صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







القوامة والمحرم مصطلحان كثر الجدل حولهما

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
إن قوامة الرجل على المرأة تعد من القضايا التي أثارت كثيرا من جدل المؤسسات العالمية المعنية بحقوق المرأة، ومن الواجب البيان أن ديننا الحنيف شرعها للحفظ والرعاية ورفع التكاليف عن جنس حواء، فهو لها الأب وهي له الابنة، وهو الزوج الذي يرعاها ويحميها من النواحي المعنوية والمادية، مستعينا في ذلك كله بما خصه الله من قوة البدن والقدرة على تحمل الشدائد.
إن الإسلام دين راعى في تشريعاته حاجة الإنسانية لما تتميز به المرأة من المشاعر الرقيقة والأحاسيس المرهفة، كما راعى حاجتها لما يتمتع به الرجل من صلابة البدن وقوة التحمل، مؤكدا على أن هذه الحياة لا تكتمل إلا بالزوجين الذكر والأنثى، فالتناقض المتحقق في الصفات الفطرية لكل منهما يكمل النقص في الآخر، ويتناسب مع واجبات كل منهما، فهي الحاضنة للطفولة وللأسرة بحنان لا يمكن للرجل إدراكه، والرجل جالب الأمن والدفء المادي والمعنوي لأسرته، مصارع في سبيل تحقيق ذلك متحمل مشقات الحياة على صعوبتها وتعددها.
إن هذه الخصائص الفطرية المتأصلة في كل من الذكر والأنثى، والتي يسميها البعض بالنمطية لا يمكن تغييرها، فالمولى سبحانه وتعالى بعظيم حكمته خص الجنس الأنثوي بصفات وخصائص أنثوية ملازمة لها، كما ميز الرجال بغيرها من صفات الرجولة وخصائصها، وبالتالي فأي محاولة تغيير خلق الله، وتحويل السالب إلى موجب والموجب إلى سالب محكوم عليها بالفشل.
إلا أن هناك من يفسر قوامة الرجل المسلم على المرأة المسلمة،بسيادة المالك المتصرف وسيادة التحكم والإذلال، هو بتفسيره هذا بعيد كل البعد عن تعاليم هذا الدين الحنيف، فالقوامة في الإسلام ليست حق امتياز للرجل بل واجب عليه لا تسقط عنه باختياره، إذ هو ملزم بتطبيق متطلبات القوامة من رعاية معنوية ومادية تجاه زوجته وكافة من يعول، كما أن قوامته محصورة بالحدود الشرعية دون غيرها، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وهي لا تجتمع مطلقاً لرجلين، فتكون إما للوالد أو للزوج، أو لأحد من الأقارب ممن تحكم المحكمة بقوامته.
ومن ناحية أخرى نجد أن قوامة الرجل هي حق للمرأة، وفي حال أن أخل الرجل بمتطلبات قوامته، فلها أن تطالب بها وترفع أمره للقضاء، ومن المهم هنا بيان أن هذه القوامة لا تلغي شخصية المرأة فهي في حكم النائبة لزوجها في رعاية بيتها، وهي بطبيعة الحال تحاسب لو أخلت بمسؤولياتها تلك، وهذه القوامة ليست مطلقة فلو كانت كذلك لكانت المرأة البالغة الرشيدة بحاجة إلى رجل يشرف على تصرفاتها المالية، فالإسلام لا يفسح المجال للرجل التدخل في الشأن المالي لزوجته أو حتى ابنته البالغة.
ومن ناحية أخرى علينا أن نتوقف عند قضية هامة ألا وهي أن النساء والرجال متساوون في ميزان القرب من الله، والتفاوت بينهما متحقق بحسب أعمال كل منهما، إن كان خيرا فخير وإن كان شرا فشر،وهكذا يتبين أن التشريعات الإسلامية تصب في مصلحة المرأة والأسرة في المقام الأول، وهي نعم تستوجب شكر الله سبحانه، أما سوء استخدام بعض الرجال من أبناء الأمة الإسلامية لهذه التشريعات، وهو أمر مشاهد مع الأسف، وهو لا يلحق إلا بصاحبه، لا بالتشريعات الإسلامية ولا بالغاية السامية التي شرعت من أجلها، فهي بريئة من تلك التجاوزات براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام.
أما (المحرم) كمصطلح وهو أيضا من المصطلحات التي كثر حولها اللغط، يتفق مع (القوامة) في جانب ويختلف معها في عدة جوانب، فكلاهما يصبان في مصلحة الأسرة ومصلحة المرأة ،إلا أن المحرم ليس بالضروري أن يكون صاحب القوامة، إذ إن القوامة تنحصر في رجل واحد دون غيره كما سبق بيانه، أما المحارم فكثر: الأب محرم لابنته في حال عدم زواجها، والجد والأخ والابن والخال والعم، والأخ بالرضاع كلهم من المحارم .. كما أن المحرم لا يترتب عليه إلا واجبات محددة بحماية المرأة وحفظها من أي أذى قد تتعرض له في السفر أو الحضر، إذ إن العلة من وجوب المحرم في السفر عند أكثر أهل العلم ينحصر في قضايا محددة: (كتخلية الطريق لها، وإمكان المسير).
وللدلالة على أن المحرم تنحصر مهمته برعاية المرأة وحفظها، يلاحظ أن نفقة المحرم تكون على المرأة المقبلة على أداء فريضة الحج أو وليها، هذا ما نص عليه المذهب الحنبلي، الذي بين أن نفقة " المحرم" تعد من شرط الاستطاعة لأداء المرأة فريضة الحج، إذ إن قدرة وليها أو قدرتها على الإنفاق على نفسها ومحرمها وتوفير الزاد والراحلة لها ولمحرمها يدخل ضمن الاستطاعة.
وهكذا يتضح أن الإسلام راعى حاجة المرأة بطبيعتها الأنثوية للحماية، ولذا قرر ألا تجد المرأة نفسها دون ولي يرعى شؤونها ومصالحها، سواء كانت بين أهلها وعلى أرض وطنها، أو كانت في سفر لأداء فريضة الحج أو لمصلحة اقتضت سفرها، ومن الطبيعي أن تكون وهي في سفر أحوج لمثل هذه الرعاية، إذ إنه من المعلوم أن علم المرأة وخبرتها لا تكفيان لحمايتها من اعتداء قد يقع عليها، فقد تقع فريسة لمن تسول له نفسه استغلال انفرادها بنفسها، فيستولي على أوراقها الرسمية، أو تسرق، أو قد تتعرض للإيذاء النفسي أو الجسدي، بل قد تقع هي نفسها في مخالفة قانونية، عندها لن تجد من هو أكثر حرصا عليها، من وليها أو قريب من محارمها، يقف بجانبها ويعمل على حمايتها، ومن هنا كانت العلة والحكمة في وجوب مرافقة "المحرم" للمرأة في سفرها، ومن هنا نفهم مصدر قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والذي صدر العام الماضي والقاضي بإلزام أي جهة حكومية تندب المرأة لأداء مهمة خارج المملكة العربية السعودية أو داخلها مرافقة محرم لها، وصرف تكاليف السفر لها ولمحرمها.
 

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط