صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







هل بترت إسرائيل يد القضاء البريطاني؟

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام


إخوتي وأخواتي كعادتي مع صباح كل جمعة مبارك بإذن الله، أجلس لأسطر لكم كلماتي، ومن خلالها أشعر براحة لا أدرك منبعها إلا أني أستكين برسم حروفها، فجميل أن أشارك أفكاري مع أشخاص يشاركونني عشق الكلمة، اتفقوا معي أم لم يتفقوا، ففي النهاية سنجد قواسم مشتركة هنا أو هناك وسنجد خصائص تجمعنا لا يمكن لأحد تجاهلها، فالغالبية العظمى التي تقف عند ما أسطر هم أبناؤنا وبناتنا في هذا الوطن الذي نعشق..

ومن هنا كانت أفكاري تتدفق عندما أكتب لكم.. ومن هنا لا أتحرج عندما أغير وجهتي إليكم ولو في اللحظة الأخيرة، فها أنا اليوم بعد أن كنت قد أعددت العدة للكتابة في شأن داخلي أجد نفسي قد اصطدمت بخبر لم أصدق مضامينه فهو من وجهة نظري يخالف المنطق والعقل والعدل والمساواة والإنسانية التي يدعي الغرب حمايتها، غرب تحصن بمعايير مختلفة، غرب يعتقد أن قتل حيوان بآلة حادة يتعارض مع الحس الإنساني، أما قتل إنسان وتجويعه وهدر كرامته فمباح ما دام موجها لوجوه فلسطينية، فالطفل والمرأة والشيخ والإنسان الفلسطيني بشكل عام مجرد كائن طفيلي لا قيمة له، كائن سيكون العالم الأفضل لو غمر التراب أنفاسه، ولو تاجر الوحوش بأحشائه.

الغريب العجيب الذي لا أستطيع استيعابه مهما حاولت، ومهما تحاملت على نفسي وجاهدت، هو كيف يصبح المجرم سفاك الدماء في حماية قانون شهد على إجرامه وطالب بالقصاص منه، كيف يتحول من جانٍ إلى مجني عليه، والعالم شاهد حي على وحشيته وخبثه وخيانته حتى لحلفائه، بالله عليكم يا رجال السياسة هلا وصفتم لي الدواء الشافي من هذا التضارب الحاصل بين ما نتعلمه ونتربى عليه وبين ما نشاهد ونتابع من ساسة دافعوا عن الظالم وما زالوا يفعلون، رجال لا أستبعد أن يبيعوا مصالح وطنهم في سبيل حماية مصالحهم الذاتية، هكذا أرى الأمور وهكذا هي أمام ناظري، ومع ذلك أطالب رجال السياسة في بلادي بالعمل على برمجة عقلي الذي أضناه ما يشاهد ويتابع من ظلم متتال لشعب أبى أن ينهزم، وقبل في سبيل قضيته العادلة بالحصار والجوع والإبادة الجماعية التي تمارس عليه، حياة لا أتصور تعاملي معها وأدعوا الله أن يحفظ لنا بلادنا وأمننا ورجالنا وسلاحنا وجيشنا، وأن يعين إخوتنا الفلسطينيين وينصرهم ويحقق مرادهم بتحرير بلادهم،إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أما الخبر الذي آثار حفيظتي إلى هذه الدرجة فيتعلق بما تناقلته وسائل الإعلام العالمية ومنها قناة (بي بي سي) العربية من: (تقدم رئيس الوزراء البريطاني (جوردون براون) بمقترح لتعديل قانون إصدار أوامر الاعتقال في بريطانيا طبقا للقانون الدولي) أما سبب هذا التغيير فقد أشارت هذه القناة البريطانية وغيرها إلى أن ذلك حدث: (بعد خلاف مع إسرائيل بشأن أمر اعتقال وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، كما ذكرت القناة نفسها: أن ليفني ألغت زيارتها لبريطانيا في ديسمبر الماضي خشية اعتقالها بعدما أصدرت محكمة أمر اعتقال بحقها بناء على شكوى تقدم بها نشطاء فلسطينيون.. بسبب دورها في الحرب على قطاع غزة التي وقعت نهاية عام 2008 واستمرت 22 يوما) والتي نتج عنها استشهاد أكثر من1400 فلسطيني.

وعندما سارع الكيان الصهيوني محتجا على قرار توقيف بحق وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، جاء الرد البريطاني مؤكدا استقلالية القضاء، فقد صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية باري مارستون: (إن مذكرة توقيف ليفني في المملكة المتحدة قضية قضائية لا يمكن للحكومة البريطانية التدخل فيها).

ولكن رئيس وزراء بريطانيا إرضاء لعيون مجرمي الحرب الصهاينة تعهد بتغيير القانون الذي يسمح للقضاء بالنظر في دعاوى إصدار أمر اعتقال لمشتبه به في ارتكابهم جرائم حرب، وتزامن ذلك مع إعلان بريطانيا أنها تبحث إجراء تعديل في نظامها القضائي بما يحمي المسؤولين الإسرائيليين الحاليين والسابقين واللاحقين من المساءلة القانونية.!!

الحقيقة التي تكمن خلف هذا التعهد البريطاني تنصب في أن الكيان الصهيوني كان قد درس منذ سنوات وبالذات عام 2005م، كيفية الاحتيال على القضاء البريطاني الذي يفترض أنه مستقل، وإذ أعدت الدائرة القانونية في وزارة القضاء الإسرائيلية مشروعا لتعديل القوانين البريطانية في ما يتعلق بمحاكمة مجرمي الحرب في المحاكم البريطانية، بحيث لا يعود ممكنا اعتقال الجنرالات الإسرائيليين ومحاكمتهم على جرائم الحرب التي ارتكبوها في المناطق الفلسطينية المحتلة وغيرها، على أن تحول هذه المقترحات إلى وزارة الخارجية البريطانية، كما كلف هذا الكيان رجال قانون إسرائيليون وبريطانيون مناصرون لإسرائيل، إقناع الحكومة البريطانية بتبنيها وإقرارها في البرلمان، وفي الوقت نفسه اتفقت السفارة الإسرائيلية في لندن مع أحد مكاتب كبار المحامين في لندن على إدارة هذه المعركة في القضاء البريطاني باسم إسرائيل، وأجرت اتصالات مع الخارجية البريطانية حول الموضوع.).

ومع الأسف أعتقد أنهم نجحوا بدليل تبني رئيس وزراء بريطانيا لمثل هذا التغيير، بعد أن أعلن المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية (أن مذكرة توقيف ليفني في المملكة المتحدة قضية قضائية لا يمكن للحكومة البريطانية التدخل فيه).

ألم يعلن رئيس وزرائها (جوردون براون) بعدها عن تقديمه لمقترح يهدف لتعديل قانون إصدار أوامر الاعتقال في بريطانيا طبقا للقانون الدولي، هذا التعديل يضمن بتر يد القضاء البريطاني بحيث لا يتمكن من ملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة الذين ثبت أنهم ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية، وهو قرار يمكن بريطانيا من استقبال هؤلاء والترحيب بهم وهي على علم أن أيديهم ملوثة بدماء الأبرياء.

ولكني أتساءل هل سيتمكن القضاء البريطاني من إصدار قرار القبض على ساسة هذا الكيان للمحاكمة بسبب تزويرهم لجوازات سفر بريطانية واستخدامها مدخلا لتنفيذ جريمة اغتيال محمود المبحوح في دبي؟!. أعتقد أن الجواب الأمثل هنا..
الله أعلم.
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط