صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







"هولندي" يتطاول.. و"السعودية" تفرض عقوبات

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
@OmaimaAlJalahma
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


تجاوز "النائب الهولندي" كل الأعراف الإنسانية المقبولة أخلاقيا والتي تغاضت عنها الأنظمة الحديثة في بعض الدول الأوروبية، التي تدعي احترامها للحريات، فأي حرية هذه التي تسمح وتحمي شخصا مهتزا عقليا بمس ديننا وأوطاننا الإسلامية


ما سأتحدث عنه اليوم إساءة ستثير حفيظة الكثيرين دون شك إلا أنها لم تكن الإساءة الأولى للنائب الهولندي اليميني "خيرت فيلدرز" والمعروف بعنصريته وكراهيته للإسلام والمسلمين، فقد سبق له أن طالب بحظر القرآن الكريم في هولندا واتهم نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام- بالإرهاب وتطاول أكثر فأكثر.. ووقف جراء هذا وذاك أمام القضاء الهولندي كمحرض ضد الإسلام والمسلمين، ناشرا للكراهية والعنصرية، إلا أن المحكمة الهولندية انصاعت للنيابة العامة التي طالبت خلال مرافعتها بتبرئته، ولكنه عاد مجددا يمارس تطاوله على الإسلام وأهله ولكن بوجه جديد، فقد وزع ملصقات خضراء تشبه العلم السعودي، ولكنه استبدل عبارة "لا إله إلا الله" بعبارات مسيئة للإسلام، ولم يكتف بذلك فقد أصر على رفض الاعتذار!
أما كلامه الذي أسعدني فقد كان إثر القرارات السياسية والاقتصادية من الجانب السعودي والتي أفزعت حكومة هولندا ورجال أعمالها، فقد قال "كان على هولندا مقاطعة هذا البلد منذ مدة طويلة",

أما سبب سعادتي فمردها حجة المحكمة في تبرئة النائب "فيلدرز" من التهم الموجهة إليه، إذ اعتبرت كافة تصريحاته وانتقاداته كانت موجهة للإسلام وليست للمسلمين، وهي تندرج في إطار نقاش عام، كما أن الأعراف والقوانين الهولندية تنص على أن "انتقاد دين ليس إهانة تستوجب العقاب",

ومن هنا أقول الحمد لله الذي أوقعه في شر أعماله، فإذا كان استناد المحكمة في تبرئتها له على أن تحريضه كان موجها ضد الإسلام وليس المسلمين، فأقول إن تبريرها هذا يدفعني للمطالبة برفع دعوى جديدة ضده، فتحريضه ها هنا كان ضد المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا وضد إيمانها بلا إله إلا الله محمد رسول الله.. وكلامـه موجه ضد أشخاص وكيـان ودولة.

وأود أن أقول إن غضبي ليس لأن نكرة لامس علم بلادي، وحق لي أن أغضب لفعله، ولكن غضبي تعدى ذلك بكثير، فالإساءة لعلم المملكة العربية السعودية.. لا يحمل تطاولا على وطن عملاق كوطننا.. بالقدر الذي يحمل تطاولا على ديننا الحنيف وعصمة أمرنا وملاذنا بعد الله في الدنيا والآخرة، فقد تجاوز بفعله الخطوط الحمراء، وأصر وتمادى واستكبر، ولذا لا يمكن أن نقبل موقف حكومته الذي برر السكوت عن فعله، كون النظام الهولندي - بحسب زعمهم- أفسح المجال لأحمق ليقول ما يريد، بغض النظر عن وقاحته وتطاوله واستفزازه

إن حكومة هولندا تعلم يقينا أن علم المملكة العربية السعودية يحمل كلمة التوحيد، تعلم أنه (هو العلم الوحيد الذي لا يتم تنكيسه أو إنزاله إلى نصف السارية في حالات الحداد والمراسم الدولية. كما يحظر ملامسته للأرض والماء والدخول به لأماكن غير طاهرة).

حكومة هولندا تعلم أنها لا تستطيع بحال أن تتجاوز تلك المحاذير، وتعلم أنها ملزمة باحترام علم المملكة العربية السعودية، وبفرض احترامه على العامة قبل الخاصة، مع ذلك سكتت عن فعل ذاك المهرج الذي فقد عقله بتعريض وطنه لخسائر لا طاقة لهم بها.. خسائر سياسية واقتصادية محلية ودولية، فهولندا تعد من أكبر الدول المستثمرة في السعودية، إذ تمثل استثماراتها 4% من كل الاستثمارات الخارجية المباشرة في المملكة.. فبينما يحاول مواطنو هولندا تثبيت أقدامهم كتجار ومقاولين وصناع في بلادنا، يأتي هذا النائب بفعل لا يمكن لنا كمسلمين أولا، ثم كمواطنين ثانيا، السكوت عنه، لقد قصد بفعله هذا الإساءة إلى المملكة العربية السعودية الوطن الذي اتخذ من كلمة التوحيد شعارا له كدليل على خدمة الإسلام وأهله.

والغريب أن رئيس الوزراء الهولندي "مارك روتا" الذي قال: "لقد نزلت تصريحات فيلدرز الى أدني مستوى لها، ويمكن أن يكون لها تبعات على الاقتصاد الهولندي"، وتابع "إذا لم نستطع أن نحد من حالة التوتر فإن هذه التصريحات ستكلف الاقتصاد الهولندي الكثير"، ومع أن رئيس الوزراء الهولندي كان متيقنا أن التصرف الطبيعي من قبل المملكة العربية السعودية هو إيقاف العلاقات الاقتصادية أو تقليصها على أقل تقدير، ومع أنه كان متيقنا أن ما ستتحمله هولندا جراء هذا التصرف الأهوج من خسائر عظيمة جدا، إلا أنه لم يتمكن من إصدار قرار بإنزال عقوبة عليه.

لقد كان بإمكان رئيس الوزراء الهولندي "روتا" توجيه الوزير المعني باقتصاد هولندا لإصدار قرارات من شأنها حماية الاقتصاد القومي الهولندي، قرارات ترفع الحصانة عن هذا النائب إن كانت له حصانة وتجلسه في قفص الاتهام وتنزل عليه العقوبة ليكون عبرة لغيره، ولكن الحكومة الهولندية اكتفت بتصريحات لا تغني من الحق شيئا، بل تطلعت لرد فعل مماثل من طرفنا.. إلا أن القرارات السعودية وكما نعلم، جاءت بخلاف ذلك. فقد أعلنت المملكة فرض عقوبات تجارية على شركات هولندية، ونيتها خفض عدد تأشيرات الدخول المعطاة لرجال أعمال هولنديين، ردا على تجاوزات النائب الهولندي التي عدتها مهينة للإسلام، كما صدر أمر ملكي يدعو الشركات السعودية إلى: "عدم تمكين الشركات الهولندية من المشاركة في المشاريع المستقبلية في السعودية، سواء بشكل مباشر أو من الباطن، مع إبلاغهم بالأسباب الموجبة لذلك."

لقد تجاوز هذا الأفاق كل الأعراف الإنسانية المقبولة أخلاقيا والتي تغاضت عنها الأنظمة الحديثة في بعض الدول الأوروبية، الدول التي تدعي احترامها للحريات، فأي حرية هذه التي تسمح بل تحمي شخصا مهتزا عقليا بمس ديننا الإسلامي وأوطاننا.. فقط لأنه رأى ذلك، ثم هل كانت لتفعل لو تعرض لعلم بلاده أو سخر من تقديس هولندا للون البرتقالي مثلا، أو من ارتداء الهولنديين لهذا اللون في مناسباتهم الوطنية، وهو اللون الذي يعبر عن الأسرة المالكة في هولندا.. هل ستسكت الحكومة بدعوى الحرية لو رفع "فيلدرز" في برلمانهم برتقالة وقشرها ثم قذف بقشرتها في القمامة أو داسها بقدمه ساخرا.. لا أعتقد أن الحكومة ستسكت لو فعل، مع أن فعله قد يكون مقبولا عقلا، فقد يبرر فعله بأنه جاع وأراد تناول طعاما صحيا!...

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط