صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







كنائس للبيع..
فرنسا تتّبع المثال الكندي

أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية


 


تحت هذا العنوان غير التقليدي كتبت كاتيا شابوتييه في موقع "القانون" الفرنسي يوم 14/8/2022، موضوعا كاشفا حول استمرار عملية اغلاق الكنائس، وكيف أنه منذ سنة 1970 كانت كندا قد بدأت في بيع بعض الكنائس وتحويلها لأغراض ونشاطات علمانية.. فمنها ما تم تحويله إلى مكتبات، أو قاعة عرض موبيليا، أو قاعة للتدريبات الرياضية، ومنها ما تم تحويله إلى مطاعم كما هو واضح في الصورة بعاليه، وتحويل كنيسة القديسة تريز إلى فرع من سلسلة مطاعم OMG.

وبعد خمسون عاما تغيّر الزمن وتبدلت الأحوال بتزايد انخفاض اهتمام الأتباع بالكنيسة، وراحت فرنسا تتبع خطي كندا في بيع العديد من كنائسها التي هجرها روادها.. وفي كندا بدأ كل شيء يتدهور حينما راحت الكنائس تفقد روادها بعد أن كان الكاثوليك حتى سنة 1960 يملؤونها، ثم بدأوا يهجرونها حتى فرغ الكثير منها من رواده.

وما أن بدأت الألفية الثالثة حتى انخفض عدد رواد الكنائس إلى الربع. أما اليوم فقد وصل عدد الرواد إلى 5 % على حد قول الكاتبة. وبذلك اضطر المسئولون إلى البحث عن حلول.. ففي مدينة مونتريال وحدها، في السبعينيات من القرن الماضي، تم تحويل ثمانية عشر كنيسة إلى نشاطات علمانية. وتم هدم جزء من إحداهم لتحويلها إلى ملعب رياضي، وتم تحويل أخري إلى شقق للإيجار. وفي الثمانينيات تم تغيير مباني 25 كنيسة ألي مكتبات أو بارات أو مسارح أو حتى إلى شقق سكنية. أي أنه تم تحويل وظيفة عشرات الكنائس إلى أبنية لنشاطات أخري بدلا من هدمها.

وفي فرنسا، البلد الأكثر تحفظا، حينما يتعلق الأمر بأحجار أثرية، قد صُدم العديد من رواد الكنائس من تلك التحولات. فكيف يتم تحويل كل هذه المباني التي هي أصلا تحف معمارية مقدسة، وتغيير ملامحها إلى أماكن لهو أو أنشطة تجارية، مثال فندق سوزو ذو الأربع نجوم في قلب مدينة نانت.

ومن ناحية أخري هناك العديد من الكنائس العريقة، بخلاف الكنائس السياحية، من قبيل كنيسة "نوتر دام دي باري" في فرنسا، أو كاتدرائية مدينة شارتر أو ريمس وأديرة جبل سان ميشيل. فإن المباني الدينية الفرنسية تتدهور بصورة لافتة للنظر.

بل توضح الكاتبة أن البلديات والقري الفرنسية التي تمتلك أو تدير الكنائس فيها، أصبحت تجد صعوبة في الحفاظ عليها أو في صيانتها، مع العلم بان السبب في ذلك لا يرجع إلى نقص النقود، وإنما إلى نقص الأتباع والزوار.. بل حتى الأفراح لم تعد تقام تقريبا في الكنائس. فوفقا لموقع "ستاتيستا" (إحصائيات)، فإن حوالي 90000 زيجة تم انعقادها سنة 2008 بينما انخفض العدد سنة 2019 إلى 45000.. أي إلي النصف تماما.

ونفس الظاهرة تلاحظ فيما يتعلق بالتعميد. فمن تعميد 400000 طفلا سنة 2000، انخفض العدد ألي 200000 سنة 2019. كما أن أزمة عدم وجود قساوسة لإقامة القداس بات من السباب الرئيسية. لذلك تقول الكاتبة: "عدم إقامة القداس تعني عدم وجود دخل للكنائس، لذلك تضطر إلى الإغلاق أو إلى تحويل النشاط الديني إلى مجال ترفيهي أو تجاري".

والمدافعون عن ذلك النوع من التراث المعماري يتقبلون فكرة تحويل النشاط الديني إلى نشاط مدني بدلا من هدم المبني تماما. إذ يكتفون بخفض المنارات ونزع الصلبان ليتم اضافة اسم النشاط الجديد على الواجهة..

وتنهي الكاتبة مقالها بفقرة جد طويلة عن السبب الآخر، أو الأساسي، لابتعاد المسيحيين عن الكنائس، وهو الفضائح الجنسية التي قام ويقوم بها القساوسة بمختلف تدرجاتهم.. ولقد تم الاتفاق على أن تقوم الكنائس بدفع تعويضات لمن تم الاعتداء عليهم. وتوضح الكاتبة أن العدد يرتفع في فرنسا وحدها إلى أكثر من ثلاثمائة ألفا قد تم اغتصابهم. وقد سبق وطالعنا ما كتبته عن "تقرير سوڤيه"، فمما أورده فيه حول جرائم الاغتصابات الجنسية في الكنائس، أنها تُعد بالملايين وليست بالآلاف..

وتشير الكاتبة إلى أنه قد تم الاتفاق على أن تقوم الكنائس بتعويض من تم اغتصابهم، وهو ما سوف يضطرها إلى بيع العديد من أملاكها أو أديرتها. وينتهي المقال بجملة مريرة، تشير إلى حال القساوسة وشعورهم بالحسرة والضياع مع شبح أفول مهنتهم إن عاجلا أو آجلا، بينما أصحاب العقارات يفركون أيديهم فرحة وسعادة..

وليس هذا الموضع بجديد في حد ذاته، إذ سبق للبابا فرنسيس أن أعلن عن أفول المسيحية وانحسار نجمها من أوروبا. وذلك بفضل كل ما كتبه علماؤها الأمناء من كشف لعمليات التحريف والتزوير التي لازمت تكوين المسيحية منذ أولي خطواتها حتى يومنا هذا..

لذلك لم يجد البابا أمامه بدا من التوجه ناحية الشرق الأوسط في محاولة مستميتة لتدعيم غرس المسيحية المتهالكة بها.. لذلك أيضا أنشأ مكتبا خاصا لتلك المهمة برئاسة المونسنيور جولنيش. وقد سبق وتناولت هذا الموضوع بإسهاب.. ومن الثابت بالوثائق أنه قد تم بناء 5800 كنيسة في مصر بدون ترخيص، وتم تقنينها أثناء فترة كورونا..


زينب عبد العزيز
15 أغسطس 2022
 

 

"لو اختفي المسيحيون من الشرق الأوسط ستقوم الحرب" تصريح للمونسنيور باسكال جولنيتش (saaid.net)

تقرير الإدانة الفاضحة (saaid.net)

 


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
 
  • مقالات
  • كتب
  • أبحاث علمية
  • Français
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط