صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







إنكم ترجون من الله ما لا يرجون

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
قد نكون عاجزين بالعتاد المادي على مواجهة نيران أولئك، لكننا غير عاجزين بأرواحنا المؤمنة، المتوكلة على القوي العزيز، فلنتوجه إليه سبحانه بالدعاء والاستغفار، لعله يتغمدنا برحمته فينزع الغمة عنا، وعن أوطاننا، ويمدنا بالحكمة... والقوة... لعلنا نستعين بهما على رفع هذا البلاء العظيم.

اختلطت الأوراق، ولم نعد نفهم ماذا الذي أصابنا، وما الذي أصاب أولئك؟ هل أصابهم جنون العظمة؟ فعمدوا لمداواتنا كما زعموا بما كانت هي الداء... هل للظالم أتوا قاهرين أم للمظلوم أتوا قاتلين، أم طابت نفوسهم لمشاهدة جريح ـ كالعراق ـ يرقص من الألم...؟ أم إن أطماع نفوسهم أباحت لهم هدر دماء أطفال أبرياء؟
ثم لماذا شُلَّت أطرافنا فلم نسمع استنكاراً يقابل التوعد الأمريكي لسوريا، التي ـ كما يزعمون ـ قدمت بعض الدمى للعراق، دمى لا تعدو أن تكون ( نظارات ليلة ) تعين العراقي على الموت بشرف، حاملاً سلاحه مواجهاً عدوه، لا فأراً كالفأر المذعور من سحنة وطواط جاءه من بعيد مدججاً بالسلاح...
توعُّد مثل هذا استنكره شبابنا الغض الذي كان يوماً لا يهوى الحديث إلا عن مجريات مباريات( كرة القدم ) وما استجد فيها وما نقص، شباب كان يوماً... لا يحبذ التفكير إلا في خططه المستقبلية من علم ،وعمل، وزواج، وبنين وبنات، شباب أصبحوا اليوم يتجرعون ويلات الحرب حتى وهم نائمون، حتى وهم بين ظهراني أسرهم، وعلى أرض أوطانهم آمنين مستأمنين...
فها هو أحدهم يقول: عجباً ما حال بريطانيا العظمى وهي الحليف المطيعة لأولئك...؟ فسوريا إن قدَّمت وعلى استحياء أقل القليل لشعب أعزل، فبريطانيا قدمت أرواح شبابها ومقدرات بلادها العسكرية والسياسية والمالية لثعلب نهم...
أما الآخر فقد قاطعه قائلاً: يا للهول كيف تجرؤ على محاكاة الكبار... يا للهول... كيف تتجرأ على إجراء هذه المعادلة الجائرة، لا بد أنك آت من عالم آخر لا ينتمي إلى عالمنا هذا، عالمنا الرائع البديع بمفاهيمه الجائرة، عالم يترنح بين معسكرين أولهما الحق... وما يمثله هذا الحق في عرف هذه الأيام من ظلم و استبداد ووحشية، وثانيهما الباطل... وما يمثله هذا الباطل من انتماء ووطنية وقلة حيلة...
الضعيف الذي يريد أن يموت حراً على أرض وطنه، يا رفيق دربي في عرف أولئك يستحق السحق... لا لم أحسن التعبير... بل يستحق الموت سحقاً... وعليه فنصرة هذا المستكين، بأي نوع كانت هذه النصرة تعد جريمة لا تغتفر... في عرف ظالم متبجح انكشفت أنيابه المسمومة، بشكل فاضح كما ترى...
أما هي فقد توجهت بصمت لتغير قناة البث الحي لمجازر الأرض العراقية، ولتتوقف عند قناة خرجت إليهم بأبعد ما تكون عن الأخبار، قناة خرجت بمن كان يتحدث عن قوة أقوى من السلاح، عن قوة لا تشترى بالمال، قوة نملكها كمسلمين ومؤمنين جميعاً بفضل من الله... هكذا عم الصمت والذهول أجواء الحضور... فأين البث المباشر الذي كان يصدح، ويغلي في دمائهم ويشوي عروقهم...؟
لم تمر لحظات حتى بادرتهم بقطع هذا الذهول، وذاك الصمت الذي اشتاقت إليه، وافتقدته لأسبوعين متتاليين، قائلة: لا تثريب عليكم ما فعلت هذا إلا خشية على هممكم، همم تتباهى بها ابنتنا الرضيعة، ما فعلت هذا إلا خشية أن يثبط حديثكم الدائم عن حرب العراق، وعن الجائر فيها والمجير عليه، قواكم وعزيمتكم، ما فعلت هذا إلا خشية أن تقتلوا أنفسكم بسماع أخبار ومشاهدة مآس تقشعر لها الأبدان... أخشى أن ينسيكم هذا التتبع الدائم لنتائج الحرب الدامية، والدائرة هناك على أرض العراق الغالية، منبت قوانا الحقيقي...
نعم... قد نكون عاجزين بالعتاد المادي على مواجهة نيران أولئك، لكننا غير عاجزين بأرواحنا المؤمنة، المتوكلة على القوي العزيز، فلنتوجه إليه سبحانه بالدعاء والاستغفار، لعله يتغمدنا برحمته فينزع الغمة عنا، وعن أوطاننا، ويمدنا بالحكمة... والقوة... لعلنا نستعين بهما على رفع هذا البلاء العظيم... لنترك الجدال ولو مزاحاً...
واعلموا أن أوطاننا وأبناءنا أمانة بين أيديكم، اعلموا أن نساءكم شباباً وشيوخاً، تتقوى بالله سبحانه، ثم بحكمتكم، وشجاعتكم، استعينوا بالله فهو الهادي إلى سواء السبيل، والله المستعان...
( ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليماً حكيماً ) النساء/ 105
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط