اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/daeyat/omima/526.htm?print_it=1

فضلا.. هلا أنهيت المقال

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


أخجل عندما أفكر فيما ستكون عليه مائدة إفطار أسرتي في شهر رمضان المبارك.. وأنا أعلم يقينا أن هناك صائمين في سورية، قد لا يملكون قطرة ماء، وكسرة خبز، ويعيشون في العراء


مع ثقتي التامة بكل النوايا الحسنة والطيبة الكامنة خلف التوصيات التي صدرت عن مؤتمر "موقف علماء الأمة من الأحداث في سورية" الذي عقد مؤخرا في مصر، إلا أن لي بعض الملاحظات عليها آمل أخذها بعين الاعتبار، كما أتمنى من القارئ الفاضل ترك حكمه على المقال إلى حين الانتهاء من قراءته.
ما خرج عن هذا المؤتمر توصيات يمكن الأخذ بها، كما يمكن الأخذ ببعضها، وهناك ملاحظة أخرى مهمة جدا، فالتوصية الثالثة تضمنت أمرا خطيرا للغاية، إذ جاء فيها ما يلي: (ترك الفرقة بين المسلمين عامة والثوار السوريين خاصة وتغليب المصلحة العامة على الخاصة)، فقد أشارت وبوضوح تام إلى الفرقة الواقعة بين ثوار سورية، وهو أمر يعلمه يقينا كل متابع مع الأسف الشديد، كما أشارت إحدى التوصيات إلى اتحاد حلفاء بشار وهم حزب الله وإيران وروسيا والصين وغيرهم، وهو أمر محير للغاية، إذ إن أصحاب القضية العادلة مختلفون، في حين اتحد أعداؤها في الدفاع عن الظالم، واختلاف الصفوف كما نعلم يبدد القوى ويضعفها، قال تعإلى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
ومن ناحية أخرى، نجد أن هذه التوصيات عندما أوصت بالجهاد ذكرت كافة أنواعه بقولها: (وجوب الجهاد لنصرة إخواننا فى سورية بالنفس والمال والسلاح وكل أنواع الجهاد)، وهنا علينا التوقف مليا عند قولها الجهاد بالنفس.. والمال.. والسلاح..إلخ. فالجهاد بالنفس لا يمكن أن ينجح دون مال وسلاح، ولو حدث عرض الأرواح للخطر، وهو أمر لا جدوى منه ومرفوض جملة وتفصيلا، فالواجب أخذ العدة والعتاد عند التوجه للقتال حفاظا على مقدرات الأمة الإسلامية، ومن يعتقد أن تعريض حياته للموت على يد الأعداء سيجعله شهيدا فهو واهم، فالجهاد بالنفس ليست الغاية منه فقد الأرواح بل نصرة الدين وأهله.
ثم وكما أعلم.. ومن خلال تجارب شبابنا في البوسنة والهرسك وأفغانستان.. سيعتبر شبابنا المقبلون على القتال مع ثوار سورية عاجلا أو آجلا دخلاء طفيليين.. من هذا الفريق أو ذاك، ولا أستبعد اتهام شبابنا بالإرهاب ومعاملتهم على هذا الأساس.. ليس من بشار وزبانيته فقط ، بل من الفرقاء من الثوار أيضا، بل اعتبارهم كذلك عالميا، كما لا أستبعد خلال هذه الفترة أو بعدها ظهور فرق تمتهن رفع السلاح على المسلمين واعتبار كل مخالف لهم عدوا للأمة.
والحل كما يظهر لي.. هو التباحث مع حكومات الدول العربية لإيجاد حل حاسم يحقق الغاية بشكل أو بآخر.. والذي أفهمه من ثوار سورية.. هو أنهم بحاجة إلى السلاح والعتاد والدعم المادي على اختلافه.. فهم يملكون الكوادر المدربة ولا حاجة لكوادر غير مدربة تشتت جهدهم في هذا الوقت بالذات، كما أن الثوار أنفسهم غير متفقين على أمور أساسية وحاسمة، فكيف لنا أنْ نعرف موقفهم من انخراط شبابنا في ثورتهم، ثم إني لم أسمع من أحدهم الإشارة ولو مبطنة بحاجته للكوادر البشرية.. هم يؤكدون على حاجتهم للسلاح والمؤن وتأمين العلاج ورعاية الشعب السوري المشرد، فالعالم سمع نداءات المعارضة السورية المتكررة المطالبة بتسليحهم عقب ما تعرضوا له من انتكاسات في مواجهة قوات الرئيس بشار الأسد وحليفه حزب الله.
والذي أجد أنه يمكن التطبيق في المرحلة الحالية هو إمداد الثوار بالسلاح والدعم المادي والمعنوي، والتعاون مع الهيئات الإغاثية العالمية بشتى الوسائل، وانخراط كوادرنا الطبية والإسعافية معها من خلال قنوات رسمية لحكوماتنا.
ولكن في حال اجتمعت كلمة الثوار وطالبوا بالدعم العسكري، فالواجب الحتمي ها هنا يتطلب تحرك الحكومات العربية والإسلامية بجيوشها المدربة وعتادها العالي لنصرة الثوار.
وأخيرا؛ سمعنا أن البيت الأبيض يعلن أن الرئيس الأميركي باراك أوباما قرر تقديم دعم عسكري للمعارضة السورية، ومن هنا علينا النظر في حال فريقي روسيا والصين ودفاعهما المستميت عن حليفهما الظالم بشار وحزب الله، ومن ناحية أخرى أميركا والعالم الغربي وموقفهم السلبي من الثوار، فمع الأسف الموقف السلبي لهذه الدول ـ حتى الآن ـ من الثوار مخز للغاية، فلم يطلب الثوار تحريك جيوش العالم لنصرتهم ..فقد اقتصرت مطالبهم على السلاح والمؤن والعلاج، وتأمين حياة المشردين..ولكن العالم الغربي الذي يدعي نصرته للمظلوم ما زال يملك الوقت الكبير للتباحث والمناقشات، تاركين أمن وحياة آلاف السوريين على المحك.. والآلاف المشردين تحت خط الفقر الذين يقتاتون على ما يصلهم من معونات عربية ودولية، والتي على عظمها لا تغطي حاجتهم الفعلية.
وأخيرا.. أخجل عندما أفكر فيما ستكون عليه مائدة إفطار أسرتي في شهر رمضان المبارك.. وأنا أعلم يقينا أن هناك صائمين قد لا يملكون قطرة ماء، وكسرة خبز، ويعيشون في العراء، ولذا أتطلع للمملكة العربية السعودية.. بدعم وتشجيع جمع التبرعات، وتحويلها لتبرعات عينية تصل للمشردين من أهل سورية ..ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط