صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







هل يملك العراق مسمار جحا

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
بدا لي أن هذا المعهد الصهيوني أولا والأمريكي ثانياً قد كرس كل جنوده من باحثين لخدمة الصهيونية، فقد سعوا لتوجيه النشاط الدبلوماسي والعسكري للولايات المتحدة الأمريكية لخدمة المصلحة الصهيونية، فالعراق اليوم... وقد تكون إيران غداً... أما بعد غد... فالله وحده أعلم.

في هذه الأجواء المعتمة. و نحن نتابع وعلى مدار الساعة مجريات حرب العراق... حرت فيما يتناسب وهمومنا...
هل أعمد لفتح النوافذ...؟ لعلنا نتفاءل بنور الشمس الذي لا بد من أن يشرق على أمتنا عاجلاً أم آجلاً بعون الله... أم ألتزم الصمت فالصمت قد يكون أجدى وأنفع... من حديث قد يزيدكم كما يزدني حسرة وألما...

انتهيت إلى حقيقة لم أتمكن من الخروج لغيرها، حاجتي الماسة للحديث إليكم اليوم أكثر بكثير منه بالأمس... فقد أجد في حديثي هذا بعض الأنس...
ففي يوم الأربعاء... وبعد وصولي من العمل مباشرة بادرتني ابنتي الصغرى ابنة عشر سنوات، بسؤال عجزت عن الإجابة عنه... وعلى الفور حاولت التهرب بأعذار بدت لي أمام عظم أسئلتها واهية، فتعللت تارة بالجهد، وتارة بحاجتي للراحة بعض الوقت، اعتمادا مني على أن تلك التبريرات قد تنسيها إلحاحها وتغير وجهة اهتمامها للهو مع إخوتها ... ولكنها وبعد دقائق عدة تقدمت من والدها، وهي ترسم الجد على ملامحها فلم أعد أرى تلك الابتسامة التي قلما فارقت وجنتيها، أعادت السؤال وهي تتطلع لعينيه وشفتيه تترقب الجواب الشافي... وما إن سمع السؤال، حتى بادر بممازحتها... عندها لم أتكمن إلا من إيضاح أن سؤال مثل هذا سيبقى ملحاً، ومزعجاً، لعقلها الغض، إن لم تجد ما تتطلع إليه من إجابة... وعليه لا بد لنا من الإجابة ولو كانت إجابتنا محفوفة بالأشواك ودماء الأبرياء...
لقد استفسرت عما جنته العراق لتستحق هذه الحرب ( بابا ماذا فعلت العراق حتى تحاربها أمريكا ؟) بهذه الكلمات ألجمتنا ؟
وأخيراً أجابها والدها بما نسمع يومياً من تبريرات أمريكية بريطانية لقيامهم بهذه الحرب... واضعاً أمامها تفسيراً لحقيقة تلك الأهداف والمبررات...
بدت لنا ساعتها أنها فهمت ثم تاهت... ثم عادت لتسأل، ففضلنا تركها لتستريح قليلاً قبل العاصفة...
ولكنها وحتى لحظة كتابة هذه السطور ما زالت تعاود الجلوس بين فترة وأخرى أمام التلفزيون... مثل والدها وإخوتها، لعلها تدرك الحقيقة بشكل أوضح، أو لعلها تجد مما ترى ما يعينها على فهم الأسباب الكامنة خلف القتل والدمار...
أما أنا فقد اخترت أن أتحدث معكم عن تقرير أمريكي يهودي ظهر لي بالغ الأهمية، لا لعظم مصدره بل لتطابق محتوياته والسياسات الأمريكية الخارجية والشرق أوسطية منها بالذات...
والغريب أيضاً أنهم أعدوا هذا التقرير ببنوده المسمومة قبل أحداث 11سبتمبر، وهو ما يدفعنا للتساؤل عن مدى ثبات إصرارهم على البحث عن مخارج... أو على البحث عن ذريعة مثل أسلحة الدمار الشامل
(مسمار جحا) لتنفيذ غاياتهم الإرهابية، وهو الأمر الذي دعاني وفي المقام الأول للتوقف عنده...
التقرير خرج من (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى 2001م) هذا المعهد الذي يبدو من اسمه معهداً أكاديميا أمريكيا، وهو في الحقيقة ليس كذلك... فللقائمين عليه انتماء آخر...

لقد تأسس هذا المعهد، في عام 1985م كوحدة للبحوث تابعة لـ(لجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية)، المسماة (إبياك) المنظمة الصهيونية الأولى في أمريكا... وعليه فأي تقرير سيخرج من هذا المعهد من المستبعد أن يكون حياديا، أو ألا يكون مطعماً بالفكر الصهيوني الإرهابي...
ولأن هذا التقرير بالذات حوى بين جنباته كثيراً مما نراه مطبقاً اليوم في السياسة الأمريكية، وددت الإشارة إلى بعض ما جاء فيه، خاصة ما هو متعلق بالحال العراقية الحالية، فقد ورد في الفصل الرابع منه، وتحت عنوان (العراق وإيران، اعمل من أجل التغيير) مما يؤكد يقينهم بضرورة دعم أي تغيير للحكم في العراق وإيران، فكلاهما يعدان خطراً على المصالح الأمريكية، الشرق أوسطية، التي تكاد تنحصر كما يؤكد الدكتور سليمان فضل، في وجود إسرائيل، وهذه الرؤية للمصالح الأمريكية الشرق أوسطية أكدها اكثر من رئيس أمريكي... فكلاهما يسعيان لامتلاك أسلحة الدمار الشامل، ويهددان عمليه السلام في الشرق الأوسط...
أما تحقيق هذا التغيير في النظام العراقي ـ موضوعنا اليوم ـ فيشير التقرير إلى أنه من المؤكد أنه لن يتحقق بصورة حتمية دون عنف، ومن ثم فعلى الرئيس الأمريكي، أن يضغط على صدام حسين من عدة جبهات... والعمل على فرض مزيد من العقوبات على أن تكون أكثر حدة مما هي عليه...
ولم يكتف هذا التقرير بذلك بل قرر أن على الحكومة الأمريكية تمهيد الطريق لفكرة نشوب حرب ضد العراق أمام الشعب الأمريكي وذلك بقوله :(نحن نعتقد أنه من المهم وضع خطوط حمراء تشكل عند تجاوز العراق لها، تحديا غير مقبول، يستدعي رداً عسكرياً أمريكيا واسع النطاق ... ويتوجب على الرئيس الأمريكي، أن يطرح مقرراته على الشعب، كتهيئة لاحتمال وقوع مواجهة عسكرية، واسعة النطاق ضد العراق، إذا ما اقتضى الأمر...). ‍‍
بدا لي أن هذا المعهد الصهيوني أولا والأمريكي ثانياً قد كرس كل جنوده من باحثين لخدمة الصهيونية، فقد سعوا لتوجيه النشاط الدبلوماسي والعسكري للولايات المتحدة الأمريكية لخدمة المصلحة الصهيونية، فالعراق اليوم... وقد تكون إيران غداً...أما بعد غد... فالله وحده أعلم...
لقد اقترحوا إعلام الشعب الأمريكي وتهيئته لقيام دولته بشن الحرب على العراق، قبل وقوعها، لتكون الفكرة مقبولة أو غير مستهجنه أو حتى غير غريبة على مسامع الإنسان الأمريكي...
كما اقترحوا أن فرض عقوبات على العراق لا بد من أن تكون بمبادرة أمريكية، فأمريكا كما ادعوا غير ملزمة بقبول عقوبات يقررها المجتمع الدولي... فقد جاء فيه: (ينبغي على واشنطن أن تأخذ زمام المبادرة في إعداد صياغة العقوبات بدلاً من أن توافق مرغمة، على خطوات يفرضها الآخرون).
أما المنظمات الإنسانية، فيبدو أن معدي التقرير أرادوا إخراس ألسنة القائمين عليها، فهي منظمات ما فتئت تناشد العالم إيقاف التسلط الأمريكي غير المبرر على العراق وأهله، خاصة بعد تحرير الكويت الذي تحقق ولله الحمد.
ولتحقيق ذلك وجدوا ضالتهم تتحقق في الكذب والتدليس فنصحوا الحكومة الأمريكية باتخاذ الخديعة والتمويه، وذلك بإظهار مزيد من الاهتمام والدعم للنشاط الإنساني الذي تقوم به تلك المنظمات، لتقرر في ضمائر أهلها أنها الدولة المشاركة والداعمة لهمومها الإنسانية.

ومن خلال تلك المشاركة عليها أن تؤكد للقائمين عليها، إن معاناة الشعب العراقي مردها ـ الأساسي ـ النظام الاستبدادي للحكومة العراقية ... وإن السياسات الأمريكية بريئة من ذلك (براءة الذئب من دم يوسف) عليه السلام.
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط