟ الحب الذي يجعل المسلم يخشى عصيان الله ورسوله، فينتهي عما نهاه الله عنه، ويحرص على هذا الحب فينفذ ما أمر الله به أن ينفذ.. أما أن يتنطع فيقول: أنه يعشق الله، ويعشق الرسول، وأنه عبد ذليل أمام أهل البيت، والعبودية لله وحده، ولا ذلة إلا له.. وكلمة "عشق" كلمة فاحشة.. لا يجب أن تكون بين العبد وربه.. ثم من قال: إن حب المسلم لرسول الله تجعله يفتري عليه.. إن أحدهم يقول إنه ذهب يزور قبر رسول الله.. وأمام القبر قال: ها أنذا جئت يا رسول الله لأسلم عليك فمد رسول الله يده من قبره وسلم عليه!!
هل هذا حب؟ وهل هذا أدب؟ هل هذا كلام يستقر في العقل أو القلب.. إنه جنون.. أو أحلام يقظة.. أو كذب، وكل ذلك لا دخل له بالإسلام.. دين السماحة، والبساطة، والاعتداء..
وفي النهاية لا يسع مجلة "العقيدة العمانية" إلا أن تشكر للدكتور استجابته وسعة صدره.
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أرباب الطريقة
  • منوعات
  • من كلام الأئمة
  • كتب عن الصوفية
  • جولات مع الصوفية
  • شبهات وردود
  • صوتيات عن الصوفية
  • فرق الصوفية
  • شخصيات تحت المجهر
  • العائدون إلى العقيدة
  • الملل والنحل
  • الصفحة الرئيسية