صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







السلام مبدأ إسلامي

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام


لا شك في حاجة الأمم على اختلافها إلى السلام، فالبشر لا يمكن لهم الحياة في محيط يفتقد السلام والأمن، والأمة الإسلامية كغيرها من الأمم تعد السلام من أهم المطالب الأساسية والضرورية لوجودها واستمرارها، وبالتالي تتطلع لاستتبابه في شتى مناحي الحياة سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، ومن هنا كان حقها في الدفاع عن أمنها وسلامتها ورخائها، ضد أي اعتداء خارجي أو داخلي.
لقد بنى الإسلام سياسته على السلام فيما بين المسلمين بعضهم مع بعض من جهة، وفيما بينهم وبين غيرهم من الأمم من جهة أخرى، فالمسالمة والسلام من وجهة نظر الشريعة الإسلامية، هي أساس العلاقة الأصلية السوية بين الناس، علاقة هادفة في ذاتها لتحقيق الأمن والخير والتعاون بين البشر، علاقة لا يمكن لمجتمع مسلم الانتقال لغيرها إلا في ضوء ظروف استثنائية تفرض ذلك، كتدخل أحدهم في الشؤون الداخلية للدولة المسلمة او اعتداء مسلح أو إثارة فتن وتهديد الأمن والسلامة.
نستطيع أن نجزم أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي عني عناية فائقة بالدعوة إلى السلام، فالسلام الذي يسعى هذا الدين الحنيف إلى تثبيت دعائمه داخل المجتمعات الإسلامية وفي خارجها قائم على أسس إنسانية عادلة، فهو يسعى إلى استقرار علاقات المجتمعات الإسلامية بغيرها من المجتمعات، كما يسعى إلى استقرار مجتمعاته، وهذه الحقيقة اعترف بها عدد من مفكري الغرب، فعلى سبيل المثال ها هو بروس ب0لورنس يطالب بضرورة تصحيح الأوصاف النمطية التي تصف الإسلام وأهله بالعنف، مشيرا إلى أن : الإسلام دين سلام والمسلمون ليسوا رهائن للعنف في طبيعتهم الأساسية، كما أكد أن العنف في الإسلام : (يظل الاستثناء وليس القاعدة) ومن ناحية أخرى يجد الكاتب أن الإسلام قد يكون جزءا من الحل فيقول : (بالإمكان الاستشهاد بالولاء المسلمين للإسلام لتفادي دوامة العنف) وهو في قوله هذا يشابه ما جاء في الخطاب الذي ألقاه رئيس الولايات المتحدة "باراك أوباما" في جامعة القاهرة، عام 1430هـ2009م، فقد قال :( إن إيمان أكثر من مليار شخص أكبر بكثير من الكراهية الضيقة لقلة،إن الإسلام ليس جزءا من المشكلة فيما يتعلق بمكافحة التطرف العنيف، ولكنه جزء مهم في الترويج للسلام).
نعم الإسلام هو الحل لمعضلات شائكة يشهدها العالم اليوم مع الأسف وكما قال لورنس:( الإسلام ليس مجرد دين، فهو أيضاً أكثر من مجرد مذهب سياسي- اجتماعي، فبإمكان الإسلام أن يكون ..نظرة عالمية تدعو للتوافق مع النظرات العالمية الأخرى، وليس للتصادم معها)، فها هو مفكر غربي يعلن يقينه بأن الإسلام قادر على أن يكون رمزا للتوافق مع العالم على اختلاف توجهاته، وها هو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، يعترف بهذه الحقيقة بحمد الله، الحقيقة التي علينا كمسلمين أن نعمل على رعايتها ونموها وصمودها أمام فئة إرهابية ارتأت الخروج عن النسق وتشويه تعاليم ديننا الحنيف، بل وسخرت نفسها للنيل من تعاليمه.
فالسلام هو الأصل الذي يجب أن يسود العلاقات بين الناس جميعاً، فالمولى الله سبحانه عندما خلق البشر لم يخلقهم ليتعادوا أو يتناحروا ويستعبد بعضهم بعضاً، وإنما خلقهم ليتعارفوا ويتآلفوا ويعين بعضهم بعضا، ويوحدوه بالعبادة سبحانه، وليعيش الناس في ظله آمنين على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم.
ولأن الإسلام ينشد السلام ويدعو إلى استقرار المسلمين واستقرار غيرهم، حرم على المسلمين الاعتداء بشكل عام، ومن هنا أطالب علماءنا الأفاضل في مشارق الأرض ومغاربها والوافدين هذه الأيام إلى مكة للمشاركة في (ندوة الحج الكبرى) العمل الجاد كمؤسسات وأفراد، لتوضيح مكانة السلام في هذا الدين، فالقتال في الإسلام شرع لأمرين لا ثالث لهما، فهو يكون إما للدفاع عن الدين الإسلامي عقيدة وشريعة ،أو للدفاع عن الأمن والسلام الذي يسعى الإسلام لتدعيم أركان في المجتمعات الإسلامية، فالقتال في الإسلام شرع لرد الاعتداء أين كان مصدره، سواء جاء من دول او جماعات متسللة خارجه عن القانون،أو أفراد امتهنوا الإرهاب ومارسوه على ارض الواقع.
ومن هنا كان طبيعيا أن نطالب بتجنيد العقول والأقلام الإسلامية لتوضيح حقيقة هذا الدين السامي الداعي للسلام، ولم يكن غريبا أن نطالب بتكثيف الدراسات لتصحيح هذه الأفكار على كافة الأصعدة الداخلية والخارجية، فإن كان العالم يفتقد لصوت الحق في هذه القضية، فأبناء الإسلام أيضا بحاجة للاستيعاب والتعايش مع الرؤية الإسلامية للعلاقات الإنسانية، من خلال الوقوف على موقف الدين الإسلامي السامي من السلام.
ومن هذا المنطلق الشرعي كانت سياسة المملكة العربية السعودية الملتزمة بثوابت الدين الإسلامي، فهي حريصة على تدعيم الأمن والأمان للمواطنين والمقيمين، حرص يتضاعف وبشكل ملحوظ في موسم الحج، فأولويات المملكة في هذا الموسم العظيم حفظ أمن الحجاج وسلامتهم، والسعي لأداء مناسكهم في يسر بإذن الله، ومن هنا أيضاً كانت سياسة المملكة العربية السعودية الرافضة لأي تصرف يخل بالأمن ويعكر صفو هذه الشعيرة العظيمة، فموسم الحج كما نعلم ميدان لتثبيت وتفعيل وحدة الأمة الإسلامية لا لإثارة الخلاف والفتن بين المسلمين.
وأخيرا .. نسأل الله العلي القدير أن يتقبل من ضيوف الرحمن، وأن يجعل حجهم حجاً مبروراً، وسعياً مشكوراً، وأن يغفر ذنوبهم، كما نسأله سبحانه أن يجزي حكومتنا الرشيدة خيراً، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ـ حفظهما الله ـ لرعاية الحجيج وتأمين راحتهم وأمنهم، وأن يوفقهم دائماً إلى ما فيه خير الإسلام والمسلمين، وأن يعين ويجزي كل عامل يشرف بخدمة حجاج بيت الله الحرام، وأن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل مكروه .إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط