صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







أمريكا حصاد الشيطان..!

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
الذي لا أستطيع استيعابه في علاقة جورج بوش الأب، بالقس (صن مايونج موون) المسيح المخلص بزعمه، هو كيف استمرت هذه العلاقة لعقود؟، وكيف استطاعت الثبات رغم كل ما شاب موون من شبهات؟...

قد تكونون سمعتم بالقس (صن مايونغ موون) مؤسس حركة(المونية) التي يبلغ عدد أتباعها حوالي مليونين، والمنتشرة في وسط وجنوب أمريكا، وفي أيرلندا، إلا أن ما يحوم حول شخصية المؤسس ونشاطه وعلاقاته مع السلطة الأمريكية، يستوجب هذا الحديث.
ولد (موون) في كوريا الشمالية عام 1920م، اعتنقت أسرته المسيحية وهو في العاشرة، وفي السادسة عشرة من عمره ادعى أن يسوع المسيح - عيسى عليه الصلاة والسلام - ظهر له وحثه على إكمال مسيرته التي عجز هو عن إكمالها، وهكذا تأسست جماعة (المونيين)، التي تدعو إلى توحيد الأديان السماوية وغير السماوية في حلقة واحدة، تدور وتنصهر حول وفي شخصية (صن موون) الميسح المخلص! ففي عام 2002م، نقلت بعض الصحف الأمريكية أنه قال: (المسيح - عيسى عليه السلام - وبوذا، ومحمد- صلى الله عليه وسلم - جاءوه وأبلغوه بأنه هو ملك الملوك، أي المسيح المخلص)!

لقد انتقل(موون) إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1973م، ومن ثم كوَّن إمبراطورية تدير أكثر من أربع وعشرين شركة في أمريكا وحدها، وبسبب تهربه من دفع الضرائب أودع السجن الفيدرالي بكنكتيكت لمدة عام ونصف العام، ولم تكن هذه المرة الأولى التي يسجن فيها، فقد سجن في كوريا الشمالية ثم الجنوبية بسبب ارتكابه جريمة الزنا، وعندما زار ألمانيا لم يتمكن من دخولها، إذ أعلنت السلطات أنه شخص غير مرغوب فيه، لقد كانت تحركاته تثير ريبة كثير من الدول، فالبرازيل اعتبرته تهديدا لسيادتها، وفتحت تحقيقا حول علاقته بغسيل الأموال، وفي كوريا الجنوبية كان عميلا للمخابرات المركزية الأمريكية، والممثل الرئيس للأعمال الخفية التي تقوم بها وكالة الاستخبارات الأمريكية مع نظيرتها الكورية، كما كان مناهضا بارزا للفكر الشيوعي، له بجانب نشاطه الديني نشاط سياسي لا يستهان به، لعب دورا هاما إلى جانب الرئيس نيكسون في فضيحة (ووترغيت) كما قام بحماية برنامج الرئيس ريجان وسياسته في أمريكا الوسطى.. قام بتحالف مع شارون لتنفيذ مخططات له في أمريكا اللاتينية.. وجدير بالملاحظة أن الكثير من الأمريكيين يريدون مغادرة موون لبلادهم، ويعتبرونه مجرما ومنحطا..

أما علاقته ببوش الأب ثم الابن فأمر آخر.. لقد بدأت هذه العلاقة المريبة عندما كان جورج بوش الأب مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية، فأثناء إجراء الكونغرس لتحقيقات حول نشاطه المالي، توسط بوش الأب لدى أعضاء الكونغرس كيلا يكشفوا الكثير مما وصلوا إليه، وهكذا كسب (موون) القضية ونجا من المحاسبة، ولم ينس موون موقف بوش، بل ظل وطيلة السنوات التالية حاملا الجميل له ولسياساته وداعما لطموحاته، وطموحات حزبه، ففي عهد إدارة ريجان - بوش، قام بتنفيذ مشروع لإدارتهما يتعلق بإنشاء صحيفة يومية محافظة في العاصمة واشنطن، تهتم بنقل آراء السلطة بدقة وإخلاص، ففي عام 1982م أطلق صحيفة تحمل تلك المواصفات واختار لها اسم (واشنطن تايمز) لتنافس (واشنطن بوست) التي تشكل عائقا في توجهات اليمين المسيحي.

إن سيرة بوش الأب وآل بوش، تؤكد عمق العلاقة التي تربطهم بموون، فقد توالت هباته لهم، والذي يؤكده الخبراء أن المحرك الأساسي في هذا التوجه لم يكن العرفان بالجميل، فبفضل واشنطن تايمز استطاع موون اختراق قلب السلطة السياسية الأمريكية، فريجان الرئيس الأمريكي قال: إنها: (صحيفته المفضلة) أما جورج بوش فقد قال: إنها: (تجلب العقل والفطرة السليمة) هذه الحظوة دفعت موون لبذل عشرات الملايين في سبيل إبقائها رغم فشلها من الناحية التجارية.

كما كانت وكالة الاستخبارات المركزية تمد واشنطن تايمز بمعلومات لم يسبق نشرها، وفي المقابل تقوم الصحيفة بشن ردود عنيفة على من يكشف عن معلومات محرجة في موضوع حساس، وكثيرا ما كانت التايمز تغير دفة الأمور لصالح وكالة الاستخبارات المركزية، والرئيس ريجان ونائبه بوش، وعندما رشح جورج بوش نفسه للرئاسة ساندته التايمز في توجهه هذا، فقد أوعز موون لها بمهاجمة كل من يحاول المساس بفترة عمل بوش كنائب للرئيس ريجان، والتي استمرت ثماني سنوات، والعمل على تشويه خصمه الديمقراطي مايكل دوكاكيس، وهذا ما كان.. فقد بثت إشاعة تتعلق بصحته العقلية، مما أدى إلى زعزعة حملته وإفشالها.
وبعد انتخاب بوش رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، صرح في غداء خاص لمدير التايمز ورئيس تحريرها وسلي بوردن: (كنت أود أن أقول لك: إن التايمز قد أضحت ثمينة إلى حد بعيد في واشنطن، حيث نقرأها يوميا)، وفي حملته الانتخابية الثانية عمدت الصحيفة إلى نشر إشاعة عن إمكانية انضمام بيل كلينتون للاستخبارات الروسية..

وكما أشرت سابقا كان موون مناهضاً بارزاً للفكر الشيوعي، ومع هذا بادر عام 1991م وأثناء رئاسة بوش الأب، بتقديم عدة ملايين من الدولارات للديكتاتور الكوري الشمالي الشيوعي، كيم إيل سونج بمناسبة عيد ميلاده، ومن خلال عدة لقاءات تمت بينهما اتفقا على إتمام موون لاستثمارات في كوريا الشمالية، قدرت بأكثر من 3،5 مليارات دولار، إن الحظر التجاري الذي خضعت له كوريا الشمالية من قبل الولايات المتحدة، والذي بدأ منذ الخمسينات يمنع إجراء أي اتفاق بين كوريا الشمالية وأي مواطن أمريكي أو مقيم دائم، والغريب أن الرئيس جورج بوش الأب لم يعترض على تصرف موون التجاري مع كوريا الشمالية، بل إن علاقتهما أصبحت أكثر عمقا بعد انتهاء فترة رئاسته.

هذا ما أظهرته الأيام التالية.. فقد قام كل من جورج باربرا بوش بعدة مؤتمرات حول الولايات المتحدة وآسيا لمنظمات يمولها موون، وفي عام 1996م قرر موون إطلاق صحيفة جديدة (تيمبوس دل موندو) في الأرجنتين، على أن تطبع في عشر دول في أمريكا اللاتينية، في هذه الفترة تعرض موون لحملة تناولت علاقاته المشبوهة بـ(انقلاب الكوكايين) وبعد أن أخمد موون الحملة الموجهة ضده، توجه إلى الأرجنتين مصطحبا جورج بوش الأب الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية، كمتحدث رسمي لاحتفال رتبت له الحكومة الأرجنتينية على شرف الرئيس منعم، لقد وقف بوش الأب أمام حشد بلغ سبعمئة ضيف، ليعلن أن موون: (الرجل صاحب الرؤيا) كما قال: (أعلمني ناشرو واشنطن تايمز أن هذا الرجل صاحب الرؤيا لم يتدخل يوما في مسيرة الصحيفة، هذه الصحيفة تضفي جوا من الصحة على مدينة واشنطن، وأنا كلي اقتناع بأن صحيفة تيمبوس دل موندو ستقوم بالمثل)!
لم يكن هذا خطابا دون مقابل فقد تقاضى عليه بوش مئة ألف دولار، إلا أن مجموع المبالغ التي دفعت له من قبل موون تقدر بعشرة ملايين تقريبا، ما ذكر هنا هو جزء مما ذكره الكاتب الكبير أريك لوران.

والذي لا أستطيع استيعابه في علاقة جورج بوش الأب، بالقس (صن مايونج موون) المسيح المخلص بزعمه، هو كيف استمرت هذه العلاقة لعقود، وكيف استطاعت الثبات، رغم كل ما شاب موون من شبهات ابتدأت بسجنه في الكوريتين وانتهاء بسجنه في أمريكا، ورغم ادعاء موون أنه المسيح المخلص وأن عيسى عليه السلام فشل في إكمال مهمته، ورغم خيانته لأمريكا من خلال تعاونه مع كوريا الشمالية، بل رغم تصريحاته المناهضة لأمريكا وللشعب الأمريكي، والتي جاء في إحداها: (سيوضح التاريخ موقف موون وسينحني أمامه أعداؤه من الشعب الأمريكي، والحكومة الأمريكية) ورغم ما قاله عام 1997م أمام حشد من المؤمنين به: (إن الدولة التي تمثل حصاد الشيطان هي أمريكا)!
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط