صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







لنشعرهم بتقديرنا وهم على رأس العمل

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام


من السهل كما أفهم أن يحقق الفرد منا ذاته في عمله شرط أن يحبه، فحب المرء لما يقوم به هو عادة ما يكون محفزا للإبداع والنجاح والتميز، شرط أن يتوفر له محيط جيد بطبيعة الحال.

إن الشباب عندما يقبلون على العمل قد يجدون فرصا عدة يتطلعون إليها ، فرصا مشجعة وفرصا دون ذلك ، لكنهم سواء تمكنوا من القيام بهذه أو تلك، عليهم أن يعاهدوا أنفسهم أن يكونوا متميزين، وألا يقفوا عند نقطة الانطلاق مهما كانت هذه النقطة مشجعة، فالبداية على حلاوتها يجب ألا ترضي طموح أبنائنا وبناتنا، هذه الرسالة التي أتمنى أن تثبت في أذهان الشباب وتتحول إلى فكر وسلوك وإنجاز.

وليتحقق ذلك آمل أن يراجع الموظف عمله وعلاقاته بزملائه وبالمراجعين في حالة تواجدهم، فيضع الإيجابيات والسلبيات أمامه ويدرس كلا منها، على أن يرسم خريطة تمكنه من متابعة المراحل العملية لحياته وبشكل دائم، ثم يعمل لتفادي السلبيات وزيادة الجوانب الإيجابية في حياته العملية، أو على الأقل الثبات عليها.

فمن الجميل أن نرى أمامنا أناسا صمموا على النجاح وأصروا على تذوقه، فذاك الرجل عمل في شبابه المبكر في عمل بسيط وفي الوقت نفسه جاهد لإكمال دراسته العليا وليصبح اليوم بحق علامة في مجاله، إضافة إلى أنه أصبح الرجل الثاني في المؤسسة التي يعمل من خلالها، وذاك الذي خرج من أسرة بسيطة للغاية، وأعاد دراسة سنة دراسية، واليوم يعد من أكثر مفكرينا إنتاجا علميا، كما جلس ولسنوات على كرسي إحدى الوزارات وخدم بلاده وتفانى في ذلك.

الحقيقة أنا لا أكتب اليوم عن النجاح بل عن السعادة، فالسعادة أمر نسبي وكل منا له رؤية خاصة للسعادة فهناك من تكون سعادته بالإنجاز الأسري أوالعلمي أو الاقتصادي، وهناك من تتوق نفسه لذلك كله، وهناك من يسعده أقل القليل.

قد يلومني البعض لأنني لم أترك الذي رضي بالقليل في حاله وأرغبه بالمزيد، في حين يرى أنه كان الأجدى أن أحث الذي لا يرضي طموحه إلا المزيد والمزيد، بالقناعة والاستكانة. ولكني في الحقيقة أعلم أن ذلك الذي امتهن الجري سيتوقف لا محالة، فقد ينهك، وقد يكون من الذكاء بمكان فيدرك أن العمل الفكري والجسدي لأربع وعشرين ساعة مجهد للنفس والعقل معا، وإن لربه حقا ولنفسه حقا ولأسرته حقا، أما ذاك الذي يعتقد أن الرضا بمعنى السكون والتوقف عن الحراك، فمهما أتقن في أداء عمله، فلن يرى إبداعه ولن يسمع صوته، لذا نجده قابعا في الظلام بلا حراك إلا كحراك السلحفاة، وكمجتمع علينا أن نذكره أن حياته تلك تتعارض مع يقيننا وإيماننا بالله سبحانه وبقدرته، فأي عمل على بساطته يمكن أن يحقق سعادة صاحبه وإرضاء ذاته ومحيط عمله.

فمثلا موظف الاستقبال في أي مؤسسة أراه من وجهة نظري مفتاحا لها، فإذا كان متميزا في أدائه لعمله، دل ذلك على تميز المؤسسة وموظفيها، وأستطيع أن أمثل لهذا التميز الخفي بنماذج في جامعة الدمام.

لقد كنت منذ سنوات أمر يوميا عبر بوابة كلية الإدارة والتخطيط للطالبات، وكلية التصميم الداخلي، وخلال هذه البوابة اعتدت كما اعتاد غيري مشاهدة ابننا الشاب حارس الأمن (عبدالله المطاوعة) الذي بهرني كغيري بقوة ملاحظته، وذاكرته، وغيرته على بنات الجامعة وأعضائها، كما عرف بدقته في تطبيقه للنظام لدرجة تدعو للإعجاب، وهناك قصص كثيرة تروى عنه تظهر حرصه على عمله، أتمنى أن يجد التقدير والتشجيع الذي يستحق فهو يعمل كحارس أمن بامتياز منذ قرابة (18) عاما، بارك الله به وشفاه فقد وصلني أن وضعه الصحي حرج، أما الأستاذ (عبدالله الشاهين) الموظف الذي يتمثل فيه حسن الخلق والتفاني في العمل، فهو يعمل في إدارة القبول والتسجيل في جامعة الدمام، وطوال عمله في الجامعة كان ومازال مثالا للموظف المخلص، الموظف الذي لا يتطلع لأي تقدير مادي، فالتقدير المعنوي كما يظهر لنا يكفيه، والغريب أن هذا الانطباع الجيد يدركه أعضاء هيئة التدريس والطلاب والطالبات بل وأولياء الأمور، فقد أجمع الجميع بفضل من الله على تقدير وإجلال شخصه الكريم، فالأستاذ عبدالله الشاهين هو في الحقيقة موظف إنجازه إنجاز رجال في قمة الهرم الإداري، رفع الله من قدرة عند الله وعند الناس.

ومن هذه النماذج وغيرها كثير يتضح لنا.. أننا قد نجد في كافة شرائح المجتمع نماذج مشرفة تصلح لأن تكون قدوة لنا، فكما نهتم بذكر السير المشرفة لنجاح المشاهير، علينا أن نعترف بفضل ونجاح هؤلاء المتميزين ولو كان تميزهم قائما على صعيد ضيق .

وفي هذا المقام أتطلع إلى تشكيل إدارة للتميز في كافة مؤسساتنا الوطنية، إدارة تبحث عن الموظفين المتميزين المبدعين في كافة مرافقهم، وتقدرهم وتقدم لهم الحوافز المعنوية والمادية، شرط أن يصلهم هذا التقدير وهم على رأس العمل، فجميل أن نكرمهم قبيل تقاعدهم، ولكن الأجمل والأوقع أن نشعرهم بتقديرنا وهم على رأس العمل، توجه لو طبق سيكون له الأثر الفاعل في عطائهم وتفانيهم وانتمائهم لبيئة عملهم، انتماء سيترك بإذن الله بصمات متميزة على عملهم وإنجازهم

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط