صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







إلي مشعلي الفـتـن

أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية



لقد نشرت الصورة الواردة بأحد مواقع الفاتيكان بالتعليق الصادر تحتها ليترجمه من يشاء.. فالوضع في كل مكان في العالم لم يعد يتحمل أية تجاوزات أو أكاذيب، وكفي ما وصلنا اليه من انفلات واتهامات ضد الإسلام والمسلمين، بل واستفزازات وتعامل بوجهين في حقهما حتى باتوا يذبّحون وينكّل بهما في كل مكان في العالم والصمت هو المعيار المشترك بين الجميع.. والأحداث والوقائع ليست ببعيدة بل ولم تجف دماؤها بعد.. فما معني أن يذهب ستة أساقفة كاثوليك من لبنان وسوريا ومصر والعراق لمقابلة البابا فرنسيس، يوم 7 فبراير 2020، لكي ينقلوا له "الوضع المأساوي لمسيحيي الشرق"، "الذين لا يزالوا يضطرون الي مغادرة أراضيهم بسبب الصراعات المتفرقة والضغط الإسلامي عليهم". واستخدام كلمة "أراضيهم" هنا بدلا من بلدان تأخذ معني آخر..

والأساقفة هم لويس روفائيل ساك، البطريرك الكلداني لبابل، والكردينال بشارة بطرس الراعي البطريرك الماروني لأنطاكيا، والبطريرك القبطي إبراهيم إسحاق سدراك من الإسكندرية، والبطريرك المالكي (الارثوذكسي الشرقي) يوسف عبسي الإنطاكي، والبطريرك الأرمني جريجوار بطرس العشرين غبرويان من تركيا، والبطريرك السرياني إغناس يوسف الثالث يونان من أنطاكيا.

وقد أوضح البطريرك يونان، ردا على أسئلة وكالة الأنباء الكاثوليكية، أن القيادات الدينية العليا هي التي طالبت بهذه المبادرة المرتجلة بسبب "الوضع المأساوي في الشرق الأوسط بعامة، سواء أكان ذلك في سوريا والعراق ولبنان أو الهجرة الجماعية لأقليات الشرق الأوسط". وتدخل البطريرك يوسف يونان موضحا: "ان ذلك يمثل تهديدا لحياتنا" مؤكدا أنه هو وزملاؤه قد توسلوا للبابا فرنسيس "أن يتولى قضية وطلب كافة المسيحيين المضطهدين وكافة الاقليات المضطهدة في الشرق الأوسط"..

كما انتقد البطريرك السرياني خطة السلام التي طرحها ترامب بين إسرائيل وفلسطين، وهي خطة "تحمل من التهديدات أكثر مما تحمل من حلول، لأنها لم تأخذ في الاعتبار مطالب الفلسطينيين". واستخدام عبارة "إسرائيل وفلسطين" هنا بها من المغالطة ما يغني عن التعليق، فأين هي فلسطين يا حضرة البطريرك وأين أنت من كل ما يدور من إبادة جماعية متعمدة للبقية الباقية من شعب فلسطين؟ أما البطريرك يونان فقد لخص صيحة الأباطرة المنذرة بالخطر والذين أتوا الي الفاتيكان للدفاع عن مطالب مسيحيو الشرق: "أن الكاثوليك والكرسي الرسولي يجب أن يعملوا لدفع القيادات العليا الي النظر الي شعوب الشرق الأوسط لا كأرقام وإنما كبشر من حقهم ان يعيشوا بكرامة وبحرّية (...) نحن بحاجة الي أفعال أكثر من حاجتنا الي كلمات". والمحذوف من النص محذوف في نفس المقال ويعلم الله عما يحتوي عليه. لكنه نداء صريح لتدخل الدول الغربية لحماية الأقليات المسيحية، وهي محاولة تتكرر منذ أعوام بإلحاح لافت للنظر.

وأول ما أبدأ به تعليقا على زيارة هؤلاء الستة لبابا الفاتيكان هو: عار عليكم! نعم، عار عليكم بكل المقاييس يا من تتلفعون بالأكاذيب لتزيدوا من وقع الحصار والاتهام المفروضان والملصقان بالإسلام والمسلمين، وقلب الحقائق وتأجيج المشاعر، خاصة في نفس الوقت الذي يتم فيه دراسة تقنين المطالب الواردة في "
وثيقة الأخوة الإنسانية" واستخراج قوانين دولية منها، للنيل من الإسلام والمسلمين بمقتضاها، رغم كل ما بها من مآخذ في حقهما.  

أما المطالب المجحفة لكيلا أقول الكاذبة في حق الإسلام والمسلمين، فأود معرفة من هو المضطهد في بلده: المسلمون أم "الأقليات" المسيحية؟ واستخدام صفة "الأقليات" هنا لأنها هي الكلمة الواردة للتعبير عن المطالب المغلوطة.. فأين هو الضغط الإسلامي الواقع على "
مسيحيو الشرق الأوسط"؟ لو تحدثنا من الناحية الدينية: ففي الوقت الذي تُغلق فيه المساجد بين الصلوات الكنائس مفتوحة 24 ساعة، بل تم بناء أكثر من 5800 كنيسة بلا تراخيص بطول القطر المصري وعرضه، وجارى حاليا تقنينها تباعا على فترات..

لو نظرنا من حيث التعداد ورؤوس الأموال فوفقا لمجلة فوربس إن عدد المليارديرات المسيحيين ضعف المليارديرات المسلمين مع مراعات الفارق في نسبة التعداد بين المسيحيين والمسلمين؛ لو تأملنا من ناحية النصوص الدينية في المناهج التعليمية فالكنيسة باتت تراجع المناهج التعليمية حتى الدينية والأزهرية منها، ويا لها من سُبّة في حق المسلمين، وهو ما تم إعلانه رسميا في أحد المؤتمرات. وما يحذفونه هي آيات واردة في القرآن الكريم. فهل هناك مسلم حاول أو حتي فكر في حذف آية من الأناجيل الثابت ما بها من تغيير وتحريف؟  ولو تحدثنا عن أراضي الدولة المنهوبة تحت مسميات الأديرة وآخرها آراضي وادي الريان في الفيوم لخجلت الأرقام من نفسها. فأين هو الاضطهاد الذي يعاني منه مسيحيو الشرق الأوسط؟ وهذه مجرد شذرات من غثاء جد كثير ومن حقائق جد محزنة إن لم تكن استفزازية.

فأن تقبل قيادات المسيحية الكاثوليكية في الشرق الأوسط الخضوع لبابا الفاتيكان والتورط معه فيما يحاول القيام به من إقحام تدخلات سياسية والاستعانة بقيادات الدول العظمي لترسيخ أهدافه الأساسية، التي لا يكف عن الإعلان عنها وهي: تنصير العالم، على انه قرار لا نقاش فيه ولا رجعة فيه، فإن ذلك يضعهم جميعا تحت المساءلة، إن كان هناك من يهتم بوضع النقاط فوق الحروف.. اتقوا الله يا مشعلي الفتن..


زينب عبد العزيز
13 مارس 2020



 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
الدكتورة زينب
  • مقالات
  • كتب
  • أبحاث علمية
  • Français
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط