صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







معوقات أمام المرأة في الدعوة

عفاف فيصل

 
تظل الدعوة إلى الله تعالى من أنبل وأشرف المهن، كيف لا وهي مهمة الأنبياء والرسل الذين اصطفاهم الله من خيرة خلقه ليحملوا على عواتقهم مسئولية تبليغ هذه الدين للناس كافة؟ إن الدعوة إلى الله تعالى مجال خصب وميدان فسيح للجهاد في سبيل الله، فالمجاهد والداعية كلاهما يسلكان كل الطرق للوصول لهدف واحد.

وإن من المعلوم أن الفرد يجب أن تتوافر معه أدوات معينة كي يمارس هذا النوع من النشاط – وليس المجال هنا مجالاً لبسطها - ويحلو لنا في بداية هذا الموضوع أن نؤكد على أن الدعوة إلى الله تعالى ليست حكراً على الرجال كما يظن البعض؛ بل إن الدعوة مهمة الرجل والمرأة على حدٍ سواء ويكون كل منهما لبنة في صرح هذا البناء الشامخ.

وتتبوأ المرأة في هذا الجانب موقعاً في غاية الأهمية كيف لا وهي مربية الأجيال والنواة الأولى لكل أسرة. ومما يؤكد لنا أهمية وضرورة ممارسة المرأة للدعوة وجود نصوص من الكتاب والسُنَّة تفيد اشتراك المرأة مع الرجل في خطاب التكليف قال تعالى: }ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر{... وقوله صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكر فليغيره بيده..".

وكذا وجود نص صريح خاص بتكليف النساء بالدعوة كقول الله تعالى في حق نساء النبي صلى الله عليه وسلم }وقلن قولاً معروفاً{، وقوله أيضاً في حقهن }واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة{. كذلك من المعلوم أن الإسلام وضع ضمانات خُلقية للمرأة تتمثل في وجوب حشمتها عن الرجال الأجانب، وهذا يستوجب وجود داعيات في الوسط النسائي، ومن الأمور المؤكدة لأهمية وضرورة وجود الداعية في النساء وجود أعذار شرعية خاصة بالنساء لا يطلع عليها غيرهن فهن أقدر على الإيضاح فيما بينهن.

وإن كانت المرأة المسلمة قد كلفت شرعاً بالقيام بالدعوة إلى الله فإن ذلك التكليف مبني على عدة مسوغات وأسباب يتضح من خلالها مدى ما تحققه تلك المسوغات والأسباب من بيان شامل لإمكانية مشاركة المرأة بالدعوة، فإن المرأة في الغالب تكون أقدر من الرجل على بيان وتبليغ بعض ما يخص الوسط النسائي نظراً لتجانس الظروف. أضف إلى ذلك أن مجال تأثر المرأة بأختها سواء في القول أو في العمل والسلوك أكثر مما تتأثر المرأة فيه بالرجل، لأن فعل المرأة الداعية هو نفسه نوع من دعوة النساء بفعلها على عكس الرجل حيث يكلف بأمور لا تكلف بها وتكلف المرأة بما لا يكلف به الرجل. والمرأة بحكم معاشرتها لمجتمع النساء تستطيع أن تطرق المجالات كافة التي تحتاجها المرأة في مجال الدعوة. كذلك تميز الأولويات في القضايا الخاصة بهن وتستطيع وبشكل واضح ملاحظة الأخطاء سواء ما يتعلق بالعقيدة أو العبادات المفروضة أو السلوك مما يدفعها إلى التنبيه وتصحيح الخطأ.

ويتسنى للمرأة القيام بالدعوة الفردية الذي يصعب على الرجل القيام به مع تحريم الخلوة. كذا سهولة الاتصال وذلك من خلال المدرسة والزيارات المتكررة والهاتف.

بل إن المرأة الواعية لأهمية دورها لهي خير قائد وخير حامل لهذا اللواء خاصة، ونحن نؤمن فيما لا مجال للشك فيه أن مجتمع النساء بحاجة إلى تكلم المرأة الداعية الموجهة، مع وجود ذلك التيار القوي الذي يستهدف المرأة لكونها مربية الأجيال، فهو لن يهدأ حتى يخرج المسلمة من بيتها سافرة متبرجة تبيع دينها بعرض من الدنيا زائل.

إذاً فللمرأة في هذا المجال هموم وآمال وأفق جميل تنطلق إليه، ولكن قد يقف أمام تحقيقها عوائق ومصاعب ربما تقضي على مشروع المرأة الداعية في مرحلة من المراحل.

ويمكن تقسيم تلك المعوقات إلى نوعين:

الأول: هو نابع من المرأة نفسها فالسبب فيه عائد للمرأة نفسها.

الثاني: من قبل البيت الذي تعيش المرأة فيه ومدى دفعه ومنعه لها. ويشاركنا في مناقشة هذا الموضوع من زوايا مختلفة كل من: الشيخ سعد الغنام الداعية المعروف والأستاذة البندري العمر عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بالرياض.

ويحسن أن نبدأ الموضوع من المعوقات داخل البيت فيأتي في مقدمتها:

أولاً: الأعباء المنزلية:

إننا إذا أمعنا النظر في نظام الحياة في العالم الإسلامي فيما يتعلق بخدمة البيت والزوج والأولاد لوجدنا أن طابع الحضارة الغربية والشرقية يكاد يسيطر على بيوت المسلمين. وإن استمرار هذا الطابع لهو أشد العوائق أمام المرأة عن الدعوة، وعلى ذلك فعلى الأمة إعادة رسم خارطتها الفكرية والعلمية من جديد على الأسس الموجودة في الكتاب وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى تستطيع المرأة تحديد مسئوليتها في بيتها وأسرتها بدقة وفق وصية الرسول – صلى الله عليه وسلم – في حديث المسئولية الذي يتضمن "والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها".

يقول الشيخ سعد الغنام في أثناء حديثه عن الأثر المترتب على إهمال المرأة الدعوة داخل نطاق البيت والأسرة قال: إن عجز المرأة عن إقامة محضنٍ تربوي في مقر بيتها، يعني شللها التام عن القيام بدور فعال في المجتمع الكبير، وهذا هو الواقع مع الأسف، ونرجو أن لا يكون ذلك سبباً للإحباط بقدر ما يكون دافعاً للتصحيح والنقد الهادف، التربويون يقولون بأن السنوات الأولى من حياة الطفل تترك آثاراً عميقة في نفسه، فهل يا ترى استشعرت المرأة المسلمة هذه المرحلة الذهبية للنقش والتكوين لتجذير مسائل العقيدة والأخلاق؟ ولا شك أن خلايا المجتمع تبدأ من الأسرة ولذلك سارعت وسائل الدمار العقدي والأخلاقي لتقويض دعائم الأسرة المسلمة، ومن ثم تفتيت المجتمع الإسلامي وإفراغه من محتواه.

كثيرة هي البيوت التي تضج بالمنكر بأنواعه وفنونه، ولا تخلو كذلك من وجود فتيات صابرات ويسكتن على ذلك على مضض ويستعظمن ممارسة الدعوة في بيوتهن رهبة وإكباراً لأمرها. الأستاذة البندري العمر عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة تضع إشارات على طريق من كانت تلك حالها تقول: لا بد من الصبر والمصابرة وعدم اليأس، والاستعانة بالله تعالى والاستمرار في الدعاء، ثم على من كانت تعاني من مثل هذا الحال أن تحرص على فن التعامل معهم واكتساب ذلك عن طريق القراءة في الكتب التي تعتني بالموضوع وسماع الأشرطة التي تتحدث عن ذلك؛ حتى تكسب قلوب أفراد عائلتها وإذا تم لها ذلك سهل الطريق أمامها، كما عليها أن تفقه الأولويات وكذلك تعرف المصالح والمفاسد وتعلم أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، كما عليها أن تسعى وتعمل لنقلهم من المعاصي إلى المباحات، فإذا تيسر وحان وقت العبادات التطوعية وتهيأت أنفسهم لها نقلتهم إليها، كما أن عليها أن تحرص على غرس احترامها في نفوسهم حتى لا يجاهروا أمامها بالمعصية فتضطر إما للسكوت على الإنكار أو الانفعال فيحسب عليها لا لها وينهدم ما قد بنته في أيام وليال، وعليها أن تحرص على التخلق بالحلم والصبر والأناة، وكذلك تحرص على الدعوة بطرق غير المباشرة كالثناء عليهم ثم استهجان بعض التصرفات التي تقع من الناس في مجلس آخر وقد تقع منهم، أو الثناء مع إظهار أنهم لا ينقصهم إلا ذلك الأمر فإن هذا يدعوهم لقبول النصح لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم الرجل عبدالله لو كان يقوم من الليل".

ثانياً: داخل البيت رب الأسرة:

أيضاً يدخل ضمن المعوقات داخل البيت رب الأسرة، فترى كثير من النساء أن رب الأسرة أباً كان أو أخاً أو زوجاً يمثل عائقاً أمام المرأة في الدعوة.

ويعود هذا العائق إلى عدة أسباب لعل من أبرزها:
أ- عدم اقتناع رب الأسرة بمسئولية المرأة الدعوية، فكثير هم أولئك الرجال الذين يهمشون دور المرأة ولا يرون أنها أهل لأي عمل علاوة على أن يكون عملاً دعوياً. فيظن أحدهم أن دور المرأة ينحصر في تربية الأولاد والقيام على شئون البيت وسد متطلباته وحسب، ولا يراها مجدية في غير ذلك؛ لكونه يرى كثرة الدعاة إلى الله والعلماء، وفي المقابل تراه يتحرج من سؤال زوجته أهلَ العلم إن هي اضطرت لذلك، مما يدل دلالة واضحة على أهمية انخراط المرأة في هذا المجال ولو على الأقل لسد حاجة النساء في أمور الفقه وغيرها.

ولعل غالب أحوال أولياء الأمور من هذا النوع عدم الاستقامة، لكن نقول أن على المرأة الداعية القيام بواجبها في الدعوة بأساليب الدعوة المعروفة.
كذلك من الأمور التي يمكن أن تكون عائقاً للمرأة عن الدعوة.

ب- سوء استخدام ولي الأمر للقوامة: فإن بعض أولياء الأمور لا يفهم من قوله تعالى: }الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض{ إلا معنى التسلط وظلم المرأة وعدم إعطائها الحرية في مشاركته الرأي، في حين أن قوامة الرجل على المرأة إنما هي قوامة تنظيم وإدارة ورياسة عامة للأسرة ليس لأحد من أفرادها الخروج عليها، وإذا كان المسلم يعرف أن سبب إسناد هذه القوامة إليه من الله عز وجل إنما هو ما فضل الله به الرجال على النساء وبما أنفقوا؛ فإن هذه المكانة لا تعطيه حق ظلم رعيته أو توجيه الإهانة والازدراء لهم والتضييق عليهم.

ويؤكد الشيخ سعد الغنام ذلك فيقول: إن الوسطية والتوازن من أعظم النعم التي يمن بها سبحانه على عباده، وفي موضوعنا هذا هناك أناس محرومون من فتح باب الخير لمحارمهم للانطلاق في ميدان الدعوة، وهناك آخرون منفلتون في ذلك بدون ضوابط والتوفيق بيد الله.

ج- صعوبة المواصلات عقبة كئود أمام انخراط المرأة في الدعوة إلى الله، فالمرأة المسلمة الواعية تعرف أن دينها يحرم عليها التبرج والسفور والاختلاط والخلوة مع الرجل الأجنبي، كما أنه يحرم عليها السفر بدون محرم، فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف تعمل المرأة الداعية في مجال الدعوة الذي يحتاج إلى الحركة والانتقال والاتصال بالأخوات لدراسة مشروع أو لإلقاء محاضرة أو غير ذلك؟

وقد تكفل الدكتور أحمد بن محمد أبابطين الأستاذ المساعد في قسم الدعوة والاحتساب بالرياض بالإجابة عن هذا السؤال في كتابة المرأة المسلمة المعاصرة إعدادها ومسئوليتها في الدعوة. فقال: إن الله سبحانه وتعالى وضع للرجل والمرأة أحكاماً فقهية لا يجوز لأي منهما أن يتجاوزها، وهو كذلك لا يحاسب عباده على شيء لم يكلفهم به وما ليس في طاقاتهم كما قال تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} وعلى ذلك فما الذي يحرج المرأة الداعية في هذه القضية فتحمل نفسها ما لم تكلف به شرعاً، وهي تعلم علم اليقين أن لها أوضاعاً خاصة تختلف فيها عن الرجل، وهذه الأوضاع لها أحكام خاصة في الشريعة تتفق مع الفطرة التي خلقت عليها المرأة ولا ينبغي منها الخروج عنها.

عندما فرض الإسلام الحجاب في حق المرأة، وكلف الرجل بالقوامة عليها وأعطاها حقوقها كما قرر سبحانه: }ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة{ كما أن للمرأة حق المعاشرة بالمعروف تنفيذاً لأمر الله سبحانه }وعاشروهن بالمعروف{ وهذا الحق الذي لهن ومعاشرتهن بالمعروف وفق ما شرع الله يختلف من عصر إلى عصر، فإذا غلب على طابع العصر أن تخرج المرأة لطلب العلم أو للتعليم أو التطبيب أو أي خدمة اجتماعية أو زيارة أو حضور حفل؛ فإن من الحق الذي لهن ومعاشرتهن بالمعروف أن يؤمن لهن سبيل وصولهن إلى هذه الأماكن مع المحرم بعد إذن ولي المرأة.

ويضيف د. أحمد فيقول: وإذا أذن ولي أمر المرأة من زوج أو أب أو أخ للمرأة بالخروج لأماكن العلم أو الدعوة فيلزم اتخاذ الإجراءات التالية:
1. أن يتولى ولي الأمر أو أحد المحارم إيصالها.
2. إذا تعذر الأمر الأول فبالإمكان الاستعانة بسائق مسلم ثقة ترافقه زوجته أثناء خروج المرأة داخل البلد.
3. كما يجوز لامرأتين فأكثر استخدام السيارات العامة الصغيرة والحافلات الكبيرة بشرط أن يكون السائق مسلماً مأموناً.
4. إذا تعذر ذلك وجب على ولي الأمر في الدولة المسلمة تأمين وسائل المواصلات الخاصة بنقل النساء.
5. هذا بالإضافة على وجود مجالات الدعوة داخل البيت، كقيامها على تربية الأولاد ودعوة الزائرات والدعوة عن طريق الهاتف والكتابة في مواضيع الدعوة الكثيرة.

ما سبق نعدها عوائق أمام المرأة عن ممارسة الدعوة نابعة من البيت.

وبعد هذا التطواف بعدد من العوائق المانعة للمرأة من ممارسة الدعوة، يحلو لنا أن نعرض لعدد من المجالات التي يمكن للمرأة ممارسة الدعوة بنجاح فيها. فتعد الأستاذة البندري العمر لنا مجالات سبع ترشحها كمجالات ناجحة يمكن للمرأة أن تشارك فيها بالدعوة دون أدنى عائق وهي:
1. الأسرة: فتستطيع أن تؤثر على أطفالها ووالديها وإخوانها وخادمتها دون عائق.
2. المدرسة: سواء كانت طالبة أو معلمة فتستطيع أن تؤثر على الزميلات والطالبات، وحتى الطالبة تستطيع أن تؤثر على معلمتها عن طريق المطويات والمجلات الحائطية والإذاعة المدرسية، وعن طريق كلمة صادقة تلقيها أثناء درسها أو محاضراتها أو حديثها مع من حولها.
3. الأقارب: فتستغل الجلسة العائلية والجلسة مع الأقارب، فتؤثر عليهم عن طريق قصة تقف معها بعض الوقفات، أو مسابقة هادفة تخللها ببعض الأحكام الفقهية والتعليق على بعض الآيات والأحاديث.
4. الكتابة في المجلات الحائطية في المدارس وأماكن العمل، والمشاركة في المجلات الإسلامية والردود على الأفكار الهدامة في بعض المقالات.
5. المستشفيات: فيمكن للمرأة أن تستغل فترة انتظارها بالتأثير على من حولها من المراجعات والممرضات، ووضع الكتيبات والمطويات النافعة على أرفف مكتبات استراحات المستشفيات.
6. دور تحفيظ القرآن الكريم فهي مجال خصب لتربية نساء الأمة، فتضاف إلى حفظ القرآن ودروس التجويد المحاضرات والندوات والبرامج، والمسابقات الهادفة. والتأثير على الحي بكامله من خلالها عن طريق إقامة المسابقات ثم إعلان النتائج في الدار وإقامة محاضرة مؤثرة لهم.
7. دار رعاية الأيتام ودار الملاحظة الاجتماعية فمن استطاعت أن تتعاون معها فهو أمر عظيم لمسيس حاجتهم وقلة المهتمين بهم.

ويدعم الشيخ سعد الغنام المجالات التي ذكرتها الأستاذة البندري بقوله: هذه الجوانب وغيرها لا يمكن للرجل أن يفيد فيها مثل إفادة المرأة؛ لأنها من بنات جنسها وأقرب لمشاعرها من الرجل الذي قد لا يفهم مشكلاتها بالشكل الصحيح، وقد لا تقبل منه كل شئ؛ لأنها تشعر بالفرق بينهما في أمور كثيرة، ومن الجوانب التي تحتاج للنساء فيها بشكل كبير قضايا الفتوى وما يكتنفها من مسائل دقيقة يمنع المرأة الحياء من الخوض فيها مع الرجل.

ويقول أخيراً أن كل من حملت هم الدين وعرفت المسئولية العظيمة للقيام بحقه ستعرف كيف تعمل؟ وأين تعمل؟ وستعرف كيف تذلل العقبات وتتجاوز مرارة الفشل لو أصابتها، وستعرف كيف تستفيد من خبرات من لهن قدم سابقة في المجال، وكيف تنشئ علاقات تستفيد منها معهن.

ونؤكد هنا على أنه يجب على كل أحد إذا أراد أن يدخل مجالاً يعلم صعوبته يجب عليه أن يتزود بأمور تضمن له بإذن الله تعالى النجاح، وهكذا الدعوة يجب أن تتحلى المسلمة قبل الدخول في مضمارها بحلة العلم.

فما هو القدر المطلوب منه والذي يجب أن يكون عند المرأة حتى تقوم معه بالنشاط الدعوي؟ وهل توفره شرط في الحقيقة؟ سؤال طرحناه على الأستاذة البندري العمر فكانت الإجابة: العلم قبل العمل، والدعوة إلى الله شرط لا بد منه، ولذا قال تعالى آمراً ورسوله – صلى الله عليه وسلم -: أن يقول للمشركين وغيرهم: {قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني}.

فالبصيرة: الفقه في دين الله، بأن يعلم بما يأمر به وما ينهي عنه. وذلك أن العلم يقي من الشبهات ويحفظ من الزلات والهنات، والجهل باب كل شر وفتنة فقد زين له الشيطان أمراً فيدعو له فيضل ويضل، والقدر المطلوب أن تفقه حكم ما تريد إيضاحه للناس بكل جوانبه وما يتصل به من معانيه وحكمه وأدلته وما يعرض له من شبه وكيف تدفعها. وتعرف المادة العلمية المراد عرضها وتأخذها من مصادرها، فإن كانت في أول الطريق يحسن بها أن تعرض المادة على من عرف علمه كالمشايخ المعتبرين والدعاة البارزين والداعيات الراسخات المعروفات بالعلم والعمل، فتصوب ما أمر بتصويبه وتتعلم مع ذلك الكيفية الصحيحة التي تعرض بها المادة العلمية فتعرف طريق الدعوة وأساليبها والأنسب منها لكل مقام امتثلاً لقول تعالى: }ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة{.

فالحكمة تشمل:
1. معرفة المخاطبين ومراعاة أحوالهم.
2. اختيار الوقت المناسب والمكان المناسب والموضوع المناسب، فلا تعظ عن الموت في حفل زفاف وما أشبه ذلك لئلا ينفر الحاضرين.
3. التشويق قبل عرض المادة العلمية وتحبيب الخير للناس وتبغيض الشر لهم ليقبلوا على الخير بحماس.
4. فقه الأولويات والبدء بالأهم فالمهم، ومعرفة المصالح والمفاسد.

الآثار المترتبة لممارسة المرأة للدعوة: -
لا بد أن يكون لجهودها آثار ملموسة ولعل تلك الجهود تتلخص في الآتي:
1. إن عدم قيام المرأة بالدعوة يؤدي إلى الوهم واعتقاد عدم تكليف المرأة المسلمة بالدعوة.
2. إن قيام المرأة بالدعوة يؤدي إلى انتشار العلم بصورة أوسع وأشمل.
3. كما أن قيام المرأة بالدعوة يجعل منها رقيبة على نفسها في قولها وفعلها وحركاتها وسكناتها حتى لا يختلف القول عن العمل فتظهر مالا تبطن.
4. إن عمل المرأة الدعوي يؤدي إلى اختفاء كثير من الممارسات الخاطئة التي أخذت طابع الظاهرة الاجتماعية في المجتمع النسائي بالذات.
5. إن مشاركة المرأة في الدعوة يؤدي إلى إبراز المكانة الشخصية للمرأة في تعاليم الإسلام.
6. من الآثار المهمة سد ثغرة من ثغور الإسلام؛ لحماية عرينه وتماسكه الاجتماعي، والصمود أمام الباطل الموجه ضده بعامه وشئون المرأة المسلمة خاصة.
7. إن مشاركة المرأة المسلمة للرجل في الدعوة إلى الله مما يوجد التوازن في التوجيه واتحاد الأهداف وتضافر الجهود؛ لإخراج جيل مسلم مستنير بعلوم القرآن الكريم والسنة المطهرة مترب على الأخلاق الحسنة ويسوده التعاون والألفة والمحبة.

وبعد أختي المسلمة: فلعل الجميع يدرك أهمية الدعوة إلى الله تعالى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاحتساب على عامة المجتمع وعلى مختلف أصنافه وجميع أجهزته وإداراته.

وأن العمل للدين مسئولية الجميع كل بحسبه، وأن على المسلم بوجه عام والداعية وطالب العلم على وجه الخصوص المساهمة الفعلية في خدمة الإسلام والدعوة إليه.

وليعلم كل مسلم أنه في هذه الحياة إما أن يتقدم إلى الخير والإيمان أو يتأخر نحو المعصية والنقصان، فليس هناك وقوف أو استراحة.

فانظري أختي الكريمة إلى رصيدك من الخير وما نصيبك من الاحتساب وما سهمك في تلك القافلة التي يقودها الأنبياء والمرسلون.
لقد تعددت وسائل الدعوة وطرقها فأين وقع سهمك.
فالبدار البدار والمسابقة المسابقة والتنافس التنافس في طريق الخير وسبل الحق: روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا".

المصدر لها أون لاين
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

المرأة الداعية

  • المرأة الداعية
  • رسائل دعوية
  • حجاب المسلمة
  • حكم الاختلاط
  • المرأة العاملة
  • مكانة المرأة
  • قيادة السيارة
  • أهذا هو الحب ؟!
  • الفتاة والإنترنت
  • منوعات
  • من الموقع
  • شبهات وردود
  • فتاوى نسائية
  • مسائل فقهية
  • كتب نسائية
  • قصـائــد
  • مواقع نسائية
  • ملتقى الداعيات
  • الصفحة الرئيسية