صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







قيادة المرأة للسيارة.. قراءة واقعية ورؤية تحليلية
22 اكتوبر, 2013 - 17 ذو الحجة 1434هـ

د. علي بن عمر بادحدح
 


بسم الله الرحمن الرحيم
 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
حملة قيادة المرأة للسيارة في يوم 26 أكتوبر أخذت حيزاً من التفاعل الإعلامي والحوار المجتمعي، ومشاركتي قراءةٌ للواقع الاختلاف فيها محدود جداً لأنها رصد ووصف، وبعد ذلك رؤية تحليلية حرصتُ على أن تستوعب الواقع وتقدم تصوراً مبنياً عليه؛ بحيث توفر قدراً من التوافق وقدراً أكبر من التفهم ومعرفة الخلفيات.

بين يدي الموضوع:

1- اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 26 أكتوبر عام 2005م قراراً رقم 60/5 عنوانه (تحسين السلامة على الطرق في العالم) ودعت فيه إلى الاعتراف باليوم الثالث من نوفمبر كل عام كيوم عالمي لإحياء ذكرى ضحايا حركة المرور على الطرق.

2-
 
قال العقيد الدكتور زهير شرف مدير الأنظمة واللوائح في مرور منطقة المدينة المنورة: السعودية تحتل المركز الأول عالمياً في عدد حوادث الطرق، وذكر أن معدل الوفيات في حوادث الطرق (17) شخص يومياً، وعدد المصابين أكثر من (68,000) شخص سنوياً، وزادت الخسائر المادية على (13) مليار سنوياً، وأضاف أن عدد الضحايا عام 2011م بلغ أكثر من (7153) شخصاً ومن المتوقع أن يصل عام 2019م إلى 9600 شخص.

ما قبل حملة 26 أكتوبر:


*
 
في 6 نوفمبر 1990م أثناء حرب الخليج الثانية قامت (47) امرأة بقيادة عدد من السيارات بأنفسهن في شوارع الرياض، وتم إيقاف مجموعة منهن من قبل سلطات الأمن، وتم أخذ التعهدات عليهن.
*
 
أُعلن عن حملة (سأقود سيارتي بنفسي) وكان موعدها المحدد في 17 يونيو 2011م، أثناء تفاعلات ما عُرف بثورات الربيع العربي، وحصلت لها أصداء محلية وأوقفت على إثرها رائدة الحملة السيدة منال الشريف لفترة محدودة.
*
 
في الحملتين السابقتين أصدرت وزارة الداخلية بيانات وتصريحات تؤكد منع قيادة المرأة للسيارة، وأن الوزارة ملتزمة بذلك، حيث صرح نائب وزير الداخلية الأمير أحمد بن عبدالعزيز قائلاً: "صدر بيان في عام 1411هـ بعدم السماح بقيادة المرأة للسيارة، وهذا بالنسبة لنا في وزارة الداخلية لا يزال قائماً ونحن مهمتنا تطبيق النظام وليس البحث في صحة أو خطأ مثل هذه المطالب".(ج الرياض عدد 15677 – 24/ 6/ 1432هـ)
*
 
قامت أجهزة الأمن أكثر من مرة بإيقاف النساء اللاتي قدن السيارات في الطرقات واعتبرتهنّ مخالفات للنظام.
*
 
صدرت من هيئة كبار العلماء، ومن أعيان علماء المملكة وكثير من طلبة العلم فيها فتاوى لا تجيز قيادة المرأة للسيارة ليس لكونها محرمة في ذاتها بنص شرعي وإنما لما يترتب عليها من مفاسد، وما يحتف بها من ملابسات وعلاقات فيها تجاوزات.
*
 
صدرت تصريحات من كبار المسؤولين الحكوميين بأن قيادة المرأة للسيارة شأن مجتمعي وقرار اجتماعي، ومن ذلك تصريح خادم الحرمين الشريفين بأن "قرار قيادة المرأة للسيارة هو قرار اجتماعي وأن دور الدولة هو توفير المناخ لأي قرار يراه المجتمع مناسباً، وبما ينسجم مع مبادئ الشريعة الإسلامية وتعاليمها التي قامت عليها الدولة"، وقال الأمير سلطان (رحمه الله): "مسألة قيادة المرأة للسيارة تخص الآباء والأزواج والإخوان ولا علاقة للحكومة بها، ومتى ما طلب هؤلاء أن تقود المرأة السيارة ننظر في ذلك، وإذا طالبوا بالعكس فلن نجبرهم".(ج عكاظ عدد 3631 – 24/ 6/ 1432هـ)

* خلاصة المبررات لدى الحملة والمؤيدين للسماح للمرأة بقيادة السيارة:


من بيانات الحملات وكتابات المؤيدين نستخلص جملة من المبررات والاستدلالات التي يرونها وأهمها:

1-
 
عدم وجود نص شرعي يحرم قيادة المرأة، وإنما هي الموروثات والعادات، والأصل في الأشياء الإباحة.
2-
 
عدم وجود مستند نظامي قانوني بالمنع.
3-
 
ركوب الصحابيات للإبل والخيل دون إنكار.
4-
 
منع خلوة النساء بالسائقين، وما يترتب عليها من مخاطر ومفاسد.
5-
 
الاستغناء عن أعداد من السائقين، وتوفير المبالغ المالية التي تصرف رواتب لهم.
6-
 
القيادة حق إنساني للرجل والمرأة على حد سواء.
7-
 
الضرورة الملحة لقيادة المرأة مع توسع المدن وكثرة متطلبات الحياة وظروفها الاقتصادية.
8-
 
السعودية هي البلد الوحيد في العالم الذي لا تقود المرأة فيه السيارة.

* خلاصة المفاسد والمآلات لدى المطالبين بإبقاء المنع:

1-
 
توسيع دائرة الاختلاط وتهوينه في النفوس.
2-
 
السفور والترخص والتهاون في الحجاب والتدرج  في ذلك إلى نزعه كلياً.
3-
 
التأثير السلبي على حياء المرأة وأنوثتها والتدرج في التجرد من ذلك.
4-
 
ازدياد فرص وأسباب التحرش بالنساء والاعتداء عليهن.
5-
 
زيادة أسباب الخلافات الزوجية والتأثير السلبي على ترابط الأسرة نتيجة التوسع في خروج المرأة بلا حاجة، والاختلال الفكري والعملي لمفهوم القوامة.
6-
 
تعرض المرأة أثناء القيادة لعوارض الحوادث والأعطال التي تضطرها للتعرض للمخاطر الأمنية والابتزاز والاستغلال.
7-
 
زيادة الأعباء الاقتصادية بشراء السيارات واستهلاك قطع الغيار، ومصروفات شركات التأمين،وزيادة العمالة في مجال ورش صيانة السيارات وإصلاحها.
8-
 
البنية التحتية والنظامية لا تسمح بذلك، فالطرق تعاني من ازدحام شديد، والمرور ليس لديه متطلبات التعامل مع قيادة المرأة من الكوادر والأماكن ونحو ذلك، إضافة إلى المشكلات المرورية والأمنية والبيئية (التلوث) التي ستضاف إلى ما هو موجود بدخول أعداد إضافية بقيادة النساء للسيارات.
9-
 
المطالبة بقيادة المرأة للسيارة تأتي ضمن منظومة تهدف إلى تغيير الأوضاع الشرعية المحافظة للمرأة والأسرة ومنها تغيير أنظمة العمل والعمال وإشراك المرأة في أعمال غير ملائمة لها، أو فيها اختلاط ، والسماح للمرأة بالنزول في الفنادق بدون محرم، والسماح بابتعاث الطالبات مع التهاون العملي في مرافقة المحارم ونحو ذلك.
10-
 
أن الدعاة للقيادة ليسوا من الحريصين على التزام الأحكام الشرعية والرجوع إلى الشريعة بل أكثرهم من المتساهلين في ذلك والمتجاوزين له عملياً في السفور والاختلاط بل والمطالبات لأمور مخالفة للشريعة بشكل واضح، والمتصدرين منهم في الجملة هم أصحاب الحملة التغريبية للمجتمع.

فيما سبق حاولتُ تلخيص وعرض الموضوع من الناحية الواقعية تاريخياً، مع رصد أبرز التحركات وردود الأفعال ومواقف الجهات الحكومية والشرعية مع بيان أبرز أطروحات الداعين والمؤيدين ومن يقابلهم من المطالبين باستمرار المنع.

وأنتقل إلى نظرات تحليلية أساسية أعرضها في هذه النقاط:


أولاً: تصوير المطلب:

هل القيادة مطلب مُلحٌ وضروري، وتحتاجه نسبة عظمى من نساء السعودية؟ تعبيرات المشاركين في الحملة والداعمين لها تنص على ذلك بشكل صريح وكبير، هالة الدوسري: "يظُهر الجميع الدعم لحملة 26 اكتوبر، الكبار والصغار، الأغنياء والفقراء، الرجال والنساء" وأضافت "هذه ليست حملة نسائية بل حركة سعودية" (مجلة الوطن العربي).

د. عائشة المانع: "في هذه الحملة نركز على أنها ضرورة ملحة وحاجة ماسة"، حصة آل الشيخ: "المطالبة بها ضرورة اجتماعية واقتصادية" (مجلة لها).

دحام العنزي: "قيادة المرأة باتت أمراً ملحاً وضرورة وليس ترفاً كما قد يعتقد البعض"(ج الشرق عدد 648 – 18/ 10/ 2013م)، والمتأمل لا يجد أي شواهد على ذلك بل هو كلام مرسل ليس مدعوماً من قبل من قاله بأي معلومة أو إحصائية أو دراسة، بل الإشارات تعكس غير ذلك فالحملة شهدت تأييداً إلكترونياً بلغ (20.000) مؤيداً فقط، وحتى لو تضاعف هذا الرقم مرتين أو ثلاثاً بعد ذلك فهو قليل، وإذا قارنا التفاعل في تويتر مع وسم (الراتب لا يكفي الحاجة) نجد البون شاسعاً، حيث بلغت التغريدات فيه (17) مليون تغريدة واحتل الرقم (1) عالمياً.


ثانياً: صورة المطلب:


من خلال الحملة وتصريحات دعاتها ومؤيديها نجد أنهم يدْعون إلى القيام بتحرك جماعي للنساء لقيادة السيارات في يوم 26 أكتوبر بطريقة فرض الأمر الواقع، واستدعاء أعداد المؤيدين لإظهار الحملة بأنها مطلب شعبي عام، كما تقول د.هتون الفارسي عن توقيت الحملة: "أكثر من مناسب ليأتي القرار السياسي للفصل في هذه القضية وبالتجاوب مع مطالبات السعوديات"، وعلقت على قيام بعض النساء بقيادة السيارات خلال الأيام الماضية قبل موعد الحملة قائلة: "هذه الخطوة ستجعل الناس يعتادون رؤية المرأة تقود سيارتها دون أن تثير فوضى ودون أن يعترض طريقها أحد"، وتقول حصة آل الشيخ: "سيتقبلها المجتمع المنتظر المستعد أصلاً لمثل ذلك ولن نسمع أي فتاوى تمنع أو تحرم".

هذه الصورة من حيث الوصف ربما تندرج تحت العصيان المدني الذي يعرف – كما في ويكبيديا - بأنه (رفض الخضوع لقانون أو لائحة أو تنظيم أوسلطة تعد في عين من ينتقدونها ظالمة)، وعلى كل حال فإن الطريقة تفتح الباب لأسلوب المطالبة لكل مجموعة لديها مطلب بسلوك هذه الطريقة لأي أمر يمنعه النظام أو يرفضه المجتمع. وهذا يعني توسيع الدائرة للحراك المطْلبي فتكون هناك مطالبات للعمال وأخرى للطلاب وثالثة لغيرهم، وهو أمر غير مألوف في السعودية ويحتاج إلى عدة أمور منها الآليات التنظيمية وقبلها تكوين المؤسسات المجتمعية، وفتحه بطريقة الضغط الواقعي يستبق ذلك كله ويفتح الباب بدون مراعاة الآثار والمآلات.

ومن جهة أخرى فإن فئات مجتمعية محافظة تقول إنها تشكل الأكثرية، أو على الأقل لديها مبررات شرعية واجتماعية تراها أكثر وأقوى ستطالب بأمور أخرى وتتخذ الآلية نفسها وفي أمور مشابهة ومتعلقة بالمرأة، ومنها على سبيل المثال المطالبة بالفصل بين الرجال والنساء في المستشفيات والمرافق الصحية، على غرار الفصل في مؤسسات التعليم، وسيعتبر ذلك قياساً على هذه الحملة.


ثالثاً: مستند المطلب:


تكرر كثيراً من أهل الحملة ومؤيديها أنه لا يوجد مستند شرعي ولا نظامي لمنع قيادة المرأة للسيارة.

وهذا العرض فيه مغالطة فإن كان المقصود بالمستند الشرعي نص صريح بالمنع من القرآن والسنة فهذا صحيح، وأما نفي المستند الشرعي بالكلية فغير صحيح لأن ما ذكره أهل العلم فيه مستندات شرعية من القواعد الفقهية المعتبرة من سد الذرائع، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وهذه لها أدلة قرآنية صريحة وواضحة، وليست مجرد اجتهاد علمي، وهنا ليس مجال التفصيل فأكتفي بإشارات سريعة:


أ-
 في سد الذرائع يأتي قوله تعالى: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم}، فالله نهى عن سب آلهة الكفار لئلا يكون ذريعة لسب الله جل وعلا، وفي الحديث الصحيح: "من الكبائر شتم الرجل أبويه"، فقالوا: وهل يشتم الرجل والديه؟، قال: "نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه"، والذرائع معناها: ما كان وسيلة وطريقة إلى غيره عادة، فإن كان محرماً حرم طريق الوصول إليه.

ب-
 وفي "درء المفاسد مقدم جلب المصالح" نجد الدليل في قوله تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما}، فكان التحريم لدفع المفسدة وهي أعظم وإن كانت المصلحة من تجارة ونحوها، وهناك الحديث الصحيح عن المصطفى صلى الله عليه وسلم في شأن إعادة بناء الكعبة على قواعد إبراهيم وجعلها ببابين قال لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (لولا أن قومك حديثو عهد بشرك لهدمت الكعبة وجعلت لها بابين) [رواه مسلم].

ج-
 وأما التحذير من الفتنة بالنساء فليس تصوراً في عقل عالم ولا تخيلاً من طالب علم بل وردت بنصوص صريحة توجب العناية بذلك، الله جل وعلا يقول: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين....} الآية، بل وردت تفصيلات تدل على الأهمية كما يدل عليه قوله تعالى: {والقواعد من النساء التي لا يرجون نكاحاً فليس عليهم جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة}، وفي الحديث الصحيح يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء).

د-
 وفي شأن النظر في الدوافع والملابسات عند الحكم فهو أمر له مستند شرعي وله أدلة كثيرة منها أنه لما كان بناء المسجد لغرض التفريق بين المسلمين والقائمين به من المنافقين قال تعالى: {والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون (107) لا تقم فيه أبداً لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين}، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تقول: "لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد"، فالأحوال لها اعتبار في الحكم كما في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهدن معنا العشاء الآخرة".

والدعوة لقيادة المرأة للسيارة تأتي في سياق تطبيقات عملية حصلت بها مفاسد حقيقية وهي في سياق منظومة استهدفت التغيير للأسس الإيجابية في التزام الشرع في قضايا المرأة والأسرة كما في توظيف النساء في وظائف غير ملائمة لهن، وفي بيئات اختلاط، وإشراكهن في أعمال اجتماعية فيها اختلاط وسفور وتهاون في ذلك كما في المشاركة النسائية الكشفية وغيرها، وقد ثبتت حوادث عدة من السلبيات في هذا الشأن ومن آخرها ما ذكرته صراحة المذيعة (سلوى شاكر) من حصول التحرش بالنساء العاملات في الإعلام.

وعدد من أبرز المطالبين والمطالبات لهم أطروحات وممارسات مخالفة للشرع ومعارضة للنظام العام ومن أمثلة ذلك ما طالبت به (وجيهة الحويدر) من بناء كنائس النصارى ومعابد اليهود في السعودية وكثير منهم من دعاة التغريب والمنادين بالليبرالية.

وأما عدم وجود مستند نظامي فقد ذكرت أن وزارة الداخلية أصدرت عدة بيانات بمنع قيادة النساء للسيارة وهي الجهة المعنية بهذا الأمر، وإدارة المرور تصرح بأن القيادة مخالفة وهناك من قبل قرار مجلس الوزراء رقم (91) عام 1373هـ بالمنع فالدعوة للقيادة مخالفة وتجاوز للأنظمة المعمول بها حالياً.


رابعاً: توقيت المطلب:


هناك مطالب أكثر أهمية وإلحاحاً في مثل هذا الوقت على المستوى المحلي اجتماعياً واقتصادياً، فهناك كثير من الحقوق المنقوصة وكثير من الأخطاء المضرة لم تحظ بالعناية والرعاية، فقضايا البطالة وعدم وجود فرص العمل، وقضايا تملك السكن وصعوبته بل تعذره لكثير من المواطنين، وقضايا ارتفاع الأسعار وثبات الرواتب، وهناك في الجانب الاجتماعي المتعلق بالإضرار بالمرأة كالحجر والعضل للنساء، وآليات حصولهن على الحقوق في القضاء الشرعي وكلها ذات صلة وطيدة بالمجتمع عموماً والمرأة خصوصاً.

وعلى مستوى الوضع السياسي إقليمياً ودولياً لا يخفى ما تواجهه السعودية من تغير وتنكر في المواقف الدولية تجاه سوريا، والتوافق الذي بدا بين أمريكا وإيران على حساب مواقف المملكة، بل ومواقف الحكومة المؤقتة في مصر وتقاطعاتها مع السعودية في سوريا وغيرها، والعالم يتحدث عن ذلك من خلال عدم إلقاء كلمة السعودية في الجمعية العامة للأمم المتحدة ثم الاعتذار عن قبول مقعد مجلس الأمن وغير ذلك، إضافة إلى قضية فلسطين وما يجري من اعتداءات على المسجد الأقصى وإرادة الصهاينة إحداث واقع جديد لتقسيمه زماناً ومكاناً ليكون لليهود حق في مساحات وأوقات مخصصة لهم، وتلك كلها قضايا كبرى ذات أهمية بالغة وهي حالياً في تصاعد وتستحق أن تكون لها الأولية في البحث والمبادرة والفعل.

ومع ما نجده من التركيز والدعاية والتواصل الإعلامي الخارجي والحراك الإعلامي الداخلي لموضوع قيادة النساء للسيارة مع ما ذكرته سابقاً لا يسمح بترك تلك المعطيات والنظر للطلب مجرداً عن التوقيت والأهمية والدوافع فإنها بمجموعها تحول دون إحسان الظن أو اعتبار المطلب مجرد حاجة ومصلحة.


خامساً: تطبيق المطلب
:

بغض النظر عن تأييد الحملة أو رفضها فإن إمكانية تطبيق المطلب من الناحية العملية فنياً ونظامياً غير متوفرة، فهناك متطلبات كثيرة نص على بعضها مؤيدو الحملة كما قالت د.عائشة المانع: "على المجتمع إنشاء مراكز لتعلم السوق، ومنح الرخص بطريقة نظامية للمرأة"، وهناك إنشاء أقسام خاصة للنساء في الجهات التي لا تتعلق بالقيادة كالمرور، وأشار بعض الكتاب إلى أن الأمر يحتاج إلى "حملات توعوية لتهيئة المجتمع، وقبوله لقيادة المرأة، وكذلك إصلاح البنية التحتية بما يتلاءم مع هذا المطلب من مرور نسائي وتأهيل خدمة طرق بمواصفات تتناسب مع طبيعة المرأة في الخليج".

وأما الاستغناء عن السائقين والوفر الاقتصادي فإنه غير واقعي والتجارب الخليجية المجاورة تشير إلى أن قيادة المرأة لم يحصل بسببها الاستغناء، وإنما أضيف على الأسرة اقتناء سيارات إضافية بما يلحقها من مصروفات الوقود ومستلزمات السيارات وإصلاحها.


سادساً: ضوابط وقيود:


أشار دحام العنزي في مقاله في جريدة الشرق إلى "أهمية وضع ضوابط وقيود وضرورة سن قوانين لمن تنطبق عليها الشروط وهذا ليس أمراً معقداً في حال جدية الجهات المسؤولة لحسم هذا الملف، المرأة العاملة مثلاً كطبيبة أو معلمة، إلخ، وعمرها يتجاوز الثلاثين عاما وقيادة داخل حدود المدينة أو المحافظات ومن السابعة صباحاً وحتى السابعة مساء كتنظيم أولي، لعلها مقترحات بسيطة، لكنها ربما تحمل طرحا مقبولا لصانع القرار"، ومن الناحية العملية فإن مثل هذه الضوابط مرفوضة من قبل بعض أبرز مؤيدي الحملة كما قالت د. عائشة المانع: "إذا تمت الموافقة على قيادة المرأة للسيارة بشروط وأعمار معينة فذلك يعني تقييداً للحقوق، وهذا لا يجوز".

والممانعين يرون أنه لا يمكن الالتزام بهذه الضوابط أو غيرها ويستشهدون بالضوابط في قضايا مماثلة في عمل المرأة ومشاركتها في المجال الاجتماعي.

وخلاصة الرؤية أن هناك مستندات شرعية معتبرة ولها شواهد وتطبيقات حصلت في مسائل مشابهة، وأن هناك بيانات واضحة من الجهات الحكومية بالمنع، وأن التركيز والعناية بالقضية والدعاية لها والترويج المحلي والتواصل العالمي إشغال للمجتمع عما هو أولى، كما أن طريقة المطالبة بفرض الأمر الواقع من خلال الضغط وإظهار وجود تأييد كبير له آثار إذا تم سيكون لها مع ما سبق تداعيات اجتماعية وأمنية، إضافة إلى كون المطالبة بالقيادة سبقها نظائر تخص المرأة استهدفت الالتزام الإسلامي والمرجعية الشرعية الملزمة في قضايا المرأة والأسرة بل وفي غيرها، ومع كون أبرز المطالبين من دعاة التغريب فكل ذلك يجعل الممانعة لها اعتبار أساسي تجمع بين الاستناد إلى منطلقات شرعية والحفاظ على أوضاع نظامية، ومراعاة سمات وخصائص مجتمعية وليست مجرد ممانعة للتخوف ولا للهواجس كما طرح بعض مؤيدي الحملة.


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

للنساء فقط

  • المرأة الداعية
  • رسائل دعوية
  • حجاب المسلمة
  • حكم الاختلاط
  • المرأة العاملة
  • مكانة المرأة
  • قيادة السيارة
  • أهذا هو الحب ؟!
  • الفتاة والإنترنت
  • منوعات
  • من الموقع
  • شبهات وردود
  • فتاوى نسائية
  • مسائل فقهية
  • كتب نسائية
  • قصـائــد
  • مواقع نسائية
  • ملتقى الداعيات
  • الصفحة الرئيسية