صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







"السكانر الفاضح"

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام


تناقلت وسائل الإعلام مؤخرا قرار إدارة أمن المواصلات الأمريكية حسب بيانات رسمية أصدرتها وزارة الخارجية الأمريكية، أن الدول الراعية للإرهاب هي: إيران، سوريا، السودان، وكوبا، وأن الدول محل الاهتمام هي: السعودية، أفغانستان، الجزائر، العراق، لبنان، ليبيا، نيجيريا، اليمن، الصومال، وباكستان ،وكشفت هذه الإدارة أن المسافرين القادمين من هذه الدول الـ 14 سوف يمارس بحقهم التفتيش الاحترازي المكثف الذي يتضمن مرورهم عبر أجهزة إشعاعية تظهر الأجسام عارية بالإضافة إلى التفتيش اليدوي الشخصي.
كما أعلنت الإدارة الأمريكية أن هذا القرار سوف يطبق مع العام الميلادي 2010م ، ولنا أن نتخيل الأعداد الهائلة من أبنائنا وبناتنا الطلبة الذين قد يمارس في حقهم هذا الإذلال، وهم عائدون إلى أمريكا بعد قضائهم إجازة (رأس السنة) في أرض الوطن، ولنا أن نتخيل الإحراج الذي قد يمارس عليهم دون ذنب اقترفوه، فأجسادهم قد تستباح وكرامتهم قد تهدر وهم يتعرضون لتلك الأجهزة الإشعاعية التي تظهر الأجساد عارية، ولنا أن نتخيل حالة بناتنا وهم يستعطفون رجال الأمن لعدم تعرضيهن لتلك الأجهزة الفاضحة ، أو للتفتيش اليدوي المتشدد الذي قد يصل لهدر كرامة إنسانيتنا، ولكم أن تتخيلوا بناتنا وأبناءنا وهم يمنعون من حمل أغراضهم الشخصية ، ففي حين يفسح لهم بحمل حقائب صغيرة يجرى عليها هي الأخرى التفتيش التعسفي، يفسح لغيرهم من المسافرين بحمل ما اعتادوا حمله في مثل هذه الرحلات التي قد تستغرق ساعات طويلة، وقد تتوقف في دول عدة.
كما لا يخفى علينا ما قد نتعرض له من نظرات الريبة والخوف من بقية المسافرين جراء تطبيق هذه الإجراءات علينا دون غيرنا، وبالإضافة إلى بعض الشكوك التي تثار حول الأضرار الصحية الناتجة عن هذه الأجهزة، ثم لا أستبعد أن يحرم بعض علمائنا السفر إلى أمريكا، والدول التي تلزم المسافرين المرور عبر هذه الأجهزة، فمن ناحية نحن نحرم الكشف عن عورات النساء والرجال، ومن ناحية أخرى قد يستخدم ضعاف النفوس من العاملين على هذه الأجهزة هذه الصور الإباحية كعنصر ابتزاز .
إن اعتماد استخدام هذه الأجهزة – السكانر الفاضح - هو انتهاك لحقوق الإنسان، والغريب أنه من الدولة التي تتباهى بتعدد ثقافتها وحمايتها لحقوق الإنسان، والتي تعلن جامعاتها الأهلية ليل نهار عن رغبتها في استقبال طلابنا وطالباتنا المبتعثين رغبة في ضمان زيادة أرباحها، وللعلم هذه الأجهزة لم تعتمد في أمريكا فقط. بل في عدد كبير من الدول الأوروبية، بمعنى آخر ستكون في انتظار كل مسافر سوف يتوجه إليها.
قد يأتي من يقول إن من حقهم السعي لحماية أمنهم وسلامة مواطنيهم، ونحن حينما نؤيد هذا الحق نطالبهم في المقابل باحترام ديننا، ثقافتنا وحقوقنا، ونطالبهم بإجراء دراسات مكثفة للبحث عن وسائل بديلة تحفظ أمنهم وفي الوقت نفسه تراعي كرامة وثقافة الإنسان، ويا ليتها تضع هي وغيرها من الدول الأوروبية التي ستعتمد هذه الأجهزة الفاضحة قيمة المملكة العربية السعودية في حسبانها وثقلها الاقتصادي والسياسي والإسلامي المؤثر عالميا بطبيعة الحال.
إن هذا القرار التعسفي العنصري في رأي الباحث والأكاديمي الأمني السعودي "سلطان العنقري" (ابتزاز سياسي لمواقف السعودية المناوئة لإسرائيل، وعقاب جماعي للشعب السعودي الذي يعتبر ضحية لأشخاص متخلفين خارجين عن الدين وخارجين عن القانون)، وهو أمر لا يستبعد من دولة ما فتئت تعلن تأييدها المطلق وغير المشروط للكيان الصهيوني .
على أية حال أحمد المولى ـ سبحانه ـ أن سفارة خادم الحرمين الشريفين في واشنطن بدأت تحركات عاجلة للاستفسار حول هذا القرار الأمريكي، هذا ما أكده رئيس الدائرة الإعلامية في وزارة الخارجية السعودية أسامة نقلي، إذ قال "نتابع هذا الموضوع مع سفارة المملكة في واشنطن التي باشرت مهمة استطلاع أبعاد هذا القرار، والظروف المصاحبة له، وكيفية تطبيقه، ولماذا يطبق الآن. وأكد أن الحكومة السعودية حريصة كل الحرص على مصالح رعاياها في الخارج ولا تقبل المساس بكرامتهم أو حرية تحركاتهم أو خصوصيتهم لأي سبب كان ومن أي جهة، وأن الخارجية السعودية ستعلن موقفها من هذا القرار". وأحمد المولى الكريم الذي مكن المملكة العربية السعودية من إيقاف تطبيق هذا القرار على أبنائنا الطلبة والطالبات ولو بشكل مؤقت إذ لم يتعرضوا لهذا الإشعاع الفاضح ولله الحمد في أول رحلة بعد إصدار القرار الأمريكي المعني بهذه المسألة لمثل هذه الأشعة، ولم يتعرضوا لتفتيش شخصي يهدر كرامتهم.
وجدير بالملاحظة هنا أن "المركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي "طالب إدارة أمن المواصلات بالولايات المتحدة الأمريكية بالتراجع عن قرارها هذا، معتبرة هذا القرار هجمة عنصرية غير محسوبة ضد مواطني البلدان المذكورة وبداية لنشر فكر الكراهية والتمييز بين بني الإنسان في العالم، وقد يؤدي إلى تعرض مواطني هذه البلدان للمضايقات المستمرة والاعتداء على حرماتهم الخاصة من قبل بلدان أخرى تؤيد هذا التصنيف غير الإنساني.
كما أشار الناشط الحقوقي المحامى "أحمد غازي" إلى ضرورة مكافحة الإرهاب بأساليب احترازية لا يعتمد فيها انتهاك حقوق وحريات الأفراد دون وضع إطار تمييزي أو طائفي بين مواطني بلدان العالم.
وإن كنت على يقين أن المملكة العربية السعودية لن تقبل بالمساس بتعاليم ديننا وكرامة الإنسان السعودي وأنها ستعمل على إيقاف تطبيق هذا القرار على مواطنيها، فإنني أطالب المواطنين المسافرين أيضا بحفظ كرامتهم كبشر ورفضهم المساس بها، وهو الأمر الذي لن يتأتى إلا من خلال أدائهم لواجباتهم تجاه وطنهم وتجاه الدولة التي استضافتهم، إذ إن ذلك لن يفسح المجال لكائن من كان بإيجاد ذريعة للإساءة إلينا وإلى معتقداتنا، وسنكون بمنأى عن ذلك الإذلال بإذن الله.


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط